Story Transcript
1
2
2021
طبع من هذا العدد 80.000 :نسخة
رئاسة التحرير: نهى الخوري
عدد - 438/437/436السنة السابعة والثالثون -ت/1ت/2ك2021 1
6
استقالل ٧٨
12
حديث القائد
د .إلهام نصر تابت
هيئة التحرير: نينا عقل خليل ،ريما سليم ضومط ،جان دارك أبي ياغي، تريز منصور ،باسكـال معوض بو مارون ،نادين البلعة خيراهلل، روجينا خليل الشختورة ،ليال صقر الفحل ،الرقيب أول جيهان جبور، الرقيب أول كرستينا عباس تدقيق لغوي: شادي مهنا ميراي شاهين دغمان إخراج وتنفيذ: علي عودة تصميم غرافيكي: المعاون حسين سماحة كومبيوتر: العريف ماري غريس البيطار، العريف جويل بو خليل تصميم الغالف: شركة
توجه جميع المراسالت حص ًرا َّ الى العنوان اآلتي: قيادة الجيش اللبناني، مديرية التوجيه، مجلة «الجيش» أو عبر الفاكس على الرقم01/424104 :
محتويات العدد • العوافي يا وطن 5 .................................
24
في ثكناتنا
• استقالل 6 ....................................... ٧٨ • حديث القائد 12 ................................... • نافذة 17 ............................................. • احتفال 20 ............................................ • في ثكناتنا 24 ....................................... • طبابة واستشفاء 36 .............................. • صحة ووقاية 45 ................................... • تجارب قاسية 46 ...................................
61 صورة العام
• جيشنا 52 ............................................. • صورة العام 61 ..................................... • مبادرات خالقة 64 ................................. • ناجحات 66 ........................................... • الجيش والمجتمع 68 .............................. • قضايا وطنية 70 ................................... • من واقع الحال 75 ................................. • ثقافة وفنون 78 .................................... • عبارة 82 ..............................................
سعر النسخة 5000 :ليرة لبنانية • االشتراك السنوي في لبنان: • لألفــــــــراد 100.000 :ليرة لبنانية • للمؤسسات 200.000 :ليرة لبنانية • قبرص والدول العربية 200 :دوالر اميركي • اوروبا وافريقيا 250 :دوالر اميركي • اميركا واوقيانيا 300 :دوالر اميركي
«الجيش» مجلة تصدر عن: قيادة الجيش اللبناني مديرية التوجيه -اليرزة هاتف1701 : «AL JAISH» Issued by: The Lebanese Army Directorate of Orientation www.lebarmy.gov.lb www.lebanesearmy.gov.lb ُطبعت في :مديرية الشؤون الجغرافية -عاريا توزيع :شركة «األوائل» لتوزيع الصحف والمطبوعات ش.م.م.
العوافي يا وطن
بقلم د .إلهام نصر تابت
عالمة فارقة في الوطن البائس المدمر ،وفي زمن الال ثقة، في غمرة اليأس المرير واإلحباط ّ تسطع الثقة بالمؤسسة العسكرية محل ًيا ودول ًيا عالمة فارقة في الوطن البائس ،وبا ًبا لألمل لدى الشعب الذي ُسرقت آماله بالجملة. محل ًيا ،ب ّين استطالع للرأي أجرته مؤسسة زغبي لألبحاث في أن %89من اللبنانيين يثقون بالجيش الذي أيلول الماضي ّ حاز أعلى نسبة ثقة من بين المؤسسات اللبنانية .والثقة بالجيش الذي اعتبره اللبنانيون العامل األساسي في االستقرار كانت من أهم عوامل النظرة التفاؤلية للمستقبل وفق ما ب ّينت الدراسة نفسها. بلد يستشري بالطبع هذه الثقة ليست بتحصيل حاصل في ٍ فيه الفساد ،وإنما هي نتيجة مسيرة من الصدق والشفافية والعمل الدؤوب على مختلف المستويات وفي مجاالت ليست أساسا من اختصاص الجيش .كما أ ّنها نتيجة حسن التدبير ً والسعي الدائم إلى إيجاد الحلول الممكنة لمسائل تبدو غير قابلة للحل في مؤسسات أخرى .فها هم اللبنانيون يجدون الجيش إلى جانبهم في األزمات كلها ،وليس آخرها أزمتي الكهرباء واالتصاالت اللتين ّ تدخل احتياطي الجيش من النفط ً حلول أخرى .قبل لح ّلهما مؤق ًتا بينما تجد المؤسسات المعنية كم الجهود التي بذلها العسكريون واصلين ذلك ،عاينوا ّ نهاراتهم بلياليهم للتخفيف من تداعيات كارثة انفجار مرفأ بيروت« .ما حدا من الدولة ّ طل عليي» يقول عجوز أطاح عما إذا كان قد تلقى االنفجار بمنزله عندما تسأله إعالمية ّ مساعدة من الدولة .يجيب بـ«ال» جازمة ،ثم يضيف« :الجيش ساعدني ،الدولة ال» .في ذهن هذا المواطن كما في أذهـان أن الجيش نسيـج وحده ،ليـس من هذه الدولـة كثيريـن ّ العاجـزة .نعم أثبت الجيش أ ّنه نسيج وحـده وسط األزمات، وبالتالي استحق ثقـة الداخـل والخـارج م ًعا. تظهرت الثقة بالمؤسسة العسكرية مرا ًرا وتكرا ًرا، عالم ًيا، ّ شفو ًيا عبر تصريحات لمسؤولين عالميين كبار ،وعمل ًيا عبر لما استطاع الجيش مبادرات ومساعدات كثيرة ،من دونها َ
الصمود في مواجهة األوضاع الكارثية .وآخر المبادرات في هذا السياق دعوة قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى زيارة الواليات المتحدة األميركية ،وما تخللها من لقاءات على أعلى المستويات. فقد ّ حل العماد عون ضي ًفا في أعلى مراكز القرار األميركية ُ وأحيط بحفاوة بالغة واهتمام كبير .شرح للجميع حجم المعاناة التي يواجهها عسكريوه ،وحجم األخطار التي تهدد أمن لبنان واستقراره ال بل أمن المنطقة ،في حال عجز الجيش تحمل األعباء الثقيلة التي فرضتها الظروف عن االستمرار في ّ القاسية .وعندما سألوه بدهشة كيف تستمرون؟ تحدث إليهم ّ التقشف بمنتهى الصراحة والشفافية .أخبرهم عن تدابير التي اعتمدتها المؤسسة ،كما أخبرهم عن القطع التي أنشأت مشاريع إنتاجية لتُطعم العسكريين ،ولتو ّفر لهم سل ًعا أساسية ،من دون أن يؤثر ذلك في مهماتها األمنية .أخبرهم الكثير عن كيفية استثمار الطاقات والموارد المتوافرة بالحد األقصى وفي مختلف المجاالت. بالطبع يعرف األميركيون كما سواهم حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الجيش في ظل تفشي العجز السياسي، وتراكم األزمات التي ال يسير أي منها باتجاه حل مقبول .كما يعرفون حجم الجهود التي تبذلها القيادة ومعها العسكريون من مختلف الرتب وفي المواقع كافة .فالتقارير التي ترسلها البعثات الديبلوماسية ال تُغفل أ ًيا من التفاصيل .لك ّنهم أرادوا أن يستقوا المعلومات من مصدرها ،من قائد الجيش شخص ًيا .أرادوا أن يعرفوا منه بالضبط واقع الحال والحاجات والتحديات .وكان لهم ما أرادوا ،سمعوا صرخة الوجع المد ّوية التي لم ُي ِعرها المسؤولون اللبنانيون آذا ًنا صاغية ،وسمعوا رنين ناقوس الخطر الذي لم يوقظ مسؤولين كث ًرا. سمعوا ،وعرفوا ،وقدروا ،ووعدوا ،ويبقى أن تتحول الوعود إلى مبادرات تسهـم في صمـود هذه المؤسسـة التـي تحمـل وط ًنا. العوافي يا جيشنا. العوافي يا وطن.
5
استقالل ٧٨
ريما سليم ضوميط
وحدهم لم يتغ ّيروا... طوال، لسنوات ثمة اختالف كبير بين االحتفاالت الكبيرة التي اعتاد اللبنانيون أن ُيحيوا من خاللها ذكرى استقالل لبنان ٍ ٍ وبين العرض العسكري الرمزي المقتضب الذي استضافته وزارة الدفاع الوطني هذا العام .فال الحشود هي نفسها ،وال المدعوون والحضور ،وال الزينة ومظاهر البهجة وال حتى حجم القوى المشاركة .وحدهم ذوو البزات المرقطة لم يتغيروا، ً وتصميما .ال األزمة االقتصادية تمكنت من إحناء رؤوسهم وصالبة ما زالت خطواتهم الواثقة تزرع ساحة العرض عنفوا ًنا ً الشامخة بكبرياء ،وال التحديات الكبيرة التي شغلت البالد استطاعت أن تسرق نظرة التفاؤل والصمود من عيونهم الشاخصة بأمل نحو راية الوطن. ٍ عسكريو الجيش ز ّينوا ساحة وزارة الدفاع الوطني في اليرزة بعرض متواضع، في الذكرى الثامنة والسبعين لالستقالل ٍ أغنوه بمشاعرهم الوطنية الصادقة وعزمهم على مواجهة التحديات مهما عظمت. حضر العرض العسكري الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون ،كل من :رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع الوطني موريس سليم، وزير الداخلية القاضي بسام مولوي وقادة األجهزة األمنية، وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال ستيفانو عدد من المديرين العامين ،وكبار الضباط. ديل كول ،إلى ٍ رافقت موسيقى الجيش وقائع العرض بمعزوفاتها الوطنية، فقدمت التشريفات للشخصيات الرسمية لحظة وصولهم. ّ وعند وصول علم الجيش صدحت معزوفة العلم والزمة
6
النشيد الوطني اللبناني. ووصل على التوالي رئيس األركان اللواء الركن أمين العرم، فقائد الجيش العماد جوزاف عون و ُقدمت لهما التشريفات. ثم وصل وزير الدفاع ف ُقدمت له التشريفات وأخذ مكانه إلى جانب قائد الجيش بانتظار وصول رئيس الجمهورية ،تبعه الرئيس ميقاتي ثم الرئيس بري اللذان اتّخذا مكا َنيهما على المنصة بعد تقديم التشريفات لهما. وعند الساعة التاسعة ،وصل الرئيس عون فعزفت له الموسيقى لحن التعظيم والنشيد الوطني وأطلقت المدفعية 21طلقة خ ّلبية ترحي ًبا .توجه بعدها إلى النصب التذكاري ً إكليل من الزهر ،وعزفت لضريح الجندي المجهول حيث وضع َ الموسيقى معزوفة تكريم الموتى والزمتي النشيد الوطني ونشيد الشهداء.
وبعدما ح ّيا علم الجيش ،صعد الرئيس عون يرافقه وزيــر الدفاع إلى سيارة جيب عسكري مكشوفة، واستعرض الوحدات المشاركة ،ثم ح ّيا المشاركين في االحتفال وأخذ مكانه على المنصة إيــذا ًنــا ببدء العرض العسكري ،الذي سبقه عرض فيلم للمناسبة من إعــداد مديرية التوجيه في قيادة الجيش. العرض الرمزي بدأ العرض بمرور الوحدات الراجلة وهي على التوالي :موسيقى الجيش واألعالم :علم الجيش ،علم المديرية العامة لقوى األمن الداخلي ،علم المديرية العامة لألمن العام ،علم المديرية العامة ألمن الدولة ،علم المديرية العامة للجمارك ،فصيلة مشاة راجلة من قــوات األمم المتحدة المؤقتة في لبنان ،الكلية الحربية ،القوات البحرية، القوات الجوية ،لواء الحرس الجمهوري ،لواء المشاة الثامن، فوج التدخل الثالث ،المديرية العامة لقوى األمن الداخلي، المديرية العامة لألمن العام ،المديرية العامة ألمن الدولة، المديرية العامة للجمارك ،الطبابة العسكرية ،المديرية العامة للدفاع المدني ،والصليب األحمر اللبناني. تبدلت الموسيقى لتشق بعد انتهاء مرور الوحدات الراجلةّ ، الــوحــدات التي تسير بخطى رياضية طريقها في ساحة العرض ،وهي على التوالي :فوج المغاوير وفرع مكافحة
اإلرهاب والتجسس والفوج المجوقل وفوج مغاوير البحر. شاركت في االحتفال ً أيضا طوافات عسكرية من سالح الجو اللبناني كانت تحلق في سماء اليرزة قبل بدء العرض وفي أثنائه ،حمل بعضها العلم اللبناني ،باإلضافة إلى طائرات «سوبر توكانو». مع انتهاء العرض غــادر الرئيس عون والرئيسان بري وميقاتي إلى القصر الجمهوري ،فيما تقبل قائد الجيش تهاني الضباط. غادر الجميع وظل صدى الخطوات الهادرة في الساحة يحكي قصة رجال أقسموا على الوالء لوطنهم حتى الشهادة ،رجال يستمرون في مواجهة الصعاب بإرادة وعزم ،فاتحين لألمل أبوا ًبا ،رافعين راية أقسموا أن تظل مرفوعة للعلى للعلم...
وفد من القيادة يهنئ رئيس الجمهورية استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من الضباط ،في زيارة تهنئة بمناسبة عيد االستقالل. قدمتها المؤسسة العسكرية في سبيل الحفاظ على األمن واالستقرار في وقد أشاد الرئيس عون بالتضحيات التي ّ دفاعا عن الوطن وسيادته البلد ،ومواجهة اإلرهاب وخالياه ،مح ّي ًيا خصوصا أرواح الشهداء العسكريين الذين سقطوا ً ً وأمنهّ . وأكد أ ّنه يواصل العمل مع رئيس الحكومة من أجل معالجة األوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها العسكريون من مختلف الرتب ،أسوة بغيرهم من أفراد القوى المس ّلحة األخرى والمواطنين الذين تأثروا مباشرة بالتدهور في سعر صرف الليرة. مما يعانيه العسكريون ستبقى متس ّلحة ب َق َسمها من جهته ،شدد قائد الجيش على ّ أن المؤسسة العسكرية على الرغم ّ في الدفاع عن لبنان.
7
استقالل ٧٨
وزير الدفاع الوطني: تجسد المثل الساطع المؤسسة العسكرية ّ لفعل اإليمان بالوطن ّ أن لبنان لن يكون أكد وزير الدفاع الوطني موريس سليم ّ ً واشتدت األزمات. مستقل مهما ه ّبت عليه رياح الفتنة ّإل ّ أن استقالل لبنان هو ورأى في حديث لمجلة «الجيش» ّ ثمرة تضحيات أبنائه وإيمانهم الراسخ بنهائية هذا الوطن وأن االستقالل نضال يومي ،ومسؤولية صونه وتمتينه تقع على عاتق الجميع. وقال وزير الدفاع« :يبقى الشعب أساس االستقالل الذي ويتجدد مع كل عمل يترسخ هو فعل إيمان بالوطن، ّ ّ مخلص وقرار سليم على كل مستويات المسؤولية الوطنية وتش ّعباتها». تجسد المثل الساطع «إن المؤسسة العسكرية وأضافّ : ّ ً لفعل اإليمان بالوطن ،فينتشر رجالها ليل نها ًرا على كامل ترابه ،يرابطون على الحدود الجنوبية في مواجهة العدو اإلسرائيلي ،وعلى الحدود الشرقية والشمالية يرصدون اإلرهاب والمه ّربين ويشتركون بحفظ األمن في الداخل، ويمدون يد العون ألبناء شعبهم في كل مكان. ّ أن «هذه المؤسسة ،ورغم قساوة وشدد وزير الدفاع على ّ يضحي أفرادها حتى االستشهاد في الظروف التي نم ّر بها، ّ ً ّ ً سبيل أن يبقى الوطن عزيزا مستقل». «أن بلدنا هو أجمل بلدان األرض واعتبر الوزير سليم ّ حي ،وال بد من أن تشرق شمس الخير على وشعبنا شعب ّ لبنان بعد هذه األزمة غير المسبوقة في تاريخه الحديث». بتحديات كبرى على مدى العقود األخيرة وتابع« :م ّر وطننا ّ وكنت ما أزال في الخدمة العسكرية ،وعايشت ظروف وتداعيات تلك األحداث التي عانى منها الشعب بأفراده، والوطن بمؤسساته كافة ،لكن إيمان أبناء شعبنا بوطنهم مجددا رغم اآلالم والتضحيات وحبهم له جعلهم ينهضون ً ليعيدوا إلى لبنان نبض الحياة والتقدم واالستمرار .في النهاية الوطن هو الناس لذا فهم مسؤولون عن وطنهم». وتوجه إلى العسكريين بالقول« :إن إيمانكم بلبنان ّ وبالمؤسسة العسكرية واضح ،وتحظون بتقدير كبير من
كل أطياف الشعب اللبناني ،وأنتم جزء من هذا الشعب وكل عمل تقومون به هو للوطن وللشعب ،لذا فإن تضحياتكم ـدا ،ولن يذهب جهدكم سدى ألن هذه اليوم ستثمر غـ ً مردها إلى اإليمان العميق بلبنان وواجب الدفاع التضحيات ّ عنه. مؤكدا «أنه من المهم أن يبقى الجيش وختم الوزير سليم ً جاه ًزا ألداء أدواره المك ّلف بها من السلطة السياسية من خالل تحسين ظروفه وواقعه ،على مستوى العديد والتجهيز ّ ليتمكن أفراده من واالستشفاء والحالة المالية بشكل عام، تلبية متط ّلبات الحياة وتحدياتها».
9
حديث القائد
مقدسة وطنكم بحاجة إليكم ومهمتكم ّ ّ
تهشيما في الظروف الصعبة يظهر معدن الرجال ،وما نعيشه أكثر من صعب .نعيش ظرو ًفا ساحقة تمعن في الناس ً وتدمي ًرا .لكن وللمفارقة ّ فإن من يعانون أكثر من سواهم ،ظلوا األكثر ثبا ًتا ،وبرهنوا أ ّنهم رجال ُيتكل عليهم .إ ّنهم عسكريو الجيش من مختلف الرتب ،إ ّنهم رجال الوطن الذين يستمرون في أداء واجبهم المقدس رغم ما أصابهم نتيجة األزمة تباعا بفعل األزمة ،ويسود التشرذم في البالد، االقتصادية الخانقة ،وتداعياتها على رواتبهم .وبينما تتعطل المؤسسات ً يوجه تحافظ المؤسسة العسكرية على جهوزيتها متمسكة بشعارها ومبادئها ووحدتها ،مصممة على الوفاء للقسم الذي ّ خطى رجالها ويجعلهم قدوة في اإليمان بالوطن وبالبزة التي يرتدونها .فهذه المؤسسة ُتدرك أ ّنها المدماك األخير الذي يحول دون انهيار الوطن وسقوطه في قبضة الفوضى والميليشيات كما حصل في السابق .كما ُتدرك أ ّنها األساس الصلب الذي سيسمح للدولة بالنهوض وبناء مؤسساتها من جديد. هذا ما ّ ويشدد عليه قائد الجيش العماد جوزاف يؤكده ّ مثم ًنا ثباتهم عون بينما هو ّ يشد على أيادي العسكريين ّ وتضحياتهم« .األزمــة ستم ّر» يقول العماد عــون أمام عسكرييهّ ، بأن راتب الضابط في العام 1992 يذكرهم ّ انخفض ليصبح 27دوال ًرا بفعل األزمة آنذاك .يطمئنهم إلى أن قيادتهم إلى جانب كل واحد منهم ،تشعر بمعاناتهم، ّ تتفهم هواجسهم ،تعرف األسئلة التي تدور في رؤوسهم من دون أن يطرحوها .وهو في المقابل يوضح لهم حجم مؤكدا المسؤوليات التي يتحملونها حيال وطنهم وأهلهم، ً يقدرون صمودهم ويراهنون ّ أن اللبنانيين كما األجانب ّ عليهم .وهو إذ يشرح لهم التدابير واإلجراءات التي اتخذتها
12
القيادة للتك ّيف مع األوضاع الصعبة والتخفيف من الضغوط التي يتع ّرض لها العسكريونّ ، أن توفير المساعدات يؤكد ّ يألو للجيش بما فيها المساعدات المالية هو أولويته ،ولن َ جهدا في سبيل ذلك. ً في لقائه بالضباط في اليرزة ،كما في لقاءاته بالعسكريين من مختلف الرتب خالل جوالته على القطع والوحدات، ّ صا يتحدث العماد عون بمنتهى الصراحة والشفافية مشخ ً محد ًدا الحلول ،ومعط ًيا التوجيهات. الواقعّ ، أنا واحد منكم دايما على المصارحة ...أل ّنو ما عناّ عودتكن ً «متل ما ّ
أعرف الضغوط والتحديات التي تعيشونها ،من التحركات االحتجاجية ،إلى أزمة المحروقات واألدوية والمداهمات واإلشكاالت المتنقلة وغيرها ،وفي جميع هذه االستحقاقات كنتم على مستوى المسؤولية وعرفتم بحكمتكم وضبط أعصابكم أن تستوعبوا األوضاع وردات الفعل .أثبتم أ ّنكم رجال الوطن بالفعل ،وأنكم رجال ُيتكل عليهم. شي مخ ّبا ،وحقكن تعرفو كل شــي» .هكذا بــدأ قائد الجيش حديثه إلى الضباط في االجتماع االستثنائي الذي عقده في اليرزة .وأضاف :تقومون بمهمات كثيرة تتطلب مجهودا ،والهاجس الكبير بات االنتقال إلى مراكز الخدمة. ً أعرف الضغوط والتحديات التي تعيشونها ،من التحركات االحتجاجية ،إلى أزمة المحروقات واألدويــة والمداهمات واإلشكاالت المتنقلة وغيرها ،وفي جميع هذه االستحقاقات كنتم على مستوى المسؤولية وعرفتم بحكمتكم وضبط أعصابكم أن تستوعبوا األوضاع وردات الفعل .أثبتم أ ّنكم رجال الوطن ،رجال ُيتكل عليهم .وفيما ح ّيا االنضباط الذي تحلى به الضباط والعسكريون على السواء ،تو ّقف بتقدير عند والئهم المطلق للمؤسسة العسكريةّ ، وأكد« :أنا واحد منكم ،أعرف كل التفاصيل ،أتابعكم خطوة خطوة ...لقد خدمت مثلكم على األرض وبين العسكر ،وأعلم بالضبط كل ما يحيط بحياة العسكري وما يتحمله وكيف يستطيع التحمل .أريــد منكم أن تكونوا إلى جانب عسكرييكم، ّ تتحدثون إليهم ،تتفهمون مشكالتهم ،وتدعمونهم .نحن في أزمة كبيرة وقدرات القائد الناجح تظهر في األزمات والحروب .عليكم طمأنة عسكرييكم إلى أ ّننا لن نتركهم يتخبطون في هذه األزمة ،نحن نبذل كل جهودنا للتخفيف أن مهمته عنهم ومساعدتهم .ويجب أن يدرك كل عسكري ّ مقدسة وهو من خاللها يحمي عائلته وأهله ووطنه» .وإذ طرح السؤال الصعب :لمن نترك الوطن؟ للفوضى؟ للحرب األهلية؟ ّ أن تضحيات العسكريين وجهودهم هي التي أكد ّ حالت دون انهيار لبنان رغم ما حدث منذ تشرين األول ّ تفشي وباء 2019لغاية اليوم .فمن المظاهرات إلى أوضاعا مأزومة« ،لكننا كورونا وانفجار المرفأ شهد لبنان ً استطعنا أن نحافظ على السلم األهلي بفضل ثقة شعبنا شجع الكثيرين على وثقة المجتمع الدولي بنا ،وهذا ما ّ أن فقدان الثقة واإليمان بالوطن مساعدتنا». وشدد على ّ ّ هو أخطر سالح ضدنا. وتناول قائد الجيش مسألة فرار عدد من العسكريين أن الشائعات وتقدم آخرين بطلبات استقالة ،فأوضح ّ ُّ
ّ عددا كبي ًرا من هؤالء عادوا والتحقوا تضخم األرقامّ ، وأن ً يقدمها الجيش مجددا ،بعدما اكتشفوا ّ ً أن الضمانات التي ّ ال يجدونها في أي وظيفة أخرى .وفي هذا السياق وضع الضباط أمام مسؤولية توعية العسكريين لكي ال يتس ّرعوا في اتخاذ قرارات يندمون عليها .فقد يجد الواحد منهم اليوم وظيفة ويخسرها بعد فترة ،أما المؤسسة العسكرية وحد فتحتضنهم مدى الحياة .وقال« :رح ضل واقف حدكنْ ، كل عسكري» .كذلك تط ّرق إلى شائعات أخرى وانتقادات تتحدث عن استنسابية في توزيع المساعدات واعتماد سياسة شتاء وصيف تحت سقف واحد ،وطلب من العسكريين ّأل أن الجيش للجميع يعيروها أي اهتمام مؤكدا مرة جديدة ّ ً وضد جميع المخ ّلين باألمن ،وهدفه األساسي الحفاظ على السلم األهلي واالستقرار األمني. لن نسمح بوقوع الفتنة ّ بأن لبنان اليوم بحاجة إلى وذكر العماد عون الضباط ّ الجيش أكثر من أي وقت مضى« ،ونحن أقسمنا يمين الدفاع عن وطننا حتى الشهادة ...ال تفقدوا األمل والثقة بوطنكم، ال بديل لدينا وال خيار آخر ...شعارنا شرف تضحية وفاء ،كلما أقلقتنا األسئلة أو تعرضنا لالستفزاز ،يجب أن نتذكر هذه الكلمات ففيها األجوبة ،وقيمة الشعار في تطبيقه عمل ًيا». «أنا أثق بكم وأفتخر بكم ،وأتكل عليكم» قال العماد ّ جيدا أنكم تش ّرفون مؤسستكم عون ،وأضــاف: «تذكروا ً ّ أن الفتنة هي على مسافة خطوات، ووطنكم» .وحذر من ّ لك ّنه ّ جازما :لن نسمح بوقوعها .وعلى العسكريين أن أكد ً مقدسة ،فتجربة 1975كانت مهمة يدركوا أ ّنهم أمام ّ ّ تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها ،وال أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المس ّلحة واإلرهاب أو المخدرات. األزمة واإلجراءات التي اتخذتها القيادة في ما يتعلق باألزمة االقتصادية ،تو ّقع قائد الجيش أن تطول هذه األزمة لك ّنه أشار إلى وجود سيناريوهات لمواجهة
13
األسوأ ،وقال« :نحن لسنا سبب األزمة ،والحل ليس عندنا، نحن نقوم بواجبنا تجاه وطننا ،وسنكون موجودين حيث تدعو الحاجة .واجبنا مساعدة الدولة على إيجاد الحلول من خالل توفير األمن واالستقرار» .وأضاف :إ ّنها أزمة وسوف تمر ،مررنا من قبل بظروف صعبة وتجاوزنا األمر« .ما في أزمة إال ووراها فرج .المهم أن نصمد أمام هذه العاصفة إلى حين انتهائها». أن القيادة اتخذت في ظل الظروف وأشار قائد الجيش إلى ّ الراهنة جملة إجراءات تقشفية فراعت ظروف العسكريين وشجعت المبادرات في ما يتع ّلق بالجهوزية والخدمة، ّ التي قامت بها بعض الوحدات كاستثمار األراضي الزراعية وإنشاء معامل إنتاج صغيرة لتأمين سلع لالستعمال اليومي، أن الجيش ووضعت خطة للنقل .وهنا أوضح العماد عون ّ اشترى باصات وفانات ،وستكون في الخدمة قري ًبا ما يحل مشكلة تن ّقل العسكريين. مطو ًل عندها ّ مذك ًرا أما بالنسبة إلى الطبابة ،فقد تو ّقف ّ يؤمن أفضل الخدمات الطبية لعناصره ّ بأن الجيش ما زال ّ مؤكدا السعي للحفاظ على مستوى رغم تردي األوضاع، ً أن المستشفى العسكري بات هذه الخدمات ،ومشي ًرا إلى ّ يحتوي على 5غرف عمليات هي من األحدث في الشرق جار حال ًيا لتوسيع دمّ ، األوسط ،وأهم مختبر ّ وأن العمل ٍ هذا المستشفى وزيادة قدرته االستيعابية .كذلك تط ّرق أن نسبة العماد عون إلى موضوع كورونا واللقاح ،فكشف ّ العسكريين الذين تل ّقوا الجرعتين بلغت ،%68وشدد على ضرورة تلقيح الباقين ،ومن يصر على عدم أخذ اللقاح يكون العالج على نفقته الخاصة إذا أصيب بالوباء.
المساعدات والمفاوضات بسبب الوضع االقتصادي الراهن وكثرة المهمات يحتاج الجيش إلى المساعدات ،التي تعمل القيادة على تأمينها ليبقى الجيش قاد ًرا على تنفيذ واجباته العمالنية ،كما أ ّنها طلبت ً أيضا مساعدات مادية للعسكريين لكن األمر يواجه معوقات قانونية ودستورية لدى الجهات المانحة ،ويتم العمل على إيجاد حلول لتأمين هذه المساعدات .وفي هذا السياق ّ أن زياراته لعدة دول كان هدفها أكد العماد عون ّ تأمين المساعدات للجيش ،ولن يوفر أي جهد للحصول على ما يحفظ كرامة العسكري وعائلته. كذلك تط ّرق قائد الجيش إلــى ما يبديه مسؤولون وقادة عسكريون أجانب من إعجاب باالحتراف الذي طبع أن ما تن ّفذه أداء الجيش في الظروف الصعبة ،مشي ًرا إلى ّ الوحدات من مهمات استثنائية بات ُيد ّرس في المعاهد والكليات العسكرية ،وهذا مدعاة فخر لكل ضابط وعسكري في الجيش اللبناني. في ما يتعلق بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود أن الجيش قام بواجبه الوطني البحرية ،اعتبر العماد عون ّ بالمطالبة بحقوق لبنان البحرية وأظهر احترا ًفا ومناقبية للبت بالموضوع. عالية ،وهو ينتظر القرار السياسي ّ أطمئنكم... وختم قائد الجيش بكلمات ملؤها الثقة بقدرة الجيش على تجاوز الصعوبات ،فقال« :أطمئنكم وأطمئن اللبنانيين أن جيشهم رغم كل الصعوبات والمعاناة ،سيواصل تنفيذ ّ المهمات الموكلة إليه».
نحن في أزمة كبيرة وقدرات القائد الناجح تظهر في األزمات والحروب .عليكم طمأنة عسكرييكم إلى أ ّننا لن نتركهم يتخبطون في هذه األزمة ،نحن نبذل كل جهودنا للتخفيف عنهم ومساعدتهم. على كل عسكري أن يدرك ّ أن مهمته مقدسة وهو من خاللها يحمي عائلته وأهله ووطنه. 14
نافذة
بقلم :روني ألفا
بلدا بأكم ِله تع َت ِمر ً ربطة الخبز ما معنى أن ت ُع ّد أرغفة في ِ مهمة. قبل أن تخرج من بي ِت َك في أمر ّ وأم ٌ وأخ وابـ ُ ـي. َ أنت ٌ أب ٌّ ـن َع ّم ووصـ ٌّ ـل هــذا في ب ـ ّزة واحــدةَ . كـ ّ بشحطة واحــدة أو َشحط َتين على كتفيك أو بــدرزة نجوم وسيوف فوقهما َ تنتظرك ال ـم .المهمة التي ال هـ ّ بعدد النجوم طالما َّ أن س ِ ُت َفو ِن ُ نع َل َ أنت يك تضيئان طريق الوطنَ . الوحيد المجاز له السير على األقدام واألقــدار .ك ّلما ّ آخر عروة من بك َ لت ِ تذكر َ َ قميصك العسكري َّ بلدا أنك تع َت ِمر ً مشاو َفة إنما بأكمله .هذا أنت .ال تك ُّب ًرا وال َ اع َرف من أنت .قد يتناقص مسحوق الحليب ألطفا ِلك .يشربه أطفا ُل َك من مسحوق كرام ِتك .قد ودمك تُط ِعم جوع الوطن .هذا تقتصد باللحوم .من لحمك ِ َ وإياك أن تنسى من أنت. هو أنت الحقيقي مراوغة أنت أكبر منها .هي ال تلتفت إلى فتات السياسةَ . ِ مناو َرة في ملعب السلطة. هي وأنت واضح َ ّ كحد السيفَ . ِ َ مالعب الخدمة .ال شأن لك بكل ما ُي ُ قال مناوراتُك أنت في ِ تمش .دعهم يتصارعون على كسرة. عنك .قل كلم َتك وال ِ صارع من أجل شلح أرز .ستتذكرك هذه الشجرة المباركة عاط َفة .هذا أنت. كلما ه ّبت عاصفة .في كل عاصفة ُكن ِ ٌ داخل إلى محرابِّ . لربك وللبنان. حرم ثك َن ِتك كأنك ادخل َ صل ِّ من يص ّلي للبنان ق ّلة وأنت كث َر ُة ال ِق ّلة .تسكن ضمير الناس ومن يسكن في هذه المنازل ال يبغي القصور .على تخ ِتك َ تواضعك بأحالم متواضعة .ما أحلى نوم َك الحديدي يغ ّرد ُ ٍ أمام جبروت الطغيان .سالحك ّ عكازة شيخوخة الوطن حي ًنا ً َ جوهرة ثمينة. والخردة تحول النحاس ذه ًبا وعصا سحرية ّ أنت ال تخطئ .اطمئن .أنت تمحو خطايا اآلخرين. َ ُ واتل الفا ِت َحة واألبانا .كم يفرحان بلقائهما مدل وح ِ كبر َ ِّ قلبك .صالت َ َ ُك الوحيدة المقبولة .شفاعة على شفتيك وفي ِ َ ً وحياة اهلل نحلف بأوجاعك. والدة لن تأتي إال وطن ينتظر ِ
وحــيــا َتــك .لــو عــددت اللبنانيين الذين يباركون ط ّل َت َك على طرقات الوطن شدة وتزول يا الحزينة َ فرحاّ . لبكيت ً ّ لست صب ُر ساعةَ . جيش لبنان والنص ُر َ مكسر َعصا .أنــت كاسر ال ُعصاة. َ موجود في كل مكان .تُهاتفك ُ األمكنة ف َت َ يحدث أن نتم ّنى حضر. َ لقياك على حاجز أمني .غريب كيف ال نخاف من الحواجز حين تكون أنت .حاجز يطيح بكل الحواجز. ليس غري ًبا أن يتقاتل من هنا ومن جمعوا عليك .كل هناك أبناء الوطن و ُي ِ وتوحدهم أنت .في يقسمهم ّ شي ٍء يكاد ّ كل بلدان العالم الجيش يقوم بواجباته إال في درسا لبنان .الجيش في لبنان يقوم بواجباتنا .يعطينا ً كيف تُصان تذكرة الهويةٌ . َ أهل نحن وإياك .ال وظيفة وال دور وال شيء من ّ أنت وطن للوطن. كل هذه الت ّرهاتَ . تحب وتحمي وتردع .كن في كل زقاق .في كل قد ُر َك أن ّ شارع وقرية ومدينة .آخر مالذ لسلمنا األهلي بين يديك. دموعنا وآخر من ننتمي إليه في لبنان والمهجرِ .زن أول ِ َ وضحكاتنا ُت َق َّد ُر باألطنان من أج ِلك .تمشي بين النقاط فتحتار النقاط بأي توازن تمشي! َ تكفيك مؤونة سنوات من الع ّز .تعلم أنها وهرة قيادتك ال تنام حتى يهنأ نومك .تجوع حتى تش َبع .تفتح جراحها أنت مسنود على جبل .محمول على ّ أكف. لتلتئم جراحكَ . ُ تنس كم نح ُّبك .ال حاجة للمحبوب محمي ِبشفار العيون .ال َ شدة وتزول يا أن يسمع كلمة أح ُّبك على مدار الساعةّ . ٌ مؤتمن عليك .أمانتك قالدة حول جيش لبنان البطل .قائدك أن المسنود على جبل عنقه .لن يم ّر وقت طويل حتى تعرف ّ هو جبل ً موحدون في المصيبة أيضا. َ دمت لنا ودمنا لكَّ . واألزمة والمحنة ولكن ً أيضا في ال ّرجاء وقمم العزائم .آتون على فصل الشتاء يا وطنُ . وسالما في بيوتنا اهطل دف ًئا ً الصغيرة.
17
احتفال
عرض جوي و«معمودية» احتفا ًء بطوافات MD 530F1وال خوف على الجيش
مجددة في كل مرة ثقتها بالمؤسسة في إطار المساعدات التي تخصصها الواليات المتحدة األميركية للجيش اللبناني ّ العسكرية ،احتفلت القوات الجوية بتس ّلم 6طوافات عسكرية نوع .MD 530F1تأتي هذه الهبة الق ّيمة لترفد القوات الجوية بمزيد من القدرات ،ولتسهم في تحقيق االستراتيجية الهادفة إلى إنشاء أسراب نخبوية بالعتاد والتدريب والتكتيك قادرة على تلبية متطلبات المعركة الحديثة وغير التقليدية .وبينما أعلنت السفيرة األميركية ّ أن إدارة بالدها قررت زيادة 67 مليون دوالر على المساعدات المقررة للجيش اللبناني للعام الحالي ،أشار قائد الجيش إلى ّ أن مسيرة التعاون العسكري مع الواليات المتحدة األميركية أثمرت تطو ًرا بالقدرات العسكرية والقتالية والتدريبية للجيش اللبنانيّ . وأكد أن ال خوف معاهدا اللبنانيين على الدفاع عن كرامة الوطن وصون استقراره. على الجيش على الرغم من األزمة االقتصادية، ً جرى االحتفال في قاعدة حامات الجوية في حضور قائد الجيش العماد جوزاف عون ،والسفيرة األميركية في لبنان السيدة ،Dorothy SHEA ،باإلضافة إلى عدد من الملحقين العسكريين والضباط وفاعليات المنطقة. قدمت الطوافات ً عرضا جو ًيا أثار إعجاب الحاضرين في البداية ّ بما يملكه طيارو القوات الجوية من مهارات ،أعقبه مرور الطوافات تحت المياه في ما يشبه المعمودية .وهذا التقليد قديم يعود أصله إلى بريطانيا حيث كان ُيمارس عند االحتفال بوضع بواخر جديدة في الخدمة ،ثم انتقل إلى القوات الجوية في العديد من بلدان العالم ومن بينها لبنان. التزام حقيقي استهلت السفيرة األميركية كلمتها باإلعراب عن فخرها بأن تُظهر من خالل هذه الهبة المقدمة إلى الجيش اللبناني أن التزام الواليات المتحدة حياله حقيقي .وأشارت إلى كم ّ أن المناسبة ال تقتصر على االحتفال بتسليم هذه المساعدة ّ العسكرية التي تبلغ قيمتها أكثر من 40مليون دوالر ،وإنما ً متقدما ،هو من عتادا نقدم للجيش اللبناني ً أيضا «بكوننا ّ ً 20
أحدث اإلضافات إلى القوات الجوية» .وبعد أن تطرقت إلى مميزات الطوافات ،ح ّيت الطيارين والفنيين في القوات الجوية اللبنانية ،وأثنت على أدائهم العالي المستوى الذي قدموه في مستهل االحتفال. ظهر خالل العرض الجوي الذي ّ ّ أن بالدها ستواصل تقديم المساعدات وأكدت السفيرة شيا ّ أن برنامج للمؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة معلنة ّ المساعدات المخصص للعام 2021كان بقيمة 120مليون دوالر وقد أضيف إليه مبلغ بقيمة 67مليون دوالر. مسيرة طويلة من التعاون أشار قائد الجيش في الكلمة التي ألقاها إلى «مسيرة طويلة من العالقات والتعاون العسكري بين الجيش اللبناني والواليات تطو ًرا المتحدة األميركية ،أثمرت على مدى السنوات الماضية ّ بالقدرات العسكرية والقتالية كما التدريبيةّ ، ومكنت الجيش من تحقيق إنجازات عسكرية عديدة». وقال العماد عون« :ال ّ أن شراكتنا االستراتيجية شك في ّ لمواجهة التحديات األمنية ،أفضت إلى زيادة حجم المساعدات األميركية في السنوات الماضية ،والتي ّ مكنت الجيش من
بمهماته وتطوير قدرات وحداته» .كما أشار االستمرار بالقيام ّ أن الدعم األميركي المستمر للجيش يعكس ثقة اإلدارة إلى ّ األميركية به ،وحرصها على تطوير قدراته وتعزيز دوره في حماية الحدود وصون االستقرار الداخلي ،وبالتالي المحافظة على وحدة لبنان ومنع انزالقه إلى الفتنة أو الحرب األهلية مجد ًداّ . وأكد أ ّنه لمس هذا الحرص خالل زيارته األخيرة إلى ّ الواليات المتحدة األميركية ولقاءاته بكبار المسؤولين من السلطتين التشريعية والتنفيذية ،وقد أجمعوا على استمرار ألن تحصين دعم الجيش ،الذي يحظى بإجماع محلي ودوليّ ، وألن صموده في مواجهة هذه الجيش يوازي تحصين لبنانّ ، المرحلة الدقيقة يع ّزز االستقرار. ال خوف وتط ّرق العماد عون إلى األزمة االقتصادية التي يمر بها الجيش اللبناني اليوم وقد تكون األسوأ في تاريخه ،لك ّنه ّ أكد أن ال خوف على هذا الجيش« ،فإرادة ضباطه وعسكرييه، المقدسة ،هما الحافز لصمودهم وإيمانهم بمهمة جيشهم ّ وإصرارهم على تنفيذ مهماتهم بكل انضباط ومهنية ووالء مطلق للمؤسسة العسكرية» .كما ّ أن هذه المؤسسة أكد ّ دوما على الدفاع عن كرامته ،وصون استقرار تعاهد شعبها ً
الوطن ،مهما كانت التحديات ومهما غلت التضحيات. وفي ختام كلمته ّ أن أولوية القيادة ذكــر العماد عون ّ «كانت وستبقى هموم العسكريين وعائالتهم ،كما تحصين التحديات ،وتوفير االستقرار األمني الذي المؤسسة في وجه ّ يمهد الطريق أمام السلطة السياسية إليجاد الحلول السياسية ّ واالقتصادية». ً مستقبل مزيد من الطوافات قدم قائد القوات الجوية اللبنانية العميد الركن من جهته ّ الطيار زياد هيكل إيجا ًزا عن قدرات الطوافات القتالية الجديدة ومواصفاتها والمهمات العديدة التي يمكنها تنفيذها إلى جانب مهمة الدعم الجوي القريب ،مشي ًرا إلى تجهيزاتها التي تتضمن أحدث التقنيات واألنظمة التكنولوجية .وإذ لفت إلى تم تجاوزها بفضل ّ أن المشروع واجه الكثير من العقبات التي ّ المثابرة والجهود الكبيرة التي ُبذلت ،أشار إلى أ ّنه يشمل قطع الغيار والذخيرة واألسلحة والدعم الفني. كما أشار إلى ما تس ّلمته القوات الجوية ساب ًقا من المساعدات األميركية ،وكشف عن وجود خطة عشرية تتضمن تزويد هذه القوات 6طوافات إضافية ،وسيكون لها دور مهم في المستقبل على صعيد خفض المخاطر المحتملة في مختلف المهمات.
طوافات قتالية تت ّوج قدراتنا الجوية حددته «وضعت المواصفات الفنية والتقنية للطوافات في دفتر شروط ّ بحسب العميد الركن الطيار زياد هيكلُ : القوات الجوية اللبنانية انطال ًقا من حاجاتها ،ووافقت الحكومة األميركية على تلبية هذه الحاجات ،وبالتالي أتت هذه الطوافات «حسب الطلب». ومطورة لتحافظ على أداء وطوافات الـ MD 530F1القتالية هي طوافات خفيفة الوزن ،وذات قدرة مناورة عالية، ّ مجهزة بمحرك «رولز رويس - 250سي »30تصل ج ّيد على المرتفعات مع اإلبقاء على حمولة ف ّعالة .هذه الطوافات ّ قوته إلى 650حصا ًنا. تؤمن هذه الطوافـات عنصر المفاجأة المطلوب بسبب حجمها الصغير وصوتها المنخفض في أثناء العمليات القتاليةّ ، مجهزة ً أيضا بقمرة قيادة هي من بين األكثـر حداثة في نسب ًيا، خصوصا في عمليات مكافحة اإلرهابّ MD 530F1. ً تتضمن منظومة أجهزة Garmin G500H TXiو ،L3Harris ESIوكاميرا خص المالحة الجوية واالتصاالت ،إذ ما ّ ّ تؤمن رصد ومراقبة أهداف بعيدة المدى تصل إلى حدود 5كلم بواسطة الاليزر وجهاز استشعار ّ WESCAM MX-10 واألشعة ما دون الحمراء. تمتاز هذه الطوافة بإمكان تجهيزها بمزيج من مجموعة أسلحة متوافرة ،إذ يمكن تسليحها برشاشين عيار 12,7 توجه بواسطة الليزر إلى مسافة بعيدة .قدرة الطوافة ملم ،أو صواريخ نوع ،Hydra 70 mmأو مذ ّنبات نوع ّ APKWS يؤمنان متطلبات المعركة الحديثة من عنصر المفاجأة العالية على المناورة مقرونة بتسليح من الجيل األكثر حداثةّ ، ً ألي أضرار جانبية ،فضل عن تخفيف خطر استهداف والمعالجة الدقيقة لألهداف إلى عدم تعريض محيط الهدف ّ ً مهما من الحيطة والسالمة. الطيارين والطوافات من أسلحة العدو ،ما يشكل هامشا ً 21
في ثكناتنا
الرقيب أول كرستينا عباس
القوات الجوية في يوم مفتوح لألمل والثقة
جهزت نفسي وتوجهت باك ًرا إلى قاعدة رياق «انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر ،وعندما حان الموعد استيقظت قبل الفجرّ ، الجوية ،كنت أخشى أن يفوتني أي تفصيل من البرنامج المقرر» .هذا ما بادرتنا به إحدى الشابات التي حضرت باك ًرا إلى اليوم المفتوح مع القوات الجوية الذي ّ شد أواصر يوما ثقاف ًيا ،ترفيه ًيا ووطن ًيا بامتياز ،أرادت فيه ّ نظمته قيادتها ليكون ً اإللفة وال ِلحمة بين عسكرييها ومواطنيها ،وأن تقول لهم ّ صامدا في وجه إن جيشهم موجود إلى جانبهم ،وطالما أ ّنه ما زال ً بعزم وثبات نحو تعزيز قدراته وكفاءاته وإمكاناته ،فال خوف على مستقبل لبنان. التحديات ،يخطو ٍ ً ّ فسحة خالية تزود المواطنين األمل بالمستقبل ،فكان هذا اليوم المفتوح الذي شكل أرادت قيادة الجيش والقوات الجوية أن ّ بعيدا من الهموم والمشكالت التي تثقل كاهل العسكريين والمدنيين على السواء. من الضغوطات ً ف َتحت قاعدة رياق الجوية ذراعيها منذ الصباح الباكر لتحضن زوارها القادمين من مختلف المناطق اللبنانية كبا ًرا وصغا ًرا. ساعة من موعد البدء باستقبال وحين وصلنا إلى القاعدة قبل ٍ عددا ال بأس به من المواطنين قد سبقونا الوافدين ،رأينا ً شدة حماستهم، بالوصول .استيقظوا مع طلوع الفجر من ّ ً وبعضهم أكدوا أ ّنهم لم يستطيعوا النوم أصل خشية أن يسبقهم الباص وتفوتهم الفرصة .تالمذة مدارس وطالب جامعات ،وجمعيات وعائالت أتوا جميعهم لتمضية أوقات مس ّلية وليقفوا إلى جانب جيشهم ويتع ّرفوا إليه أكثر .في 24
الساحة كانوا ملت ّفين حول العسكريين ،ال تفارق البسمة وجوههم وكأ ّنهم «يطيرون» من الفرح .أوقفتني طالبة جيدا فقد ترينني بعد جامعية وقالت لي« :احفظي وجهي ً سنوات في الوزارة فأنا أطمح إلى أن أصبح في الجيش الح ًقا». تبادلنا األحاديث ،وسألتني عن حياة اإلناث في الجيش قبل أن تنتقل إلى مكان آخر .كان األطفال يركضون ويمرحون بحرية، مكان إلى آخر ،ينتظرون بشوق يقفزون وهم ينتقلون من ٍ بدء العرض الجوي المرتقب ،ويسألون« :أيمتى رح يطيروا الطيارات» فيأتي الجواب« :قري ًبا».
«الفرحة فرح َتين» في هذا اليومّ ، حط نسور السماء على األرض وح ّلوا ضيو ًفا أع ّزاء في قلوب المواطنين ...هم الذين ال يعرفهم الناس فمهمتهم الدفاع عن سماء أل ّنهم «ط ّيارون» ال يسيرون ب ًّرا، ّ لبنان! رحبوا بضيوفهم ضباط القوات الجوية ورتباؤها وأفرادها ّ الذين هم أصـ ً ـا «من أهل البيت» بالنسبة إليهم .وفي المرحبين قائد القوات الجوية العميد الركن الطيار طليعة ّ زياد هيكل الذي كان في الساحة بين عناصره والمواطنين، يجول معهم َف ِر ًحا ،يجيب عن تساؤالتهم بكل طيبة خاطر، و ُيبدي تأثره بوقوف الشعب قرب جيشه ،فهو بحاجة لدعم المواطنين واتّحادهم معه كي يتمكن لبنان من النهوض مجددا .وفي كلمته الترحيبية بالحضور قال« :اليوم المفتوح ً هو فرصة للتالقي ،تالقي المواطنين مع جيشهم ،تالقي محبي المؤسسة العسكرية مع مؤسستهم ،تالقي أفراد المؤسسة مع داعميهم ومحبيهم .اليوم المفتوح هو فرصة للتبادل الثقافي العسكري وللتعرف أكثر على القوات الجوية وعتادها وأسلحتها واالختصاصات المتوافرة فيها .هو ساحة للتالقي الوطني تجمع أطياف المجتمع اللبناني وفئاته من المناطق كافة ،هذا التالقي الوطني الذي طالما كان وسيظل السالح األسلم والوحيد واألقوى لالستمرار في حماية وطننا موضحا أ ّنه من األخطار المحدقة من كل جهة وصــوب»، ً ُيعتبر «وسيلة غير تقليدية» يحتاجها الوطن لمواجهة ظروف استثنائية. وفي نهاية اليوم االستثنائي ع ّبر العميد الركن الطيار هيكل عن فرح كبير ،فأعداد الوافدين تخطت كل التوقعات ،إذ فاقت الـ ٢٥ألف شخص على الرغم من صعوبة التن ّقل بسبب غالء أن هذا اإلقبال الكثيف المحروقات واألزمة االقتصادية ،ورأى ّ أن الشعب إلى جانب الجيش ،والجيش يستمد القوة يبرهن ّ من التفاف المواطنين حوله. بعيدا أن الجميع يمضون أوقا ًتا جميلة في ذلك اليوم ،بدا ّ ً من الهموم والضغوط التي تهيمن على حياة اللبنانيين. العسكريون والمدنيون والكبار والصغار والرسميون وغير الرسميين بدوا فرحين وكأنهم أخذوا إجازة من الواقع الذي يعيشونه .اللواء الركن الياس شامية الذي م ّثل قائد الجيش العماد جوزاف عون في المناسبة ع ّبر عن شعوره ِبفرح َتين: األولى كانت أل ّنه رأى مدى التفاف المواطنين حول جيشهم خصوصا ومدى أملهم بأ ّنه الضامن الوحيد ألمن الوطن، ً وأ ّنهم تخطوا مشكلة غالء كلفة التن ّقل ليأتوا إلى منطقة
25
بعيدة على الكثير منهم ليكونوا بالقرب من جيشهم .أما الفرحة الثانية فمصدرها قدرة القوات الجوية وعناصرها على تحمل التحديات والصمود في وجهها .وأضاف« :هذا اليوم ّ ً ألن لبنان يم ّر بأزمات سياسية واقتصادية يحمل رمزا كبي ًرا ّ كبيرة ،وعلى الرغم من ذلك نتيح للمواطنين فسحة أمل وابتسامة نراها على وجوههم .فالكبار اشتاقوا إلى الترفيه في ّ ظل الضغوط النفسية التي يعيشونها ،واألطفال يحبون هذه أن الهدف األساسي لقيادة الجيش من النشاطات» .وأشار إلى ّ دعم هذا النشاط الذي تقوم به القوات الجوية هو تذكير بأن أزمات كثيرة م ّرت على لبنان وك ّلها ّ تخطيناها اللبنانيين ّ وبالعزم نفسه نتخطى األزمة الحالية ً أيضا. «رجعتلي روحي» ِ وتنوع النشاطات تزداد رغبة التعبير عن مع تقدم الساعات ّ الفرح والثقة بالمؤسسة العسكرية والفخر بقدرات الجيش، لدى المواطنين والعسكريين في الخدمة والمتقاعدين. نتوقف بالقرب من النائب العميد الركن المتقاعد شامل روكز أن مشاركته في أي نشاط الذي كان حاض ًرا مع عائلته .يخبرنا ّ حد ترجعلي روحي» على ّ «ب ّ ينظمه الجيش تعني له الكثيرِ ، قوله .وقد أراد ً أيضا من خالل وجــوده توجيه رسالة إلى المواطنين ً «إن الجيش هو ضمانة الوطن .وقوته تأتي قائلّ : خصوصا في هذه الظروف السياسية، من التفاف شعبه حوله ً االجتماعية واالقتصادية الصعبة» ،مع ّب ًرا عن سروره لرؤية هذا العدد الكبير من المواطنين في رياق. أمانة الشهداء بد من أن يكون لعائالت شهداء القوات الجوية كذلك ،كان ال ّ حصة خاصة في ذلك اليوم .فقد ُو ّجهت لهم دعوة للمشاركة على الرغم من أ ّنهم «ال يحتاجون إلى دعوة للحضور« ،فقد ورثنا ُحب الجيش والقوات الجوية من شهدائنا» بحسب ِ تعبير السيدة حياة صدقة زوجة الرائد الشهيد جورج ووالدة المالزم أول الشهيد هادي .إ ّنها ترى في القوات الجوية أمانة
زوجها وابنها ،ولها «حصة كبيرة في قلبها» .وهي تضيف أن المشاركة في هذه النشاطات تتيح لها فرصة نقل األمانة ّ ألحفادها ليكبروا على ُحب لبنان والجيش .وهي مستعدة لمحاربة جميع الظروف لتكون بالقرب من جيشها الذي طالما كان إلى جانبها. ً أهل في «المنطقة اإليجابية» في يومها المفتوح بدت ساحة القوات الجوية وجنباتها بعيدا من الواقع الفعلي في البلد .نحو 25 كـ»عالم آخر» ً ٍ شخص تركوا خلفهم كل ما يؤرقهم ،وها هم يتنقلون ألف ٍ الصور بفرح بين الطائرات المتوقفة في الساحة ،يلتقطون َ في كل مكان ويستوقفهم عتاد القتال المعروض .يسألون العسكريين عن كل ما يجول في أذهانهم من أسئلة. وبدورهم يشرح العناصر كل التفاصيل ،ويساعدون من يرغب ِ في التقاط صورة وهو يحمل سالح الـ .M4الجانب األكثر متعة كان الـــ simulatorحيث يحقق من يرغب ،حلمه بقيادة ما يشبه الطائرة من ناحية الـ controlsوالـ viewوالمقعد حتى. ولكن الشبه الذي بينها ّ لم تكن التفاصيل كلها موجودة وبين الطائرة الحقيقية جعل المواطنين يقفون في طوابير «جميلة» ينتظرون فيها دورهم «للطيران». يتذمر أحد ،فالجميع كانوا رغم العدد القياسي للمشاركين لم ّ أساسا ،كانت المشاعر السلبية «ممنوعة من الدخول» سعداء. ً ترحب بالجميع في «المنطقة اإليجابية»، فعلى المدخل لوحة ّ ً طاردة كل ما هو حزين وسلبي إلى الخارج .وبالفعل غمرت فرحين ومتفائلين. المشاعر اإليجابية الحضور جميعهم فبدوا ِ وأقدر تضحياته في أصعب أحب الجيش ّ «أتيت ألقول أ ّنني ّ الظروف» قالت فتاة عشرينية .وبينما يلفت نظرنا طفل بالكاد
يردد باستمرار :جيش جيش… يتل ّفظ ببضع كلمات لك ّنه ّ يؤكد شباب ينتمون إلى أحد المعاهد أ ّنهم يشاركون «أل ّنهم يحبون وطنهم ولن يرحلوا منه أ ًيا كانت الظروف. «أنا أريد أن أصبح طيا ًرا حين أكبر ألقود طائرة الـ»Puma يقول الفتى محمد الحجار .وقربه عدد من األوالد يسألون العسكريين« :كيف نصبح طيارين؟» فيجيبون« :عليك النجاح تتقدم بمعدل يفوق الـ 12على ،20 في الشهادة الثانوية ّ ّ المتحانات الدخول إلى الكلية الحربية ،في ختام السنة األولى تقدم امتحا ًنا للمدرسة الجوية إذا كنت بين الـ %25األوائل، ّ ً تلميذا وإذا لم تشعر بالدوار بعد أن تدور فيك الطائرة تصبح ً ضابطا جو ًيا». لم ُ يكن المواطنون الوحيدين الذين طرحوا األسئلة، فجمعية «التحريج» التي تُعنى بإعادة تشجير لبنان كانت تطرح ومن تكون إجابته صحيحة يحظى على المواطنين عدة أسئلةَ ، بغرسة أرز يزرعها ويتعهدها لتكبر .لماذا األرزة؟ يأتي الجواب من رئيسة الجمعية« :أل ّنه حين نقول جيش نقول تلقائ ًيا أرزة». بهذه الطريقة يكون الجيش قد ساهم في اليوم المفتوح، خصوصا بعد بالتعاون مع هذه الجمعية ،بإعادة تشجير لبنان ً الحرائق الضخمة التي شهدتها غاباته في الصيف. عيون نحو السماء ُخطفت األنفاس ،وتوقف األطفال عن الركض في الساحات. المنصة وعيناه نحو السماء :سوف يبدأ الجميع تمركز قرب ّ العرض الذي ينتظره الجميع .استه ّلت طوافات من نوع َّ المخطط تنفيذه في الجو من ِقبل القوات Gazelleالعرض الجوية .هذه الطوافات المتمركزة في قاعدة رياق الجوية ً وقت ممكن في ّ ظل عادة ،قامت بمناورة تغيير االتّجاه بأسرع ٍ نظرات الدهشة والفخر في عيون المشاهدين وتصفيقهم أن الحضور كانوا يستمعون إلى أصوات المدوي .والالفت ّ ّ الطيارين من داخل الطوافات وكيف يتواصلون في ما بينهم. ً عادة أما طائرات الـ Super Tucano A29التي تتمركز ّ في قاعدة حامات الجوية وتقوم بمهمات دفاعية عديدة،
ُعرض في االحتفال إيجاز عن مهمات دفاعية وإنمائية واجتماعية ن ّفذتها القوات الجوية في السنوات األخيرة، من بينها: ضد المجموعات المشاركة في معركة «فجر الجرود» ّاإلرهابية. إخماد حرائق اندلعت في عــدد من المناطقاللبنانية. رش مبيدات زراعية. التوعية من األمراض واألوبئة عبر إلقاء مناشير(خصوصا ضد فيروس كورونا). توعوية من الطائرات ً فقد أبهرت بدورها المواطنين بالمناورات الجوية المختلفة التي قامت بها. وع َلت الصيحات استمتع الجميع بالعروض التي ُق ّدمت َ والهتافات حين قامت طوافات من نوع Pumaبإنزال مقاتلين بواسطة الحبل ،ونقل جرحى ومصابين ونقل سيارات UTV إلى أرض المعركة. الكبار والصغار« ،طائرون» من السعادة وال ين ّغص هذه الفرحة بين الحين والحين ،سوى أحد األطفال الــذي أضــاع أهــلــه ،يركض إلــى حيث يرى الب ّزة العسكرية ،يلجأ إلى أحد العسكريين «يتكمش» به مطمئ ًّنا ،فهو في ليحميه، ّ حضن «الوطن» الذي سيجد له ذويه أو يناديهم على مك ّبر الصوت ليأتوا ويأخذوا ابنهم.
توقفت في ساحة العرض عدة طوافات وطائرات بجانبها ضباط ،وتالمذة ضباط ،وعسكريون من رتب مختلفة، يشرحون مواصفاتها وميزاتها .من بين هذه الطوافات والطائرات: معدلة عن الـ MD 530Fالعادية وغير :MD 530F1هي أحدث طوافة استقدمها الجيش اللبناني ،وهي نسخة َّحددها الجيش اللبناني. تم تصنيعها في الواليات المتحدة األميركية بنا ًء على مواصفات ّ متوافرة في أي دولة أخرى ،إذ ّ وهذه الطائرة مجهزة بسالح الـ HMP500وصاروخ APKWSالذي هو .Guided Missileوتستطيع حمل نحو 3750 باوند ،Full Fuel، Full Weaponتطير بهذا الوزن لحوالى الساعتين مع سرعة قصوى تصل لـ.Knots 152 Ab212أو :bel212استقدمتها القوات الجوية في الثمانينيات وتوقفت عن العمل منذ العام 1990أل ّنها تض ّررتكثي ًرا .في العام 2019ق ّرر الجيش إعادة ترميمها بمشروع يقضي بترميم طوافة كل سنة من بين 5يمكن إصالحها. تم ترميم 3طوافات قادرة على تنفيذ مختلف المهمات .وقد استطاع ف ّنيو القوات الجوية ترميمها بكلفة أقل حتى اآلن ّ بـ %60من كلفة إرسالها إلى الشركة األم. :Super Tucanoاستُقدمت إلى لبنان في العام ُ .2017يتّكل عليها في الحروب والقتال .هيfixed-wing، PT6 :مجهزة برشاش 12,7ملم وتستطيع القيام بحركات بهلوانية في الجو .Acrobatic Maneuvers ّ ،engine، propeller :Bulldogطائرة تدريب تُستخدم للتدريب االبتدائي .تقوم بحركات بهلوانية تدريبية ،تقوم بحركات ،Flipsتطير invertedلـ 15ثانية ،سرعتها القصوى Knots 185لك ّنها تطير عادة بسرعة .80هي تدريبية أل ّنها تع ّلم base ّ يتم االنتقال إلى الطوافات األخرى. الطيران والمناورات ،وبعد التمكن منها ّ :UH1Hتُستخدم للعمليات العسكرية كالعمليات المجوقلة واإلنزاالت باإلضافة إلى اإلخالء الطبي وإطفاء الحرائق.سرعتها .Knots 124 المخصص :Ravenتُستخدم للتدريب وحال ًيا لجوالت «لبنان من فوق» .يمكن إزالة المقعد الذي في جهة اليسارّ للـ co-pilotفي العادة.
28
القضاء على إرهابيين سادت الحماسة جميع المشاركين حين بدأت المناورات والعروض التي ن ّفذها فوج التدخل السادس المتمركز في قاعدة رياق الجوية ً أيضا ،والذي ُيعتبر من األفواج المقاتلة المنتشرة في منطقة زحلة والجوار .وتسابقت الهواتف الصور وتوثيق اللحظات الممتعة بالفيديو .ومن ألخذ َ حد األمــان المسموح به َفرط الحماسة تخطى الكثيرون ّ لكن غير متن ّبهين إلى خطورة اقترابهم من ساحة العرضّ . العسكريين ما كانوا ليسمحوا بتع ّرض أي ُمشاهد للخطر فعملوا على إبعادهم بمساعدة أعضاء من جمعيات كانت حاضرة. بدأ العرض بالقفزة الحرة عن ونش ارتفاعه 40مت ًرا بعدة طرق منها :هبوط عصفور ميت ،وهبوط على الظهر ،وهبوط جريح وتس ّلق .ثم تابع الفوج عرضه بمناورة بالذخيرة الخ ّلبية تحاكي مهاجمة مبنى تتمركز فيه مجموعة إرهابية. عدة حضائر في دورية ،األولى تؤمن الحماية ،الثانية تقدمت ّ ّ للتطويق ،الثالثة لمداهمة الهدف والرابعة لإلخالء .حاول فرمت الحضيرة األولى النيران باتّجاهه عنصر إرهابي الفرار َ تمت مداهمة الهدف وجرى توقيف باقي وقضت عليه .ثم ّ اإلرهابيين ،بعدها انسحبت الدورية تحت تغطية النيران. تم وفي تلك اللحظة بالذات شعر المواطنون بالفخر كأ ّنه ّ بالفعل القضاء على مجموعة إرهابية وعال التصفيق معل ًنا االعتزاز بقدرات الجيش. مقد ًما مجموعة من تابع فوج التدخل السادس عرضه ّ وجها حركات تعزيز الثقة بالنفس والقتال المتقارب أو القتال ً
لوجه بالسالح األبيض .كان الحضور فخورين بما يقدمه العسكريون ،واإلعالمي شربل سعادة الذي كان يقوم بتغطية تحدث عن التضحيات التي يقوم بها الجيش في ذلك اليوم ّ هذه الظروف وعن الم ّرات التي ترك فيها مهماته الدفاعية ليكون بالقرب من المواطنين في مشكالتهم .قال« :ما نراه اليوم ال يوصف بكلمات ،يك ّبر القلب .على الرغم من عملي اإلعالمي في البرامج اإلذاعية والتلفزيونية ،لم ُ يوما تكن ً فرحتي كبيرة بهذا القدر وأنا أغطي هذا اليوم المفتوح». حسد كل حدا ْبيل ُبس هالبدلة» «ب ُ ِ لم ُ يكن سعادة الوحيد الذي يشعر بالفخر في ذلك اليوم بل الجميع .فالعروض كانت ش ّيقة ومتنوعة وتزداد خطورة كل مرة ،وفي كل مرة كان الطيارون يبرهنون عن كفاءة عالية جدا .فقد شاهدنا سر ًبا من طائرات مختلفة تعبر األجواء هي ً طوافات Bulldog، Ravenو .UH1Hوعلى الرغم من صعوبة نطق بعض أسماء الطوافات ،كان الصغار يحفظونها ك ّلها ويفتخرون بتعدادها. حان موعد واحدة من أخطر المناورات الجوية التي تفترض انطالق طوافتين من نــوع Pumaمن أماكن مختلفة، تتواجهان في منتصف المسافة بينهما ثم تتابعان الطيران حد .كان الجميع بعد أن تقتربا من بعضهما إلى أقصى ّ تمت المناورة متأهبين ِبأع ُين مسمرة نحو السماء ،وحين ّ ّ وكأن الحاضرين يشاهدون بنجاح ع َلت الهيصات والهتافات ّ لتوه بتسديد هدف الفوز في مباراة نهائية وقد قام فريقهم ّ توصف. مرمى الخصم .كانت فرحتهم ال َ
مشاركة غير متوقعة والكلفة صفر! يوضح العميد الركن هيكل: كان هاجسنا األكبر كيفية إنجاح هذا اليومفي ظل الظروف والتحديات الضاغطة التي يــرزح تحتها مواطنونا ،كما نحن ،من غالء خصوصا المعيشة إلى ارتفاع أسعار المحروقات، ً وأن هذا اليوم ُيقام في قاعدة رياق الجوية أي ّ تم االتصال بالمؤسسات التي في البقاع .لذلك ّ تتوافر لديها وسائل نقل من تربوية وسياحية لشرح اندفاعا الف ًتا في أهداف هذا النشاط ،فأبدى الكثيرون ً استعدادهم لتقديم المساهمة بهدف دعمنا وإنجاح هذا اليوم الوطني. مشاركة المواطنين بنسبة غير متوقعة على الرغم من الظروفوالضائقة المادية الضاغطة ،كما التناغم الذي حصل بين المواطنين وجيشهم، ّ مشهدا بالغ األثر وستظل أصداؤه تتردد في قاعدة رياق الجوية ،وفي نفوس المشاركين. شكل ً بالنسبة إلى الكلفة فهي صفر! فكلفة ساعات الطيران مدفوعة سل ًفا من موازنة الجيش تحت باب طيران تدريبي،إذ ينبغي على الطيارين تنفيذ حد أدنى من ساعات الطيران سنو ًيا بهدف المحافظة على مهاراتهم من جهة ،ولتأمين الجهوزية من جهة أخرى .ولقد كان التحليق في اليوم المفتوح من ضمن ساعات الطيران التدريبي .وفي ما يتعلق بكلفة التجهيزات فقد تأمنت من دون أن يتكلف الجيش ليرة واحدة ،فالرعاة الداعمون للجيش تك ّفلوا بكل ما يلزم.
لقطات أن عمرها يفوق المئة سنة! • قاعدة رياق الجوية هي القاعدة األم للقوات الجوية ،وقد تأسست في العام 1916أي ّ • في هذا اليومّ ، حط نسور السماء على األرض وح ّلوا ضيو ًفا أع ّزاء في قلوب المواطنين ...هم الذين ال يعرفهم فمهمتهم الدفاع عن سماء لبنان! الناس أل ّنهم «ط ّيارون» ال يسيرون ب ًّرا، ّ أن طائرات جيشنا • يقول المدير التنفيذي لوكالة اإلعالنات ،McCann FP7السيد خليل أبو حمد« :ك ّنا نعتقد ّ يضج باألمل والمعنويات ويهتم بها ف ّنيون «قديمون» ،وإذ بنا نتع ّرف إليهم شبا ًبا ياف ًعا، القديمة يقودها ط ّيارون ّ ّ يحد طموحهم ِق َدم العتاد ،بل هم العالية .وجدناهم شبا ًبا ووشابات ُيرفع بهم الرأس ،ذو مستوى فكري مم ّيز ،ال ّ ينفخون فيه أنفسهم ويعيدون إليه شبابه أو حتى يعيدونه إلى الحياة»... تم خالل ٤٨ساعة من العمل • بدأت أعمال التحضير لهذا النشاط قبل شهرين ،أما التمركز وتنظيم المكان فقد ّ الدؤوب. • بلغ عدد الوافدين من المواطنين أكثر من ٢٥ألف شخص من مختلف األعمار والمناطق اللبنانية ،حتى من الشمال للمؤسسة العسكرية ،هذا الحدث الوطني المم ّيز عبر والجنوب! كما تابع االنتشار اللبناني في العالم ،الداعم األكبر ّ وخصوصا تلفزيون لبنان الذي تو ّلى النقل المباشر. التلفزيونات اللبنانية ً
30
تمسكوا بجذورها... ّ كتبت ندين ولسن نجيم بعد مشاركتها في اليوم المفتوح مع القوات الجوية ،كلمات دعت الجميع إلى قراءتها بتم ّعن وحفرها في الذاكرة ،قالت« :وفيما كنت أسير باتجاه قاعدة دعم رياق الجوية ،كنت آمل أن يكون هذا الحدث مصدر ٍ ً متسائلة ما إذا كان الناس سيشاركون أم أكبر للجيش، ستمنعهم أزمة المحروقات ومعنوياتهم شبه المعدومة أو المباالتهم. علي السير لمدة ثالثين دقيقة بسبب االزدحام الذي كان ّ س ّببه حضور آالف المواطنين إلى القاعدة .اعتقدت أ ّنهم أهالي المناطق البقاعية المحيطة الط ّيبون قادمون لقضاء يوم ترفيهي .نظرت إلى لوحات السيارات وإذ بي وجدتها ٍ من كل لبنان :بيروت وجونية وصيدا والنبطية واألوزاعي، وزغرتا ...قدموا من أقاصي الـــ 10452كلم 2ليكونوا هنا، اليوم. حجابها ،لهجته ،انتماؤهم السياسي وطريقة صالتهم ...كل ذلك مهما. لم يكن ًّ تساءلت ما إذا كانوا هنا فقط للترفيه، وربما هذا ما دفع الشباب للقدوم ،الطائرات والطوافات والعتاد الحربي... حالة من بلد دفعنا فيه الروتين المدمر إلى ٍ كاف ليجذبهم في ٍ سبب ٍ ِّ المكتسب. العجز ُ ً مشاركا :العائالت ،األطفال ،األزواج، أن الجميع كان سمعت ّ الشباب والشابات ،وسائل اإلعالم ،عسكريون وعسكريات وحتى عائالت الشهداء... هل تعرفون ...كثير من الدول التي م ّزقتها إراقة الدماء توحدت ووحدتها لعبة كرة القدم ،وغيرها ّ ودمرتها ،عادت ّ ّ بفضل لعبة الكريكيت ،وأخــرى من خــال مفاوضات السالم ...ولكن نحن؟ مؤسسة واحدة وحيدة هي موحدون من خالل نحن ّ ّ الجيش اللبناني! فمن دونها لن نعرف معنى السيادة واألمان واالستقرار ،وال معنى القوة واستعراض القوة... من دونها ال شيء! ّ تضمحل وتختفي ،ولكن هذه كل شيء يتغ ّير ،أمور كثيرة المؤسسة هي خالدة! إ ّنها شجرة السنديان التي تصمد في ّ ً فتمسكوا العواصف ،وهي التي تبقي األرض قوية وصلبة... ّ قوتكم ،أل ّنه ما من بديل عنها! بجذورها بكل ّ
31
كيف استطاعوا؟ كيف استطاعت القوات الجوية توفير كل ما يلزم إلنجاح اليوم المفتوح في ظل قلة اإلمكانات وسياسة التقشف التي ً مسؤول يعتمدها الجيش؟ طرحنا هذا السؤال على رئيس لجنة التحضير واللوجستية الرائد الركن هيثم الحاج الذي كان عن التواصل مع الرعاة والمساهمين والراغبين بدعم الجيش وتوفير المستلزمات إلنجاح المناسبة ،فأجاب باآلتي: على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يم ّر بها البلد وتم ّر بها الشركات والمؤسسات والجمعيات لمست رغبة عند خصوصا بأن دعمه واجب، الجميع بدعم المؤسسة العسكرية .وهذه الرغبة نابعة من اإليمان بالجيش ومن الشعور ّ ً وأن المشروع الذي تقوم به يهدف إلى إيجاد فسحة أمل للمواطن الذي يرزح تحت وطأة الظروف االقتصادية الصعبة، ّ مشجعة للرعاة الذين كانوا ويحتاج إلى الترفيه عن نفسه وعائلته من دون أن يتكبد أي تكلفة .هذه الفكرة كانت ِّ أسخياء في تقديماتهم رغم أ ّنهم يعانون بسبب الظروف االقتصادية الصعبة ومشكلة عدم توافر السيولة. َّ المرخص في ختام العرض الجوي ،قامت جمعية LAMA لها من ِقبل القوات الجوية والتي تهدف إلى «الترفيه عن المواطنين في مختلف النشاطات واألوقات» بحسب رئيسها السيد هادي اإلسطا ،بتطيير طائرات عبر جهاز التحكم عن ُبعد ،في عرض مم ّيز أم َتع الحضور جميعهم .كما زادت فرحة الحضور بإعالن نتائج سحوبات التومبوال على جوائز مختلفة هي :جوالت «لبنان من فوق» مع القوات الجوية ،بوالص تأمين إلزامي ،قسائم شرائية ،أما الجائزة الكبرى فكانت
قدمت هذه الجائزة شركة Arian Travel رحلة إلى الرنكاّ . .and Tourismرئيس مجلس إدارة الشركة المقدم الطيار المتقاعـد أنطـوان بستانـي الذي أمضـى 22سنـة من عمـره أن وقوفـه إلى جانـب الجيـش بما في القوات الجويـة يعتبـر ّ يتوافر لديه هو أمر تلقائي ،يقول« :المؤسسة في دمنـا». تحدثنا مع «صديق الجيش» كما بعد هذا اليوم الطويلّ ، يحب اإلعالمي شربل سعادة أن نناديه .وكانت أول كلمة حسد كل حدا ْبيل ُبس هالبدلة» .وتابع« :ال قالها «أنــا ِب ُ
يجوز المقارنة بين تغطية هذا النشاط وأي تغطية أخرى. فنحن ّ نغطي أحدا ًثا أمنية ،وثقافية وسوى ذلك في مختلف المجاالت ،لك ّنني اليوم رأيت الفرحة على وجوه المشاركين ورأيت أبطال الجو يبرعون في تنفيذ مهماتهم وهذا أعتبره وساما على صدري». ً موج ًها دعوة إلى المواطنين بإعالن انتمائهم للجيش وختم ّ اللبناني أل ّنه وحده الضمانة لوجود كل شخص منهم في بلده لبنان.
من هم الرعاة؟ أسهم في رعاية اليوم المفتوح وتوفير مستلزماته كل من: Medora, Platinum Fidelity, Berdawni, LRI, XXL, DHL, Al makhazen Coop, Ariane Travel & Tourism, Aqua la vie, Chocolatino, Meptico sal, Daher foods, Light Vision, Lost, Sanita, Spinneys, Nakhal, U Speak, Jamhoury co., Barakat Travel, Saad Transport, Inter Brand, Bardawil G System Corporation, Balamand, Saker Transportation, Al Hamra Group. جمعية نبض التنمية
لم ينجح المواطنون في تأجيل رحيلهم عن قاعدة رياق الجوية في ختام ذلك اليوم ،فالشمس شارفت على المغيب وعلى الناس العودة إلى أشغالهم ومدارسهم وجامعاتهم، لكن كما على العسكـري العودة إلى ثكنته لتنفيذ مهماتهّ . ّ مدعمة من األمـل الوضع تغ ّير اآلن ،فك ّلنـا عدنـا مع جرعـة ّ بأن «الغد سيكون أفضل من األمس». والسعادة ،مقتنعين ّ تصوير :ميشال اسطا -غي بستاني
طبابة واستشفاء روجينا خليل الشختورة
الطبابة بخير ...نحن بخير أكثر ما يخشاه اللبناني اليوم هو المرض ،وثمة عبارة واحدة تتردد كل يوم وفي كل بيت« :المهم الصحة ،المهم ما نعوز مستشفى والباقي بيتدبر». ففي ظل األزمة الخانقة التي نعيشها يكاد الحق في الطبابة أن يكون مقتص ًرا على الفئة المقتدرة... يعيش القطاع الصحي في لبنان ظرو ًفا صعبة بسبب األزمة االقتصادية حادا بسبب تراجع قيمة نقصا ً التي تمر بها البالد .ويشهد سوق الدواء ً العملة اللبنانية أمام العمالت األجنبية ،وخفض الدعم الحكومي الموجه للدواء ...كما تشهد المستشفيات عج ًزا في توفير األدوية والمستلزمات الطبية حادا في تكاليف االستشفاء وفي تأمين مادة المازوت .وهذا ما دفعها إلى وارتفاعا ً ً «اشتراط دفع المواطن تأمي ًنا مال ًيا» لتغطية الفرق بين الكلفة الفعلية وتلك التي تغطيها الجهات الضامنة. لكن ماذا عن الوضع في الطبابة العسكرية والمستشفى العسكري المركزي؟ وما هي االستراتيجية التي اع ُتمدت لإلبقاء على الخدمات الصحية والطبية للعسكريين وعائالتهم على الرغم من األزمة الخانقة؟ وكيف يتم استدراك المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها؟ هناك نسبة ال بأس بها من أَس ّرة المستشفيات الخاصة باتت شاغرة ...أما َمن يحتاجون إلى االستشفاء وال يستطيعون الحصول عليه فيشكلون نسبة كبيرة من اللبنانيين .ففي ظل غياب سياسة واضحة تستجيب للواقع الذي فرضه انهيار العملة وتصاعد سعر صرف الدوالر إلى مستويات قياسية، بات اللبنانيون سواء المشمولون منهم بتغطية الجهات الضامنة أو غير المشمولين «مكشوفين» صح ًيا بمعظمهم. بالنسبة إلى المشمولين بتغطية الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،وهم الشريحة األكبر على اإلطالق ،ويفوق عددهم مليو ًنا ومئ َتي ألف مواطن ،باتت عملية دخول المرضى منهم إلى المستشفيات أم ًرا بالغ الصعوبة .فالمستشفيات ترفض جدا ،وبعضها دخول أي مضمون إال في الحاالت الطارئة ً يرفض استقبال المضمونين إال في حال موافقة المريض المؤمنون بموجب نقدا .المرضى على سداد فارق الفاتورة ً َّ بوالص تأمين خاصة ،ليست حالتهم أفضل من أولئك المشمولين بخدمات الصندوق الوطني للضمان االجتماعي أو تعاونية موظفي الدولة .فمرضى التأمين تفرض عليهم المستشفيات ،وبالتنسيق مع شركات التأمين ،سداد فارق فواتيرهم بما يتناسب والعملة التي سددوا بها بوالصهم.
36
أن المريض الذي سدد ثمن بوليصة التأمين الصحي بمعنى ّ بالليرة اللبنانية ،عليه سداد فارق فاتورته الصحية على سعر صرف دوالر السوق .أما المريض الذي سدد وفق سعر صرف 3900ليرة فيدفع فارق سعر الصرف .فقط من يسدد ثمن البوليصة بالدوالر «الفريش» تتم تغطيته صح ًيا بالكامل ،من دون سداد أي فوارق على الفاتورة .ووحدهم مرضى الجيش اللبناني ما زالوا يتمتعون بتغطية صحية شاملة سواء تلقوا العالج في المستشفى العسكري المركزي أو في مستشفيات خاصة متعاقدة مع الجيش .فقد تك ّفلت الطبابة العسكرية بسداد كل فوارق فواتير هؤالء المرضى االستشفائية سل ًفا وفق اتفاقيات ُعقدت مع عدد من المستشفيات الخاصة. وفــي هــذا اإلطـــار ،يجري التفاوض حال ًيا بين نقابة المستشفيات الخاصة وإدارات الجهات الضامنة في التعرفات االستشفائية .وكان نقيب أصحاب مسألة توحيد ِ أن هناك مشكلة المستشفيات السيد سليمان هارون ،أكد ّ خصوصا التعرفات الموضوعة من قبل الجهات الضامنة، في ً ِ وأن كل ما تشتريه المستشفيات ُي َس ّعر وفق سعر الصرف ّ في السوق الموازية ،من المستلزمات المطبخية إلى أدوات التنظيف والتعقيم ،وحتى المستلزمات الطبية ُيدفع ثمنها
ألن المستوردين ما عادوا وفق تسعيرة السوق الموازيةّ ، يحصلون على الدعم من مصرف لبنان. ويضيف النقيب هارون في حديث إلى «الجيش»« :هناك إن المستوردين نقص كبير في الكواشف المخبرية إذ ّ إن مصرف لبنان لم يسدد لهم أموال الدعم التي يقولون ّ وعدهم بها وهم ال يمكنهم االستيراد بشكل منتظم .ومن ناحية أخرى فهم يطلبون اآلن من المستشفيات تسديد ثمن الكواشف بأسعار غير مدعومة ما يزيد من كلفة الفحوصات ً أن العديد من المستشفيات غير بشكل كبير، إضافة إلى ّ نقدا عند التسليم قادرة على تسديد ثمن هذه الكواشف ً عددا من المستشفيات لم وبالدوالر «فريش» .من هنا ،فإن ً يعد ُيجري الفحوصات إال للمرضى الذين هم في المستشفى. ّ يشكل االنقطاع الدائم للكهرباء وما يرافقه من كذلك، تضخم فاتورة المازوت الذي عانت المستشفيات الخاصة الكثير في المرحلة األخيرة من أجل تأمينه لتشغيل المولدات، مشكلة كبيرة ال س ّيما بعد رفع الدعم عنه إذ ارتفعت كلفة الطاقة عن كل مريض في المستشفى إلى ما ال يقل عن 650.000ل.ل .يوم ًيا أي سبعة أضعاف التعرفة الرسمية للغرفة». تحتاج المستشفيات الخاصة بحسب النقيب هارون إلى 130 مليون ليتر تقري ًبا من مادة المازوت سنو ًيا ما يجعل كلفة تشغيل المولدات أل ًفا وخمسمئة مليار ليرة .وهذا المبلغ يتجاوز مجموع ما تستوفيه المستشفيات سنو ًيا من الجهات الضامنة الرسمية كافة .لذا اضطرت المستشفيات مرغمة إلى
تحميل المرضى جز ًءا من الكلفة اإلضافية في وقت يعاني تحملها .وهي بدورها المواطن من أعباء حياتية ال يمكنه ّ ال يمكنها أن تتحمل المسؤولية بشكل كامل ،فالكلفة االستشفائية ارتفعت كثي ًرا وصارت المستشفيات مضطرة لمجاراة سوق الدوالر ،وبالتالي أصبحت بمعظمها تحتسب الدوالر على سعر يالمس سعر السوق الموازية لتتمكن من االستمرار في تقديم خدماتها. االنهيار الملموس عمل ًيا ،دخل القطاع الصحي االستشفائي المرحلة الثانية من االنهيار الملموس .ال أدوية ،ال مستلزمات طبية ،ال محروقات، ال مخزون لكل من هذه المتطلبات يكفي لمواجهة أي أزمة انفجار ما أو عودة أزمة «كورونا» .يضاف حادة على شاكلة ّ ٍ إلى تلك الالئحة التي تُبعد القطاع االستشفائي عن مواصفات يوما كـ«مستشفى الشرق األوسط» ،الهجرة ما كان عليه ً المستمرة لألطباء والممرضات والممرضين ما أدى إلى إلغاء ً أقسام عالجية وصول إلى إقفال عدد من الخدمات الطبية ٍ بحالها في بعض المستشفيات. وال يبدو أن األمور ست ّ ُحل قري ًبا ،وبانتظار التوصل إلى اتفاق بين المستشفيات الخاصة والصناديق والجهات الضامنة، تضاعف إقبال المرضى على المستشفيات الحكومية التي تحتاج إلى «إنعاش» بحدود أربع مرات ،على ما يؤكد رئيس العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزف الحلو. أما عن معاناة المستشفيات الحكومية اليوم ،فقد صارت
ترشيد الدعم توصلت وزارة الصحة ،وبعد اجتماعات مكثفة مع األطراف المعنية ،إلى انفراج في ملف أدوية السرطان واألمراض ّ ً المستعصية في لبنان إذ أعلن وزير الصحة اللبناني فراس أبيض ،إبقاء الدعم كامل عليها .بينما س ُيصار إلى ترشيد ُقسم لشرائح ،األدوية الرخيصة الثمن ،المتوسطة ،والباهظة ،وهذه األخيرة دعم أدوية األمراض المزمنة على أن ت َّ ستحافظ على حوالى 65في المئة من الدعم ،بينما تلك األرخص ولها بديل «جينيريك» س ُيرفع عنها الدعم بنسب أعلى .كذلك ،لن ُيرفع الدعم عن أدوية األمراض العقلية والنفسية وتلك التي تُستعمل في جلسات غسيل الكلى. أن الفحوصات التي تجري في المستشفيات بشكل وعلى صعيد المستلزمات والكواشف المخبرية ،لفت أبيض إلى ّ جدا سيبقى الدعم عليها بنسبة 65في المئة ،أما تلك التي يخضع لها المريض مرة في السنة على مستم ّر ومهمة ً بنسبة أعلى. عنها الدعم فسيرفع سبيل المثال ٍ وأعلن الوزير« :استطعنا على صعيد مرضى وزارة الصحة االتفاق مع البنك الدولي لتغطية المرضى بثالثة أضعاف جار لتوسيع ونصف ،وهو ما سيساعد على تغطية جزء كبير من الفروقات في الفاتورة االستشفائية» ،الف ًتا إلى ّ أن العمل ٍ ُقدم لمراكز الرعاية في لبنان. برامج األدوية مع الجهات الدولية المانحة التي ت ّ
37
التعرفات خارج إطار السوق أي أقل بكثير من الكلفة التي تتكبدها .وبحسب مدير عام وزارة الصحة بالوكالة السيد فإن «الصعوبات كبيرة في تأمين المستلزمات فادي سنان ّ والمعدات الطبية ال سيما للعمليات الجراحية التي تحتاج « »Prothèseوالتي تس ّعر بالدوالر ما يضطرنا إلى تحميل المريض كلفتها .وتحاول الوزارة قدر استطاعتها استقبال جميع الحاالت في المستشفيات الحكومية ،كما أ ّنها تقوم بمتابعة ّ كل الشكاوى التي تُرفع إليها من المرضى الذين ترفض بعض المستشفيات الخاصة استقبالهم على نفقة وزارة الصحة أو تشترط عليهم دفع تأمينات إلكمال معامالت الدخول (الخط الساخن لوزارة الصحة.»)1214 : أزمة الدواء ال تتوقف األزمات عند المستلزمات ،فأزمة الدواء هي القضية المركزية اليوم .إذ تعاني المستشفيات ،كما المواطنون ،من النقص في األدوية ،وال سيما أدوية األمراض المستعصية. ولئن كان في اإلمكان «التسكيج» في بعض الحاالت باللجوء إلى استخدام أدوية بديلة ،إال أ ّنها ال تغطي أكثر من 70إلى %80من فعالية األدوية األساسية ،بحسب النقيب هارون .مع ذلك تبقى تلك الخيارات أسهل من فقدان األدوية بالمطلق، كما حصل خالل أزمة كورونا ،وكما يجري اليوم في عالجات السرطان ،فهناك نقص رهيب في أدوية مرضى السرطان وعالجاتهم ،األمر الذي بات يؤثر في حياتهم ألن تأخير العالج عن موعده أو توقفه يعني تراجع حال المريض ،على ما يقول رئيس جمعية باربرا نصار هاني نصار. الوضع في الطبابة العسكرية بتردي الطبابة العسكرية كغيرها من الجهات الضامنة تأ ّثرت ّ األوضاع في القطاع الطبي ،لك ّنها ،وبحسب رئيسها العميد الركن جورج يوسف استطاعت استدراك جميع المشكالت لكل منها .ففي ّ وإيجاد الحلول المناسبة ّ ظل الصعوبات الحياتية واليومية التي تعترضه ،لن يستطيع العسكري تسديد فروقات المستشفيات الخاصة المتعاقدة مع الجيش عند تحويله إليها .وهكذا تو ّلت قيادة الجيش والطبابة عدة اجتماعات مع العسكرية تسديد هذه الفروقات .وبعد ّ التوصل إلى اتفاق تم ّ أصحاب المستشفيات الخاصة ونقيبهاّ ، تحمل الطبابة هذه الفروقات على أن ال مع غالبيتها على ّ يتك ّبد مريضها أي كلفة .أما المستشفيات التي لم تقبل بذلك ،واستم ّرت بتقاضي فروقات من قبل المستفيدين ،فقد 38
Call Centerالطبابة العسكرية 01/410000 - 01/395400 مقسم39431 : ّ رباعي9709:
تو ّقفت الطبابة عن تحويل المرضى إليها. تتم متابعة المرضى المستفيدين من الطبابة ولكن كيف ّ العسكرية الذين تطلب منهم المستشفيات الخاصة تسديد فروقات على فواتيرهم؟ ع ّينت الطبابة العسكرية مندوبين مراقبين من ق َبلها في ّ كل المستشفيات المتعاقدة معها ،هؤالء يوجدون في مكاتب خاصة بهم ضمن هذه المستشفيات ،ويتابعون المرضى المستفيدين ،وذلــك ضمن الــدوام الرسمي من الساعة صباحا وحتى الثانية والنصف من بعد السابعة والنصف ً الظهر .وفي حال عدم وجود المندوب في مكتبه خالل هذا الدوام ،فهو يكون في جولته اليومية على المرضى وعلى ّ ليتأكد من حسن سير العمل صيدلية المستشفى ومختبرها والمعاملة التي يتلقاها المرضى .وبالتالي يمكن ّ لكل مريض يستفيد من تقديمات الطبابة العسكرية وتعترضه أي مشكلة نوع كانت ،أن يلجأ إلى مع المستشفيات المتعاقدة من أي ٍ المندوب المراقب وهو يقوم بمساعدته ضمن صالحياته وبالتعاون مع ّ كل من الطبيب المراقب المع ّين من قبل الجيش
مستشفى آخر متعاقد معها وذلك بعد تبليغه بوجوب تسديد فرق فاتورته االستشفائية بنفسه. هذه االستراتيجية التي اتبعتها الطبابة واإلجراءات الرقابية التي اتخذتها لمواكبة األوضاع المالية الصعبة ،ح ّققت وف ًرا المستجد. كبي ًرا في الفاتورة الشهرية على الرغم من الغالء ّ أحيا ًنا ،وبسبب االكتظاظ في المستشفى العسكري المركزي، يتم تأجيل بعض العمليات الجراحية الباردة التي يرى الطبيب ّ وقت الحق لن يؤ ّثر في حياة المريض ،ما أن تأجيلها إلى ٍ إلحاحا. أكثر لحاالت أخرى عمليات يفسح المجال إلجراء ً أن وفــي هــذا اإلطــار ،يشير العميد الركن يوسف إلــى ّ ـم المستشفى العسكري الــمــركــزي أصــبــح يضاهي أهـ ّ المستشفيات ،وذلك بعد افتتاح قسم العمليات الجراحية الجديد فيه والذي يشمل خمس غرف عمليات أنشئت وفق المعدات الطبية وتم تجهيزها بأحدث ّ أحدث المواصفات ّ تطو ًرا ،وذلك بسبب الدعم المطلق للطبابة من قبل وأكثرها ّ قيادة الجيش ،وبفضل العديد من األيادي الخيرة الممدودة للمساعدة وتمويل مشاريع حيوية لدعم الطبابة العسكرية التي ت ّ ُشكل رك ًنا أساس ًيا في المؤسـسة العسكرية.
في المستشفى ،وبالتنسيق مع جهاز مراقبة الخدمات الطبية في الطبابة العسكرية .أما خارج الــدوام الرسمي والعطل الرسمية واآلحاد ،فيمكن المراجعة في غرفة العمليات وفي تضم ضابط عمليات وطبي ًبا الـ Call Centerفي الطبابة التي ّ أن األرقام جميعها موجودة على علما ّ مناو ًبا 24/24ساعةً ، باب مكتب المندوب ،كما ُع ّممت هذه المعلومات على قطع الجيش ووحداته كافة بموجب برقية منقولة. ً حولته أن ولكن ما زلنا نسمع أحيا ًنا ّ مريضا من الجيش ّ الطبابة إلى مستشفى متعاقد تقاضى منه فرق العالج! هنا أن الحاالت التي ال توافق يشير العميد الركن يوسف إلى ّ الطبابة العسكرية على تحويلها إلى خــارج المستشفى العسكري كون العمل الطبي يمكن إجراؤه في المستشفى تتحمل العسكري ،وتبقى مص ّرة على التحويل هي التي ّ يقدم المستشفى مسؤولية تسديد فروقات عالجها .ففي حين ّ العسكري لمرضاه العالج المناسب بكلفة أقل من تحويله إلى مستشفى خاص ،يرفض البعض هذه التقديمات وعلى الرغم من ذلك توافق الطبابة على تحويل هؤالء لتلقي العالج في
عمليات استثنائية في المستشفى العسكري تُجرى حال ًيا في المستشفى العسكري المركزي عمليات كبيرة جدا واستثنائية كزرع الجلد واستئصال ورم فوق الكلى ...هذه ً ً ً ّ األخيرة مثل تتطلب عادة حوالى الساعتين إلجرائها ،بحسب االختصاصي في جراحة المنظار المتقدمة الرائد الطبيب الياس الخوري ،غير أ ّنه والطاقم الطبي المساعد ،أنهوا إجراء إحداها بحوالى الـ 20دقيقة فقط ،وذلك بفضل التجهيزات والمعدات ذات المعايير الطبية العالية الجودة والنوعية. ّ شجع األطباء على مضاعفة األعمال الجراحية من هذا األمر ّ حيث الكمية والنوعية ،يقول رئيس المستشفى العسكري يستعد جدا المركزي العميد الطبيب نسيم بو ضاهر ،وقري ًبا ً ّ المستشفى إلجراء عملية زرع كلية على يد أطباء اختصاصيين عسكريين ومدنيين متعاقدين. تدابير استباقية كغيره من المستشفيات ،تأثر المستشفى العسكري بنقص المستلزمات الطبية واألدويــة والمواد الالزمة للفحوص المخبرية وصعوبة توافر الكثير منها في الشركات ولدى ً واستدراكا لهذا الوضع ،قامت الطبابة الوكالء ،غير أ ّنه تحسبت العسكرية وفق رئيسها بدراسة في أ ّول األزمــة ّ 39
فيها للكميات التي يمكن أن تحتاجها لتأمين خدماتها وأمنت بموافقة قيادة للمستفيدين منها ّ لمدة سنة تقري ًباّ ، وخصوصا الجيش مخزو ًنا يكفيها حتى آخر العام تقري ًبا، ً أدوية األمراض المزمنة (بنسبة 80إلى )%85والمستعصية (بنسبة ،)%90أما األدوية غير المتوافرة فتكون غير موجودة لدى المصدر الرئيسي. كذلك ،استقدمت الطبابة العسكرية المستلزمات الطبية أمنت مواد مخبرية من الشركات بأسعار مخ ّفضة ،حتّى أ ّنها ّ ٍ ً الملونة مثل ،التي قد يحتاجها المريض في الصور كاإلبرة ّ اإلشعاعية والتي يراوح سعرها بين 60و 100دوالر وعلى المريض تسديد سعرها خارج جميع االتفاقيات .وبالتالي أمنت له الطبابة هذه اإلبرة فيأخذها معه إلى المختبر ويقوم ّ بإجراء الصورة اإلشعاعية المطلوبة من دون تسديد أي فارق. ويضيف العميد الركن يوسف :تضط ّر الطبابة العسكرية في كثير من األحيان إلى تغطية النقص في المستلزمات الطبية واألدوية في بعض المستشفيات الخاصة عند تحويل المرضى إليها ،ما يؤدي إلى تناقص مخزونها ،لذلك قد ال يعود كاف ًيا حتى نهاية العام .من هنا ،تدرس الطبابة حال ًيا ً مباشرة ،وفق إمكان استقدام حاجتها من المصادر الرئيسية القوانين المرعية اإلجراء. دوري مساعدات كذلك ،تتس ّلم الطبابة العسكرية بشكل ّ طبية من الدول الصديقة وتقوم بالتنسيق معها الستقدام متنوعة يصعب عليها تأمينها .وأوضح مواد ومستلزمات ّ أن الطبابة هي المك ّلفة رسم ًّيا باستالم رئيس الطبابة هنا ّ جميع المساعدات الطبية التي ترسلها الدول وتقوم بتوزيعها أن تلك المساعدات على المستشفيات والمستوصفات ،أي ّ ليست بمجملها للطبابة العسكرية.
لن نتعب كما باقي المستشفيات ،تأثر المستشفى العسكري أن األطباء بموضوع هجرة األطباء .إذ ليس خاف ًيا على أحد ّ المتعاقدين مع الطبابة العسكرية يتقاضون أجورهم بالليرة تردي قيمتها ،وبالتالي اللبنانية وهي باتت رمزية بعد ّ بد لهم من البحث عن عروض وفرص أفضل خارج كان ال ّ الطبابة .وقد غادر الطبابة عدد كبير من هؤالء ما أدى إلى نقص في الطاقم الطبي ،يقول رئيس الطبابة مضي ًفا :لقد فتمت مضاعفة عمل الطاقم الطبي استدركنا الوضع فو ًرا ّ العسكري أي الضباط األطباء الذين نشكر جهودهم ،ال وأن عدد العمليات التي باتت تُجرى في المستشفى س ّيما ّ نوه العميد العسكري تضاعف م ّرتين وأكثر .وفي هذا اإلطارّ ، بأن «دعم قيادة الجيش كبير وواضح وصريح الركن يوسف ّ للطبابة العسكرية والثقة التي يمنحنا إياها القائد كبيرة ما أن دوما .باإلضافة إلى ّ يسهم في تحفيزنا على االستمرار ً طبيعة عملنا في الطبابة هي إنسانية ،ونحن نخوض معركة طبية في ّ ظل ظروف صعبة تم ّر بها البالد ،وكعسكريين واجبنا الوطني يدعونا إلى عدم االستسالم فنحن نتد ّرب في أيام السلم لخوض أشرس المعارك واالنسحاب هو ّ اشتـدت نكـل مهمـا خيانة عظمى ،وبالتالي لن نتعب ولن ّ الصعـاب». ّ نكل ،ذاك هو المبدأ الذي تنطلق منه لن نتعب ولن المؤسسة العسكرية لتستمر في الصمود والمواجهة على الرغم من كل ما يعترضها من صعوبات وتحديات ،وهو المبدأ الذي يجعل اجتراح الحلـول لألزمـات ممك ًنا .وما عمـل نموذجا في هذا المجال ،فبوركت الطبابـة العسكريـة إال ً الزنود التي ال تتعـب...
القطاع الصحي باألرقام
جاء في تقرير ب ّثته محطة MTVما يأتي: ً مقارنة بالعام .2019 انخفاض دخول المرضى إلى المستشفيات بنسبة %25هذه السنةإما بسبب عدم انخفاض ّمعدل العمل ّيات بنسبة ،%37فمريض واحد من أصل ثالثة لم يستطع الخضوع لعملية ّ المعدات أو بسبب عدم قدرته على تغطية فروقات الكلفة. توافر ّ مريض واحد من أصل سبعة مصابين بالسرطان لم يستطع تل ّقي العالج بسبب عدم وجود األدوية الالزمةوالمعدات المخبرية. ّ هجرة حوالى 760طبي ًبا في األشهر الستة األولى من السنة و 1740مم ّر ًضا ومم ّرضة ،ومن المتو ّقع تضاعف هذه األرقام حتى نهاية العام.
40
صحة ووقاية ليال صقر الفحل
كورونا ما زال بيننا
فلنواجهه بالوقاية واللقاح ً جدال حول ضرورة اعتماد جرعة ثالثة من اللقاحات ضد كورونا ،يتمسك البعض بمقوالت غير عقالنية بينما يشهد العالم ويتخلفون عن تلقي اللقاح ،مع ّرضين أنفسهم ومن هم حولهم للوقوع فريسة الوباء القاتل .جرعتان أم ثالثة؟ دلتا أم ألفا أم أميكرون؟ من أين أتى هذا المتح ّور أو ذاك؟ المهم واألساسي هو أن نتلقى اللقاح ،فكورونا ما زالت تقيم بيننا وتقتل الكثيرين وال سبيل للمواجهة سوى اللقاح والوقاية. توضح الباحثة في علم الفيروسات واألمـــراض الجرثومية وعضو اللجنة الوطنية لألمراض االنتقالية في وزارة الصحة اللبنانية الدكتور نــدى ملحم لموقع Independantأن اإلصابات في لبنان لم تتراجع بالنسبة المطلوبة ،وهذا وأن اللقاحات يترافق مع االنتشار الجماعي ّ وح َّدته ضرورية للسيطرة على الفيروس ِ للوصول إلى المناعة الجماعية. الجرعة الثالثة في أواخــر تشرين األول الماضي أعلن أن وزيــر الصحة الدكتور فــراس أبيض ّ وزارة الصحة أعطت اإلذن بالبدء بإعطاء الجرعة الثالثة المعززة من اللقاحات ،على أن تقتصر في الفترة األولى على من يتجاوز عاما والعاملين الصحيين في عمرهم ً 75 ً أمراضا الخطوط األمامية ومن يعانون أعدها مناعية .فبعد دراسة سريرية تجريبية ّ عدد كبير من األطباء وأشرف عليها رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري نشرت في مجلة العالمية ، vaccine تبين أن من تل ّقوا لقاح سينوفارم الصيني لم يك ّونوا مناعة كافية لمواجهة متحورات كورونا على عكس من تلقوا أنواع اللقاحات األخرى .خيار الجرعة الثالثة الذي بنيت عليه الدراسة كان باعتماد تجربة مزج اللقاحات من دون أن تقتصر على نوع اللقاح نفسه
أن الدراسة اقترحت إعطاء جرعة Pfizer أي ّ أن علما ّ تعزيزية للملقحين بسينوفارمً ، هذه الدراسة من أولــى الــدراســات التي جمعت بين سينوفارم وفايزر ،بينما ولدت فكرة المزج التقليدي مع أسترازينيكا وفايزر .ومع انطالق اعتماد الجرعة الثالثة أو الجرعة التذكيرية « »Boosterفي لبنان، ينبغي التزام اإلجــراءات الوقائية واعتماد الكمامات إلى حين بلوغ مناعة القطيع أو ما يعادل %80من تلقيح األفراد في المجتمع. الوضع على صعيد الجيش تل ّقت نسبة ال بأس بها من العسكريين اللقاح ،لكن قيادة الجيش تشدد على ضرورة حصول الباقين عليه ،وفي حين اعتمد في المرحلة األولى اللقاح الصيني ـواع من سينوفارم ،فقد باتت أربعة أنـ ٍ اللقاحات متوافرة حال ًيا للعسكريين وعائالتهم ،وهــي :فايزر وأسترازنيكا وسينوفارم وسبوتنك .وفي جوالته على القطع يشدد قائد الجيش العماد جوزاف وأن عون على ضرورة تلقي اللقاح خصوصا ّ ً المؤسسة فقدت 24عسكر ًيا (من مختلف الرتب) بسبب إصابتهم بالفيروس .هؤالء خسرهم الجيش وخسرتهم عائالتهم، وال بد من تعميم اللقاح تالف ًيا لمزيد من أن اللقاح يوفر الحماية الخسائر .فالثابت ّ بنسبة مرتفعة والذين يتلقونه وإن
ً أعراضا أصيبوا بالعدوى ،فهم ال يعانون شديدة وال يخسرون حياتهم. يحول المستشفى العسكري المركزي حال ًياّ ، مرضى كورونا الذين تستوجب حاالتهم الصحية التدخل الطبي ودخول المستشفى للعالج إلى عدد من المستشفيات المدنية للمتابعة ،ونــظ ـ ًرا الرتــفــاع سعر صرف الدوالر ،يكلف المريض الواحد المؤسسة جدا ،وتتضاعف العسكرية فاتورة باهظة ً الفاتورة مع كل يوم إضافي ،وبحسب األدوية واألجهزة واألوكسيجين وغير ذلك مما يمكن أن يحتاجه مصاب كورونا ،بد ًءا من الحاالت المتوسطة Mild to moderate ً وصــول إلــى الحاالت الخطيرة ،severe وأحيا ًنا تصل كلفة اليوم الواحد للمريض في المستشفى إلى ألف دوالر. قري ًبا نــدخــل فصل الشتاء وينشط الفيروس ،فلماذا ال نقدم جمي ًعا على تلقي اللقاح؟ هذه الخطوة المسؤولة ستوفر الحماية لنا ولعائالتنا ورفاقنا ،كما أنها ستوفر علينا الشعور باأللم والندم والذنب فيما لو نقلنا العدوى إلى أهلنا وأبنائنا ممن يعانون السكري والسرطان ومرضانا ّ والضغط وأمراض القلب وغيرها .فإذا لم نكترث لحجم األعباء والنفقات التي نك ّلف بها المؤسسة التي تحتضننا في أصعب الظروف ،أال نكترث ً أيضا لحياتنا وحياة من نحب؟
45
تجارب قاسية
ندين البلعة خيراهلل
هل َ مستعد لخوض هذه التجربة؟! أنت ّ
ً جنازة إن لم تُصب أو ُيصب أحد في عائلتك ،ولم تحضر فإن افتراضية من دون أن تتمكن من وداع أحد أح ّبائكّ ، أن كورونا غير موجود ،أو أ ّنك لست في خطر! ذلك ال يعني ّ قدام كورونا» ...هي خالصة جولة على ع ّينة «ما حدا قبضاي ّ من األشخاص الذين ُأصيبوا بالفيروس ،وفي المقابل تجد من هم في حالة نكران ،أو من يؤمنون بنظرية المؤامرة ويصدقونها ،أو من ينظرون إلــى كورونا كأ ّنه مجرد ّ «مصيبة» تُضاف إلى الئحة األزمات التي يعيشونها في هذا الوطن النازف على كل األصعدة .أَو حتى بعضهم اختبر ً مترد ًدا لفكرة تل ّقي اللقاح! رافضا أو الفيروس ولك ّنه ما زال ّ جدا ال يمكن االستهانة لكن كورونا واقــع ،وواقــع خطير ً بمفاعيله! حتى أبطال هذه الحقبة لم يسلموا! «الحرب حربنا ونحن جنود الصف األول» ...تس ّلح األطباء والممرضون باإلنسانية والشجاعة واإلرادة والخبرة، لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المحنة ،معرضين حياتهم وعائالتهم للخطر ،فخرق الفيروس صفوفهم وخطف أرواح
46
عدد منهم. يوما ليجد زوجته الملتزمة قرار عدم عاد الدكتور إلى المنزل ً التجول ،متعبة .لم يتردد في تأدية واجبه الطبي ،فهناك مرضى بين الحياة والموت «برقبته» ،وكانت النتيجة أ ّنه أتى بالعدوى إلى بيته« .صورة واحدة في بداية األسبوع مقارنة بأخرى في نهايته كفيلة بإظهار إنسان نال منه اإلنهاك، ناهيك عن الحزن واألسى على خسارة الزمالء الذين سقطوا ويسقطون في هذه المعركة!». ّ تفشي الوباء عاي ّنا وجع آالف طبيب آخر يقول« :منذ ـأن كل مريض هو المرضى وخوفهم ورأينا الويالت ،وكـ ّ فرد من عائلتنا .وحين ُيصاب أحد من بيننا ،يتعالى على أوجاعه إذا استطاع ولم تتأ ّزم حالته ،ويبقى في ساحة الحرب فال يترك خلفه ُمصابين مع ّلقين بين الحياة والموت ،وهو ّ يشكل بصيص األمل الوحيد لهم!». رحلوا بصمت ووحدة! • «كورونا موجودة وتصيب في صميم القلب ،أل ّنها تجعلنا التقطت وزوجي نخسر أح ّباءنا! وكأ ّنني في فيلم رعب ...فجأة ُ
عدو قاتل العدوى بكورونا ،وما لبث أن فارق الحياة هو ذاك الرجل الرياضي الذي ال يحتاج إلى أودعه ّإل بعد أسبوع فقط من إصابته! لم ّ أي حبة دواء ،حين أصيب بكورونا ساءت وحيدا في غرفة العناية من شرفتي ،مات ً حالته فجأة والتهبت رئتاه بنسبة :%60 الفائقة ،وغاد َرنا بصمت». «دخلت قسم العناية الفائقة وكانت حالتي • «الكورونا مش لعبة وال Grippeعادي... سيئة ،كنت أفتّش عن الن َفس وال أجده! الكورونا جعلتني أخسر والدي الذي نجا من د .وائل سالمة انفجار المرفأ ليقضي عليه هذا الفيروس راحت أرقامي تتدهور حتى وصل األطباء إلى الفتاك الذي حرمنا حتى كلمة الوداع األخيرة!». مرحلة س ّلموا فيها أمري هلل .شعرت في حينها أ ّنها آخر الدنيا، لساعات على المستشفيات حتى نجد مكا ًنا إلى أن حصلت المعجزة ُ وشفيت» .ويتابع« :ال تستهينوا بهذا • «عب ًثا ِجلنا ٍ المصابة بفيروس كورونا ،ولكن األولوية كانت الفيروس بل تعاملوا معه وكأ ّنه عدو يريد قتلكم!». ّ لجدتي ُ لألصغر س ًّنا ،خسرناها! لو كان الناس يلتزمون التدابير ويحترمون القوانين ،لما «تغلغل» الفيروس في مجتمعنا، «مش لعبة» نتوسل فيه قارورة أوكسيجين «عصحة «بعد إصابتي بكورونا أقنعتني زوجتي بالذهاب الحد الذي ولما وصلنا إلى هذا ّ ّ ّ السالمة» إلجراء صورة شعاعية للرئ َتين بهدف االطمئنان حلما!». أو كرس ًيا في مستشفى ،السرير صار ً اآلالف في لبنان من الذين فقدوا أح ّباءهم بصمت .لقد فقط ،على الرغم من أ ّنني لم أكن أشعر بأي عارض تن ّفسي. تحولت مواقع التواصل االجتماعي إلى ورقة «نعوة» وناقلة وهناك كانت الكارثة ،وبــدأت رحلة معاناتي في العناية ّ َ بنسبة كبيرة للتعزية! ووسيلة االفتراضية الجنازات لفيديوهات أن الرئتين تض ّررتا المشددة بعد أن تب ّين ّ ٍ ّ بسبب الفيروس». ّ يتذكر وزوجته هذه المحطة من حياتهما بألم ،وإنما ً أيضا على شفير الموت ...تجربة حامل ً بامتنان ،فقد عاد إلى الحياة بعد أن كان على شفير الموت. حامل في شهرها الثامن حين التقطت العدوى من كانت ٍ زوجها .فرحت للوهلة األولى ّ وفكرت «من الجيد أ ّنني ُأصبت «كانت حالتي تتدهور مع كل صوت يصدر عن مريض يصرخ بالفيروس حتى أتخ ّلص منه وأرتاح ...ولك ّنني لم أكن أعرف من األلم ،وكل سعال أسمعه ،وحتى مع كل حركة يقوم بها ما كان ينتظرني» .تدهورت حالة األم ودخلت العناية الفائقة األطباء من حولي .م ّر شريط حياتي أمامي!». تقول زوجته« :الموضوع مش لعبة ...لقد رأيت كم ّ لعملية قيصرية. تعذب بعد أن خضعت ٍ «كنت في غرفة زجاجية ،بعيدة من طفلتي وكل أح ّبائي ،ال زوجي ،فقد كان يشهق ليجد النفس .وبفضل جهودهم أسمع سوى صفير الماكينات ،األوكسيجين في أنفي والمصل وإرادة اهلل ،استعاد زوجي حياته وهو اآلن في فترة التعافي بيدي ،ال أرى سوى الممرضات .كنت أكافح المرض وأواجهه الدقيقة». وحدي حتى شعرت أ ّنني فقدت تع ّلقي بهذه الحياة المؤلمة. ّ وكأن كل أمراض الكون انتهت... ولكن بفضل العناية اإللهية وجهود األطباء والممرضين عدت إلى الحياة!». تخبرنا إحدى المصابات السابقات عن تجربتها فتقول« :على ُ
الوهلة األولى! «ت ّلج راسي»« ...دخت وقشط ضغطي»« ...بكيت ُ ألن عندي مشكالت وأصبت بانهيار للوهلة األولى»« ...انرعبت ّ صدقت كيف وليش ومن وين» ...إ ّنها ردة الفعل األولى بعد تل ّقي نتيجة فحص PCRاإليجابية! هي صحية»« ...ما ّ ليست ته ّيؤات بل عوارض جسدية ناتجة عن اضطراب نفسي ،Psychosomaticيشرح د .وائل سالمة (اختصاصي باألمراض العقلية والنفسية وأستاذ جامعي) ،تكون في الكثير من األحيان مشابهة لعوارض كورونا حتى لو لم يكن الشخص مصا ًبا بالفعل.
47
الرغم من كل التدابير الوقائية الصارمة التي ك ّنا نتّخذها، عالجا للسرطان، ُأصبنا بالعدوى .بطبيعة الحال ،وكوني أتابع ً كنت األكثر خو ًفا وكان أعظم مخاوفي هو أن أحتاج إلى ُ المستشفى». الدعم النفسي من قبل عائلتها جعل الفترة التي طالت ألكثر من شهر تم ّر بأقل ضرر ممكن .وهي اآلن باتت «تخاف من وكأن كل أمراض الكون انتهت النسمة» إذا م ّرت بقربها، ّ بقي سوى كورونا. وما َ وكأ ّنك منبوذ ً شخص آخر اختبر العدوى ً شدة، أيضا ولكن بعوارض أقل أن «أكثر ما يرعب في هذا المرض هو المجهول يلفت إلى ّ الذي يسير إليه المريض :هل ستتأ ّزم حالتي؟ هل سترتفع حرارتي أو يضيق نفسي؟ هل ستم ّر فترة الحجر بخير أم سأحتاج للعناية؟ ناهيك عن الرعب الذي يس ّببه نقص بعض األدوية الضرورية لعالج كورونا وفقدان بعضها اآلخر من الصيدليات! أضف إلى ذلك ،الشعور بالذنب من إمكان التس ّبب بعدوى ألحد المس ّنين أو أحد المرضى في العائلة، وكأن الحياة تو ّقفت!». والشعور وكأ ّنك منبوذ من المجتمع، ّ
يجب االستسالم أمام الصعوبات .الكورونا وباء حقيقي فال تستهينوا به». من خلف الباب هل أصعب من أن تجلس ر ّبة المنزل في غرفة منعزلة عن أوالدها ،ينادونها فال تستطيع تلبيتهم؟ وعندما يحين وقت الدرس أونالين ،يجلسون على بابها مع كتبهم وأجهزتهم الذكية فتشرف على دراستهم من خلف باب الغرفة حتى ال تع ّرض صحتهم للخطر. «ما أصعب أن تسمعي ابنك يقول« :ماما ،اشتقت إلى غمرتك!» واهلل ستر أ ّنني لم أحتج إلى دخول المستشفى لكانت كارثة علينا!». قدام «الجمرة ما بتحرق ّإل مطرحا» و«ما حدا قبضاي ّ أن كورونا موجود أو لم تُصب كورونا» ،فإذا لم تصدق بعد ّ ّ نوعا من الدمار أو الخسارة التي بعد بالعدوى ولم تعرف ً مستعد لهذا االختبار!؟ أنت تتس ّبب بها ،هل ّ ّ
«الشدة ق ّوتني» ّ شخص ثالث جعلته كورونا يالزم منزله ويوقف نشاطه اليومي ،ما أزعجه كثي ًرا .فقد اعتاد ممارسة الرياضة اليومية لمدة 3ساعات على األقــل ،ناهيك عن العمل والحركة المستم ّرة« .في البداية أقنعت نفسي أ ّنه رشح عادي وسيم ّر، ً رافضا االستسالم للمرض، كابرت وحاولت متابعة نشاطاتي ولكن العوارض تفاقمت واكتشفت أ ّنني مصاب بكورونا». ّ قوتني ،وتع ّلمت أ ّنه ال وفي خالصة تجربته يقول: ّ «الشدة ّ «لمين نقلت العدوى ...ومين عداني!؟»
بعد اإلصابة بفيروس كورونا: %70 - 60من المصابين يشعرون بالذنب والقلق والخوف من أن يكونوا قد نقلوا العدوى ألشخاص آخرين لحس المسؤولية االجتماعية Social ً خصوصا من الكبار في السن أو الذين يعانون مشكالت صحية ،هذا األمر يعود ّ responsibilityالمرتفع لديهم. ُ %30 - 20يصابون بما ُيسمى «الهوس اإلجرامي» ليعرفوا من أوصلهم إلى هذه الحالة .هؤالء ّ يركز عليهم علم بشكل أساسي أل ّنهم يفتقرون في معظم األحيان للتصرفات المسؤولة ،ويميلون إلى المخالفات والكذب وتبرير النفس ٍ خرقهم إلجراءات فترة الحجر.
48
جيشنا
تريز منصور
جيشنا ...مهمات في مجاالت مختلفة
منقذ لبنان وخشبة خالصه في مختلف المجاالت .إ ّنه الجيش اللبناني ،حامي الوطن والمدافع عن سيادته واستقالله ،وحافظ أمنه العسكري واالقتصادي واالجتماعي في أحلك الظروف. تتج ّلى هذه الصورة بأبهى ُحللها في مديرية الشؤون الجغرافية ،التي ومنذ إنشائها سنة ،1962تن ّفذ مختلف األعمال الجغرافية على صعيد الجمهورية اللبنانيةُ ،مسهمة في تخفيض كلفة إنتاج المطبوعات والتصوير الج ّوي ووضع الخرائط التصدي لألزمات الواحدة تلو األخرى ،سواء تع ّلق األمر الجغرافية المتخصصة .وفي ظل األوضاع القائمة تواصل المديرية ّ بطباعة أوراق إلخراجات القيد أو طوابع مالية وسواها. ً أعمال على جميع األراضي تن ّفذ مديرية الشؤون الجغرافية اللبنانية ،إضافة إلى التصوير الجوي وصناعة خرائط جغرافية حديثة ورقمية ،وذلــك باستعمال برامج ُنظم المعلومات الجغرافية GISإلنشاء الخرائط الذكية ،التي تتضمن معلومات عن البيئة والسكان والمزروعات والمباني والطرقات وغيرها. خرائط رقمية دقيقة بكلفة مقبولة وقــد خطت خطوة إضافية مهمة على صعيد صناعة
52
أمنت طائرة تصوير جوي الخرائط الرقمية الحديثة ،إذ ّ مجهزة بتقنيات حديثة ،وهي من نوع Delta Drone ّ ومصممة ،Quadتتميز بقدرات اإلقالع والهبوط العمودي، ّ تماما. للطيران بشكل آلي مستقل ً من مميزات هذه الطائرة المس ّيرة أ ّنها مز ّودة بكاميرا عالية الدقة ،Sony A7R-17 61 Megapixelوتراوح مدة طيرانها بين 80و 110دقائق ،وتقوم بمسح من 3إلى 4كلم 2في المهمة الواحدة ،ما يتيح إنشاء خرائط جوية عالية الدقة.
صور جوية لألراضي اللبنانية
ويوضح مدير الــشــؤون الجغرافية العميد المهندس أن أهم مجاالت استخدام هذه «الدرون» أحمد الجباوي ّ هو تحقيق صور جوية لألراضي اللبنانية بشكل متواصل، مجسمات بهدف استعمالها في تطوير الخرائط ،وفي إنتاج ّ ثالثية األبعاد ،وتحديد َمناسب األرض (ارتفاعها عن سطح عدة مشاريع وهي: البحر) ،ويمكن االستفادة منها في ّ مسح المقالع والكسارات وتقييم آثار الكوارث من حرائق التطور العمراني. وانفجارات وتغ ّيرات طوبوغرافية ،ومراقبة ّ تز ّود مديرية الشؤون الجغرافية مختلف وحدات الجيش والقوى األمنية ومختلف اإلدارات العامة والبلديات والقطاع ّ وتشكل هذه الخاص صو ًرا حديثة ودقيقة وخرائط ُم َي َّومة. مهما في المديرية. الجوية والخرائط أرشي ًفا ً الصور ّ ويلفت العميد المهندس الجباوي إلى أ ّنه لدى المديرية متخصص في تحليل المعلومات وصناعة الخرائط فريق ف ّني ّ الرقمية بدقة عالية ومهنية فائقة الجودة ،وبالتالي فهي الجوي وصناعة الخرائط جاهزة لتنفيذ خدمة التصوير ّ الرقمية الحديثة لمصلحة الـــوزارات واإلدارات العامة والبلديات والمؤسسات الخاصة واألفراد ،بأسعار مقبولة. أزمة إخراجات القيد والطوابع المالية على صعيد آخر تفاقمت أزمة أوراق إخراجات القيد في
إخراجات القيد
األشهر األخيرة ،والمــس سعر الواحد منها في السوق السوداء المليون ليرة لبنانية ،كذلك تفاقمت أزمة فقدان الطوابع المالية .ومرة جديدة أثبت الجيش أ ّنه المنقذ في أصعب الظروف .فعلى الرغم من تأثير األزمة االقتصادية ـاعــا بالغة الحادة في العسكريين الذين يعيشون أوضـ ً الصعوبة ،عملت مديرية الشؤون الجغرافية على تأمين للحد من معاناة المواطنين في إنجاز المعامالت المطبوعات ّ تم العمل في مطبعة المديرية اإلدارية ،وبكلفة منخفضةّ . تضم فريق عمل فني المجهزة بأحدث آالت الطباعة والتي ّ ّ ملتزما متخصص وذا كفاءة عالية وخبرة واسعة ويعمل ً ّ المعايير العالمية لجهة الدقة والسرية واألمان. في العام الماضي تو ّلت المديرية طباعة مليون طابع أما هذا العام مالي وعدد مماثل من أوراق إخراجات القيدّ ، فاعتبا ًرا من شهر نيسان الفائت ،قامت المديرية بطباعة 50مليون طابع مالي تم تسليمها إلى وزارة المالية، وهي بصدد طباعة 100مليون طابع حتى نهاية العام .2021وبالنسبة إلى إخراجات القيد بدأ العمل بطباعة األوراق الخاصة بها في شهر آب الماضي ،بعد تأمين األموال الالزمة للمشروع من قبل المديرية العامة لألحوال الشخصية في وزارة الداخلية .وقد أمنت المديرية طباعة وتسليم 450ألف إخراج قيد إلى مديرية األحوال الشخصية لغاية مطلع تشرين األول ،بمعدل 100ألف نسخة أسبوع ًيا، تباعا. وهي بصدد طباعة مليون نسخة ً اإلشراف على عمل الكسارات من أهم المشاريع التي تن ّفذها مديرية الشؤون الجغرافية حال ًيا مشروع مسح المقالع والكسارات والمرامل .فبموجب المرسوم الرقم 6569الصادر عن مجلس الــوزراء في ،2020/7/3قامت المديرية بمسح شامل لحوالى 750 موق ًعا بين مقالع وكسارات ومرامل على جميع األراضي اللبنانية ،واحتساب الكميات المستخرجة من هذه المواقع وس ّلمت المعلومات والبالغة 170مليون متر مكعب تقري ًباُ . والخرائط إلى كل من وزارات البيئة والمالية والداخلية، الستيفاء الرسوم وإزالة الضرر البيئي ،والعمل على تنظيم جدا على الصعيد الوطني. هذا القطـاع المهـم ً يوما بعد على الرغم من األوضاع القائمة ،يثبت الجيش ً يوم وأزمة تلو أزمة جهوزيته ،واستعداده لتخفيف معاناة المواطنين وإيجاد حلول لمشكالتهم ،فتحية للزنود التي ال يثنيها تعب ،وللهمم التي ال تهزمها صعوبات.
53
جيشنا
مهارات لمواكبة متطلبات العصر ً امتالكا لألسلحة يوما بعد يوم أهمية عمليات المعلومات واستراتيجيات التواصل ،فأقوى جيوش العالم وأكثرها تزداد ً المتطورة قد تخسر حر ًبا وتتش ّوه سمعتها بلمحة بصر ،إذا لم تخطط وتعتمد االستراتيجية المناسبة للتواصل مع جمهورها. إ ّنها حرب العصر ...حرب المعلومات!
دائما إلى تطوير قدراته أدرك الجيش اللبناني ،الذي يسعى ً ومهارات عسكرييه ،أهمية هذا الموضوع ،فهو بحاجة للحفاظ ً دائما مع هذا على دعم شعبه له ،وهذا األمر يحتّم تواصل ً الشعب كما مع باقي الجماهير المحلية واإلقليمية والعالمية، ود ْحض األكاذيب التي من لضمان إرسال الرسائل الصحيحة َ تشوه صورته .أضف إلى ذلك األزمات اليومية التي شأنها أن ّ يختبرها المجتمع اللبناني ،والمؤسسة جزء منه ،والحاجة إلى مواجهتها من خالل إتقان عملية التواصل في األزمات. المتخصصين فريق ّ جديدا في الجيش ،فقد بدأ ليس التدريب في هذا المجال ً متخصص JIAG- التعاون منذ سنوات مع فريق بريطاني ّ ،Joint Information Activities Groupحتى بات لدينا مد ّربون في عمليات المعلومات واستراتيجيات التواصل. وانطال ًقا من إدراك قيادة الجيش ألهمية ثورة المعلومات وما لها من انعكاسات على صورة الدول والجيوش ،كان القرار بتعميم هذه الثقافة والتجربة على كل الوحدات وفي مختلف المناهج التدريبية في المعاهد والكليات العسكرية، من الكلية الحربية (في السنوات الثالث ودورة آمر سرية)،
56
إلى كلية فؤاد شهاب للقيادة واألركان (دورات أركان وقائد كتيبة وغيرها) ،ومدرسة الرتباء ،حيث ين ّفذ التدريب مد ّربون من مديرية التوجيه. وللهدف نفسهُ ،ش ِّكل في شهر تشرين األول الماضي فريق ضم أربعة مد ّربين من الفريق البريطاني عاونهم أربعة ّ آخرون من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني هم :العقيد الركن الياس عاد ،الرائد فادي بعقليني ،الرائد حسين مظلوم والصحافية ندين البلعة .قام هذا الفريق بتدريب عشرين ضابط أمن وتوجيه من مختلف األفواج واأللوية ،على أسس عمليات المعلومات .هؤالء تع ّرفوا إلى األنشطة المتعلقة بعمليات المعلومات ،كبيئة المعلومات واستراتيجياتها ّ تشكل جــز ًءا منها، والعمليات اإلعالمية والنفسية التي باإلضافة إلى كيفية التواصل خالل األزمات وأهمية وسائل التواصل االجتماعي ،واكتساب مهارات المقابالت اإلعالمية، والتع ّرف إلى ماهية المؤتمرات الصحافية ودور ضابط التواصل اإلعالمي وغيرها من الدروس ذات الصلة. ً أمثلة عملية تضمنت لم تكن الدروس نظرية فحسب ،بل ّ عالمية ولبنانية .كما ُأعطي المتد ّربون تمري ًنا مبن ًّيا على سيناريو «الجزيرة الحمراء» حول مهمة عمالنية افتراضية
امتد على كامل فترة الدورة .فكان ين ّفذها الجيش اللبنانيّ ، تطورات المد ّربون يوم ًيا ،بعد شرح الــدروس ،يسقطون ّ تخول المتد ّربين التطبيق جديدة على السيناريو األساسيّ ، العملي لما تع ّلموه خالل النهار ،بهدف التد ّرب على مواجهة الطوارئ .وقد ع ّبر المتد ّربون عن حماستهم واهتمامهم لمتابعة هذه الدورة الش ّيقة ،انطال ًقا من إدراكهم هم ً أيضا مهمة لمدى أهمية اإلعــام وعمليات المعلومات في أي ّ ين ّفذونها على األرض في قطعهم. للمصورين في قسم البرامج والتصوير في مديرية وكان ّ حصة من التدريب مع الفريق البريطاني ً أيضا ،نظ ًرا التوجيه ّ ألهمية هذا االختصاص في مجال عمليات المعلومات .فتابع ً دورة موازية في مجال التم ّرس في التصوير 8عناصر منهم الفوتوغرافي والتلفزيوني .وتع ّرفوا إلى المونتاج وتقنياته وبرنامج الــــ ،Photoshopوكتابة سيناريو ،Storyboard والتصوير الــحــربــي ،والــتــمــرس فــي تصوير المقابالت والمؤتمرات الصحافية. في ختام الدورة ،تس ّلم المتد ّربون الشهادات في حضور مدير التوجيه العميد علي قانصو ،وقائد كلية فؤاد شهاب للقيادة واألركــان العميد الركن حسن جوني ،والملحق العسكري البريطاني المقدم .Lee Richards Saunders وقد لفت الملحق البريطاني إلى أهمية ثورة المعلومات وخصوصا على صعيد الجيوش ،مبد ًيا إعجابه بقدرات الجيش ً مؤكدا استمرار اللبناني وسعيه الدائم إلى مواكبة التطور، ً التعاون بين َ جيشي بالده ولبنان. بدورهم ،ع ّبر أعضاء فريق التدريب البريطاني عن إعجابهم بالمهارات التدريبية للمد ّربين اللبنانيين ،كما بالقدرات تحد ًيا الثقافية والفكرية للمتد ّربين ،إذ كانت هذه الدورة ّ لهم للبقاء على مستوى األسئلة واألفكار التي عرضها ضباط دائما إلى الجيش اللبناني خالل الــدورة .وتم ّنوا العودة ً لبنان ،حيث يشعرون أ ّنهم ال يد ّربون فحسب ،بل يكتسبون الخبرات اإلضافية ً أيضا. سيتم استتباع هذه الدورة بدورات تجدر اإلشارة إلى أ ّنه ّ أخرى على صعيد الجيش ،ين ّفذها مد ّربو مديرية التوجيه ويتابعها ضباط من مختلف الوحدات األخــرى التـي لم تتابعهـا بعد. العمليات النفسية تدخل العمليات النفسية ً أيضا في إطار عمليات المعلومات واستراتيجيات التواصل ،وقد أولى قسم الحرب النفسية في
مديرية التوجيه أهمية كبيرة لتمكين ضباطه وعسكرييه من مهمتهم في هذا المجال. إتقان ّ متخصص قام بالتدريب لهذا الهدف ،حضر فريق إيطالي ّ على ثالثة مستويات: • مستوى أساسي لتأهيل العناصر في مجال التخطيط للعمليات النفسية ،تابعها 14عنص ًرا من قسم الحرب النفسية في مديرية التوجيه ومديرية المخابرات والمديرية العامة لألمن العام والمديرية العامة ألمن الدولة. متقدم إلعــداد عناصر متخصصة في مجال • مستوى ّ العمليات النفسية ،تابعها 11عنص ًرا من المديريات المذكورة آن ًفا. • مستوى «إعداد مد ّربين» متخصصين في مجال العمليات وص ّنفوا في المراكز في النفسية ،تابعها 6عناصر سبق ُ الدورة المتقدمة. تخ ّللت الدورة دروس نظرية وتمارين تطبيقية عديدة، منها في المستوى األساسي :عملية صنع القرار العسكري وربطها بالعمليات النفسية ،تحليل المهمة ،إعداد أهداف العمليات النفسية واألهــداف الداعمة لها ،وإعــداد الئحة الجماهير المستهدفة المحتملة .ومع االنتقال إلى المستوى المتقدم ،تمحور التدريب حول تعريف العمليات النفسية ّ ومراحلها ،وتحليل الجمهور المستهدف ،وإعداد وتطوير منتجات العمليات النفسية ،وإنتاج هذه المنتجات وتوزيعها أما المرحلة األخيرة من التدريب إلعداد مد ّربين في ونشرهاّ . هذا المجالّ ، فركزت على مهارات التواصل الف ّعال (Effective ،)Communicationالخطابة واالتصال (Public Speaking ،)and Communication Skillsإعداد المناهج التدريبية ( )Syllabusوالمحاضرات وكيفية إلقائها ،والتم ّرس على الطرق المختلفة للتعليم والتدريب. امتدت على مدى ثالثة أشهر، اختُتمت الدورات الثالث ،التي ّ بحفل تخريج ُأقيم في فرع التعليم -مديرية المخابرات وحضره الملحق العسكري اإليطالي ،Col. Marco Zonaوقائد الـ MIBILفي لبنان ،إلى جانب المساعد األول لمدير المخابرات العميد الركن رياض عالم ،ورئيس قسم الحرب النفسية في مديرية التوجيه العقيد الركن الياس عاد ،ورئيس فرع التعليم في مديرية المخابرات العقيد الركن فادي الحسنية، وفريق التدريب اإليطالي مع عدد من الضباط.
57
صورة العام
قصة صورة قري ًبا ُينهي المعاون أول بالل الحاج عامه الثامن عشر في الجيش .سنوات طويلة مليئة بالتجارب القاسية والمواقف الخطرة التي خرج منها بدروس وعبر ليصبح ما هو عليه اآلن. وعزما إ ّنه العسكري الذي زادته الخدمة العسكرية شجاعة ً وتفان ًيا ً ونبل .خالل مسيرته العسكرية وضمنها 13سنة في فوج المغاوير واجه الكثير من المخاطر ،شارك في معارك عبرا ونهر البارد وطرابلس وعرسال .استشهد الكثير من رفاقه قربه ،وهم ما زالوا أحياء في قلبه يتواصل مع عائالتهم ويسأل عن أحوالها .في عبرا حمل أحد رفاقه مسافة طويلة تحت وابل الرصاص ،لم يخف ،لم يتردد ،في اعتقاده أن ال أحد يرحل عن هذه الدنيا قبل أوانه. كل ما م ّر ذكره في ك ّفة وحادثة الطيونة في ك ّفة أخرى بنظره .ما اعترضه هناك كان بالنسبة إليه أصعب ما يمكن أن يواجهه ،محاربة اإلرهابيين أمر تــد ّرب عليه ،ومهما كانت نسبة الخطر فيه عالية فهي ال تقاس بمشهد أطفال تحاصرهم نيران الرصاص .ال شيء يمكن أن يوازي ما يشعر به العسكري أمام خوف الصغار ،وال إحساس يمكن أن يوازي شعوره عند نجاحه في إنقاذهم من الخطر. لم تكن تلك الطفلة التي ظهرت في الصورة محمية بذراعه، الوحيدة التي أنقذها المعاون أول بالل الحاج في ذلك اليوم المشؤوم .أخرج عدة أطفال من مدرسة الفرير وس ّلمهم إلى أهاليهم .لكن لهذه الطفلة قصة أخرى ،فعندما دخل تجمع األطفال رآهم خائفين ،لكن خوفهم الردهة حيث ّ بعيدا جمي ًعا لم يكن يوازي الرعب في عينيها .كانت راكعة ً من الجميع وجسمها يرتجف كورقة في مهب الريح .شعور قوي أخذه إليها قبل اآلخرين ،أعطاها ماء لتشرب ،تحدث إليها ،أخبرها أ ّنه سيوصلها إلى أهلها بسالم ،العبها ،إلى أن بدأ الشعور بالطمأنينة يغلب خوفها« .ضحكت ،فرفحت» يقول المعاون أول. ً لكن الرصاص عاد لينهمر بغزارة. حملها وخرج بها راكضاّ ، ُص ْبني رصاصة ت فل قال في نفسه إذا كان ال بد أن ُيصاب أحدنا ِ ُص ْبها في رجلها .تم ّنى لو يستطيع نزع درعه في رأسي وال ت ِ ً لكن األمر كان مستحيل فالرصاص وخوذته ليحميها بهما ّ ينهمر بجنون .وضعها تحت زنده وركض بها ...وصل إلى سيارة أهلها ،فتح الباب وأدخلها ،تحت وطأة الصدمة لم أن هموم ينطق أي من الوالدين بكلمة .من جهته ،شعر ّ
العالم ك ّله سقطت في تلك اللحظة عند رجليه .الطفلة التي ال يعرف عنها شي ًئا سوى الرعب الذي رآه يجتاح جسدها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ،باتت في أمان. يتمنى اليوم أن يعرف شي ًئا عن هذه الفتاة ،أن يطمئن عليها .يسأل نفسه هل ما زالت تحت وطأة الصدمة التي عاشتها؟ وكم من الوقت سيستمر تأثير ما عاشته في تلك اللحظات عليها؟ يطرح على نفسه األسئلة ويفكر في ابنه... المصور محمد عزاقير للعسكري الصورة التي التقطتها كاميرا ّ ً وممسكا البندقية بالذراع األخرى هي محتض ًنا الطفلة بذراع تكثيف للحظة نادرة تجمع الخطر واألمان في مشهد مؤثر. صورة اعتبرتها رويترز من األجمل للعام ،2021وهي في رأينا أكثر من مشهد في لحظة .إ ّنها تعبير عن مناقبية العسكري ونبله ،ذلك العسكري الذي تُجسد بندقيته األمان. إ .ن .ت.
61
مبادرات خالقة تريز منصور
على طريق االكتفاء الذاتي...
«االكتفاء الذاتي» قدر اإلمكان بات ضرورة في ظل الظروف االقتصادية الصعبة .وهذا ما دفع العديد من قطع الجيش إلى إنشاء مشاريع زراعية لتأمين الضروريات لعناصرها .وللواء المشاة السادس تجربة مميزة وناجحة في هذا المجال. تنتشر مراكز لواء المشاة السادس من ثكنة عين بورضاي ً اليمونة وبريتال وحورتعال مرو ًرا بيونين وشعث، وصول إلى ّ ودار الواسعة .مهماته األمنية الكثيفة تمتد على أيام السنة بكاملها نظ ًرا إلى طبيعة منطقة انتشاره واتساعها وتشمل هذه المهمات المداهمات ومالحقة المطلوبين ومكافحة التهريب وســواهــا .مع ذلــك ،كانت لهذا اللواء العديد من المبادرات السريعة الهادفة إلى التك ّيف مع الظروف االقتصادية ،حتى بات يمكن القول إ ّنه يحقق االكتفاء الذاتي في عدة مجاالت .ويقول قائده العميد الركن جوني الكمامات والصابون ومواد التعقيم التي عقل« :بعد صناعة ّ ً حماية واكتفا ًء ذاتيين على صعيد الوقاية من أمنت ل ّلواء ّ التوجه إلى تأمين المواد األولية التي يحتاجها كورونا ،بدأ ّ 64
عسكريو اللواء لتأمين معيشتهم». أمن حاجة نوادي بدأت الفكرة مع زراعة الخضار المتنوعة ما ّ ضباط اللواء منها ً فضل عن حاجة عناصر الخدمة ،والفائض ُيوزع على العسكريين .أكثر من ذلك عمد العسكريون إلى صناعة المكبوسات اللذيذة التي باتت تُز ّين موائدهم .كما قاموا بصناعة فرن للمناقيش باستخدام مواد موجودة في اللواء ،وهكـذا بـات فطورهـم اللذيـذ جاهـ ًزا كل يوم بكلفـة زهيدة. األزوال وقصة نجاح مم ّيزة الحد ،بل ويضيف العميد عقل »:طموحنا لم يقف عند هذا ّ تطور إلى تربية المواشي والدواجن لتأمين االكتفاء الذاتي ّ
من اللحم والبيض ،ولكن هذه العملية اصطدمت بغالء العلف الفاحش .لذلك بدأنا عملية بحث عن بدائل ،فلفتتنا مهما للدجاج والمواشي وبدأنا نبتة األزوال التي تعتبر عل ًفا ً بزراعتها». نموذجا ح ًيا للعمل التعاوني ،ليس يقدم اللواء السادس ً فقط على صعيد عسكرييه وإنما ً أيضا على صعيد المنطقة التي ينتشر فيها ،ففي حين يقدم المساعدة للمواطنين في عدة مجاالت ،يقدم هؤالء في المقابل خدمات له .وفي هذا السياق استعان بأحد المزارعين في منطقة الهرمل- القاع الذي يزرع األزوال ،فز ّوده بعض الشتول ،وهكذا بدأت مهما تجربته الناجحة مع زراعة األزوال التي و ّفرت عل ًفا ً للدجاج والماعز ،وأسهمت في رفع أعدادها .ومع نجاح التجربة ،تعممت الفائدة لتشمل عسكريين ومدنيين من أبناء المنطقة يقومون بتربية الدجاج ،إذ يزودهم اللواء النبتـة مجا ًنا. ويتم أن علف األزوال غني بالبروتين (،)%35 المعروف ّ ّ طازجا بعد غسله ،والدجاج يحبه كثي ًرا. تقديمه للدجاج ً يتم مزجه مع الطحين ،أو وللحصول على نتائج مثاليةّ ، الذرة ،أو القمح المبروش أو الخبز. أما بالنسبة للمواشي ،فهي تحتاج كميات كبيرة من العلف، لذلك يكتفي اللواء حال ًيا بتربية أعداد متواضعة منها إلى أن المن َتجة لديه كافية لتربية أعداد أكبر. تصبح كميات األزوال ُ ويتم اليوم تعديل وقد أنشأ بركة كبيرة لزراعة األزوال، ّ عدد البرك ليصبح إنتاج األزوال كاف ًيا للدجاج والمواشي الموجودة في اللواء. تنمو األزوال وتتكاثر بشكل مذهل خالل سبعة أيام، فالورقة تنمو بسرعة لتكبر كثي ًرا ثم تنفصل عن شقيقتها يتم قطاف اإلنتاج من برك َتين يوم ًيا. وهكذا دواليك ،لذا ّ وتجرية اللواء السادس مع هذه النبتة ناجحة ومميزة، برمتها لم تتطلب سوى ومبن ّية على دراسة علمية .والعملية ّ بمعدل تم خاللها إعداد البرك الخاصة للزراعة ّ ثالثة أشهرّ ، ست برك في قيادة اللواء ،وواحدة في قيادة كل كتيبة ُعمم هذه التجربة على كل السرايا ً أيضا. وسوف ت ّ أن سكان المنطقة يتقاطرون لمشاهدة وجدير بالذكر ّ برك األزوال المزروعة في اللواء الذي أبدى رغبة في التعاون مع األهالي من خالل تزويدهم الشتول وتقديم خبرته المتواضعة في هذا المجال .فالظروف صعبة على الجميع، وسواعد الجيش جاهزة لمساعدة المواطنين في كل األوقات والحاالت.
لدى اللواء السادس اليوم عدد كبير من طيور الدجاج، وبفضل األزوال سوف يزيد العدد وبالتالي يــزداد إنتاج البيض ولحوم الدجاج ،والهدف أن يتمكن عناصر الخدمة أقله من تناول البيض مسا ًء. ما هي األزوال؟ يوضح الخبير الزراعي مروان حيدر (صاحب شركة بيت أن األزوال هي نبات سرخسي أخضر يعيش في الزراعة) ّ ً وعادة ُيزرع في البالد الحفرة أو البركة على وجه الماء، ولكن التي يعيش فيها األر ّز .هناك سبعة أنواع من األزوال، ّ عددا كبي ًرا من المزارعين ّ يفضلون استخدام نوع الـAzolla ً تحمل جميع العوامل ،pinnataنظ ًرا لكونها قادرة على ّ جدا. المناخية أكثر من غيرها ،وتتماسك بشكل قوي ً وقصة علف األزوال بدأت في الصين ،إذ الحظ الخبراء أكل العصافير بنهم لهذه النبتة ،وبدأوا بإعداد الدراسات جدا بالبروتين والحديد المك ّثفة عليها ،فتب ّين أ ّنها غنية ً والكالسيوم والفوسفور ،والمغنيزيوم والنحاس ،وضعيفة بالكاربوهيدرات .وهكذا بدأت زراعة هذه النبتة تنتشر أمام منازل المزارعين في الصين. أن األزوال تُستعمل كسماد عضوي وكمصدر ويضيف حيدر ّ غذائي مهم ألنــواع من الحيوانات والطيور كاألسماك ّ والبط والماعز .ويمكن أللف متر من األزوال والدجاج ّ ّ وكل المزروعة إنتاج نحو 300كيلو من األزوال المجفف. كليوغرامـا ثالثة كليوغرامـات من األزوال المج ّففـة ،توازي ً واحـدا من البروتيـن ،والنتيجـة هي زيــادة في نسبـة ً البيـض. يمكن تغذية األزوال المزروعة بسماد الدجاج بعد وضعه في الماء لمدة ثالثة أيام (كيلو غرام من السماد في 10 ليتر من المياه) .ويمكن لهذا النوع من الزراعة الذي يتطلب ً شروطا محددة ،توفير مداخيل جيدة للمزارعين وتزويد الحيوانات بالعلف الصديق للبيئة .لكن ال بد من اإلشارة يقدم للدواجن والطيور بنسب محددة فال إلى ّ أن هذا العلف ّ يمكن أن نغذي الدجاج أو المواشي باألزوال فقط. بالنسبة إلــى الجيش ،يالحظ حيدر وجــود مساحات شاسعة قرب الثكنات ،وبالتالي يمكن زراعة األزوال وتأمين االكتفاء الذاتي ،من خالل تربية الدواجن والمواشي ،ومن خالل مقايضـة هذه النبتـة مع المزارعين مقابل األلبان واألجبان ...فهـل تتشجـع قطـع أخـرى وتكـرر تجربـة اللواء السـادس الناجحة؟
65
ناجحات
التلميذ الضابط كريستينا برادعي: وتحد حكاية طموح ٍ بعد أن أنهت كريستينا برادعي اختصاصها في مادة الكيمياء في الجامعة اللبنانية ،باشرت التخصص في الهندسة استعدادا لكن فكرة االلتحاق بالك ّلية الحربية البتروكيماويةّ ، ً لاللتحاق بمدرسة القوات البحرية التي راودتها غ ّيرت مجرى ٌ تلميذ ضابط في السنة الثالثة في حياتها ،وها هي اليوم مدرسة القوات البحرية .وجدت في هذا االختصاص الكثير من التحدي والغموض ،كما اعتبرته وسيلة لتحدي التقاليد بأن إمرة المركب البحري تقتصر على وتغيير المفهوم السائد ّ أن اختصاصها الذكور ،وما شجعها على المضي بالفكرة هو ّ الجامعي ينسجم مع مهمات القوات البحرية ،ويتيح لها عدة وأن القوات البحرية في مجاالت للتطوير والتطور خصوصا ّ ً الجيش اللبناني هي في تعاون دائم مع الــدول األجنبية الصديقة التي تتبادل وإياها الخبرات والمعارف.
أل ّنها تهوى التحدي ومواجهة الصعاب ،وترفض االنصياع للتقاليد والمفاهيم السائدة التي ال تعترف بقدرة المرأة على مجاراة الرجل في المهمات والمسؤوليات ،تركت ً حاملة كريستينا عالمها المريح ،ولبست البزة العسكرية طموحها وأمانيها لتبحر في عالم القوات البحرية وتغوص في أعماقه.
66
طليعة دورة الغطس لم تكن الرحلة سهلة ،فالتدريبات شاقة وتتطلب مستوى عال ًيا من الكفاءة .أما الصدمة األكبر فكانت حين اكتشفت كريستينا بأ ّنها األنثى الوحيدة في اختصاص قتال السطح، وأن األمر الذي أثار في نفسها الخوف في البداية ال سيما ّ شاب وفتاة .كما المدربين ال يميزون خالل التدريب بين ٍ أزعجتها فكرة عدم وجود زميلة لها تشاركها يومياتها وتتفهم مشكالتها .مع ذلــك ،تخطت التلميذ الضابط وتحدت بشجاعة مختلف الصعوبات التي واجهتها، مخاوفها، ّ إلى أن تمكنت من إثبات قدراتها باحتاللها المركز األول في دورة الغطس في القوات البحرية .كانت مدة الدورة سبعة أسابيع ،تخللها في أول أسبوعين دروس نظرية ،تالها خمسة أسابيع من التمارين العملية ،بما فيها الغطس من دون قناع ،وطرق التنفس تحت الماء ،باإلضافة إلى التعامل مع العتاد البحري والحفاظ على التوازن الجسدي وغيرها من التدريبات .تابعت كريستينا التمارين نفسها التي تابعها زمالؤها الذكور ،كان عتاد الغطس ً جدا وأتعبها حمله، ثقيل ً َ بمعاملة خاصة وإنما عانت المشقات تحظ ومع ذلك لم ٍ نفسها التي عاناها زمالؤها.
«تانيا» والتجربة المميزة أصعب ما في تلك الدورة كان التمرين المعروف باسم «تانيا» ،وهو التمرين الخاص بإنقاذ غريق على عمق ١٢ مت ًرا من دون استعمال قنينة األوكسيجين .و«تانيا» هي كيلوغراما في عبارة عن تمثال يبلغ وزنه حوالى الثالثين ً خصوصا بسبب الماء ،ويشكل «إنقاذه» صعوبة كبيرة، ً نقص األوكسيجين في طريق العودة إلى سطح الماء ،حيث يمكن أن يفقد المرء وعيه ،وهو ما حصل مع المتم ّرن الذي سبق كريستينا ،ما أثار الخوف في قلبها ،لك ّنها تمكنت من تخطي الخوف والنجاح في التمرين. ً وصول إلى عمق أما أفضل ما في الدورة ،فكان الغوص أربعين مت ًرا ،وهو ما أتاح للمتمرنين أن يختبروا أعماق البحر ويستمتعوا بالتجربة المميزة وتحدي الذات والنجاح. ما لم يخطر في البال! على الرغم من الجهود التي بذلتها كريستينا في دورة الغطسّ ،إل أ ّنه لم يخطر في بالها أن تُص ّنف في المركز وأن المشاركين كان لديهم خبرة مسبقة األول، خصوصا ّ ً ً ومثابرة .وبالفعل، في الغوص ،ولعل ذلك قد زادها إصرا ًرا نجاحا ممي ًزا إذ تمكنت من إحراز فقد أثمرت جهودها ً المرتبة األولى في سباحة الـ( palmageالسباحة من دون استخدام اليدين) على مسافة ٤و ٥كلم .كما نجحت في تمرين «تانيا» الــذي أدتــه بالشكل الصحيح منذ المرة بنجاح في المعمودية األولى .وفي ختام الدورة ،شاركت ٍ وهي بمثابة اختبار في مختلف التدريبات التي خضع لها التالمذة الضباط خالل الدورة ،وقد حققت نتائج لم تكن تتوقعها. أهداف مستقبلية إن الصعوبات التي تعرضت لها كريستينا في بداية ّ الدورة ز ّودتها في ختامها ثقة بالنفس وإصرا ًرا على تخطي ً مستقبل الصعوبات .وقد وضعت لنفسها هد ًفا بأن تشارك في دورة مداهمة سفن وتفتيشها ،األمــر الــذي يتطلب مهارات جسدية صعبة ،باإلضافة إلى السباحة بالبزة ً سهل على اإلطالق ولك ّنها تأمل العسكرية ،وهو أمر ليس أن تحقق هدفها بنجاح .إلى ذلك ،تدرك التلميذ الضابط أن تحديات كبيرة تنتظرها لدى تخرجها برتبة مالزم ،بما ّ فيها استالم اإلمرة ومواجهة خطر العدو .وهي تشير في أن االنتقال إلى الحياة العملية هو مسؤولية هذا اإلطار إلى ّ
بحد ذاته ،فكم باألحرى إذا كانت المهمة هي إمرة مركب وسالمة من فيه .من هنا ،فإ ّنها تستعد منذ اآلن نفس ًيا فإن التمارين وجسد ًيا لتحمل هذه المسؤولية .وعليهّ ، الجسدية والرياضة البدنية أصبحا جز ًءا من حياتها اليومية، دورات عسكرية مثل باإلضافة إلى أ ّنها تسعى لمتابعة ٍ دورة القنص ودورة المداهمة وغيرها من الدورات التي تساعد في تنمية قدراتها واستعدادها لمواجهة أي عدوان. أما على الصعيد النفسي ،فيتولى المدربون إعدادها مع زمالئها لمواجهة مختلف االحتماالت والحفاظ على رباطة الجأش في مختلف الظروف. مهمة على متن سفينة أميركية ما بين التمرين النظري والتطبيق العملي فرق شاسع، لذلك كانت كريستينا متحمسة للتجارب العملية .لم يطل مهمة انتظارها كثي ًرا ،إذ ُأتيحت لها فرصة المشاركة في ٍ على متن سفينة أميركية تحمل مساعدات للجيش اللبناني. كان وجودها على متن الباخرة في أثناء مؤتمر حضره قائد الجيش والسفيرة األميركية إلى عدد من الضباط في الجيش اللبناني .وكانت التجربة بمثابة تدريب عملي على مهمات سوف تقوم بها الح ًقا كضابط في سالح البحرية، وقد أتاحت لها فرصة التواصل مع أفراد الطاقم األميركي، واالطــاع على معلومات مفيدة على صعيد سالح البحر. أن قيادة السفينة كانت بيد أنثى، أما أبرز ما لفتها ،فهو ّ وقد حملت مسؤولية قيادة طاقم من الواليات المتحدة إلى لبنان ،األمر الذي زاد من عزيمة الشابـة وإصرارهـا على النجاح في أهدافها المستقبلية كضابـط في القوات البحريـة. حب كريستينا للبحر ال يفوقه سوى حبها ألرض الوطن. أن األزمة االقتصادية التي يمر بها لبنان تدفع وأل ّنها تدرك ّ بالكثير من العناصر الشابة إلى مغادرة البالد والهجرة بح ًثا وجهت ندا ًء إلى الفتيات اللواتي يرغبن عن العمل ،فقد ّ ً مؤكدة باالنضمام إلى المؤسسة العسكرية بأن ال يترددن، أن الحياة العسكرية أن الوطن بحاجة إلى زخم الشباب ،كما ّ ّ ٍ ً خبرة ومسؤولية وقــدرة على مواجهة ســوف تــز ّودهــن صعوبات الحياة. كريستينا كما زميالت لها في الجيش وجدن في المؤسسة العسكرية فرصة لتأكيد قدراتهن خارج األطر التقليدية، وقد أثبتن أ ّنهن على قدر المسؤولية ،وقدمت كل منهن نموذجا ُيحتذى. ً 67
الجيش والمجتمع ليال صقر الفحل
التعاون بين الجيش والجامعات في لبنان تجهد قيادة الجيش في سبيل توفير فرص التعليم العالي للعسكريين وأوالدهم ،وفي ظل األوضاع الصعبة حال ًيا تتضاعف أهمية االتفاقيات وبروتوكوالت التعاون مع الجامعات والمعاهد العالية اللبنانية ،إذ ا ّنها تتيح االستفادة من حسومات مهمة. في هذا اإلطار نجحت جهود قسم الجامعات والمعاهد في أركان الجيش للعمليات -مديرية التعليم في االتفاق مع عدد كبير من الجامعات والمعاهد عبر بروتوكوالت تعاون وتبادل للخبرات. المستفيدون يستفيد من هذه البروتوكوالت ضباط الجيش اللبناني ورتباؤه وأفراده في الخدمة الفعلية والمتقاعدون والموظفون المدنيون في المالك «أ» عن أنفسهم وعن عائالتهم (زوج ،زوجة ،أوالد)، ً والمعوقين والعسكريين المتو ّفين في فضل عن عائالت الشهداء ّ أثناء الخدمة الفعلية. لجنة متابعة وإشراف ُش ّكلت لجنة متابعة وإشــراف لكل بروتوكول تجمع الفريقين، من أبرز مهماتها التنسيق والسهر على حسن تطبيق البروتوكول ومعالجة أي مسألة قد تسبب ً خلل في تنفيذ بنوده فور توقيعه. أحكام عامة يقدم الطالب للجامعة مستندات تثبت عالقته بالمؤسسة ّ العسكرية (نموذج رقم اثنين وصورة عن بطاقة التقاعد وإخراج قيد عائلي )...لالستفادة من الحسومات. تحتفظ الجامعة بحقها في قبول طلبات االنتساب أو رفضها وفق شروط القبول األكاديمية المعتمدة لديها .ويمكن ألي طالب باشر دراسته في الجامعة في أي مرحلة من المراحل (بكالوريوس أو ماجستير) التقدم لالستفادة من أحكام هذا البروتوكول اعتبا ًرا من تاريخ سريانه ،وتز ّود الجامعة قيادة الجيش الئحة بأسماء المسجلين والمقبولين في كل فصل من كل عام ،باإلضافة إلى الئحة بالناجحين عند انتهاء العام الدراسي. ُحددت مدة البروتوكول بثالثة إلى خمس سنوات تبدأ اعتبا ًرا من ُجدد تلقائ ًيا لمدة مماثلة ما لم يب ّلغ أحد تاريخ التوقيع عليه ،وت َّ الفريقين خط ًّيا الفريق اآلخر برغبته في عدم التجديد ،وذلك قبل شهر من تاريخ انتهاء مدة البروتوكول الساري المفعول. ّ في الشق المالي ،يستفيد الطالب في الجيش من مساهمة خاصة من الجامعة على األقساط وفق حسومات تختلف بين جامعة وأخرى ،وبين اختصاص وآخر ،كما يمكن للطالب التقدم بطلب مساعدة مالية financial aidفي حال لم يكن الحسم المقدم من ّ الجامعة كاف ًيا .ويسدد الطالب القسط بعد هذا الحسم مقسما على ً
68
عشر دفعات شهرية متساوية ،أو بحسب اتفاق ضمني بينه وبين الجامعة. تبادل الخبرات تقدم الجامعات اإلمكانات المتاحة إلجــراء دورات متخصصة للطالب في مجاالت محددة يتم التوافق عليها وفق حاجة الجيش إليها واإلمكانات المتوافرة في الجامعة .في المقابل تفتح المؤسسة العسكرية المجال لطالب الجامعات الموقعة على البروتوكول إلجراء التدريبات العملية ( )Stageوتبادل الخبرات في القطع والوحدات ً ومثال على ذلك يذكر التعاون التي تتناسب مع نوع االختصاص، الجاري بين كل من القوات البحرية والجوية من جهة وجامعة البلمند من جهة أخرى (تقديم تسهيالت للتالمذة الضباط الفنيين لمتابعة اختصاصاتهم كما للعسكريين وعائالتهم.)... التقديمات والحسومات تتنوع التقديمات وتختلف نسبة الحسومات بين جامعة وأخرى منحا كاملة لعدد من ومعهد وآخــر ،وفي حين يقدم البعض ً معينة. المستفيدين ،يقدم آخرون حسومات بنسب أما الجامعات ّ والمعاهد التي يشملها التعاون مع الجيش فهي: الجنان ( ،)JUالحكمة ( ،)SAGESSEالجامعة األميركية في بيروت ( ،)AUBالجامعة األنطونية ،الجامعة اللبنانية الدولية ،جامعة القديس يوسف ( ،)USJالجامعة اإلسالم ّية في لبنان ،الجامعة اللبنانية األميركية ( ،)LAUجامعة البلمند ( ،)UOBجامعة الروح القدس -الكسليك ( ،)USEKالجامعة العربية المفتوحة (،)AOU الجامعة اللبنانية الكندية ( ،)LCUالجامعة األميركية للعلوم والتكنولوجيا ( ،)AUSTجامعة بيروت العربية ( ،)BAUالمعهد العالي لألعمال .ESA يضاف إلى من سبق ذكرهم ،المديرية العامة للتعليم المهني والتقني ،المركز التربوي للبحوث واإلنماء ( ،)CRDPجمعية رودز فور اليف. تزيد قوة الوطن بقوة أبنائه ،ولن يكون الوطن قو ًيا ولن يقوم إال بعقول أبنائه المصقولة بالعلم والمعرفة ،هذه هي عقيدة القيادة التي تواصل مساعيها لتنشيط التعاون بين المؤسسة العسكرية والجامعات والمعاهد ،بهدف تبادل الخبـرات في مختلف المجاالت ومواكبة االختصاصات المتنوعة لتنمية المعارف وتطوير القدرات العلمية للمنتمين إليها ولعائالتهم.
قضايا وطنية نينا عقل خليل
تعددت األسباب والوجهات... ّ غصتنا» «السفر قصتنا ...السفر ّ يفقد لبنان نخبة من شبابه وأدمغته ،وهو ينوء تحت ثقل اقتصاده المتدهور ،وتشهد البالد بألم خسارة كفاءاتها األساسية في ّ لحة وإلى كل القطاعات .فدرجات اليأس المتقدمة ،وانسداد األفق ،وكذلك مش ّقة الوصول إلى الخدمات العامة ُ والم ّ ً ّ وتبخر قيمة األجور ،تسببت بتشتيت شبابنا في مختلف أصقاع األرض بحثا عن آفاق جديدة، األموال المودعة في المصارف وفرص عمل ،واستقرار لم يعد متواف ًرا في لبنان. بعیدا عن هذا المستنقع» ،بهذه لنؤمن مستقبلنا «نهاجر ً ّ الكلمات ع ّبر الطبيب جان ف .الذي كان یعمل كطبیب جراح في أحد مستشفیات العاصمة عن خيبته ،معل ًنا أ ّنه ینوي السفر إلى فرنسا لیكمل عمله هناك على أمل أن یحصل على الجنسیة الفرنسیة .فبعد انفجار الرابع من آب ق ّرر «مغادرة البالد إلى غیر رجعة »...بالطبع هو واحد من أطباء ُك ُثر اتخذوا هذا القرار ،لكن الهجرة باتت مطلب غالبية الشباب في القطاعات المختلفة. منال .ح (صاحبة صيدلية) هي األخرى ّ خططت لمغادرة البالد بسبب األزمة االقتصادية وإغالق العديد من الصيدليات أبوابها في السنتين الماضيتين .وهي تبدو متأكدة أ ّنها ستجد العديد من الفرص المتاحة في الخارج. عاما) ،زوجته إيلي خً 55( . عاما) رب عائلة لديه ولدان ( 17وً 20 ممرضة في أحد مستشفيات العاصمة ،ضاقت األحــوال بهما، فد ّقا أبواب السفارة البلجيكية طل ًبا للهجرة إليها مع ولديهما، حد قولهما. فاألقساط هنا باتت «تكسر الظهر» ،على ّ الشباب ُمح َبطون أن السبب عاما – طالبة حقوق) ّ بدورها ،توضح منى مً 23( . الكامن وراء سفرها إلى لندن هو «عدم تقدير كفاءة الشباب العلمية بعد التخ ّرج ما يضطرهم إلى العمل في وظائف دون
70
مستواهم األكاديمي كي يتمكنوا من تأمين لقمة العيش». والسبب نفسه دفع عاما) إلى طلب مصممة األزياء مابيل حً 25( . ّ الهجرة ،وكذلك األمر بالنسبة إلى طالب الهندسة المعمارية جو عاما) ،الذي يتحدث عن انعدام العدالة في توزيع فرص خً 23( . (30 ع. ومحمد العمل. عاما) الذي لم تسعفه شهادته في إدارة ً األعمال في تأمين فرصة عمل ،يتحدث عن استحالة تحقيق اآلمال والطموحات في لبنان حال ًيا ،والحل بنظره هو الهجرة .ماريا ص. عاما) ،طالبة في قسم الرياضيات في الجامعة اللبنانية، (ً 20 لذا ا، ء سو واألمنية االجتماعية األوضاع تزداد أن تخشى قدمت ّ ً مدة طلب إكمال الدراسة في فرنسا وكانت النتيجة إيجابية، منذ ّ ومن المتوقع أن تنتقل للعيش هناك قري ًبا. الهجرة الثانية تقول نانسي ف .التي كانت قد عادت وعائلتها إلى لبنان في العام 2015بعد أن أمضت وزوجها سنوات طويلة في قطر: ً «الغالء بات فاحشا ،ليس فقط بالنسبة إلينا ،بل بالنسبة إلى الجميع .لم نعد قادرين على تأمين األساسيات ألوالدنا» .وتضيف: «في السنوات الثالث األخيرة التي أمضيتها في لبنان رأيت الويالت واكتشفت أني غير قادرة على العيش هنا» .وها هي تستعد اليوم للهجرة مجددا ،لكن هذه المرة إلى كندا. ً
هذه النظرة السلبية تكاد تختصر واقع حال اللبنانيين في ظل أوضاع يعتقد معظمهم أ ّنها لن تتغير وهي تتجه نحو األسوأ. موجات متتالية شهد لبنان على م ّر التاريخ موجات متعددة من الهجرة بد ًءا من أيام العثمانيين عندما كان الكثيرون يركبون البواخر وينتهون في دول غير الدول التي اعتقدوا أنهم ذاهبون إليها .حينذاك كان الفقر هو ما يدفع الناس إلى الهجرة .وشهد لبنان هجرة كبيرة في أواخر القرن التاسع عشر امتدادا حتى فترة الحرب العالمية األولى ً أن 330ألف شخص هاجروا من جبل قدر ّ ( )1916 - 1865حيث ُي ّ لبنان آنذاك .كما شهد موجة كبيرة أخرى خالل الحرب األهلية ُقدر أعداد المهاجرين في تلك اللبنانية ( ،)1990- 1975حيث ت ّ الفترة بحوالى 990ألف شخص. ّ لكن كثيرين ممن عايشوا الحرب يقولون إنه على الرغم من ّ أهوالها لم يكن هناك ضيق اقتصادي بحجم الضيق الذي يمر به لبنان حال ًيا .فما تشهده دولة لبنان اليوم في ذكرى المئة سنة على تأسيسها هو أكبر أزمة مالية واقتصادية ومصرفية في تاريخها. أرقام مخيفة أن تشير األرقام التي نشرتها «الشركة الدولية للمعلومات» إلى ّ عدد اللبنانيين الذين سافروا في العام 2019ولم يعودوا وصل إلى 61,924لبنان ًيا مقارنة مع 41,766لبنان ًيا خالل الفترة ذاتها من العام ،2018أي بزيادة 20,158مواط ًنا وما نسبته .%42 ّإل أ ّنه في العامين 2020و ،2021تزايد عدد المغادرين بنسبة تفوق الـ .%40ولوحظ تسارع وتيرة هجرة الشباب الذين سارعوا إلى تقديم طلبات الهجرة واللجوء إلى كندا وفرنسا وأستراليا والواليات المتحدة األميركية وبعض دول أوروبا ،مرو ًرا بتركيا أن لبنان سيكون أمام وقبرص واليونان .كما تشير التوقعات إلى ّ موجات جديدة من الهجرة نتيجة تسارع وتيرة االنهيار المالي، وفي ظل غياب االستقرار السياسي والقلق األمني .تُضاف إلى كل ذلك ،حاالت التهريب والهجرة السر ّية بواسطة القوارب للهروب بح ًرا في اتجاه قبرص وتركيا واليونان. مؤشرات مقلقة ن ّبهت دراسة صادرة عن «مرصد األزمة» في الجامعة األميركية أن األزمة اللبنانية وتداعياتها على في بيروت ( )2021/8/31إلى ّ كل جوانب العيش ،تُنذر بعواقب طويلة األمد من خالل الهجرة أن «لبنان يشهد منذ أشهر الكثيفة المتوقعة .وأشار التقرير إلى ّ ً ارتفاعا ملحوظا في معدالت الهجرة والساعين إليها». ً وذكر التقرير وجود مؤشرات الهجرة الكثيفة للمتخصصين والمهنيين ،وبخاصة من العاملين والعامالت في القطاع الصحي
عاما ،وفق كأطباء وممرضين (تراوح أعمارهم ما بين الـ 35وً 55 نقابة أطباء لبنان في بيروت) .كذلك ،أشارت نقابة الممرضات والممرضين إلى هجرة 1600ممرض وممرضة منذ .2019وال يختلف الوضع في القطاع التعليمي الذي هاجر المئات من العاملين فيه إلى دول الخليج وشمال أميركا .ففي الجامعة األميركية في بيروت وحدها ،على سبيل المثالُ ،سجل خالل سنة رحيل 190 ً أستاذا يشكلون حوالى 15في المئة من الجسم التعليمي .وعلى بأن أرقام نقابة المهندسين صعيد قطاع الهندسة ،يقول التقرير ّ أن متوسط عدد المهندسين الذين َي َو ّدون الحصول تشير إلى ّ تخولهم العمل في الخارج ارتفع ليراوح ما بين الخمسة على إفادات ّ والستة مهندسين يوم ًيا. الخسارة الفادحة ّ تلخص مجلة «فورين بوليسي» األميركية انعكاسات الهجرة التي تزايدت مع استفحال األزمة في لبنان ،بخسارة المهنيين الذين يقدمون الخدمات األساسية ،مثل :األطباء ،والممرضات، والمهندسين ،وكذلك األكاديميين ورجال األعمال ،الذين كانوا من المغادرين األوائل للبنان بعد أن تل ّقوا عروض عمل تؤمن لهم ولعائالتهم حياة الئقة. في إطار مماثلّ ، حذر البنك الدولي من أن هجرة األدمغة أصبحت يائسا أن التدهور الحاد بشكل متزايد في لبنان ،مشي ًرا إلى ّ خيا ًرا ً ٍ في الخدمات األساسية سيؤدي إلى تداعيات طويلة األمد ،بما في ذلك الهجرة الجماعية .وسيكون من الصعب للغاية إصالح الضرر الدائم الذي يلحق برأس المال البشري. أن الطفرة الحالية في وفي السياق ذاته ،يقول خبراء أميركيون ّ هجرة العقول ،سيكون لها تأثير دائم على بلد يعاني من عدد أن هروب رأس المال البشري سيؤدي كبير من األزمات ،مضيفين ّ إلى تفاقم انهيار االقتصاد المنهك بالفعل ويعيق انتعاشه. االنعكاسات النفسية للهجرة في أطروحتها «صدمة الهوية غير المكتملة» التي بحثت في االنعكاسات النفسية للهجرة ،تناولت الدكتورة واألستاذة الجامعية والمعالجة النفسية المتخصصة بعالج النفس العيادي الدكتورة ماري-أنج نهرا مرعي ،مفهوم الهجرة في علم النفس ،واعتبرت أ ّنه كسر االرتباط مع البلد األم .فاإلنسان عندما ينتقل من بلد آلخر ال يغ ّير فقط جغرافية المكان ،بل يغ ّير ً أيضا الكثير من األشياء في جدا على أجيال وأجيال. ركائز شخصيته ،ويكون وقع ذلك مؤذ ًيا ً ّ وتضيف :عند مغادرة الوطن ،يشعر الفرد بالحماسة ،ويتسلح بالجرأة وإن كان ال يعلم ما ينتظره ،وتكون لديه القدرة على التأقلم .وهذه سمة تم ّيز اإلنسان اللبناني ،المستعد لتحمل كل ّ فمن يمكنه الصعاب أينما وجد .ولكن االنكسار يكون عند العودةَ . ً االنتماء إلى أي بلد في العالم يكون انتماؤه الوطني ضعيفا،
71
وثقافته في األساس ّ هشة .فهو يترك بلده سع ًيا وراء المال، أي المادة ،ولك ّنه ال يدرك ما يخسره معنو ًيا وأسر ًيا وعاطف ًيا واجتماع ًيا... أما عن النواحي اإليجابية للهجرة ،فتلخصها الدكتورة مرعي بالقدرة على التأقلم ،والسعي وراء الحلم ،والثبات وتحقيق الرغبات واألحالم ،فمن اللبنانيين َمن أصبحوا في مراكز قيادية ،لديهم صدم القدرة على اإلبداع .ولكن على الرغم من كل النجاحات ُي َ بعيدا عن بلده ومجتمعه. يوما ما بأ ّنه حقق كل شي ً المهاجر ً وفي تناولها موضوع العودة وتأثيراتها ،تطرح الدكتورة مرعي السؤال األهم :لو عاد الفرد المهاجر فهل سيعود بالعقلية نفسها أن البلد لم يتغير التي غادر بها؟ وتجيب :عند العودة سوف يعتقد ّ ولكن هو من تغ ّير .فعقارب الساعة توقفت عند زمن المغادرة وهنا يصطدم بواقع مختلف كل ًيا عن الذي يتخ ّيله بعقله .فيرى بالتالي فر ًقا شاس ًعا بين تخ ّيالته والواقع األليم الذي يكتشفه ،من هنا تو ّلد العودة الشعور بخيبة األمل، وأن الشخص يكون خصوصا ّ ً قد خسر معتقداته القديمة ولك ّنه في الوقت نفسه غير مقتنع يتبن شي ًئا منها ً َّ أصل .وتستمر الخيبة بمعتقداته الجديدة ،ولم أن المجتمع ال عندما يبحث في خياراته المهنية في بلده ويجد ّ يعطيه الفرص التي أعطاه إياها الخارج ،ويلمس وجود ُبعد شاسع بين تخ ّيالته والواقع األليم الذي يكتشفه .الشعور بالخيبة يترافق مع الشعور بضياع في الهوية .فالمهاجر يتخلى عن هويته األولى ويتمسك بالهوية الثانية ،وعندما يعود يحاول استعادة األولى التي لم تعد موجودة ،فيصبح بالتالي كأ ّنه في األرض القاحلة. وهذا ما يشكل خط ًرا على الشعور باالنتماء ،فالمغترب عند عودته يشعر بالحيرة بين االنتماء إلى وطنه األم ووطنه الثاني ،ما يسبب اضطرا ًبا في الهوية. وعن تأثيرات الهجرة إلى الدول األبعد جغراف ًيا ،تؤكد الدكتورة مرعي أ ّنه « عندما تبعد المسافات جغراف ًيا تبتعد بالتالي نفس ًيا، أن ثقافة البلدان البعيدة عنا مختلفة وتصبح العودة صعبة .كما ّ عن ثقافتنا وال توجد قواسم مشتركة بيننا وبينها ،لذلك تبقى الهجرة إلى البلدان العربية أسهل بكثير. أجمل األوطان! تقدم لعبة الوقت التي تخلق عند المهاجر عقدة ُيضاف إلى ما ّ تضخيم الماضي ،فيرى الوطن في غربته أجمل األوطان ...وعندما جدا .في هذا يعود إليه يكتشف واقع األمور وتكون صدمته كبيرة ً تمت اإلطار تشير الدكتورة مرعي إلى ّ أن العديد من األشخاص ّ معالجتهم نفس ًيا بعد أن خاب ظ ّنهم بالبلد ،فاختفت عالقة الحب مع الوطن التي شعروا بها عندما كانوا بعيدين عنه. أن هنـاك س ّلـة من المفاهيم وتشيـر الدكتورة مرعي إلى ّ الجديدة يحملها المهاجر معه عند العودة تتناقض تماما مع ً المفاهيم التي ترعرع عليها ،فالقناعات تختلـف .وهـذا ما يؤدي
72
إلى زعزعـة قناعـات الوطن األم ويغ ّيـر حبكة المجتمع الداخلية، ويصيبها بالتخلخل. هل من حلول؟ أن الحلول تقع على مستو َيين وطني ترى الدكتورة مرعي ّ واجتماعي .في الشق الوطني ،على الدولة اعتماد سياسة عامة في مختلف وزارات الدولة لتحفيز الشباب من خالل المناهج الدراسية على التعلق بوطنهم وترسيخ انتمائهم إليه .ومن جهة ثانية يجب االهتمام بمؤهالت الشباب من خالل توفير بعض االمتيازات كوسائل النقل والمسكن والتأمين الصحي ...وفي الشق االجتماعي ،يمكن تقديم المساعدات المادية واللوجستية لهؤالء الشباب لح ّثهم على البقاء في أرضهم ،وتوفير فرص العمل ً فضل عن القضاء واستثمار بعض المشاريع المنتجة في بلدهم، على المحسوبية وتحقيق مبدأ المساواة والعدل ...والقوانين قد تسهل تحقيق االنتماء الوطني واالندماج في العمل داخل المجتمع ّ أو تزيد من صعوبة هذه العملية .وأخــيـ ًرا ،كمعالجة نفسية دائما متخصصة بعالج النفس العيادي وكمرشدة اجتماعية ،أقترح ً تنمية الروح الوطنية عند اإلنسان منذ الصغر ،كي يتكون لديه حس المواطنة السليمة ،ويترسخ حبه لبلده مهما كانت الظروف صعبة ،فالتمسك بالوطن أمر ضروري ،فهو الذي يحضن األهل واألجداد. قد ًرا لنا نحن اللبنانيين؟ هل يتحول وطننا إلى هل تبقى الهجرة َ مأوى لكبار السن الذين أفنوا عمرهم لتأمين مستقبل ألوالدهم فإذ بهم في شيخوختهم أسرى الوحدة والشوق ألبناء باتوا خلف البحار البعيدة؟ السؤال صعب والجواب أصعب .فإذا لم تقم في هذا الوطن دولة عصرية عادلة قادرة على توفير فرص العيش بأن لهم وط ًنا بكرامة لمواطنيها ،من المستحيل أن يشعر أبناؤنا ّ فإن بقاء هذا الوطن رغم يجب أن يتمسكوا به .لكن في المقابل ّ كل المحن التي مر بها هو نتيجة وجود من يناضلون ألجله من أبنائه ،هنا وهناك في كل أصقاع العالم...
تداعيات الهجرة تعدد الدكتورة ماري-أنج مرعي ،أبرز تداعيات الهجرة ّ وهي :الخلل الديموغرافي ،خسارة العنصر الشبابي ،تفريغ العديد من المناطق من سكانها ،زعزعة االقتصاد الوطني، وغياب العديد من المشاريع الصناعية والزراعية مع رحيل الكفاءات واألدمغة ،أضف إلى ذلك التفكك األسري مع ترك األبناء لوالديهم ،وأخي ًرا الفصام في المجتمع اللبناني بين المقيمين والمهاجرين إذ تختفي ُّ ّ اللحمة وتحل الطبقية بفعل تدهور العملة الوطنية.
من واقع الحال ندين البلعة خيراهلل
حديث اقتصادي مع أوالدنا! «ماما ليش ما فينا نشتري هيدا الشوكوال؟ ليش ما فينا نروح نحضر مسرح؟ ليش ما فينا نشتري هيدي اللعبة؟». عادت المدارس بعد عامين من اإلقفال ،وعادت معها متعة اللعب مع الرفاق والتسابق للشراء من «دكانة» المدرسة .ولكن الخمسمئة واأللف ليرة باتت من دون قيمة ...حتى الخمسة آالف ليرة ما عادت ً تشتري علكة .األزمة االقتصادية ألقت بحملها على الجميع، وفجأة تغ ّير نمط الحياة وتراجعت القدرة الشرائية ،وارتفعت األسعار ً تحمل ثقل هذه األزمة ،فما حال األوالد الذين ُحرموا فجأة كل ما يح ّبونه؟ بشكل جنوني .وإن كان البالغون غير قادرين على ّ ٍ السؤال الذي يطرحه األهل :كيف أشرح ألوالدي الوضع الذي نم ّر به وأجعلهم يتأقلمون معه؟ هل يمكن أن يفهم األوالد حدي ًثا اقتصاد ًيا؟ األطفال ال يشعرون باألزمة تشرح اختصاصية علم النفس العيادي والمعالجة النفسية لشؤون أن األطفال ال يشعرون باألزمة كما العائلة الدكتورة ماري -أنج نهرا ّ الكبار ،أي أ ّنهم ال يشعرون بالمسؤولية وال بالقلقّ ،إل إذا جعلناهم نتحدث عن سن الطفولة ،نعني من نحن يشعرون به. وتحدد :حين ّ ّ عمر صفر وحتى 10سنوات ،فمن بعدها ندخل في سن المراهقة ً األكثر قدرة على استيعاب الواقع وفهم تبعاته ومناقشة مواضيع جدية. عائلية أو اقتصادية أكثر ّ بدورها ّ تركز المعالجة النفسية ريما بجاني على دور المدارس في تنظيم المسموح والممنوع في المصروف وما يحق للولد شراؤه. ولكن الدور األساسي هو لألهل وفي رأيها ،فعليهم معالجة قلقهم ً ً صحيحة إليصال الرسالة ألوالدهمً . مثل ،ال طريقة لكي يمتلكوا يمكننا أن نقول لهم «ما معنا مصاري»« ،مش قادرين»« ،خلصت هيديك اإليام» أو «ب ّيك عم يتعب ت يط ّلع مصاري مش تتصرفا تحمل عالفاضي»!! ولكن في الوقت نفسه علينا أن نشرك الولد في ّ المسؤولية من خالل تأمين الحاجات األساسية ووضع برنامج لألمور اإلضافية واالتفاق حولها. كيف نتص ّرف؟ تعدد الدكتورة نهرا ما يجب أن يقوم به األهل تجاه أوالدهم في ّ هذه الظروف: -1اإلجابة بصراحة وصدق عن جميع األسئلة التي يطرحها الطفل ،من دون كذب أو مراوغة ،ومن دون الدخول في تفاصيل دقيقة قد تشغل باله أو تسبب له قل ًقا إضاف ًياً . مثل :لماذا ال يمكنني شراء هذه اللعبة؟ نكتفي بالقول إ ّنها باهظة الثمن وال نملك حال ًيا ثمنها ولكن قد يتغير الوضع الح ًقا ونشتريها .وفي االنتظار لديك ألعاب أخرى أو طرق أخرى ل ّلعب ،فاستفد منها لتبقى سعيدا ألنني ً
فرحا مع هذه اللعبة أو من دونها. أتمنى أن تبقى ً ا ي نفس -2تحضير الولد وتدريجا للتغ ّيرات الطارئة (كوباء كورونا ً ً أو غيره) ،وعدم منعه من ممارسة بعض األمور بشكل مفاجئ. ٍ ً فعوضا عن حرمانه المشاوير الترفيهية من دون سبب ،نفهمه أ ّننا نتج ّنب االحتكاك باآلخرين بسبب الوباء واألمراض في هذه الفترة، ونستبدل هذه المشاوير بألعاب مبتكرة داخل المنزل (نجد أفكا ًرا كثيرة على اإلنترنت). -3شرح األفكار على شكل قصة بسيطة يتق ّبلها عقله من دون تخويف أو زيادة القلق .واألهم أن نكون موضوعيين عند إخباره القصة أي علميين ،حتى ال ننقل إليه قلقنا وخوفنا واكتئابنا .فيمكن ً مثل أن نع ّلل سبب عدم شراء شوكوال مع ّين بأ ّنه باهظ الثمن، بسبب سفره عبر القارات للوصول إلى لبنان عبر البحر ما يزيد من كلفته ...هذه القصص يفهمها الولد ويح ّبها ويتع ّلق باألبعاد ً الواقعية للمغامرة التجارية ،ما يعطيه سن فكرة عن االقتصاد في ّ مبكر. صنعت في -4إتاحة خيارات بديلة عن األمور الباهظة ،قد تكون ُ لبنان ،أو حلويات صحية كالفواكه أو الكيك المصنوع في المنزل والذي يشارك هو في صنعه .مما يضفي أجواء السعادة والتضامن والثقة بالذات في العائلة. -5من هم ضمن فئة عمرية أكبر ،نحاول إشراكهم بالمسؤولية ادخار المال وعدم صرف كل ما يحصلون عليه وتعليمهم كيفية ّ ً السد الذي نبنيه لنستفيد من قصة مثل الولد كمصروف .قد نخبر ّ مياه األمطار حتى ال تذهب هد ًرا ،وكذلك عليه أن يستفيد من جزء ليدخره كما لو كان كنزه المخ ّبأ من المصروف الذي يحصل عليه ّ بأمان. ويبقى األهم ً أول وأخي ًرا ،عدم إدخال أوالدنا في دوامة القلق من المستقبل واألمور المع ّقدة سياس ًيا والتي ال يستطيعون ً أصل فهمها أو تبريرها في منطقهم الطفولي .كما ّ يفضل أن يسعى األهل إلى تعويض النقص المادي باالهتمام العاطفي والحب واالحتضان، ّ ما سدا نفس ًيا مني ًعا ألطفالنا في وجه كل تحديات الواقع يشكل ًّ والتقلبات غير المنتظرة.
75
ثقافة وفنون
جان دارك أبي ياغي
فيروز وما فوق الجمال تستمر فيروز في إغــراء الباحثين الذين يحاولون إلقاء الضوء على الحالة الجمالية التي ّ تمثلها من زوايا مختلفة. وبعد العديد من الكتب واألطروحات التي صدرت في أميركا وأوروبا والعالم العربي ولبنان ،ناقشت رئيسة تحرير مجلة «الجيش» الزميلة إلهام نصر تابت ،أطروحة دكتوراه في العلوم االجتماعية بعنوان «الظاهرة الفيروزية :مك ّوناتها جدا مع وتأثيراتها» ،ونالت شهادة الدكتوراه بدرجة ج ّيد ً تهنئة اللجنة ،وتوصية بنشر األطروحة ،التي اع ُتبرت «إنجا ًزا تقدم في المعهد». استثنائ ًيا وعالمة فارقة بين األبحاث التي ّ ضمت اللجنة الدكاترة :بسام الهاشم مشر ًفا وناصيف نعمة ّ مروة، ً رئيسا ،واألعضاء شوقي عطية ولبنى طربيه وزينب ّ وتمت المناقشة في المعهد العالي للدكتوراه في كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية -الجامعة اللبنانية. في خضم الواقع المرير الذي نعيشه أتى هذا العمل ليعيد تذكيرنا بلبنان الجميل ،لبنان الثقافة والحضارة والجمال الذي زرعت حنجرة فيروز صورته البهية في وجدان أجيال وأجيال من اللبنانيين والعرب ،وحملتها إلى أصقاع العالم. نجمة األجيال المتعاقبة أن حضور فيروز على وتوضح الباحثة في مقدمة أطروحتها ّ الساحة الف ّنية وفي الوجدان الجماعي للبنان ّيين والعرب، ً ّ ظاهرة تستحق مشك ًل يستمر على مدى نحو سبعة عقود التحوالت كلها أن فيروز وسط الدراسة والتحليل .وتشير إلى ّ ّ متوهج لبنان ًيا وعرب ًيا وعالم ًيا، ما زالت محافظة على حضور ّ التحول ،أو كأ ّنها نجمة األجيال وكأ ّنها عالمة ثبات في أزمنة ّ المتعاقبة .ففي صيف ،2018اعتبرتها قائمة مجلة فوربس االقتصادية األميركية للنجوم العرب على الساحة العالمية نجمة «فوق التصنيف» ،ووضعتها في مرتبة استثنائية فريدة هي «أعظم نجوم الفن-الذين ما زالوا على قيد الحياة -لكل ّ تشكل حد ًثا العصور» .All-Time Greatأي حفلة تحييها فريدا ،أي ذكر لها يح ّرك وسائل اإلعالم ويثير في مواقع ً التواصل االجتماعي عاصفة ال تهدأ بسهولة. أن رئيس الجمهورية الفرنسية ومن األمثلة في هذا السياقّ ، إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان مرتين في أقل من شهر عقب انفجار مرفأ بيروت في 4آب ،2020ختم زيارته األولى
78
ّ واستهل زيارته الثانية عشية مئوية بعبارة «بحبك يا لبنان»، لبنان الكبير ،بلقاء فيروز في منزلها ،حيث قلدها وسام جوقة الشرف من رتبة قائد ،وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا. وقد شغلت هذه المبادرة وسائل اإلعالم المحلية والعالمية ومواقع التواصل االجتماعي أليام ،وقيل الكثير عن دالالتها، وعن فيروز كرمز وطني ال يختلف عليه اللبنانيون. الدوافع واألسباب إن أبرز ما دفع الباحثة إلى اختيار هذا الموضوع هو كون ّ األبحاث التي ُأجريت ساب ًقا حول الظاهرة المعنية بهّ ، ركزت قدمتها فيروز مع األخوين بشكل أساسي على األعمال التي ّ رحباني ،من زاوية جماليتها الشعرية واألدبية ومضامينها ً قدمته على صعيد التجديد الوطنية واإلنسانية، فضل عما ّ أن ثمة في مجاالت الموسيقى والغناء والمسرح الغنائي .ومع ّ إجماعا لدى كل الذين تناولوا هذه الظاهرة على جمالية صوت ً فيروز ،لم تجد الباحثة من بينها ما يتناولها سوسيولوج ًيا المتل ّقين ،أو تأثير أدائها من زاوية تأثير صوت فيروز في ُ وشخصيتها ومسلكيتها في الفن والحياة في جمهورها. لذلك رأت أ ّنها أمام ظاهرة ف ّنية ثقافية قد يستوجب فهمها مزيدا من القراءات. وتفسيرها ً إشكالية البحث ً ســؤال أساس ًيا مفاده« :كيف طرحت إلهام نصر تابت استطاعت فيروز التي َب َن ْت شهرتها في حقبة مع ّينة ،لها طابعها التاريخي والثقافي واالجتماعي ،أن تحافظ على مما شهدته هذه نجوميتها خالل عقود متواصلة ،على الرغم ّ
وتطورات ،على مستويي الواقع العام العقود من تغ ّيرات ّ وإنتاج الفن وتلقيه» .وتف ّرعت من هذا السؤال عدة أسئلة، وضعت البحث «أمام إشكالية التعارض بين واقع الصورة األيقونية التي ارتسمت لفيروز ،انطال ًقا من عملها مع األخوين رحباني ،وواقع استمرار هذه الصورة بعد افتراقها قدمها بصورة مغايرة. عنهما وعملها مع زياد رحباني الذي ّ أن مكانة فنان أو عمل ف ّني معين تتغير مع فمن المعلوم ّ ً لكن مسيرة فيروز حافظت تحوالت الزمن صعودا أو هبوطاّ ، ً بد من على مكانتها طوال عقود متواصلة .وبالتالي ،كان ال ّ التفكير في دور العوامل التاريخية واالجتماعية والثقافية في صنع الظاهرة الفيروزية ،مقابل دور موهبة فيروز وشخصيتها ومسلكيتها الفنية واإلنسانية في المجال نفسه». وخلص البحث إلى «تأكيد فرضيته األساسية التي قالت بوجود عالقة بين صوت فيروز وأدائها وحضورها وبين شعور المتلقين بالجالل والرهبة واالنبهار ،ما يجعلها رافعة والملحنين الذين عملت معهم جمي ًعا». فنية للمؤ ّلفين ّ أن «قدرة فيروز على التأثير العميق في واستنتجت الباحثة ّ ثقافات وبيئات وفئات أعمار مختلفة ،نابعة بدرجة أولى من الحالة الجمالية االستثنائية التي تمثلها ،وهي الحالة التي يصفها الفيلسوف كانط بما فوق الجمال أو بالجالل. وهذا الجالل يستند إلى مواهب فيروز وخبراتها من جهة وإلى مسيرتها المج ّللة بهالة من النقاء والقدسية في نظر المتلقين من جهة أخرى». في النتائج تضمنت األطروحة ثمانية فصول مع ّززة بمئات المراجع، وقامت الباحثة من خالل أربعة منها بعمل توثيقي تحليلي، تناولت فيه :اإلطــار التاريخي الــذي نشأت فيه الظاهرة الفيروزية ،ومسيرة فيروز مع األخوين رحباني ،وصورة الوطن كما عكسته أعمالها معهما وصورتها بصفتها البطلة المطلقة في هذه األعمال ،ومن ثم عرضت مسيرة فيروز المستمرة ً فصل بعد انفصالها عن الرحبانيين .كما خصصت الباحثة للدراسة الميدانية التي أجرتها «بهدف الولوج إلى وجدان الفيروزيين والوقوف على أسباب تع ّلقهم بفيروز وتقديرهم االستثنائي لها ،ومحاولة التمييز بين ما هو اجتماعي منها وما يعود إلى فرادة الفنانة .وقد ضمت هذه الدراسة ع ّينة شخصا ينضوون في مجموعات فيروزية على مؤلفة من 560 ً موقع فيسبوك ،باإلضافة إلى 16مقابلة». أن إعجاب الفيروزيين بمطربتهم وبينت هذه الدراسة ّ
حصل بالنسبة لغالبيتهم في عمر الطفولة ،وفي أجواء المنزل العائلي ،وكان التأثير شديد الوضوح لدى من اقترن سماعهم لها ألول مرة بمشاهدتها على شاشة التلفزيون أو في المسرح ،ما دفعهم إلى التع ّلق بها. كما ب ّينت هذه النتائج أ ّنه من بين عناصر األغنية المتمثلة بالشعر والموسيقى وصوت المغنيـة وأدائهـا ،يمـارس صـوت فيـروز التأثيـر األقـوى لـدى جمهورها .هذا الصوت الذي جعل ً مذهول حليم الرومي يرمي العـود من يده ويستمـع إليها حين كان بصـدد إجراء اختبار ألهليتها للعمل كمطربة في اإلذاعة اللبنانيـة ،ما زال يمـارس التأثير نفسه على الماليين منذ سبعين سنة. األيقونة الحية أما بالنسبة إلى صورة فيروز لدى جمهورها فبينت الدراسة أن الرمزية القوية لفيروز تؤشر إلى استمرارية الميدانية ّ صورتها كأيقونة كما عكستها كتابات النخب الثقافية واإلعالمية على مدى عقود ماضية ،وهي صورة ال تنفصل عن تلك التي تظهرت من خالل أدوارها المسرحية .ويبدو أن الصورة ترسخت وباتت تنتقل من جيل إلى جيل ،فوصف ّ فيروز كرمز جاء من مختلف الفئات العمرية ،وإن كانت الفئة األصغر قد رأتها بدرجة أولى رم ًزا فن ًيا. وتنسجم الصفات التي ُأعطيت لفيروز مع الصورة األيقونية التي ُرسمت لها ،ففي طليعة هذه الصفات نجد النقاء ،ومن ثم الوطنية ،فالبساطة والقداسة والحلم والوفاء والترفع ً وصول إلى القداسة سام، والصالبة ،أي أ ّنها تختزن كل ما هو ٍ خصها جمهورها بمكانة مميزة كرمز في نظر البعض .وقد ّ ً وقدر مسلكيتها الفنية والشخصية ،فضل عن وطني وفنيّ ، صبرها على آالم كثيرة ،وابتعادها عن صخب الحياة التي يعيشها عادة الفنانون والمشاهير. أخي ًرا ،نختتم هذا العرض بما قالته الباحثة في اإلهداء ،إذ أرادت هذا العمل الذي أتى في خريف العمر زهرة طموح وأمل دائما وقت لهن :هناك تقدمها إلى بناتها الثالث ،لتقول ّ ّ ً سندا ،دعمها وشجعها لإلنجاز .وإلى زوجها الذي كان لها ً على المتابعة واالستمرار ،في لحظات قاسية أوشكت فيها على التراجع. وتقول ً أيضا« :هذا العمل هدية متواضعة للسيدة فيروز التي زرع صوتها الجمال في أعمارنا .وهو أخي ًرا تحية لروح الشاعر الكبير أنسي الحاج ،الذي فتح أمامي أبوا ًبا واسعة الكتشاف الحالة الجمالية االستثنائية التي تم ّثلها فيروز».
79
عبارة
َع َل ُم البالد تتم َمظاهر االحتفال باالستقالل َع َل ُم الدولة هو رمزها وعنوان سيادتها ووحدتها .وفي جميع البلدان ،ال ّ ً شامخا والمؤسسات .فطالما بقي والعروض العسكر ّية التي ُترافقه إال بارتفاع ال َع َلم الوطني فوق الساحات ّ أما في لبنان ،فعيد ال َع َلم الذي يأتي قبل ذكرى كانت كرامة الشعب محفوظة وسيادة الدولة مصانةّ . ً َ قيادة وشع ًبا ،إلى نيل استقاللهم وبناء سنوات سعى خاللها اللبنان ّيون، نضال بيوم واحد ،يختصر ٍ االستقالل ٍ وطن خاص بهم ،يح ّققون فيه أحالمهم بغد أفضل لهم وألوالدهم. َ واألرزة عدد من النواب ليك ّرسوا دما َء الشهداء فحين ننظر إلى َع َل ِمنا ،نستعيد اللحظة التي التقى فيها ٌ َ رئيسي الجمهورية والحكومة واألبيض الناصع رم ًزا للبالد ،وسط ُ تصاعد المشاعر الوطنية المنادية بتحرير َ كدولة كاملة السيادة ،ذات ومن معهم بعدما اعتقلتهم سلطات االنتداب ،ون ْيل لبنان استقالله الكامل ٍ َ اللبناني للم ّرة األولى في بشامون بعد اعتماده رسم ًّيا يومذاك رفرف ال َع َلم وحدود ّحد ٍ ٍ شعب مت ٍ معترف بهاَ . ّ ٍ من قبل حكومة االستقالل. َ إلى جانب لحظات النجاح هذه ،يختصر ال َع َلم ً ومراحل من الحروب جم ٍة أيضا صمود وطننا أمام ٍ صعوبات ّ والمآسي ،م ّرت عليه وتركت تداعياتها الثقيلة على أبنائه وخ ّلفت فيه دما ًرا كبي ًرا وأوقعت اآلالف من الجرحى مجددين التحية والشهداء ،لك ّنها لم ُتس ِقط األرزة من عليائها .فها نحن في العام 2021نحتفل باالستقالل ّ ّ المؤسسة تطو ْعنا في صفوف لل َع َلم ومؤكدين عهدنا بصون بلدنا ،ونستعيد معاني ال َق َسم الذي ّ أديناه يوم َّ ّ العسكر ّية. الظروف قاهرة وعصيبة ،واألزمة قاسية ترخي بظاللها على حياة اللبنان ّيين ومن بينهم عناصر الجيش، والمؤسسات العامة والخاصة صعوبة في متابعة عملها وتقديم خدماتها للمواطنين. فيما تواجه القطاعات ّ ٌ ٌ أن نفوس العسكر ّيين أب ّي ٌة تأبى َّ شامخة في عنفوانها كشموخ مخلصة ل َق َسمها ال تخون األمانة، الض ْيم، إال ّ ٌ ضنينة بدماء الشهداء األبرار وتضحيات الجرحى الذين بذلوا الغالي والنفيس ليبقى الوطن .وبوجود ال َع َلم، هذه التضحيات ،يبقى االستقالل مني ًعا عص ًّيا على العواصف والتحديات ،وسواعد رجال الجيش وعزائمهم التي ال تلين خير دليل.
العميد علي قانصو مدير التوجيه
82
83
84