يناير 2023 Flipbook PDF

يناير 2023

64 downloads 100 Views 40MB Size

Story Transcript

‫يناير‬

‫ناشيونال جيوغرافيك‬

‫‪2023‬‬

‫استكشاف ‪11...............................‬‬

‫الغالف‬

‫عاما)‬ ‫تجلس "ماريا روزا ترانكويال" (‪ً 93‬‬ ‫مع ابنة حفيدتها "كيارا بيا" البالغة من‬ ‫العمر ‪ 6‬أشهر‪ .‬تنتمي ترانكويال إلى‬ ‫عائلة‬ ‫معمرة‪ ،‬وهي تُ مضي أوقاتها في‬ ‫َّ‬ ‫حديقة منزلها حيث تعتني بالمزروعات‪،‬‬ ‫جزءا من مكونات غذائها‪.‬‬ ‫التي تشكل ً‬

‫المحتويات‬ ‫المجلد ‪ . 38‬العدد ‪148‬‬

‫عدسة‪Jasper Doest :‬‬

‫التحقيقات‬

‫عمرٌ مديد‬ ‫بـال آالم‬

‫ألجل خراف البحر‬

‫كائنات بحرية تُ وصف بأنها "كاريزمية"‬ ‫باتت تواجه شبح االختفاء بعد عقود‬ ‫حافلة باالنتعاش؛ فماذا حدث حتى‬ ‫صارت في مرمى الخطر تارة أخرى؟‬

‫ظل بنو البشر منذ قرون طويلة‬ ‫يسعون إلى كسر شفرة الحياة‬ ‫المديـدة ً‬ ‫بحـثا عن خلود لم يتحقق‪.‬‬ ‫أما اليوم فقد أصبح العلم أكثر تركيزً ا‬ ‫حد‬ ‫على تمديد الحياة إلى أقصى ٍ‬ ‫ممكن‪ ،‬لكن مع تحسين الصحة حتى‬ ‫ال يصبح العمر الطويل نعمة ناقصة‪.‬‬ ‫فإلى أين وصل العلم في ذلك؟ وما‬ ‫الثمن؟ ‪   ‬‬ ‫‪.‬‬

‫رحلة إلى أرض ممنوعة‬

‫قلم‪ :‬فران سميث‬ ‫عدسة‪ :‬جاسبر دوست‬ ‫ديفيد غاتنفيلدر‬ ‫نيكول سوبيكي‬ ‫ميالني وينغر‬

‫قلم‪ :‬مارك سينوت‬ ‫عدسة‪ :‬كوري ريتشاردز‬

‫‪32...........................................................‬‬

‫قلم‪ :‬جينا ستيفنز‬ ‫عدسة‪ :‬جيسون غالي‬ ‫إريكا الرسن‬

‫‪66...........................................................‬‬

‫لم يكن من السهل الولوج إلى أرض‬ ‫مملكة موستانغ‪ ،‬القابعة في أحضان‬ ‫الهيمااليا‪ ،‬لكنها اليوم باتت وجهة‬ ‫مغرية للزائرين‪ ..‬والطامعين‪.‬‬

‫‪92...........................................................‬‬

‫آراء بعض الكتّ اب ومضامين بعض الخرائط والرسومات في النسخة العربية لمجلة "‪ ،"National Geographic‬ال تتوافق بالضرورة مع رأي "أبوظبي لإلعالم"‪.‬‬

‫يناير | افتتـاحية‬

‫قلـم‪:‬‬ ‫حسين الموسوي‬

‫عاما‪،‬‬ ‫ذات يوم قبل أكرث من خمسة عرش ً‬ ‫سألني أحدهم عن سبب التزامي بنظام غذاء‬ ‫صحي‪ .‬كنت حينها يف منتصف العرشينات من‬ ‫عمري أتابع دراستي الجامعية يف أسرتاليا‪.‬‬ ‫العيش‬ ‫وكما هو حال أشخاص كُرث‪ ،‬علّمني‬ ‫ُ‬ ‫بمفردي كيفية تدبري كثري من أمور الحياة؛ لعل‬ ‫أهمها االعتماد عىل النفس يف إعداد الطعام‪.‬‬ ‫حبا يف الطهي‪ ،‬ولكن للحاجة؛‬ ‫لم يكن ذلك ً‬ ‫طالبا‪ ،‬لم تكن‬ ‫فميزانيتي املحدودة‪ ،‬بصفتي‬ ‫ً‬ ‫تسمح يل باألكل يف املطاعم‪.‬‬ ‫كان صاحبي يظن أن اهتمامي بغذاء‬ ‫متوازن هو جزء من نظام أشمل وطويل األمد‬ ‫مديدا‪ .‬والحال ّأن كنت‬ ‫عمرا‬ ‫ً‬ ‫أسعى به للعيش ً‬ ‫أفعل ذلك ‪-‬وبصورة تلقائية أحيانًا‪ -‬من باب‬ ‫نظرا لوجود بعض األمراض الوراثية‬ ‫الوقاية؛ ً‬ ‫َ‬ ‫رست عىل ذلك النهج‬ ‫أن‬ ‫ذكر‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫يف عائلتي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يافعا‪.‬‬ ‫السليم ُمذ ُ‬ ‫صبيا ً‬ ‫كنت ً‬ ‫لم أُخرب صاحبي بذلك‪ ،‬بل أجبته ً‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫"ال أدري كم سأعيش؛ ولربما ألقى حتفي يف‬ ‫حادث مروري أو غريه‪ .‬لكن ما دمت عىل قيد‬ ‫حد‪،‬‬ ‫الحياة‪ّ ،‬‬ ‫فإن أريد التمتع بها إىل أقىص ّ‬ ‫وسأفعل ما بوسعي لتحقيق ذلك"‪ .‬جوايب ذاك‬ ‫نابع من قناعتي الراسخة برضورة ّأل ننىس‬ ‫ٌ‬ ‫نصيبنا من الدنيا وأن نعيشها كما ينبغي إىل‬ ‫آخر رمق‪ّ ،‬‬ ‫وأل تقترص ذروة عطائنا وعيشنا عىل‬ ‫مرحلة الشباب‪ .‬فلكل مرحلة عمرية طبيعتها‬ ‫ومتعتها وتحدياتها‪ ،‬وعلينا إعطاء كل منها‬ ‫حقها‪ ..‬حسب طاقة كل منّا‪.‬‬ ‫وإذا ما نظرنا إىل ذلك التصور من منظور‬ ‫آخر‪ ،‬فإننا نجد أنه ُيروج ألسلوب حياة متكامل‬ ‫ممن يرفضون املأكوالت‬ ‫ومستدام‪ .‬لست ّ‬ ‫الدسمة ذات السعرات الحرارية العالية‪،‬‬ ‫خاصة إن كان فيها ما أعشق؛ بل وأحرص‬ ‫عىل تناولها بني فرتة وأخرى من منطلق عدم‬

‫إكسير الخلود!‬

‫حرمان نفيس من األطباق التقليدية أو العاملية‬ ‫روضت نفيس منذ أعوام عىل‬ ‫اللذيذة‪ .‬عىل ّأن ّ‬ ‫عدم اإلفراط‪ .‬فأنا أعتنق مبدأ االعتدال يف‬ ‫مما لذّ وطاب‪.‬‬ ‫النهل ّ‬ ‫والعمر‪..‬‬ ‫مناسبة حديثي عن الغذاء والصحة ُ‬ ‫هو موضوع غالف عددكم هذا الذي نستهل‬ ‫به عام ‪2023‬؛ والذي ال يكتفي ببسط السبل‬ ‫املمكنة لجعلنا نحيا حياة أطول‪ ،‬بل يرشدنا‬ ‫إىل حياة أطول وأفضل وأَمتع وأَسلم‪ .‬وما‬ ‫ُ ِ‬ ‫كره بشأن أسلوب الحياة الصحي ما‬ ‫أسلفت ذ َ‬ ‫هو إال غيض من فيض أرسار التمتع بحياة‬ ‫صحية حتى عند ِ‬ ‫الك َب‪ .‬لن أتقدم أكرث يف هذا‬ ‫النقاش‪ ،‬بل سأدعوكم ملتابعة ما كشف عنه‬ ‫العلماء والخرباء من خبايا ومفاجآت سارة يف‬ ‫هذا املجال‪.‬‬ ‫أرجو لكم قراءة ممتعة!‬

‫أفراد عائلة بمنطقة نيكويا‬ ‫في كوستاريكا ‪-‬المشهورة‬ ‫بعدد كبير من‬ ‫المعمرين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يستعدون لتناول وجبة‬ ‫إفطار تقليدية تشمل القهوة‬ ‫والبيض واألرز والفاصوليا‬ ‫والتورتيالت المطبوخة على‬ ‫موقد حطب تقليدي‪.‬‬ ‫الصورة‪Nicole Franco :‬‬

‫العلم منهجنا واالستكشاف نبراسنا‬

.‫ في سبيل تغيير عالمنا‬..‫والحكاية أسلوبنا‬ ‫الجمــعيـــــة الجغرافيـــــة الوطنيـــــة‬ ‫هي منظمة عاملية غري ربحية تتخطى الحدود التقليدية‬ ‫ فتوسع مداركنا بشأن كوكبنا وتسلحنا جميعا‬،‫لالستكشاف‬ .‫باملعرفة الكفيلة بابتكار حلول ملستقبل أكرث صحة واستدامة‬ NATIONAL GEOGRAPHIC PARTNERS BOARD OF DIRECTORS Rebecca Campbell, Jean M. Case, Joshua W. D’Amaro, Kareem Daniel, Robert H. Langer, Kevin J. Maroni, Debra M. O’Connell, Frederick J. Ryan, Jr., Jill Tiefenthaler, Michael L. Ulica

NATIONAL GEOGRAPHIC MEDIA EVP & GENERAL MANAGER

EDITOR IN CHIEF 

Nathan Lump

EXECUTIVE EDITOR/HISTORY & CULTURE Debra Adams Simmons

‫رئيس التحرير باإلنابة حسين الموسوي‬ ‫المراجعة والتدقيق رشيد مرزاق‬

David Brindley EXECUTIVE EDITOR/SHORT FORM Patricia Edmonds SENIOR EXECUTIVE EDITOR/NEWS & FEATURES Indira Lakshmanan DIRECTOR/VISUAL AND IMMERSIVE EXPERIENCES Whitney Latorre EXECUTIVE EDITOR/LONG FORM David Lindsey MANAGING EDITOR/DIGITAL Alissa Swango MANAGING EDITOR/INTEGRATED STORYTELLING Michael Tribble MANAGING EDITOR/MAGAZINES

‫التحرير إسحاق الحمادي‬

‫التنفيذ الفني سميــر طوهــاري‬

‫النشر اإللكتروني أحمد حماد‬

‫الدعم اإلداري مسعود الحوسني‬

‫الهيئة االستشارية العلمية‬ )‫(حسب الترتيب األبجدي‬ ‫ َعمارة‬،‫ راسم بدران‬.‫م‬ ‫ فضاء‬،‫ عصام حجي‬.‫د‬ ‫ جيولوجيا‬،‫ علي الشمالن‬.‫ د‬.‫أ‬ ‫ طب‬،‫ مجدي يعقوب‬.‫ د‬.‫أ‬ ‫ طاقة‬،‫ نوال الحوسني‬.‫د‬

INTERNATIONAL EDITIONS Amy Kolczak DEPUTY EDITORIAL DIRECTOR Darren Smith TRANSLATION MANAGER Beata Kovacs Nas INTERNATIONAL EDITOR Leigh Mitnick EDITORIAL DIRECTOR

David Miller

‫اإلدارة‬

+9712415896 ‫هاتف‬ ‫ أبوظبي – اإلمارات العربية المتحدة‬63 ‫صندوق بريد‬ [email protected]

SENIOR MANAGEMENT VP INTERNATIONAL MEDIA Yulia

Boyle Galdieri VP MARKETING Julianne Galvin SVP & EDITORIAL DIRECTOR Nathan Lump DIRECTOR/PRINT OPERATIONS John MacKethan VP DIGITAL EXPERIENCES Marcelo

‫التسويق‬

+97124145609 :‫هاتف‬ [email protected]

INTERNATIONAL PUBLISHING

‫المبيعات واإلعالنات‬

Allison Bradshaw, Ariel Deiaco-Lohr, Kelly Hoover, Diana Jaksic, Jennifer Jones, Leanna Lakeram, Rossana Stella

[email protected]

‫لالشتراك أو طلب نسخة‬

‫اإلمارات‬ ‫ توزيع‬- ‫أبوظبي لإلعالم‬ 8002220 :‫من داخل اإلمارات الرقم المجاني‬ +97124145000 :‫من خارج اإلمارات‬ +97124145050 :‫فاكس‬ ‫ أبوظبي‬40401 :‫صندوق البريد‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ [email protected]

NATIONAL GEOGRAPHIC SOCIETY CHIEF EXECUTIVE OFFICER

Dr. Jill Tiefenthaler SENIOR MANAGEMENT PRESIDENT AND CHIEF OPERATING OFFICER

Michael L. Ulica CHIEF DIVERSITY, EQUITY, & INCLUSION OFFICER

Shannon P. Bartlett CHIEF COMMUNICATIONS, MARKETING, & BRAND OFFICER

Crystal Brown CHIEF HUMAN RESOURCES OFFICER Mara

Dell Miller CHIEF EXPLORER ENGAGEMENT OFFICER Alex Moen CHIEF ADVANCEMENT OFFICER Kara Ramirez Mullins CHIEF LEGAL OFFICER Sumeet Seam CHIEF SCIENCE & INNOVATION OFFICER Ian

CHIEF TECHNOLOGY & INFORMATION OFFICER

Jason Southern CHIEF OF STAFF & PROGRAM ALIGNMENT Kim

Waldron

CHIEF STORYTELLING OFFICER Kaitlin CHIEF FINANCIAL

Yarnall OFFICER Rob Young

BOARD OF TRUSTEES CHAIRMAN Jean

:‫ | السودان‬96824491399 :‫ هاتف‬،‫ مؤسسة العطاء للتوزيع‬:‫ | سلطنة عمان‬97317290000 :‫هاتف‬

:‫ | تونس‬20227704213 :‫ هاتف‬،‫ مؤسسة االهرام‬:‫ | مصر‬249120719238 :‫ هاتف‬،‫دار الريان للتوزيع‬

212522589931 :‫ هاتف‬،‫ شركة سوشبريس‬:‫ | المغرب‬21671322499 :‫ هاتف‬،‫الشركة التونسية‬ :‫ هاتف‬،‫ بال رام للتوزيع‬:‫فلسطين‬

|

9611666668 :‫ هاتف‬،‫ مؤسسة نعنوع للتوزيع‬:‫لبنان‬

|

،‫ دار المصري للتوزيع‬:‫ | السودان‬9625358855 :‫ هاتف‬،‫ وكالة التوزيع األردنية‬:‫ | األردن‬97022340400

:‫ هاتف‬،‫ بسمة البحرين للنشر والتوزيع‬:‫ | العراق‬00249111861209 - 00249123078223 :‫هاتف‬

M. Case

VICE CHAIRMAN Katherine

‫ شركة مجموعة النظائر‬:‫ | الكويت‬00966920009617 :‫ هاتف‬، )‫ شركة تمام العالمية (تاميكس‬:‫السعودية‬

،‫ مجموعة الهالل – الهالل للخدمات المباشرة والتوزيع‬:‫ | البحرين‬96524746500 :‫ هاتف‬،‫االعالمية‬

Bradley

Brendan P. Bechtel, Afsaneh Beschloss, Ángel Cabrera, Elizabeth Comstock, Joseph M. DeSimone, Alexandra Grosvenor Eller, Paula Kahumbu, Deborah Lehr, Claudia Madrazo, Kevin J. Maroni, Strive Masiyiwa, Dina Powell McCormick, Mark C. Moore, George Muñoz, Nancy E. Pfund, Frederick J. Ryan, Jr., Rajiv Shah, Ellen R. Stofan, Jill Tiefenthaler, Anthony A. Williams EXPLORER IN RESIDENCE Enric Sala EXPLORERS AT LARGE Shahidul Alam, Robert Ballard, Lee R. Berger, James Cameron, Sylvia Earle, J. Michael Fay, Beverly Joubert, Dereck Joubert, Louise Leakey, Meave Leakey, Maya Lin, Rodrigo Medellín

Rassan :‫ | أستراليا‬004922258801462 :‫ هاتف‬،IPS :‫النمسا‬/‫فرنسا‬/‫ | ألمانيا‬009647810656731

0061402964481 - 0061402964482 - 0061291504411 :‫ هاتف‬،trading Co-operation ‫الموزع الشركة المتحدة‬ "‫ توزيع‬- ‫للطباعة والنشر‬

‫المطابع الشركة المتحدة‬ )UPP( ‫للطباعة والنشر‬

،‫ أبوظبي‬40401:‫صندوق بريد‬ ‫االمارات العربية المتحدة‬ +97125010100 :‫هاتف‬ ‫الرقم المجاني من داخل دولة‬ 8002220 ‫اإلمارات‬ +97125010941 :‫فاكس‬ Email: [email protected] www.tawzea.ae

‫ أبوظبي‬39955 :‫صندوق بريد‬ ‫االمارات العربية المتحدة‬ +97125039999 :‫هاتف‬ +97125039990 :‫فاكس‬ Email: [email protected] www.upp.ae

‫النـاشر أبوظبي لإلعالم‬

،‫ أبوظبي‬63 :‫صندوق بريد‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ +97124455555 :‫هاتف‬ +971241444310 :‫فاكس‬ www.admedia.ae

‫يوميات مصورة‬ ‫ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫المجلد‪ 38 :‬العدد‪148 :‬‬

‫صور تجسد‬ ‫واقعهن‪..‬‬ ‫الحقيقي‬

‫عدسة‪ :‬إستر روث مبابازي‬

‫في أوغندا‪ ،‬تتعاون مصورة مع‬ ‫نساء من ذوات الهمم إلبراز‬ ‫تفردهن وإبداعهن‪.‬‬ ‫‪ 4‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫نظرة إلى‬ ‫كوكبنا من‬ ‫كل زاوية‬ ‫ممكنة‬

‫تَ زور أوغنديات‪ ،‬مثل "نانسي‬ ‫بضعف‬ ‫آيا" التي ولدت ُ‬ ‫إدراكي‪" ،‬اتحاد غولو للنساء‬ ‫ذوات الهمم" من أجل تعلم‬ ‫مهارات جديدة‪ ،‬وتكوين‬ ‫صداقات‪ ،‬وفي بعض األحيان‬ ‫اللتقاط صور بصفتها عارضة‪.‬‬ ‫يناير ‪5 2023‬‬ ‫ ‬

‫يوميات مصورة‬

‫كثيرا بالتعرف إلى الناس؛ لذا يساعدها‬ ‫في سن الرابعة‪ ،‬فقدت "فلورانس أكويدي" قدرتها على التحدث والسمع‪ .‬لكنها تهتم‬ ‫ً‬ ‫أطفالها اليافعون على التواصل مع اآلخرين بلغة اإلشارة‪.‬‬ ‫‪ 6‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫ً‬ ‫مصمم لألشخاص‬ ‫متحركا‪ ،‬و"فيث الغوم"‪ ،‬الكفيفة‪ ،‬لشق طريقهما في عالم‬ ‫كرسيا‬ ‫لطالما عانت "جويس أوما" (أعلى) التي تستخدم‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫محليا‪.‬‬ ‫الحفالت‬ ‫وإحياء‬ ‫األغنيات‬ ‫تسجيل‬ ‫في‬ ‫متعة‬ ‫تجد‬ ‫أنها‬ ‫على‬ ‫للغاية"؛‬ ‫علينا‬ ‫صعبة‬ ‫الحياة‬ ‫بدنيا‪ .‬تقول الغوم‪" :‬لطالما كانت‬ ‫األصحاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يناير ‪7 2023‬‬ ‫ ‬

‫يوميات مصورة‬

‫حدت مخاوفها‬ ‫منذ سن الخامسة‪ ،‬خضعت "فالفيا النييرو" لـ ‪ 11‬عملية جراحية بهدف عالج التهاب يهاجم عظام ساقها وذراعها‪ .‬تَ َّ‬ ‫أن تُ بعدها إعاقتها عن سوق العمل‪ ،‬فدرست الصرافة على أمل العثور على وظيفة‪.‬‬ ‫من ْ‬ ‫‪ 8‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫تسببت إصابة "ميريام أبيو" بنوبة مالريا عندما كانت طفلة‪ ،‬في ضعف قدراتها اإلدراكية‪ .‬وبعد محاربتها االكتئاب‪ ،‬وجدت معنى‬ ‫ً‬ ‫وهدفا من خالل حياكة الكنزات لمجتمعها في مشروع يديره "اتحاد غولو للنساء ذوات الهمم"‪.‬‬ ‫لحياتها‬ ‫يناير ‪9 2023‬‬ ‫ ‬

‫يوميات مصورة‬

‫حديث الصورة‬ ‫مصورة وجماعة نسوة من ذوات الهمم يكافحن من أجل‬ ‫محو الصور النمطية‪.‬‬

‫ا ّتبعت "إسرت روث مبابازي"‪ ،‬عىل َم ّر أعوام‪،‬‬ ‫أسلوب املراقب "الواقعي" واملوضوعي يف‬ ‫جزءا من املشهد‬ ‫التصوير الفوتوغرايف‪ .‬لم تكن ً‬ ‫املريئ‪ .‬ولم تؤثر يف املشهد كذلك‪ .‬ثم سنحت‬ ‫فرصة ملهمة يف عام ‪ 2019‬لهذه املصورة‬ ‫عاما‪ -‬لتتبع أسلوب تصوير‬ ‫األوغندية ‪-‬ذات الـ ‪ً 28‬‬ ‫تماما‪.‬‬ ‫مختلف ً‬ ‫كان ذلك عندما تعرفت مبابازي إىل "اتحاد‬ ‫غولو للنساء ذوات الهمم"‪ ،‬وهو مركز مهني‬ ‫واجتماعي يف مدينة صغرية بشمال أوغندا‪ .‬وعىل‬ ‫مدار عام‪ ،‬قامت بأربع رحالت إىل هذا املركز‬ ‫لتصوير النساء اللوايت قابلتهن‪ ،‬ومن بينهن‬ ‫ناجيةٌ من انفجار ألغام فقدت إحدى ساقيها‪،‬‬ ‫وأم صماء لخمسة أطفال‪ ،‬وموسيقية كفيفة‪.‬‬ ‫كانت النسوة يرتدين فساتني مخصصة للتصوير‬

‫ابتكرتها مصممة أزياء مقيمة يف كمباال‪ ،‬وقد‬ ‫التقطت صورهن عىل خلفية من األعمال الفنية‬ ‫واليدوية التي صنعنها‪ .‬وعندما كانت مبابازي‬ ‫تسأل النساء عن الطريقة التي يردن الظهور بها‬ ‫يف الصور‪ ،‬قُلن إنهن يردن أن توحي صورهن‬ ‫بأنهن قادرات ومتساويات مع اآلخرين من‬ ‫كن ُيردن أن‬ ‫األصحاء وذكيات‪ .‬بعبارة أخرى‪َّ ،‬‬ ‫تحظى كل منهن بإحساس الكرامة الذي ُيحرم‬ ‫منه األوغنديون ذوو االحتياجات الخاصة يف‬ ‫كثري من األحيان‪.‬‬ ‫يف آخر رحلة ملبابازي إىل غولو‪ ،‬قامت بتسليم‬ ‫نسخ كبرية مؤط َّرة من الصور إىل صاحباتها‪ .‬وهي‬ ‫تأمل أن ُتعرض هذه الصور للجمهور بهدف‬ ‫املساعدة يف تغيري نظرة اآلخرين إىل هؤالء‬ ‫النسوة وطرق معاملتهن‪ – .‬نينا ستروتشليك‬

‫مزيدا حول‬ ‫مولت الجمعية الجغرافية الوطنية عمل المصورة إستر روث مبابازي منذ عام ‪ .2019‬طالع‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫دعم الجمعية المستكشفين على ‪natgeo.com/impact‬‬

‫تتحدث "إستر روث مبابازي" (في اليسار) إلى "آيا" أمام استوديو تصوير مؤقت في غولو بأوغندا‪.‬‬

‫‪ 10‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫المشروع ٌّ‬ ‫كل من "مؤسسة ماغنوم" و"منظمة الخدمة العالمية لليهود األميركيين"‪.‬‬ ‫الصورة‪ .Kibuuka Mukisa Oscar :‬دعمت هذا‬ ‫َ‬

‫في هذا العدد‪:‬‬

‫قصص من باتاغونيا‬ ‫وجهات عالمية للسفر‬ ‫رسم ونقش على البحر‬

‫استكشاف‬ ‫اكتشافات اليوم ترسم معالم الغد‬ ‫ناشيونال جيوغرافيك‬

‫المجلد‪ 38 :‬العدد‪148 :‬‬

‫مناطق حمراء‬ ‫وبيضاء وزرقاء‬ ‫يعيش األشخاص األطول عم ًرا على وجه األرض في خمس "مناطق زرقاء"‪ ..‬ولكن يمكن إيجاد طرق‬ ‫أكلهـم الصحيـة في مناطق أخرى‪ ،‬مثل أميركا‪.‬‬ ‫قلم‪ :‬دان بيتنر‬ ‫أمرا‬ ‫ما ِ ُّ‬ ‫س العيش ‪ 10‬أعوام إضافية؟ إنه بالتأكيد ليس ً‬ ‫واحدا‪ ،‬بل مجموعة من العوامل البيئية التي يعزز بعضها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بعضا وتجعل الناس يثابرون بصورة تلقائية عىل اإلتيان‬ ‫باألمور السليمة وتجنب األمور الخاطئة مدة كافية حتى ال‬ ‫يصابوا بأمراض مزمنة‪ .‬خالل كتابايت لناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ست املناطق‬ ‫مر األعوام العرشين املاضية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ودر ُ‬ ‫حرصت َ‬ ‫عىل ّ‬ ‫التي تشهد أطول أمـد حياة يف العالم والتي أسميها "املناطـق‬ ‫الزرقـاء"‪ .‬ففي هذه األماكن (وهي‪ :‬أوكيناوا باليابان‪،‬‬ ‫ورسدينيا بإيطاليا‪ ،‬وإيكاريا باليونان‪ ،‬ونيكويا بكوستاريكا‪،‬‬ ‫سجل‬ ‫ومجتمعات السبتيني يف لوما ليندا بوالية كاليفورنيا)‪ُ ،‬ي َّ‬ ‫املعمرين وأعىل متوسط عمر متوقع يف منتصف‬ ‫أكرب عدد من َّ‬ ‫العمر‪ .‬فما السبب؟ يعيش السكان حياة هادفة يف بيئات‬ ‫يسهل امليش فيها وتجعلهم نشيطني بصورة طبيعية ومرتابطني‬ ‫اجتماعيا‪ .‬وي ّتبعون ً‬ ‫غذائيا يقوم إىل حد كبري عىل‬ ‫أيضا نظا ًما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أطعمة نباتية كاملة‪.‬‬ ‫فمع بداية جائحة "كورونا"‪ ،‬يف عام ‪ ،2019‬ع َّنت لنا‪ ،‬أنا‬ ‫واملصور "ديفيد ماك لني"‪ ،‬فكرة البحث عن نظام غذايئ‬ ‫أمرييك خاص باملناطق الزرقاء‪ .‬واعتقا ًدا منا أن أسالفنا ربما‬

‫تناولوا أطعمة مشابهة ملا يتناوله األشخاص يف املناطق الزرقاء‬ ‫األصلية‪ ،‬بحثنا عن دراسات استقصائية غذائية أجريت يف‬ ‫أوائل العقد األول من القرن املايض‪ .‬ولألسف الشديد‪ ،‬وجدنا‬ ‫أن أسالفنا جلبوا معهم أبقارهم وخنازيرهم ومخلالتهم‪.‬‬ ‫ودفعنا تصميمنا عىل البحث عن عادات األكل التي جلبتها‬ ‫َ‬ ‫الثقافات األخرى والسكان األصليون واملهاجرون إىل املائدة‬ ‫ً‬ ‫وعرضا إليجاد أشخاص‬ ‫األمريكية‪ ،‬إىل قطع البالد طوال‬ ‫بإمكانهم إفادتنا بمعلومات عن هذه األطعمة‪.‬‬ ‫وإليكم ما اكتشفناه‪ .‬ثمة نظام غذايئ أمرييك آخر يمكن أن‬ ‫يزيد من متوسط العمر املتوقع بما يصل إىل ‪ 10‬أعوام‪ ،‬وقد‬ ‫يعمل ‪-‬يف بعض الحاالت‪ -‬عىل عكس مسار األمراض‪ .‬وهو‬ ‫مبتدعا اخرتعه طبيب‪ ،‬أو أحد املسوقني‬ ‫غذائيا‬ ‫ليس نظا ًما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لحمية "باليو"‪ ،‬أو أحد املؤثرين عىل وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬بل هو نظام غذايئ وضعه أمريكيون عاديون‪ ،‬وهو‬ ‫ميسور التكلفة عىل نطاق واسع‪ ،‬ومستدام‪ ،‬وله بصمة كربونية‬ ‫أقل من النظام الغذايئ الغني باللحوم‪ .‬واألهم من كل ذلك أنه‬ ‫لذيذ وشهي‪ُ ،‬‬ ‫مر قرون من خالل دمج نكهات من‬ ‫وطور عىل ّ‬ ‫العا َلمني القديم والجديد بطرق مبتكرة وأمريكية بحتة‪.‬‬ ‫يناير ‪11 2023‬‬ ‫ ‬

‫استكشاف | فكرة نيرة‬ ‫بدأنا بحثنا يف نيو إنغالند‪ ،‬حيث تمعنا يف األطعمة التقليدية‬ ‫لسكان "وامبانواغ" األصليني‪ .‬فقد كان ألسالفهم دور يف صنع‬ ‫التاريخ عام ‪ ،1621‬عندما القوا املستعمرين الوافدين يف ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫رجل ُيدعى "تيسكوانتوم" املستعمرين كيفية‬ ‫الوقت؛ إذ لقَّن‬ ‫زراعة الذرة‪ ،‬وهي أحد األطعمة املحلية‪ .‬وقد قامت "كارولني‬ ‫واين"‪ ،‬إحدى ُمس ّنات قبيلة "ماشبي وامبانواغ" وأم عشرية‬ ‫"أوتر"‪ ،‬وصديقتها عاملة األنرثوبولوجيا الغذائية "باوال ماركو"‪،‬‬ ‫بإعادة ابتكار وجبة تعود إىل أوائل القرن السابع عرش أمامنا‬ ‫باستخدام أطعمة وامبانواغ التقليدية‪.‬‬ ‫فبينما كانت واين تطبخ الطعام عىل نار يف العراء‪ ،‬بدا لنا أنها‬ ‫ُحمص القرع املحشو‬ ‫تتحمل الحر‪ .‬فعىل جمرات الفحم‪ ،‬كانت ت ّ‬ ‫بالبندق‪ ،‬والعنب الربي املجفف‪ ،‬ورشاب القيقب‪ .‬ويف قدر ُوضع‬ ‫عىل الجانب‪ ،‬كانت تغيل حسا ًء من دقيق الذرة‪ .‬ويف وعاء ثالث‪،‬‬ ‫كانت تسلق رشائح اليقطني يف شاي "ساسافراس"‪ .‬وعىل الرغم‬ ‫من أن الوامبانواغ كانوا يصطادون الطرائد ويجمعون بلح البحر‬ ‫مستم ًدا من‬ ‫واملحار‪ ،‬فإن ‪ 70‬باملائة من نظامهم الغذايئ كان‬ ‫َ‬ ‫مصادر نباتية‪.‬‬ ‫أما ماركو‪ ،‬فقد انرصف اهتمامها نحو أواين مصنوعة من‬ ‫الحديد املصبوب‪ُ ،‬وضعت فوق نار أخرى‪ .‬فكانت تغيل يف إحداها‬ ‫ُحض من‬ ‫"سوكوتاش"‪ ،‬وهي يخنة أساسية لدى الوامبانواغ وت َّ‬ ‫دقيق الذرة الصفراء والفاصوليا والقرع‪ ،‬والتي زينتها ماركو‬ ‫بالفاصوليا الخرضاء والبصل واألعشاب‪ .‬وكان الوامبانواغ‬ ‫يف بعض األحيان يضيفون إليها حرشف القدس‪ ،‬والجوز‪،‬‬ ‫والكستناء‪ ،‬وجوز البندق‪ .‬تقول ماركو‪" :‬إن َه َويس بالتاريخ‬ ‫يمنحني متعة التواصل مع طهاة ماتوا منذ زمن طويل من خالل‬ ‫مصادر أرشيفية وأثرية‪ .‬فاستحضار حكمتهم من خالل النار‬ ‫ريا للعواطف"‪.‬‬ ‫يظل رش ًفا مث ً‬ ‫وباتجاه الغرب‪ ،‬يف جزيرة أواهو بضاحية هونولولو‪ ،‬كانت "روث‬ ‫تشانغ" ‪-‬البالغة من العمر ‪ 95‬عا ًما‪ -‬ت ُِع ّد طعام الغداء‪ .‬قالت يل وهي‬ ‫أطبخ كل يوم‪.‬‬ ‫تقطع الخرضاوات الجذرية إىل قطع صغرية‪" :‬أنا ُ‬ ‫فما ِإ ْن نتوقف عن ذلك‪ ،‬سنفقد كل يشء"‪ .‬قد تكون مجموعة‬ ‫عمرا عىل وجه األرض‪ .‬فالنساء‬ ‫تشانغ الديموغرافية هي األطول ً‬ ‫األمريكيات من أصول صينية اللوايت يعشن يف هاواي يتمتعن‬ ‫بأمد عمر يقارب التسعني عا ًما؛ والنظام الغذايئ لألمريكيني ذوي‬ ‫األصول الصينية الذين يعيشون هناك يعزز هذا العمر املديد‪.‬‬ ‫ومنذ أن بدأ سكان جنوب رشق آسيا يفدون إىل هاواي‬ ‫ً‬ ‫عمال زراعيني‪ ،‬استقدمت‬ ‫منذ أكرث من ‪ 170‬عا ًما لالشتغال‬ ‫كل مجموعة عرقية نكهاتها ومكوناتها الخاصة‪ .‬فقد جلب‬ ‫الصينيون امللفوف الورقي ومنتجات فول الصويا وأنواع الشاي‪.‬‬ ‫وجاء اليابانيون بـ "امليسو" وصيغتهم الخاصة من "التوفو"‪.‬‬ ‫أما الفلبينيون‪ ،‬فقد جلبوا معهم األطراف الرطبة للعديد من‬ ‫النباتات مثل القرع واليقطني‪ .‬وقد أصبحت هاواي بفعل هذا‬ ‫املزج بني األطعمة وتقنيات الطهي‪ ،‬املكان املناسب لتجربة‬ ‫أساسا عىل النباتات‪.‬‬ ‫املأكوالت اآلسيوية املختلطة التي تعتمد‬ ‫ً‬ ‫‪ 12‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫حصيلة ضحايا نظام‬ ‫غذائي "أميركي نموذجي"‬ ‫إذا كنت تأكل مثل األميركيين العاديين‪،‬‬ ‫فمن المحتمل أنك ستموت قبل األوان‪.‬‬ ‫ففي هذا العام‪ ،‬سيموت أكثر من ‪ 678‬ألف‬ ‫أميركي بسبب أمراض أو حاالت مرتبطة‬ ‫بما يأكلون‪ .‬ويشمل ذلك حاالت شائعة‬ ‫كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر‬ ‫في الدم (داء السكري من النوع ‪ )2‬وارتفاع‬ ‫ً‬ ‫فوفقا إلحدى‬ ‫نسبة الكوليسترول في الدم‪.‬‬ ‫الدراسات‪ ،‬سينفق األميركيون مجتمعون‬ ‫أكثر من أربعة تريليونات دوالر على الرعاية‬ ‫الصحية‪ ،‬و‪ 20‬بالمئة على األمراض المرتبطة‬ ‫باالختيارات غير الصحية للنظام الغذائي‪.‬‬ ‫عاما‬ ‫وتشير التقديرات إلى أنهم يفقدون ‪ً 13‬‬ ‫من أعمارهم على األقل‪ ،‬من خالل اتباع نظام‬ ‫غذائي أميركي نموذجي‪.‬‬ ‫صادما إذا أخذ المرء‬ ‫قد ال يبدو هذا األمر‬ ‫ً‬ ‫بالحسبان أن المواطن األميركي العادي‬ ‫كيلوجراما‬ ‫يستهلك كل عام ما مجموعه ‪124‬‬ ‫ً‬ ‫من لحوم البقر والعجل والخنزير والدجاج؛‬ ‫والم ّ‬ ‫حليات ذات‬ ‫كيلوجراما من السكر‬ ‫و‪55‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫لترا‬ ‫السعرات الحرارية‪ ،‬بما فيها قرابة ‪ً 147‬‬ ‫لترا من الحليب؛‬ ‫من المشروبات الغازية؛ و‪ً 60‬‬ ‫كيلوجراما من الجبن الذي‬ ‫وأكثر من ‪18‬‬ ‫ً‬ ‫يوضع بعضه فوق شرائح البيتزا الـ ‪ 46‬التي‬ ‫سنويا‪ .‬وتأتي ‪ 70‬بالمئة‬ ‫يستهلكها األميركي‬ ‫ً‬ ‫من السعرات الحرارية لألميركيين من األطعمة‬ ‫َّ‬ ‫المصنعة المحتوية على آالف المواد‬ ‫كثيرا منها‬ ‫المضافة التي ُيشاع أن‬ ‫الصناعية ُ‬ ‫ً‬ ‫يسبب السرطان‪- .‬دان بيتنر‬

‫الرسم التوضيحي‪Luisa Rivera :‬‬

‫يناير ‪13 2023‬‬ ‫ ‬

‫استكشاف | فكرة نيرة‬

‫ولألمريكيني من أصل إفريقي الذين يعيشون يف أقىص‬ ‫ٌ‬ ‫تاريخ طويل من تناول أنواع األطعمة املنتمية إىل‬ ‫الجنوب‬ ‫غذائيا يتحدر أصله‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫نظا‬ ‫بوصفه‬ ‫بدأ‬ ‫فما‬ ‫الزرقاء‪.‬‬ ‫املناطق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من غرب إفريقيا ويعتمد إىل حد كبري عىل النباتات‪ ،‬ت ََحول مع‬ ‫التأثريات املحلية للسكان األمريكيني األصليني والتأثريات‬ ‫األوروبية‪ ،‬لينتج منه نمط طبخ فريد من نوعه وذو مذاق لذيذ‬ ‫للغاية‪ .‬وتشري الدراسات االستقصائية الغذائية التي تعود إىل‬ ‫تسعينيات القرن التاسع عرش إىل أن معظم األطعمة التي‬ ‫كان يتناولها األمريكيون الجنوبيون من أصل إفريقي كانت‬ ‫خرضاوات وحبوب‪ .‬فباستثناء لحم الخنزير اململح الذي كان‬ ‫ُيضاف ألجل النكهة‪ ،‬كان للمنتجات الحيوانية دور ثانوي‪.‬‬ ‫ذات صبيحة مشبعة بالرطوبة يف تشارلستون بوالية‬ ‫كارولينا الجنوبية‪ ،‬كنا يف منزل الطاهي واملؤرخ "يب جي‬ ‫دينيس" متجمعني حول قدر من حساء البامية‪ .‬فالبامية‬ ‫والثوم والبصل والفاصوليا الليمية والطماطم والزعرت والفلفل‬ ‫جدا‪ ،‬والرائحة الرائعة لبذور السمسم‬ ‫األحمر الكاريبي الحار ً‬ ‫مزيجا يدمج بني نكهات العا َلمني القديم‬ ‫املخمرة‪ ..‬تشكل‬ ‫ً‬ ‫ست يف فمي موجة‬ ‫إن‬ ‫ُ‬ ‫والجديد‪ .‬ما ْ‬ ‫تناولت امللعقة األوىل حتى َ َ‬ ‫من مذاق األومامي‪ ،‬وتلتها حرارة تدمع منها العني وحمرة‬ ‫تورد الخدين من فرط السعادة الخالصة‪.‬‬ ‫وقد أخذ دينيس عىل عاتقه َمهمة إعادة إحياء مطبخ أسالفه‬ ‫الذين كانوا يزرعون األرز‪ .‬فقد اخ ُتطف أسالفه من أماكن مثل‬ ‫ور ِّحلوا إىل لوكونرتي يف‬ ‫السنغال وليبرييا بغرض استعبادهم‪ُ ،‬‬ ‫ونظرا‬ ‫كارولينا الجنوبية وجورجيا لزراعة أرز كارولينا الذهبي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫املستعبدين‪ ،‬فقد استفادوا من حدائق‬ ‫لخربة بعض األفارقة‬ ‫َ‬ ‫واملكونات‬ ‫صاروا يزرعون فيها األغذية اإلفريقية الرئيسة‬ ‫ّ‬ ‫املحلية‪ .‬يقول دينيس‪" :‬لقد أخذنا الروح اإلفريقية البسيطة‬ ‫وتقنيات األمريكيني األصليني‪ ،‬وأنشأنا هذا املزيج الخاص"‪.‬‬ ‫وكان النظام الغذايئ التقليدي لغرب إفريقيا يتألف يف‬ ‫مجمله من الورقيات‪ ،‬والخرضاوات الجذرية‪ ،‬والبازالء‬ ‫ذات العني السوداء‪ ،‬والبامية‪ ،‬وبذور السمسم‪ ،‬واألعشاب‪،‬‬ ‫والتوابل‪ ،‬والحبوب كالدخن؛ ولم يكن اللحم ُيستهلك إال‬ ‫نادرا‪ .‬وعندما نُقل األفارقة املختطفون إىل أمريكا‪ ،‬جاءت‬ ‫ً‬ ‫معهم نباتات أوطانهم وبذور أطعمتهم‪ .‬وانخرطوا يف أشكال‬ ‫التبادل الثقايف مع األمريكيني األصليني‪ ،‬إذ جمعت بينهم‬

‫بعض املمارسات الزراعية املماثلة واملواد الغذائية األساسية؛‬ ‫فكالهما كانا يستخدمان يف طبخهما الذرة والبطاطا الحلوة‬ ‫وأنواع الفاصوليا املحلية‪ .‬ونتج عن ذلك أسلوب طبخ مختلط‬ ‫ومبتكر‪.‬‬ ‫يف يوم آخر‪ ،‬بتكساس‪ ،‬التقينا الطاهي واملؤرخ "أدان‬ ‫ميدرانو"‪ ،‬إذ كان يحطم أسطورة مطبخ "تكس ِ‬ ‫‪-‬مكس"‬

‫(وتعني املزج بني أطباق تكساس واملكسيك)‪ .‬لدى مطبخه يف‬ ‫شهيا يف أحد األوعية‪،‬‬ ‫هيوسنت‪ ،‬كان يحرك حسا َء "بوزول"‬ ‫ً‬ ‫ويف وعاء آخر أر ًزا مطه ًوا بالطماطم‪ ،‬وكالهما من األطباق‬ ‫َّ‬ ‫املنكهة باملكونات الثالثية لتكساس واملكسيك‪ :‬الثوم‬

‫والكمون والفلفل األسود‪.‬‬ ‫قال يل ميدرانو‪" :‬كان طعام تكس‪-‬مكس‪ ،‬الذي يغلب عليه‬ ‫اخرتاعا إنجليز ًيا إىل حد كبري‪ .‬ولم تكن أطباق‬ ‫الدسم والجنب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫'اإلنتشالدا' التقليدية تغطى بالجنب‪ ،‬بل كنا نمأل أطباقنا من‬ ‫هذه األكلة بالجزر والبطاطس"‪.‬‬ ‫وعمره ‪ 74‬عا ًما‪ -‬يف سان أنطونيو بجنوب وسط‬‫ُولد ميدرانو ُ‬ ‫تكساس‪ .‬وقد نشأ عىل أكل الصبار والفاصوليا والذرة والفلفل‬ ‫الحار والبطاطس والبصل والفطر والفرفخ والقطيفة وأنواع‬ ‫التوت وأحيانًا الطرائد‪ .‬وكانت تلك هي األطعمة األصيلة‬ ‫عما يشوب‬ ‫ملطبخ تكساس املكسيكية‪ ،‬وهي بعيدة كل البعد ّ‬ ‫أكالت تكس‪-‬مكس من تحريفات‪ ،‬كطبق "فاهيتا" الدجاج‬ ‫أو "الكويساديال" بالجنب‪ .‬فهذه األنواع من األطعمة النباتية‬ ‫الكاملة تمثل ً‬ ‫أيضا أساليب طبخ أخرى من أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫طوال سفرنا يف الواليات املتحدة‪ ،‬وجدنا ال ُّنظم الغذائية‬ ‫التاريخية لثقافات السكان األصليني واملهاجرين التي‬ ‫تُجسدها مجموعة جديدة من الطهاة ورواد األغذية‪ .‬فهم‬ ‫ال يقترصون‪ ،‬من خالل إعادة إحياء األطباق التقليدية‪ ،‬عىل‬ ‫فتح كنز دفني من عبقرية الطهي التي تم التغايض عنها إىل‬ ‫حد كبري‪ ،‬بل يقدمون ً‬ ‫أيضا تجسيدات جديدة لألنظمة الغذائية‬ ‫األمريكية املعيارية‪ ..‬والتي قد تساعدنا يف كسب تلك األعوام‬ ‫العرشة اإلضافية‪j .‬‬ ‫دان بيتنر مستكشف لدى ناشيونال جيوغرافيك‪ ،‬وصحافي‬ ‫متوج بعدة جوائز‪ ،‬ومؤلف كتب رائجة‪" .‬مطبخ المناطق الزرقاء"‬ ‫َّ‬ ‫هو عنوان أحدث كتبه الصادرة عن ناشيونال جيوغرافيك‪.‬‬

‫أطعمـة األجــداد‬

‫يميط الكاتب دان بيتنر اللثام عن النظام الغذائي‬ ‫األميركي المفقود الذي يعزز العمر المديد من خالل‬ ‫صور مذهلة‪ ،‬ويتقاسم الحكمة المستمدة من‬ ‫خبراء الطهي والطهاة والطباخين في كتابه "مطبخ‬ ‫المناطق الزرقاء‪ :‬مئة وصفة للعيش حتى المئة"‪.‬‬ ‫حاليا في جميع منافذ بيع الكتب‪.‬‬ ‫الكتاب متاح‬ ‫ً‬

‫‪ 14‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫استكشاف‬

‫مبتكرون‬

‫لـوهان أغوستي‬ ‫قلم‪ :‬جوردان سالمة‬

‫عدسة‪ :‬ريبيكا هايل‬

‫كاميرتها مص َّو َبة نحو جمال‬ ‫َتغفل عنه العدسات‪.‬‬

‫"حني أريد السكينة والسالم‬ ‫تقول "لوهان أغوستي"‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الداخيل‪ ،‬أفكر يف مناظر باتاغونيا"‪ .‬منطقة باتاغونيا‬ ‫األرجنتينية شاسعة ومقفرة بعض اليشء‪ ،‬وتتألف من‬ ‫آالف السهوب والصحاري املمتدة من املحيط األطليس‬ ‫إىل جبال األنديز‪ .‬أغوستي مستكشفة لدى ناشيونال‬ ‫جيوغرافيك‪ ،‬تُصور هذه املنطقة واألشخاص الذين‬ ‫يقطنون فيها‪ ،‬من موطنها يف مدينة أوشوايا بأقىص‬ ‫جنوب األرجنتني‪.‬‬ ‫تركز أغوستي عدستها عىل رسد القصص املتجذرة‬ ‫يف هذا املكان‪ .‬وقد وثَّقت لعمل نساء منطقة "تيريا‬ ‫ديل فويغو" وهن ينسجن الصوف املحيل املستخلص‬ ‫من مصادر مستدامة؛ وأمضت بعض الوقت مع نساء‬ ‫جهدا لصون‬ ‫"املابوتيش" األصليات اللوايت يبذلن‬ ‫ً‬ ‫تقاليد األجداد وعاداتهم؛ كما زارت رعاة البقر من‬ ‫فرسان "الغاوتشو" الذين يعيشون منعزلني يف السهوب‬ ‫واألرايض الخثية؛ وهي منظومة من األرايض الرطبة‬ ‫جزئيا‪.‬‬ ‫التي تنمو فيها تراكمات من النباتات املتحللة‬ ‫ً‬ ‫هذه املناطق املتخمة باملستنقعات هي محور أحدث‬ ‫مرشوع ألغوستي‪ ،‬املدعوم من "تعهدات املناخ" ‪-‬وهي‬ ‫مبادرة تقودها رشكات تهدف إىل إعدام انبعاثات‬ ‫الكربون يف أفق عام ‪ -2040‬ومن "الجمعية الجغرافية‬ ‫الوطنية" األمريكية‪ .‬وتسعى هذه املصورة إىل التوثيق‬ ‫لجمال أرايض الخث يف أربع قارات وإبراز دورها يف‬ ‫تخزين كميات هائلة من الكربون‪ .‬وتقول إن الناس‬ ‫يميلون إىل تجنب هذه النظم البيئية الرطبة‪ ،‬مستطردةً‪:‬‬ ‫"أريد أن ُأظهر أرايض الخث هذه بوصفها مشاهد‬ ‫دائما ما ظلت تعاين التجاهل‪ ،‬ولكنها اآلن مهمة‬ ‫طبيعية ً‬ ‫جدا لبقاء البرشية"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تمول الجمعية الجغرافية الوطنية أعمال لوهان‬ ‫ّ‬ ‫مزيدا عن دعم الجمعية‬ ‫أغوستي منذ عام ‪ .2018‬طالع‬ ‫ً‬ ‫المستكشفين‪ ،‬على ‪natgeo.com/impact‬‬ ‫َ‬ ‫‪ 16‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫تصـ ّور‬ ‫تصور" بالشراكة اإلعالمية‬ ‫أطلقت شركة "موتوروال" حملة تحت عنوان "موتوروال‬ ‫ّ‬ ‫مع مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" خالل الفترة من شهر سبتمبر ولغاية‬ ‫نوفمبر ‪ ،2022‬وذلك باستخدام الهاتف الجديد "موتوروال إيدج ‪ 30‬ألترا" بكاميرا‬ ‫‪ 200‬ميغا بكسل‪ ،‬وهي الدقة األعلى بين الهواتف الذكية‪.‬‬ ‫أسهمت هذه الحملة الخاصة في إبراز جمال منطقتنا العربية من خالل عدسة‬ ‫"موتوروال إيدج ‪ 30‬ألترا"‪ ،‬بمشاركة خمسة مصورين محترفين‪ :‬تسنيم السلطان‬ ‫ومعاذ العوفي وعزيز العال من المملكة العربية السعودية ودان نيوتن وفاطمة‬ ‫عبدالرحمن من دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ .‬وتنافس المصورون ضمن تحديات‬ ‫سحرا باستخدام "موتوروال إيدج‬ ‫أسبوعية في التقاط أجمل الصور الطبيعية وأكثرها‬ ‫ً‬ ‫‪ 30‬ألترا"‪ ،‬وقد شملت موضوعات التحدي‪ :‬لحظات الشروق‪ ،‬والطعام التقليدي‪،‬‬ ‫صوت جمهور الشركة‬ ‫والتميز‪ .‬بعدها‪،‬‬ ‫واألضواء الليلية‪ ،‬والجوهرة المخفية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمجلة عبر الموقع المخصص للمسابقة ‪www.motorolacapturesarabia.com‬‬

‫الختيار الصورة المفضلة حسب كل موضوع‪ .‬وقد فازت المصورة المحترفة "تسنيم‬ ‫السلطان" بأعلى نسبة تصويت لدى الجمهور‪ ،‬وهي واحدة من أبرز المصورات‬ ‫العربيات لدى "ناشيونال جيوغرافيك"‪.‬‬

‫‪@motorolaarabia‬‬

‫‪www.motorola.com‬‬

‫استكشاف | ترحـال‬

‫أفضل وجهات العالم‬ ‫تلقي قائمتنا السنوية الضوء على وجهات السفر التي ُتسهم في توعية األشخاص وتنوير‬ ‫الع َرى والروابط وإثارة اإلعجاب‪.‬‬ ‫العقول وتوثيق ُ‬ ‫قلم‪ :‬جورج ستون‬

‫بعد االنتعاش املحموم لنشاط السفر خالل الصيف املايض‬ ‫(ولعلك تتذكر حاالت التأخري وماليني الحقائب املفقودة)‪،‬‬ ‫يتساءل كثريون عن السبيل إىل االستمتاع بفورة االستكشاف‬ ‫من دون معاناة اكتظاظ الحشود‪ .‬فعودة السياحة املتوقعة إىل‬ ‫مستويات ما قبل الجائحة بحلول نهاية عام ‪ ،2023‬يمكن‬ ‫أن تفيض إىل مزيد من الرخاء وزيادة االستقرار يف األماكن‬ ‫التي تعتمد عىل السياح‪ .‬لكن التعايف الدائم يتوقف عىل توجيه‬ ‫عوائد السياحة إىل نماذج الحفظ التي تدعم املجتمعات‬ ‫بيئيا‪ .‬ومن املرجح‬ ‫والنظم البيئية وال ِبنية التحتية املسؤولة ً‬

‫‪ 18‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫أن يحدث ذلك عندما يختار املسافرون‪ ،‬بتمعن‪ ،‬وقت السفر‬ ‫ووجهته وكيفيته‪ .‬وللمساعدة يف ذلك‪ ،‬انتقى محررو ناشيونال‬ ‫جيوغرافيك العامليون ‪ 25‬وجهة مذهلة تخص العام التايل‪.‬‬ ‫وتعمل هذه الوجهات الرائعة املصنفة ضمن خمس فئات‬ ‫(املغامرة والثقافة والطبيعة والعائلة واملجتمع) عىل تسخري‬ ‫إمكانات السياحة إلفادة السكان املحليني‪ ،‬وصون البيئات‬ ‫الطبيعية‪ ،‬والحفاظ عىل الفضاءات الثقافية‪ ..‬وكلها وجهات‬ ‫تجذب املسافرين إليها يف املقام األول‪ .‬وفيما ييل أربع نقاط‬ ‫انطالق لبدء خط سري رحلتكم‪.‬‬

‫طالع القائمة كاملة على‬

‫‪natgeo.com/BestOfTheWorld.‬‬

‫مجتمع‬

‫جزر دوديكانيسيا‪،‬‬ ‫اليونـان‬ ‫تعاقبت على هذه الجزر‬ ‫اليونانية موجات من الغزاة‬ ‫(الرومان والعثمانيون‬ ‫واإليطاليون) الذين تركوا‬ ‫على مر القرون بصماتهم‬ ‫العمارة‬ ‫في كل شيء‪ ،‬من َ‬ ‫إلى الطعام‪ .‬أما "غزاة"‬ ‫العصر الحالي‪ ،‬فال يأتون‬ ‫ألجل الثروة‪ ،‬بل اللتقاط‬ ‫صور شخصية في جزر‬

‫دوديكانيسيا المعروفة‪،‬‬ ‫مثل "كوس وبتموس"‪.‬‬ ‫وفي الوقت الحالي‪،‬‬ ‫تأمل األجزاء األقل‬ ‫ارتيادا من هذا األرخبيل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مثل "كارباثوس"‪ ،‬في‬ ‫تحقيق التوازن بين‬ ‫الحاجة االقتصادية‬ ‫للسياحة والضغوط‬ ‫البيئية التي تسببها‪.‬‬

‫تقرير إضافي من ‪Andrew Nelson‬‬ ‫الصورة‪ .Ciril Jazbec :‬الخرائط‪ ،Katie Armstrong :‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وتعد كنائس كارباثوس‬ ‫المطلية باللون األبيض‬ ‫(في الصورة‪ ،‬كنيسة‬ ‫صغيرة على قمة جبل‬ ‫النبي إلياس) والتقاليد‬ ‫القديمة من عوامل‬ ‫الجذب السياحي‪ ،‬لكن‬ ‫الجزيرة تعاني شح مياه‬ ‫الشرب ومحدودية القدرة‬ ‫على إعادة التدوير‪.‬‬

‫آﺳـــﻴﺎ‬ ‫أوروﺑﺎ‬ ‫اﻟﻴﻮﻧﺎن‬

‫إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬

‫يناير ‪19 2023‬‬ ‫ ‬

‫استكشاف | ترحـال‬ ‫طبيعة‬

‫تــولــي‬ ‫بـلـــوك‪،‬‬ ‫بوتسوانا‬

‫ثقافة‬

‫إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬ ‫ﺗﻮﻟﻲ‬ ‫ﺑﻠﻮك‬

‫آﺳﻴــــﺎ‬

‫ﻟﻮاﻧﻎ ﺑﺮاﺑﺎﻧﻎ‬

‫ﺑﻮﺗﺴﻮاﻧﺎ‬

‫الوطنية الشاسعة والزاخرة بالحياة الربية ومحميات الصيد يف بوتسوانا‬ ‫ال تزال املنتزهات ﻻوس‬ ‫تواجه سلسلة من التهديدات‪ ،‬كالصيد الجائر‪ .‬لكن من شأن الجهود الجديدة الرامية إىل‬ ‫مكافحة الصيد الجائر والسياحة التطوعية والتوعية املجتمعية‪ ،‬أن تساعد يف تخفيف بعض‬ ‫تلك الضغوط‪ .‬ففي "تويل بلوك"‪ ،‬وهي منطقة برية عىل الحدود الرشقية للبلد تعيش فيها‬ ‫الفيلة (أسفل)‪ ،‬يقوم الحراس برتكيب تقنية‬ ‫النمور والضباع البنية واملرقطة وعدد كبري من َ‬ ‫متقدمة يف "محمية سنرتال تويل للصيد الرتفيهي" التي تبلغ مساحتها ‪ 700‬كيلومرت مربع‪ .‬وقد‬ ‫وضعت املنظمة الهولندية (‪ )Smart Parks‬أجهزة استشعار منخفضة الطاقة تنقل بيانات الراديو‬ ‫إىل محطة مركزية؛ ف ُت ّنبه الحراس إىل وجود الصيادين املخالفني ومركباتهم‪ ،‬بل تتتبع ً‬ ‫أيضا‬ ‫تحركات الحيوانات‪.‬‬ ‫وتستجيب بوتسوانا ً‬ ‫أيضا لجيل جديد من الزوار؛ إذ تقول "كوكيتسو موكودي"‪ ،‬املستكشفة‬ ‫لدى ناشيونال جيوغرافيك‪" :‬منذ جائحة كورونا‪ ،‬أضحى مسافرونا من جيل األلفية أكرث‬ ‫اهتما ًما بالتواصل البرشي الهادف‪ .‬ويمكن للمرء أن يتوقع رؤية مزيد من الجوالت القائمة‬ ‫عىل ِ‬ ‫الح َرف اليدوية واإلقامة مع عائالت يف القرى"‪ .‬فقد أرست موكودي‪ ،‬رئيسة الشؤون‬ ‫تعليميا بعرش قرى نائية يف‬ ‫برنامجا‬ ‫اإلدارية لدى مؤسسة (‪ )Wild Bird Trust‬يف بوتسوانا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دلتا أوكافانغو‪ ،‬يف شمال البلد‪ .‬ويأخذ هذا الربنامج الذي ُيطلق عليه اسم "رحالت املعلمني"‪،‬‬ ‫مدريس القرى يف رحالت سفاري إىل هذه الدلتا ويلقنهم كيفية دمج البيئة والثقافة املحلية يف‬ ‫سبورةً"‪.‬‬ ‫دروسهم‪ .‬تقول موكودي‪" :‬هذه فرصة الستخدام الطبيعة‬ ‫َ‬

‫‪ 20‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫لوانغ برابانغ‪،‬‬ ‫الوس‬

‫آﺳﻴــــﺎ‬ ‫ﻟﻮاﻧﻎ ﺑﺮاﺑﺎﻧﻎ‬

‫ﻻوس‬

‫أغلقت الجائحة حدود‬ ‫العديد من البلدان‬ ‫المعتمدة على السياحة‪،‬‬ ‫مثل الوس‪ .‬لكن هذه‬ ‫الدولة الواقعة في‬ ‫جنوب شرق آسيا تأمل‬ ‫في أن ُيسهم قطار‬ ‫سريع صيني الصنع‬ ‫دشن في ديسمبر‬‫ُ‬ ‫‪ -2021‬في تعزيز‬ ‫الرحالت الداخلية‪ .‬ويبدأ‬ ‫مساره الذي يبلغ طوله‬ ‫‪420‬‬ ‫كيلومترا داخل‬ ‫ً‬ ‫الوس‪ ،‬من بلدة بوتين‬ ‫ويعبر أكثر‬ ‫الحدودية َ‬ ‫من ‪ً 70‬‬ ‫نفقا و‪160‬‬ ‫جسرا ويمر عبر لوانغ‬ ‫ً‬ ‫برابانغ (يسار‪ ،‬احتفاالت‬ ‫رأس السنة في معبد‬ ‫"وات كسينغ ثونغ"‬ ‫بهذه المدينة العريقة)‪،‬‬ ‫وينتهي به المطاف‬ ‫في العاصمة فيينتيان‪.‬‬ ‫يهدف هذا القطار إلى‬ ‫توسيع نطاق السياحة‬ ‫في أوساط سكان‬ ‫الوس أنفسهم‪ ،‬لكن‬ ‫سعر التذاكر ومديونية‬ ‫البلد المتنامية تجاه‬ ‫الصين تظالن مثار جدل‬ ‫ونقاش‪.‬‬

‫مغامرة‬

‫شوكيكيراو‪ ،‬البيرو‬

‫اﻟﺒﻴﺮو‬

‫ﺷﻮﻛﻴﻜﻴﺮاو‬

‫تُعد أطالل شوكيكرياو أحد مواقع اإلنكا‬ ‫القصية يف جبال األنديز البريوفية‪ ،‬وتظل‬ ‫حكرا عىل ِ‬ ‫القلة القوية التي تبذل الجهد لبلوغ‬ ‫ً‬ ‫ارتفاعها الذي يصل إىل ‪ 3000‬مرت‪ .‬يقول عالم‬ ‫اآلثار‪" ،‬غوري تومي إتشيفاريا"‪" :‬تُنسج العديد‬ ‫ري من‬ ‫من األساطري حول شوكيكرياو"‪ .‬فكث ٌ‬ ‫معابدها ومدرجاتها وساحاتها لم ُينقَّب بالكامل‬ ‫بعد‪ .‬لكن من املتوقع أن تعزز خُ طط البنية‬

‫التحتية الجديدة زيارة املدينة الشقيقة ملاتشو‬ ‫بيتشو‪ .‬وقد تعهدت الحكومة بإنفاق ‪ 260‬مليون‬ ‫دوالر إلنجاز خط لعربة َك ْبلية عىل مسافة خمسة‬ ‫كيلومرتات بني مدينة كينياال وهذا املوقع‪.‬‬ ‫مزيدا من الفرص‬ ‫ومن شأن التنمية أن تُوجد‬ ‫ً‬ ‫االقتصادية للسكان املحليني عىل حساب هدوء‬ ‫شوكيكرياو‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬تظل هذه األطالل‬ ‫مكانًا للعزلة يدغدغ خيال كل مسافر‪.‬‬

‫أﻣﻴﺮﻛﺎ‬ ‫اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ‬

‫يناير ‪21 2023‬‬ ‫ ‬

‫إعالن تحريري‬

‫تلقت أكثر من ‪ 3‬ماليين مكالمة على رقم الطوارئ خالل ‪ 10‬أشهر‬

‫"عمليات شرطة أبوظبي"‪..‬‬ ‫منظومة أمنية متكاملة لالستجابة‬

‫لبالغات الجمهور وحاالت الطوارئ‬

‫وفرت "القيادة العامة لشرطة‬ ‫أبوظبي" أفضل األجهزة‬

‫والتقنيات والكوادر البشرية‬

‫المؤهلة في "مراكز القيادة‬ ‫والتحكم" (غرف العمليات)‬

‫بإمارة أبوظبي‪ ،‬وذلك ضمن‬ ‫استراتيجيتها لتقديم أفضل‬

‫ً‬ ‫وفقا ألفضل‬ ‫الخدمات للجمهور‬ ‫الممارسات العالمية في هذا‬

‫المجال؛ مما يسهم في سرعة‬ ‫التعامل واالستجابة الفورية‬ ‫للبالغات الواردة‪ ،‬وسهولة‬ ‫وصول الشرطة إلى موقع‬

‫الحادث بدقة‪ ،‬للقيام بمهامها‬ ‫وتقديم خدماتها الشرطية‬

‫واإلنسانية على وجه السرعة‪.‬‬ ‫وقد استقبلت شرطة أبوظبي ‪ 3‬ماليني و‪ 761‬ألف‬ ‫و‪ 931‬مكاملة من الجمهور عرب رقم الطوارئ "‪"999‬‬ ‫الخاص بمركز القيادة والتحكم يف إدارة العمليات بقطاع‬ ‫العمليات املركزية من شهر يناير وحتى أكتوبر ‪ 2022‬عىل‬ ‫مستوى إمارة أبوظبي (مدينة أبوظبي‪ ،‬منطقة العني‪،‬‬ ‫منطقة الظفرة)‪.‬‬ ‫وتتعامل مراكز القيادة والتحكم عىل مدار الساعة مع‬ ‫البالغات الجنائية واملرورية واملتعلقة بالجانب اإلنساين‪،‬‬ ‫عرب رقم الطوارئ بتطبيق منظومة االستجابة األمنية‬ ‫من خالل استقبال املكاملات‪ ،‬ومن ثم تحديد الجهات‬ ‫التي يجب وجودها يف موقع الحادث واألقرب إليه‪،‬‬ ‫وإبالغها لالستجابة الفورية والتوجه إىل املوقع يف زمن‬ ‫قيايس؛ وذلك بالتنسيق مع الدوريات األمنية والدفاع‬ ‫املدين ومسرح الجريمة وطريان شرطة أبوظبي والشرطة‬ ‫املجتمعية والتدخل السريع وغريها‪ ،‬وهو أمر يسهم يف‬ ‫تقليل زمن االستجابة للبالغات‪.‬‬ ‫وتعمل كوادر إدارة العمليات عىل مدار ‪ 24‬ساعة طوال‬ ‫أيام األسبوع ويف مختلف املناسبات واألعياد الوطنية‬ ‫والدينية‪ ،‬وتخاطب الجمهور بعدة لغات‪.‬‬

‫إعالن تحريري‬

‫أفضل الخدمات للجمهور‬ ‫تحرص شرطة أبوظبي عىل االستجابة‬ ‫الفورية للبالغات وفق رؤية املؤسسة‬ ‫الشرطية لضمان استمرار إمارة‬ ‫أبوظبي كمجتمع ينعم باألمن‬ ‫والسالمة؛ إذ تعمل إدارة العمليات‬ ‫عىل تقليل زمن االستجابة من خالل‬ ‫توفري أحدث التقنيات واملعدات يف‬ ‫مراكز القيادة والتحكم‪ .‬فهذه املراكز‬ ‫هي املستجيب األول للبالغ وذلك‬ ‫ضمن اسرتاتيجيتها لتقديم أفضل‬ ‫ً‬ ‫وفقا ألفضل‬ ‫الخدمات للجمهور‬ ‫املمارسات العاملية يف هذا املجال‪.‬‬ ‫وتقدم اإلدارة خدماتها للجمهور‬ ‫عرب نظام (‪ ،)E- call‬املتوفر يف بعض‬ ‫املركبات الحديثة‪ ،‬إذ يقوم النظام‬ ‫املتطور تلقائيًا باالتصال صوتيَا وإرسال‬ ‫بيانات املركبة ملركز القيادة والتحكم‬ ‫التابع للنطاق الجغرايف ملوقع السيارة‬

‫املتعرضة للحادث ليظهر يف مركز‬ ‫القيادة والتحكم إلكرتونيًا "موقع‬ ‫ً‬ ‫فضل عن البيانات اإلضافية‬ ‫البالغ"‪،‬‬ ‫للمركبة‪ .‬ويدعم هذا النظام املتطور‬ ‫إرسال البالغ بطريقة آلية‪ ،‬ويسهم‬ ‫بدور رائد يف تعزيز سرعة االستجابة‬ ‫يف الوصول إىل موقع املركبة املتعرضة‬ ‫للحادث‪.‬‬ ‫مؤخ ًرا‪ ،‬فعّ لت شرطة أبوظبي‬ ‫خدمة طلب اإلسعاف للحاالت الطارئة‬ ‫من خالل نظام " ‪ "SOS‬بتطبيقها‬ ‫الذيك عىل الهواتف واللوحات الذكية‬ ‫التي تعمل عىل نظامي "آبل ستور"‬ ‫و"غوغل ستور"‪ .‬ويأيت تفعيل هذه‬ ‫الخدمة يف إطار حرص شرطة أبوظبي‬ ‫املستمر عىل تطوير الخدمات عىل مدار‬ ‫الساعة‪ ،‬لتمكني املتعاملني من إنجاز‬ ‫معامالتهم املختلفة بطرق بسيطة‬ ‫وذكية‪ ،‬وضمن جهودها يف استشراف‬

‫املستقبل إلسعاد املتعاملني واختصار‬ ‫الزمن وسرعة االستجابة‪.‬‬ ‫وتدعو إدارة العمليات الجمهور‬ ‫إىل التواصل من خالل تلك األرقام‬ ‫والوسائل التي تهدف إىل تقديم‬ ‫ً‬ ‫الخدمات الشرطية‪،‬‬ ‫مؤكدة أن‬ ‫االستجابة للبالغات تتم يف دقائق‬ ‫معدودة‪ ،‬ويعتمد ذلك عىل نوع‬ ‫البالغ‪ ،‬عرب تقسيمها إىل مهمة جدً ا‬ ‫ومهمة ومعتادة‪ ،‬مشرية إىل أن‬ ‫التنسيق والتواصل بني مراكز القيادة‬ ‫والتحكم والجهات األخرى من األمور‬ ‫املهمة لتقليل زمن االستجابة‪.‬‬

‫كوادر مؤهلة وأنظمة‬ ‫متطورة‬

‫تحرص القيادة العامة لشرطة أبوظبي‬ ‫عىل االهتمام بتطوير كوادرها الشرطية‬

‫والتي ُتشكل الدعامة األساسية يف‬ ‫تعزيز األمن واألمان‪ ،‬وكذا دعمها‬ ‫املستمر لتعزيز الريادة األمنية والتي‬ ‫جعلت أبوظبي يف صدارة أفضل املدن‬ ‫العاملية وأكرثها ً‬ ‫أمانا‪ .‬لذا تعمل إدارة‬ ‫العمليات عىل تدريب موظفي القيادة‬ ‫والتحكم وفق أعىل املعايري العاملية‪،‬‬ ‫بالتنسيق مع "أكاديمية سيف بن‬ ‫زايد للعلوم الشرطية واألمنية"؛‬ ‫إذ يلتحق املوظف بـ ‪ 3‬دورات سنويًا‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل االلتحاق بالدورات‬ ‫التدريبية والتثقيفية مع الشركاء‬ ‫االسرتاتيجيني والتي ُتسهم يف تنمية‬ ‫مهاراتهم وقدراتهم‪.‬‬ ‫كما تحرص شرطة أبوظبي عىل‬ ‫تطوير إمكانات الكوادر املتخصصة‬ ‫لديها‪ ،‬ورفع قدراتها لتقديم الخدمات‬ ‫املتميزة للجمهور‪ ،‬من خالل العمل‬ ‫املستمر والتدريب ونشر الجودة‬

‫والتميز املؤسيس وتعزيز ثقافة الوالء‬ ‫واالستخدام األفضل للتقنيات‪ ،‬بما‬ ‫ينعكس إيجاب ًيا عىل رضا الجمهور‬ ‫وإسعادهم‪.‬‬ ‫وتستخدم اإلدارة يف مراكز القيادة‬ ‫والتحكم أحدث األنظمة التقنية‬ ‫املتطورة ذات الجودة العالية لخدمة‬ ‫الجمهور‪ ،‬مثل أنظمة استقبال‬ ‫املكاملات‪ ،‬وإدارة البالغات‪ ،‬وتحديد‬ ‫موقع املُبَلغ وغريها من األنظمة‪.‬‬

‫تعاون مع الشركاء في‬ ‫االستجابة للبالغات‬

‫ُتعد مراكز القيادة والتحكم املحرك‬ ‫الرئيس لكافة املوارد والجهات التي‬ ‫تتعامل مع الحوادث والبالغات‬ ‫الجنائية واملرورية‪ ،‬بما يسهم يف‬ ‫تقليل زمن االستجابة بالتنسيق مع‬

‫الجهات الشرطية املختصة‪ .‬ولإلدارة‬ ‫العديد من الشركاء منهم الشركاء‬ ‫الداخليني والشركاء االسرتاتيجيني‬ ‫وهم من كافة الجهات املعنية عىل‬ ‫مستوى إمارة أبوظبي‪ ،‬ويسهمون‬ ‫يف دعم منظومة االستجابة لكافة‬ ‫البالغات التي ترد عىل رقم الطوارئ؛‬ ‫مما يسهم يف إدارة البالغات بالشكل‬ ‫املطلوب واالستجابة الفاعلة لها‪.‬‬ ‫وتصل جاهزية اإلدارة إىل ‪ 100‬باملئة‬ ‫لكافة البالغات عىل مدار الساعة‪ ،‬وعىل‬ ‫حسب منظومة األحداث واألزمات‪،‬‬ ‫ويتم عمل تمارين دورية مستمرة‬ ‫لسيناريوهات األزمات بالتعاون مع‬ ‫الشركاء من كافة الجهات عىل مستوى‬ ‫إمارة أبوظبي؛ وبذلك يتم التعامل مع‬ ‫األزمات بشكل احرتايف وإنهاء املوقف‬ ‫بأسرع وقت‪.‬‬

‫استكشاف | أدوات‬

‫ٌ‬ ‫فن على رمال البحر‬

‫هدير مياه البحر‪ ،‬صياح طيور النورس‪ ،‬مجارف مختلفة‪ ،‬أوتاد منصوبة تلفها الخيوط‪ ،‬وأدوات‬ ‫أخرى تُركت عىل األرض‪ ..‬هكذا بدا املشهد حينما وصلت ملقابلة "عمر املغريب" لدى "شاطئ‬ ‫جدا يتألق بهدوء الصباح وأشعة‬ ‫الفالمنغو" يف إمارة رأس الخيمة بدولة اإلمارات‪ .‬فاملشهد حيوي ً‬ ‫الشمس التي بدأت تتسلل من وراء الجبال الشاهقة‪ .‬راح املغريب يثبت أربعة هواتف ذكية يف مكان‬ ‫مالئم لينقل ملتابعيه عرب مختلف املنصات الرقمية مراحل إنجاز عمله الفني خطوة بخطوة‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫"قبل أن ترشق شمس صباح كل إجازة نهاية األسبوع ستجدين هنا‪ ،‬يف الغالب برفقة زوجتي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫استجابة لطلب شخص عزيز بنقش اسمه عىل‬ ‫حارضً ا بأدوايت البسيطة لتجسيد فكرة راودتني أو‬ ‫رمل البحر"‪ .‬يتحدر املغريب من عائلة فنية تُبدع يف فنون الخط والرسم التشكييل‪ ،‬ويبدو أنه َورث‬ ‫هذه املوهبة‪ .‬منذ نحو ‪ 20‬عا ًما وهو ُيبدع يف ُصنع الرسومات ثالثية األبعاد وتشكيلها عىل الشواطئ‪،‬‬ ‫إال أن هذه املوهبة أصبحت هواية ُيمارسها كل أسبوع أو حسب حالة املد والجزر للبحر‪ .‬عىل أن‬ ‫ريا يف إزالة طبقات الرمل املتماسكة ألجل تشكيلها‬ ‫هذا العمل يتطلب ممارسة دائمة‬ ‫ً‬ ‫بدنيا كب ً‬ ‫وجهدا ً‬ ‫ونحتها؛ لذا فالتحيل بالصرب والحركة الدقيقة داخل حدود العمل أساس لنجاح كل "لوحة" رملية‪.‬‬ ‫وقد يستغرق العمل يف بعض التشكيالت أكرث من خمس ساعات؛ لذا يستعني املغريب أحيانًا بأوالده‬ ‫وأحفاده‪ ،‬حتى ُيسهموا بنصيبهم اإلبداعي الذي يرسي يف عروقهم‪  ‬الفنية ‪— .‬إسحاق الحمادي‬

‫‪ 26‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫عمل فني على رمال‬ ‫بحر رأس الخيمة يوثق‬ ‫لمناسبة احتفال دولة‬ ‫اإلمارات بالذكرى الخمسين‬ ‫لتأسيسها‪ ،‬فيما يؤثث الرقم‬ ‫شعار "إكسبو دبي ‪."2020‬‬ ‫الصورة‪ :‬عمر شادي المغربي‬

‫استعمل كاميرا هاتفك‬ ‫لمسح رمز ‪ QR‬لمشاهدة‬ ‫أحد هذه األعمال الفنية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫)أ(‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫)أ(‬

‫)ج(‬

‫)ب(‬

‫)ب(‬

‫)ج(‬ ‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫عدسة‪ :‬أحمد عمر المغربي‬ ‫‪ .1‬مجارف متفاوتة األحجام‬ ‫واألشكال‬ ‫تكون هناك صعوبات عند‬ ‫الحفر في طبقات الرمل‪ ،‬لذا‬ ‫تُ ستخدم مجارف متنوعة‪( :‬أ)‬ ‫مجرفة نصف بيضوية كبيرة‬ ‫الحجم تحمل كميات الرمل‬ ‫الكبيرة‪ ،‬إلى جانب مجرفة‬ ‫ذات حافة مستقيمة (ب)؛ (ج)‬ ‫مجرفة صغيرة إلزاحة الرمل من‬ ‫مساحات أضيق‪.‬‬

‫‪ .2‬مشط‬ ‫تساعد هذه األدوات في تقليب‬ ‫الرمل للرسم بدقة وإضفاء‬ ‫ُمسحة لونية على األحرف‬ ‫واألنماط المنقوشة‪( :‬أ) مشط‬ ‫زراعي لجرف مساحات أكبر في‬ ‫الرمل وتسريع وتيرة العمل؛‬ ‫(ب) مشط ُيستخدم لتنسيق‬ ‫أجزاء أضيق في الشكل؛ فيما‬ ‫يستعمل المشط (ج) لوضع‬ ‫اللمسات النهائية على الشكل‪.‬‬

‫‪ .3‬مسطرة‬ ‫تقيس األبعاد المطلوبة في‬ ‫الشكل‪.‬‬

‫الصغيرة‪ ،‬وتُ ساعد في تحديد أحرف‬ ‫الشكل بدقة عالية‪.‬‬ ‫‪ .6‬مطرقة‬ ‫تُ ستخدم في تثبيت األوتاد‪.‬‬

‫‪ .4‬مجرود‬ ‫أشكال مختلفة الحجم للمجرود‪،‬‬ ‫تُ ستعمل في تشطيب الحواف‬ ‫واألحرف وتشكيلها‪.‬‬

‫‪ .7‬وتد‬ ‫تُ شكل األوتاد التصميم األولي لشكل‬ ‫العمل الفني‪.‬‬

‫‪ .5‬قطعة لتشكيل أنماط محددة‬ ‫تدمج هذه القطعة في هيأتها‬ ‫ما بين السكين والمسطرة‬

‫‪ .8‬خيوط‬ ‫تربط هذه الخيوط بين األوتاد‪ ،‬قبل‬ ‫نقش األنماط على الرمل‪.‬‬

‫نوفمبر ‪27 2022‬‬ ‫ ‬

‫استكشاف | بال حدود‬

‫يلعب "كريس هيمسوورث"‪ ،‬وهو صائم عن األكل‪ ،‬رياضة الهوكي تحت الماء؛ وهي من بين األنشطة القاسية التي تم‬ ‫تصويرها لسلسلة "‪( "Limitless‬بال حدود)‪.‬‬

‫حياة ال تعترف بالحدود‬

‫ضمن سلسلة جديدة عن طول العمر‪ ،‬يختبر الممثل "كريس هيمسوورث" كل االستراتيجيات‪،‬‬ ‫العادية منها والشديدة القاسية‪ ،‬لتحسين الصحة‪.‬‬ ‫قلم‪ :‬جاكلين كاتلر‬ ‫غطس "كريس هيمسوورث" يف مياه القطب الشمايل‪ ،‬وتدىل‬ ‫من فوق ٍ‬ ‫واد وهو يرتقي ً‬ ‫حبل‪ ،‬وصام عن األكل أربعة أيام‪،‬‬ ‫واستعد ملشهد موته يف نهاية املطاف‪ ..‬وكل ذلك يف سبيل العيش‬ ‫عمرا أطول‪ .‬يف سلسلة "‪"Limitless With Chris Hemsworth‬‬ ‫ً‬ ‫(بال حدود مع كريس هيمسوورث)‪ ،‬وهي عمل وثائقي لناشيونال‬ ‫جيوغرافيك من ستة أجزاء‪ُ ،‬ي َبث عىل منصة "ديزين بلس"‪ ،‬ال‬ ‫يعتمد هذا املمثل فقط عىل لياقته البدنية التي صقلها خالل عقد‬ ‫من أداء دور "ثُور" يف األفالم‪ .‬بل إنه يخترب قدرات العقل والجسد‬ ‫يف سعيه لتطوير عادات قد تطيل أمد حياته‪ ..‬وحياتنا‪.‬‬ ‫قبل هذا املرشوع‪ ،‬كان هيمسوورث يتدرب دو ًما من أجل‬ ‫فيلم بعينه‪ ،‬ولعل هدفه كان "الحصول عىل عضالت بطن‬ ‫مشدودة يف هذا الصيف‪ ..‬أو ما شابه ذلك"‪ ،‬كما أخربين من بيته‬ ‫يف خليج بايرون بأسرتاليا‪ .‬واستطرد ً‬ ‫سطحيا‬ ‫قائل‪" :‬كان األمر‬ ‫ً‬ ‫‪ 28‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫دائما باالرتياح‪ ،‬لكن التعمق يف‬ ‫أكرث‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح أين كنت أشعر ً‬ ‫علميا عىل سبب شعوري ذاك‪ ،‬كان تجربة‬ ‫املدعومة‬ ‫الدالئل‬ ‫ً‬ ‫كليا"‪.‬‬ ‫جديدة ً‬ ‫نظرا لإلغالقات‬ ‫عامني‪،‬‬ ‫من‬ ‫أكرث‬ ‫السلسلة‬ ‫إتمام‬ ‫استغرق‬ ‫ً‬ ‫بفعل الجائحة‪ ،‬وفرتات تصوير أفالم هيمسوورث األخرى‪.‬‬ ‫فكرة السلسلة مستوحاة من فيلم "‪( "The Fountain‬عام ‪)2006‬‬ ‫الذي كتبه املنتجان التنفيذيان "دارين أرونوفسيك" و"آري‬ ‫هاندل"‪ ،‬ويحيك قصة رجل يبحث عن رس الشباب الخالد‪ .‬يتذكر‬ ‫اقتباسا [من ذلك الفيلم] يرتدد صداه حتى اليوم‪" :‬املوت‬ ‫هاندل‬ ‫ً‬ ‫مرض‪ .‬شأنه يف ذلك شأن أي مرض آخر‪ .‬وهناك عالج‪ .‬عالج‪..‬‬ ‫ولسوف أجده"‪ .‬وبفضل رشكة اإلنتاج‪" ،‬نوتوبيا" (‪،)Nutopia‬‬ ‫رشع الفريق يف إنجاز سلسلة حول طول العمر تجمع بني اإلفادة‬ ‫والرتفيه يف آن‪.‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻬﺎﺟﻢ اﻟﻘﺮوش‬ ‫اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺜﺎﻣﻦ‬

‫اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻷﺣﺪ ‪ 15‬ﻳﻨﺎﻳﺮ‬ ‫ً‬

‫‪8pm UAE - 7pm KSA‬‬

‫استكشاف | بال حدود‬ ‫شاهد "‪،"Limitless With Chris Hemsworth‬‬ ‫وهي سلسلة لناشيونال جيوغرافيك من ستة‬ ‫أجزاء‪ ،‬تُ َبث على منصة "ديزني بلس"‪.‬‬

‫يخوض هيمسوورث مغامرات مثرية ومعقدة‪ ،‬غري أن هناك‬ ‫با منها للمشاهدين يف املنازل‪ .‬تقول "جني رووت"‪ ،‬املنتجة‬ ‫ِع َ ً‬ ‫التنفيذية لدى الرشكة‪ ،‬عن السلسلة إنها ليست رؤية من الخيال‬ ‫العلمي إلطالة العمر‪ ،‬بل إن األمر يتعلق أكرث بتحسني فرص‬ ‫عيش حياة طويلة األمد ومفعمة "بالرىض والسعادة والنشاط"‪.‬‬ ‫لكن إىل أي مدى يصل هذا النشاط؟ لدراسة تأثريات‬ ‫درجات الحرارة القاسية عىل الجسم‪ ،‬كان عىل هيمسوورث‬ ‫خالل السلسلة السباحة وركوب األمواج يف أحد مضايق الرنويج‬ ‫البحرية حيث تهبط درجة حرارة املياه إىل درجتني مئويتني‪.‬‬ ‫ويقول أرونوفسيك‪ ،‬الذي جرب بنفسه هذا النوع من الغطس‬ ‫الذي يجمد األطراف‪ ،‬إنها "تجربة رائعة‪ ..‬رؤية كريس وهو‬ ‫يخترب قدراته إىل مداها األقىص"‪.‬‬ ‫يقول "روس إدجيل"‪ ،‬الذي درب هيمسوورث إلنجاز‬ ‫مغامرته يف املضيق البحري‪ ،‬إن املثابرة إىل هذه الدرجة‬ ‫القصوى تتطلب قوة تحفيز استثنائية‪ .‬إدجيل عالم يف مجال‬ ‫الرياضة وهو الشخص الوحيد الذي سبح حول بريطانيا العظمى‬ ‫تقريبا)‪ ،‬وقد ساعد هيمسوورث ً‬ ‫أيضا يف التدرب‬ ‫(‪ 2880‬كيلومرتًا‬ ‫ً‬ ‫عىل فيلمه "ثُور‪ :‬الحب والرعد"‪ .‬يستطرد إدجيل ً‬ ‫قائل‪" :‬يعرف‬ ‫الناس كريس بصفته ممثال‪ ،‬لكن ال يعرف كثريون أنه ريايض"‪.‬‬ ‫عداء يف سباقات القفز عىل الحواجز يف‬ ‫فلقد كان هيمسوورث ّ‬ ‫أيام دراسته وال يزال يمارس رياضة ركوب األمواج‪.‬‬ ‫يف سلسلة (‪ ،)Limitless‬يلعب هيمسوورث الهويك تحت املاء‬ ‫خالل صيامه مدة أربعة أيام‪ ،‬وهو جزء من اختبار لقياس الفوائد‬ ‫ليهون‬ ‫املحتملة للصيام‪ .‬وقد كان املمثل يميل إىل املزاح والدعابة ّ‬ ‫عىل نفسه الشعور بالجوع‪ .‬ولكن األجواء انقلبت إىل الجد عندما‬ ‫أخرب "بيرت عطية"‪ ،‬طبيب الرعاية الوقائية‪ ،‬هيمسوورث ‪-‬وكان‬ ‫عمره حينها ‪ 37‬عا ًما‪ -‬أن اختبارات الدم كشفت أن احتمال إصابته‬ ‫بمرض ألزهايمر أكرب بعرشة أضعاف من املعدل العادي‪ ،‬بسبب‬

‫سماته املوروثة‪ .‬ويضيف عطية أن التمارين الرياضية اليومية‬ ‫والنوم الجيد وتقليل التوتر قد تساعد جميعها يف تقليل فرص‬ ‫اإلصابة بهذا املرض‪.‬‬ ‫جدا يف البداية‪ .‬ولكن‬ ‫يقول هيمسوورث‪" :‬لقد كان األمر مخي ًفا ً‬ ‫اآلن‪ ،‬بفضل هذه املعلومات‪ ،‬هناك فرصة ألعيش حياة أفضل"‪.‬‬ ‫تشمل مغامرات هيمسوورث املثرية يف السلسلة‪ ،‬امليش عىل‬ ‫عارضة بناء بعرض نصف مرت عىل ارتفاع ‪ 275‬مرتًا فوق ميناء سيدين‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬تبقى هذه مشاهد بسيطة يف الحلقة الختامية حول قبول‬ ‫عمرا أطول‪.‬‬ ‫الواقع واملوت‪ ،‬والتي تحدد سبب توقنا للعيش ً‬ ‫جانبا‬ ‫مرة‬ ‫كل‬ ‫يف‬ ‫خالل بضع لحظات‪ ،‬يواجه هيمسوورث‬ ‫ً‬ ‫من جوانب الشيخوخة‪ .‬إذ يرتدي بذلة من تصميم "معهد‬ ‫ماساتشوسيتس للتقنية" تعمل عىل إثقال الوزن وتقييد الحركة‬ ‫وحاستي السمع والبرص‪ ،‬وتقليد ما قد يشعر به املمثل يف أواخر‬ ‫الثمانينات من عمره‪ .‬كما يستمع هيمسوورث إىل األشخاص‬ ‫القريبني من املوت ويتأمل ويتدبر يف األمور األهم‪ .‬ثم تقوده‬ ‫التجربة نحو امرأة تبدو أكرب س ًنا‪ ،‬تجلس وهي توليه ظهرها‪،‬‬ ‫وما إن يلمس كتفها حتى يدرك أنها زوجته‪" ،‬إلسا باتايك"‪ ،‬وقد‬ ‫أضيفت إىل محياها مساحيق تجميل توحي بتقدمها الطاعن يف‬ ‫السن‪ .‬تستدير نحوه‪ ،‬ثم يتعانقان‪.‬‬ ‫أخب هيمسوورث بمشهد لقائه‬ ‫لم يكن فريق الوثائقي قد َ‬ ‫زوج َته؛ فقد أرادوا أن تكون ردة فعله طبيعية رصفة‪ .‬فجأة‪،‬‬ ‫يحاول أن َيلتفت إىل أيامه املعدودات املتبقية يف الحياة‪ ،‬ويبدو‬ ‫جوعا‪ .‬هل سبب‬ ‫جليا سبب تعرضه للتعرق والتجمد والتضور ً‬ ‫له ً‬ ‫كل هذا الحرص عىل الحياة هو‪ ..‬الحب؟‬ ‫"بالتأكيد"‪ ،‬يقول هيمسوورث وقد علت وجهه ابتسامة‪.‬‬ ‫ثم أردف‪" :‬من األسئلة األوىل التي طرحها عطية ع َ‬ ‫يل‪ :‬كيف‬ ‫ستبدو حياتك بعد ‪ 20‬عا ًما‪ ..‬بعد ‪ 30‬عا ًما؟ كيف تتصور موتك؟"‪.‬‬ ‫"امليتة الطيبة بالنسبة إيل‬ ‫يصمت‪  ‬هيمسوورث برهة ثم يقول‪ْ :‬‬ ‫هي تلك التي تأيت بعد أن أكون قد حييت حياة طيبة"‪j .‬‬ ‫جاكلين كاتلر صحافية مخضرمة دائمة الحضور على شاشات‬ ‫التلفزيون‪ .‬كتبت في وقت سابق عن سلسلة ناشيونال‬ ‫جيوغرافيك‪.)Welcome to Earth( ،‬‬

‫اختبارا‬ ‫َأ َت َّم هيمسوورث‬ ‫ً‬ ‫لردود فعل الجسم إزاء‬ ‫الخوف؛ إذ تسلق ً‬ ‫حبل‬ ‫مع ً‬ ‫لقا‬ ‫مترا كان َ‬ ‫بطول ‪ً 30‬‬ ‫تحت عربة "تلفريك" تعلو‬ ‫أحد وديان "الجبال الزرقاء"‬ ‫في أستراليا‪.‬‬ ‫‪ 30‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫الصورتان‪ ،Craig Parry :‬من ناشيونال جيوغرافيك لحساب ‪.+Disney‬‬

‫ناشيونال جيوغرافيك‬

‫يناير ‪2023‬‬ ‫علم طول األعمار ‪32..........‬‬ ‫خراف البحر ‪66...................‬‬ ‫مملكة موستانغ ‪92............‬‬

‫التحقيقات‬

‫‪92‬‬

‫ما يزال هذا القصر‪ ،‬الذي تعرض لزلزال شديد عام‬

‫منتصبا فوق إحدى تالل قرية "تسارانغ" في‬ ‫‪،2015‬‬ ‫ً‬

‫موستانغ‪ ،‬حيث يتيح موقعه االستراتيجي رؤية قمم‬ ‫جبال "أنابورنا" الثلجية‪.‬‬

‫الصورة‪Cory Richards :‬‬

‫‪ 67‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫يتسلح العلماء بأحدث التقنيات للكشف عن تعقيدات شيخوخة اإلنسان‪،‬‬

‫ُعمر‬ ‫قلم‪ :‬فران سميث‬

‫‪ 32‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫سع ًيـا البتكـار أدويـة تبطـئ وتيرتهـا أو حـتى تعكـس مسـارهـا‪.‬‬

‫عدسة‪ :‬جاسبر دوست و ديفيد غاتنفيلدر و نيكول سوبيكي و ميالني وينغر‬

‫وأفضـل‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪33‬‬ ‫ ‬

‫‪ 34‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫إلى أي مدى يمكن‬ ‫للعلماء تمديد‬ ‫أمد حياتنا؟ وإلى‬ ‫أي مدى ينبغي أن‬ ‫يذهبوا في ذلك؟‬

‫لفهم الشيخوخة‪ ،‬يبحث‬ ‫العلماء عن أدلة في‬ ‫الحيوانات‪ ،‬مثل تلك التي‬ ‫درسها "مشروع أبحاث‬ ‫بابون أمبوسيلي" المستمر‬ ‫عاما في كينيا‪.‬‬ ‫منذ ‪ً 51‬‬ ‫ضمن اإلطار ذاته‪ ،‬يستعد‬ ‫"بيرنارد أوياث" و"جاكسون‬ ‫عينات من‬ ‫واروتيري" ألخذ ّ‬ ‫الدم وعينات أخرى من قرد‬ ‫بابون يدعى "أولدوفاي"‪،‬‬ ‫تم تخديره ومن ثم أعيد‬ ‫إلى البرية‪ .‬وجد العلماء‬ ‫قردة‬ ‫العاملون بالمشروع أن َ‬ ‫البابون التي تتمتع ِبصالت‬ ‫اجتماعية قوية في مرحلة‬ ‫البلوغ‪ ،‬يمكن أن تتعافى‬ ‫من اآلثار الصحية الضارة‬ ‫جهدة‪.‬‬ ‫لطفولة ُم ِ‬ ‫‪Nichole Sobecki‬‬

‫الصورة السابقة‬

‫ثوان على والدة‬ ‫بعد‬ ‫ٍ‬ ‫"توماسو سيتي"‪ُ ،‬فحصت‬ ‫عالماته الحيوية في‬ ‫"مستشفى بيوريغارد" في‬ ‫أوستا بإيطاليا‪ .‬من المرجح‬ ‫جدا أن يعيش األطفال‬ ‫ً‬ ‫الذين يولدون اليوم في‬ ‫البلدان المزدهرة حتى‬ ‫التسعينات من العمر‪.‬‬ ‫مع تقدم العالم في‬ ‫السن بصورة ملحوظة‪،‬‬ ‫تزداد أهمية البحث في‬ ‫إبطاء الشيخوخة أو عكس‬ ‫مسارها‪.‬‬ ‫‪Melanie Wenger‬‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪35‬‬ ‫ ‬

‫‪ 36‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫تؤرجح "ميرسادا مهيناجيتش"‬ ‫عاما) حفيدتها "سلمى"‬ ‫(‪ً 65‬‬ ‫البالغة من العمر عامين‪،‬‬ ‫فيما يراقب زوجها "ميرساد"‬ ‫المشهد وقد‬ ‫عاما)‬ ‫َ‬ ‫(‪ً 66‬‬ ‫ارتسمت على وجهه عالمات‬ ‫الحيرة والدهشة‪ ،‬لدى شرفة‬ ‫منزلهم في سراييفو بالبوسنة‬ ‫والهرسك‪ .‬تقول‪" :‬مع وجود‬ ‫األطفال من حولنا‪ ،‬يجب أن‬ ‫كثيرا‪ .‬هذا يبقينا‬ ‫أغني وأقفز‬ ‫ً‬ ‫صغارا"‪ .‬تطور البشر ليصبحوا‬ ‫ً‬ ‫نشيطين‪ ،‬لذا فإن أسلوب حياة‬ ‫كبار السن الخامل محفوف‬ ‫بالمخاطر؛ ولكن حتى أبسط‬ ‫التمارين الرياضية يمكن أن‬ ‫تحسن الصحة البدنية والعقلية‪.‬‬ ‫‪Jasper Doest‬‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪37‬‬ ‫ ‬

‫‪ 38‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫يبدو أنه يمكن‬ ‫تحسين أدائنا‬ ‫البيولوجي من أجل‬ ‫إطالة عمرنا‪ .‬وثمة‬ ‫ثروات ال حصر لها‬ ‫بانتظار من يفك‬ ‫الشفرة‪.‬‬

‫"مات كايبرالين" (‪51‬‬ ‫ْ‬ ‫عاما)‪ ،‬أستاذ علم األمراض‬ ‫ً‬ ‫لدى "جامعة واشنطن"‪،‬‬ ‫كيلوجراما من‬ ‫يرفع ‪138‬‬ ‫ً‬ ‫األثقال في مرآب منزله‬ ‫بواشنطن‪ .‬يعتقد أن‬ ‫التمارين الرياضية أهم‬ ‫وسيلة للوقاية ضد المرض‬ ‫واإلعاقة في الشيخوخة‪،‬‬ ‫لكنه مثل العلماء اآلخرين‪،‬‬ ‫يأمل العثور على أدوية‬ ‫ُمساعدة‪َ .‬يدرس كايبرالين‬ ‫مدى قدرة "الراباميسين"‪،‬‬ ‫وهو دواء يستخدم لمكافحة‬ ‫رفض الجسم لألعضاء‬ ‫المزروعة‪ ،‬على زيادة عمر‬ ‫الكالب وتقليل اإلصابة‬ ‫باألمراض المرتبطة بالعمر‪.‬‬ ‫أحد أسباب اختياره دراسة‬ ‫الحيوانات األليفة هو‬ ‫أنها تعيش مع اإلنسان‪،‬‬ ‫وتشاركه البيئة نفسها‪.‬‬

‫‪David Guttenfelder‬‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪39‬‬ ‫ ‬

‫العلمــاء‬ ‫بارعــون في‬ ‫جعل الفئران‬ ‫تعيـش عمرًا‬ ‫أطـــول‪.‬‬

‫يزيد "راباميسني"‪ ،‬الذي ُيوصف عىل نطاق واسع للحيلولة دون‬ ‫رفض الجسم للعضو املزروع‪ ،‬متوس َ‬ ‫ط أمد حياة الفرئان يف منتصف‬ ‫العمر بنسبة تبلغ ‪ 60‬باملئة‪ .‬وتساعد األدويةُ املسماة "محلالت‬ ‫الشيخوخة" الفرئانَ امل ُسنّة عىل البقاء نشيطة زمنًا طويال بعد نفوق‬ ‫أقرانها‪ .‬ويحافظ عقارا داء السكري‪" ،‬ميتفورمني" و"أكاربوز" اللذان‬ ‫يضعان قيودا شديدة عىل السعرات الحرارية فضال عن تدخالت‬ ‫عالجية أخرى‪ ،‬عىل حيوية فرئان املختربات مدة طويلة بعد انتهاء‬ ‫أمدها االفرتايض‪ .‬أما أحدث مرشوع فهو اخرتاق عملية الشيخوخة‬ ‫نفسها عرب إعادة برمجة الخاليا امل ُسنّة إىل وضع أصغر سنا‪.‬‬ ‫تقول "سينثيا كينيون"‪ ،‬عاملة األحياء الجزيئية التي حفز عملُها‬ ‫بحثيا‪" :‬لو أنك فأر لكنت مخلوقًا‬ ‫هوسا‬ ‫ً‬ ‫الرائد قبل عقود ما بات اليوم ً‬ ‫محظوظا ألن ثمة طرقا كثرية إلطالة أمد حياتك‪ .‬والفرئان طويلة‬ ‫العمر تبدو سعيدة للغاية"‪.‬‬ ‫وماذا عنّا؟ إىل أي مدى يمكن للعلماء إطالة أعمارنا؟ وإىل أي‬ ‫مدى ينبغي أن يذهبوا؟ بني عامي ‪ 1900‬و‪ ،2020‬زاد متوسط أمد حياة‬ ‫اإلنسان عىل الضعف‪ ،‬ليصل إىل ‪ 73.4‬سنة‪ .‬إال أن هذا املكسب الكبري‬ ‫كان له ثمن‪ :‬ارتفاع مذهل يف نسبة األمراض املزمنة والتنكسية‪.‬‬ ‫ويظل التقدم يف السن أكرب عامل خطر لإلصابة بالرسطان وأمراض‬ ‫القلب وألزهايمر والسكري من النوع ‪ 2‬والتهاب املفاصل وأمراض‬ ‫الرئة وكل األمراض الرئيسة األخرى تقريبا‪ .‬ومن الصعب تخيل أي‬ ‫أعواما إضافية‬ ‫عمرا أطول إذا كان ذلك يعني‬ ‫ً‬ ‫شخص يريد العيش ً‬ ‫من الوهن واالعتماد عىل الغري‪.‬‬ ‫لكن إذا أدت تجارب الفرئان تلك إىل صنع عقاقري ُتصلح‬ ‫‪ 40‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُيجري طبيب القلب البيطري‬ ‫"ريان بوموارت" مخطط‬ ‫صدى القلب لكلب ُيدعى‬ ‫"جو بوب" في "جامعة‬ ‫والية واشنطن"‪ ،‬ضمن‬ ‫دراسة "كايبرالين" لمدى‬ ‫قدرة الراباميسين على‬ ‫مقاومة الشيخوخة‪.‬‬ ‫‪David Guttenfelder‬‬

‫بال حدود مع كريس‬ ‫هيمسوورث‬

‫شاهد هذه السلسلة حول‬ ‫اإلمكانات البشرية ومحاربة‬ ‫الشيخوخة من خالل ناشيونال‬ ‫جيوغرافيك‪ ،‬تعرض اآلن على‬

‫االضمحالل الجزيئي والكيميايئ الحيوي الذي ُيشكل أساس‬ ‫كثري من املشكالت الصحية عند تقدم السن‪ ،‬أو إىل عالجات‬ ‫تبطئ ‪-‬أو تمنع‪ ،‬يف أفضل األحوال‪ -‬ذلك الخراب الخلوي‬ ‫وتبعاته‪ ،‬فحينئذ سيبلغ عمر العديد منا منتصف الثمانينات أو‬ ‫التسعينات من دون األوجاع واألمراض التي تجعل من تلك‬ ‫األعوام اإلضافية نعمة غري مكتملة‪ .‬وقد يبلغ املزيد منّا ما ُيعتقد‬ ‫أنه الحد األقىص الطبيعي لعمر اإلنسان‪ ،‬وهو من ‪ 120‬إىل ‪125‬‬ ‫سنة؛ والحال أن قلة من الناس فقط تقرتب من املئة‪ ،‬فما بالك‬ ‫بما بعدها‪ .‬يف األمم الصناعية‪ ،‬يصل واحد من كل ‪ 6000‬شخص‬ ‫إىل سن املئة عام‪ ،‬وواحد من خمسة ماليني شخص يتجاوز ‪110‬‬ ‫أعوام‪ .‬وحاملة الرقم القيايس لهذا األمد‪" ،‬جني كاملان" من‬ ‫عاما و‪ 164‬يوما‪.‬‬ ‫فرنسا‪ ،‬توفيت عام ‪ 1997‬عن عمر بلغ ‪ً 122‬‬ ‫يبدو أن البيولوجيا البرشية قابلة للتحسني من أجل إطالة‬

‫العمر‪ .‬وثمة ثروات خيالية تنتظر من يفك هذه الشفرة‪ .‬وال‬ ‫غرو أن املستثمرين يضخون املليارات محاولني تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫وقادت رشكة "غوغل" موجة اإلنفاق هذه بإطالقها يف عام‬ ‫‪ 2013‬مرشوع (‪ ،)Calico Life Sciences‬حيث َتشغل كينيون‬ ‫مر األعوام‬ ‫منصب نائبة الرئيس ألبحاث الشيخوخة‪ .‬وعىل ّ‬ ‫القليلة املاضية‪ ،‬جاء االستثمار يف هذا القطاع من أباطرة التقنية‪،‬‬ ‫ومليونريات مجال العمالت املشفرة‪ ..‬وغريهم‪ .‬فيبدو أن كل‬ ‫شخص لديه أموال يراهن عىل التوصل إىل االكتشاف الحاسم‬ ‫األكرب‪ ،‬أو األول‪ ،‬يف أبحاث الشيخوخة‪.‬‬ ‫إن هذه األبحاث مدعومة بالذكاء الصناعي‪ ،‬والبيانات‬ ‫الضخمة‪ ،‬وإعادة الربمجة الخلوية‪ ،‬واستيعاب متزايد بشأن‬ ‫مليارات الجزيئات التي تحافظ عىل أبداننا حية‪ .‬بل إن بعض‬ ‫الباحثني يتحدثون عن "عالج" الشيخوخة‪.‬‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪41‬‬ ‫ ‬

‫لقد طارد البرش أحالم الشباب األبدي قرونًا عديدة‪ .‬لكن‬ ‫دراسة الشيخوخة وطول العمر ظلت عمال علميا راكدا منذ نحو‬ ‫‪ 30‬عاما‪ ،‬حتى إن سينثيا واجهت صعوبة يف استقطاب باحثني‬ ‫شباب ملساعدتها يف التجارب التي فتحت باب هذا املجال عىل‬ ‫مرصاعيه‪ .‬مل ّا كانت سينثيا حينها تعمل يف "جامعة كاليفورنيا‪،‬‬ ‫عدلَت مو ّ ِرثة (جني) واحدة يف ديدان صغرية‬ ‫سان فرانسيسكو"‪ّ ،‬‬ ‫تسمى "الربداء الرشيقة"‪ ،‬فضاعفت أمد حياتها‪ .‬هنالك تحركت‬ ‫ُحورة بنشاط يعادل تلك األصغر سنا‪ ،‬منزلقةً‬ ‫هذه الديدان امل َّ‬ ‫ُحورة ترقد بخمول‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫غري‬ ‫قريناتها‬ ‫ظلت‬ ‫فيما‬ ‫املجهر؛‬ ‫بخفة تحت‬ ‫َّ‬ ‫مثل كومة‪.‬‬ ‫طيعة؛ إذ‬ ‫مرنة‬ ‫الشيخوخة‬ ‫أن‬ ‫املذهل‬ ‫كينيون‬ ‫اكتشاف‬ ‫أظهر‬ ‫ّ‬ ‫املورثات واملسارات الخلوية واإلشارات الحيوية‬ ‫تتحكم فيها ّ‬ ‫الكيميائية‪ .‬تقول‪" :‬لقد تحول البحث يف هذا املجال من عالم‬ ‫ِ‬ ‫تاح للجميع‪ .‬لذا رشع‬ ‫وم ٌ‬ ‫الغموض إىل علم مألوف يفهمه الجميع ُ‬ ‫الباحثون يف اقتحامه"‪.‬‬ ‫مع ذلك فإن تأجيل نفوق الديدان والفرئان ال يعني أن‬ ‫األمر سيرسي عىل البرش‪ .‬ق َُبيل عام ‪ ،2020‬ظهر أن "محلالت‬ ‫الشيخوخة"‪ ،‬التي تقتل الخاليا الضارة التي ترتاكم مع التقدم‬ ‫يف العمر‪ ،‬مرشحةٌ بقوة لتصبح أول عالج مضاد للشيخوخة‬ ‫يحظى باملوافقة من لدن الجهات الرسمية‪ .‬لكن إحدى أوىل‬ ‫التجارب الرسيرية‪ ،‬وهي دراسة طال انتظارها لعالج التهاب‬ ‫املفاصل‪ ،‬كشفت أنها لم تقلل من التورم أو آالم املفاصل أفضل‬ ‫من العالجات الوهمية‪ .‬ويقوم الباحثون ورشكات التقنية الحيوية‬ ‫اآلن باختبار محلالت الشيخوخة من أجل عالج ألزهايمر يف‬ ‫املطولة‪ ،‬وأمراض الكىل املزمنة‪،‬‬ ‫مراحله املبكرة‪ ،‬وحاالت كوفيد‬ ‫َّ‬ ‫ووهن الناجني من الرسطان‪ ،‬ومضاعفات السكري التي تسبب‬ ‫ً‬ ‫كبات‬ ‫العمى‪.‬‬ ‫فضل عن ذلك‪ُ ،‬تجرى تجارب رسيرية عىل ُم َر ّ‬ ‫أي‬ ‫أخرى مضادة للشيخوخة‪ .‬لكن إىل حدود الساعة لم َينَل ُّ‬ ‫الرتخيص‬ ‫من األدوية التجريبية ذات اآلثار املبهرة عىل الفرئان‬ ‫َ‬ ‫لولوج السوق‪.‬‬ ‫مقاربات مختلفة كثرية؛‬ ‫املجال‬ ‫بهذا‬ ‫"ثمة‬ ‫كينيون‪:‬‬ ‫تقول‬ ‫ٌ‬ ‫وال نعلم ما إذا كان أي منها سيعمل‪ .‬لكن ربما ستعمل جميعها‪.‬‬ ‫وربما تكون التوليفات بينها رائعة‪ .‬البرشى اآلن هي أن الناس‬ ‫َتق َّبلوا ‪-‬باملعنى الحريف للكلمة‪ -‬هذا الرضب من العلم عىل أنه‬ ‫حقيقي‪ .‬إنهم متحمسون إزاء النتائج املمكنة‪ .‬علينا فقط تجربة‬ ‫حاليا"‪.‬‬ ‫الكثري من األشياء‪ ..‬وهذا ما يفعله الباحثون ً‬

‫ـــمـــر‬ ‫ُع ْ‬

‫"والت كرومبتون"‪ ،‬مهندس الطب الحيوي املتقاعد يف "وادي‬ ‫عاما‪ .‬لديه شعر أبيض كثيف ولحية بيضاء‬ ‫السليكون"‪ ،‬هو ‪ً 69‬‬ ‫صغرية مشذّ بة‪ ،‬وكذا رؤية قاتمة إزاء التقدم يف السن‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫املرء‬ ‫"أنا يف السن التي أدنو فيها ً‬ ‫رويدا رويدا من النهاية‪َ .‬ينظر ُ‬

‫‪ 42‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫متصاعدا من أقرانه يموتون‪ ،‬إذ ُيصابون‬ ‫من حوله فريى عد ًدا‬ ‫ً‬ ‫بأمراض مروعة‪ُ .‬يحس بقليل من األوجاع واآلالم‪ ،‬وفجأة تؤمله‬ ‫ركبته عند الركض‪ ..‬ثم تبدأ سلسلة من األعطاب املستمرة‪ :‬فإن‬ ‫الداء‪ ،‬فإنه اآلخر‪ ،‬أو اآلخر‪."..‬‬ ‫لم يكن هذا‬ ‫َ‬ ‫غريبا أن يصبح كرومبتون‬ ‫بالنظر إىل هذه العقلية‪ ،‬ليس‬ ‫ً‬ ‫مهووسا بأبحاث الشيخوخة وإطالة أمد الحياة‪ .‬اط ّلع عىل تلك‬ ‫ً‬ ‫الدراسات املتعلقة بالفرئان‪ ،‬وأسهم يف أبحاث طول العمر لدى‬ ‫مخترب متخصص‪ ،‬وحرض مؤتمرات َت َح َّدث خاللها العلماء‬ ‫عن "سمات" الشيخوخة والطرق املرتابطة التي تنحرف بها‬ ‫البيولوجيا مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫املسماة ُجسيمات‬ ‫تتقلص األغشية الواقية للكروموسومات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫طرفية (‪ .)Telomeres‬ويصبح الجينوم غري مستقر‪ ،‬فتزداد‬ ‫طفرات الحمض النووي املسببة للرسطان‪ .‬وتطرأ تغيريات عىل‬ ‫كبات‬ ‫ما يسمى "ما فوق الجينوم" (‪ ،)Epigenome‬وهي ُم َر ّ‬ ‫املورثات‪ .‬وتصاب بعض‬ ‫تلتصق بالحمض النووي و ُتنظ ّم نشاط ّ‬ ‫الخاليا بالشيخوخة‪ ،‬ما يعني أنها تتوقف عن العمل بصورة‬ ‫طبيعية‪ ،‬لكنها ‪-‬مثل الزومبي‪ -‬ال تموت‪ ،‬وتفرز مواد كيميائية‬ ‫تسبب االلتهابات‪.‬‬

‫يمين‬

‫تفحص "روشيل‬ ‫بوفنشتاين"‪ ،‬أستاذة‬ ‫أبحاث في "جامعة إلينوي"‬ ‫بشيكاغو‪ ،‬جرذ الخلد‬ ‫عقودا‬ ‫العاري‪ .‬وقد أمضت‬ ‫ً‬ ‫في دراسة هذه الثدييات‬ ‫طويلة العمر‪ً ،‬‬ ‫بحثا عن طرق‬ ‫لتكييف سماتها الفريدة‬ ‫لمنع بعض اآلثار الضارة‬ ‫للشيخوخة على البشر‪.‬‬

‫‪David Guttenfelder‬‬

‫أسفل‬

‫خفاش أصفر الجناح في يد‬ ‫عالم أحياء بأوغندا‪ .‬إن ‪18‬‬ ‫من أصل الـ ‪ 19‬حيوان ثديي‬ ‫عمرا أطول‬ ‫التي تعيش‬ ‫ً‬ ‫نسبيا مقارنة مع البشر‬ ‫ً‬ ‫بناء على حجم الجسم‪ ،‬هي‬ ‫ً‬ ‫خفافيش‪( .‬جرذ الخلد العاري‬ ‫هو الـ ‪ .)19‬تُ بهر الخفافيش‬ ‫العلماء ألنها تحمل‬ ‫فيروسات قاتلة ولكنها ال‬ ‫تتأثر بها‪.‬‬

‫‪Nichole Sobecki‬‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪43‬‬ ‫ ‬

‫لقد طاردنا أحالم‬ ‫الشباب األبدي‬ ‫منذ قرون‪ .‬لكن‬ ‫دراسة الشيخوخة‬ ‫وطول العمر لم‬ ‫تظهر في حلتها‬ ‫العلمية إال مؤخ ًرا‪،‬‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫قبل ‪ً 30‬‬

‫تقول "غرازيا كوزمانو"‬ ‫(‪ 102‬سنة)‪" :‬ال تأكلوا‬ ‫كثيرا‪ ،‬والتزموا بالفواكه‬ ‫ً‬ ‫والخضراوات‪ .‬اِ جعلوا غذاءكم‬ ‫ً‬ ‫بسيطا قدر اإلمكان"‪ .‬هذه‬ ‫هي الطريقة التي أصبحت‬ ‫بها كوزمانو واحدة ضمن‬ ‫للمعمرين‬ ‫تجمع غير عادي‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫في منطقة كاالبريا‬ ‫وفقا لقول‬ ‫اإليطالية؛ وذلك‬ ‫ً‬ ‫عالم الكيمياء الحيوية "فالتر‬ ‫لونغو" من "جامعة جنوب‬ ‫كاليفورنيا"‪ .‬يعرف لونغو‪،‬‬ ‫يتحدر والداه من مدينة‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫مولوتشيو مسقط رأس‬ ‫كوزمانو‪ ،‬هذه المرأة منذ‬ ‫الطفولة‪ .‬عندما بلغت الـ‬ ‫‪ 100‬من العمر‪ ،‬أضافها إلى‬ ‫دراسته عن المعمرين في‬ ‫كاالبريا ونظامهم الغذائي‪.‬‬

‫‪Jasper Doest‬‬

‫‪ 44‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪45‬‬ ‫ ‬

‫قد يساعد الصوم في تفسير‬ ‫سبب وجود الكثير من‬ ‫المعمرين في كاالبريا‪ .‬يقول‬ ‫َّ‬ ‫لونغو إنهم في السنوات‬ ‫العجاف كانوا يأكلون القليل‪،‬‬ ‫ربما المعكرونة (أدناه) بزيت‬ ‫الزيتون والبقوليات فقط‪.‬‬ ‫الختبار ما إذا كان النظام‬ ‫الغذائي الذي يحاكي الصوم‬ ‫يمكنه إعادة ضبط األيض‬ ‫في الجسم‪ُ ،‬يجري لونغو‬ ‫ً‬ ‫أبحاثا على ‪ 500‬شخص من‬ ‫المنطقة يعانون مشاكل‬ ‫صحية‪ ،‬مثل البدانة‪ .‬مدة‬ ‫خمسة أيام كل ثالثة أشهر‪،‬‬ ‫سيأكل بعضهم ما يكفي‬ ‫مزيجا من‬ ‫فقط لدرء الجوع‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ألواح الجوز أو الشوكوال‬ ‫ّ‬ ‫الهشة‪ ،‬شاي النعناع أو‬ ‫الكركديه‪ ،‬كبسولة زيت‬ ‫مكم ًل‬ ‫نباتيا‪،‬‬ ‫حساء‬ ‫الطحالب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫غذائيا متعدد الفيتامينات‬ ‫ً‬ ‫والمعادن‪ ،‬مقرمشات اللوز‬ ‫واللفت‪ ،‬الزيتون‪ ،‬ومشروب‬ ‫الجلسرين‪ .‬يقول لونغو‪:‬‬ ‫"نأمل أن نُ ثبت أن هذا النظام‬ ‫يغير صحة معظم الناس"‪.‬‬ ‫معا)‬ ‫‪( Jasper Doest‬الصورتان ً‬

‫‪ 46‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫َتحدث اضطرابات عىل مستوى املسارات التي تستجيب‬ ‫للمغذِّ يات والدهون والكوليسرتول؛ مما يؤدي إىل تقويض‬ ‫ُ‬ ‫عملية االستقالب‪ .‬القائمة تطول وتطول‪ .‬وليس ثمة إجماع‬ ‫بعضا‪ ،‬أو‬ ‫للعلماء بشأن كيفية تأثري هذه التغيريات يف بعضها ً‬ ‫ّأيها أهم للتصدي له ً‬ ‫أول‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يف أحد املؤتمرات‪ ،‬سمع كرومبتون عال ًما يدعى "غريغوري‬ ‫فاهي" يرشح نظريته القائلة إن الشيخوخة املناعية قابلة ألن‬ ‫نعكس مسارها من خالل عالج الغدة الصعرتية (‪،)Thymus‬‬ ‫وهي غدة صغرية يف الصدر تحفز نمو الخاليا التائية املقاومة‬ ‫لألمراض‪ .‬كان فاهي يبحث عن متطوعني الختبار فكرته أنّ‬ ‫حقن هرمون النمو البرشي املؤتلف‪ ،‬وهو دواء ظل ُيستخدم‬ ‫منذ عقود يف عالج األطفال ذوي القامات القصرية‪ ،‬من‬ ‫شب َب الغدة الصعرتية ودفاعات الجسم املتضائلة‬ ‫شأنه أن ُي ِّ‬ ‫ضد املرض‪ .‬كان فاهي قد حقن نفسه بذلك الهرمون فرتات‬ ‫متقط ّعة طيلة ثمانية أعوام؛ ِ‬ ‫وبشعره البني الداكن الكثيف‬ ‫وحماسته الشبابية‪ ،‬ظهر يف هيأة ُيحسد عليه بالنسبة إىل رجل‬ ‫يف سن التقاعد‪ .‬انخرط كرومبتون يف أبحاث فاهي‪.‬‬

‫فــاهــي‪ ،‬كبيــر املسؤوليــن العلميــني يف شـــــركـة‬ ‫(‪ )Intervene Immune‬الكائن مقرها يف كاليفورنيا‪ ،‬معروف‬ ‫طور تقنية‬ ‫جدا بصفته عالم أحياء َب ْردية (‪َّ )Cryobiologist‬‬ ‫لحفظ الكىل من خالل حقنها بغليكول اإلثيلني وتخزينها يف‬ ‫درجة حرارة ‪ 135‬مئوية تحت الصفر إىل أن يحني وقت زرعها‪.‬‬ ‫وأحدث ضجة إ ْذ أعاد تدفئة دماغ أرنب عىل نحو شبه كامل‪،‬‬ ‫معز ًزا اآلمال يف العثور عىل طريقة لتمكني أدمغة الثدييات‬ ‫ومنها أدمغة البرش‪ -‬من البقاء حية رغم حفظها بالتجميد‪ .‬لكن‬‫مر عقود‪ ،‬منذ أن اطلع‬ ‫فاهي كان مفتونا بالغدة الصعرتية عىل ّ‬ ‫عىل دراسة أجراها علماء جددوا أجهزة املناعة لدى الفرئان من‬ ‫خالل زرع الخاليا التي تفرز هرمون النمو‪ .‬يعتقد الرجل أن‬ ‫ُجل األدوية التي ُتطيل عمر الفرئان س ُتخيب آمالنا‪ ،‬ألنها "ال‬ ‫تفعل شيئا إزاء منع النظام املناعي من سلك االتجاء اليسء"‪.‬‬ ‫إن هرمون النمو البرشي املؤتلف واقع خارج نطاق براءة‬ ‫االخرتاع؛ ومن ثم فإن إعادة توجيهه نحو االستخدام يف‬ ‫مكافحة الشيخوخة لن يفيض إىل تحقيق مكاسب مالية لعقار‬ ‫جديد‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬فهو مرتبط بارتفاع مخاطر اإلصابة‬ ‫ببعض أنواع الرسطان‪ .‬حاول فاهي إثارة اهتمام علماء آخرين‬ ‫إلجراء تجربة رسيرية لكنه أخفق‪ .‬يقول‪" :‬أخذت األمور عىل‬ ‫بناء عىل ما ُيتاح يل من‬ ‫عاتقي وبدأت يف تجديد غديت الصعرتية ً‬ ‫دراسة الفرئان"‪ .‬وبحكم أن العقار قد يزيد خطر اإلصابة بداء‬ ‫السكري من النوع الثاين‪ ،‬أضاف فاهي عقارين‪ :‬ميتفورمني‬ ‫وديهايدروإبياندروستريون‪ ،‬وهو هرمون ُي َحسن تنظيم نسبة‬ ‫ويعتقَد أيضا أن هذين العقارين يخففان من‬ ‫السكر يف الدم‪ُ .‬‬ ‫آثار الشيخوخة‪ ،‬وجرت العادة باستخدامهما لهذا الغرض‪ .‬إن‬ ‫امليتفورمني‪ ،‬الذي يتناوله ‪ 150‬مليون شخص يف أنحاء العالم‪،‬‬ ‫قد يقلل من اإلصابة باألمراض العصبية التنكسية والرسطان؛‬ ‫ويخطط باحثون أمريكيون إلجراء دراسة ملعرفة ما إذا كان‬ ‫يمنع أو يؤخر األمراض الرئيسة املرتبطة باملراحل العمرية‪ .‬لكن‬ ‫بعض العلماء الباحثني يف شأن طول العمر ال ينتظرون‪ :‬إنهم‬ ‫يستخدمون ميتفورمني يوميا‪.‬‬ ‫يقول كرومبتون إنه شعر للفور بنتائج النظام العالجي لفاهي‪.‬‬ ‫"بدا األمر كأين قادر عىل القفز فوق املباين الشاهقة بقفزة‬ ‫واحدة"‪ .‬فلقد تخلص من كيلوجرامات زائدة من دون ا ّتباع‬ ‫أي حمية غذائية‪ .‬وأخربين مشارك آخر يدعى "هانك بيليسيري"‬ ‫عاما) أن شعره الذي كان فيما مىض أبيض بدأ ينمو باللون‬ ‫(‪ً 70‬‬ ‫البني‪.‬‬ ‫وأظهرت االختبارات أن إنتاج الخاليا التائية ازداد مع‬ ‫ذلك العالج‪ ،‬واختفت دهون الغدة الصعرتية‪ ،‬وتحسنت صحة‬ ‫الكىل والربوستاتا‪ .‬األمر األكرث إثارة للدهشة هو أن الرجال‬ ‫فقدوا ‪-‬يف املتوسط‪ -‬عامني ونصف العام من العمر البيولوجي‪،‬‬ ‫وذلك وفقًا ملا تم قياسه بما يعرف باسم "ساعة التخلق املتوايل"‬ ‫الدم لقياس‬ ‫(‪ .)Epigenetic Clock‬و َتستخدم هذه األخري ُة‬ ‫َ‬ ‫التغريات الكيميائية يف الحمض النووي التي تغري التعبري الورايث‬ ‫وتؤرش إىل مرور الزمن‪.‬‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪47‬‬ ‫ ‬

‫العلماء‬ ‫َيدرس‬ ‫ُ‬ ‫كبا َر السن‬ ‫األصحاء و َيتتبعون‬ ‫المعمرين منهم‬ ‫َّ‬ ‫لمعرفة مدى‬ ‫قدرتهم على‬ ‫تحدي العمر‬ ‫الطبيعي المتوقع‪.‬‬

‫تختبر "جوان فالنتين"‬ ‫عاما) مشيتها في‬ ‫(‪ً 90‬‬ ‫"مستشفى هاربور"‪ ،‬ضمن‬ ‫"دراسة بالتيمور الطوالنية‬ ‫للشيخوخة"‪ .‬منذ زيارتها‬ ‫األولى في عام ‪،2012‬‬ ‫عادت ثماني مرات‪ .‬تم‬ ‫إطالق الدراسة في عام‬ ‫‪ ،1958‬وهي بذلك واحدة‬ ‫من أطول هذه الدراسات‬ ‫في العالم‪ .‬إذ تابع الباحثون‬ ‫أكثر من ‪ 3200‬شخص‪..‬‬ ‫بعضهم منذ أكثر من ‪50‬‬ ‫عينات‬ ‫عاما‪ .‬قاموا بجمع ّ‬ ‫ً‬ ‫من الدم والبول‪ ،‬وقياس‬ ‫القوة وخفة الحركة‪ ،‬وتقييم‬ ‫الوظيفة اإلدراكية‪ ،‬وإجراء‬ ‫اختبارات بدنية‪ .‬وتُ ستخدم‬ ‫المحصلة في آالف‬ ‫البيانات‬ ‫َّ‬ ‫األوراق العلمية‪.‬‬ ‫‪David Guttenfelder‬‬

‫‪ 48‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪49‬‬ ‫ ‬

‫رد الفعل على الضرر‬

‫أسباب الضرر‬

‫ً‬ ‫استجابة‬ ‫هذه العمليات مفيدة عندما تشتغل‬ ‫إلصابة تحدث على فترات متفرقة‪ ،‬أو ُ‬ ‫لش ّح‬ ‫الم ِّ‬ ‫غذيات؛ ولكن ليس عندما يتم تسريعها‬ ‫ُ‬ ‫بواسطة السمات المميزة األربع األولى‪.‬‬ ‫حين تتعرض هذه اآلليات الثالث العتداءات‬ ‫مستمرة أو مكثفة‪ ،‬فإنها تصبح ضارة‬ ‫قوض هدفها األصلي‪.‬‬ ‫وتُ ّ‬

‫تُ عد هذه السمات المميزة األربع‪،‬‬ ‫الطرق األساسية إللحاق الضرر بالخاليا‪.‬‬ ‫يمكن أن تكون اآلليات الخمس األخرى‬ ‫مفيدة في بعض األحيان‪ ،‬إال أن لها‬ ‫آثارا سلبية ال لبس فيها على‬ ‫ً‬ ‫جميعا ً‬ ‫الجسم‪ .‬إذ يمكن لكل منها إطالق‬ ‫سلسلة من العواقب التراكمية‪.‬‬

‫ـﻼل ري‬ ‫ﺘــــــ ـــﺪ‬ ‫ــــ ﻛﻨـ‬ ‫ــﻮ‬ ‫ﺘـ‬

‫اﻟﻤ اﺧ‬ ‫ﻴ‬

‫كيف تشيخ‬ ‫خـاليـانـا؟‬

‫ﻼﻳـــﺎ‬ ‫ﺧ‬ ‫ﺸﻜـــﻞ ﻣــﺒﻲ‬ ‫َﺗ ـــﺰو‬ ‫اﻟ‬

‫ﺣﻤﺾ‬ ‫ﻧﻮوي‬ ‫ﻏﻴﺮ‬ ‫ﻣﺮ َّﻣــﻢ‬

‫ﻋﻴﻮ‬ ‫اﻟﺤﻤ ب ﻓ‬ ‫ﻲﺗ‬ ‫ﺾ ا ﻨﻈ‬ ‫ﻟﻨﻮو ﻴﻢ‬ ‫ي‬

‫ا‬

‫ﻀﺮرة‬ ‫ﺔ‬ ‫أﻏﻠﻔ ﻟﻤﺘ‬ ‫ما‬ ‫ﺳﻮ‬ ‫ﻣﻮ‬ ‫ﺮو‬ ‫ﻟﻜ‬

‫ﺒﺮوﺗﻴﻨﺎت‬ ‫اﻟ‬ ‫اﻟﻤﻬ َّﺪدة‬

‫ا‬ ‫ﻻﺳﺘ‬ ‫ﻣﻨﺘﻈﻤ ﺠﺎﺑﺔ‬ ‫ﻏ‬ ‫ﻴ‬ ‫ﺮ‬ ‫ﺔ ﻟﻠ‬ ‫ُﻤﻐ ِّﺬ‬ ‫ﻳﺎت‬

‫ﻓ‬ ‫ا ﻘﺪ‬ ‫ﻟﺨ ان‬ ‫ﻼﻳﺎ وﻇ‬ ‫اﻟﺠﺬ ﻴﻔﺔ‬ ‫ﻋﻴﺔ‬

‫مر العقود الثالثة الماضية‪ ،‬حدد الباحثون في الطب‬ ‫على ّ‬ ‫عددا من اآلليات‪ ،‬أو "السمات المميزة" للشيخوخة‬ ‫الحيوي‬ ‫ً‬ ‫لشرح العمليات الخلوية والجزيئية التي تدمر الخاليا‪ .‬تم‬ ‫تجميعها هنا في ثالث فئات‪ ،‬تِ سع منها تقع في صميم الجهود‬ ‫تقنيا إلبطاء الشيخوخة‪ ،‬التي تشكل عامل التهديد‬ ‫المتطورة‬ ‫ً‬ ‫الرئيس باإلصابة بكثير من األمراض الفتاكة‪ ،‬كالسرطان‪.‬‬

‫ﺻﻞ‬ ‫ا‬ ‫ء اﻟﺘﻮ ﻼﻳﺎ‬ ‫ﺳﻮ اﻟﺨ‬ ‫ﺑﻴﻦ‬

‫ﺗﺸﺮﻳﺢ اﻟﺨﻠﻴﺔ‬ ‫اﻟﻜﺮوﻣﻮﺳﻮﻣﺎت‬ ‫ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﻮاة‬ ‫وﺗﺤﻮي اﻟﺸﻔﺮة‬ ‫اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻴﺘﻮﻛﻨﺪري‬ ‫ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺘﻮﺑﻼزم‬ ‫اﻟﻤﻐﺬﻳﺎت إﻟﻰ‬ ‫ِّ‬ ‫وﻳﺤﻮل‬ ‫ّ‬ ‫ﻃﺎﻗﺔ ﺧﻠﻮﻳﺔ‪.‬‬

‫اضمحالل تصاعدي‬

‫اﻟﻨــﻮاة‬

‫اﻟﺴﻴـﺘـــﻮﺑـــﻼزم‬ ‫ﻏ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﺎ ء ﺧ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﻠ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫ــ ﻮ ي‬

‫تُ برز هاتان السمتان المميزتان األخيرتان الضرر‬ ‫المتراكم من السبع السابقة‪ .‬إذ يمكن أن‬ ‫تتعرض األعضاء واألنسجة لتأثيرات سلبية‬ ‫ُم َّ‬ ‫ركبة عندما تتوقف الخاليا الجذعية عن التكاثر‬ ‫ويختل التواصل بين الخاليا‪ .‬يحاول العلماء‬ ‫فهم مدى وجود ترابط بين هاتين اآلليتين‪،‬‬ ‫اللتين يمكن أن تحدثا في وقت واحد‪.‬‬

‫‪ Jason Treat‬و ‪ ،Eve Conant‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪ Kelsey Nowakowski .‬الرسم‪Markos Kay :‬‬ ‫جيوغرافيك‬ ‫ناشيونال‬ ‫‪50‬‬ ‫من جامعة ألباما في بيرمنغهام‪ ،Manuel Serrano .‬من معهد البحث في الطب الحيوي‪ ،‬برشلونة‪.‬‬ ‫‪،Steven Austad‬‬ ‫المصادر‪:‬‬ ‫ ‬

‫داخل النواة‬

‫نظرا الحتواء النواة على الحمض‬ ‫النواة هي قلب الخلية‪ً .‬‬ ‫النووي‪ ،‬مخطط جميع األنشطة الخلوية‪ ،‬فإن أي ضرر‬ ‫خطيرا ويمكن أن ينتقل إلى الخلية بأكملها‪،‬‬ ‫داخلها يكون‬ ‫ً‬ ‫ُم ِ‬ ‫سيل من اآلثار السلبية‪.‬‬ ‫حد ًثا‬ ‫ً‬

‫سبب الضرر‬

‫مرمم‬ ‫حمض نووي غير َّ‬

‫تشكل األخطار التي ال تعد وال تحصى‪ ،‬مثل‬ ‫مستمرا للحمض النووي‪ .‬تُ َر ِّمز‬ ‫تهديدا‬ ‫التلوث‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جينوماتنا العمليات التي تتصدى للهجمات‪،‬‬ ‫دائما ويمكن أن‬ ‫لكن هذا الترميم ال ينجح‬ ‫ً‬ ‫تتراكم العيوب؛ مما يؤدي إلى اإلصابة‬ ‫بالسرطان وأمراض أخرى‪.‬‬

‫ُﺟﺴﻴﻢ ﻃﺮﻓﻲ ﻣﻀﻤﺤﻞ‬

‫سبب الضرر‬

‫َّ‬ ‫ﻣﺤﻄﻢ‬ ‫ﺣﻤﺾ ﻧﻮوي‬

‫عيوب في تنظيم‬ ‫الحمض النووي‬

‫ف شرائط الحمض النووي‬ ‫تُ َل ُّ‬ ‫حول بكرات من البروتينات‬ ‫تسمى الهستونات‪ .‬يتم تنشيط‬ ‫اعتمادا على‬ ‫المورثات وإيقافها‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مكان ارتباط مجموعات الميثيل‬ ‫بالحمض النووي والهستونات‪.‬‬ ‫عندما تتعطل هذه االرتباطات‪،‬‬ ‫يمكن أن يضعف التنسيق‬ ‫المورثات‪.‬‬ ‫الدقيق لنشاط‬ ‫ّ‬

‫ﻛﺮوﻣﻮﺳﻮم‬

‫ﻫﺴﺘﻮن‬ ‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻴﺜﻴﻞ‬ ‫ﺣﻤﺾ ﻧﻮوي ﺳﻠﻴﻢ‬

‫سبب الضرر‬

‫أغلفة الكروموسوم‬ ‫المتضررة‬

‫يحتوي الحمض النووي على أغطية واقية خاصة في‬ ‫الجسيمات‬ ‫محيطه‪ ،‬دورها كمثل دور أربطة الحذاء‪ ،‬تسمى ُ‬ ‫الطرفية (أو التيلوميرات)؛ وهي تَ قصر مع تقدم العمر‬ ‫وتضمحل‪ .‬عندئذ تبدأ الكروموسومات باالنهيار‪ ،‬مما‬ ‫يتسبب في موت الخاليا باألعضاء الحيوية‪.‬‬

‫ُﺟﺴﻴﻢ‬ ‫ﻃﺮﻓﻲ ﺳﻠﻴﻢ‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪51‬‬ ‫ ‬

‫التفاعالت‬ ‫الخلـويـة‬

‫تحتاج الخاليا إلى أن تكون قادرة على التواصل مع بعضها‬ ‫ً‬ ‫بعضا حتى تعمل أعضاء أجسامنا بالطريقة المثلى‪ .‬عندما َيتلف‬ ‫الحمض النووي أو الخاليا‪ ،‬كما هو موضح هنا في جدار األمعاء‪،‬‬ ‫ال تستطيع الخاليا استقبال اإلشارات الصحيحة‪.‬‬

‫رد الفعل على الضرر‬

‫تَ شكل خاليا الزومبي‬

‫المعيبة في حالة‬ ‫يمكن أن تدخل الخاليا َ‬ ‫عدم انقسام دائم تسمى الشيخوخة‪.‬‬ ‫تسمى أحيانً ا خاليا الزومبي‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫أدوارا مهمة في بعض األحيان‪ ،‬مثل‬ ‫تؤدي‬ ‫ً‬ ‫التئام الجروح‪ .‬لكنها تتراكم مع تقدم العمر‬ ‫أبدا‪ .‬تفرز هذه المارقات ً‬ ‫أيضا‬ ‫وال تموت ً‬ ‫جزيئات تضر الخاليا المجاورة‪.‬‬ ‫ﺧﻼﻳﺎ ﺷﺎﺋﺨﺔ‬

‫ﺧﻼﻳﺎ ﻣﻌﺎﻓﺎة‬

‫ﺧﻼﻳﺎ ﺷﺎﺋﺨﺔ‬

‫اضمحالل تصاعدي‬

‫فقدان وظيفة‬ ‫الخاليا الجذعية‬

‫تعتمد قدرة أجسامنا على ترميم األنسجة‬ ‫واألعضاء‪ ،‬على الخاليا الجذعية السليمة‪..‬‬ ‫المصدر الرئيس للخاليا الجديدة‪ .‬لكن‬ ‫الخاليا الجذعية تتكاثر عند الطلب فقط‪،‬‬ ‫وهي قدرة تضمحل مع تقدم العمر‪.‬‬

‫ﺧﻠﻴﺔ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫ﻫﺮﻣﻮﻧﺎت‬

‫ﻫﺮﻣﻮﻧﺎت‬

‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻼت ﻫﺮﻣﻮﻧﻴﺔ‬

‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻼت ﻫﺮﻣﻮﻧﻴﺔ‬

‫الخاليا الجذعية متعددة القدرات؛ مما يعني أنها‬ ‫محددة من الخاليا‪.‬‬ ‫قادرة على تكوين عدة أنواع َّ‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬

‫ﺧﻠﻴﺔ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫مع تقدمنا في العمر‪ ،‬تتوقف الخاليا الجذعية‬ ‫لدينا عن التكاثر؛ مما يقلل قدرتنا على‬ ‫استبدال األنسجة والخاليا التالفة‪.‬‬ ‫ﺧﻼﻳﺎ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬ ‫ﺧﻼﻳﺎ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ ﺟﺬﻋﻴﺔ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫ﻣﺤﺪدة‬ ‫ﺧﻠﻴﺔ‬ ‫َّ‬

‫‪ 52‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫اضمحالل تصاعدي‬

‫سوء التواصل بين الخاليا‬

‫يحافظ االتصال الدقيق بين الخاليا‪ ،‬الذي‬ ‫تسهله الهرمونات في الغالب‪ ،‬على عمل‬ ‫الجسم‪ .‬يمكن أن يؤدي اضطراب اإلشارات‬ ‫(ربما بسبب خاليا الزومبي أو عوامل أخرى‬ ‫غير معروفة)‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬إلى تحويل‬ ‫االستجابة المناسبة إلصابة مؤقتة إلى التهاب‬ ‫ثابت منخفض المستوى‪.‬‬

‫داخل الخلية‬

‫تشبه الخاليا المصانع التي تحوي العديد‬ ‫من األجزاء المهمة والمتفاعلة‪ .‬يؤدي تلف أي‬ ‫منها‪ ،‬بما في ذلك الميتوكوندري الذي يحول‬ ‫الطعام إلى طاقة‪ ،‬إلى اإلضرار بوظيفة الخلية‪.‬‬ ‫يمكن أن يؤثر هذا التدهور في نهاية المطاف‬ ‫في نواة الخلية ويؤدي إلى المرض‪.‬‬

‫اﻟﺴـــــــــﻴـــــــــﺘـــــــــﻮﺑــــــــــﻼزم‬

‫رد الفعل على الضرر‬

‫اﻟﺴـــــــــﻴـــــــــﺘـ‬

‫استجابة غير‬ ‫للم ِّ‬ ‫غذيات‬ ‫منتظمة ُ‬

‫بالم ِّ‬ ‫غذيات‬ ‫عندما نأكل‪ ،‬نزود خاليانا ُ‬ ‫التي تحتاج إليها للحفاظ على صحتنا‪.‬‬ ‫لكن المغذيات الزائدة يمكن أن تتجاوز‬ ‫قدرة الخاليا على تخزينها واستقالبها‪،‬‬ ‫مما يؤدي إلى تفاعالت سامة‪.‬‬

‫ُﻣ ِّ‬ ‫ﻐﺬﻳﺎت‬

‫ُﻣ ِّ‬ ‫ﻐﺬﻳﺎت‬

‫ﻣﺴﺎر‬ ‫اﺳﺘﻘﻼب‬

‫ﻣﺴﺎر‬ ‫اﺳﺘﻘﻼب‬

‫رد الفعل على الضرر‬

‫اختالل الميتوكوندري‬

‫ُينتج الميتوكوندري أكثر من ‪90‬‬ ‫وتقريبا جميع‬ ‫بالمئة من طاقة الخلية‬ ‫ً‬ ‫أيضا ّ‬ ‫الجذور الحرة‪ ،‬وتسمى ً‬ ‫مركبات‬ ‫األوكسجين التفاعلية‪ .‬حين تكون هذه‬ ‫الجزيئات غير المستقرة بكميات قليلة‪،‬‬ ‫فإنها يمكن أن تفيد في اإلشارة إلى‬ ‫اإلجهاد وكذا تحفيز الصيانة والترميم؛‬ ‫ساما‪.‬‬ ‫ولكن الكثير منها يمكن أن يكون ًّ‬

‫ّ‬ ‫ﻣﺮﻛﺒﺎت‬ ‫اﻷوﻛﺴﺠﻴﻦ‬ ‫اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ‬

‫ّ‬ ‫ﻣﺮﻛﺒﺎت‬ ‫اﻷوﻛﺴﺠﻴﻦ‬ ‫اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ‬ ‫اﻟﻤﻴﺘﻮﻛﻮﻧﺪري‬

‫اﻟﻤﻴﺘﻮﻛﻮﻧﺪري‬

‫ﺑﺮوﺗﻴﻦ ﻣﻄﻮي ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﻃﺊ‬

‫سبب الضرر‬

‫المهددة‬ ‫البروتينات‬ ‫َّ‬

‫لتنظيم التفاعالت الكيميائية وتوفير‬ ‫ِبنية الخلية‪ ،‬يجب أن تُ طوى البروتينات‬ ‫بأشكال دقيقة تشبه األوريغامي‪.‬‬ ‫عندما تُ صاب البروتينات‪ ،‬تنفتح وتصبح‬ ‫معا وتلتهم اآلالت‬ ‫لزجة‪ ،‬وتتكتل ً‬ ‫الخلوية بطرق يمكن أن تؤدي إلى‬ ‫أمراض مثل ألزهايمر وباركنسون‪.‬‬

‫ﺑﺮوﺗﻴﻦ ﻣﻄﻮي‬

‫ﺑﺮوﺗﻴﻦ ﻣﻄﻮي‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪53‬‬ ‫ ‬

‫ﺑﺮوﺗﻴﻦ‬

‫مواجهـة‬ ‫الحقـائــق‬

‫العمر مكتوب على وجوهنا‪ .‬مع‬ ‫تقدمنا في السن‪ ،‬تتمدد أفواهنا‪،‬‬ ‫وتتسع أنوفنا‪ ،‬وتتدلى جفوننا‪.‬‬ ‫وبالطبع هناك تجاعيد وترهل‪.‬‬ ‫تساءلت "جينغ دونغ جاكي هان"‪،‬‬ ‫الباحثة لدى "األكاديمية الصينية‬ ‫عما إذا كانت وجوهنا‬ ‫للعلوم"‪ّ ،‬‬ ‫تكشف عن عمرنا الفسيولوجي‪،‬‬ ‫والذي يمكن أن يختلف عن العمر‬ ‫الزمني بما يصل إلى ستة أعوام‪.‬‬ ‫قامت هي وزمالؤها بدمج صور‬ ‫وجوه صينية إلنشاء متوسطات‬ ‫(‪ .)Averages‬ووجد هؤالء العلماء أن‬ ‫استخدام نظام كاميرا ثالثية األبعاد‬ ‫والذكاء الصناعي لمقارنة الوجوه مع‬ ‫تلك المتوسطات‪ ،‬هو طريقة أكثر‬ ‫دقة للكشف عن تقدم السن من‬ ‫الفحص البدني أو فحص الدم‪ .‬توفر‬ ‫أيضا وسيلة غير باضعة‬ ‫هذه الطريقة ً‬ ‫لمساعدة األطباء في تحديد ما إذا‬ ‫كان عليهم التحقق من ارتفاع معدل‬ ‫الكوليسترول أو ضغط الدم أو غير‬ ‫ذلك من األمراض المرتبطة بالعمر‪.‬‬ ‫‪ ،Jing-Dong Jackie Han‬معهد ماكس‬ ‫بالنك الشريك للبيولوجيا الحاسوبية‪ ،‬أكاديمية‬ ‫العلوم الصينية‪ُ .‬أعيد استخدامها بإذن من‬ ‫‪.SPRINGER NATURE‬‬

‫العمر‪29-17 :‬‬ ‫المتوسط لدى اإلناث‬

‫‪39-30‬‬

‫‪49-40‬‬

‫العمر‪29-17 :‬‬ ‫المتوسط لدى الذكور‬

‫‪39-30‬‬

‫‪49-40‬‬

‫كانت دراسة فاهي‪ ،‬التي نُرشت عام ‪ 2019‬يف مجلة‬ ‫(‪ ،)Aging Cell‬أصغر من أن ُتثبت أي يشء‪ ،‬ولم ُيخضعها ملقارنة‬ ‫مع نظريتها يف العالج الوهمي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬قدمت التجربة اقرتا ًحا‬ ‫محيا بأن التدخل الطبي قد يخفض العمر البيولوجي للشخص‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وأُعجب بها "ستيف هورفاث"‪ ،‬الذي طور ساعة التخلق املتوايل‬ ‫التي أصبحت اآلن واسعة االستخدام يف أبحاث طول العمر‪.‬‬ ‫وصار عالم الوراثة واإلحصاء الحيوي هذا ‪-‬البالغ من العمر ‪55‬‬ ‫حاليا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عاما اآلن‪ -‬مشاركا يف التجربة األكرب التي ُيجريها فاهي ً‬ ‫عاما‪ ،‬نفسه ليكون فأر‬ ‫‪72‬‬ ‫العمر‬ ‫من‬ ‫البالغ‬ ‫فاهي‪،‬‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫هنالك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تجاربه الشخصية‪ ،‬إذ استأنف حقن نفسه بالهرمونات‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫"أنا أسري نحو الشيخوخة‪ ،‬لسوء الحظ‪ .‬الزمن يداهمني‪ .‬يجب‬ ‫أن أقوم بعميل برسعة إلنقاذ أي شخص آخر عالوة عىل إنقاذ‬ ‫نفيس"‪.‬‬ ‫‪ 54‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُعـــمـــر‬

‫عاما‪ .‬وقد تويف والدي وشقيقتيها‬ ‫والديت‪" ،‬دورويث"‪ ،‬اليوم ‪ً 98‬‬ ‫دائما‬ ‫املقربني‪ .‬شعرها الرمادي القصري ً‬ ‫األصغر وأحد أصدقائها ّ‬ ‫ما يبدو يف أحسن ُحلة‪ .‬إنها نحيفة وتميش ببطء مستند ًة إىل عكاز‪،‬‬ ‫لكنها تقف منتصبة‪ .‬تذهب يف معظم أيام األسبوع إىل مركز كبار‬ ‫دروسا يف التمارين‬ ‫السن يف الحي الذي تعيش فيه‪ ،‬حيث تأخذ‬ ‫ً‬ ‫أبدا عيد‬ ‫الرياضية وترقص وتتناول الغذاء مع األصدقاء‪ .‬ال تنىس ً‬ ‫ميالد أو فاتورة مستحقة‪.‬‬ ‫لم يكن أسلوب حياتها يف معظمه ُينبئ بطول عمرها هذا‬ ‫املقرتن بصحتها الجيدة‪ .‬فلقد هربت من أملانيا النازية وهي‬

‫‪59-50‬‬

‫‪77-60‬‬

‫‪59-50‬‬

‫‪77-60‬‬

‫عظيما من الصدمات‪ ،‬عىل أنني‬ ‫نصيبا‬ ‫ْبعد مراهقة‪ ،‬وعانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مر‬ ‫لم أسمعها قَط تستخدم هذه الكلمة‪ .‬دخنَت السجائر عىل ّ‬ ‫عقود‪ .‬كان والدي ج ّز ًارا‪ ،‬وكنا نعيش عىل اللحوم الحمراء‪ .‬عىل‬ ‫بدنيا‪ .‬كانت تشارك يف‬ ‫الجانب اإليجايب‪ ،‬كانت وما تزال نشيطة ً‬ ‫ذهابا‬ ‫كيلومرتات‬ ‫خمسة‬ ‫سباقات الركض يف طفولتها‪ ،‬وتميش‬ ‫ً‬ ‫مر أعوام‬ ‫وإيابا إىل العمل‪ ،‬وتسبح عدة مرات يف األسبوع عىل ّ‬ ‫ً‬ ‫بعد تقاعدها‪.‬‬ ‫كبار السن األصحاء مثل والديت ويتتبعون‬ ‫َيدرس‬ ‫ُ‬ ‫العلماء َ‬ ‫العمر‬ ‫من‬ ‫أطول‬ ‫العيش‬ ‫من‬ ‫تمكنهم‬ ‫كيفية‬ ‫ملعرفة‬ ‫ُعمرين‬ ‫ُ‬ ‫امل َّ‬ ‫ِ‬ ‫املتوقع‪ُ .‬ت َسخر "كريسنت فورتني" بيانات ضخمة ومعالجات‬ ‫حسابية لبلوغ ذلك الهدف؛ وهي مديرة تنفيذية يف مجال‬ ‫عاما وحاصلة عىل درجة الدكتوراه‬ ‫التقنية الحيوية‪ُ ،‬عمرها ‪ً 40‬‬ ‫يف الفيزياء الحيوية الطبية‪ .‬تهدف معظم عمليات ابتكار أدوية‬

‫مكافحة الشيخوخة إىل إصالح يشء ما يحدث عىل نحو خاطئ؛‬ ‫أما فورتني فتحاول فهم ما يجري عىل نحو صحيح‪.‬‬ ‫دائما مع األمر من منظور ما سيكون له‬ ‫تقول‪" :‬لقد تعاملت ً‬ ‫دائما أن األمر‬ ‫التأثري األكرب وما هي الثمرة الدانية‪ .‬كنت أعتقد ً‬ ‫يتعلق بنَسخ ما يعمل عىل نحو صحيح بالفعل‪ .‬لدينا هذه النماذج‬ ‫البرشية للشيخوخة الناجحة‪ ..‬األفراد الذين يبلغون املئة وما‬ ‫بعدها‪ ،‬وعضالتهم ال تزال تعمل‪ ،‬وأدمغتهم ال تزال تعمل؛‬ ‫لذلك نعلم أنه يمكن القيام بذلك"‪.‬‬ ‫ُتحلل رشكة فورتني‪ )BioAge Labs( ،‬يف كاليفورنيا‪ ،‬الدم‬ ‫واألنسجة املخزنة يف البنوك الحيوية من هاواي إىل إستونيا‪.‬‬ ‫العينات بسجالت طبية إلكرتونية‪ ،‬لذا تعرف فورتني‬ ‫ُتربط تلك ّ‬ ‫وزمالؤها النتائج الصحية لألشخاص من خالل كل قنينة دم‪،‬‬ ‫ويبحثون عن املؤرشات الحيوية التي تميز أولئك الذين تقدموا‬ ‫يف العمر بصحة جيدة‪.‬‬ ‫عينة لِما يصل إىل عرشات اآلالف من‬ ‫كل‬ ‫تقيس اآلالت‬ ‫ّ‬ ‫املتغريات‪ ،‬بما يف ذلك ‪ 7000‬بروتني‪ .‬قبل عقد من الزمان‪ ،‬كانت‬ ‫أفضل التقنيات قادرة عىل قياس بضع مئات فقط‪ .‬باستخدام‬ ‫الذكاء الصناعي‪ ،‬يحدد العلماء بعد ذلك األهداف املحتملة‬ ‫لألدوية والبحث يف أكوام الطلبات املرفوضة لرشكات األدوية‬ ‫عن العقارات التي ُصنعت ألغراض أخرى وثبت أنها آمنة ولكن‬ ‫لم تجد طريقها إىل األسواق قَط‪.‬‬ ‫اخترب فريق فورتني عرشات األدوية املرشَّ حة عىل الفرئان‪،‬‬ ‫ولديهم اثنان يف طور التجارب الرسيرية‪ .‬أحدهما يستهدف‬ ‫جهاز املناعة‪ ،‬واآلخر يستهدف كتلة العضالت وقوتها‪ .‬وألن‬ ‫"إدارة الغذاء والدواء األمريكية" ال تعتمد األدوية إال إذا كانت‬ ‫مرضا‪ ،‬فإن‬ ‫مرضا أو تعالجه‪ ،‬وألنها ال ترى الشيخوخة ً‬ ‫َتقي ً‬ ‫التجارب كالتي ُتجريها فورتني تبحث يف تأثري العقار عىل مرض‬ ‫دائما ما تحدوهم طموحات أكرب‪.‬‬ ‫مرتبط بالعمر‪ .‬لكن الباحثني ً‬ ‫ومن ذلك أن فورتني تعكف عىل تقييم نجاعة ُمركب‬ ‫يحمل االسم الرمزي (‪ ،)BGE-117‬يف عالج وهن العضالت‬ ‫املرتبط بالعمر‪ ،‬ألنه يؤثر يف مسار يشارك يف تجديد األنسجة‬ ‫وإعادة تشكيل األوعية الدموية والعمليات املهمة األخرى‪.‬‬ ‫لكن األمل‪ ،‬وفقًا لتوضيح الرشكة‪ ،‬هو استهداف "أمراض‬ ‫الشيخوخة املتعددة مع االحتياجات الكبرية غري امل ُّلباة‪،‬‬ ‫واالنتشار الواسع‪ ،‬واألسواق الضخمة"‪.‬‬

‫كــــــان‬

‫وقت الغذاء مل ّا زرت كبار السن لدى العاملة "فريا غوربونوفا"‪:‬‬ ‫‪ 300‬من جرذان الخلد العاري‪ .‬حوت الثالجة خيارات وفرية‪،‬‬ ‫وكيلوجراما من‬ ‫تشمل كيلوجرامني من التفاح‪ ،‬و‪ 18‬كوز ذرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعنبا أرجوانيا‪،‬‬ ‫الكرفس‪ ،‬وثالثة أكياس من الخس الروماين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وجزرا‪ ..‬وكلها عضوية‪.‬‬ ‫ومو ًزا‪ ،‬وبطاطا بيضاء‪ ،‬وبطاطا حلوة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪55‬‬ ‫ ‬

‫إلبطاء َخرف "دون لوك"‪،‬‬ ‫اقترح عليه أطباؤه تعلم مهارة‬ ‫جديدة‪ .‬إذ بدأ تعلم الرسم‬ ‫في عام ‪ 2019‬وأنجز أكثر من‬ ‫‪ 17000‬لوحة‪ .‬ساعدت هذه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الرجل ‪-‬البالغ من العمر‬ ‫الهواية‬ ‫عاما‪ -‬على تحمل العزلة‬ ‫‪ً 77‬‬ ‫التي فرضتها جائحة "كورونا"‬ ‫في منزله بوالية ويسكونسن‪.‬‬ ‫تقول زوجته‪" ،‬جيني فيلووك"‪:‬‬ ‫"إن الرسم كل يوم خالل‬ ‫هذا الوقت أنقذ حياتنا‪ ،‬ألن‬ ‫ً‬ ‫منخرطا بنشاط في‬ ‫دماغه كان‬ ‫غالبا ما‬ ‫يحبها‪.‬‬ ‫إبداعية‬ ‫عملية‬ ‫ً‬ ‫وجوها أو مخلوقات‬ ‫ضمن‬ ‫ً‬ ‫ُي ّ‬ ‫في رسوماته‪ ..‬أشخاص يمكنه‬ ‫التواصل معهم اجتماعيا"‪.‬‬ ‫‪David Guttenfelder‬‬

‫‪ 56‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪57‬‬ ‫ ‬

‫عاما‬ ‫يمكن أن تعيش جرذان الخلد العاري أكرث من ‪ً 40‬‬ ‫يف األَرس‪ ،‬أي ‪ 10‬مرات أطول مما هو معتاد لدى قوارض‬ ‫بحجمها‪ .‬لم أستطع التوقف عن التفكري يف أننا قد نعيش‬ ‫عمرا أطول إذا أكلنا ما تأكله هذه املخلوقات الصغرية‬ ‫ً‬ ‫جميعا ً‬ ‫املجعدة ذات األسنان البارزة‪َ .‬تدرس غوربونوفا وزوجها‬ ‫"أندريه سيلوانوف"‪ ،‬وكالهما من علماء األحياء لدى‬ ‫"جامعة روتشسرت" يف نيويورك‪ ،‬جرذان الخلد العاري عىل‬ ‫ً‬ ‫طويل إىل بني البرش‪ .‬قالت يل‬ ‫أمل نقل قدرتها عىل العيش‬ ‫معمر‪ .‬وإنها ألشياء‬ ‫حيوان‬ ‫كل‬ ‫يف‬ ‫جديدا‬ ‫غوربونوفا‪":‬نجد شي ًئا‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مذهلة!"‪.‬‬ ‫لقد حفز لغز طول العمر الهائل لبعض الحيوانات الدراسات‬ ‫حمل الباحثون عواصف القطب‬ ‫بهذا الشأن يف أنحاء العالم‪َ .‬ت َّ‬ ‫الشمايل ودوار البحر الصطياد أسماك قرش غرينالند ودراستها‬ ‫ووسمها وإطالقها‪ ،‬وهي األسماك التي تعيش ما ال يقل عن‬ ‫عاما وربما حتى بضعة قرون أخرى‪ .‬واستطاع العلماء‬ ‫‪ً 250‬‬ ‫تجريف محار املحيط من قاع البحر شمال آيسلندا‪ ،‬وحصلوا عىل‬ ‫أحدها وعمره ‪ 507‬أعوام‪ .‬وقام "جواو بيدرو دي ماجالهايس"‪،‬‬ ‫عالم األحياء لدى "جامعة بريمنغهام" ‪-‬يف خضم بحثه عن‬ ‫أدلة يف الحمض النووي‪ -‬بإجراء تسلسل جينوم الحوت مقوس‬ ‫الرأس‪ ،‬وهو مخلوق عمالق يبلغ وزنه ‪ 54500‬كيلوجرام ُيعتقد‬ ‫أنه بطل طول العمر يف عالم الثدييات ولكنه معرض للخطر‬ ‫بسبب التلوث والتهديدات األخرى‪ .‬كما عمل هذا العالِم مع‬ ‫غوربونوفا وسيلوانوف للبحث يف جينوم جرذ الخلد العاري‪.‬‬ ‫درجة حرارة موئل هذه القوارض لدى "جامعة روتشسرت"‬ ‫الجحر‪.‬‬ ‫يف نيويورك هي ‪ 32‬درجة‪ ،‬وهو موئل مظلم ورطب مثل ُ‬ ‫تعيش كل مستعمرة ‪-‬ملكة وأزواجها وأجيال عديدة من‬ ‫الجرذان اليافعة واألخرى األقل شأنًا‪ -‬يف مسكنها املصنوع من‬ ‫زجاج شبيك والذي يحوي أنابيب واسعة تربط بني ثالث علب‬ ‫كبرية‪ ،‬مخصصة عىل ما يبدو للنوم واألكل وقضاء الحاجة‪ .‬تقول‬ ‫"نانيس كورسون"‪ ،‬التي تتوىل تدبري شأن هذه املستعمرات‪:‬‬ ‫رغبت جرذان الخلد العاري عن وجبة ما‪ ،‬فإنها تلقي بها يف‬ ‫"إنْ َ‬ ‫مرحاضها"‪.‬‬ ‫تبدو هذه الجرذان اجتماعية عىل نحو رائع عندما تتقلب عىل‬ ‫بعضا وتجتمع يف أكوام مثل الغسيل‪ ،‬لكنها تدافع عن‬ ‫بعضها ً‬ ‫وجدت الباحثة "روشيل بوفنشتاين"‪،‬‬ ‫عدوانية‪.‬‬ ‫بكل‬ ‫مناطقها‬ ‫َ‬ ‫التي كان لديها من هذه الجرذان أكرث من ‪ 7500‬ولديها اآلن‬ ‫‪ 2000‬يف مختربها لدى "جامعة إلينوي" بشيكاغو‪ ،‬أن كبار السن‬ ‫ال تنفق أكرث من الصغار‪ .‬إذ تقول غوربونوفا‪" :‬ينفق كثري منها‬ ‫بسبب القتال‪ .‬وهذا عامل ال يعتمد عىل العمر"‪.‬‬ ‫أطلعتني غوربونوفا عىل قاطني مختربها اآلخرين‪ :‬جرذان خلد‬ ‫داماراالند؛ وقوارض شيلية تدعى ديغوس‪ ،‬وهي نماذج لدراسة‬ ‫مرض ألزهايمر؛ وفرئان إفريقية شوكية‪ ،‬تمتلك قوى أسطورية‬ ‫براد كبري يحوي أنسجة‬ ‫تقريبا لتجديد الجلد والغضاريف‪ .‬وثمة ّ‬ ‫ً‬ ‫من السناجب واألرانب والشياهم والقنادس والفرئان الربية‬ ‫نوعا آخر‪ .‬تحصل عىل هذه العينات من‬ ‫والخفافيش و ُزهاء ثالثني ً‬ ‫‪ 58‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُ‬ ‫قتـل الـزومبي‬

‫اكتشفت "ميراندا أور"‪ ،‬التي تبحث في شيخوخة الدماغ‬ ‫لدى "كلية الطب بجامعة ويك فورست"‪ ،‬وفريقها الخاليا‬ ‫الشائخة‪ ،‬أو خاليا الزومبي‪ ،‬في مواضع مهمة للذاكرة‪ ،‬مثل‬ ‫الحصين‪ .‬هذه الخاليا ال تموت بصورة طبيعية‪ ،‬وتطلق‬ ‫ُ‬ ‫مواد سامة‪ .‬تدرس أور وزمالؤها مدى قدرة األدوية على‬ ‫قتل هذه الخاليا المميتة واستعادة الذاكرة‪ .‬تُ وضح الصورة‬ ‫المكبرة أدناه آثار مرض ألزهايمر‪ُ .‬يظهر اللون األصفر‬ ‫َّ‬ ‫حبائك تاو‪ ،‬وهي ُع َقد بروتينات تاو (‪ )Tau‬التي تعد سمة‬ ‫مميزة ألمراض الدماغ التنكسية‪ .‬األزرق يبين الجزيئات التي‬ ‫تشير إلى اإلجهاد‪ ،‬واألرجواني هو عالمة على تلف ال يمكن‬ ‫إصالحه‪ ،‬واألخضر ُيظهر االلتهاب‪ ،‬نتيجة الشيخوخة‪ .‬عندما‬ ‫يظهر اللون األزرق واألرجواني واألخضر في خلية‪ ،‬خاصة في‬ ‫خلية كبيرة‪ ،‬فهذا دليل على أنها زومبي‪.‬‬

‫ﺧﻼﻳﺎ اﻟﺰوﻣﺒﻲ‬ ‫ﺧﻼﻳﺎ‬

‫الصيادين‪ ،‬وضباط مراقبة الحيوانات‪ ،‬وموظفي حفظ الطبيعة يف‬ ‫والية نيويورك‪ .‬كما أنها تقتنص بعضها‪ .‬وأحيانا يقوم "وولفي"‪،‬‬ ‫جفلت من ذلك‪.‬‬ ‫جيف بعضها عىل عتبة بابها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كلب العائلة‪ ،‬بوضع ّ‬ ‫لكنها طمأنتني قائلة‪" :‬إن هذه الحيوانات َتخدم العلم"‪.‬‬ ‫تمتلك الحيتان مقوسة الرأس من الخاليا ما يفوق خاليانا‬ ‫بأكرث من ألف مرة‪ ،‬مما يزيد بقدر كبري من خطر حدوث طفرة‬ ‫مسببة للرسطان‪ .‬لكنها ال ُتصاب بالرسطان‪ .‬إذ أظهرت‬ ‫الدراسات أنها فعالة ودقيقة عىل نحو مذهل يف ترميم الحمض‬ ‫النووي والحفاظ عىل صحة الخاليا‪ .‬ووجدت غوربونوفا أن‬ ‫الحيوانات األخرى طويلة العمر‪ ،‬بما يف ذلك جرذان الخلد‬ ‫العاري‪ ،‬تشرتك يف هذه القوة الخارقة‪.‬‬ ‫وتتحكم الخفافيش يف االلتهابات برباعة‪ ،‬إذ يمكنها أن‬ ‫تؤوي الفريوسات من دون أن تمرض؛ وهو إنجاز جذب انتباه‬

‫ﻣﻘﻄﻊ ﻋﺮﺿﻲ ﻟﺪﻣﺎغ ﻣﺮﻳﺾ‬ ‫ﺗﻮﻓﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺮض أﻟﺰﻫﺎﻳﻤﺮ‬

‫اﻟﻤﻜﺒﺮ‬ ‫اﻟﺠﺰء‬ ‫َّ‬ ‫اﻟﺤﺼﻴﻦ‬

‫صور الدماغ‪Lidan Wu، NANOSTRING COSMX :‬‬ ‫المصادر‪ Miranda Orr :‬و ‪ ،Timothy Orr‬من كلية‬ ‫الطب بجامعة ويك فوريست‪ C. Dirk Keene .‬و ‪Catlin‬‬ ‫‪ ،Latimer‬من مركز بحوث ألزهايمر التابع لجامعة واشنطن‪.‬‬

‫العالَم بعد االشتباه يف أنها مصدر فريوس "كورونا"‪ .‬تقول‬ ‫غوربونوفا‪" :‬لقد كنا مهتمني بالخفافيش حتى قبل كوفيد"‪.‬‬ ‫غالبا ما يتطور مع‬ ‫ُي ّ‬ ‫قدر العلماء أن االلتهاب املزمن‪ ،‬الذي ً‬ ‫ٌ‬ ‫عامل رئيس يف أزيد من نصف الوفيات بسائر‬ ‫تقدمنا يف السن‪،‬‬ ‫أنحاء العالم‪.‬‬ ‫وماذا عن جرذان الخلد العاري؟ لعل أحد معجزاتها املضادة‬ ‫للشيخوخة يكمن يف "الهيالورونان"‪ ،‬وهو سكّر لزج يفرزه‬ ‫النسيج الضام‪ .‬نحن أيضا نصنع هذه املادة‪ ،‬وهي عنرص أساس‬ ‫يف مراهم البرشة "التي تتحدى الشيخوخة"‪ .‬لكن غوربونوفا‬ ‫وسيلوانوف اكتشفا أن نسخة الجرذ العاري لها ِبنية جزيئية‬ ‫مختلفة أثقل من نسختنا‪ ،‬وأكرث وفرة‪ ،‬وال تتحلل بقدر ما‬ ‫تتحلل لدينا‪( .‬وقد أخربتني‪ ،‬ويا لخيبة أميل‪ ،‬أنها ُتن َتج لدى هذه‬ ‫الجرذان بطريقة مختلفة عن املنتجات باهظة الثمن التي أضعها‬

‫عىل وجهي)‪ .‬ولقد اكتشف علماء األحياء أن الهيالورونان يف‬ ‫جرذان الخلد العاري ال يجعل برشتها مرنة بما يكفي للضغط‬ ‫أيضا ملنع األورام‪.‬‬ ‫عرب األنفاق الضيقة فحسب‪ ،‬بل ً‬ ‫حني َيدرس العلماء ظاهرة طول العمر فإنهم ال محالة‬ ‫يتفكرون يف أنفسهم بدايةً ‪ .‬فما ِإنْ يتجاوزوا سنًا معينة‪ ،‬يفعل‬ ‫كثري منهم شي ًئا ‪-‬أو الكثري من األشياء‪ -‬لدرء الرضر الجزيئي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫عاما‪ -‬أنها تأكل‬ ‫‪51‬‬ ‫العمر‬ ‫من‬ ‫البالغة‬‫غوربونوفا‬ ‫أخربتني‬ ‫ً‬ ‫األعشاب البحرية ألنها ُتنشط بروتينًا يسمى "سريتوين ‪"6‬‬ ‫يساعد يف ترميم الحمض النووي وتحقيق االستقرار الجينومي‪.‬‬ ‫لقد أدهشني أن عاملة أحياء جعلت رنّة هاتفها نباح كلب وتقول‬ ‫إنها اختارت تخصصها ألنها تحب الحيوانات وكل ما يمكن‬ ‫تعلمه منها‪ ،‬تحاول تعزيز طول عمرها من خالل تناول طعام‬ ‫يأكله السمك‪.‬‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪59‬‬ ‫ ‬

‫ال َتدرس غوربونوفا البرش‪ ،‬عىل الرغم من أننا أيضا نُ َع ّد‬ ‫معمرة‪ .‬إننا نعيش أكرث من جميع الرئيسات األخرى‪،‬‬ ‫مخلوقات َّ‬ ‫وليس فقط ألنه من املرجح أن تفرتسها األُسد‪ .‬تعتقد غوربونوفا‬ ‫أنه يف غضون جيل واحد ستكون لدينا عالجات تطيل عمر‬ ‫تغيريا‬ ‫اإلنسان بعقد أو عقدين‪ .‬ولتجاوز ذلك الحد‪ ،‬يتطلب األمر‬ ‫ً‬ ‫جذريا يف نظام الجسم البرشي‪ ،‬وقد ال تكون امل َهمة مستحيلة‬ ‫ً‬ ‫كما يبدو‪ .‬إذ تقول‪" :‬أعتقد أن األمر ممكن"‪.‬‬

‫فـــــــي‬

‫عام ‪ ،2006‬اكتشف "شينيا ياماناكا"‪ ،‬الباحث يف الخاليا الجذعية‬ ‫باليابان‪ ،‬كيفية إعادة برمجة الخاليا البالغة وإعادتها إىل حالة‬ ‫شبه جنينية‪ .‬أحدث هذا االكتشاف ثورة يف بيولوجيا الخلية‬ ‫والبحث عن طرق لعالج األمراض البرشية‪ ،‬وبفضله نال ياماناكا‬ ‫"جائزة نوبل"‪ .‬وبات الباحثون اليوم عازمني عىل استخدام‬ ‫هذه التقنية‪ ،‬املسماة إعادة الربمجة الخلوية أو إعادة الربمجة‬ ‫الالجينية (‪ ،)Epigenetic Reprogramming‬لعكس مسار‬ ‫الشيخوخة والقضاء عىل األمراض التي تصاحبها‪.‬‬ ‫يقول عالم األحياء "ديفيد سينكلري"‪" :‬قد تكون آثارها أكرب‬ ‫املورثات‪ .‬ثم أردف‬ ‫من تقنية كريسرب"‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مشريا إىل تقنية تنقيح ّ‬ ‫ً‬ ‫قائل‪" :‬سوف أتعرض للدمار لقويل ذلك! إنها بالتأكيد أكرب تقنية‬ ‫منذ كريسرب‪ ،‬من حيث مقدار املال واألشخاص املنخرطني يف‬ ‫دراستها"‪.‬‬ ‫ه ّزت مجموعة من رواد األعمال البارزين يف مجال التقنية‪،‬‬ ‫ومنهم "جيف بيزوس"‪ ،‬الدوائر املغلقة للباحثني بشأن الشيخوخة‬ ‫يف أوائل عام ‪ ،2022‬بإطالق مرشوع إعادة الربمجة الالجينية‬ ‫بتكلفة بلغت ثالثة مليارات دوالر‪ .‬اسم املرشوع هو "ألتوس‬ ‫مستشارا‪ ،‬وتم‬ ‫البس" (‪ .)Altos Labs‬انخرط فيه ياماناكا بصفته‬ ‫ً‬ ‫استقطاب علماء بارزين آخرين من مناصب أكاديمية مرموقة‪.‬‬ ‫اعتما ًدا عىل وجهة نظرك‪ ،‬فإن االستثمار الضخم يف تقنية ما‬ ‫إما ُيجسد غطرسة "وادي السليكون"‬ ‫تزال يف مرحلة جنينية‪ّ ،‬‬ ‫ذكيا عىل مستقبل الطب‪ .‬يقول "ستيف‬ ‫وتهافته‪ ،‬أو يمثل رهانًا ً‬ ‫هورفاث"‪ ،‬املتقاعد حدي ًثا من "جامعة كاليفورنيا‪ ،‬لوس‬ ‫أنجلوس" لالنضمام إىل "ألتوس البس"‪" :‬لن يستثمر الناس‬ ‫أموال طائلة ما لم يكن هذا العلم ً‬ ‫ً‬ ‫قابل للتصديق‪ .‬إذن السؤال‬ ‫هو‪ :‬هل ستستفيد أنت وأنا؟"‪.‬‬ ‫استخدم ياماناكا أربعة بروتينات ُتعرف باسم عوامل النسخ‪،‬‬ ‫وهي التي تبدأ التعبري الورايث وتنظمه‪ ،‬ملحو هوية الخاليا‬ ‫الناضجة‪ ،‬وإعادتها بشكل أسايس إىل حالتها األصلية‪ .‬جاءت‬ ‫القفزة لتطبيقه عىل الشيخوخة من "خوان كارلوس إيزبيسوا‬ ‫بيلمونتي"‪ ،‬عالم األحياء الذي يدرس َتجدد األعضاء‪ .‬وقد أراد‬ ‫جزئيا فقط‪،‬‬ ‫استخدام عوامل ياماناكا إلعادة الزمن إىل الوراء‬ ‫ً‬ ‫واستعادة مرونة الخاليا الشابة مع الحفاظ عىل هويتها ووظيفتها‪.‬‬ ‫‪ 60‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫أجرى بيلمونتي وفريقه يف "معهد سالك للدراسات‬ ‫أعواما‬ ‫البيولوجية" يف كاليفورنيا تجارب فاشلة عىل الفرئان‬ ‫ً‬ ‫عديدة‪ ،‬حتى وصلوا إىل بروتوكول أعاد تشبيب تلك الحيوانات‬ ‫ً‬ ‫بدل من قتلها‪ .‬وقد استخدموا إعادة برمجة جزئية إلطالة عمر‬ ‫الفرئان التي كربت يف السن قبل األوان ولترسيع الشفاء لدى‬ ‫الفرئان املسنة بصفة طبيعية والتي عانت إصابات يف العضالت‪.‬‬ ‫يف ذلك الوقت‪ ،‬قال بيلمونتي إن التجارب أظهرت أن‬ ‫قدما يف اتجاه واحد"‪.‬‬ ‫الشيخوخة "قد ال تضطر للميض ً‬ ‫علميا لدى "ألتوس البس"‪ ،‬لم يعد‬ ‫مديرا‬ ‫اآلن‪ ،‬بصفته‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يتحدث علنًا عن تحويل الشيخوخة إىل شارع ذي اتجاهني‪.‬‬ ‫إذ ُيرص أصحاب املرشوع عىل أنه ال يعمل عىل عكس مسار‬ ‫الشيخوخة بل عىل عكس مسار املرض‪ .‬ربما يريد املؤيدون النّأي‬ ‫بأنفسهم عن التاريخ الطويل املشكوك فيه لزيت الحية املضاد‬ ‫للشيخوخة‪ ،‬أو يوجهون أنظارهم صوب ما ستوافق عليه "إدارة‬ ‫الغذاء والدواء"‪ :‬عالجات لألمراض‪ ،‬وليس للشيخوخة‪ .‬لكنني‬ ‫حيها ذلك التمييز من قبل تلك اإلدارة‪.‬‬ ‫لم أكن الوحيدة التي ّ‬ ‫ساخرا‪" :‬ما الفرق؟"‪.‬‬ ‫عينيه‬ ‫يدير‬ ‫يقول سينكلري وهو‬ ‫ً‬ ‫سينكلري أستاذ علم الوراثة ومدير مشارك لدى "مركز بول‬ ‫إف‪ .‬غلني ألبحاث بيولوجيا الشيخوخة" يف كلية الطب لدى‬ ‫"جامعة هارفارد"؛ وهو ال يخفي أن َمهمته هي كبح الشيخوخة‪،‬‬ ‫بما يف ذلك شيخوخته‪ .‬وقد أسس واستثمر يف أكرث من اثنتي‬ ‫عرشة رشكة لتسويق تقنيات طول العمر وجزيئاته‪ .‬يف سن الـ‬ ‫‪ ،53‬يتناول امليتفورمني ويرش مضاد األكسدة‪ ،‬ريسفرياترول‪،‬‬ ‫عىل وجبة إفطاره‪ .‬يقول‪" :‬أجرب األشياء التي يتحدث الناس‬ ‫مجر ًبا"‪.‬‬ ‫عنها مرة واحدة عىل األقل‪ .‬فأنا فضويل‪ .‬وأحب أن أكون ِّ‬ ‫يمارس حمل األثقال للحفاظ عىل مستويات الهرمون مرتفعة‪..‬‬ ‫وقد نرش عىل "إنستغرام" أن هرمون التستوستريون لديه مرتفع‪.‬‬ ‫نباتيا‪ .‬قال يل‪" :‬ليس هذا النظام‬ ‫نظاما‬ ‫مؤخرا‬ ‫وقد اعتمد‬ ‫ً‬ ‫غذائيا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ممل كما كنت أعتقد"‪ُ .‬يراقب من كثب عمره البيولوجي من‬ ‫خالل (‪ ،)InsideTracker‬وهي رشكة ُيقدم لها االستشارة‬ ‫مؤرشا حيويا‪.‬‬ ‫وتقوم بتحليل ‪43‬‬ ‫ً‬ ‫عندما زرته يف مكتبه‪ ،‬أطلعني عىل نتائجه‪ .‬نظرنا إىل الرسوم‬ ‫البيانية عىل شاشة حاسوب‪ .‬أولها يف األعىل‪ :‬بروتني ‪ C‬التفاعيل‪،‬‬ ‫وهو مؤرش إىل االلتهاب‪ .‬يقول‪" :‬أنا أقل بكثري مما سيكون عليه‬ ‫مزيدا من البيانات‪ ،‬وخلص‬ ‫عاما"‪ .‬ثم عرض ً‬ ‫البالغ من العمر ‪ً 20‬‬ ‫جدا عن الرسم البياين للشباب"‪.‬‬ ‫إىل القول‪" :‬أنا بعيد ً‬ ‫عدل سينكلري صيغة ياماناكا‪ ،‬وألغى أحد عوامل النسخ‬ ‫َّ‬ ‫املسؤول عن الرسطان‪ ،‬ثم استخدم إعادة الربمجة الجزئية يف‬ ‫الفرئان إلعادة نمو األعصاب البرصية املترضرة‪ .‬يقول‪" :‬كان‬ ‫رائعا‪ ،‬لكنني اعتقدت أنه إذا كان هذا هو عكس مسار‬ ‫ذلك ً‬ ‫العمر حقًا فيجب أن نكون قادرين عىل عكس مسار األمراض‬ ‫املرتبطة بالعمر"‪ .‬لذلك أجرى التجربة عىل الفرئان املصابة بحالة‬ ‫تشبه الزرق‪ ،‬واستعادت برصها‪ .‬لكنها لم تكن كبرية يف السن‪،‬‬ ‫لذا قرر سينكلري إعادة برمجة خاليا الفرئان امل ُسنة التي تعاين‬ ‫فقدان البرص املرتبط بالعمر‪ .‬راهنه ٌ‬ ‫زميل باحث يف طب العيون‬

‫وجراحتها عىل أنه لن ينجح‪.‬‬ ‫يقول سينكلري‪" :‬تخيل ماذا وقع؟ لقد نجحت"‪.‬‬ ‫منذ نرش تلك النتائج يف مجلة (‪ )Nature‬يف ديسمرب ‪،2020‬‬ ‫واصل سينكلري الدراسات وقال إن الفوائد تبدو طويلة األمد‪ .‬يف‬ ‫غضون ذلك‪ ،‬يعكف مع الباحثني يف مختربه عىل إجراء تجارب‬ ‫يسعون الشيخوخة‬ ‫مدهشة عىل "الرجوع إىل املستقبل"‪ ،‬حيث َ ّ‬ ‫يسعون الشيخوخة‬ ‫لدى الفرئان‪ ،‬ليجعلوها أبطأ وأكرث حزنًا‪ ،‬أو َ‬

‫أمرا واحدا فقط‬ ‫جهودك أكرب قدر من املنفعة‪ ،‬إنْ كنت ستفعل ً‬ ‫من تلك العادات الخمس؛ وهو ما ال أويص به"‪.‬‬ ‫عاما‪ ،‬وهو عالِ ٌم بكل ما يف الكلمة‬ ‫يبلغ كايربالين من ُ‬ ‫العمر ‪ً 51‬‬ ‫من معنى‪ ،‬وليس خبريا يف اللياقة البدنية‪ .‬ولقد طور مختربه‬ ‫منصة روبوتية تسمى (‪ )WormBot‬تجمع البيانات يف وقت واحد‬ ‫من مئات التجارب املتوازية الستنباط العوامل التي تؤثر يف عمر‬ ‫ديدان الربداء الرشيقة‪ .‬كما أنه يخترب الراباميسني عىل الكالب‪.‬‬

‫خمس عادات قد تزيد من متوسط العمر المتوقع‬ ‫عاما عند الرجال‪ :‬اتباع‬ ‫بنسبة ‪ً 14‬‬ ‫عاما عند النساء و ‪ً 12‬‬ ‫نظام غذائي جيد‪ ،‬ورياضة منتظمة‪ ،‬ووزن صحي‪ ،‬وعدم‬ ‫التدخين‪ ،‬وعدم اإلفراط في شرب الكحول‪.‬‬

‫يف عضو واحد فقط أو يف األعضاء جميعها‪ .‬فمن خالل تشغيل‬ ‫ميزة الشيخوخة‪ ،‬فإنهم يأملون يف تعلم كيفية كبحها‪.‬‬ ‫استهدف سينكلري العصب البرصي ألنه من أوائل األماكن‬ ‫التي تتأثر بالشيخوخة‪ .‬بعد الوالدة بوقت قصري‪ ،‬نفقد القدرة عىل‬ ‫تجديد الخاليا هناك‪ .‬ويعتقد الرجل أن دراساته تقدم نموذ ًجا‬ ‫يغري قواعد اللعبة لعالج إصابات الحبل الشويك واضطرابات‬ ‫الجهاز العصبي املركزي‪ .‬يقول إنه إذا كانت إعادة العمر الخلوي‬ ‫إىل الوراء كفيلة باستعادة البرص املفقود‪ ،‬فلِ َم ال القدرة عىل امليش‬ ‫أيضا؟‬ ‫أو التذكر ً‬

‫ال أحـــــد‬

‫يعرف متى أو هل ستحقق التقنية املتطورة ‪-‬من قبيل إعادة‬ ‫الربمجة الخلوية‪ -‬يف البرش ما تحققه عىل نحو رائع لدى الفرئان‪.‬‬ ‫لكن يف غضون ذلك‪ ،‬يمكننا أن نفعل الكثري ملواجهة الشيخوخة‪.‬‬ ‫نظر الباحثون لدى "جامعة هارفارد" يف بيانات ُجمعت عىل‬ ‫شخصا بال ًغا يف الواليات‬ ‫خص ‪123219‬‬ ‫مر عقود من الزمن َت ُّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫املتحدة‪ ،‬ووجدوا أن خمس عادات قد تزيد متوسط العمر املتوقع‬ ‫عاما عند الرجال؛ وهي‪ :‬نظام‬ ‫عاما عند النساء و‪ً 12‬‬ ‫بنسبة ‪ً 14‬‬ ‫غذايئ جيد‪ ،‬وممارسة التمارين الرياضية بانتظام‪ ،‬والحفاظ عىل‬ ‫وزن صحي‪ ،‬وعدم التدخني‪ ،‬وعدم اإلفراط يف رشب الكحول‪.‬‬ ‫يقول "مات كايربلني"‪ ،‬أستاذ طب املختربات وعلم األمراض‬ ‫ومدير "معهد أبحاث الشيخوخة وطول العمر" لدى "جامعة‬ ‫واشنطن"‪" :‬أعتقد أن التمارين الرياضية هي اليشء الذي يمنح‬

‫ولكن برصف النظر عن مدى انشغاله فإنه يتوجه‪ ،‬ثالثة أيام يف‬ ‫املرتجلة يف مرآبه ويتناوب‬ ‫األسبوع‪ ،‬إىل صالة األلعاب الرياضية‬ ‫َ‬ ‫عىل تمرينات الضغط‪ ،‬والقرفصاء‪ ،‬وحمل األثقال‪ ،‬وتمارين‬ ‫الكتفني؛ وذلك كله للحفاظ عىل كتلة العضالت‪ .‬إذ يقول‪:‬‬ ‫"بالنسبة إىل معظم األشخاص الذين تزيد أعمارهم عىل ‪50‬‬ ‫عاما‪ُ ،‬يعد فقدان الكتلة العضلية بسبب نمط الحياة الفاترة أحد‬ ‫ً‬ ‫أهم العوامل التي تنبئ بالنتائج الصحية السيئة فيما بعد"‪.‬‬ ‫يجادل خرباء اللياقة البدنية إىل ما ال نهاية بشأن أي التمارين‬ ‫يزيد من الصحة والقوة يف وقت متأخر من الحياة‪ .‬وعىل املنوال‬ ‫نفسه‪ ،‬يختلف خرباء التغذية بشأن النظام الغذايئ األمثل‪ :‬األكل‬ ‫املقيد بالوقت‪ ،‬والصيام املتقطع‪ ،‬والكيتو‪ ،‬والنظام النبايت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والنظام الغذايئ املتوسطي‪ ..‬وغريها‪.‬‬ ‫تقدم الدراسات التي أُجريت عىل الحيوانات أدلة دامغة عىل‬ ‫أن التقييد الشديد للسعرات الحرارية يزيد يف أمد الحياة‪ .‬لكن‬ ‫لطاملا ظل من الصعب تحديد مدى صحة ذلك من عدمها حني‬ ‫يتعلق األمر بالبرش‪ .‬وبدأ "املعهد الوطني للشيخوخة" بالواليات‬ ‫املتحدة دراسة كبرية قبل عقدين من الزمن لقياس آثار نظام‬ ‫غذايئ يخفض السعرات الحرارية بنسبة ‪ 25‬باملئة‪ .‬ولكن رغم‬ ‫أن املشاركني تلقوا املشورة‪ ،‬وبرامج لتتبع ما يأكلون‪ ،‬والوجبات‬ ‫فرتة من الوقت‪ ..‬فقد قلّصوا السعرات الحرارية بنسبة ‪ 12‬باملئة‬ ‫تذكرت الطبيب الذي أخربين أن أفضل نظام غذايئ‬ ‫فقط‪ .‬ولقد‬ ‫ُ‬ ‫املرء عىل تتبعه‪ .‬وتشري "بيكا‬ ‫يواظب‬ ‫الذي‬ ‫النظام‬ ‫هو‬ ‫صحي‬ ‫ُ‬ ‫ليفي"‪ ،‬أستاذة علم األوبئة وعلم النفس لدى "جامعة ييل"‬ ‫األمريكية‪ ،‬إىل تأثري مهم آخر يف طول العمر مع الصحة الجيدة‪،‬‬ ‫يمكن التحكم فيه؛ ويتعلق األمر بمعتقداتنا حول الشيخوخة‪.‬‬ ‫نجز يف جميع أنحاء العالم‪،‬‬ ‫ففي إحدى الدراسات‪ ،‬التي ما فتئت ُت َ‬ ‫ُعمر أطول وأفضل ‪61‬‬ ‫ ‬

‫يتحدث "تون توبيس" (وسط)‬ ‫إلى المقيمين في دار لرعاية‬ ‫المسنين المصابين بالخرف‬ ‫في أوتريخت بهولندا‪ .‬أقام هذا‬ ‫الشاب ‪-‬البالغ من العمر ‪23‬‬ ‫عاما‪ -‬هناك أكثر من عامين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجانا لقاء التفاعل‬ ‫حيث عاش‬ ‫مع النزالء‪ .‬يقول‪" :‬أعتقد أن‬ ‫لكل فرد الحق في مجتمع‬ ‫جميل وعادل َيسع الجميع"‪.‬‬ ‫‪Jasper Doest‬‬

‫‪ 62‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪63‬‬ ‫ ‬

‫وجدت ليفي أن األشخاص يف الثالثينات واألربعينات من العمر‬ ‫الذين كانت لديهم توقعات إيجابية بشأن الشيخوخة ‪-‬أقرونها‬ ‫بالحكمة‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ً ،‬‬ ‫أميل‬ ‫بدل من التدهور‪ -‬كانوا َ‬ ‫للتمتع بصحة جيدة بعد عقود أخرى من أعمارهم‪ .‬ويف دراسة‬ ‫أخرى‪ ،‬أظهرت ليفي أن كبار السن الذين لديهم نظرة إيجابية‬ ‫إىل الشيخوخة أميل للتعايف بصورة تامة من إصابة ِ‬ ‫معيقة‪ .‬ويف‬ ‫َ‬ ‫أيضا‪ ،‬اكتشفت هذه الباحثة أن اآلراء اإليجابية‬ ‫دراسة أخرى ً‬ ‫عن الشيخوخة تقرتن بانخفاض خطر اإلصابة بمرض ألزهايمر‪.‬‬ ‫وخلصت ليفي إىل أن األشخاص الذين لديهم أكرث املعتقدات‬ ‫ً‬ ‫تفاؤل حول الشيخوخة يعيشون يف املتوسط ‪ 7.5‬أعوام أكرث من‬ ‫الذين يعتنقون معتقدات كئيبة‪.‬‬ ‫إن قراءة أبحاث العلماء الذين يحاولون كشف ألغاز‬ ‫الشيخوخة قد تجعل من الصعب الشعور باالرتياح بشأن التقدم‬ ‫يف السن‪ .‬ففكرة "عالج" الشيخوخة تجعل األمر كما لو كان‬ ‫داخال يف دائرة علم األمراض‪ .‬ودأبت الدراسات املنشورة يف هذا‬ ‫املجال عىل االبتداء باألخبار السيئة‪ .‬إذ تستهل إحدى املقاالت‬ ‫ً‬ ‫كالمها قائلةً ‪" :‬الشيخوخة عملية تنكسية تؤدي إىل‬ ‫مثل‪-‬‬‫َ‬ ‫اختالل وظيفي يف األنسجة ومن ثم املوت"‪ .‬مع توسيع مداريك‬ ‫يف العلوم‪ ،‬أصبحت متحمسةً إلمكانيات تحقيق إنجاز كبري‬ ‫يف مجال تقدم السن‪ ،‬ولكني أشعر باالنزعاج بشأن حظوظي‬ ‫الشخصية وأنا أدنو من سنتي الـ ‪.68‬‬ ‫عيل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫عر َض هورفاث إجراء اختبار الساعة "ما فوق الجينية" َ‬ ‫أرسلت له قارورتني من‬ ‫(‪.)GrimAge‬‬ ‫اسم‬ ‫يحمل‬ ‫اختبار‬ ‫وهو‬ ‫ُ‬ ‫ّلعت عىل النتائج‪ :‬كان عمري البيولوجي أقل‬ ‫دمي‪ .‬بعد أسابيع‪ ،‬اط ُ‬ ‫بـ ‪ 3.3‬أعوام من عمري الزمني‪ .‬قدم يل التقرير "تهاين" بهيجة‪،‬‬ ‫كان هذا فحواها‪" :‬إنك بالفعل تهزمني عقارب الزمن!"‪ .‬لكنني‬ ‫حسب مع ُزمرة ديفيد سينكلري‬ ‫شعرت باإلحباط‪ .‬فأنا بالتأكيد لم أُ َ‬ ‫من حيث درجة الشباب البيولوجي‪.‬‬ ‫فكرت يف والديت التي ال تزال تستمتع بالحياة يف أواخر‬ ‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫التسعينات من عمرها‪ .‬أقنعني بحث ليفي أن شكل والديت‬ ‫جزئيا عىل األقل‪ .‬لم أسمعها قَط تتذمر بشأن عيد‬ ‫يفرس حيويتها‬ ‫ً‬ ‫ميالدها أو تقول إنها ال تستطيع فعل يشء ألنها كبرية السن؛‬ ‫وهي شكوى بدأت أسمعها من أصدقاء يف مثل سني‪.‬‬ ‫تقول "ال" عندما أتحدث عن ذلك‪" .‬لست كبرية جدا يف السن‪.‬‬ ‫جزءا منها فقط‪ .‬لكنني لست‬ ‫قد أفعل األمور بوترية أبطأ‪ ،‬أو أفعل ً‬ ‫أكرب من أن أرقص أو أميش أو أفعل أي يشء أحب القيام به"‪.‬‬ ‫سكتت ً‬ ‫قليل ثم استطردت‪" :‬حسنًا‪ ،‬لن أسبح بعد اآلن"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تساءلت‪" :‬ألنك لم تفعيل ذلك منذ زمن طويل؟"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أجابت‪" :‬بل ألنني ال أحب مظهري بلباس السباحة"‪j .‬‬ ‫تكتب فران سميث بانتظام في المجلة‪ ،‬وتعيش بالقرب‬ ‫من مدينة نيويورك؛ وهي متخصصة في المواضيع‬ ‫ذات الصلة بالصحة‪ .‬قام أربعة من المستكشفين لدى‬ ‫الجمعية الجغرافية الوطنية بتصوير هذا التحقيق؛ وهم‪:‬‬ ‫جاسبر دوست من روتردام بهولندا؛ ديفيد غاتنفيلدر من‬ ‫مينيابوليس؛ نيكول سوبيكي من نيروبي‪ ،‬كينيا؛ ميالني‬ ‫وينغر من باريس‪.‬‬ ‫‪ 64‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫يقفز "أرنولد كامفرمان" (‪69‬‬ ‫عاما) من ارتفاع ‪ 2000‬متر فوق‬ ‫ً‬ ‫جزيرة أميالند قبالة سواحل‬ ‫هولندا‪ .‬يعمل مدرب قفز‬ ‫بالمظالت وما يزال يمارس‬ ‫التدريب‪ ،‬وقد قفز من الطائرات‬ ‫أكثر من ‪ 20800‬مرة‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫"ال أريد أن أتوقف في أي وقت‬ ‫قريب"‪ .‬هذه نصيحته لحياة‬ ‫أبدا‬ ‫مديدة وصحية‪" :‬ال تتوقف ً‬ ‫عن اللعب"‪.‬‬ ‫‪( Jasper Doest‬مع ‪)Aaron Molloy‬‬

‫ُعمر أطول وأفضل ‪65‬‬ ‫ ‬

‫فــي‬ ‫ـب‬ ‫ح‬ ‫ ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ِخراف البحـر‬ ‫منذ عقود مضت‪ ،‬كان شبح االنقراض يحوم في سماء‬ ‫هذه الثدييات البحرية الوديعة في فلوريدا‪ .‬فحشد الناس جهودهم‬ ‫للتصدي للمشكلة‪ ،‬ومن ثم زادت أعداد خراف البحر‪ .‬لكن حاالت‬ ‫ً‬ ‫حديثا تبعث على القلق‪.‬‬ ‫المسجلة‬ ‫النفوق الكثيرة‬ ‫َّ‬

‫‪ 66‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫قلم‪ :‬جينا ستيفنز‬ ‫عدسة‪ :‬جيسون غالي و إريكا الرسن‬ ‫ِخراف البحـر ‪67‬‬ ‫ ‬

‫تتجمع خراف بحر في‬ ‫"ينابيع هوموساسا" بوالية‬ ‫فلوريدا حيث تجعل منها‬ ‫المياه الدافئة ‪ 23-‬درجة‬ ‫مئوية‬ ‫شتويا‬ ‫تقريبا‪ -‬مالذً ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهما لهذه الثدييات البحرية‬ ‫ً‬ ‫الهادئة واألسماك مثل‬ ‫"السنوك" و"البوري"‪ .‬فال‬ ‫يمكن لخراف البحر العيش‬ ‫في المياه التي تتجاوز‬ ‫برودتها ‪ 20‬درجة‪.‬‬ ‫الصورة السابقة‬

‫شرائط من عشبة أنقليس‬ ‫تتدلى من فم خروف بحر‬ ‫في "منتزه إشيتاكني‬ ‫سبرينغز الوالئي"‪ .‬فقد‬ ‫تَ سبب تدفق الجريان‬ ‫السطحي الملوث بفعل‬ ‫التنمية العمرانية والمزارع‬ ‫إلى العديد من الممرات‬ ‫المائية‪ ،‬في هالك‬ ‫األعشاب المائية التي‬ ‫أساسيا لعيش‬ ‫عنصرا‬ ‫تُ عد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هذه الحيوانات‪ .‬لكن نهر‬ ‫نسبيا‬ ‫"إيتشيتوكني" ال يزال‬ ‫ً‬ ‫في حالته البكر‪.‬‬ ‫معا)‬ ‫‪( Jason Gulley‬الصورتان ً‬

‫‪ 68‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ِخراف البحـر ‪69‬‬ ‫ ‬

‫‪ 70‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫توفر المياه النظيفة‬ ‫والدافئة في قناة التصريف‬ ‫لدى "شركة تامبا للكهرباء"‬ ‫وفي محطات توليد الطاقة‬‫األخرى بوالية فلوريدا‪-‬‬ ‫استثنائيا لخراف البحر‬ ‫مالذً ا‬ ‫ً‬ ‫من أجل الراحة في فصل‬ ‫الشتاء حيث يصبح المحيط‬ ‫شديد البرودة إلى درجة ال‬ ‫تطيقها‪.‬‬ ‫‪Jason Gulley‬‬

‫ِخراف البحـر ‪71‬‬ ‫ ‬

‫لم أكن‬ ‫أتوقــع‬

‫دعوة شخص غريب إىل منزل أم جديت بعد ظهر ذلك اليوم‪.‬‬ ‫فلقد كنت آمل أن أُجري مقابلة مع "بادي باول"‪ ،‬املستكشف‬ ‫لدى ناشيونال جيوغرافيك‪ ،‬بشأن املياه يف "كريستال ريفر"‪،‬‬ ‫وهي مدينة صغرية بوالية فلوريدا يف شمال مدينة تامبا‪ ،‬حيث‬ ‫تبدأ قصة خروف البحر يف عرصنا الحايل‪ .‬لكن مركبنا تعطل‪،‬‬ ‫وحالت شدة الحر دون االلتفاف حول الرصيف البحري للتحدث‬ ‫إىل باول‪ .‬وهكذا وجدنا نفسينا يف بيت أم جديت‪" ،‬هازل غينز"‪،‬‬ ‫حيث جلسنا متقابلني عىل أرائك برتقالية مصممة وفق طراز يعود‬ ‫إىل سبعينيات القرن املايض‪.‬‬ ‫انتقلت أم جديت للعيش يف كريستال ريفر منذ أكرث من ‪60‬‬ ‫عاما؛ وتوفيت يف عام ‪ .1993‬وقد احتفظنا بتلك األرائك ألنها‬ ‫ً‬ ‫ُتذكرنا بها وبطفولتنا التي أمضيناها يف استكشاف نهر كريستال‬ ‫عىل مقربة من بيتها‪ .‬باول أكرب سنًّا بقليل من هذه األرائك‪،‬‬ ‫لكن حاله أفضل بكثري من حالها بفعل مظهره الشبايب وعينيه‬ ‫َّ‬ ‫املتيقظتني اللتني ال تكفان عن النظر باتجاه املاء‪ .‬قال باول‪" :‬إنه‬ ‫أمر الشعوري‪ .‬فقد أمضيت معظم حيايت يف البحث عن خراف‬ ‫دائما بصورة‬ ‫البحر‪ ،‬واآلن يبدو كما لو أن ذهني ارتبط ارتباط ًا ً‬ ‫البحث عنها"‪.‬‬ ‫حينما كان باول يرتعرع يف هذا املكان خالل ستينيات‬ ‫نهائيا‬ ‫القرن املايض‪ ،‬كانت خراف البحر تشارف عىل االختفاء‬ ‫ً‬ ‫مثريا للغاية"‪.‬‬ ‫أمرا ً‬ ‫من فلوريدا‪ .‬يقول‪" :‬كان العثور عىل أحدها ً‬ ‫وبوصفه أحد أبرز خرباء العالم بشأن هذه الثدييات البحرية‬ ‫ذيل توقيع رسائل بريده اإللكرتوين بعبارة "د‪.‬‬ ‫العاشبة‪ ،‬فإنه ُي ِّ‬ ‫جيمس باول"‪ ،‬الرئيس واملدير التنفيذي لدى "حوض كلريووتر‬ ‫دائما أن ُيدعى باسم‬ ‫البحري لألحياء املائية"‪ .‬لكنه يفضل‬ ‫ً‬ ‫"بادي"‪.‬‬ ‫وغالبا ما ُيطلق عليها اسم أبقار البحر‪ -‬حالة‬‫ُتعد خراف البحر‬ ‫ً‬ ‫شاذة يف مملكة الحيوان‪ .‬يمكن أن يبلغ طولها أربعة أمتار‬ ‫ووزنها أكرث من ‪ 900‬كيلوجرام‪ ،‬وهي مخلوقات مساملة يخلو‬ ‫تاريخ تطورها من أي عدوان؛ فهي ليست فريسة وال مفرتسة‪.‬‬ ‫أيضا ضمن فئة الحيوانات الربية "الكاريزمية"‬ ‫وهي ُتصنَّف ً‬ ‫ويذكِّر وجودها يف فلوريدا‬ ‫البرش‪.‬‬ ‫عقول‬ ‫تأرس‬ ‫(الجذابة) التي‬ ‫ُ‬

‫‪ 72‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫يقوم طاقم الرعاية البيطرية‬ ‫المركزة لدى حديقة الحيوان‬ ‫في مدينة تامبا‪ ،‬بأخذ‬ ‫صور باألشعة السينية‬ ‫لِ ـ "بيليسيما" التي تم‬ ‫إحضارها بعد أن وجدها أحد‬ ‫المتنزهين على اليابسة‪.‬‬ ‫وتقول مشرفة رعاية‬ ‫الحيوانات "خايمي فاكارو"‪،‬‬ ‫إن بيليسيما ربما تقطعت‬ ‫بها السبل أثناء بحثها عن‬ ‫الطعام خالل مد مرتفع على‬ ‫نحو غير طبيعي‪.‬‬ ‫‪Erika Larsen‬‬

‫بالخري الذي يمكن أن يصنعه اإلنسان‪ .‬فقد ساعدها الناس عىل‬ ‫تنامي أعدادها هناك من أقل من ‪ 1000‬يف ستينيات القرن املايض‬ ‫مستمدة‬ ‫إىل أكرث من ‪ 7500‬قبل ستة أعوام ‪-‬استنا ًدا إىل تقديرات‬ ‫َ‬ ‫من دراسات مسحية جوية‪ -‬وذلك من خالل حماية موائل‬ ‫هذه الحيوانات الرائعة وتأهيلها‪ ،‬وإقرار ضوابط تمنع اصطدام‬ ‫القوارب بها‪ ،‬وإذكاء الوعي برضورة الرفق بها‪ .‬وتظل كريستال‬ ‫ريفر ‪-‬املعروفة باسم "العاصمة العاملية لخراف البحر"‪ -‬املركز‬ ‫الرئيس لتعافيها وانتعاشها‪.‬‬ ‫وعىل كل هذه املكاسب املحققة‪ ،‬ال تزال خراف البحر تواجه‬ ‫تهديدات خطرية‪ .‬فثالثة أرباع سكان فلوريدا البالغ عددهم ‪22‬‬ ‫مليون نسمة يعيشون عىل طول الساحل‪ ،‬ويرتكز العديد منهم‬ ‫يف موائل خراف البحر الرئيسة حيث أدى الضغط الناجم عن‬ ‫الوجود البرشي إىل تدهور ما تتمتع به الوالية من ينابيع ساحرة‬ ‫وممرات مائية وأراض رطبة‪.‬‬

‫إن الجمعية الجغرافية الوطنية‪،‬‬

‫والتزاما منها بإلقاء الضوء على عجائب عالمنا‬ ‫ً‬ ‫وحمايتها‪ ،‬قد دعمت المستكشفين‪ ،‬جينا ستيفنز وجيسون‬ ‫غالي وإريكا الرسن في سرد قصصهم عن عالقتنا بالبيئة‪.‬‬

‫الرسم‪Joe McKendry :‬‬

‫ِخراف البحـر ‪73‬‬ ‫ ‬

‫زوار يشاهدون خراف البحر‬ ‫وهي تلوذ بدفء المياه‬ ‫التي يطرحها "مركز الجيل‬ ‫التالي للطاقة النظيفة" في‬ ‫مقاطعة بالم بيتش بوالية‬ ‫فغالبا ما يتوقف‬ ‫فلوريدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العلماء ومديرو الحياة البرية‬ ‫الحكوميون في هذا المكان‬ ‫وفي مالذات المياه الدافئة‬ ‫األخرى‪ ،‬لتقييم جماعات‬ ‫خراف البحر‪.‬‬ ‫‪Erika Larsen‬‬

‫‪ 74‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ِخراف البحـر ‪75‬‬ ‫ ‬

‫تجوال في مياه دافئة‬

‫تحب خراف البحر السباحة‬ ‫رصد في‬ ‫الهادئة‪.‬‬ ‫فغالبا ما تُ َ‬ ‫ً‬ ‫أماكن بعيدة مثل الميسيسيبي‬ ‫وكارولينا الشمالية خالل األشهر‬ ‫المعتدلة قبل العودة إلى‬ ‫فلوريدا لقضاء فصل الشتاء‪.‬‬

‫ﻣﺴﺘﻨﻘﻊ‬

‫ﺗﺎﻻﻫﺎﺳﻲ‬

‫ﺟﺎﻛﺴﻮﻧﻔﻴﻞ‬ ‫ﻧﻲ‬ ‫ﺧﻠﻴﺞ اﻷﺑﺎﻻش‬

‫ﺳ ﺎﻧ‬

‫ﺑﺎﻻﺗﻜﺎ‬

‫ﻏﺎﻳﻨﺴﻔﻴﻞ‬

‫ﻣﻨﺘﺰه ﻓﺎﻧﻴﻨﻎ‬ ‫ﺳﺒﺮﻳﻨﻐﺰ اﻟﻮﻻﺋﻲ‬

‫اﻷﻃﻠــــــﴘ‬

‫ﺑﺤﻴﺮة ﺟﻮرج‬

‫ﻣﻨﺘﺰه ﺑﻠﻮ ﺳﺒﺮﻳﻨﻎ اﻟﻮﻻﺋﻲ‬

‫أورﻻﻧﺪو‬

‫ﺳﺎﻧ‬ ‫ﺖﺟ‬ ‫ﻮﻧﺰ‬

‫اﳌﻜﺴﻴﻚ‬

‫أوﻛﺎﻻ‬ ‫أو‬ ‫ﻛﻼوا‬ ‫ﻫﺎ‬

‫ﺑﺤﻴﺮة‬ ‫ﻣﻮﺳﻜﻴﺘﻮ‬

‫دﻳﻠﺘﻮﻧﺎ‬

‫ﺧﻠﻴﺞ‬

‫ﻧﻬﺮ ﻛﺮﻳﺴﺘﺎل‬

‫ﺧﻠﻴﺞ ﻛﻴﻨﻐﺰ‬

‫ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ‬ ‫ﻫﻮﻣﻮﺳﺎﺳﺎ‬

‫ﺑﺤﻴﺮة أﺑﻮﺑﻜﺎ‬

‫وفرة الغرب‬

‫يوفر ساحل الخليج في فلوريدا‬ ‫امتدادا‬ ‫مروج أعشاب بحرية أكثر‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بالجانب األطلسي‪ ،‬وتحتوي‬ ‫األنهار التي تغذي الخلجان على‬ ‫مصادر غذاء من المياه العذبة‪.‬‬

‫وﻳﺬ‬ ‫ﻻﻛﻮﺗ‬ ‫ﺸﻲ‬

‫ﺷﺎﻃﺊ داﻳﺘﻮﻧﺎ‬

‫ﻣﻴﻠﺒﻮرن‬

‫ﺗﺎﻣﺒﺎ‬ ‫ﺧــ‬

‫ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻴﺘﺮﺳﺒﻮرغ‬

‫ﻠ ﻴ ــ‬

‫ﻛ‬ ‫ﻴﺴ‬ ‫ﻴﻤ‬

‫ﺳﺎراﺳﻮﺗﺎ‬

‫ﻛﺎﻟ‬ ‫ﻮﺳﺎﻫﺎﺗ‬ ‫ﺸﻲ‬

‫وﻳﺴﺖ ﺑﺎﻟﻢ ﺑﻴﺘﺶ‬

‫ﻛﻴﺐ ﻛﻮرال‬ ‫ﻓﻮرت ﻣﺎﻳﺮز‬

‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫إﻳــ‬

‫ﻓﻮرت ﻟﻮدﻳﺮدال‬

‫ﻣﻨﺘﺰه ﺑﻴﺴﻜﺎﻳﻨﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ‬

‫ﻗﻨﺎة ﻣﻴﺎﻣﻲ‬

‫ﺣﻮض ﺣﺮاري‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺎﻓﻆ‬ ‫اﻟﻤﻴﺎه ﻋﻠﻰ ﺣﺮارﺗﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﺒﺮد‬ ‫اﻟﻤﻴﺎه ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ‬

‫ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻬﺠﺮة‬ ‫ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺤﻤﻴﺔ‬ ‫ﻟﺨﺮاف اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺔ‬

‫ﻣﻨﺘﺰه إﻳﻔﺮﻏﻼﻳﺪز اﻟﻮﻃﻨﻲ‬

‫موئل حرج‬

‫ـــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ﻓــــ‬

‫بحرية في‬ ‫تتحرك خراف البحر ُ‬ ‫المياه المالحة أو قليلة الملوحة‪،‬‬ ‫ولكنها ال تتجمع فترات طويلة‬ ‫إال حيث تجد الغذاء الوافر والمياه‬ ‫العذبة الدافئة والظروف الهادئة‪.‬‬

‫ﺧﻠﻴﺞ واﻳﺘﻮوﺗﺮ‬ ‫ﺧﻠﻴﺞ ﻓﻠﻮرﻳﺪا‬

‫‪ 76‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫ﻧﻄﺎق وﺟﻮد ﺧﺮاف اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻓﻠﻮرﻳﺪا‬ ‫)‪(Trichechus manatus latirostris‬‬ ‫)ﻧﻮع ﻓﺮﻋﻲ ﻟﺨﺮوف ﺑﺤﺮ ﻏﺮب اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي(‬

‫ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺎرﻛﻮ‬

‫ﻛﻲ ﻻرﻏﻮ‬ ‫ـــــ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ﻠ‬ ‫ــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ـــــــ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ﻮر‬ ‫ﻳــــــ‬ ‫ﻣﻴﻼ‬ ‫‪25‬‬ ‫ً‬ ‫ــــــــ‬ ‫ـــــــــ‬ ‫ﺪ‬ ‫ا‬ ‫ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا‬ ‫‪25‬‬ ‫ً‬ ‫ﻛ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـــــ‬ ‫ـــــــــﻴـــ‬ ‫ـــــــــــــــﺰ‬ ‫ ‬

‫ﻣﺮﻓﺄ ﺷﺎرﻟﻮت‬

‫ﻧﺎﺑﻠﺲ‬

‫ــــــﺪز‬ ‫ﻳــــــــ‬ ‫ــــﻼ‬ ‫ﺮﻏــ‬ ‫ـــــــ‬ ‫ﻔــــ‬ ‫ــــــ‬ ‫ـ‬

‫ﻣﻴﺎﻣﻲ‬

‫ﻣﻨﺸﺄة ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ‪،‬‬ ‫ﺗﺼﺮف ﻣﻴﺎه داﻓﺌﺔ‬

‫ﻣﺸﻴﺪة‬ ‫ﻣﻨﻄﻘﺔ‬ ‫َّ‬

‫ﺑـ‬ ‫ــــــ‬ ‫ﺮار‬ ‫ي‬

‫ﺑﻮﻛﺎ راﺗﻮن‬

‫ﺗﺠﻤﻊ ﺧﺮاف اﻟﺒﺤﺮ‬ ‫ﻣﻮاﻗﻊ ّ‬

‫ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺗُ ﺴﺨﻦ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎﻫﺰ اﻟـ ‪ 23‬درﺟﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ‬

‫ﻧﻬﺮ ﺑﻴﺲ‬

‫ﺑﺤﻴﺮة‬ ‫أوﻛﻴﺸﻮﺑﻲ‬

‫ﻗﻨﺎة‬ ‫ﺳﺎﻧﺖ ﻟﻮﺳﻲ‬

‫ﺞ ﺗـ‬

‫ﻲ‬

‫ـ‬

‫ﺒــ ﺎ‬

‫ـﺎ ﻣ‬

‫ﻣﺤﻤﻴﺔ ﺑﻴﺲ‬

‫ﻣﺮﻓﺄ ﺳﺎﻧﺖ ﻟﻮﺳﻲ‬

‫ﻛﻲ وﻳﺴﺖ‬

‫أ‬ ‫وﻛﻠﻮﻛ‬ ‫ﻮﻧﻲ‬

‫ﺳــــ‬ ‫ـﻮا‬

‫ﻣﻨﺘﺰه إﺷﻴﺘﺎﻛﻨﻲ‬ ‫ﺳﺒﺮﻳﻨﻐﺰ اﻟﻮﻻﺋﻲ‬

‫ﺖ‬ ‫ﺟﻮﻧﺰ‬

‫اﳌﺤـﻴـــــﻂ‬

‫ﺑﺤﻴﺮة ﻧﻬﺮ إﻧﺪﻳﺎن‬

‫ﻓﻠﻮرﻳﺪا‬

‫أوﻛﻴﻔﻴﻨﻮﻛﻲ‬

‫ﺳﺎﻧﺖ‬ ‫أوﻏﻮﺳﺘﻴﻦ‬

‫ﻛﻴﺐ ﻛﺎﻧﺎﻓﻴﺮال‬

‫ﺟﻮرﺟﻴﺎ‬

‫دراي ﺗﻮرﺗﻮﻏﺎس‬

‫ﻣﻮاﺋﻞ ﻋﺸﺐ اﻟﺒﺤﺮ‬

‫أﻻﺑﺎﻣﺎ‬

‫ﺎﻻو‬ ‫ﻳ‬

‫ﻣﺒﻴﺎ‬ ‫ﺴﻜﺎ‬ ‫إﻳ‬

‫ﻓﻠﻮرﻳﺪا‬

‫ﻓﻮرت‬ ‫واﻟﺘﻮن ﺑﻴﺘﺶ‬

‫ﺑﻴﻨﺴﺎﻛﻮﻻ‬

‫ﺧﻠﻴـﺞ‬ ‫ﻛﻮﻛﺘﺎواﺗﴚ‬

‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻨﻤﺎ‬

‫خراف بحر‬ ‫متنقلة‬

‫غامضا؛ إذ يهدد‬ ‫ً‬ ‫مستقبل‬ ‫تواجه خراف البحر في فلوريدا‬ ‫ً‬ ‫ارتفاع درجة حرارة البحار ومياه الصرف الزراعي وتسرب‬ ‫مصدر غذائها الرئيس‪ :‬األعشاب‬ ‫خزانات الصرف الصحي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫البحرية‪ .‬لكن األنشطة البشرية تفيد في بعض الحاالت‪.‬‬ ‫فالمياه التي تطرحها محطات توليد الطاقة‪ ،‬على سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬توفر مالذً ا شتويا غير متوقع‪.‬‬

‫أسباب هالك خراف البحر البالغة في فلوريدا‬ ‫ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪد‬ ‫اﻷﻣﺮاض‪ ،‬اﻟﺠﻮع اﻟﺸﺪﻳﺪ‪ ،‬اﻟﺤﻮادث اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‬ ‫واﻟﻜﻮارث ﻣﺜﻞ اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ اﻟﻤﺰدﻫﺮة‬ ‫إﺟﻬﺎد اﻟﺒﺮودة‬ ‫ﺗﺼﺎدم اﻟﻤﺮاﻛﺐ‪ ،‬إﺻﺎﺑﺎت ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺴﺎت اﻟﻘﻨﻮات‬ ‫وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﻜﻼت ﺑﺸﺮﻳﺔ اﻟﻤﻨﺸﺄ‬

‫‪1000‬‬ ‫ﺣﺎﻟﺔ‬ ‫ﻧﻔﻮق‬

‫أﺣﺪﺛﺖ ﺟﺎﺋﺤﺔ ”ﻛﻮﻓﻴﺪ‪“19-‬‬ ‫اﺿﻄﺮاﺑﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت‬ ‫ً‬ ‫وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ارﺗﻔﺎع‬ ‫اﻟﺤﺼﻴﻠﺔ ﻋﺎم ‪2021‬‬

‫‪800‬‬

‫‪600‬‬

‫‪400‬‬

‫‪200‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪2016‬‬

‫‪2018‬‬

‫‪2020‬‬

‫‪*2022‬‬

‫* ﺑﻴﺎﻧﺎت ‪ 2022‬ﻫﻲ ﺣﺘﻰ ‪ 14‬أﻛﺘﻮﺑﺮ‬

‫‪ ،Christine Fellenz‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪ .‬المصادر‪،James Powell :‬‬ ‫من معهد أبحاث حوض كليرووتر لألحياء البحرية‪ .‬إدارة حماية البيئة بوالية فلوريدا‪.‬‬ ‫هيئة حفظ األسماك والحياة البرية في فلوريدا‪.‬‬

‫ففي "بحرية نهر إنديان"‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬وهي أحد‬ ‫املوائل املهمة لخراف البحر عىل طول الساحل الرشقي‬ ‫لفلوريدا املكتظ بالسكان‪َ ،‬تعكَّر صفو املياه بفعل عقود من‬ ‫النفايات البرشية‪ ،‬والرواسب املتأتية من التنمية العمرانية‪،‬‬ ‫واألسمدة اآلتية من املروج واملزارع‪ .‬وقد أدى كل ذلك إىل‬ ‫هالك األعشاب البحرية التي ُتعد مصدر الغذاء الرئيس‬ ‫لخراف البحر هناك‪ .‬وهلك أكرث من ألف خروف بحر يف تلك‬ ‫البحرية خالل العامني املاضيني‪ .‬ومع ارتفاع حصيلة النفوق‪،‬‬ ‫صارت املنشآت التي تنقذ خراف البحر املريضة عىل أمل‬ ‫إعادتها إىل الربية ‪-‬بما يف ذلك حديقة الحيوان بمدينة تامبا‬ ‫وحديقة "يس وورلد" يف أورالندو‪ -‬تشهد تدفق أعداد متزايدة‬ ‫من املرىض الجدد‪.‬‬ ‫ورأت وسائل اإلعالم يف هالك خراف البحر جرس إنذار‬ ‫بيئي‪ ،‬لكن باول يرى املسألة من املنظور التايل‪" :‬ال يفتأ الناس‬ ‫يتحدثون عن خراف البحر بوصفها طائر الكناري يف منجم‬ ‫الفحم‪ .‬والحال أنه يف الوقت الذي سينفق فيه هذا الكناري‪،‬‬ ‫سيكون جميع عمال املنجم قد رحلوا قبل ذلك بزمن طويل"‪.‬‬ ‫مؤرشا إىل كارثة‬ ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬ليس هالك خراف البحر‬ ‫ً‬ ‫وشيكة؛ ففُقدانها هو الكارثة بعينها؛ وهو نتيجة للتحذيرات‬ ‫التي لطاملا تم تجاهلها‪.‬‬ ‫كالفيلة (أقرب أقرباء خراف‬‫إن اعتماد الحيوانات الجذابة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫البحر عىل اليابسة) والباندا والدالفني‪ -‬رمو ًزا لصون الطبيعة من‬ ‫شأنه أن يخلق الزخم لعمل نضايل مؤثر يف سبيل حمايتها‪ .‬ففي‬ ‫عام ‪ ،1978‬جعل "قانون فلوريدا ملحميات خراف البحر" من‬ ‫هذه الوالية "مالذًا ومحمية" لخراف البحر‪ ،‬إذ ألزم القوارب‬ ‫بالحد من رسعتها يف مالذات الشتاء ذات املياه الدافئة‪ ،‬بما‬ ‫يف ذلك نهر كريستال‪ .‬وقد عزز هذا اإلجراء "قانون حماية‬ ‫الثدييات البحرية" و"قانون األنواع املهددة باالنقراض"‪،‬‬ ‫تنفيذيا يف وقت سابق من هذا العقد‪.‬‬ ‫والذي أصبح قانونًا‬ ‫ً‬ ‫تقول "ليزا سميث"‪ ،‬مرشفةٌ لدى "مركز ديفيد سرتاز‬ ‫للرعاية املركزة لخراف البحر" التابع لحديقة الحيوان يف تامبا‪:‬‬ ‫مهووسا بهذه املخلوقات"‪ .‬فمتاجر الهدايا‬ ‫"لقد أصبح الجميع‬ ‫ً‬ ‫بدءا من أدوات‬ ‫يف والية فلوريدا َتعرض كل يشء يتعلق بها‪ً ،‬‬ ‫هرش الظهر إىل صناديق بريدية عىل شاكلة خراف البحر‬ ‫بارتفاع ‪ 1.5‬مرت‪ .‬ويتبادل أعضاء مجموعات "فيسبوكية" َمعنية‬ ‫بخراف البحر ِميمات لها وأيقونات‪ ،‬ويتباهون بفنون وحرف‬ ‫يدوية مستوحاة منها‪.‬‬ ‫أيضا بؤر توتر؛‬ ‫لكن الحيوانات الجذابة يمكن أن تشكل ً‬ ‫إذ ال تزال خراف البحر موضع استقطاب وتجاذبات شديدة‪:‬‬ ‫فثمة فريق منارصين متحمسني لحمايتها‪ ،‬من ناحية؛ وهناك‪،‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬فريق من رشكات التنمية العمرانية عىل‬ ‫السواحل‪ ،‬وأصحاب املصالح التجارية‪ ،‬ومالكو املراكب‬ ‫مياه فلوريدا‪.‬‬ ‫الرتفيهية الذين يرغبون بعدم تقييد استخدامهم َ‬ ‫وصار هذا االنقسام ُيعرف بحروب خراف البحر‪.‬‬ ‫ِخراف البحـر ‪77‬‬ ‫ ‬

‫لكن ما الجاذبية التي يجدها الناس يف حيوان يبدو كأنه‬ ‫ويميض وقته يف األكل والنوم وإطالق غازات‬ ‫منطاد‬ ‫َّ‬ ‫مشوه ُ‬ ‫البطن؟ يمكن إيجاد إحدى اإلجابات يف "نفق خراف البحر"‬ ‫لدى "مركز الرعاية املركزة لخراف البحر" بحديقة الحيوان يف‬ ‫تامبا‪ ،‬وهو مستشفى يمكنه إعادة تأهيل أكرث من ‪ 20‬من هذه‬ ‫الكائنات املميزة دفعة واحدة‪.‬‬ ‫يسود الظالم داخل هذا النفق الذي يشبه الرحم‪ .‬و ُتش َّغل‬ ‫موسيقى غريبة بهدوء يف الخلفية‪ .‬وخلف األلواح الزجاجية‬ ‫السميكة‪ ،‬تبدو خراف البحر وهي تتقلب مثل رواد الفضاء‪.‬‬ ‫تعكس قطع من الخس الضوء فتتألأل كالنجوم‪ .‬وتتحرك زعانف‬ ‫خراف البحر مثل الجزء السفيل من ذراع اإلنسان وتحفها أظافر‬ ‫األصابع‪ ..‬وهي تذكري بأن أسالفها كانت تميش عىل اليابسة‬ ‫قبل ‪ 50‬مليون سنة‪ .‬أما الشعر الخشن عىل جلدها الرمادي فهو‬ ‫رائعا باللمس ليساعدها يف‬ ‫بمنزلة هوائيات ملسية تمنحها‬ ‫إحساسا ً‬ ‫ً‬ ‫اإلبحار من خالل رصد حركة املياه‪ .‬هناك‪ ،‬يقف بعض املتفرجني‬ ‫وقد سحرهم جمال خراف البحر غري املفهوم والباعث عىل التأمل‪،‬‬ ‫إعجابا بلطفها‪" .‬هل هذا‬ ‫مشدوهني يف صمت‪ .‬ويتهامس آخرون‬ ‫ً‬ ‫فظ بحري؟"‪ ،‬يسأل رجل بصوت خفيض‪ُ .‬يجيبه رفيقُه بالنفي ثم‬ ‫يضيف ً‬ ‫قائل‪" :‬يبدو كأنه حبة بطاطس عمالقة مخبوزة"‪.‬‬ ‫تم ُّر أنثى خروف بحر أمامهم وتتشقلب‬ ‫يضحك الجميع إ ْذ ُ‬ ‫ليصدر بفعل حركتها البهلوانية تيار من الفقاعات من جزئها‬ ‫الخلفي قبل أن تستوي عىل املاء برضبة من ذيلها الكبري الذي‬ ‫يتخذ شكل مجداف‪ .‬وتتسم أبقار البحر‪ ،‬عىل غرار أبقار اليابسة‪،‬‬ ‫كثريا من الغازات‪ .‬فخروف البحر ليس‬ ‫بنهمها النبايت وإطالقها ً‬ ‫جميال كالدلفني اللطيف واملرح وال يضاهيه بالتأكيد يف جاذبيته‪،‬‬ ‫كما كتب املؤلف الكويب "مانويل برييرا"‪ ،‬الذي يستدرك ً‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫"جمع هذا الحيوان كل غرائز األمومة املوجودة بالكون"‪.‬‬ ‫فهل الهوس بخراف البحر ٍ‬ ‫كاف لضمان بقائها يف فلوريدا؟‬ ‫نعم‪ ،‬رشيطة أن يتجاوز ذلك متجر الهدايا‪.‬‬ ‫تقول سميث‪" :‬ما ال يدركه الناس هو الحاجة إىل املساعدة عىل‬ ‫دعمها يف املمرات املائية"‪ .‬ويعني ذلك يف املقام األول استعادة‬ ‫أحواض األعشاب البحرية والنباتات املائية يف املياه العذبة‪،‬‬ ‫والتي تشكل كلها أساس وجودها والصحة العامة ملياه فلوريدا‪.‬‬ ‫فاألعشاب البحرية‪ ،‬مقارنة مع الغابات االستوائية املطرية‪،‬‬ ‫تحبس الكربون ‪"-‬الكربون األزرق"‪ -‬بوترية أرسع بـ ‪ 35‬مرة‬ ‫و ُتخزن ِضعف الكمية لكل هكتار‪.‬‬

‫"إن أفضل حماة للطبيعة‬ ‫هم من لديهم أغلى‬ ‫ذكريات الطفولة"‪.‬‬

‫بادي باول‬ ‫حوض كليرووتر لألحياء البحرية‪.‬‬

‫‪ 78‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫اسما‬ ‫و ُي ّ‬ ‫عد نهر "كريستال"‪ ،‬الذي يرتوي من الينابيع الجوفية‪ً ،‬‬ ‫عىل ُمسمى‪ .‬فمياهه الزرقاء الرباقة ُترصع املستنقعات‪ ،‬وتزين‬ ‫الجزر ذات األشجار الكثيفة‪ .‬ويرتدد يف‬ ‫الطحالب "اإلسبانية"‬ ‫َ‬ ‫الجو أزيز حرشات الزيز ويعبق برائحة طني املستنقعات وامللح‬ ‫الزكية‪.‬‬ ‫تقريبا‪،‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫عام‬ ‫إىل‬ ‫الحية‬ ‫طفولتي‬ ‫ذكريات‬ ‫إحدى‬ ‫يب‬ ‫وتعود‬ ‫ً‬ ‫يوم كنت أقف واملاء يصل إىل خرصي وأنا أستخدم أنبوبة تنفس‬ ‫َ‬ ‫وقناعا‪ .‬وكان أيب قد أنزلني من السور البحري وهو يمسك‬ ‫ً‬ ‫بمعصمي ويقف عىل الرصيف من فوقي فيشجعني عىل وضع‬ ‫وجهي يف املاء‪ .‬وكان مخلوق بحجم سيارة صغرية يرعى بسالم‬ ‫عىل عمق أمتار قليلة يف املياه العكرة‪ .‬كنت مرعوبة‪ ،‬لكنني‬ ‫غطست وجهي‪ .‬فبدأت أسمع رصير أسنان خراف البحر وأشعر‬ ‫بكتلتها الهائلة عىل مقربة مني‪.‬‬ ‫"إن أفضل ُحماة الطبيعة هم من لديهم أغىل ذكريات‬

‫موظفان من "هيئة حفظ‬ ‫األسماك والحياة البرية"‬ ‫في فلوريدا يتخلصان‬ ‫من خروف بحر نافق لدى‬ ‫"مجمع التخلص من‬ ‫النفايات الصلبة" لدى‬ ‫مقاطعة بينيالس‪ .‬وقد‬ ‫انتُ شل خروف البحر هذا‬ ‫من منطقة تضررت بالمد‬ ‫األحمر‪ ،‬والذي ُيعد ظاهرة‬ ‫طبيعية تحدث بفعل ازدهار‬ ‫طحالب سامة للثدييات‬ ‫البحرية واألسماك والطيور‬ ‫خضع خرفان‬ ‫والبشر‪ .‬ال تُ َ‬ ‫البحر جميعها للتشريح‬ ‫الكامل‪ ،‬لكن تُ جرى تحقيقات‬ ‫الجيف وتُ َض َّمن‬ ‫في تقارير ّ‬ ‫األسباب المحتملة للهالك‬ ‫في قاعدة بيانات النفوق‪.‬‬ ‫‪Jason Gulley‬‬

‫أيضا وهو يستكشف نهر‬ ‫الطفولة"‪ ،‬يقول باول الذي نشأ ً‬ ‫غالبا ما يرافق والده عىل منت زورق صغري‪.‬‬ ‫كريستال حيث كان ً‬ ‫وكان يف بعض األحيان يلمح ظال هائال ينساب تحت سطح املاء‪.‬‬ ‫كثري من الناس يدركون ‪-‬أو لم يكونوا يبالون‪ -‬أن تلك‬ ‫ولم يكن ٌ‬ ‫األشباح السابحة كانت من بني آخر خراف البحر الباقية عىل قيد‬ ‫الحياة يف فلوريدا‪ .‬ويبدو أن انجذاب باول طوال حياته نحو هذه‬ ‫محتوم‪ .‬فعندما كان عمره ال يتجاوز الثالثة عرشة‬ ‫قدر‬ ‫ٌ‬ ‫الحيوانات ٌ‬ ‫يف عام ‪ ،1967‬أتيحت له الفرصة ملساعدة طالب دراسات عليا‬ ‫يدعى "دانيال هارتمان" الذي كان يجري أول دراسة متعمقة‬ ‫للتاريخ الطبيعي لخراف البحر‪ .‬وأسهم عملهما املنشور يف عدد‬ ‫سبتمرب ‪ 1969‬من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العاملية يف تقديم‬ ‫خراف البحر إىل العالم‪.‬‬ ‫القراء من املخاطر التي قد تواجهها‬ ‫تحقيق هارتمان‬ ‫وحذر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خراف البحر مع تزايد سكان فلوريدا‪ .‬إذ كتب ما ييل‪" :‬لقد دمر‬

‫التلوث املوارد الغذائية لخراف البحر يف عدة أنهار‪ .‬فمستقبلها‬ ‫رهن أيدينا بالكامل"‪.‬‬ ‫وعندما بلغ باول سن العرشين‪ ،‬صار يعرف الكثري عن خراف‬ ‫تقريبا‪ ،‬وعرضت‬ ‫البحر الغامضة هذه أكرث من أي شخص آخر‬ ‫ً‬ ‫عليه "هيئة األسماك والحياة الربية" األمريكية العمل يف‬ ‫برنامج أبحاثها الجديد حول خراف البحر‪ .‬وأمىض األعوام‬ ‫التسعة التالية يف رسم صورة عن الوجود املهدد باملخاطر‬ ‫املتزايدة لخراف البحر‪ ،‬ال يف فلوريدا فحسب‪ ،‬بل عرب نطاقها‬ ‫يف جنوب رشق الواليات املتحدة‪ .‬يقول باول‪" :‬انتقلنا من أالباما‬ ‫إىل كارولينا الجنوبية إلجراء مقابالت مع الصيادين عىل طول‬ ‫الساحل بأكمله"‪ .‬فقد اشرتى فريق البحث طائرة صغرية ووظف‬ ‫ربانًا‪ ،‬ليحلقوا فوق كل مجرى مايئ بح ًثا عن خراف البحر‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫"كنا نهبط عىل الطرق الرسيعة الريفية النائية لضخ الوقود من‬ ‫ظهر شاحنة صغرية قبل اإلقالع مرة أخرى"‪.‬‬ ‫ِخراف البحـر ‪79‬‬ ‫ ‬

‫من األعلى‪:‬‬

‫رسما على وجهها‬ ‫تعرض "توري أريسون"‬ ‫ً‬ ‫في "مهرجان فلوريدا لخراف البحر" بمدينة‬ ‫كريستال ريفر‪.‬‬ ‫صندوق البريد هذا هو إحدى العجائب‬ ‫المتعلقة بخراف البحر والمنتشرة في كل‬ ‫مكان بكريستال ريفر‪.‬‬ ‫تتوقف عائلة "كوتون" لدى "منتزه‬ ‫بلو سبرينغ ستيت" في أورانج سيتي‪،‬‬ ‫لمشاهدة خراف البحر‪.‬‬

‫‪( Erika Larsen‬كل الصور)‬

‫وأصبحت املعلومات التي حصل عليها باول وفريقه أساس‬ ‫حركة الحفاظ عىل خراف البحر يف فلوريدا‪ .‬وأخذ "نادي إنقاذ‬ ‫خراف البحر" بزمام املبادرة‪ ،‬إذ وظف املظهر اللطيف لخراف‬ ‫البحر لبناء قاعدة جماهريية ملتزمة بقضية هذه الحيوانات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫معارك قانونية من أجل تعزيز الترشيعات‬ ‫منظمات‬ ‫وخاضت‬ ‫ٌ‬ ‫التنظيمية الرامية إىل حماية خراف البحر وموائلها‪ ،‬وضد‬ ‫من يعارض هذه التدابري‪ ،‬كتحديد رسعة املراكب‪ ،‬والقيود‬ ‫املفروضة عىل إعمار الواجهة البحرية‪ ،‬وتخصيص مناطق‬ ‫محمية لخراف البحر‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ ،2011‬كشفت "هيئة األسماك والحياة الربية"‬ ‫عن خطة خصصت بموجبها "خليج كينغز" (منطقة منابع نهر‬ ‫هكتارا) محميةً لخراف البحر‪،‬‬ ‫كريستال بمساحة تناهز الـ ‪250‬‬ ‫ً‬ ‫مع فرض قانون الرسعة البطيئة عىل مدار العام عىل أصحاب‬ ‫املراكب‪ .‬وقد دفع ذلك "ستيف المب"‪ ،‬الشخصية البارزة يف‬ ‫مجال التجارة واألعمال الخريية‪ ،‬وآخرين إىل إنشاء منظمة‬ ‫"إنقاذ كريستال ريفر" ملجابهة "أصحاب خراف البحر"‪.‬‬ ‫يقول المب‪" :‬عندما تكون هناك أنواع مهددة باالنقراض‪،‬‬ ‫يمكن للحكومة فرض قوانني‪ ،‬وليس هناك ما يمكن للمرء فعله‬ ‫حيال ذلك‪ .‬فقد كانوا يف كل مرة ينتقصون حقوقنا"‪.‬‬ ‫بلغت تلك الحروب بشأن خراف البحر ذروتها يف عام ‪،2012‬‬ ‫عندما تقدمت "مؤسسة الهادي للشؤون القانونية" بالتماس‬ ‫إىل "هيئة األسماك والحياة الربية"‪ ،‬نيابةً عن منظمة "إنقاذ‬ ‫كريستال ريفر" إلعادة تصنيف هذه الحيوانات من قائمة‬ ‫األنواع املهددة بخطر انقراض كبري إىل قائمة األنواع املهددة‬ ‫بخطر االنقراض؛ بحجة أن أعدادها قد انتعشت‪( .‬ففي عام‬ ‫‪ ،2011‬أحصت "هيئة حفظ األسماك والحيوانات الربية يف‬ ‫فلوريدا" ‪ 4834‬خروف بحر يف الوالية)‪ .‬وبعد النظر يف امللتمس‪،‬‬ ‫اتخذت املؤسسة املذكورة يف عام ‪ 2017‬القرار املثري للجدل‬ ‫والقايض بسحب خراف البحر من تلك القائمة‪ .‬لم يغري ذلك من‬ ‫تدابري الحماية القائمة‪ ،‬لكن منارصي خراف البحر يخشون‬ ‫مؤرشا إىل تخفيض طابع االستعجال بشأن‬ ‫إمكانية أن يصبح‬ ‫ً‬ ‫منسقة‪.‬‬ ‫حفظ‬ ‫جهود‬ ‫إىل‬ ‫ماسة‬ ‫بحاجة‬ ‫يزال‬ ‫نوع حيواين ال‬ ‫َّ‬ ‫‪ 80‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫نوع معرض للخطر‬

‫باستثناء الحيتانيات‪ ،‬تظل خراف‬ ‫البحر وحيوانات األطوم ذات الصلة‬ ‫بها الثدييات الوحيدة المائية بشكل‬ ‫كامل‪ .‬وقد أدرج "االتحاد العالمي‬ ‫لصون الطبيعة" كل هذه الحيوانات‬ ‫ضمن قائمة األنواع المهددة بخضر‬ ‫انقراض متوسط‪.‬‬

‫ج‬

‫آﺳــــﻴـــﺎ‬

‫ﺑﻘﺮة ﺑﺤﺮ‬ ‫ﺳﺘﻴﻠﺮ‬

‫اﻟﻤﺤﻴﻂ‬ ‫اﻷﻃﻠﺴﻲ‬

‫أوروﺑﺎ‬ ‫إﻓــﺮﻳﻘـــﻴـــﺎ‬

‫ت‬

‫أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ‬

‫ث‬

‫اﻟﻤﺤﻴﻂ‬ ‫اﻟﻬﻨﺪي‬

‫دوﻏﻮﻧﻎ‬

‫ﺧﺮوف‬ ‫اﻟﺒﺤﺮ‬ ‫اﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‬

‫رعـــي‬ ‫هـــادئ‬

‫أﻣﻴﺮﻛﺎ‬ ‫اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ‬

‫ﺧﺮوف ﺑﺤﺮ ﻏﺮب‬ ‫اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي‬

‫أ‬

‫اﻟﻤﺤﻴﻂ‬ ‫اﻟﻬﺎدي‬

‫ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء‬

‫ب‬

‫ﺧﺮوف اﻟﺒﺤﺮ‬ ‫اﻷﻣﺎزوﻧﻲ‬

‫ج‬

‫أﻣﻴﺮﻛﺎ‬ ‫اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ‬

‫ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم‬

‫طورت خراف البحر وسائل تأقلم لجني النباتات المائية‬ ‫وهضمها بعد أن انتقل أسالفها من اليابسة إلى الماء‬ ‫قبل ‪ 50‬مليون سنة‪ .‬لكن تدهور موائل "أبقار البحر" هذه‪ ‬‬ ‫عرضها للمخاطر‪.‬‬ ‫ُي ّ‬

‫تفضل خراف البحر أن‬ ‫تعيش بمفردها‪ ،‬باستثناء‬ ‫السنتين األوليين حين ال‬ ‫يفترق العجل عن أمه‪.‬‬

‫قائمة طعام متغيرة‬

‫تسببت أزهار الطحالب في عام ‪2011‬‬ ‫بهالك نصف أعشاب البحر في بحيرة‬ ‫نهر إنديان بفلوريدا‪ .‬واضطرت خراف‬ ‫البحر بفعل ذلك ألكل كميات كبيرة‬ ‫من الطحالب البحرية‪ ،‬مع ما رافق ذلك‬ ‫من تداعيات عليها ال تزال غير معروفة‬ ‫حتى اآلن‪.‬‬

‫ﻋﺸﺐ ﺑﺤﺮي‬

‫أوراق‬ ‫زﻫﺮة‬

‫‪%60‬‬ ‫‪%28‬‬

‫‪1989-1977‬‬

‫ﻃﺤﺎﻟﺐ ﺑﺤﺮﻳﺔ‬

‫أﺧﺮى‬

‫ﺟﺬﻣﻮر‬ ‫ﺟﺬور‬

‫‪%49‬‬ ‫أﺧﺮى‬ ‫ﻃﺤﺎﻟﺐ ﺑﺤﺮﻳﺔ‬ ‫ﺗﻄﻔﻮ ﺑﺤﺮﻳﺔ‬

‫‪ Fernando G. Baptista‬و ‪ Lucas Petrin‬و ‪ Eve Conant‬و ‪ ،Christine Fellenz‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪.Lawson Parker .‬‬

‫‪%34‬‬

‫‪2015-2013‬‬ ‫ِخراف البحـر ‪81‬‬ ‫ ‬

‫)داﺋﺮﻳﺔاﻟﺬﻳﻞ(‬ ‫ﺗﺮﻳﻜﻴﺪاي)داﺋﺮﻳﺔ‬ ‫ﺗﺮﻳﻜﻴﺪاي‬ ‫اﻟﺬﻳﻞ(‬

‫أأ‬

‫ﺑﺤﺮﻏﺮب‬ ‫ﺧﺮوفﺑﺤﺮ‬ ‫ﺧﺮوف‬ ‫ﻏﺮب‬ ‫اﻟﻤﺤﻴﻂاﻟﻬﻨﺪي‬ ‫اﻟﻤﺤﻴﻂ‬ ‫اﻟﻬﻨﺪي‬ ‫)‪(Trichechusmanatus‬‬ ‫)‪manatus‬‬ ‫‪(Trichechus‬‬

‫اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ‬ ‫اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ‬

‫‪2.7‬م م‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪450‬ﻛﺞﻛﺞ‬ ‫‪450‬‬

‫ﻓﻠﻮرﻳﺪا)اﻟﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﺑﺤﺮﻓﻠﻮرﻳﺪا‬ ‫ﺧﺮوفﺑﺤﺮ‬ ‫ﻓﺮﻋﻴﺎن‪:‬ﺧﺮوف‬ ‫ﻧﻮﻋﺎنﻓﺮﻋﻴﺎن‪:‬‬ ‫ﻧﻮﻋﺎن‬ ‫اﻷﻧﺜﻴﻞ‬ ‫أدﻧﺎه( ﺑﺤﺮ ﺟﺰر‬ ‫وﺧﺮوف‬ ‫أدﻧﺎه(‬ ‫ﺟﺰر اﻷﻧﺜﻴﻞ‬ ‫وﺧﺮوف ﺑﺤﺮ‬ ‫)اﻟﻈﺎﻫﺮ‬

‫ب‬ ‫ب‬

‫‪2.4‬‬ ‫اﻟﺒﺤﺮاﻷﻣﺎزوﻧﻲ‬ ‫ﺧﺮوفاﻟﺒﺤﺮ‬ ‫ﺧﺮوف‬ ‫‪2.4‬مم‬ ‫اﻷﻣﺎزوﻧﻲ‬ ‫‪360‬ﻛﺞ‬ ‫‪360 (Trichechus‬‬ ‫)‪(Trichechusinunguis‬‬ ‫)‪inunguis‬‬ ‫ﻛﺞ‬

‫ت‬ ‫ت‬

‫‪ 2.5‬م‬ ‫اﻟﺒﺤﺮاﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‬ ‫ﺧﺮوفاﻟﺒﺤﺮ‬ ‫ﺧﺮوف‬ ‫‪ 2.5‬م‬ ‫اﻹﻓﺮﻳﻘﻲ‬ ‫‪400 (Trichechus‬‬ ‫)‪(Trichechussenegalensis‬‬ ‫)‪senegalensis‬‬ ‫ﻛﺞﻛﺞ‬ ‫‪400‬‬

‫كيلوجراما من الطعام‬ ‫الحصة الغذائية اليومية‪45 :‬‬ ‫ً‬

‫يصل حجم ما تستهلكه خراف البحر كل يوم من نباتات إلى‬ ‫نحو ‪ 10‬بالمئة من وزن جسمها؛ إذ تمزقها بشفتها العلوية‬ ‫التي تشبه الجذع وتُ رسلها عبر الجسم في رحلة تستغرق‬ ‫كامل‪.‬‬ ‫أسبوعا‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫تصعد إلى السطح‬ ‫الستنشاق الهواء كل ثالث‬ ‫أو خمس دقائق عندما‬ ‫تكون نشطة‪ ،‬وكل ‪10‬‬ ‫دقائق أو ‪ 15‬دقيقة عندما‬ ‫تكون في حالة استرخاء‪.‬‬

‫ال تمتلك خراف البحر سوى ست‬ ‫فقرات عنقية‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب أن‬ ‫تدير أجسادها للنظر إلى الوراء‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺦ‬

‫اﻟﻤﺦ‬

‫اﻟﺮﺋ‬ ‫اﻟﻤﺮئ‬

‫اﻟﻤﺮئ‬

‫اﻟﻜﺒﺪ‬

‫اﻟﻜﺒﺪ‬

‫اﻟﻘﺼﺒﺔ اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ اﻟﻘﺼﺒﺔ اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ‬

‫اﻟﻘﻠﺐ‬

‫اﻟﻘﻠﺐ‬

‫اﻟﻤﻌﺪة‬

‫اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷﺳﻨﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪة‬ ‫اﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻜﺔ‬ ‫اﻷﺳﻨﺎن اﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻜﺔاﻷﺳﻨﺎناﻷﺳﻨﺎن‬ ‫داﺋﻤﺔ اﻟﺘﺸﻜﻞ داﺋﻤﺔ اﻟﺘﺸﻜﻞ‬ ‫ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ‬ ‫ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ‬

‫يرجع أصل أظافر‬ ‫األصابع المتبقية‬ ‫إلى أسالفها التي‬ ‫كانت تسير على‬ ‫األرض‪.‬‬

‫مياه عكرة‬

‫لألعشاب البحرية حساسية تجاه‬ ‫درجة الحرارة ومستويات الملوحة‪،‬‬ ‫وتظل صلبة إذا تعرضت للضوء‬ ‫الكافي‪ .‬لكن الجريان السطحي‬ ‫الناجم عن األنشطة البشرية يعزز‬ ‫ازدهار الطحالب التي تحجب الضوء‪.‬‬

‫ﻣﺮﻓﻖ‬

‫ﻣﺮﻓﻖ‬

‫ﺗﺼﺮﻳﻒ ﻓﺎﺋﺾ ﺗﺼﺮﻳﻒ‬ ‫ﻳﻐﺬي ازدﻫﺎر اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ‬ ‫اﻟﻤﻐﺬﻳﺎت ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻤﻐﺬﻳﺎت ﻳﻐﺬي ازدﻫﺎر اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ‬

‫ﻧﻴﺘﺮوﺟﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻮﺳﻔﻮر‬ ‫ﻧﻴﺘﺮوﺟﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻮﺳﻔﻮر‬ ‫المصادر‪ ،Martin De Wit :‬من هيئة حفظ األسماك والحياة البرية في فلوريدا‪ .‬منطقة إدارة مياه نهر سانت جونز‪.‬‬ ‫‪Aarin-Conrad‬‬ ‫وآخرون‪ ،‬مجلة ‪2022 .Estuarine، Coastal and Shelf Science‬‬ ‫جيوغرافيك‬ ‫‪ Allen‬ناشيونال‬ ‫‪82‬‬ ‫ ‬

‫اﻟﻤﻌﺪة‬

‫اﻷﻃﻮﻣﺎت‬ ‫اﻷﻃﻮﻣﺎت )ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ اﻟﺬﻳﻞ(‬ ‫)ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ اﻟﺬﻳﻞ(‬

‫ث‬ ‫ث‬

‫‪2.7‬‬ ‫دوﻏﻮﻧﻎ‬ ‫‪2.7‬مم‬ ‫دوﻏﻮﻧﻎ‬ ‫‪300‬ﻛﺞ‬ ‫‪300 (Dugong‬‬ ‫)‪(Dugongdugon‬‬ ‫)‪dugon‬‬ ‫ﻛﺞ‬

‫جج‬

‫الهضم‪ :‬أمعاء بطول ‪ 37‬مت ًرا‬

‫ﺑﺤﺮﺳﺘﻴﻠﺮ‬ ‫ﺑﻘﺮﺑﺤﺮ‬ ‫ﺑﻘﺮ‬ ‫ﺳﺘﻴﻠﺮ‬ ‫)‪gigas‬‬ ‫‪(Hydrodamalis gigas‬‬

‫‪7.9‬‬ ‫‪7.9‬مم‬ ‫‪6260‬ﻛﺞ‬ ‫‪6260‬‬ ‫ﻛﺞ‬

‫الطفو‪ :‬رئتان بطول يفوق نصف المتر‬

‫يحافظ خروف البحر على قدرته على الطفو واالنبساط بفضل‬ ‫الهواء المتدفق إلى رئتيه الطويلتين والضيقتين‪ .‬ويشكل‬ ‫الجلد الكثيف والعظام وزنً ا معادال للغازات‪ .‬وللحجاب الحاجز‬ ‫العضلي قدرة على التأقلم مع الدوران وااللتفاف‪.‬‬

‫تساعد البكتيريا المنتشرة في األمعاء على هضم‬ ‫السليلوز الموجود في المادة النباتية‪ .‬وينتج عن‬ ‫هذا الجهاز الهضمي الضخم ‪-‬ما يقرب من خمس‬ ‫كتلة الجسم‪ -‬دفء داخلي وغازات كثيرة‪.‬‬

‫ﻋﻈﻢ ﺧﺮوف اﻟﺒﺤﺮﻋﻈﻢ ﺧﺮوف‬ ‫اﻟﺒﺤﺮاﻟﺤﻮت‬ ‫ﻋﻈﻢ‬ ‫اﻟﺼﻠﺐاﻟﻤﺴﺎﻣﻲ‬ ‫اﻟﺼﻠﺐ‬ ‫ﺿﻠﻊ‬ ‫اﻟﺮﺋﺔ‬

‫اﻧﻘﺮضﺑﺤﻠﻮل‬ ‫اﻧﻘﺮض‬ ‫ﺑﺤﻠﻮل‬ ‫ﻋﺎم‪1768‬‬ ‫ﻋﺎم‬ ‫‪1768‬‬

‫ﻋﻈﻢ اﻟﺤﻮت‬ ‫اﻟﻤﺴﺎﻣﻲ‬

‫ﺿﻠﻊ‬

‫اﻟﺮﺋﺔ‬

‫اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺤﺎﺟﺰ‬

‫اﻟﺤﺠﺎب اﻟﺤﺎﺟﺰ‬

‫ﻌﺪة‬ ‫اﻷﻣﻌﺎء‬

‫اﻷﻣﻌﺎء‬

‫ﻋﻀﻞ‬

‫ﻋﻀﻞ‬

‫دﻫﻦ‬

‫دﻫﻦ‬

‫ﺟﻠﺪ‬

‫ﺟﻠﺪ‬

‫ازدهار في المياه الدافئة‬

‫يحد بطء التمثيل الغذائي من متطلبات الطاقة‪،‬‬ ‫ولما كان لخراف البحر‬ ‫ولكنه ُينتج حرارة أقل للجسم‪ّ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫قليل من الدهون العازلة‪ ،‬فإنها ال تستطيع العيش‬ ‫في المياه التي تقل حرارتها عن ‪ 20‬درجة مئوية‪.‬‬

‫ﻳﺤﺠﺐ اﻟﻀﻮء‬

‫ﻳﺤﺠﺐ اﻟﻀﻮء‬

‫ﻳﻀﺮ ﺑﺎﻟﻌﺸﺐ اﻟﺒﺤﺮي‬ ‫ﻳﻀﺮ ﺑﺎﻟﻌﺸﺐ اﻟﺒﺤﺮي‬

‫حلول األعشاب البحرية‬

‫تتطلب زراعة األعشاب البحرية‬ ‫عمال مضنيا الستعادة ما ُفقد‬ ‫منها‪ .‬ويظل أفضل أمل لصحة‬ ‫األعشاب البحرية بصورة عامة‬ ‫هو تنظيف المياه‪.‬‬

‫ِخراف البحـر ‪83‬‬ ‫ ‬

‫تتجمع خراف البحر في القاع‬ ‫الرملي بالقرب من "ينابيع‬ ‫هوموساسا" حيث تكون‬ ‫المياه دافئة في الشتاء‪.‬‬ ‫وتشير التقديرات إلى أنه‬ ‫قد يكون هناك ما يصل‬ ‫إلى ‪ 7500‬خروف بحر في‬ ‫فلوريدا في الوقت الحالي‪،‬‬ ‫فيما كان عددها يقل عن‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫األلف قبل ‪ً 50‬‬ ‫‪Jason Gulley‬‬

‫‪ 84‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ِخراف البحـر ‪85‬‬ ‫ ‬

‫‪ 86‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫شوهت مروحة قارب َ‬ ‫ذيل‬ ‫خروف البحر هذا؛ إذ يقول‬ ‫"واين هارتلي"‪ ،‬العامل لدى‬ ‫"نادي إنقاذ خراف البحر"‪:‬‬ ‫"إذا كانت للبشر بصمات‬ ‫أصابع‪ ،‬فإن لخراف البحر‬ ‫أنماط ندبات"‪ .‬فتقديرات‬ ‫الباحثين تشير إلى أن ‪96‬‬ ‫بالمئة من خراف البحر‬ ‫البالغة في فلوريدا صدمتها‬ ‫القوارب مرة واحدة على‬ ‫األقل في حياتها التي تقارب‬ ‫أربعة عقود في البرية‪.‬‬ ‫ويستخدم علماء األحياء‬ ‫الندوب لتمييز خراف البحر‬ ‫بعضا‪.‬‬ ‫عن بعضها ً‬ ‫‪Erika Larsen‬‬

‫ِخراف البحـر ‪87‬‬ ‫ ‬

‫يقول باول‪" :‬استند قرار إعادة التصنيف ذاك إىل معايري‬ ‫ُيستشف منها أن التدابري املقرتحة بشأن حماية املوائل وقوانني‬ ‫رسعة القوارب كانت تبدو فعالة‪ ،‬مما سمح ألعداد خراف البحر‬ ‫بالتزايد"‪ .‬لكنه يستدرك قائال‪" :‬كنا نعرف أن كل هذه التغريات‬ ‫البيئية بدأت يف الظهور‪ ..‬املد األحمر (تكاثر الطحالب)‪ ،‬وتنامي‬ ‫أنشطة اإلعمار يف فلوريدا وتأثريها يف املمرات املائية‪ ،‬والتغري‬ ‫املناخي‪ .‬فهذه املسائل الكربى املتعلقة بالبيئة واملشهد الطبيعي‬ ‫هي التي يصعب السيطرة عليها‪ .‬وقد تلقت تحذيرات بشأن ذلك"‪.‬‬ ‫يف يوم بارد من يناير ‪ ،2022‬تمكن "ويل ولفسون" من دفع‬ ‫مركبنا إىل "بحرية موسيكيتو"‪ ،‬وهي جزء من منظومة "بحرية نهر‬ ‫إنديان"‪ .‬وولفسون‪ ،‬دليل الصيد الذي يتمتع بخربة عرشة أعوام‬ ‫يف هذه املياه‪ ،‬عىل دراية باملنطقة كما لو كانت امتدا ًدا لجسمه‪.‬‬ ‫"هذا املكان بأكمله قفار قاحلة"‪ ،‬يقول ونحن نمر بمحاذاة موقف‬ ‫مقطورات وندلف يف متاهة من أشجار املنغروف؛ قبل أن يستطرد‬ ‫ً‬ ‫قائل‪" :‬إنها جميلة من األعىل‪ ،‬لكنها مخربة من األسفل"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مهما‬ ‫موئل‬ ‫طويل‬ ‫زمن‬ ‫منذ‬ ‫إنديان"‬ ‫نهر‬ ‫"بحرية‬ ‫أصبحت‬ ‫لقد‬ ‫ًّ‬ ‫لخراف البحر واألسماك عىل حد سواء‪ ،‬بفضل ما تتمتع به من‬ ‫أعشاب بحرية وفرية ومياه محمية‪ .‬لكن خالل الفرتة املمتدة ما‬ ‫بني عامي ‪ 2011‬و‪ ،2019‬اختفى أكرث من نصف تلك األعشاب‬ ‫وسجل يف بعض األماكن اختفاء أكرث من ‪ 90‬باملئة منها؛‬ ‫البحرية‪ُ .‬‬ ‫إذ يقول ولفسون‪" :‬لم تعد األعشاب البحرية تنمو هنا‪ .‬فاملاء عكر‬ ‫للغاية"‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ ،2010‬تسبب شتاء شديد الربودة يف هالك املئات‬ ‫من خراف البحر‪ .‬ومع ما ُسجل يف األعوام التالية من ارتفاع‬ ‫يف درجات الحرارة واستمرار لتدفق الرواسب ومياه الرصف‬ ‫الصحي واألسمدة الزراعية باتجاه البحرية‪ ،‬تنامت الطحالب‬ ‫وتكاثرت عىل نحو خرج عن نطاق السيطرة؛ إذ حجبت أشعة‬ ‫الشمس عن الحياة النباتية‪ .‬ويقول ولفسون إن هذا املكان كان‬ ‫ملي ًئا باألعشاب البحرية‪ ،‬أما اآلن "فيتعني عيل أن أجثو عىل‬ ‫يدي وركبتي بح ًثا عن ورقة عشب واحدة"‪.‬‬ ‫ومع اختفاء األعشاب البحرية‪ ،‬بدأ ولفسون وصيادون آخرون‬ ‫يف توعية الجمهور والضغط عىل ممثيل حكومة الوالية والحكومة‬ ‫الفدرالية التخاذ اإلجراءات الالزمة‪ .‬لكن أعشاب البحر ليست‬ ‫كائنات جذّ ابة‪ .‬يقول‪" :‬بدا ّأل أحد يكرتث لهذا األمر‪ ،‬حتى عام‬ ‫‪ 2021‬عندما بلغت األمور مرحلة الكتلة الحرجة‪ ،‬وبدأت كل‬ ‫خراف البحر هذه تنفق وتطفو فوق املاء"‪ .‬ويستطرد ً‬ ‫قائل‪" :‬ال‬ ‫أحد يفعل أي يشء حتى يسمع كلمة خروف البحر‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يتحمس بشأن هذه املحنة البيئية"‪ .‬وليست كارثة األعشاب‬ ‫البحرية يف "بحرية نهر إنديان" بالحادث الفريد من نوعه‪ .‬فعندما‬ ‫كنت يافعةً أُميض فصول الصيف يف منزل أم جديت يف أوائل العقد‬ ‫ُ‬ ‫األول من القرن الحايل‪ ،‬كانت أزهار الطحالب قد حولت واحة‬ ‫خراف البحر هذه إىل أرض قاحلة‪ .‬وتحولت الطحالب إىل حصائر‬ ‫كثيفة وخيطية تتشابك مع مراوح املراكب وتسد فتحات الينابيع‬ ‫الجوفية وتحجب أشعة الشمس؛ ما أدى إىل هالك كل ما تبقى‬ ‫‪ 88‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫من نباتات مائية‪ .‬ويستذكر باول ً‬ ‫قائل‪" :‬كنا نشعر بالقلق من‬ ‫احتمال ّأل يكون لدى خراف البحر ما يكفي من طعام"‪.‬‬ ‫ولم تكن هذه األهوال يف مصلحة أي أحد‪ .‬فقد افتقد راكبو‬ ‫املياه الصافية‪ .‬وافتقد الصيادون إىل‬ ‫القوارب والزوارق الرسيعة‬ ‫َ‬ ‫صيد األسماك‪ .‬وشعر أَ ِد ّلء الجوالت السياحية الخاصة بخراف‬ ‫البحر وأصحاب الفنادق بالقلق بشأن سبل كسب قوتهم‪ ،‬بل‬ ‫حتى األجداد ساورهم القلق بشأن أحفادهم الذين لن ينشؤوا‬ ‫عىل خالف ما كان عليه حالهم‪ -‬يف بيئة تمكنهم من استكشاف‬‫الجمال الطبيعي لهذا املكان‪ .‬ثم بدأ اتخاذ خطوات صغرية نحو‬ ‫وقف تلك األرضار‪ .‬فقد اجتمع الجريان حاملني مدمات النتشال‬ ‫الطحالب باأليدي‪ .‬ومن املفارقات أن "إنقاذ كريستال ريفر"‬ ‫وهي املنظمة التي كان ُحماة الطبيعة قد واجهوها أثناء معركتهم‬‫بشأن وضع خراف البحر املعرض للخطر‪ -‬هي التي قادت حملة‬ ‫استعادة الغطاء النبايت املايئ‪ .‬وعمد "ستيف المب"‪ ،‬يف سعي منه‬ ‫إىل مواجهة تدهور املكان الذي كان يحبه‪ ،‬إىل رصف اهتمامه‬ ‫نحو اكتشاف سبل حل هذه املشكلة‪ .‬ففي عام ‪ ،2015‬قامت‬ ‫املنظمة‪ ،‬وبتمويل من الهيئة الترشيعية للوالية‪ ،‬بالتعاقد مع‬ ‫رشكة "يس أند شورالين" املتخصصة يف إصالح النظم املائية‪،‬‬ ‫بغرض إزالة الوحل وإعادة زراعة قاع النهر بالنباتات املائية التي‬ ‫تنمو بأوراق طويلة تشبه الرشائط‪.‬‬

‫أطقم صحافية تتزاحم لنيل‬ ‫أفضل المواقع‪ ،‬في ديسمبر‬ ‫‪ ،2021‬لتصوير الحارسة "جاكي‬ ‫غوردون" وهي تفرغ في الماء‬ ‫سالال من األعشاب البحرية‬ ‫استُ قدمت من كريستال ريفر‬ ‫إلطعام خراف البحر الجائعة‬ ‫التي ُأعيد تأهيلها في "منتزه‬ ‫إيلي شيلر هوموساسا سبرينغز‬ ‫للحياة البرية"‪ .‬فخروف البحر‬ ‫كيلوجراما من‬ ‫يستهلك نحو ‪45‬‬ ‫ً‬ ‫النباتات المائية كل يوم‪.‬‬ ‫أسفل‬

‫خراف بحر في المنتزه نفسه‬ ‫تمضغ األعشاب البحرية‬ ‫التي قامت شركة "سي‬ ‫أند شورالين"‪ ،‬المتخصصة‬ ‫في إصالح النظم المائية‪،‬‬ ‫بجمعها من مدينة كريستال‬ ‫ويعد الخس‬ ‫ريفر المجاورة‪ُ .‬‬ ‫ً‬ ‫أحيانا لخراف‬ ‫طعم‬ ‫الذي ُي َ‬ ‫البحر الخاضعة لرعاية بشرية‬ ‫جيدا لتوفير‬ ‫متخصصة‪،‬‬ ‫خيارا ً‬ ‫ً‬ ‫الغذاء‪ ،‬في غياب النباتات التي‬ ‫تأكلها خراف البحر في البرية‪.‬‬ ‫معا)‪.‬‬ ‫‪( Erika Larsen‬الصورتان ً‬

‫ِخراف البحـر ‪89‬‬ ‫ ‬

‫في "فانينغ سبرينغز"‪،‬‬ ‫خروف بحر يحوم بخفة‬ ‫ورشاقة في طبقة من‬ ‫المياه الجوفية الدافئة‬ ‫والصافية فوق المياه‬ ‫العفصية الباردة من نهر‬ ‫"سواني" الذي غمرته‬ ‫الفيضانات‪ .‬وتبدو خراف‬ ‫البحر ممتلئة الجسم ألن‬ ‫لديها قنوات هضمية‬ ‫ضخمة لمعالجة المادة‬ ‫النباتية التي يجب أن تأكلها‬ ‫للبقاء على قيد الحياة‪.‬‬ ‫‪Jason Gulley‬‬

‫أمرا مخيفًا ومثبط ًا‬ ‫كانت فكرة إعادة زراعة النهر بأكمله ً‬ ‫للهمم‪" .‬كان الناس يعتقدون أننا مجانني"‪ ،‬كما تقول "ليزا‬ ‫مور"‪ ،‬رئيسة منظمة "إنقاذ كريستال ريفر"‪ .‬ولكن بعد تفريغ‬ ‫أكرث من ‪ 135‬مليون كيلوجرام من املخلفات وزرع ما يقارب‬ ‫يدويا‪ ،‬أعادت املنظمات‬ ‫‪ 350‬ألف قرن من قرون النباتات املائية‬ ‫ً‬ ‫البيئية النهر إىل منظومة بيئية ال تهيمن عليها الطحالب‪.‬‬ ‫مر أعوام متتالية‪ ،‬لم يكن هناك أي طعام‬ ‫يقول المب‪" :‬عىل ّ‬ ‫لخراف البحر‪ .‬أما اآلن‪ ،‬فتوجد وفرة من هذه النباتات املائية‬ ‫الرائعة واملياه النظيفة‪ .‬فهي يف أوج مجدها‪ ،‬وبارك الله فيها‪ .‬إنه‬ ‫ألمر رائع"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبدل من أن ُتميض خراف البحر أشهر الشتاء القصرية يف‬ ‫كريستال ريفر قبل العودة إىل خليج املكسيك من أجل االقتيات‪،‬‬ ‫أصبح بعضها يفضل البقاء هنا عىل مدار العام لينعم بالطعام الوفري‬ ‫ويعزز اقتصاد السياحة يف هذه املدينة‪ .‬وقد كشفت الدراسات‬ ‫‪ 90‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫املسحية الجوية يف يناير ‪ 2022‬عن أكرب عدد من خراف البحر‬ ‫تم تسجيله عىل اإلطالق يف هذه املياه؛ ما يزيد عىل األلف يف‬ ‫"خليج كينغز" وحده‪ .‬كما مهدت النباتات املستعادة حدي ًثا السبيل‬ ‫لحيوانات أخرى ‪-‬األسماك والرسطانات الزرقاء والحلزونات‬ ‫وغريها‪ -‬للعودة إىل كريستال ريفر‪.‬‬ ‫وأصدرت "وكالة حماية البيئة" تقديرات تفيد بأن عكس آثار‬ ‫االنهيار البيئي يف "بحرية نهر إنديان" سيكلف خمسة مليارات‬ ‫عاما‪ .‬وتقع معظم‬ ‫دوالر وسيستغرق ما بني عرشين وثالثني ً‬ ‫أجزاء البحرية داخل مقاطعة بريفارد ذات امليول الجمهورية‬ ‫والتي صوت سكانها يف عام ‪ 2016‬العتماد رضيبة مبيعات‬ ‫مر عرشة‬ ‫طوعية ستوفر ما يقرب من ‪ 500‬مليون دوالر عىل ّ‬ ‫أعوام لفائدة مشاريع البنية التحتية ملياه الرصف الصحي وإعادة‬ ‫تأهيل املجاري املائية‪ .‬ويقول "كارتر هني"‪ ،‬كبري علماء األحياء‬ ‫ورئيس رشكة "يس أند شورالين"‪" :‬عندما تعمد أي مقاطعة من‬

‫مقاطعات فلوريدا إىل التصويت عىل فرض رضائب عىل نفسها‬ ‫وهي يف األصل مقاطعة جمهورية‪ -‬فذاك مكسب للبيئة"‪ .‬ويف‬‫املقابل‪ ،‬فإن الترشيعات املؤيدة من الحزبني تمكن من التتبع‬ ‫الرسيع لتمويل الوالية املوجه إلنقاذ خراف البحر وإعادة‬ ‫تأهيلها‪ ،‬وللمشاريع الرامية إىل معالجة املشكالت التي تسببت‬ ‫يف هالك األعشاب البحرية‪.‬‬ ‫ويبادر ُمالك املساكن يف بعض املقاطعات بإضافة أموالهم‬ ‫ُ‬ ‫الخاصة إىل املنح لتحويل خزانات الرصف الصحي املترسبة إىل‬ ‫أنظمة الرصف الصحي الرئيسة‪ .‬ويف مقاطعات أخرى‪ ،‬تضغط‬ ‫املجتمعات املحلية الستعادة األعشاب البحرية وتجريف األنهار‬ ‫إلزالة أحمال النيرتوجني والفوسفور املحبوسة يف القاع‪.‬‬ ‫كان "ويليام بانش" ‪-‬صاحب مطعم يف كريستال ريفر وأحد قادة‬ ‫املجتمع املحيل وصديق العائلة‪ -‬قد التقى أم جديت يف ستينيات‬

‫يافعا يدير إحدى رشكات تنسيق الحدائق‪.‬‬ ‫القرن املايض وهو ُ‬ ‫بعد ً‬ ‫يقول ضاحكًا‪" :‬ما زلت أتذكر حني رفضت أم جدتك السماح لنا‬ ‫يف ذلك الوقت بتسميد حديقتها‪ .‬وكانت جدتك مثلها‪ .‬فلم ترغبا‬ ‫يف أن تنجرف تلك املواد إىل النهر"‪.‬‬ ‫أما اليوم‪ ،‬فإن أصحاب املساكن والرشكات يتبنون إرشادات‬ ‫"املناظر الطبيعية الرفيقة" بفلوريدا‪ ،‬وهي جزء من برنامج يهدف‬ ‫إىل الحد من استخدام املياه واألسمدة‪ .‬وقد أصبح مزارعو قصب‬ ‫السكر والخرضاوات واألرز ‪-‬وهي من العوامل الرئيسة املساهمة‬ ‫يف امل ُغذّ يات التي تعزز تكاثر الطحالب‪ -‬يعتمدون عىل نحو متزايد‬ ‫"برامج إدارة املغذيات" الطوعية املستندة إىل العلم للحد من‬ ‫تأثري زراعتهم يف جودة املياه‪.‬‬ ‫ويقول "إريك هوبكنز"‪ ،‬وهو أحد مزارعي الخرضاوات‬ ‫وقصب السكر من الجيل الثالث يف مقاطعة "بالم بيتش" التي‬ ‫كيلومرتا عن "بحرية نهر إنديان"‪" :‬نحن لسنا‬ ‫تبعد نحو ‪40‬‬ ‫ً‬ ‫الطرف الرشير‪ .‬فلدى الجميع دور يف إفساد األمور‪ ،‬ويمكن‬ ‫أن يكون للجميع دور يف إصالحها"‪ .‬ففي عام ‪ ،2021‬كما‬ ‫يقول هوبكنز‪ ،‬حد املزارعون يف منطقته من الفوسفور‪ ،‬وهو‬ ‫أحد امللوثات الرئيسة‪ ،‬بنسبة ‪ 59‬باملئة؛ أي أكرث من ضعف ما‬ ‫يقتضيه القانون‪ .‬ويضيف قائال إن اعتماد تقنيات إدارة امل ُغذيات‬ ‫يوفر املال للمزارعني‪ .‬ولكن األهم من ذلك هو أنه "الترصف‬ ‫الصائب‪ .‬فإذا لم نحافظ عىل قابلية أرضنا لالستمرار‪ ،‬فسنضع‬ ‫أنفسنا خارج نطاق العمل"‪.‬‬ ‫تنتمي "بيتي أوسيوال" إىل قبيلة "ميكوسويك" األصلية؛‬ ‫ربية وناشطة يف مجال صون الطبيعة ومدافعة عن املياه‬ ‫وهي ُم ّ‬ ‫النظيفة‪ .‬نشأت يف ساحل فلوريدا وتقول إن والدتها وجدتها كانتا‬ ‫قصصا عن رؤية خراف البحر يف أعماق "نهر العشب"‪.‬‬ ‫ترويان‬ ‫ً‬ ‫أما اآلن‪ ،‬فإن الطرق والحواجز تحول دون سباحتها يف‬ ‫أجزاء بعيدة يف الداخل‪ .‬تقول أوسيوال‪" :‬يجب أن تتغري العقليات‪.‬‬ ‫فإذا َتفَكر املرء يف رضورة شفاء الجسم املايئ وشفاء األرض‪،‬‬ ‫فسيتحقق كثري من التحسن مقابل اإلدارة واالستئصال"‪.‬‬ ‫جزءا من هذا التغري‪ ،‬عىل حد قولها‪ ،‬هو إدراك الناس أننا‬ ‫إن ً‬ ‫داخل نظام حي يرتابط فيه خراف البحر والحياة النباتية وكل‬ ‫واحد منا‪ .‬وتضيف قائلة‪" :‬ال يمكنني التحدث باسم السكان‬ ‫األصليني اآلخرين‪ ،‬ولكن الرتبية التي تلقيتها علمتنا أن ننظر‬ ‫دائما إىل كل يشء من حولنا بوصفه أحد أقربائنا‪ .‬فأنت جزء من‬ ‫ً‬ ‫جميعا املساعدة يف تعزيز‬ ‫جميعا مكاننا وهدفنا‪ ،‬وعلينا‬ ‫ذلك‪ .‬لدينا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بعضا"‪.‬‬ ‫حياة بعضنا ً‬ ‫وتتعلم خراف البحر‪ ،‬وهي ال تزال عجوال‪ ،‬مهارات البقاء من‬ ‫كثريا‪ .‬فعندما كنت صغرية‪ ،‬كان‬ ‫أمهاتها‪ .‬وال يختلف البرش عنها ً‬ ‫والداي يأخذانا إىل كريستال ريفر لقضاء بعض الوقت مع أجدادنا‬ ‫أمورا عن هذا العالم الذي ورثناه‪ .‬هنالك دأبنا بعد‬ ‫الذين علمونا ً‬ ‫العشاء‪ ،‬عىل الجلوس يف الخارج لنشاهد وميض الربق الحراري‬ ‫من بعيد ونستمع إىل موسيقى الضفادع والحرشات وهي تنساب‬ ‫عرب املاء‪ .‬ويف بعض األحيان‪ ،‬يشد انتباهنا صوت آخر‪َ :‬ه ّبات‬ ‫طلبا للهواء‪j .‬‬ ‫أنفاس خروف بحر يصعد إىل السطح ً‬ ‫ِخراف البحـر ‪91‬‬ ‫ ‬

‫بعد أن كانت‬ ‫مملكة موستانغ‬ ‫في الهيمااليا‬ ‫محظورة على الغرباء‪،‬‬ ‫ها هي اآلن تفتح‬ ‫أبوابها للعالم ‪.‬‬

‫قلم‪ :‬مارك سينوت‬ ‫عدسة‪ :‬كوري ريتشاردز‬

‫‪ 92‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫في حضن المرتفعات‬ ‫الوعرة القاحلة بشمال‬ ‫نيبال‪ ،‬يوجد معبد بوذي‬ ‫ُي ّ‬ ‫ذكر المسافرين بإمكانية‬ ‫التنوير‪ .‬مع وجود طريق‬ ‫جديدة تجلب العالم‬ ‫الخارجي إلى مملكة‬ ‫"موستانغ" السابقة‪،‬‬ ‫يخشى زعيمها غير الرسمي‬ ‫أن يفقد أفراد شعبه‬ ‫هويتهم وأسلوب حياتهم‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪93‬‬

‫ولكن هل ستتمكن‬ ‫ثقافتها الفريدة‬ ‫وخزائنها التبتية‬ ‫العريقة النفيسة‪ ،‬من‬ ‫الصمود أمام ما يحمله‬ ‫المستقبل الوشيك؟‬

‫‪ 94‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ُيؤدي الرهبان صلوات‬ ‫الصباح في "ثوبكين‬ ‫الكانغ"‪ ،‬وهو معبد في‬ ‫"لو مانتانغ"‪ ،‬العاصمة‬ ‫األسطورية والتاريخية‬ ‫لمملكة موستانغ‪ .‬ظل‬ ‫مر‬ ‫النظام الرهباني على ّ‬ ‫ً‬ ‫متينا للبوذية‬ ‫أساسا‬ ‫قرون‬ ‫ً‬ ‫التبتية والتعليم‪ ،‬لكن عدد‬ ‫الشبان الذين يقصدون هذا‬ ‫المعبد في تناقص اليوم‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪95‬‬

‫ملك‬ ‫موستانغ‬ ‫يطلب‬ ‫حضورك‬ ‫اآلن‬

‫مرتديا رسوال جينز ر ًّثا وسرتة خرضاء من الصوف‬ ‫كان امللك‬ ‫ً‬ ‫املشيد منذ‬ ‫قرصه‬ ‫لدى‬ ‫السقف‬ ‫منخفضة‬ ‫غرفة‬ ‫وسط‬ ‫يف‬ ‫وهو يقف‬ ‫َّ‬ ‫حبات مسبحة بني‬ ‫ويقلّب ّ‬ ‫قرون خلت‪ .‬كان يردد ترنيمة بوذية ُ‬ ‫أصابعه‪ .‬ومن حوله‪ُ ،‬زينت الجدران واألعمدة الخشبية التي‬ ‫تسند السقف املتديل‪ ،‬بلوحات معقدة ُمبهمة لآللهة البوذية‪ .‬كان‬ ‫هنيا‪ ،‬فيما كانت‬ ‫بعضها‬ ‫ً‬ ‫متشحا بأردية ذهبية وقد ا ّتخذ م ّتكأً ً‬ ‫أخرى تحمل السيوف وقد أحاط بها لهيب النار وهي تنوح‬ ‫بغضب عارم‪.‬‬ ‫كان ذلك يف منتصف أكتوبر ‪ 2019‬بهذه السلسلة القاحلة من‬ ‫السفوح الواقعة عىل الحافة الشمالية لجبال الهيمااليا‪ .‬هنالك‬ ‫كانت برودة جدران القرص الطينية تعلن قرب حلول فصل‬ ‫الشتاء‪.‬‬ ‫املسورة التي‬ ‫تطل نافذة بالقرص عىل مدينة "لو مانتانغ"‬ ‫َّ‬ ‫يعود تاريخها إىل ‪ 600‬عام‪ ،‬وهي العاصمة التاريخية ملنطقة‬ ‫كيلومرتا عن‬ ‫"موستانغ" األسطورية يف نيبال‪ ،‬وال تبعد سوى ‪15‬‬ ‫ً‬ ‫الحدود الصينية‪ .‬امتدت يف األسفل صفوف مرتاصة من البيوت‬ ‫متمو ًجا من‬ ‫الطينية املطلية باللون األبيض‪ ،‬والدخان يتصاعد‬ ‫ّ‬ ‫أسطحها؛ فيما تألألت أيكات شجر حور الهيمااليا يف نسيم‬ ‫الظهرية وقد شارفت أوراقها الذهبية الالمعة عىل أوج رونقها‪.‬‬ ‫إىل الجنوب الرشقي‪ ،‬تفرعت جدائل نهر "كايل غاندايك" مثل‬ ‫مروحة عرب الوادي‪ ،‬متدفقةً نحو جدار مهيب من قمم مكسوة‬ ‫بثلوج تتألأل يف السماء الزرقاء الداكنة‪.‬‬ ‫‪ 96‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫يرتدي "جيغمي سينغي بالبار‬ ‫بيستا" معطف "تشوبا" ِّ‬ ‫الت ِبتي‬ ‫التقليدي‪،‬‬ ‫حامل مسبحة والده‪،‬‬ ‫ً‬ ‫آخر ملك رسمي لموستانغ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حلت الحكومة النيبالية هذا‬ ‫النظام الملكي في عام ‪،2008‬‬ ‫ومع ذلك ال يزال شعب هذه‬ ‫طلبا‬ ‫المملكة يلجأ إلى جيغمي ً‬ ‫لإلرشاد والقيادة‪.‬‬

‫إن الجمعية‬ ‫الجغرافية الوطنية‪،‬‬

‫والتزاما منها بإلقاء الضوء على‬ ‫ً‬ ‫عجائب عالمنا وحمايتها‪ ،‬قد‬ ‫مولت بعثات مارك سينوت‬ ‫ّ‬ ‫االستكشافية منذ عام ‪،1999‬‬ ‫وكذلك التصوير الفوتوغرافي‬ ‫للمستكشف كوري ريتشاردز‬ ‫منذ عام ‪.2014‬‬

‫الرسم‪Joe Mckendry :‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪97‬‬

‫يف ما مىض كانت هذه اإلطاللة محظورة عىل األجانب‪،‬‬ ‫مر زمن طويل من القرن العرشين‪ ،‬كان الوصول‬ ‫مثيل‪ .‬فعىل ّ‬ ‫إىل موستانغ يخضع لرقابة مشددة من قبل حكومة نيبال‪ .‬أما‬ ‫اليوم فقد أخذين امللك إىل قرصه املتهالك ُلييني أحد التحديات‬ ‫العديدة التي تواجهها مملكته يف العرص الحديث‪.‬‬ ‫االسم الكامل لهذا امللك هو "جيغمي سينغي بالبار بيستا"‪،‬‬ ‫إيل ببساطة باسم "جيغمي"‪ .‬إنه رجل‬ ‫لكنه كان قد َّ‬ ‫عرف نفسه َ‬ ‫نحيف ذو شعر رمادي خفيف‪ ،‬وتبدو عليه حيوية ال تفصح عن‬ ‫عقوده الستة‪ .‬كان قد قادين برشاقة إىل مسار ذي عقبات مضاء‬ ‫بشكل خافت عرب القرص‪ ،‬والذي اضطرت عائلته ملغادرته بعد‬ ‫تعرضه ألرضار جسيمة خالل زلزال عام ‪ .2015‬تسلقنا ساللم‬ ‫حفرا واسعة يف األرضية‪ ،‬ومررنا‬ ‫مرتجة‪ ،‬وتفادينا‬ ‫خشبية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بمحاذاة جدران متداعية ُز ِّينت بجداريات مخططة بالطني‪.‬‬ ‫عىل رغم الحالة املتدهورة للقرص‪ ،‬بدت الغرفة حيث كنّا نقف‬ ‫ساع َتها محفوظةً عىل نحو جيد للغاية‪ .‬الحظ جيغمي أنّني أنظر‬ ‫إىل صورة لرجل وامرأة يرتديان أزياء التبت التقليدية‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫"إنهما والِ َداي‪ .‬فقد كانت هذه غرفة الصالة لدى ِ‬ ‫والدي‪ .‬كان‬ ‫آخر ملوك موستانغ‪ ،‬وامللك الخامس والعرشين يف ساللتنا‪ .‬وأنا‬ ‫السادس والعرشون"‪.‬‬ ‫إىل يساري‪ ،‬امتدت من األرض إىل السقف خزانةٌ من‬ ‫حدقت‬ ‫خشب الصندل مكسوة بورق الذهب‪ .‬داخل الخزانة‪ّ ،‬‬ ‫مجموعة من التماثيل الربونزية آللهة بوذية من خالل األبواب‬ ‫تجم ٌع من املصابيح النُّذرية‪ ،‬امل ُنارة بوقود من‬ ‫رش‬ ‫الزجاجية‪ .‬ونَ َ‬ ‫ّ‬ ‫زبدة بقر "الياك"‪ ،‬رائحةً دخانية مميزة بنكهة الحامض‪ ،‬والتي‬ ‫ُتشبع املعابد البوذية عرب جبال الهيمااليا‪.‬‬ ‫أوضح جيغمي أن التماثيل أكرث من مجرد أعمال فنية‪ ،‬بل‬ ‫هي أرواح حية حرست عائلته منذ العصور القديمة‪ .‬قال يل إنه‬ ‫راهب رفيع املستوى‬ ‫قبل وضع كل تمثال عىل املذبح‪ ،‬كان‬ ‫ٌ‬ ‫جسدا‬ ‫التمثال‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫يؤدي‬ ‫طقوسا يبعث من خاللها استنار َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعقل‪.‬‬ ‫وكالما‬ ‫ً‬ ‫أما اآلن فإن جيغمي هو الذي يحرس هذه اآللهة‪ ،‬عىل‬ ‫األقل يف شكلها املادي‪ .‬ففي عالم البرش‪ ،‬يمكن لتاجر آثار يف‬ ‫السوق السوداء بيع هذه املجموعة الصغرية لقاء ثروة كبرية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شخص ما‬ ‫مر قرون‪ ،‬لم تكن فكرة رسقتها من طرف‬ ‫عىل ّ‬ ‫كبريا هنا يف هذه املدينة البوذية املنعزلة الورعة‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫ف‬ ‫تخو‬ ‫تثري‬ ‫ً‬ ‫أخريا إىل عتبة موستانغ‪ ،‬وكانت‬ ‫لكن العالم الخارجي قد صعد‬ ‫ً‬ ‫رسقة التحف الفنية مبعث قلق واحد فحسب من بني العديد من‬ ‫تؤرق بال امللك‪.‬‬ ‫املخاوف الجديدة التي أضحت ّ‬ ‫كنت وجيغمي نتشارك لحظة الهدوء تلك يف غرفة صالته‪،‬‬ ‫مل ّا ُ‬ ‫الحفر وتهيئة‬ ‫كنت بالكاد أميز صوت الضجيج املنخفض مل ّ‬ ‫ُعدات َ‬ ‫األرض العاملة عىل تحسني الطريق التي تصل إىل املدينة من‬ ‫الناحية الجنوبية‪ .‬فلقد أصبح اآلن باإلمكان إتمام رحلة الـ ‪450‬‬ ‫تقريبا من العاصمة النيبالية كاتماندو يف غضون ثالثة‬ ‫كيلومرتا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أيام فقط بالسيارة‪ ،‬بعد أن كانت تستغرق أسابيع من السري عىل‬ ‫القدمني أو عىل صهوة حصان أو ثور‪..‬‬ ‫‪ 98‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫تقبع هذه القطع األثرية في‬ ‫مخزن مليء بالغبار‪ ،‬حيث ال‬ ‫ٌ‬ ‫حبل وموقع‬ ‫يحميها سوى‬ ‫موستانغ القصي‪ .‬هذه‬ ‫التحف الدينية النفيسة هي‬ ‫في ملكية العائلة الملكية‬ ‫ويعود تاريخها إلى قرون من‬ ‫الزمان‪ .‬ولطالما ظلت آمنة‬ ‫في عيون المجتمع البوذي‬ ‫المتدين بالمنطقة؛ لكنها‬ ‫ربما تكون اليوم عرضة‬ ‫للسرقة من قبل الغرباء‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪99‬‬

‫ﻻراﻧﻎ‬

‫ﻫـــــــــــــ‬

‫إنهاء حقبة من العزلة‬

‫تقريبا إلى مدينة لو‬ ‫كيلومترا‬ ‫كانت الرحلة التي تبلغ ‪450‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سفرا يستغرق‬ ‫مانتانغ من العاصمة النيبالية‪ ،‬كاتماندو‪ ،‬تتطلب‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫طريق‬ ‫تيح‬ ‫أسبوعين اثنين‬ ‫سيرا على القدمين‪ .‬واليوم‪ ،‬تُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ترابية ُش ِّيدت خالل العقد الماضي إتمام هذه الرحلة بالسيارة‬ ‫تقريبا‪ ،‬على أن المعابر المغمورة بالفيضانات‬ ‫في ثالثة أيام‬ ‫ً‬ ‫غالبا ما تتسبب بحدوث حاالت تأخير‪.‬‬ ‫واالنهيارات األرضية ً‬

‫ﻧﻘﻄﺔ ﺗﻔﺘﻴﺶ‬ ‫ﺣﺪودﻳﺔ‬

‫ﺛﻮﺑﺸﻴﻦ ﻻﻛﺎﻧﻎ‬

‫ﻧﻴﺒﺎل‬

‫ﻟﻮﻏﻮﻻ‬ ‫‪ 6872‬م‬

‫ﻣﻮﺳﺘﺎﻧﻎ‬

‫رحالت مشي تاريخية‬

‫ال يمكن بلوغ العديد من‬ ‫المواقع الدينية في موستانغ‬ ‫إال من خالل مسارات مشي‬ ‫على ارتفاعات شاهقة‪ .‬ولحماية‬ ‫التراث الثقافي‪ ،‬يلزم الحصول‬ ‫على تصاريح سياحية‪.‬‬

‫ﺳﻴﺎﻧﺪﻏﻲ‬ ‫ﻣﺎر‬

‫ﻟﻮري ﻏﻮﻣﺒﺎ‬

‫ﻳﺎرا‬

‫ﻏﺎرا‬

‫ﺗﺴﺎراﻧﻎ‬

‫ﻧﻬﺮ ﻛﺎﻟﻲ ﻏﺎﻧﺪاﻛﻲ‬

‫ﺗﺎﻧﻐﻲ‬

‫ﻛﻮرا ﻻ‬ ‫‪ 4610‬م‬ ‫ﺛﻴﻨﻐﺎر‬

‫ﻟﻮ ﻣﺎﻧﺘﺎﻧﻎ‬

‫ﻟﻮ ﻏﻴﻜﺎر‬

‫ﻏﺎﻣﻲ‬

‫ﻏﻴﻠﻴﻨﻎ‬

‫ﺳﺎﻧﻐﺪاك‬

‫ﺳﺎﻧﻐﺪاك ﻻ‬ ‫‪ 5694‬م‬

‫ﻣﻮﻛﺘﻴﻨﺎت‬ ‫ﻛﺎﻏﺒﻴﻨﻲ‬ ‫ـــــــــــــــــــــﻴ‬ ‫ﺛﻮروﻧﻎ ﻻ‬ ‫ــــﻬـــــــــــــ‬ ‫ـ‬ ‫‪ 5415‬م ـــــــــــــــــــ‬ ‫ﺟﻮﻣﺴﻮم‬ ‫ــــــــــــــــــ‬ ‫اﻟــ‬ ‫ﻣﺎرﻓﺎ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــﻤــــــ‬

‫ﻣﺪرج‬

‫أﻧﺎﺑﻮرﻧﺎ ‪1‬‬

‫‪ 8091‬م‬

‫ﻣﺎﺗﺸﺎﺑﻮﺗﺸﺮي‬ ‫‪ 6993‬ﻣﺘﺮا‬

‫داﻧﺎ‬

‫ﺷﻤﺎل‬

‫ً‬ ‫فضل أن‬ ‫ملن استطاع إىل ذلك‬ ‫وي َّ‬ ‫سبيل‪َ .‬تعرب امل َركبات‪ُ ،‬‬ ‫تكون رباعية الدفع‪ ،‬بسلسلة مذهلة من املنعرجات عىل مسار‬ ‫وعر ضيق شُ َّق عىل طول األجراف املصطفّة يف "مضيق كايل‬ ‫غاندايك"‪ .‬خالل رحلتي إىل هنا‪ ،‬تأخرت بسبب االنهيارات‬ ‫األرضية التي أغلقت الطريق ساعات‪ ،‬تاركةً‬ ‫طابورا متعر ًجا‬ ‫ً‬ ‫من السيارات العالقة عرب واجهة الجرف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذه‬ ‫ً‬ ‫إيجابيا عميقًا يف حياة سكان موستانغ‪،‬‬ ‫تحول‬ ‫الطريق تمثل‬ ‫ً‬ ‫بإتاحتها تدفق البضائع الرخيصة وسهولة الوصول إىل املرافق‬ ‫الطبية الحديثة‪ ،‬ومنافع أخرى كثرية‪.‬‬

‫‪ 8167‬م‬

‫ﺪاﻛﻲ‬ ‫ﻏﺎﻧ‬ ‫ﻟﻲ‬ ‫ﻛﺎ‬ ‫ﻟﻴﺘﻲ‬ ‫ﻏﺎﺳﺎ‬

‫يختلف المقياس من هذا المنظور‪ .‬المسافة المستقيمة‬ ‫كيلومترا‪.‬‬ ‫من جومسوم إلى لو مانتانغ هي ‪50‬‬ ‫ً‬

‫دوﻻﻏﻴﺮي ‪1‬‬

‫ﻛﻮﺑﺎﻧﻎ‬ ‫‪ 2525‬م‬

‫ـــــــﻮرﻧـــــــــــــــــــــــــــــــﺎ‬ ‫ــــﺎﺑـــــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــ‬ ‫أﻧــ‬

‫ ‬

‫ﺣﺪود ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ‬ ‫ﻣﻮﺳﺘﺎﻧﻎ‬

‫ﺳﺎﻣﺎر‬ ‫ﺗﺴﻴﻠﻲ‬ ‫ﺗﺸﻮﺳﺎﻧﻎ ﻏﻮﻣﺒﺎ ﻏﺎﻧﻎ‬ ‫ﺗﺎﻧﻐﺒﻲ‬

‫ﻣﺪرج‬

‫‪ 100‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫ﻣﺎﻧﺸﺎﻳﻞ‬ ‫‪ 6235‬م‬

‫ــــــــــــــﻮ‬ ‫ﻣـــــــﻤـــــــﻠــــــــــــــﻜـــــــــــــــــــــــﺔ ُﻟ‬ ‫ْ‬

‫ﺗﻴﺮي ﻻ‬ ‫‪ 5450‬م‬

‫ﻣﺎﻧﺎﻧﻎ‬

‫ﻃﺮﻳﻖ ﺳﺮﻳﻌﺔ‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ أﺧﺮى‬ ‫درب ﻟﻠﻤﺸﻲ‬ ‫ﻣﻮﻗﻊ دﻳﻨﻲ‬

‫ﻳﺎري‬

‫ﻏﺎﻓﻮ‬

‫اﻟﺼﻴﻦ‬

‫ـــﻀــــــــــــــ‬

‫ﺒــــــــــــــــــــــــﺔ‬ ‫ــ‬

‫َمعبر الهيمااليا‬

‫ً‬ ‫مضيقا‬ ‫َيقطع نهر "كالي غانداكي"‬ ‫بين اثنتين من أعلى القمم في‬ ‫العالم‪" ،‬دوالغيري ‪ "1‬و"أنابورنا‬ ‫‪ ."1‬وفي أقصى الشمال‪ ،‬يشكل‬ ‫طبيعيا ُيفضي‬ ‫جسرا‬ ‫هذا الوادي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إلى هضبة التبت‪.‬‬

‫مندفعا‬ ‫نهرا‬ ‫ً‬ ‫وقريبا قد يصبح تدفق السلع واألشخاص هذا ً‬ ‫ً‬ ‫من التجارة‪ .‬ويف شمال لو مانتانغ‪ ،‬خطط الصينيون لدرب‬ ‫تجاري جديد ُمربح‪ ،‬وينتظرون طريقًا مم َّهدة حدي ًثا َتصل‬ ‫جانبهم من الحدود بالطرق الرسيعة املؤدية إىل بكني‪ .‬فما تبقى‬ ‫وسيمكن أن يبدأ عرص‬ ‫هو الربط بني هذه الطرق عند الحدود‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫جديد من التجارة يف هذا الركن األسطوري من سقف العالم‪.‬‬ ‫أما السؤال الذي يطرحه جيغمي وأهل موستانغ فيتعلق بمدى‬ ‫قدرتهم عىل صون أوصال هذه اململكة الصغرية التي منحتها‬ ‫خصوصية منذ قرون‪.‬‬

‫بعض التسميات الواردة في هذه الخريطة تستخدم الحروف ِّ‬ ‫الت ِبتية‪ ،‬والتي تختلف عن األسماء الرسمية النيبالية‪.‬‬

‫اﻟــــــــــــــــﺘــــــــــــــــﺒــــــــــــــــﺖ‬

‫اﻟﺼﻴﻦ‬

‫ﻧﻴﺒﺎل‬

‫روابط تبتية‬

‫شعب ُ‬ ‫وبا" في موستانغ هم تِ بتيو‬ ‫"ل ّ‬ ‫الثقافة ولكنهم معزولون عن التبت التي‬ ‫تسيطر عليها الصين‪ .‬وهم يمارسون‬ ‫أساسا‪ ،‬على خالف بقية نيبال‬ ‫البوذية‬ ‫ً‬ ‫التي تهيمن عليها الهندوسية‪.‬‬

‫بوابـة عريـقة‬

‫في سابق األزمان‪ ،‬كانت منطقة موستانغ النيبالية حلقة وصل محورية‬ ‫في شبكة "طريق الحرير"‪ ،‬وكذا ملتقى طرق للفقهاء البوذيين يعود‬ ‫تاريخه إلى القرن الحادي عشر‪ .‬كان التجار العابرون لموستانغ يسلكون‬ ‫أحد الدروب القليلة عبر منطقة الهيمااليا للمتاجرة بالملح والصوف من‬ ‫لقاء التوابل والحبوب من شبه القارة الهندية‪ ،‬حتى خمسينيات‬ ‫التبت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬حين أغلق ذلك الممر بسبب ضم الصين للتبت‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــﻴــــــــ‬ ‫آﺳـــــــــــــــ‬

‫ــــــــــــــــــﺎ‬ ‫ـــ‬

‫ﺑــــﻜﻴﻦ‬

‫ﻧﻴﻨﻐﺒﻮ‬

‫ﻃﻬﺮان‬

‫ﺗﺸﻴﺎن‬

‫اﻟﺼﻴﻦ‬

‫ــــــــــــــــــــــــﺎﻻﻳــــــــــــــــــــﺎ‬ ‫ــــ‬

‫ﻻﺳﺎ‬

‫ﻫﻀﺒﺔ‬ ‫اﻟﺘﺒﺖ‬

‫ﻧﻴﺒﺎل‬

‫ﻛﻮﻧﻤﻴﻨﻎ‬

‫ﻛﻮﻟﻜﺎﺗﺎ‬

‫ﺧﻠﻴــﺞ‬ ‫اﻟﺒﻨــــﻐــــــﺎل‬ ‫ﺗﺸﻮرﻳﻦ‬ ‫‪ 7385‬م‬

‫ﻛﺎﺑﻮل‬

‫ﻟﻴﻪ‬

‫اﻟﺠﺰء‬ ‫اﻟﻤﻜﺒﺮ‬ ‫أﺳﻔﻠﻪ‬

‫ﻧﻴﻮدﻟﻬﻲ‬

‫اﻟﻬــــﻨــــﺪ‬

‫ﻛﺮاﺗﺸﻲ‬ ‫اﻟﺪروب اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬ ‫ﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮ‬ ‫اﻻرﺗﻔﺎع‬

‫أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ‪ 4800‬م‬

‫‪ 500‬ﻣﻴﻞ‬

‫دوﻻﻏـــــ‬ ‫ـــــــﻴـــــــــــ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ﺮ‬ ‫ي‬

‫‪ 500‬ﻛﻢ‬

‫اﻟﺼﻴﻦ‬

‫‪ 50‬ﻣﻴﻼ‬

‫ﻛﺎﺗﻤﺎﻧﺪو‬

‫‪ 500‬ﻛﻢ‬

‫من حولنا‪ ،‬كانت تلك اآللهة املرسومة مبتسمةً مزمجر ًة‪.‬‬ ‫ظننت أنه ربما‬ ‫هنالك جلس جيغمي عىل مقعد وخفض عينيه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كان يتأمل أو يصيل‪ ،‬ولكن بعد ذلك‪ ،‬وبحركة رسيعة‪ ،‬أخرج‬ ‫هاتف "آيفون" الخاص به وراح يتفحص رسائله‪.‬‬ ‫سيليق بموستانغ أن تصبح مرك ًزا للتجارة مرة أخرى‪ .‬كان‬ ‫َ‬ ‫القرص الذي أراين ّإياه جيغمي من تركة العرص الذهبي لهذه‬ ‫املدينة‪ ،‬والذي يعود تاريخه إىل القرن الخامس عرش‪ .‬يف ذلك‬ ‫الزمن‪ ،‬كان الجزء العلوي من املنطقة ُيعرف باسم "مملكة‬

‫ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ‬

‫إثراء بالتجارة‬

‫ﻣﻤﻠﻜﺔ ُﻟ ْﻮ‬

‫ﺟﺒﻞ إﻳﻔﺮﺳﺖ‬

‫‪ 2400‬ﻣﺘﺮ‬

‫ﻣﻮﺳﺘﺎﻧﻎ‬

‫ﺑﺨﺎرا‬

‫ﻧﻴﺒﺎل‬

‫اﻟﻬﻨﺪ‬

‫اﺗﺠﺎه اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫إﻟﻰ اﻟﻴﻤﻴﻦ‬

‫ﻣﻬﺪ ﺑﻮذا‬ ‫ﻓﻲ ﻟﻮﻣﺒﻴﻨﻲ‬

‫في القرنين ‪ 15‬و‪ ،16‬أصبحت‬ ‫مملكة ُ‬ ‫"لو" المستقلة ثرية‬ ‫من خالل سيطرتها على الجزء‬ ‫العلوي من موستانغ‪ .‬ومولت‬ ‫الضرائب على الطريق التجارية‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األعمال الفنية الدينية وتشييد‬ ‫المعابد البوذية‪.‬‬

‫ُوبا" ‪-‬وهم أبناء عمومة التبت‪-‬‬ ‫ل ُْو"‪ .‬كان شعبها املعروف باسم "ل ّ‬ ‫قد جمع ثروة كبرية من خالل التحكم بالتجارة عرب "وادي‬ ‫كايل غاندايك"‪ .‬تحيط بهذا الوادي من الغرب‪ ،‬القمة السابعة‬ ‫مرتا)؛ ومن جانبه‬ ‫ًّ‬ ‫علوا يف العالم‪ ،‬جبل "دوالغريي ‪ً 8167 ( "1‬‬ ‫علوا‪ ،‬جبل "أنابورنا ‪8091( "1‬‬ ‫العارشة‬ ‫القمة‬ ‫تنتصب‬ ‫الرشقي‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫مرتا)‪ ،‬وقد كان يشكل إحدى الطرق املبارشة للتجارة الرابطة‬ ‫ً‬ ‫بني الرواسب الغنية بامللح يف "هضبة التبت" وأسواق الهند‪.‬‬ ‫ُوبا" رضائب عىل قوافل الياك‪ ،‬والتي كانت‬ ‫هنا‪ ،‬فرض شعب" ل ّ‬ ‫ً‬ ‫فضل عن امللح‪ -‬الشعري والفريوز وغدد مسك الغزالن‬‫تحمل‬

‫‪ Riley D. Champine‬و ‪ Patricia Healy‬و ‪ ،Eve Conant‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪.‬‬ ‫رسم التضاريس‪ .Stephen Tyson :‬المصادر‪ ،Galen Murton :‬من جامعة جيمس ماديسون‪ ،Tim Williams .‬من معهد اآلثار في الكلية الجامعية بلندن‪ .‬حكومة نيبال‪ .‬شركة‬ ‫(‪ .Merit Dem (Planet Labs PBC‬خريطة الشوارع المفتوحة (‪.)Openstreetmap.org‬‬

‫(املستخدمة يف التداوي والعطور)‪ .‬واسم موستانغ مشتق من‬ ‫كلمة تبتية تعني "سهل ال ّتوق"‪ ،‬يف إشارة إىل الرثوات املحتملة‬ ‫التي يمكن تحصيلها هناك‪.‬‬ ‫ولكن حتى قبل أن تتطور موستانغ وتتحول إىل مركز‬ ‫تجاري نابض بالحياة‪ ،‬فقد كانت ملتقى طرق مهم للفقهاء‬ ‫والحجاج البوذيني الذين كانوا يتنقلون بني الهند والصني‪ .‬ويف‬ ‫نهاية األمر‪ ،‬اندمجت التعاليم البوذية مع املمارسات الروحانية‬ ‫فولدت البوذية التبتية‪ .‬ومع مرور الزمن‪ ،‬اعتنقت‬ ‫للمنطقة‪ُ ،‬‬ ‫وشيدت املعابد واألديرة املزخرفة‪.‬‬ ‫الجديد‬ ‫الدين‬ ‫اململكة هذا‬ ‫ّ‬ ‫ووفقًا لألسطورة املحلية‪ ،‬تم بناء أول معبد للبوذية التبتية يف‬ ‫اململكة عىل بعد بضعة كيلومرتات جنوب مدينة لو مانتانغ‪ ،‬عىل‬ ‫يد ناسك هندي قىض عىل شيطانة هناك‪ .‬واليوم يقبع هذا املعبد‪،‬‬ ‫تجمع من أشجار الصفصاف‬ ‫املعروف باسم "لوغيكر"‪ ،‬بني‬ ‫ّ‬ ‫امللتوية لدى طرف أخدود منعزل‪ ،‬حيث يعتقد أهايل املنطقة أنه‬ ‫ال يزال ُيحكم قبضته عىل قلب الشيطانة املقتولة‪.‬‬ ‫دول قوية يف التجرؤِ‬ ‫ومع حلول القرن الثامن عرش‪ ،‬إ ْذ رشعت ٌ‬ ‫عىل حدود موستانغ‪ ،‬سافر امللك ملقابلة ملك نيبال املو َّحدة حدي ًثا‪.‬‬ ‫قرابني‬ ‫أحد أسالفه لذلك امللك‬ ‫قدم ُ‬ ‫أوضح يل جيغمي كيف َّ‬ ‫َ‬ ‫من الحليب وبذور الخردل والرتبة إلثبات أن موستانغ لديها‬ ‫األرض والرثوة ملشاركتها‪ .‬أُعجب امللك النيبايل بتلك البادرة‪،‬‬ ‫فع َرض حماية موستانغ لقاء جزية رمزية وفروض والء سنوية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بعد قرنني من الزمان‪ ،‬أنقذ ذلك االنتساب موستانغ من‬ ‫ويالت سيطرة الصني عىل التبت‪ ،‬والتي بدأت بعد وقت قصري‬ ‫مر العقد‬ ‫عىل غزو "ماو تيس تونغ" لذلك البلد يف عام ‪ .1950‬وعىل ّ‬ ‫التايل‪ ،‬إذ تم إغالق آالف املواقع البوذية يف التبت‪ ،‬ظلت كنوز‬ ‫موستانغ محفوظة ُمصانة‪.‬‬ ‫عىل أن عزلة اململكة لم َت ُحل دون انجرارها إىل الحرب‬ ‫الباردة‪ .‬ففي مطلع ستينيات القرن املايض‪ ،‬توغلت يف موستانغ‬ ‫دربة من ِق َبل "وكالة املخابرات‬ ‫ٌ‬ ‫ميليشيات رسية من التبت‪ُ ،‬م َّ‬ ‫املركزية" األمريكية‪ .‬كانوا يخططون لشن غارات عرب الحدود‬ ‫عىل الجيش الصيني ومن ثم إقامة قواعد يف التبت؛ وذلك بدعم‬ ‫من عمليات اإلنزال الجوي األمريكية لألسلحة واإلمدادات‬ ‫املدربني‪ .‬عىل الرغم من‬ ‫ومش ِّغيل أجهزة االتصال الالسليك‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫استيالئهم عىل بعض الوثائق االستخباراتية املهمة‪ ،‬إال أنهم‬ ‫لم يحرزوا سوى نجاحات قليلة‪ ،‬ونزعت الحكومة النيبالية‬ ‫التداعيات السياسية لذلك‬ ‫أسلحتهم يف عام ‪ .1974‬ودفعت‬ ‫ُ‬ ‫حكومةَ نيبال إىل إغالق املنطقة بإحكام غري مسبوق‪.‬‬ ‫كان ذلك هو العالم حيث نشأ جيغمي‪ ..‬مملكة محظورة‬ ‫ومعزولة وسط تضاريس هي من بني األشد وعورة عىل كوكب‬ ‫األرض‪ .‬كان والده‪ ،‬بصفته ملكًا‪ ،‬يراقب الحدود؛ لكن وظيفته‬ ‫األساسية كانت الحفاظ عىل السلم‪ .‬إذ كان يتنقل باستمرار بني‬ ‫قرى مملكته‪ ،‬ويحل الخالفات والنزاعات املحلية حول املِلكية‪.‬‬ ‫"نادرا ما كان ُيميض يومني متتابعني يف‬ ‫قال يل جيغمي عنه‪:‬‬ ‫ً‬ ‫البيت‪ .‬كان كلما سمع عن مشكلة أو نزاع‪ ،‬يمتطي صهوة جواده‬ ‫ويذهب إىل حيث ذلك‪ .‬كانت كلمته هي العليا يف اململكة"‪.‬‬ ‫‪ 102‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫حينما لم تكن هناك نزاعات تستدعي تدخل امللك‪ ،‬كان‬ ‫يرشف عىل االحتفاالت الدينية‪ .‬ومن بني أهمها‪ ،‬مهرجان فخم‬ ‫عرف باسم "تيجي"‪ ،‬حيث يرقص العرشات‬ ‫وي َ‬ ‫يدوم ثالثة أيام ُ‬ ‫ّني وراء أقنعة رشسة أمام ناظري امللك‬ ‫ف‬ ‫متخ‬ ‫من الرهبان وهم‬ ‫َ‬ ‫احتفاء بانتصار‬ ‫يف الساحة خارج القرص مبارش ًة بمدينة لو مانتانغ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الخري عىل الرش‪.‬‬ ‫عاما‪ ،‬غادر موستانغ لاللتحاق‬ ‫عندما بلغ جيغمي من العمر ‪ً 21‬‬ ‫بالجامعة يف كاتماندو‪ .‬كان والده يزوره خالل كل فصل شتاء‪،‬‬ ‫إذ يقوم برحلة تستغرق ثالثة أسابيع عرب الجبال‪ ،‬كما دأب‬ ‫تكريما للمعاهدة مع ملك نيبال‪ .‬قال جيغمي‪:‬‬ ‫عىل ذلك أسالفه‬ ‫ً‬ ‫"كان والدي يجلب للملك منتجات محلية كالسجاد الصويف‬ ‫والبطانيات والخيول‪ .‬وأثناء وجوده هناك‪ ،‬كان يقدم تقارير‬ ‫ً‬ ‫أموال‬ ‫بشأن أوجه إنفاق األموال الحكومية يف موستانغ ويطلب‬ ‫ملشاريع جديدة ململكته"‪.‬‬

‫يمين‬

‫شاحنة صينية تنفث دخانها‬ ‫شمال بتثاقل‬ ‫وهي تتجه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تاركة وراءها‬ ‫نحو الحدود‪،‬‬ ‫سلسلة جبال "أنابورنا"‬ ‫المكسوة بالثلوج في نيبال‪.‬‬ ‫عندما تُ َربط هذه الطريق‬ ‫إلى نظيرتها المكتملة في‬ ‫الصين‪ ،‬فإنها ستتيح إحدى‬ ‫أكبر الطرق البرية المباشرة‬ ‫بين بكين ونيودلهي‪.‬‬ ‫أسفل‬

‫في خريف عام ‪،2019‬‬ ‫استجار التجار النيباليون‬ ‫من الرياح وهم ينتظرون‬ ‫الترخيص لعبور الحدود‬ ‫الخاضعة لحراسة مشددة‬ ‫إلى الصين‪ ،‬والتي ُأغلقت‬ ‫في وقت الحق بسبب‬ ‫جائحة "كوفيد‪ ."19-‬ويظهر‬ ‫مبنى جديد على الجانب‬ ‫الصيني من األسالك‬ ‫الشائكة يحجب رؤية طريق‬ ‫ً‬ ‫حديثا‪ ،‬إلى الصين‪.‬‬ ‫ممهدة‬ ‫َّ‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪103‬‬

‫ثم بدأت األمور تتغري يف عام ‪ .2008‬بعد عقد من الحرب‬ ‫جديدا وتحولت إىل‬ ‫دستورا‬ ‫األهلية يف نيبال‪ ،‬اعتمدت الحكومة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جمهورية فيدرالية‪ .‬أُلغيت جميع املَلَكيات‪ ،‬و ُج ّرد والد جيغمي‬ ‫من منصبه الرسمي‪ .‬وهكذا عىل نحو مفاجئ‪ ،‬تم إلغاء الدور‬ ‫رسميا عىل األقل‪.‬‬ ‫الذي كان جيغمي يستعد له‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قال جيغمي‪" :‬لم يزعجني األمر‪ .‬فلقد أدركت أن الزمن‬ ‫كان يتغري وكانت لدي حيايت الخاصة ألركز عليها‪ .‬لم نكن قَط‬ ‫فخورين بوضعنا‪ ،‬ولم نتلق أي تعويض لقاء ذلك‪ .‬لذا قبلنا بتلك‬ ‫النهاية"‪.‬‬ ‫بعد وفاة والد جيغمي يف عام ‪ ،2016‬وجد نفسه يف موقف‬ ‫عده معظم أهايل موستانغ َ‬ ‫امللك الرشعي‪،‬‬ ‫ال ُيحسد عليه‪ .‬فقد ّ‬ ‫ولكن من دون سلطة رسمية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ظلوا يعتمدون عليه يف‬ ‫ترأس الشعائر الدينية ويف بعض األحيان الفصل يف النزاعات‬ ‫املحلية‪ .‬وتبجيل الناس له واضح ههنا‪ .‬ففي وقت سابق من ذلك‬ ‫اليوم‪ ،‬بينما كنا نسري عرب األزقة الضيقة يف لو مانتانغ‪ ،‬كان كل‬ ‫ً‬ ‫إجالل‬ ‫من مررنا بهم يزيلون قبعاتهم بوقار ويحنون رؤوسهم‬ ‫وي َح ّيي كل شخص منهم‬ ‫له‪ .‬وكان جيغمي يبتسم لهم بانرشاح ُ‬ ‫باالسم‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬كيف مللك ‪-‬ال سلطة حقيقية له وال نفوذًا‪ -‬أن يحافظ عىل‬ ‫الرتاث الثقايف ململكته؟ وما قرص جيغمي املتهالك هذا سوى‬ ‫مثال واحد عىل التحديات التي يواجهها‪ُ .‬يقال إنه ُبني يف عام‬ ‫‪ 1441‬من ِقبل ابن "أما‪-‬بال"‪ ،‬امللك األسطوري األول ملوستانغ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫محتمل للرتاث العاملي‪ ،‬ولكن‬ ‫موقعا‬ ‫وقد أدرجته "اليونسكو"‬ ‫ً‬ ‫بسبب األرضار الناجمة عن الزلزال واملناخ متنامي الرطوبة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أموال طائلة ضخمة فقط ملنع مزيد من التدهور‪.‬‬ ‫فإنه يتطلب‬ ‫يف غضون ذلك‪ ،‬وخلف أسوار لو مانتانغ‪ ،‬تحوي الوديان‬ ‫كبريا من القصور واملعابد‬ ‫واألخاديد العديدة باململكة عد ًدا‬ ‫ً‬ ‫األقدم‪ٌّ ،‬‬ ‫كل منها مسكون بآلهته الخاصة وكنوزه الخاصة‪.‬‬ ‫وقد سمعت بأحد تلك املواقع عىل وجه الخصوص‪ ،‬أال وهو‬ ‫دير راهبات بوذي مهجور يدعى "غومبا غانغ"‪ ،‬والذي يقع عىل‬ ‫جرف يطل عىل "نهر كايل غاندايك"‪ ،‬يف منتصف الطريق أعىل‬ ‫الوادي‪ .‬يف صباح اليوم التايل قبل رشوق الشمس‪ ،‬انطلقت أنا‬ ‫و"تسيوانغ جوندين بيستا" ‪-‬ابن عم جيغمي‪ -‬لزيارة ذلك الدير‪.‬‬ ‫كشفت لنا املناظر الطبيعية يف ضوء الصباح املبكر ونحن نقود‬ ‫َت ّ‬ ‫السيارة عىل طول ضفة "كايل غاندايك" املتدفق ببطء عرب سهل‬ ‫عريض وهو يجري عرب سفوح مرتاصة يف طبقات بلون رمادي‬ ‫وبني وأصفر وأحمر‪ .‬كانت قطعان ماعز "الباشمينا" األشعث‬ ‫تسري عىل طول الطريق‪ ،‬حيث يرعاها فتيان وفتيات مراهقون‬ ‫املدرجة يف األرض الخصبة عىل‬ ‫مغربون‪ .‬واصطفت الحقول‬ ‫ّ‬ ‫طول ضفاف النهر‪ .‬لقد حان وقت الحصاد‪ ،‬وتوجهت عائالت‬ ‫بأكملها ‪-‬بما يف ذلك األطفال‪ -‬إىل حقول خرضاء من الحنطة‬ ‫السوداء والبساتني الحبىل بالتفاح‪.‬‬ ‫توقفنا لدى قاعدة جرف طيني شاهق‪ .‬يف األعىل‪ ،‬كانت‬ ‫واجهة الجرف مليئة بالعرشات من الفتحات املظلمة التي‬ ‫‪ 104‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫فتاة صغيرة من شعب‬ ‫ُ‬ ‫وبا" تنتظر في الخارج‬ ‫"ل ّ‬ ‫إذ تعكف عائلتها على‬ ‫تفريغ البضائع الصينية‬ ‫في متجرهم‪ ،‬غير بعيد عن‬ ‫مدينة لو مانتانغ‪ .‬حلت‬ ‫الدراجات النارية إلى حد كبير‬ ‫محل الخيول في موستانغ‪،‬‬ ‫سابقا‬ ‫التي كانت تُ عرف‬ ‫ً‬ ‫باسم مملكة ُ‬ ‫"ل ْو"‪ ،‬حيث‬ ‫حظيت ثقافة الفروسية‬ ‫والخيول بالتبجيل منذ زمن‬ ‫طويل‪.‬‬

‫تشبه النوافذ‪ .‬تحول تسيوانغ‪ ،‬الذي يدير رشكة رحالت ميش‪،‬‬ ‫إىل وضع الدليل السياحي لنا وأوضح أن موستانغ تشتهر بهذه‬ ‫"الكهوف السماوية" الغامضة‪ .‬فقد ُحفرت اآلالف منها يف‬ ‫األجراف عرب أنحاء املنطقة‪ .‬ويشري التأريخ الكربوين إىل أن‬ ‫بعضها ُحفر منذ أكرث من ألف سنة‪ .‬يف عام ‪ ،2008‬تمكن فريق‬ ‫تابع لناشيونال جيوغرافيك من ولوج كهف يعلو األرضية بنحو‬ ‫‪ 200‬مرت‪ .‬وجدوا يف داخله ُحجرة كبرية تحوي آالف املخطوطات‬ ‫ذات الكتابات والصور التي تعود إىل الحقبة البوذية وما قبل‬ ‫البوذية‪ .‬واحتوت كهوف أخرى عىل هياكل عظمية‪ ،‬لكن ال أحد‬ ‫تحديدا من حفروها أو ملاذا ذهبوا إىل هذه املناطق القصية‬ ‫يعرف‬ ‫ً‬ ‫إلنشاء هذه املخابئ‪.‬‬

‫شققنا طريقنا صعو ًدا عرب ممر إىل حافة جبلية تطل عىل النهر‪.‬‬ ‫هناك‪ ،‬كان بستان كثيف من الصفصاف يحيط بمبنى ترايب‬ ‫أبيض‪ .‬فتحنا بوابة حديدية ودخلنا فناء املبنى‪ُ .‬ث ّبت علم صالة‬ ‫متهالك عىل عمود خشبي ُحرش يف كومة من الحجارة وقرون‬ ‫الياك الشاحبة‪ .‬طقطق العلم يف مهب الريح بينما راح تسيوانغ‬ ‫يوضح كيف كان الحجاج يسافرون إىل هذا املوقع من جميع‬ ‫أنحاء الهند ونيبال والتبت للصالة ونيل الربكات‪ ،‬خالل ذروة‬ ‫الدير يف القرن الثامن عرش امليالدي‪ .‬ومع أفول رخاء موستانغ‪،‬‬ ‫سار حال الدير من يسء إىل أسوأ‪.‬‬ ‫دلفنا من باب منخفض إىل القاعة الرئيسة‪ ،‬حيث هيمن عىل‬ ‫الغرفة تمثال ضخم من طابقني للبوذا "مايرتيا"‪ .‬امتد رأسه من‬

‫خالل فتحة يف السقف إىل ُحجرة بالطابق الثاين‪ ،‬حيث أضاءت‬ ‫تجسد بوذا هذا يمثل‬ ‫أشعة الشمس وجهه‪ .‬أوضح تسيوانغ أن ّ‬ ‫مستقبليا سينرش الحكمة يف جميع أنحاء العالم بعد زمن‬ ‫ُمعل ًّما‬ ‫ً‬ ‫طويل من املجاعة والحرب‪.‬‬ ‫ألقى تسيوانغ ضوء مصباح يدوي عىل الحائط فرأيت الغرفة‬ ‫جالسا القرفصاء فوق‬ ‫صو َرت إحداها بوذا‬ ‫مغطاة بالجداريات‪ّ .‬‬ ‫ً‬ ‫سحابة إىل جانب امرأة عارية الصدر تحمل َص َدفة حلزون‬ ‫فضيا يف اليد األخرى‪ .‬كانت هناك‬ ‫وعاء‬ ‫بحري يف يد و ُتقَدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تماثيل ال حرص لها يف مشاهد معقدة ومزخرفة‪ ،‬وإنْ كانت‬ ‫باهتة‪ .‬بينما كنا نشق طريقنا عرب الظالم‪ ،‬وجه تسيوانغ ضوء‬ ‫املصباح إىل صور تمثل الكون وعجلة الحياة ومئات اآللهة‪.‬‬ ‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪105‬‬

‫"هناك غورو رينبوتيش"‪ ،‬قال تسيوانغ وهو ييضء شخصية‬ ‫رداء باألزرق واألحمر‪ ،‬وهو املؤسس الرئيس للبوذية‬ ‫ترتدي‬ ‫ً‬ ‫ويعتقد أنه سافر عرب أرجاء موستانغ يف القرن الثامن‪.‬‬ ‫التبتية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عاينت الجداريات من قُرب‪ ،‬الحظت أن العديد‬ ‫عندما‬ ‫ُ‬ ‫من اللوحات كان يف طور التلف‪ .‬كانت إحداها مليئة بالبثور‪،‬‬ ‫وأخرى مثقَّبة بالشقوق وقد انتفخت بعض أجزائها بالجص‬ ‫مر قرون‪ ،‬كانت هذه املنطقة القريبة من‬ ‫مثل الفقاعة‪ .‬عىل ّ‬ ‫رسيعا‪،‬‬ ‫شحيحا‪ ،‬لكن املناخ هنا يتغري‬ ‫مطرا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هضبة التبت تستقبل ً‬ ‫صمم‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫رطوبة‬ ‫مستويات‬ ‫الطني‬ ‫من‬ ‫املشيد‬ ‫ويواجه هذا الدير‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫مطلقًا الحتوائها‪ .‬قال تسيوانغ‪" :‬يف املايض‪ ،‬كان املطر والثلج‬ ‫الذائب يترسبان عرب طبقة واحدة من الطوب‪ .‬اآلن صارت‬ ‫العواصف أقل ولكنها أشد‪ .‬يف بعض األحيان نستقبل يف عاصفة‬ ‫ربيعية كبرية واحدة كمية ثلوج تعادل ما نستقبله يف فصل شتاء‬ ‫كامل‪ .‬وعندما تذوب كلها ُدفعة واحدة‪ ،‬فهذا ما يحدث"‪.‬‬ ‫تترسب الرطوبة إىل عمق الجدران الطينية فتخرتق الطبقة‬ ‫الداخلية الجافة‪ .‬وعندما يتبخر املاء‪ ،‬تتشكل بلورات امللح خلف‬ ‫الطالء‪ ،‬مما يتسبب يف َتق َّش الجداريات‪ .‬تحدث هذه العملية يف‬ ‫مواقع عرب منطقة الهيمااليا ومن شبه املستحيل إيقافها حال‬ ‫انطالقها‪ .‬قال تسيوانغ‪" :‬حتى الطقس يتآمر علينا"‪.‬‬

‫بوذا‪ .‬لم يكن هناك ِس ِجل تفصييل لِما كان مخبأ داخل التمثال‪،‬‬ ‫ولكن جميع الكنوز التي كانت تبعث الحياة يف هذا اإلله منذ‬ ‫قرون قد فُقدت‪ .‬لم َيسمع أ َح ٌد عن ذلك الالما مرة أخرى‪.‬‬ ‫ومنذئذ‪ ،‬فقد غومبا غانغ قيمته الروحية؛ إذ أخربين تسيوانغ أنه‬ ‫نادرا‪.‬‬ ‫لم َيعد هناك من يذهب للصالة فيه‪ ..‬إال ً‬ ‫"هل رأيت الحافلة؟"‪ ،‬سألني جيغمي بينما جلسنا نحتيس‬ ‫الشاي بعد ظهرية أحد األيام‪ .‬ففي وقت سابق من اليوم نفسه‪،‬‬ ‫املتعرجة امل ُرتبة‬ ‫شاهدنا حافلة هندية الصنع تتأرجح فوق الطرق‬ ‫يلاحلا ىنبملا‬ ‫املؤدية إىل لو مانتانغ‪ .‬كانت الحافلة قد غادرت بلدة "جومسوم"‬ ‫تقع عىل بعد ‪ 95‬كيلومرتا بالسيارة جنوب لو يلصألا‬‫ىنبملاالفجر‪،‬‬ ‫مانتانغ‪ -‬قبل‬ ‫ً‬ ‫وكانت غاصة بركاب من السكان املحليني وعدد قليل من‬ ‫السياح النيباليني‪ .‬عىل امتداد مقدمة الحافلة املفلطحة‪ُ ،‬علقت‬ ‫الفتة كبرية بشكل غري محكم‪ ،‬كُتب عليها بالخط النيبايل‬ ‫أنها أول حافلة عامة عىل اإلطالق تقوم بالرحلة‪ .‬قال جيغمي‪:‬‬ ‫"عندما كنت ً‬ ‫طفل‪ ،‬لم أتخيل مطلقًا أنه يف يوم من األيام يمكننا‬ ‫القيادة هنا من كاتماندو"‪.‬‬ ‫مر أعوام‪ .‬فمع ازدهار‬ ‫لكن ذلك التصور كان يتغري عىل ّ‬ ‫واضحا‬ ‫بدا‬ ‫نيبال‪،‬‬ ‫من‬ ‫االقتصاد الصيني وتنمية أجزاء أخرى‬ ‫ً‬

‫قال جيغمي‪" :‬عندما كنت ً‬ ‫طفل‪ ،‬لم أتخيل مطل ًقا أنه في يوم من‬ ‫األيام يمكننا القيادة هنا من كاتماندو"‪.‬‬ ‫يف ممر خلف تمثال بوذا الشاهق‪ ،‬أشار تسيوانغ إىل بقعة عىل‬ ‫ورك هذا التمثال حيث ُر ّمم بالطني عىل نحو غري احرتايف‪ .‬قال‪:‬‬ ‫عاما‪ ،‬اقتحم اللصوص املكان ورسقوا السونغ"‪..‬‬ ‫"قبل نحو ‪ً 20‬‬ ‫أي الكنوز التي ُتضفي القداسة عىل التمثال وتبعث فيه الروح‪.‬‬ ‫جرت العادة أن يكون لدى املنحوتات الشعائرية‪ ،‬مهما‬ ‫كان حجمها‪ ،‬مركز أجوف‪ .‬ويف أثناء عملية التكريس‪ُ ،‬تحىش‬ ‫باألدعية املكتوبة واألغراض النفيسة كخرز العقيق والتماثيل‬ ‫الربونزية الصغرية والذهب واألحجار الكريمة‪ .‬تساعد هذه‬ ‫أيضا أن‬ ‫الكنوز يف بعث الحياة بالتمثال‪ ،‬عىل أنها يمكن ً‬ ‫ُتستخدم إلعادة بناء الدير يف حالة تلفه أو تعرضه للتدمري‪.‬‬ ‫أمر تلك الرسقة‪،‬‬ ‫وحسب إفادة "شارلز رامبل"‪ ،‬باحث ّ‬ ‫تقص َ‬ ‫ِ‬ ‫بوذيا (الما) جاء من‬ ‫يسا ً‬ ‫وكذا رواية الزعماء املحليني‪ ،‬فإن ق ّد ً‬ ‫تقريبا وعرض عىل ممثيل‬ ‫التبت إىل "غومبا غانغ" يف عام ‪2000‬‬ ‫ً‬ ‫السكان املحليني إعادة تأسيس مجتمع من الراهبات‪ .‬نال هذا‬ ‫العرض إعجابهم‪ ،‬فسمحوا له برؤية "الكرتشاك"‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫يتضمن املعلومات األساسية عن الدير‪ ،‬ومنها موقع "السونغ"‪.‬‬ ‫قريبا‪ .‬بعد فرتة‬ ‫الضيف ووعد بالعودة‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬غادر الالما‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الثقب يف ورك تمثال‬ ‫ذلك‬ ‫الدير‬ ‫عىل‬ ‫القيم‬ ‫َ‬ ‫وجيزة‪ ،‬اكتشف ّ‬ ‫‪ 106‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫ﺗﺸﻮرﺗﻦ‬

‫أمر‬ ‫لجيغمي ‪-‬وكل شخص آخر يف موستانغ‪ -‬أن إنشاء الطريق ٌ‬ ‫تجسيدا لتلك‬ ‫ال محيد عنه‪ .‬يف الواقع‪ ،‬كنا نجلس يف أكرث األمثلة‬ ‫ً‬ ‫شيد جيغمي هذا الفندق‬ ‫الحقيقة‪" :‬منتجع موستانغ املليك"‪ .‬وقد ّ‬ ‫املكون من ‪ 22‬غرفة عىل مشارف أسوار لو مانتانغ عىل أرض‬ ‫ورثها من والده‪ .‬يشبه قلعة مطلية باألبيض‪ ،‬ولديه أبراج مراقبة‬ ‫مصغرة يف كل ركن من أركانه األربعة‪ ،‬وتتيح رشفته الواسعة‬ ‫عىل السطح إطاللة رائعة عىل وادي كايل غاندايك‪ .‬جلسنا عىل‬ ‫كرايس جلدية فخمة يف باحة ﻣﺪﺧﻞ‬ ‫االستقبال‪ ،‬فاحتسينا الشاي أمام‬ ‫موقد حطب بنا ٍر وقودها أغصان الصفصاف املجففة‪.‬‬ ‫أخريا بزيارة موستانغ يف عام ‪ ،1992‬ولكن ال‬ ‫ُسمح للسائحني ً‬ ‫نسبيا يف كل عام‪ .‬ظلت تلك الوترية‬ ‫صدر سوى تصاريح قليلة‬ ‫ُت َ‬ ‫ً‬ ‫قريبا‪.‬‬ ‫سيتغري‬ ‫األمر‬ ‫أن‬ ‫من‬ ‫واثق‬ ‫جيغمي‬ ‫لكن‬ ‫اآلن‪،‬‬ ‫حتى‬ ‫بطيئة‬ ‫ً‬ ‫وصحيح أن نيبال تشتهر برحالت "إيفرست" االستكشافية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫كبريا من قطاع السياحة يف البلد ‪-‬وتبلغ قيمته‬ ‫ًا‬ ‫ط‬ ‫قس‬ ‫إال أن‬ ‫ً‬ ‫والحجاج‪ ..‬الذين تمثل‬ ‫نصف مليار دوالر‪ -‬يأيت من املتنزهني‬ ‫ُ‬ ‫لهم موستانغ جاذبية خاصة‪ .‬وأشار جيغمي إىل أن لدى موستانغ‬ ‫أيضا نافذة عىل الثقافة التبتية التي‬ ‫مناظر طبيعية خالبة ولكنها ً‬ ‫تبخرت إىل حد كبري يف أماكن أخرى‪.‬‬

‫ــــــ‬ ‫ﻣﻮﺳﺘﺎﻧﻎ‬ ‫ﻻﻳ‬ ‫ــــــﺎ‬ ‫ﻟﻮ ﻣﺎﻧﺘﺎﻧﻎ‬ ‫ـﻤـــ‬ ‫ـــــــــ‬ ‫ـــــــﻴـ‬ ‫ـــــــﻬـــ‬ ‫اﻟـ‬ ‫ـﺎل‬

‫ـ ـ ــ ﺎ‬

‫ﻛﺎﺗﻤﺎﻧﺪو ـــﺒـــ‬ ‫ﻨـــــﻴـ‬ ‫اﻟ‬

‫مدينة مس َّورة‬

‫المحصنة شائعة في‬ ‫كانت المدن‬ ‫َّ‬ ‫ذلك الزمن‪ .‬تحمي الجدران الطينية‬ ‫السميكة بمدينة لو مانتانغ السكان‬ ‫والماشية‪ ،‬باإلضافة إلى قصرها‬ ‫ومبانيها المقدسة الحبلى بالكنوز‪.‬‬

‫تحفـة مـن‬ ‫القـرن الخامـس عشـر‬

‫في أوج لو مانتانغ‪ ،‬عاصمة مملكة ُ‬ ‫"ل ْو"‪ ،‬كانت مركزً ا لفنون البوذية التبتية‬ ‫وعمارتها؛ ومن ذلك "ثوبكين الكانغ"‪ ،‬وهو معبـد ُأعيد تشكيله هنا في‬ ‫َ‬ ‫صورة مجده األصلي‪ .‬اليوم‪ ،‬بعد قرون من العزلة‪ ،‬تفتح المنطقة أبوابها‬ ‫للعالم؛ مما يهدد التراث الثقافي لشعبها‪ ،‬المعروف باسم ُ‬ ‫وبا"‪.‬‬ ‫"ل ّ‬ ‫ﻣﻌﺒﺪ ﺟﺎﻣﺒﺎ‬

‫ﺷﺎرع‬

‫ﻣﻌﺒﺪ ﺛﻮﺑﻜﻴﻦ‬ ‫َّ‬ ‫)ﻣﻮﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ(‬

‫ﺳﻮر‬ ‫ﺛﺎﻧﻲ‬

‫ﺗﺸﻮرﺗﻨﺎت‬ ‫)أﺑﺮاج ﺑﻮذﻳﺔ ﺗﺒﺘﻴﺔ(‬ ‫ﻗﺼﺮ ﻣﻠﻜﻲ‬

‫‪60‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺘ ًﺮا‬

‫ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺪﺧﻮل‬ ‫ﺑﺮج‬

‫ﺷﻤﺎل‬ ‫ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد‬ ‫اﻟﺤﻄﺒﻲ‬

‫بيت الموستانغ‬

‫يقع مأوى للماشية أسفل‬ ‫أماكن عيش العائلة التي‬ ‫بالسلم‪.‬‬ ‫يمكن بلوغها ُّ‬ ‫وقد مواقد الطهي‬ ‫تُ َ‬ ‫والتدفئة بروث الحيوانات‪.‬‬

‫ﺗﺸﻮرﺗﻦ‬ ‫ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ‬

‫ﻏﺮﻓﺔ‬ ‫رﺋﻴﺴﺔ‬

‫ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺺ‬

‫ﺣﻈﻴﺮة‬

‫ﻟﺒﻨﺎت ﻃﻴﻨﻴﺔ‬ ‫ﻗﺎﻋﺪة ﺣﺠﺮﻳﺔ‬

‫‪ Fernando G. Baptista‬و ‪ Patricia Healy‬و ‪Eve Conant‬‬ ‫و‪ ،Riley D. Champine‬من فريق ناشيونال جيوغرافيك‪.‬‬

‫ﻓﻨﺎء داﺧﻠﻲ‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪107‬‬

‫منحوتات واقية‬

‫نُ صب تذكارية تسمى‬ ‫"التشورتنات" (أبراج بوذية‬ ‫بجل‬ ‫تبتية) تؤوي القرابين وتُ ّ‬ ‫الشخصيات واألحداث الدينية‪.‬‬

‫تحرس ‪ 36‬من رؤوس ُ‬ ‫األ ْسد‬ ‫الخشبية فتحة في السقف تمنح‬ ‫اإلضاءة لقاعة الصالة في األسفل‪.‬‬

‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫ﺳﻮر ﺳﻮر‬ ‫ﺳﻮر‬

‫ﻣﺼﻠﻰﻣﺼﻠﻰ‬ ‫ﻣﺼﻠﻰ‬

‫ﺑﻮذا ﺑﻮذا‬ ‫ﺑﻮذا‬ ‫وأرﺿﻴﺔ‬ ‫وأرﺿﻴﺔ‬ ‫وأرﺿﻴﺔ‬ ‫ﺟﺪرانﺟﺪران‬ ‫ﺟﺪران‬ ‫اﻟﻄﻴﻦاﻟﻄﻴﻦ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻦاﻟﻄﻴﻦ‬ ‫ﻣﻦ‬

‫ﻗﻨﺎة ﻣﻴﺎه‬ ‫ﻣﻴﺎه‬ ‫ﻗﻨﺎةﻣﻴﺎه‬ ‫ﻗﻨﺎة‬

‫ﻋﻤﻮدا‬ ‫ﻋﻤﻮدا‬ ‫‪40‬‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻤﻮدا ً‬ ‫‪ً 4040‬‬ ‫ﺧﺸﺒﻴﺎ‬ ‫ﺧﺸﺒﻴﺎ‬ ‫ً‬ ‫ﺧﺸﺒﻴﺎ ً‬ ‫ً‬ ‫ﺗﻤﺜﺎل ﺗﻤﺜﺎل‬ ‫ﺗﻤﺜﺎل‬ ‫ﻣﻌﺪﻧﻲﻣﻌﺪﻧﻲ‬ ‫ﻣﻌﺪﻧﻲ‬ ‫أدﻋﻴﺔ أدﻋﻴﺔ‬ ‫أدﻋﻴﺔ‬ ‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺔﻣﻜﺘﻮﺑﺔ‬ ‫ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ‬

‫ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ‬ ‫ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ‬ ‫ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ‬ ‫اﻟﻴﺎك اﻟﻴﺎك‬ ‫زﺑﺪة‬ ‫زﺑﺪةاﻟﻴﺎك‬ ‫زﺑﺪة‬

‫أﻋﻮاد أﻋﻮاد‬ ‫أﻋﻮاد‬ ‫اﻟﺒﺨﻮراﻟﺒﺨﻮر‬ ‫اﻟﺒﺨﻮر‬ ‫ﻃﺎﺳﺎت‬ ‫ﻃﺎﺳﺎت‬ ‫ﻃﺎﺳﺎت‬ ‫ﻣــــﺎء ﻣــــﺎء‬ ‫ﻣــــﺎء‬

‫‪ 108‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫َب َركات تبعث الروح‬

‫ُعرض كل تمثال معدني بشكل بارز‪،‬‬ ‫وهو مليء باألغراض المقدسة ومختوم‬ ‫من طرف الرهبان الذين يستحضرون‬ ‫روح إله لتسكن في التمثال‪.‬‬

‫قاعة االجتماع‬

‫يجتمع الرهبان للصالة‬ ‫واالحتفاالت اليومية بحضور‬ ‫تماثيل لآللهة‪ ،‬محاطة‬ ‫بأعمدة تدعم القاعة الكبرى‪.‬‬ ‫استنادا إلى الخبراء‪.‬‬ ‫إعادة تشكيل افتراضية‬ ‫ً‬

‫معبد سرمدي‬

‫أجزاء داخلية مقدسة‬

‫قامت فرق الحرفيين العابرين بإنشاء‬ ‫جداريات معقدة ألكثر من ‪1000‬‬ ‫شخصية روحية‪ .‬تم ترميم كثير منها‬ ‫مؤخرا على يد خبراء خارجيين بالتعامل‬ ‫ً‬ ‫مدربين‪.‬‬ ‫مع سكان محليين َّ‬

‫ُيعد "ثوبكين الكانغ" أحد أفضل األمثلة‬ ‫الباقية على العمارة البوذية التبتية‬ ‫التقليدية‪ ،‬وقد صمد قرونً ا من االستخدام‬ ‫في وجه الزالزل والظروف المناخية‪.‬‬

‫يعتقد الخبراء أن طابقين‬ ‫علويين ربما استُ خدما‬ ‫للصالة أو مأوى للرهبان‪.‬‬

‫اﻟﺤﺎﻟﻲاﻟﺤﺎﻟﻲ‬ ‫اﻟﻤﺒﻨﻰ‬ ‫اﻟﻤﺒﻨﻰاﻟﺤﺎﻟﻲ‬ ‫اﻟﻤﺒﻨﻰ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‬ ‫اﻷﺻﻠﻲ‬ ‫اﻟﻤﺒﻨﻰاﻟﻤﺒﻨﻰ‬ ‫اﻟﻤﺒﻨﻰ‬

‫ﺗﺸﻮرﺗﻦ‬ ‫ﺗﺸﻮرﺗﻦ‬ ‫ﺗﺸﻮرﺗﻦ‬

‫ﻣﺪﺧﻞﻣﺪﺧﻞ‬ ‫ﻣﺪﺧﻞ‬

‫دخول المعبد‬

‫تمثل تماثيل حراسة كبيرة في‬ ‫الدهليز االتجاهات األساسية‬ ‫األربعة‪ .‬الغرف األمامية هي‬ ‫محتملة للمعبد األصلي‪.‬‬ ‫إضافة‬ ‫َ‬ ‫المصادر‪ ،Ben Ayers. Sienna R. Craig :‬من كلية دارتموث‪ ،Luigi Fieni.John Harrison .‬من كلية العمارة في ليفربول‪.‬‬ ‫‪ ،Christian Luczantis‬من جامعة سواس في لندن‪ ،Tim Willimas .‬من معهد اآلثار في كلية لندن الجامعية‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪109‬‬

‫ُك ِّدست نصوص رهبانية‬ ‫مقدسة أسفل صور‬ ‫للعديد من أشكال بوذا‪،‬‬ ‫في "غومبا" ‪-‬وهو الدير‬ ‫المحصن‪ -‬حيث تُ ستخدم‬ ‫هذه النصوص في‬ ‫االحتفاالت الدينية‪ .‬يحتوي‬ ‫كل كتاب َّ‬ ‫مفكك الورق‪،‬‬ ‫أو "بيتشا"‪ ،‬على صفحات‬ ‫ُك َتبت‬ ‫كثير‬ ‫عِّزز‬‫يدويا بالحبر ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫منها بالرسومات‪ -‬وأغلفة‬ ‫يدويا‬ ‫خشبية منحوتة‬ ‫ً‬ ‫وملفوفة بالقماش‪.‬‬

‫‪ 110‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪111‬‬

‫ُعثر على هذا التمثال‬ ‫الطيني لبوذا في كومة‬ ‫من القطع األثرية‬ ‫المهملة في أحد‬ ‫مجمعات قصور العائلة‬ ‫الملكية‪ ،‬وربما يعود‬ ‫تاريخه إلى القرن الرابع‬ ‫حين كانت هذه‬ ‫عشر‪َ ،‬‬ ‫التماثيل موجودة بكثرة‬ ‫في المنازل والمعابد‪.‬‬

‫‪ 112‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫عىل الرغم من نظرة جيغمي املتفائلة‪ ،‬يبدو أن العائد عىل‬ ‫استثماره الضخم هذا ال يزال بعيد املنال‪ .‬ففي تلك اللحظة‪،‬‬ ‫كنت أنا وتسيوانغ ضيوف الفندق الوحيدين‪ .‬وجيغمي ليس‬ ‫يوم زياريت كانت هناك‬ ‫الوحيد الذي يراهن عىل السياحة‪َ .‬‬ ‫عرشات الفنادق يف لو مانتانغ‪ ،‬وهي مدينة ال يتجاوز تعدادها‬ ‫الرسمي ‪ 1300‬نسمة‪ .‬ومناخ موستانغ القايس ال يجعل زيارتها‬ ‫ممكنة سوى ستة أشهر فقط كل عام‪ .‬إذ تنخفض درجات‬ ‫الحرارة يف الشتاء بانتظام إىل ما دون الصفر‪ ،‬ف ُتجمد األنابيب‬ ‫وتجعل مراحيض الفنادق غري صالحة لالستخدام‪ .‬وخالل‬ ‫غالبا ما تسد االنهيارات األرضية الناجمة عن‬ ‫فصل الصيف‪ً ،‬‬ ‫الرياح املوسمية‪ ،‬الطريق مدة أسابيع‪.‬‬ ‫الناس إىل لو مانتانغ‪،‬‬ ‫الطريق‬ ‫وإ ْذ يأمل جيغمي أن تجتذب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فإنها ُتسهل هجرة السكان املتناقصة أعدادهم‪ .‬فمنذ أعوام‪،‬‬ ‫ما فتئ الشبان يغادرون املدينة بأعداد كبرية بح ًثا عن حياة‬ ‫أفضل يف كاتماندو واليابان وكوريا والواليات املتحدة‪ .‬ولطاملا‬ ‫اعتمد اقتصاد الوادي عىل القطعان الكبرية من املاعز والياك‪،‬‬ ‫ولكن هذا العمل القايس أضحى يفقد جاذبيته باستمرار‪( .‬وفقًا‬ ‫ألحد اإلحصاءات‪ ،‬يعيش أكرث من ‪ 2000‬شخص من شعب‬ ‫ُوبا يف مدينة نيويورك التي يفوق تعداد سكانها إجمايل سكان‬ ‫ل ّ‬

‫جندي شاب يف املقعد الخلفي فعبس وجهه وقال شي ًئا باللغة‬ ‫النيبالية‪ .‬هنالك قال يل تسيوانغ‪" :‬يقول إنه ال ُيسمح لألجانب‬ ‫بزيارة الحدود‪ .‬وهذا أمر جديد لم يكن منذ آخر مرة زرت فيها‬ ‫املنطقة"‪.‬‬ ‫ُعدنا أدراجنا‪ ،‬وبعد بضعة كيلومرتات توقفنا لتناول املعكرونة‬ ‫يف مطعم صغري‪ .‬أخربنا املالك‪ ،‬عندما سمع قصتنا‪ ،‬أن هناك‬ ‫مسارا ً‬ ‫بديل ُيفيض إىل الحدود‪ .‬قال‪" :‬يمكنني أن أريكما ّإياه"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫معا نرسع عىل طول درب مرتب عىل منت‬ ‫ورسعان ما طفقنا ً‬ ‫دراجته النارية حيث كنت يف الخلف م ِ‬ ‫حك ًما ذراعي امللفوفتني‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫دروبا متعرجة‬ ‫شمال حيث صعدنا‬ ‫حول سرتته الجلدية‪ .‬اتجهنا‬ ‫ً‬ ‫ومتقطعة أدت بنا إىل أعىل َمعرب "كورا ال" الجبيل‪ ،‬عند ارتفاع‬ ‫مرتا‪ .‬وبعد قطعنا كيلومرتين بعد املعرب‪ ،‬انتهت الطريق‬ ‫‪ً 4660‬‬ ‫فجأة عند سياج من األسالك الشائكة يمتد عرب األرض‬ ‫القاحلة عىل امتداد البرص‪.‬‬ ‫كانت الرياح تعصف‪ .‬وتناثرت قنينات الرشاب املكسورة‬ ‫واألغلفة البالستيكية عىل األرض‪ .‬رأيت الفتة باللغة‬ ‫"يمنَع وقوف السيارات يف املنطقة‬ ‫اإلنجليزية كُتب عليها‪ُ :‬‬ ‫و"يمنَع التصوير"‪ .‬تجاهل بعض السياح النيباليني‪،‬‬ ‫الخالية" ُ‬ ‫أيضا عىل منت دراجة نارية‪ ،‬الالفتة وراحوا‬ ‫الذين وصلوا ً‬

‫قال الملك جيغمي‪" :‬من أجل إنقاذ ثقافتنا‪ ،‬نحتاج إلى السياحة‪.‬‬ ‫ولكي تكون لدينا سياحة‪ ،‬نحتاج إلى تلك الطريق"‪.‬‬ ‫لو مانتانغ)‪ .‬ويتوقع جيغمي أنه إذا استمر هذا املنحى فستفقد‬ ‫عاما املقبلة‪.‬‬ ‫املنطقة ‪ 80‬باملئة من سكانها خالل العرشين ً‬ ‫وما فتئ املشهد االقتصادي يزداد ارتباكًا وضبايبة إذ حفّزت‬ ‫األرباح السياحية املوعودة مضاربات رشسة عىل األرايض‪ .‬قال‬ ‫ُوبا‬ ‫جيغمي‪" :‬فيما مىض كان هناك قانون ُعريف َيحظر عىل أي ل ّ‬ ‫نظرا ألن قيمة األرايض شهدت‬ ‫بيع ممتلكاته للغرباء"‪ .‬ولكن ً‬ ‫العرف عرض الحائط‪.‬‬ ‫ارتفاعا‬ ‫ً‬ ‫صاروخيا‪ ،‬فقد ُضب ذلك ُ‬ ‫ً‬ ‫أخربين جيغمي أن قطعة أرض مساحتها ‪ 0.4‬هكتار من املراعي‬ ‫متناثرة الصخور‪ ،‬غري بعيد عن املكان حيث جلسنا‪ ،‬بيعت‬ ‫مؤخرا لقاء ‪ 700‬ألف دوالر‪ .‬ثم تساءل‪" :‬هل يمكن إلقاء اللوم‬ ‫ً‬ ‫عىل مزارع يكسب ‪ 700‬دوالر فقط يف العام‪ ،‬بسبب بيعه أرضه‬ ‫وانتقاله إىل كاتماندو أو مدينة نيويورك؟"‪.‬‬ ‫كنت قد ذكرت لجيغمي أنني أريد زيارة الحدود الصينية؛‬ ‫ولذا أرسلني وتسيوانغ يف صبيحة أحد األيام إىل هناك يف سيارة‬ ‫رباعية الدفع‪ .‬سافرنا عىل طول طريق مليئة بالحىص أفضت بنا‬ ‫ً‬ ‫شمال نحو مجموعة من التالل ُبنية اللون‪ ،‬وقد كست الثلوج‬ ‫قممها‪ .‬بعد ساعة‪ ،‬وصلنا إىل نقطة تفتيش للجيش النيبايل‪ .‬رآين‬

‫يلتقطون صور "سيلفي" لدى عمود خرساين رابض يمثل‬ ‫الحدود النيبالية الصينية‪ .‬خلف السياج بمئة مرت أو نحو ذلك‪،‬‬ ‫عىل الجانب الصيني‪ ،‬تنتصب ثالثة مبانٍ متجانسة‪ ،‬كل منها‬ ‫بحجم مركز تسوق وقد كُسيت بما يبدو أنه رخام أبيض‪.‬‬ ‫تماما‪ .‬وكانت كامريات فيديو عديدة‬ ‫حجبت رؤيتنا إىل الشمال ً‬ ‫مثبتة عىل أعمدة معدنية‪ ،‬موجهة إلينا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عما‬ ‫يف وقت الحق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وجدت صور أقمار صناعية كشفت ّ‬ ‫َيكمن وراء املباين الرخامية العمالقة‪ :‬هياكل إسمنتية قال يل‬ ‫سكان محليون إنها ثكنات عسكرية‪ ،‬ورشيط أسود طويل‬ ‫ً‬ ‫شمال عرب هضبة التبت‪.‬‬ ‫مم َّهد يتجه‬ ‫ليس من باب املصادفة أن طفرة بناء الطرق يف نيبال َتحدث‬ ‫بالتزامن مع "مبادرة الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس‬ ‫الصيني "يش جني بينغ"‪ ،‬وهي حملةُ ِبنية تحتية ضخمة تهدف‬ ‫إىل توسيع النفوذ االقتصادي والسيايس للصني من رشق آسيا‬ ‫ً‬ ‫وصول إىل أوروبا‪ .‬عند اكتمال املرشوع‪ ،‬سيشمل العديد من‬ ‫أي منها‬ ‫يتيح‬ ‫لن‬ ‫ربما‬ ‫ولكن‬ ‫الهيمااليا‪،‬‬ ‫منطقة‬ ‫عرب‬ ‫الطرق‬ ‫ٌّ‬ ‫طريقًا مبارشة إىل الهند أكرث من الطريق التي ا ّتبعتها للتو من‬ ‫كاتماندو إىل هذه البقعة عىل الحدود‪.‬‬ ‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪113‬‬

‫‪ 114‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫يقع قصر متهالك في قرية‬ ‫"تسارانغ" على قمة تل‬ ‫يطل على "مضيق كالي‬ ‫غانداكي"‪ ،‬حيث تبدو قمم‬ ‫جبال "أنابورنا" سامقة في‬ ‫األفق‪ .‬دمر زلزال شديد‬ ‫في عام ‪ 2015‬هذا المبنى‬ ‫وغيره من المباني في‬ ‫موستانغ‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪115‬‬

‫يسار‬

‫يحمل الراهب المبتدئ‬ ‫"نوانغ فينجو" كنزً ا باهتً ا‬ ‫صور‬ ‫من ماضي موستانغ‪ .‬تُ ِّ‬ ‫اللوحة القماشية‪ ،‬المسماة‬ ‫إلها يمسك‬ ‫"ثانكا"‪ً ،‬‬ ‫بالقمر‪ ،‬والذي يحوي‬ ‫صورة أرنب‪ُ .‬يعتقد أن هذه‬ ‫الرسومات كانت تُ ستخدم‬ ‫في التأمل الشخصي أو‬ ‫التعاليم الرهبانية‪ ،‬وهي‬ ‫مهددة باالندثار بفعل‬ ‫الزمن والتعرض للظروف‬ ‫المناخية‪.‬‬ ‫أسفل‬ ‫ُع ّلقت العصي والسيوف‬ ‫جنبا إلى‬ ‫في كنيسة صغيرة ً‬ ‫جنب مع يد محنطة وأقنعة‬ ‫لآللهة الحامية التي تتصدى‬ ‫للجهل والدخالء واألشرار‪.‬‬ ‫وحسب إحدى الروايات‪،‬‬ ‫كانت اليد لعدو هاجم‬ ‫المملكة‪.‬‬

‫‪ 116‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫تهديدا‬ ‫ُوبا؛ عىل أن ذلك شكّل‬ ‫ً‬ ‫التي قد تبتلع ما َيعنيه أن تكون ل ّ‬ ‫تقبله‪ .‬قال جيغمي‪" :‬من‬ ‫ُوبا تحدثت إليه بأن عليهم ّ‬ ‫شعر كل ل ّ‬ ‫أجل إنقاذ ثقافتنا‪ ،‬نحتاج إىل السياحة‪ .‬ويك تكون لدينا سياحة‪،‬‬ ‫نحتاج إىل تلك الطريق"‪.‬‬

‫ً‬ ‫فضل عن ذلك‪ ،‬يجب ّأل نَغفل اكتشاف رواسب كبرية من‬ ‫اليورانيوم يف موستانغ عام ‪ .2014‬إذ تعكف الصني عىل إنشاء‬ ‫محطات نووية برسعة لتلبية احتياجاتها املتزايدة من الطاقة‪،‬‬ ‫أي منجم بعد‪،‬‬ ‫وللوفاء بتعهداتها بخفض الكربون‪ .‬لم ُيف َتح ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫لكن يبدو من املنطقي أن يصبح اليورانيوم يف مرحلة ما من كنوز‬ ‫موستانغ املرغوبة‪.‬‬ ‫يف ذلك املساء دعاين جيغمي لتناول العشاء لدى "منتجع‬ ‫موستانغ املليك"‪ .‬إىل جانب مائدتنا‪ ،‬كانت مدفأة غازية تصد‬ ‫املزينة بلوحات ِتبتية وصور فوتوغرافية‬ ‫الربد يف غرفة الطعام َّ‬ ‫للعائلة امللكية باللون البني الداكن‪.‬‬ ‫بينما كنا نأكل‪ ،‬قال جيغمي إنه يتوقع أن الصينيني يف‬ ‫مجمع أعمال تجارية يف "كورا‬ ‫سيشيدون‬ ‫غضون أعوام قليلة‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫مطارا‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ال" مع فنادق ومالهي ليلية عىل الطراز الغريب وربما‬ ‫ً‬ ‫"ستنمو السياحة عىل نطاق واسع"‪ .‬وقد يكون ازدهار السياحة‬ ‫أقر أن ذلك‬ ‫والصناعة هو بالضبط ما تحتاج إليه موستانغ‪ .‬لكنه ّ‬ ‫أيضا أن يجلب موجات عارمة من التأثريات الخارجية‬ ‫يمكن ً‬

‫قابلت جيغمي لتناول اإلفطار يف‬ ‫يف صباحي األخري بموستانغ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فندقه‪ .‬أخربين ونحن نرشب القهوة ونأكل البيض أن لديه شي ًئا‬ ‫ممي ًزا لرييه يل‪ .‬كان جيغمي‪ ،‬شأنه كشأن كثريين يف موستانغ‪،‬‬ ‫مرتد ًدا يف مشاركة املعلومات بشأن التحف األثرية الخاصة به‪.‬‬ ‫أخربين أنه حتى اآلن لم َيسمح ألي شخص برؤية الكنوز التي‬ ‫ورثها عن عائلته امللكية‪.‬‬ ‫خشبيا‬ ‫بابا‬ ‫ً‬ ‫أخذين إىل مكان وعد ُته بعدم الكشف عنه‪ .‬فتحنا ً‬ ‫عتيقًا يف األرضية يؤدي إىل ُدرج بدايئ الصنع‪ .‬أنرنا املصباحني‬ ‫املثبتني عىل رأسينا‪ ،‬وا ّتبعت جيغمي بانتباه إىل غرفة بال نوافذ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اضطررنا لالنحناء َتجنّ ًبا لرضب رؤوسنا عىل العوارض الخشبية‬ ‫ً‬ ‫ومثقل بالغبار‪ .‬أنار جيغمي‬ ‫املحفورة باليد‪ .‬كان الهواء عطنًا‬ ‫مصبا ًحا وقو ُده زبدة الياك‪ ،‬فظهر وسط الظالم صف من‬ ‫مزينة‬ ‫التماثيل الربونزية بحجمها الطبيعي‬ ‫تقريبا‪ :‬مجمع آلهة َّ‬ ‫ً‬ ‫بالذهب والفضة والفريوز واملرجان‪ .‬تألقت يف الضوء األصفر‪.‬‬ ‫يف الظالل وراءها‪ ،‬رأيت بقية الغرفة مليئة بصناديق خشبية‬ ‫مغربة‪ ،‬كأنها بضائع مكدسة يف عنرب سفينة‪.‬‬ ‫مشريا بيده‪" :‬لقد ورثت كل هذا‪ ،‬ويجب أن‬ ‫قال جيغمي‬ ‫ً‬ ‫رائعا‪ .‬أنا أريك ّإياه ألن حلمي هو إنشاء متحف‬ ‫أفعل به شي ًئا ً‬ ‫حي‪ ،‬حيث يمكنني عرض هذه التحف وإبقاؤها عىل قيد الحياة‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬يف يوم من األيام‪ ،‬يمكنني تسليم املتحف بالكامل‬ ‫ألوالدي‪ .‬لكن ذلك يتطلب ً‬ ‫كثريا‪ ،‬وهو ما ليس لدي"‪.‬‬ ‫مال‬ ‫ً‬ ‫أما‬ ‫الدوالر"‪.‬‬ ‫تصنع‬ ‫آلة‬ ‫هو‬ ‫ًا‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫وأردف ضاحكًا‪" :‬ما أحتاج إليه‬ ‫ّ‬ ‫حينها‪ ،‬لم يكن بوسع جيغمي سوى الدعاء واألمل أن يتمكن‬ ‫عىل نحو ما من إيجاد طريقة لحماية ما لديه‪ .‬ربما تجلب‬ ‫كافيا من السياح مللء فندقه‪ ،‬فيصبح‬ ‫الطريق يف النهاية عد ًدا‬ ‫ً‬ ‫آلة صنع الدوالر التي تنقصه لصون كنوز عائلته‪.‬‬ ‫ال يبدو أن ًّأيا من ذلك يثقل كاهل جيغمي عندما اقرتب‬ ‫من التماثيل وأحنى رأسه إلضاءة مصباح ثانٍ‪ .‬وإ ْذ كان يدعو‬ ‫عما إذا كان يشعر بأجساد هذه‬ ‫بخشوع بلغة التبت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تساءلت ّ‬ ‫اآللهة القديمة وكالمها وعقولها تنساب يف دواخله‪ ،‬مثلما ف ََعلت‬ ‫يف سابق العهد مع ملوك موستانغ قبله‪ .‬بينما كان فتيل الشمعة‬ ‫ً‬ ‫أشكال داكنة عىل الجدران املتهالكة من‬ ‫يطقطق واللهب يلقي‬ ‫رحت أتفكر يف هذه اململكة‪ ..‬ليس فقط كنوزها التاريخية‬ ‫حولنا‪ُ ،‬‬ ‫أيضا سحر مناظرها الطبيعية الربية العظيمة وسكونها‬ ‫ولكن ً‬ ‫املهدئ للروح‪ .‬ثمة أشياء كثرية ههنا ينبغي صونها؛ ولكن ثمة‬ ‫أيضا ما هو أكرث‪ ..‬يمكن أن نخرسه‪j .‬‬ ‫ً‬ ‫دار تحقيق مارك سينوت في عدد أبريل ‪ 2022‬حول رحلة‬ ‫تسلق في غويانا لدراسة الحياة على قمة تيبوي في‬ ‫األمازون‪ .‬نُ شرت صور كوري ريتشاردز ضمن تحقيق "خط‬ ‫حربا في األعالي"‪ ،‬بعدد مارس ‪.2021‬‬ ‫يشعل ً‬ ‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪117‬‬

‫‪ 118‬ناشيونال جيوغرافيك‬ ‫ ‬

‫تلتقي مجموعة نساء‬ ‫ُم ّ‬ ‫سنات لدى قاعة خارج‬ ‫"غامبا الكان"‪ ،‬وهو معبد‬ ‫بمدينة لو مانتانغ‪ ،‬لتناول‬ ‫العصيدة وتالوة "المانترا"‪.‬‬ ‫عايشت هؤالء النسوة‪،‬‬ ‫من شعب ُ‬ ‫زمن‬ ‫وبا"‪،‬‬ ‫"ل ّ‬ ‫َ‬ ‫تغيير كبير؛ لكن جيلهن‬ ‫بعضا من آخر‬ ‫ربما يشمل ً‬ ‫المقيمين الدائمين في‬ ‫موستانغ‪.‬‬

‫مملكة موستانغ‬

‫ ‬

‫‪119‬‬

‫صور القراء‬

‫طالب المري‬ ‫من إبداع عدسات المصورين العرب‬

‫المصور‬

‫مصور فوتوغرافي سعودي‪،‬‬ ‫يعشق التفاصيل ويبدع في‬ ‫تجسيد أفكاره عبر الصور باألبيض‬ ‫واألسود‪ .‬في رصيده الفوتوغرافي‬ ‫العديد من الجوائز منها‪ ،‬المركز‬ ‫األول في فئة "التصوير الجوي"‬ ‫ضمن "المهرجان الدولي‬ ‫للتصوير" (إكسبوجر) خالل عام‬ ‫‪.2022‬‬

‫الموقع‬

‫محمية ماساي مارا‪ ،‬كينيا‪.‬‬

‫ريا عن محميات إفريقيا وبراريها‪ ،‬فهو‬ ‫ال يغيب "طالب املري" كث ً‬ ‫نظما بيئية فريدة‬ ‫دائم األسفار إىل هذه البقاع‪ ،‬التي تحتضن ً‬ ‫ومثرية للزيارة‪ ،‬حيث يستأنس بمشاهدة كائناتها وينعم بفضاء‬ ‫لإلبداع ورصد التفاصيل عرب التصوير‪ .‬يقول‪" :‬يف صباح هادئ‬ ‫خرجت للتجول يف أرجاء ماساي مارا‪ ،‬حيث ترسح كائناتها ِب ُحرية‬ ‫مطلقة؛ ومن ذلك هذه الزرافة املنغمسة يف التهام أوراق النبات"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تحد مختلف ُيمكنه من إظهار الزرافة‬ ‫عندها‪ ،‬فَكر املري يف‬ ‫الواقفة أمامه بطريقة غري مألوفة‪ .‬لذا استغل وجود الشجرة خلف‬ ‫الزرافة‪ ،‬وجعل هذه األخرية تبدو يف مشهد رائع للغاية ومغاير‬ ‫للواقع؛ وكأنها "إطار يحتضن الشجرة"‪ ،‬حسب تعبري املري‪.‬‬

‫راسلونا بصوركم وأعمالكم الفوتوغرافية عبر البريد اإللكتروني ‪[email protected]‬‬

‫‪ 120‬ناشيونال جيوغرافيك‬

‫نوادر‬ ‫ما نقتنيه في حياتنا‬ ‫أثر أم ثروة!!‬

‫ً‬ ‫أيضا على‬

‫كل ثالثاء‬ ‫‪UAE 22:00‬‬ ‫تراث‬

‫‪adtv.ae‬‬

Get in touch

Social

© Copyright 2013 - 2024 MYDOKUMENT.COM - All rights reserved.