سقوط_القلعة Flipbook PDF


97 downloads 109 Views 13MB Size

Recommend Stories


Porque. PDF Created with deskpdf PDF Writer - Trial ::
Porque tu hogar empieza desde adentro. www.avilainteriores.com PDF Created with deskPDF PDF Writer - Trial :: http://www.docudesk.com Avila Interi

EMPRESAS HEADHUNTERS CHILE PDF
Get Instant Access to eBook Empresas Headhunters Chile PDF at Our Huge Library EMPRESAS HEADHUNTERS CHILE PDF ==> Download: EMPRESAS HEADHUNTERS CHIL

Story Transcript

سقوط القلعة تأليف محمود سالم


٤٤ (٠) ١٧٥٣ ٨٣٢٥٢٢ :تليفون [email protected] :الإلكتروني البريد https://www.hindawi.org :الإلكتروني املوقع َّ إن ِّ مؤسسة هنداوي غري مسئولة عن آراء املؤلف وأفكاره، وإنما يعبر الكتاب عن آراء مؤلفه. تصميم الغلاف: وجدان توفيق ٩٧٨ ١ ٥٢٧٣ ٣٠٠٧ ٨ :الدولي الترقيم صدر هذا الكتاب عام ٢٠٠٥. صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٢. جميع حقوق النشر الخاصة بتصميم هذا الكتاب وتصميم الغلاف محفوظة ملؤسسة هنداوي. جميع حقوق النشر الخاصة بنص العمل الأصلي محفوظة لأسرة السيد الأستاذ محمود سالم.


المحتويات من هم الشياطني ال «١٣«؟ 7 أبطال هذه القصة 9 القلعة 11 أخطار كثرية! 19 سر البئر املسحور! 27 سر بئر يوسف! 35 ُّ الانفجارات املدمرة! 43


من هم الشياطين ال «١٣«؟ ً ل بلدا عربيٍّا. إنهم يقفون في وجه املؤامرات إنهم ١٣ فتًى وفتاةً ٌّ في مثل عمرك، كل منهم يُمثِّ َّ املوج َّ هة إلى الوطن العربي ... تمر ِّ نوا في منطقة الكهف السري التي لا يعرفها أحد ... أجادوا ً فنون القتال ... استخدام املسدسات ... الخناجر ... الكاراتيه ... وهم جميعا يُجيدون عدة لغات. ٍ وفي كل مغامرة ً يشترك خمسة أو ستة من الشياطني معا ... تحت قيادة زعيمهم َ الغامض رقم «صفر» الذي لم يره أحد، ولا يعرف حقيقته أحد. وأحداث مغامراتهم تدور في كل البلاد العربية ... وستجد نفسك معهم مهما كان بلدك في الوطن العربي الكبري.


أبطال هذه القصة رقم «١» :«أحمد» من مصر. رقم «٢» :«عثمان» من السودان. رقم «٣» :«إلهام» من لبنان. رقم «٤» :«هدى» من املغرب. رقم «٥» :«بو عمري» من الجزائر. رقم «٦» :«مصباح» من ليبيا. رقم «٧» :«زبيدة» من تونس. رقم «٨» :«فهد» من سوريا. رقم «٩» :«خالد» من الكويت. رقم «١٠» :«ريما» من الأردن. رقم «١١» :«قيس» من السعودية. رقم «١٢» :«باسم» من فلسطني. رقم «١٣» :«رشيد» من العراق. رقم «صفر»: الزعيم الغامض الذي لا يعرف حقيقته أحد!


القلعة ِصل َّ «أحمد» توج ُ ه إلى شارع «املعز لدين الله الفاطمي» بمنطقة الأزهر الآن ... وعندما تَ ِ من السائحني في انتظارك بجوار «باب زويلة»، راف ُ قهم على أنك املرشد ستجد مجموعةً ِ هم باحترام زائد وح ْرص شديد ... ُ السياحي امل َرس ِ ل لهم، من قبَ ِ ل وزارة السياحة، عاملْ ُ هم في جولة في منطقة القلعة، وستأتيك الأوامر ً تباع َ ا. لا تنس تليفونك املحمول رقم ُوخذْ «صفر». َّ وكما اعتاد الشياطني؛ بد َ ل «أحمد» ملابس ً ه ... وانطلق بسيارة صغرية خارجا من بوابة املقر دون مناقشة. ِ أخرى تقول: ««إلهام» عليك التواجد في املتحف في نفس الوقت تلقَّت «إلهام» رسالةً الحربي ... بجوار لوحة «محمد علي باشا» بالدور الأول ... في تمام الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق.» رقم «صفر». ولم يكن الباقي من الزمن كثريً َّ ا ... لذا فقد بد َ لت «إلهام» ملابس ً ها سريعا ... واستقلَّت هي الأخرى سيارةً صغرية، وانطلقَت تدور حول ميدان الرماية في اتجاه شارع «الهرم». َّ الثالثة، وكانت تقول: «توجه الآن إلى قلعة «صلاح الدين» ... وتلقَّى «عثمان» الرسالةَ وانتظر بجوار برج املراقبة الخشبي املواجه ملسجد «محمد علي»، ولا تنصرف حتى تأتيَك ً الأوامر ...» والتوقيع أيضا رقم «صفر». وكما فعل «أحمد» فعلَت «إلهام» ... ودون مناقشة الأمر أو التفكري فيه ... انطلق ٍ ه صاف ً تمام ً ا ... استعدادا للتعامل مع ما سيُكلَّف به من مهام. «عثمان» وذهنُ تصطف ٍ خلف بعضها في ازدحام لا يُنبئ عن ُّ ِ وعند نفق ُ «الجيزة» كانت السيارات َر ُ ت أعصاب الشياطني الثلاثة ِرب ِ انفراج ِ أزمة ٍ املرور في هذه املنطقة في وقت ٍ قصري ... فتوتَّ قُ


سقوط القلعة ٌّ هم في نفس الإشارة ... في نفس الوقت ... ولم يكن هناك مفر من ... فقد تصادف وقوفُ استخدام «السارينة» املميزة لسيارات الشرطة ... وقد كانت سياراتُهم مزودةً بها ... حتى تفسح السيارات الطريق ويتمكنوا من اللحاق بمواعيدهم. وفي طريق «صلاح سالم» تحادث ثلاثتُهم تليفونيٍّا ... وتوقَّعوا أن يلتقوا سويٍّا في َ نفس اليوم ... فهم ير َّ ون أن املهام التي خرجوا لها تكاد تكون في الواقع مهمة واحدة. َ وعند مدخل شارع الأزهر ... غادر «أحمد» شارع ً «صلاح سالم» متجها إلى منطقة ً «الغورية» وقد كان الشارع أيض ُ ا م ً زدحما للغاية ... وتحت كوبري الأزهر ترك سيارتَه وأسرع بصعود كوبري املشاة ... ليَ ُعبر الطريق إلى منطقة الغورية. ُّ إنها أجمل منطقة في «القاهرة الفاطمية»؛ حيث تضم «بوابة املتولي»، و«باب زويلة»، ومجموعة من املساجد الأثرية القديمة، وشوارع ما زالت تحتفظ بأسمائها القديمة، وكذلك ُ الحواري؛ كحارة «حوش قدم» حتى البيوت بمشربياتها امل َّحلاة بالأرابيسك. ورغم أنه يزور هذه املنطقة كثريًا ... إلا أنه في كل مرة ... يشعر وكأنه يزورها لأول مرة ولولا ميعاده عند «باب زويلة» ما خرج من هذه املنطقة ... قبل انقضاء اليوم. وكأنما كان السائحون يعرفونه ... فقد رآهم يبتسمون له في شغف ... فانتشى طربًا تْها صورة ... لَ تَ َ ... ورفع يديه يُحيِّيهم ... ثم توقَّف على مقربة منهم ... يلتقط لهم صورةً ِ فرفعوا آلات ً التصوير يصورونه أيض ً ا، فضحك قائلا لهم: يا لَها من تحية جميلة. ساروا على أقدامهم وانتقلوا من منطقة «الغورية» عبر سوق السلاح ... إلى منطقة َّ «القلعة» ... وكما نصت الأوامر ... فقد بدءوا الزيارة باملتحف الحربي ... وبني قاعدته الفسيحة الفخمة ... وردهاته الطويلة املكتظة حوائطها بعشرات اللوحات والصور التي تحكي تاريخ «مصر» السياسي والحربي ... سار الوفد ومعهم «أحمد»، وفي الثانية عشرة وعشر دقائق ... كانت «إلهام» تقف تحت لوحة مرسومة ل «محمد علي باشا»، ورغم رؤيته َ ا ... ومن بني أصابعها ... ظهرت ميدالية بها نقطتان تُضيئان لها إلا أنه لم يُِعرها التفاتً َّ بضوء أزرق ... وتحري «أحمد»، فماذا تقصد «إلهام» بهذا؟ غري أنه استمر في السري ... وعندما خرج من املتحف، اكتشف أن إحدى السائحات قد تخلَّفَت عن الوفد ... فانتحى جانبًا ... وطلب «إلهام» على التليفون املحمول يسألها َّ إن كانت هذه السائحة معها ... ولم يتحرك لاستكمال الزيارة ... إلا عندما اطمأن عليها َّ ت تتسر َ ب إليه ... فمن تكون تلك السائحة ... وما العلاقة بينها وبني َ ... إلا أن الحرية بدأ ُ الشياطني، وهل معها طرف ِخيط ُم ٍ همة ُ جديدة ... أم أنها هي املهمة الجديدة نفسها؟! 12


القلعة ً وعلى السطح العلوي للقلعة ... وبجوار مسجد «محمد علي» ملح أيضا «عثمان» يقف ً أمام برج املراقبة الخشبي ... وما إن رآهم ... حتى دخل البرج وانحنى مستندا على سوره َ ... ليشاهد َّ املنطقة الواقعة أسفل القلعة ... وتقدم بني أعضاء الوفد املرافق ل «أحمد»، ً ا ... ثم انبرى خارج ُ ا، وخلفه أحد السائحني، و«أحمد» ودخلوا البرج، فأفسح لهم مكانً ينظر لهما في حرية ... ولم يلاحظ وقتها أن أحد أعضاء الوفد كان يتابع ما يجري دون تعليق أو تساؤل ... ولم يسأل نفسه ملاذا لم ينتبه أعضاءُ الوفد لغياب السائحة الأولى ... َ وها هو سائح آخر يختفي ولا أحد ُّ يهتم ُّ فما السر َ وراء ذلك ... وبعد مكاملة قصرية عرف ً ت أتوبيسا سياحيٍّا يقف عند مدخل القلعة في انتظارهم ... لينقلَهم إلى أن إدارة املقر أرسلَ الفندق. وعند باب الأتوبيس وقف «أحمد» يراجع أعضاءَ الوفد أثناء صعودهم، فاكتشف تغيُّ َب َ ثلاثة أعضاء لا عضوين. َفصِعد إلى الأتوبيس ... وقام بمراجعة الجالسني ... ثم اتصل برقم «صفر» ... الذي َ أخبره بأن هناك من تخلَّف عن الوفد ... وعليه أن يتأكد من عدم وجوده في القلعة قبل أن يغادرها ... ويُبلغه بالنتيجة. ُ فطلب من أحد ض ً باط الأمن حراسة الأتوبيس ... وانصرف مسرعا يبحث عن الرجل َّ ... إلا أنه انتبه أنه لا يعرف هذا السائح ... فعاد يتفرس في وجوه املجموعة املوجودة في ٍ الأتوبيس حتى حفظهم ... ثم ابتعد بقدر ٍ كاف ً عنهم ... وفي مكان هادئ بعيدا عن عيون َ املارة، أخرج جهاز اتصاله ذا الشاشة ... واتصل باملقر ... يطلب منهم عرض صور أعضاء الوفد املرافق له؛ حتى يتسنَّى له اكتشاف الغائب منهم. وبالفعل ظهر على شاشة جهازه ... ما قامت به إدارة معلومات املقر، من عرض ِ صور أعضاء املجموعة من التنويه عن صور ٍّكل من السائحة التي انصرفَت مع «إلهام» والسائح الذي رافق «عثمان»، فقام «أحمد» بتخزينها على جهاز الكمبيوتر املحمول ... وبإعادة عرضها ... استطاع الوصول إلى السائح الهارب، فقام بالاتصال بإدارة الأمن للوصول إلى معلومات عنه ... إلا أن رقم «صفر» قطع ذلك الاتصال ... بالدخول بموجة َ الطوارئ على التليفون ... وطلب منه عدم ِ تسريب ِخبر وصول هذه الشخصية إلى أية جهة، َ ه قد انتهت مع السائحني إلى ُ واعتبار هذا الخبر من الأسرار العليا ... ثم أضاف أن مهمتَ َ ها أن يعود إلى هذا الحد، وسوف يَ ِص ٌ له مندوب ً من وزارة الخارجية بدلا منه ... وعليه وقتَ املقر للإعداد لاجتماع طارئ. 13


سقوط القلعة ِّ حتى تلك اللحظة ومع كل ما حدث ف «أحمد» لم يفهم شيئًا ... ولا يعرف ملاذا اصطحبَ ً ت «إلهام» هذه السائحة، وإلى أين؟ وأيض َ ا «عثمان»؟ والسائح الذي هرب ... من ُ هو؟ وما سبب ِ هروبه؟ وما مدى أهميته أو خطورته؟ وإذا كان مطلوبً ِ ا ... فلماذا لم ينتبه الشياطني ملنعه من الهروب؟ أو إبلاغ الشرطة للقبض عليه ... وما أسهل ذلك في حينه! ووسط هذا السيل الجارف من علامات الاستفهام ... قضى «أحمد» وقتَه، حتى حضر ٍ مندوب الوزارة ملرافقة السائحني ... وانصرف وهو يتأمل املكان بعناية وكأنه يراه لأول َ ا موجود ً ين أيضا يراقبان مخارج القلعة. مرة ... ولم يلاحظ أن «فهد» و«قيس» كانَ َ وبمجرد خروجه بالسيارة من حرم القلعة ... سِم َ ع رنني تليفونه املحمول، وكان على الخط «فهد» الذي أخبره أن السائح الهارب لم يخرج من القلعة حتى الآن ... فسأله متعجبًا ... وكيف عرفت؟! فهد: أنا موجود هنا منذ حضوركم. أحمد: أين كنت إذن؟! فهد: في القلعة ومعي «قيس». أحمد: تعني أنه لا يزال في القلعة؟ فهد: نعم. أحمد: أتحتاج ملعاونة؟ فهد: حتى الآن لا ... أحمد: سأنتظر اتصالك. فهد: أخبرني أين أنت الآن؟ أحمد: على أول طريق «صلاح سالم». ِجه إلى منطقة املقابر ... فستجد مفاجأة هناك. فهد: اتَّ َّ أحمد: ليس لدي وقت الآن. فهد: إنها أوامر رقم «صفر». َّ تعجب «أحمد»؛ فرقم «صفر» كان قد طلب منه سرعةَ التواجد في املقر ... فكيف َ يطلب منه الآن التوغل في منطقة املقابر؟! ً وتساءل مندهشا عما ينتظره في هذه املنطقة ... غري املوتى ... وحراس املقابر، وقليل جدا من باعة الزهور، فما هي املفاجأة إذن؟ ٍّ ٍّ ً ا، ثم عاد وغمغم قائلا: نعم ... نعم ... َ وهل هذا الصوت الذي سِمعه كان ل «فهد» حق هو «فهد»، وها أنا ذا أسريُ َ بني املقابر، وحتى الآن لم أر َّ أي ٍّ شيءٍ مهم أو غريب. 14


القلعة ٍ وفي منعطف ٍّ جانبي شاهد سيارة «إلهام» تقف أمام مدخل فخم لأحد الأبنية التي يبدو أنها تحوي مقبرةً لعظيم ... فاستمر في السري ... حتى ابتعد ملسافة كافية عنها ... ُم ِّ تهدم ... وعاد سريً َ ا يحوم حول املبنى ... حتى جمع ٍ َ ثم وارى سيارتَه خلف مبنًى قديم ٍ معلومات كافيةً عن موقعه ... ثم أطلق صفريً ً ا متقطعا ... وانتظر أن تُجيبَه «إلهام» ... فلم َّ يحدث، فأعاد الكر ٌّ ة مرة أخرى ... فلم يجد استجابة، ولم يكن لديه حل غري الاتصال بها، َّ إلا أن تليفونها لم يستجب ... فعاد يتفحص السيارة عن بُ َ عد، لعله يكون قد أخطأ، فوجدها ُّ «إلهام»؛ فأرقامها لا تكذب ... فهذه الأرقام بهذا الترتيب لا تخص غري السيارات سيارةَ َ املخصصة للشياطني ... فما العمل إذن ... هل يقتحم هذا املبنى ليكتشف ما يدور بداخله َ ... أم ينتظر بعض َّ الوقت ... لعل ما يجري بالداخل هو الذي أخ ِّ ر «إلهام» عن الرد عليه ... ٌّ ولم يكن هناك مفر من الاتصال برقم «صفر» لإخباره بما يجري؛ لأن تليفون رقم «صفر» َّ هو الآخر لم يكن يجيب ولم يتبق غري «فهد» الذي طلب منه دخول منطقة املقابر ... إلا ِج َّ ب مما أثار دهشته وحريته، وجعله يفحص تليفونه بعناية، ويطمئن أنه هو الآخر لم يُ على وجود البطارية به، ثم قام بالاتصال بعناية، وكان هذا هو الرقم الوحيد الذي استجاب َ له، وبمجرد الرد عليه، شعر بارتياح شديد، وقد بد ِّ ا بذلك من رده على «عثمان»؛ حيث قال «عثمان»: واوو ... إذن فتليفونك يعمل؟ عثمان: ماذا تعني؟ ٌ أحمد: لي وقت َ طويل أحاول الاتصال ب «فهد» أو «إلهام» ورقم «صفر»، ولا أحد منهم يُجيب! عثمان: هذا لا يعني أن هناك عيبًا في أجهزة التليفون. أحمد: هل لديك فكرة عما يجري؟ عثمان: عندهم ... لا! أحمد: ماذا تقصد؟ َّ عثمان: أقصد بأني عندي فكرة عم ً ا يجري عموما. أحمد: إن سيارة «إلهام» أمامي بجوار إحدى املقابر ... ولكني لا أستطيع الاتصال بها. ِجب على اتصالك؟ عثمان: تقصد أنها لم تُ أحمد: نعم! عثمان: إنها أوامر. 15


سقوط القلعة َ اندهش «أحمد» ملا سمعه ... فلأول مرة يسمع عن أوامر تمنع الشياطني من تلقِّي ً اتصاله، فعاد يسأل «عثمان» قائلا: ولكن «فهد» طلب مني التوغل في منطقة املقابر ... حيث توجد مفاجأة. عثمان: قد لا يقصد «إلهام». أحمد: إذن ... ماذا كان يقصد؟ عثمان: مفاجأة أجمل بكثري! أحمد: أجمل من «إلهام»؟! لا أظن! ِّ ابتسم «عثمان» وقال: لا، صدقني فهي أجمل منها. أحمد: إذن فأنت تعرفها؟ عثمان: املفاجأة؟ أحمد: نعم! عثمان: انظر خلفك. َّ لم يفهم «أحمد» ملاذا يطلب «عثمان» منه أن ينظر خلفه ... إلا أن فضولَه جعله يفعل بحق ... فقد وجد «عثمان» و«بيتر» يقفان خلفه، والابتسامة تملأ ذلك، وقد كانت مفاجأةً ٍّ َ وجهيهما، وكاد صوته يعلو بالضحك وهو يقول له ... يا لَ َك من شيطان ... أكنت أتصل ً بك وأنت واقف خلفي ... وكان لقاءً حميما بينه وبني «بيتر»؛ فمنذ عملية «الأخطبوط» والاتصال مقطوع بينهما. ً فسأله «أحمد» قائلا: ماذا جاء بك يا «بيتر»؟ بيتر: مهمة سرية لا يمكن الحديث عنها هنا. ً فنظر «أحمد» إلى «عثمان» مستفسر ً ا، فقال له: لقد أصبح «بيتر» واحدا منَّا. ُ أحمد: معنى ذلك أنني أصبحت َ آخر َمن يعلم؟ ُ عثمان: يا صديقي ... أنت مطلوب من القيادة العليا. أحمد: أحدث شيء؟ َ عثمان: لا أعرف ... ولكن اجتماع اليوم سيكون آخر اجتماع لك معنا. لم يُ ِّصد َّ ق «أحمد» ما سمعه ... وظن في أول الأمر أن «عثمان» يمزح معه ... إلا أنه لم يجد منه غري الإصرار على ما قاله في لهجة جادة ... فتركهما وانصرف إلى حيث ترك سيارته، فألقى بنفسه فيها، وانطلق والأفكار تعصف به. ً فها هو «فهد» ينقل له أمرا من رقم «صفر» وقد كانت تأتيه الأوامر منه مباشرة. 16


القلعة َ وبالطبع لم يكن «أحمد» آخر َم َ ن يعلم كما يظن ... ولكن القيادة أصدرت الأوامر مباشرةً دون سابق تنسيق ... بناء على معلومات وصلَتهم من أحد مصادرهم بالخارج. ولكن ما أثار حريتَ ً ه أيض ِ ا هو وجود «عثمان» في منطقة املقابر ... وعلْمه ملكان تواجد «إلهام»، ولم يُخرجه من حريته ... غري طرقات على زجاج سيارته، يُنبِّهه بملاحقة ضابط ِ ف على جانب الطريق ... ورغم إبراز بطاقته الأمنية املرور له ... على دراجته النارية ... فتوقَّ َّ له إلا أنه حرر له مخالفة بسرعة ... واكتشف بوقتها أنه في نهاية شارع الهرم ... وأن املقر على بُعد خطوات منه ... وأن كثريًا من علامات الاستفهام سوف تتضح له. وحول صينية ميدان الرماية دار دورتَ َ ني ... قبل أن ينحرف إلى منطقة التلال حيث يقع املقر. وكالعادة ... انفتح له الباب قبل وصوله بأمتار قليلة ... فدلف منه إلى املمر الجانبي بالحديقة ... حتى وصل إلى الجراج ... الذي انطلق منه إلى قاعة املعلومات املركزية؛ حيث َّ أدار أحد الأجهزة التي تزدحم بها القاعة ... وليط َّ لع على أحدث التقارير التي أعدها املركز سر خاصة، فاتصل على «الإنترنت» ِ ها بكلمة ٍّ َّ وجئ بأن كل َّ التقارير قد تم تأمينُ ... إلا أنه فُ باملسئول عن القاعة ... وطلب منه إعطاءَه كود الدخول على التقارير ... فقال له: سيد ُ «أحمد» لقد أعددت َ لك التقارير الخاصة باملوضوعات الساخنة واملهمة والفائقة الأهمية ... ُوخِّزنت على أسطوانة ليزر وهي في غرفة مكتبك ومعها تقرير عن أعداء القلعة. 17


أخطار كثيرة! َّ تسمَر َ ت قدم َ ا «أحمد» في الأرض عقب ِ سماع َ ه ملا قاله خبري املعلومات ... فأراد أن يفهم ً منه ما املقصود بأعداء القلعة ... إلا أنه انصرف مسرعا، وتركه غارقًا في حريته ناسيًا أن ً لديه تقرير ً ا كاملا وافيًا ينتظره بغرفة مكتبه ... وعندما تنبَّه لذلك، قطع الطريق إلى هناك ٍ في ثوان ... ومثلها في إدارة جهاز الكمبيوتر ... وهالَه ما قرأ ... وكان التقرير يقول: سيد «أحمد» العضو رقم واحد في جماعة الشياطني ال «١٣ … «والقائد التنفيذي للمجموعة. تقرير رقم واحد ... املوضوع: جريمةٌ تحت جدار القلعة ... معده: مركز معلومات املقر. ُّ املحتوى: إن رسوخ الدولة يكمن في تاريخها ... وشواهد التاريخ هي الآثار ... والعبث عد ِ جريمة ... وهو يهدف إلى محو ِ أركان هذا التاريخ. بآثار دولة يُ ُّ ُّ وهناك عمل تخريبي يستهدف آثار «مصر» ... ونخص هنا قلعة «صلاح الدين َ الأيوبي» مل ٍ ا توافر لدينا من معلومات عن تواطؤ بعض املفتشني الأثريِّني الأجانب العاملني ْ ت ضر َب السياحة في منطقة القاهرة الفاطمية مع مركز مخابرات دولة معادية ... استهدفَ َ أكثر من مرة من قبل، وهذا التواطؤ يهدف إلى إلحاق أكبر قدر من التخريب بقلعة «صلاح الدين». انتهى التقرير ... وشعر «أحمد» أنه غريُ ٍ واف ... فهناك الكثريُ من علامات الاستفهام ِجب عنها ... إلا أن بدايتَه جعلَ ُّ ته يطمئن ملكانته في املنظمة. وعلى وجه السرعة لديه لم يُ ُ ... شرع في الاتصال ببقية الشياطني ... لريتب معهم لاجتماع الليلة ... وطلب منهم سرعةَ ِ التواجد في غرفة العمليات الرئيسية في غضون ساعة ... وقد اندهش لسرعة ِ استجابة تليفون «إلهام» وكذلك «فهد».


سقوط القلعة َد ِ العديد من سيارات ً ولأنهم جميع َ ا لم يكونوا باملقر ... فقد شِه ُ د شارع «الهرم» توافُ ِ الإنذار ... لإفساح ِ الطريق َّ أمامهم ... ليتمكنوا من اللحاق الشياطني، وقد أداروا سارينةَ بالاجتماع وترتيباته. د َ ون التقارير وأمام شاشات الكمبيوتر بقاعات املعلومات املركزية، جلسوا يُِعُّ والاستفسارات التي سيطرحونها على رقم «صفر» ويناقشونها مع بعضهم. َ وعندما انته َ ت «إلهام» من إعداد تقريرها ... شعر َ ت أن هناك من يراقبها من خلفها ... فالتفتَت لتجد «أحمد» ينظر لها، وعينُ ُ ه بها ألف َ سؤال ... فضحكت ضحكةً َجزلى، َ وبادرته قائلةً ً : أولا ُ سمعت صفريك بمنطقة املدافن، ثانيً َّ ا: لم أكن أستطيع أن أرد عليك ... ثالثًا ... ً فقاطعها «أحمد» قائلا ُ : لقد قمت بالاتصال بك! ُ إلهام: لقد عطلت التليفون. ِ أحمد: ولكنك ِ رددت عليَّ بعد ذلك! إلهام: كنت قد انتهيت. ِ أحمد: من ماذا؟ َّ إلهام: ستعرف كل شيء في حينه. ٌّ أحمد: أهو سر عليَّ؟ ٌ إلهام: لا ... ولكنه مرتبط َ بموضوع الاجتماع ... ولا داعي لأن أحكيَه مرتني ... وميعاد الاجتماع اقترب، ولديك الكثريُ لتعمله. أحمد: وأنت يا «فهد». ُ فهد: قمت ً بتعطيل التليفون أيضا. أحمد: وجهاز الاتصال؟ فهد: لقد كانت أوامر وقمنا بتنفيذها. َ وكأن «فهد» يريد أن يضع نهايةً لأسئلة «أحمد» وقلقه. وقد شعر هو بذلك فاكتفى َ بما قاله «فهد»، والتفت َّ إلى «عثمان» يسأله عما كان يقصده من أن هذا الاجتماع هو ِ القلق وعدم الاتزان املسيطرة على ِ آخر اجتماع يحضره معهم؟ وتعجب الشياطني لحالة ْم يا «أحمد»؟ نَ َ «أحمد»، وقد صارحته «ريما» بذلك قائلة: منذ متى لم تَ أحمد: ملاذا؟ َ ريما: لأنك لست في حالتك الطبيعية. 20


أخطار كثرية! َ أحمد: م ِ ن قال لك هذا؟! ِ ولم تستطع «إلهام» إخفاءَ قلقها هي الأخرى عليه ... فطريقتُه في الكلام غري عادية ٍ الإثارة بداع ٍ وبدون داع ... فقامت بالاتصال بكبري ٌ ه مبالغ ُ فيه، وهو سريع ... ورد ِ فعل ُّ َ أطباء املقر ... وشرحت له حالته ... فطلب منها اصطحابَه إلى العيادة لتوقيع الكشف ً الطبي عليه ... ولم يكن الأمر سهلا ً ... بل أضحى مستحيلا ... فقد رفض «أحمد» بعصبية َ شديدة الاعتراف بأنه متعب وغري طبيعي ... وأنه يحتاج للمعاونة. ولم يَ ُعد أمامهم غريُ ِحمل ً ه قسرا إلى عيادة املقر ... وكان الدكتور في انتظارهم قد سبقهم إلى هناك بمجرد انتهاء املكاملة. وما إن انصرف الشياطني، وأغلقوا غرفةَ الكشف على الدكتور و«أحمد» ... حتى بادره ْم منذ فترة كبرية؟ نَ ً قائلا: ألم تَ أحمد: نعم! دكتور «أدهم»: منذ متى؟ هما الآن ... املهم ... ُ أحمد: ليس ذلك م ٍّ ِّحد َّ د املهم واللامهم. ُ ً فقاطعه دكتور «أدهم» قائلا: أنا الذي أ أحمد: وما لَك ومهامنا؟ ورغم أن السؤال غري لائق، إلا أن الدكتور «أدهم» لم يفقد صبره ... فهذا من صميم َ عمله ... وقد قابل مع الشياطني مواقف َ أصعب َّ من هذه بكثري ... لذا فقد ابتسم ورد على ِّعر ً ضنا جميعا للخطر. ً «أحمد» قائلا: أنا عضو في هذه املنظمة ... وأنت في حالتك هذه ستُ أحمد: آسف دكتور «أدهم». أدهم: ماذا يُقلقك، أهو خطر يحدق بنا؟ أحمد: إنها أخطار تحيط بالعالم العربي كلِّه. أدهم: أتعرفها؟ أحمد: نعم! أدهم: أتعرف علاجها؟ أحمد: ولكنها تحتاج إلى وقت وأشياء أخرى كثرية لا أملكها. َ أدهم: ولكنك تملك أن تؤدي ً واجبك من موقعك هنا ... كما ألفناك دائما ... جنديٍّا ً مخلص ً ا وقائدا عبقريٍّا لجماعتك، وعليك أن تعطيَني ذراعك. أحمد: ملاذا؟ 21


سقوط القلعة أدهم: سأجعلك تنام ساعة قبل الاجتماع. ٍّ نظر «أحمد» بود شديد لدكتور «أدهم» ... ثم أسلمه ذراعه، وهو يشعر بداخله بكثري َ من الراحة وبرغبة شديدة في النوم ... وقبل أن يقول َ له ... أشكرك، كان املخدر قد سرى في شرايينِ ُ ه، وراح في س ٍ بات عميق. وفي غرفة املعلومات املركزية ... كانت «إلهام» قد أنابَت عن «أحمد» في إدارة حركة التجهيز للاجتماع عندما اتصل دكتور «أدهم» يُطمئنهم عليه ... وأنه سيكون بينهم خلال ساعة ... مع أنه كان يُ ِّفض َ ل تأجيل َ الاجتماع إلى أن يستعيد َ «أحمد» نشاطه ... وأخبرهم َّ أنه قد ً م تقريرا بحالته الصحية لإدارة املقر ... لترى ما يمكن عمله. وبالفعل اتصل رقم «صفر» ليُخبرَهم بقراره تأجيل الاجتماع إلى اليوم التالي ... لكن َنهم إلى أنه يُتابع حالتَه مع دكتور ً في نفس امليعاد تقدير َ ا لظروف «أحمد» الصحية ... وطْمأ «أدهم». َ فانتهزت «إلهام» الفرصةَ لتسألَه عن موقف «بيتر» من الاجتماع ... فأخبرهم بأنه لا َ دعي بناءً على مانع من حضوره ... فقد أثبتَ ٌ ت املتابعة والتجارب أنه أهل للثقة ... وقد استُ تعليمات مباشرة منه. ُ وعقب انتهاء الاتصال، اتفق الجميع على استدعائه لحضور التجهيزات للاجتماع، وقد ٍّ ا جد ٍّ ا للطرفني؛ فقد أضفى على املكان جوا من املرح اللذيذ ... حتى عرف هم ٍّ ُ كان وجود ُ ه م ً من الأسئلة، بدأها قائلا: أين َ بما جرى ل «أحمد»، فبد َ ا عليه القلق، وجرت على لسانه الكثريُ كان في الفترة الأخرية؟ عثمان: لقد كان في املقر السري الكبري. بيتر: وهل كان وحده؟ عثمان: نعم؛ لقد تم ذلك بناءً على طلبه. َّ إلهام: إن ما قاله الدكتور «أدهم» يعني أنه يحمل هم ً نا جميعا ... وهموم بلادنا وأهلنا ... ٍّ ا معي جدا بعد انهيار محادثات السلام. باسم: لقد كان متعاطفً ِ بو عمري: ومعي بسبب ِ أحداث الإرهاب في بلدي «الجزائر». عثمان: ومعي بسبب الحرب بني الأهل في شمال السودان وجنوبها. فهد: ومعي بسبب احتلال الجولان ... ومشاكل املياه مع «تركيا». ً مصباح: وأنا أيضا بسبب العقوبات الظاملة الواقعة على «ليبيا». 22


أخطار كثرية! ً رشيد: وبالطبع أنا أيضا بسبب إخوتي في «العراق» والأطفال الذين يموتون بسبب نقص الدواء والغذاء. َّ إلهام: لقد حدثتُه كثريً ُّ ا عن حلمه باليوم الذي يخرج فيه املحتل من جنوب بلدي ً «لبنان»، إن «أحمد» هو الأخ الأكبر لنا جميعا. َ بيتر: ولكن ... أترون أن معظم الدول العربية تُعاني من مشكلات ... إما احتلال أو حظر أو إرهاب ... أو حرب أهلية؟! عثمان: وهل لا يُنبِّهك ذلك إلى شيء ما؟ َ بيتر: تقصد أن هناك م َّ ن يريد كل هذا؟ ِ ه لإدخال املنطقة َم ْ بأسرِ إلهام: نعم ... إنه عدو واحد ... يُجنِّ َّ د كل طاقاته، ويُحفز العالَ العربية كلِّ َ ها في دوامات الصراعات املستمرة ... حتى لا تلتفت إلى التنمية والتقدم. َ إلهام: ولكن قلعة العرب «مصر» استطاعت أن تصمد ... وتقف شامخة ... وتعلو في عيون العالم أجمع. فهد: وهذا ما يُخيفهم. باسم: لذلك ... لا يجدون غري هذه الحوادث الصبيانية الصغرية التي يحاولون بها شغلها عن هموم أمتها. َ بيتر: أو هذه العملية الأخرية التي ينوون القيام بها ضد آثارها وصروحها التاريخية! مصباح: هل هم «سايبرسبيس»؟ ُ بيتر: نعم ... ولكن بأعضاء ج ُ دد بعد أن مات معظم الأعضاء القدامى في عملية «ثورة الأخطبوط». قيس: وهل لهم علاقة بالأعضاء القدامى؟ بيتر: إن زعيمهم «عازر» هو العضو الوحيد الذي نجا من الجماعة القديمة. ِّ إلهام: عازر! إلى أي بلد ينتمي؟ هل هو من أصل هندي؟ بيتر: أعتقد أنه يتبع جماعة إرهابية. إلهام: وهل تظن أنه سيقوم بعملية تخريبية ضدنا. بيتر: نعم؛ لأنها تكون استعراضية في محاولة لإثبات التفوق. ً إلهام: إذن فهي عملية لصالح هذه الجماعة أيضا. فهد: ب «سايبرسبيس» لأنهم ... وقبل أن يُكمل جملتَه قالت «إلهام»: هناك اتصال! ٍ وكان «فهد» قد شعر بوخز ِ في رسغ ٍّ ه، فضغط زرا في ساعته ... وندت عنه آهةُ دهشة وهو يقول: واوو ... إنه «أحمد» ... 23


سقوط القلعة قيس: فلنذهب له. إلهام: لا ... فليذهب إليه «فهد» فقط كما طلب، وإذا أراد رؤيتنا ... طلبنا ... ولم ينتظر «فهد» ما ستُسفر عنه مناقشاتُهم، بل أسرع بتلبية استدعاء «أحمد» الذي ٍ يه بصعوبة َ عندما سِم َ ع صوت ِ خطواته تتوقَّف عنده ... فنظر إليه مليٍّا، ثم قال فتح عينَ له: «فهد» ... أين أنا؟! فهد: إنك نائم في العيادة ... أحمد: ملاذا؟! فهد: لا تُجهد نفسك الآن! أحمد: كيف وميعاد الاجتماع قد اقترب. فهد: لقد تم تأجيل الاجتماع. أحمد: ملاذا؟ إن القلعة في خطر. فهد: أي قلعة يا «أحمد»؟ أحمد: قلعة العرب ... القلعة في خطر يا «فهد»! َ فهد: لا تخ َ ف على القلعة ... فكم أحاط َ تها الأخطار فقهرت هالكها وبقيَت هي صامدة. أحمد: أخاف عليها ... أخاف عليها ... ُ قال ذلك وراح في سبات عميق ... وعاد «فهد» إلى الشياطني، وهو يشعر بالأسى العميق ُ ... لحالة «أحمد» وبداخله ألف ٍ رفض للسكوت على ما يحدث ... ورغبة عارمة في التحرك بقوة للوقوف في وجه هذه الدول وأطماعها. وشعر الشياطني بما عليه «فهد» من أسى ... وشعروا أن اجتماع الغد قد يُعقد بدون ً «أحمد»، فران عليهم الصمت ... وانسحبوا واحد ُ ا تلو الآخر ... عائدين إلى غ َرف نومهم ... ِ َّ وقد انتصف الليل، ونام ضوءُ القمر على أسرِت َ هم ... وحام ُ ت حولهم نسائم الصيف الرقيقة تحكي لهم ... حكايةَ «الأمري النائم» أنه حني يستيقظ سوف يحمل سيفَه ويعتلي صهوةَ جواده ويرحل ... يَ ُعبر التلال والسهول والبحار واملحيطات ... سيقتل املستحيل ويقهر َ الأهوال ... ويحقق حلم حبيبته ويجعلها سيدة هذا الزمان. ُ داعب هذا الحلم ِ الجميل خيالات ِّ الشياطني ... في هذا الجو َّ البديع الأخاذ، فشعروا ُم َّ لح ً ة في النوم استعداد َ ا ملا سيأتي به تْهم رغبةٌ بدفء أنفاس الأمل تملأ صدورهم ... وملأَ الغد. ُ س الصبح َّ في صدورهم ... تذكروا أول ُ هم أصابع الشمس ... وتنفَّ وعندما داعبَت عيونَ َّ ما تذك ُ روا «أحمد» كيف حاله الآن ... هل أصلح النوم َ ما أفسدته الهموم. 24


أخطار كثرية! وبعد تمام الاستيقاظ ... والتخلص من آثار النوم بحمام الصبح املنعش ... وكوب الشاي الدافئ؛ اجتمعوا سويٍّا في الطريق إلى عيادة املقر للاطمئنان على الأمري النائم، وفي ً الصباح وسألهم باسما إن كانوا َ الطريق قابلهم الدكتور «أدهم»، فتبادل معهم تحيةَ َ ذاهبني ملهمة رسمية ... وعندما عرف منهم أنهم في الطريق ل «أحمد» طلب منهم أن يرافقَ هم للاطمئنان عليه ... وإن شاء الله سيكون في أحسن حال. جو َ من التفاؤل واملرح بني الشياطني ومعهم دكتور «أدهم» ... ما لبث أن توارى ٌّ َّعم خلف نظرات التساؤل والدهشة والحرية والقلق عندما فتحوا باب الغرفة التي ينام بها «أحمد» فلم يجدوه. 25


سر البئر المسحور! َ أركان املقر ... فالبحث عن «أحمد» لم يُسفر عن شيء ... أين كان إذن مسئولو َّعمت الجلبةُ الأمن ... وأين كانت أجهزة املراقبة الإلكترونية ... وأين كان الساهرون على رعايته؟ َّ قطع «بيتر» كل ً ذلك قائلا: املهم الآن هو أين «أحمد»؟ إلهام: املكان الوحيد الذي يمكننا التفكري فيه هو القلعة! عثمان: نعم ... أوافق ... «إلهام» على ذلك ... وسأذهب إلى هناك لأرى ما يمكن عمله. ً فهد: وأنا أيضا! َ إلهام: إذن علينا أن نتحرك في سيارات مستقلة ... لنستطيع مسح املكان هناك بسرعة وسهولة. قيس: هل خرج «أحمد» بسيارته؟ عثمان: لا أعرف ولكن عامل الجراج سيُخبرنا. وبسؤال عامل الجراج ... عرف الشياطني أن سيارة «أحمد» موجودةٌ بالجراج ... أما السيارة غري املوجودة ... فهي البراق. َ وجوه الشياطني ... وتساءلوا عن السبب الذي دعاه للخروج بسيارة بها َّعمت الدهشةُ َ هذه الإمكانيات، واستبعدوا أن تستطيع َ سياراتهم اللحاق بها ... وتوقعوا فشل مهمتهم ... َّ إلا أن قيادة املقر ... جه َز َ ت لهم ثلاث سيارات، لا تقل كثريًا في قدراتها عن البراق. ً وفي تمام السادسة صباح ُ ا، انفتح باب املقر السري الصغري بالهرم، لتخرج منه أولى َ السيارات الثلاث ... وبها «إلهام» تربط حزام ٌ الأمان ... وعني من عينَيها على تابلوه السيارة تُراجع أجهزتَها ... والأخرى على الطريق ... تُ ً فسح لنفسها فراغا تنطلق فيه. فهذه السيارة ِصل سرعتُها إلى مائتَي كيلومتر في عشرين ثانية ... وقد كانت أول طلعة تخرج من املقر تَ ... أعقبها «عثمان» ثم «فهد»، وقد كان شارع «الهرم» خاليًا تقريبًا من السيارات؛ فاليوم


سقوط القلعة كان الجمعة ... مما أعطى الفرصةَ لهم ليتركوا السيارة على حريتها ... فقطعت شارع «الهرم» في دقائق قليلة للغاية ... ومنه إلى كوبري الجيزة ... ودقائق قليلة أخرى، وكان َ هم يحومون حول القلعة ... ولا أثر ل «أحمد» أو البراق. ثلاثتُ غري أن «عثمان» تركهم فجأةً وانطلق في اتجاه «باب النصر»، وغاب لدقائق ثم عاد ولكن لم يكن وحده ... فقد عاد مع «أحمد». وقد كان في أحسن حالاته ... تبدو في عينَيه اليقظة ... وفي ملامحه القوة والإصرار والثقة، وقد ابتسم مليٍّا حني رأى «إلهام» تنظر له في سعادة نظرة غري املصدقة ... فحيَّاها ً و«فهد» تحية الصباح وسألها قائلا: أكنت سيئًا بالأمس؟ إلهام: لا ... ولكن كنت ضعيفً ا بدرجة مخيفة. ٌّ أحمد: واليوم أنا قوي ً بدرجة مخيفة أيضا. َ شعر الثلاثة بسعادة غامرة ملا سمعوه من «أحمد»؛ فقوتُه تعني قوتَهم ... وسألَته ٍ أحد وفي هذه الساعة املبكرة ... وبهذه السيارات ِ ِ «إلهام» عن سبب خروجه دون علم بالذات؟ فقال لها: إن الشعور بالضعف مخيف، وقد نال مني كثرة التفكري وقلة النوم. ُ ثبت لنفسك أنك ع َدت كما كنت قويٍّا. فهد: فأردت اليوم أن تُ أحمد: لا، بل أكثر قوة ... لذلك خرجت بالبراق ... ً إلهام: إن لدينا اليوم اجتماعا مع الزعيم رقم «صفر». َ أحمد: وأنا جاهز ... ولكن ألا َترين هذا الجزء من سور الفسطاط؟ إلهام: نعم ... ماذا به؟ َ أحمد: ألا تر َ ين أنه يغوص في الأرض حتى كاد أن يختفي؟ َ عثمان: إن الأرض َ هي التي ارتفعت حوله بفعل التراكمات. َ أحمد: أو هو الذي غاص ... غِر َ ق في أرض من الطفلة التي تشبع َ ت باملاء فأصبحت كالشحم. فهد: ماذا تقصد؟ أحمد: إن هذه القلعة الشامخة ... التي تستظلون الآن بظلِّها ... وتبدون كالأقزام َ بجوارها ... سيحدث لها نفس الشيء؛ فالطفلة املتصخرة التي تقف عليها ستشبع باملاء ... ُ ها سريى القزم َ نفسه وتتحول إلى ما يُشبه الزبد ... الذي سيبتلع القلعة شيئًا فشيئًا، وقتَ بجانبها عملاقًا ... وقتَها سنصغر كلنا ... لأننا لم نستطع أن نحميَها من الانهيار ... من الغرق ... 28


سر البئر املسحور! َ فهد: ومن الذي تنبَّأ بذلك؟ أحمد: إنها ليست نبوءة ... إنها حقيقة ... إنها خطة قذرة ... إلهام: وكيف سيحدث ذلك؟ ُ أحمد: ليتني أعرف ... ما كنت ُ قضيت أيامي بلا نوم ... فأنتم تعرفون أننا لو عرفنا كيف ... لعرفنا كيف نُواجه ... وكيف نقهر ... وكيف تكون الغلبة لنا ... عثمان: إن املوضوع أكبر من أن نناقشه هنا. ُ أحمد: بل لا يمكن مناقشته إلا هنا ... فأنا أشعر أني لو ابتعدت عنها لدقائق ... فسيحدث ما أخاف منه، وتغوص الأسوار وتنهار القلعة. َ إلهام: لا يا «أحمد»، لقد وصلت بمخاوفك إلى اللامعقول ... فهذه الأمور الخطرية واملعقدة لا يمكن مناقشتها إلا في مركز املعلومات ... لأنهم جنودنا املخلصون. وبصعوبة بالغة ... رضخ لرغبتهم واستقل براقَه ... وانطلق قبلهم ... في طريقهم إلى َ املقر. وفي طريق «صلاح سالم» ... رأوا ما لم يستطيعوا أن يفسروه ... فقد زادت سرعةُ ٍ ت في ثوان َ عن عيونهم ... ثم عادت لتظهر في الاتجاه املقابل ... ٍّ البراق جدا واختفَ ٌ ومن أجهزة الاتصال الخاصة بهم ... صدر لهم أمر من «أحمد» للحاق به ... فالسائح الهارب في طريقه إلى القلعة ... َّ ا للعودة غري الانحراف إلى منطقة «الدراسة» ثم الالتفاف ولم يجد الشياطني طريقً حولها ... والعودة إلى الطريق املقابل ... والذي انطلقَت عليه البراق منذ قليل. َ وبجوار القلعة كانت البراق تقف وحدها بدون «أحمد»، فتركوا بجوارها سياراتهم، ُّ وقاموا بالاتصال به ... فعرفوا أنه بجوار بئر «يوسف» وهو البئر الذي كان يمد القلعة َ باملاء ... وعمقه مائة متر ... فأسرعوا الخطى ليلحقوا به فلم يجدوه ... وعرفوا من حارس ً البئر أنه نزله من دقائق، فسأله «عثمان» قائلا: أمسموح نزول هذا البئر؟ الحارس: نعم. عد لذلك. ُ فهد: وهل هو م ٌّ الحارس: نعم. ِ عثمان: إذن سر أمامنا لتدلَّنا على املدخل فقط واترك لنا الباقي. وبالفعل سار الحارس أمام الشياطني، حتى مدخل البئر، فقابلَتهم مصطبةٌ عالية، فقفزوا منها على أول الطريق لنزول البئر ... فرأوا سلالم قد نُحتَت في الصخر ... والظلام يملأ املكان ... حتى إنهم لا يرون أصابع أيديهم ... فعلَّ ً ق «عثمان» قائلا للحارس: ألم ُ بلغني أنه مضاء؟ تُ 29


سقوط القلعة الحارس: نعم، ولكني لا أعرف ماذا حدث. ٌ فهد: أتقصد أنه عطل مقصود؟ الحارس: الله أعلم. َ ا أضاء به الدرجات، وسارت وكان «عثمان» في مقدمتهم، فأخرج من جيبه كشافً «إلهام» و«فهد» من خلفها على هديها. ِّ ا للغاية، إلا أنه لم يمنعهم من املضي في النزول وراء «أحمد» ٍّ وكان نزول الدرجات شاق َّ ورغبة منهم في لفت نظر «أحمد» بأنهم موجودون، تحد ٌ ث «عثمان» وكأنه مرشد سياحي ً يشرح لوفد برفقته ما يرونه ... أملا َّ أن يرد «أحمد» بإشارة ما، إلا أن املحاولة وتكرارها َ ا، انتقلوا إلى مصطبة أخرى، أفضت بهم إلى بقية لم يُسفر عن شيء ... وبعد خمسني مترً ٌ الدرجات التي تؤدي إلى قاع البئر ... وحتى الآن لم يصدر صوت من البئر يُ ِ نبئ عن وجود ٍ أحد به ... فأين ذهب «أحمد» إذن؟ وأين ذلك السائح ... َقامت بينهما، وكانت نتيجتها السقوط في قاع البئر املغمور وخطر لهم أن معركةً باملاء. فقال «عثمان»: إن معركة كهذه كانت ستُصدر صوتًا ... يلفت أنظار رجال الأمن ... والحارس ... ٌ فهد: وهل سيخرج صوت من هذا البئر؟ َّ إلهام: نعم؛ إنه كالبوق ... وأقل صوت فيه يتردد بني جنباته، ويسمعه الواقف. ً عثمان: هذا إذا كان منتبها ... وغري مشغول بمسامرة زملائه ... كما رأيناه. فهد: عندك حق ٌ ... والقلق بدأ ينتابني، فالباقي على قاع البئر قليل ... ولم يظهر أحد ٌّ منهما حتى الآن. َ ا يأتي من فوقهما يقول: ولن يأتي أحد. َ وفي هذه اللحظة سِمعوا صوتً ً ا؛ فقد كان الظلام دامسا، فرفع َ فالتفت َ الثلاثة إلى مصدر الصوت، فلم يروا شيئً َ «عثمان» البطارية لأعلى، لريى م َّ ن يحادثهم ... فدو ُ ى صوت َّ رصاصة وتحطم الكشاف في يده. ٍ أمل في هذا الظلام فعرفوا أنهم يتحركون تحت تهديد السلاح ... إلا أنهم رأوا بادرةَ َّ للتعامل مع مهاجمهم ... وإخراج أسلحتهم ... غري أن ظلام الدامس ... سيُعطيهم فرصةً َّ البئر تبد َ د فجأة ... فقطع عليهم طريق َ النجاة ... وعلا ُصراخ الرجل يقول: أين الفتاة التي كانت معكم؟ 30


سر البئر املسحور! فرفع «عثمان» عينَ ً يه لرياه، فوجده الحارس الذي صرخ فيه قائلا: اخفض رأسك وإلا َت ثقوبًا، وأجبني أين الفتاة؟ امتلأْ ٍ فنظر إلى «فهد» في اندهاش وقلق، وقال له: تُرى أين تكون «إلهام»؟ فهد: لا أعرف ... وهل سنترك صراخ هذا الرجل يشغلنا عن البحث عنها ... أتكون قد َ سقطت في املاء؟ عثمان: سأنزل للبحث عنها. فهد: تعامل أنت مع هذا الرجل، وسأنزل أنا للبحث عنها. ً فصاح الحارس فيه قائلا ٌ : أنزلت أنت ... وليس لك شأن َّ بي ... وأنصحك ألا َ تعود بدونها. َ ى من الدرجات ... فغاصت قدماه في املاء ... فقد كانت درجات فأكمل «فهد» ما تبقَّ َ ا ... وجد نفس َ ه وقد غمر َّ ته املياه ولم يتبق منه إلا رأسه، البئر، تغمرها املياه ... وشيئًا فشيئً ًسا ِ غري أن الدرجات لم تنته ُ بعد َ ... فأراد أن يعرف إلى أين تؤدي هذه الدرجات، فأخذ نفَ عميقً ا، وأكمل طريقَه في النزول، حتى لم يَ ُعد يتبقَّى منه شيء ظاهر فوق سطح املاء ... َّ ومرت الدقائق وهو على هذا الحال، مما أثار أعصاب الحارس ... الذي صرخ في «عثمان» ً قائلا: أين زميلك؟ ً فصاح فيه «عثمان» قائلا في غضب: أتتسبَّب في غرقه ثم تسألني أين ذهب؟! َ مطر قاع ٍ البئر بوابل من الرصاص. ُ ً الحارس: إن لم يخرج حالا ... سأ عثمان: لا أظنك ستفعل ذلك؟ الحارس: بل سأفعل ... وسأبدأ بك. ُ وسحب الحارس َّزر َّ الأمان، وشعر أنه أصبح في حالة فزع ... ومن املمكن أن يتصرف ً بغباء ... فيصبح خطر َّ ا عليهم ... فتحس ُس كرتَه الجهنمية بذراعه ... وقد كانت معلَّقة على َ جانبه الأيمن ... وضغط عليها ... فسقطت في يده دون أن يلاحظ الحارس ... الذي كان ُّ قد وضع إصبعه على الزناد، وقال ل «عثمان»: سأعد من واحد إلى ثلاثة ... إن لم يخرج ُرسلك إليه تحت املاء. زميلك سأ ُّ وبالفعل بدأ العد ... وعندما وصل إلى رقم ثلاثة ... انطلقَت كرةُ «عثمان» الجهنمية َ واصطدمت برأسه ... فأحدثَت فرقعة عالية ... سقط على أثرها غارقًا في دمائه ... واختفى ُّ تحت سطح املاء ... وهدأ كل شيء وساد السكون املكان ... ولم يظهر «فهد» مرة ثانية ولم تظهر «إلهام». 31


سقوط القلعة وغلبَت الدهشة على «عثمان» ... فلماذا لم يظهر «فهد» حتى الآن ... وأين ذهبَت ُ «إلهام»؟ وساوره القلق على مصريَيهما ... فليست هناك نتيجة لعدم خروجهما من تحت سطح املاء ... غري أنهما اختنقَ ا، وإلا فأين ذهبَا؟ ُ وكان منظر الدماء الطافية على سطح املاء يمنعه من النزول للبحث عن زميلَيه ... إلا ٍّ أنه لم يجد حلا غري ذلك. َ ورغم أنه مسح قاع ً البئر أكثر من مرة ... إلا أنه لم يجد أثرا لهما، ولم يقابل غري جثة الحارس. فخرج من املاء وهو غري مصدق ... فقد كانت معهما «إلهام»، واختفَت بمجرد إضاءة النور! و«فهد» لقد نزل أمامه إلى املاء ... فأين ذهب ... هل هذا البئر مسحور؟ أم أنه مسكون بالجان؟! معنى ذلك أن «فهد» و«إلهام» الآن في عالم آخر غري الذي نعيش فيه ... وعندما وصل إلى هذه النتيجة ... ضحك من نفسه ومن أفكاره ... وتنبَّه إلى أن للبئر ً ميعادا يُغلق فيه ... وأن عليه سرعة الخروج وإلا سيقضي بقيةَ النهار ... والليل كله في البئر ... ولم يكن يظن أن صعوده من البئر سيكون بهذه الصعوبة ... فقد نال التعب والقلق منه، وقد تركه ما حدث في غري اتزان ... وانعدام القدرة على التفكري السليم. وعند الدرجة العليا التي تُفضي إلى املصطبة ... جلس يُ َ لملم شتات نفسه ... فسمع جلبة في الخارج ... فأسرع بالخروج ... ومغادرة املكان ... قبل أن يكشف أحدهم ما حدث للحارس. َ ف نفسه عناءَ التفكري في الأمر ... ِ وبجوار سور القلعة لم يجد غريَ سيارته ... فلم يكلِّ ُ بل ألقى بنفسه فيها ... ثم أغلق بابها وراح في سبات عميق. ا ِ استيقظ منه على صوت طلقات رصاص تملأ املكان ... فتلفَّت حوله، فلم يجد شيئً غري طبيعي ... فأدار السيارة ... وانطلق يغادر املكان ... وهو على غري عجل من أمره ... ُّ فليس هناك ما يهم ً ، ثم غمغم يسأل نفسه قائلا: وهل هناك أهم من أن أفهم. وشيئًا فشيئًا بدأ يُفيق لنفسه، فاتصل باملقر يسأل عن «إلهام» و«فهد»، فلم يجدهما، حتى «أحمد» لم يَ ُع ُ د بعد إلى املقر. َرى هل ما ِجب ... فعاد يسأل نفسه: تُ ً فاتصل بهم مباشرة ... إلا أن أحدا منهم لم يُ ً رأيته كان حلم ً ا ... لا لا، بل كان كابوسا. 32


سر البئر املسحور! لقد اختفَت «إلهام» في الظلام ... ابتلعها البئر ... أما «فهد» فقد رأيتُه بعيني ينزل تحت املاء ... إذن ... أين ذهب؟ أين اختفى؟ وإن كان قد خرج ... فمن أين ... وأين هو الآن؟ َ ولو كانوا قد غِرقوا ... فأين سياراتهم التي كانت تقف بجوار سيارته؟ هل هذا البئر مسكون أم ... َ يده يسترسل في تساؤلاته ... فقد وخزته في رسغه لتُخبرَه أن هناك ولم تتركه ساعةُ رسالة وعليه تلقِّيها ... ترى ممن تكون هذه الرسالة؟ 33


سربئر يوسف! ُّ ً ا الاتصال به، معنى ذلك أن أحدا من الشياطني الثلاثة لم إنها من رقم «صفر» يطلب منَّ يتصل باملقر ... ولم يتمكن لا املقر ولا رقم «صفر» من الاتصال بهم. َ وقبل أن يسترسل َّ في تأملاته، قام بالاتصال برقم «صفر»، فسأله عن «أحمد» وعما كان يحدث منذ صباح اليوم، وملاذا لم يردوا على اتصاله؟ ولم يكن لدى «عثمان» غري ما رآه يحدث أمام عينَيه، فحكاه بالتفصيل لرقم «صفر» ... فطلب منه الأخري، بسرعة العودة للمقر ... لعقد اجتماع عاجل. ُّ وفي غرفة املعلومات املركزية ... اتخذ كل واحد من جماعة الشياطني ال «١٣ «مكانه ً أمام جهاز كمبيوتر ... انتظارا لبدء الاجتماع. وفي امليعاد املحدد ... ومع إشارات ضبط الوقت التي تُطلقها ساعةُ القاعة ... دخلَت ُّكل َ الأجهزة على الشبكة الرئيسية للمقر ... وظهرت على شاشاتهم ... الخطوط البيانية ً عبر عن وجود رقم «صفر» بينهم ... فانتبهوا جميعا له وهو يُحيِّيهم، املتراصة ... التي تُ ٌ هم صمت ً مترقب ... فهم يشعرون أن لديه علما بما حدث ل «أحمد» و«إلهام» و«فهد» ولفَّ ً و«عثمان» ... وكأنما كان هو يشعر بما ينتظرونه منهم ... فسألهم قائلا: ألم يتصل «أحمد» بعد؟ ريما: حتى الآن لم يتصل أحد منهم. ً رقم «صفر»: عفوا ... سأتلقَّ ً ى اتصالا خارجيٍّا. وشاهد الجميع ... الخطوط البيانية املتراصة ترتفع وتنخفض مما يعني أن هناك ً جديد ً ا قد حدث ... وعندما عاد إليهم قال مستبشر ُّ ا: أبشروا ... فسينضم لنا «عثمان» خلال دقائق ... وقد يكون لديه أخبار عن الشياطني.


سقوط القلعة َ ريما: وهل نطرح بعض أسئلتنا حتى يأتي؟ رقم «صفر»: بالطبع! ريما: لقد كان هناك شيئًا خطريًا يُقلق «أحمد» ... وليلة أمس كان يهذي بكلام عن الخطر الذي يُ ً حدق بنا جميعا كعرب ... وعن الانهيار الذي سيهدد القلعة. رقم «صفر»: إنه موضوع اجتماعنا. ً في هذه اللحظة دخل «عثمان» ... فاتخذ له موقعا أمام جهاز الكمبيوتر ... وبعد أن ِ أداره قال: ع ْمتُم مساءً ... ما موضوع الاجتماع؟ رقم «صفر»: انهيار القلعة! عثمان: لقد كنت هناك منذ قليل. رقم «صفر»: وأين «أحمد»؟ َ عثمان: لقد غِرق في البئر! رقم «صفر»: بئر ماذا؟ عثمان: بئر يوسف. َّ تحرَكت الخطوط البيانية على شاشات الكمبيوتر في اضطراب واضح، وحدثَت جلبة َ بني الشياطني ... فطلب منهم رقم «صفر» الهدوء ... وطلب من «عثمان» أن يحكي لهم َّ ما حدث ... فاستطرد «عثمان» يحكي بالتفصيل كل ما دار منذ أن خرجوا من املقر ... َ حتى غِر ً ق «فهد» ومات الحارس ... وفر هو عائدا. َ مصباح: لا يمكن ل «أحمد» أن يغرق ٍ في مكان كهذا ... ولا «إلهام» وحتى «فهد»! عثمان: ولكن تحت السلاح كل شيء ممكن. بو عمري: والسائح املطارد ... أين ذهب هو الآخر؟ ٍّ زبيدة: إن في الأمر سرا لا نعلمه. رقم «صفر»: سوف يُ ٌّ خبرنا بذلك «أحمد»، هل هنالك سر يا «أحمد» في بئر «يوسف». َت الشياطني حولهم يبحثون عن «أحمد» الذي فتَ ُ ح باب القاعة، ودخل والإرهاق تلفَّ ِ ا أمام أحد أجهزة الكمبيوتر ... وبعد أن أداره قال لهم: ع ْمتُم ٍ باد عليه ... فاتخذ له مكانً ٍّ مساءً، وردا على سؤال الزعيم ... أقول إن القلعةَ كلَّها أسرار ... ومن نُطاردهم ... يعرفون الكثري عنها ... ونحن حتى الآن لا نعرف غري ما يقولونه هم لنا ... وبالطبع فإنهم لا َّ يقولون كل شيء ... 36


ُّسر بئر يوسف! َ رقم «صفر»: لقد رأى «عثمان» بعينه غرق «فهد» و«إلهام» فما رأيك؟ ُطارده ... فقد نزل تحت سطح املاء وغاب، ُ أحمد: لقد كنت أظن ذلك في السائح الذي أ ُ فقررت َ النزول ِّ لتحري الأمر ... فلم أجده ... رقم «صفر»: وماذا حدث؟ ٍّ أحمد: عبرت ممرا مائيٍّا يصل إلى نهر النيل. علَ ُ ت آهات َ الدهشة من أفواه الشياطني، وسرت بينهم همهمةٌ قطعها رقم «صفر» ً قائلا: معنى ذلك أن «إلهام» و«فهد» قد عبرَا نفس املمر؟ ً عثمان: بالتأكيد ... فقد بحثت عنهما تحت سطح املاء ... فلم أجد لهما أثرا ... أحمد: وماذا عن انهيار القلعة؟ َ قام رقم «صفر» باستدعاء «بيتر» الذي روى لهم كيف ستؤدي خطةُ أعوان «سايبرسبيس» الجديدة إلى انهيار الهضبة ومن ثَم القلعة ... باستخدام أساليب وطرق علمية وتكنولوجية حديثة. َ عثمان: ومن الذي سيسمح لهم بذلك؟ ً هم ظاهرا ويمكن مراقبته ... ولكن في الواقع أنهم يُخفون ما أحمد: هذا إذا كان عملُ يصنعون بوسائل كثرية ... أو يقومون به من مكان لا نستطيع الوصول له. في هذه اللحظة، اضطربَت الخطوط البيانية على شاشات الكمبيوتر ... فظنوا أن رقم ً «صفر» قد تأثر بما قاله «أحمد»، غري أنه أنهى الاجتماع قائلا َ : هناك من يحاول الدخول ً على خطوطنا ... والتجسس علينا ... انتظروا اتصالا ً آخر ... شكرا ... ٌّ انتهى الاجتماع، ورحل رقم «صفر»، ولم يترك أي من الشياطني مكانَه أمام جهاز َ الكمبيوتر؛ فكلهم كانوا يريدون اكتشاف َم َ ن كان يحاول اقتحام شبكتهم، والدخول على ً اجتماعهم، وسريع ٍّ ا ... شعروا أنهم قريبون جدا من الوصول إلى ذلك املتطفل ... الذي لم يكن غري «إلهام»، وفي بادئ الأمر ... ظنَّت «ريما» أن «أحمد» يُداعبها ... إلا أنها أطلقَت َ شديدة عندما عرفتها ... فالتفت حولهما الشياطني يتابعون حوارهما في شغف ... آهةً َ وقد عرفوا في النهاية أنها في منطقة املقابر ... ومعها «فهد»، وأن السائح الذي اصطحبه ً «عثمان» لم يكن ضابط ً ا بالإنتربول، بل عضو ُ ا في جهاز مخابرات دولة معادية ... وكذلك السائحة التي كانت برفقة «إلهام». ُّ أما عن املقبرة، فهي مقر قيادة عملية انهيار القلعة ... وهي و«فهد» الآن مقبوض ُ عليهما ... وتحت حراسة م َّشددة. 37


سقوط القلعة ٍ عمل ً وكأنما كان هذا الخبر ... أمر َّ ا للشياطني بالتحرك ... فقد كون «أحمد» مجموعةَ ٍّ من كل من «ريما» و«مصباح» و«عثمان» تحت قيادته ... واتصل برقم «صفر» يطلب منه ِذ ُ ن له ... وانتشر هدير املحركات الثقيلة بني أرجاء املقر ... فقد رأى َ َ الإذن بالتحرك فأ ُّ أن يستعينوا بأكثر السيارات تقدًم َ ا وقوة عندهم ... ومن أكثر من باب في املقر، خرجت السيارات متتابعة ... تحمل الشياطني، في أخطر عملية مزدوجة يقومون بها على أرض «مصر». ِّ فعليهم ... اكتشاف الإمكانات الحقيقية ملقر العصابة في منطقة املدافن ... وبعض من أسرار القلعة التي سيستفيد منها أعضاءُ «سايبرسبيس» في تنفيذ مخططهم ... واملهمة الأخرى هي تخليص «إلهام» و«فهد» من بني أيديهم. َوشِه َّ د ميدان الرماية ثلاث سيارات «لامبورجيني» فارهة تتقدمهم أحدث وأقوى َ سيارة في العالم «البراق»؛ ينطلقون في سرعة مخيفة ... وقد صدرت الأوامر لضابط املرور بتيسري حركة املرور في شارع «الهرم». وفتْ ِّ ح كل الإشارات التي تقطع الطريق ... والتزام السيارات بالتزام الجانب الأيمن منه ... مما ساعد الشياطني على قطع املسافة في دقائق قليلة ... وكذلك كان الحال في شارع «صلاح سالم». وحول القلعة ... دار «أحمد» دورتَني ... وكأنه يُعلن عن سيطرتهم على املكان واملوقف، ويُطمئن القلعة إلى أنهم معها ... وسيقفون باملرصاد ملن يقصدها بالشر. َّ وبجوار جدارها املرتفع تركوا سياراتهم ... وتفرقوا في طريقهم إلى منطقة املدافن ... عدا «أحمد» الذي تسلَّق بمهارة فائقة سور القلعة ... وبالطبع كان بإمكانه الدخول َّ من الباب الرئيسي ... إلا أن يشك َّ أن هناك خائنًا، متواطئًا مع عصابة «سايبرسبيس»، وقد يكون أحد الحراس في الجهة املقابلة للسور من الداخل، كان املتحف الحربي قد أغلق أبوابَ َّ ه وقل ُ عدد َ زوار القلعة؛ ولم يبق ٌ إلا نفر قليل من الجنود. ٍ وكان الحذاء الذي يرتديه «أحمد» يسمح له بالسقوط من ارتفاع ٍعال ... دون إصابة؛ ُّ بإمكانيات تجعله يمتص الصدمة، وقد شعر بذلك عندما قفز من أعلى ... وطار َّ لأنه مزوٌد َ ا على قدميه. ٍ لثوان َ في الهواء قبل أن يسقط واقفً َ ه على املكان ... فساد ُ الصمت والسكون ... مما أتاح له َ وكان الليل قد أرخى ستارتَ ُّ للتحرك بحريَّة. وعلى باب مدخل بئر «يوسف» ... وجد قُ ًفلا كبريًا ... فأخرج الفرصةَ َ ه الدقيقة للتعامل معه، غري أنه سِمع صوتًا يأتي من خلف باب املتحف الحربي ... أسلحتَ َ فتوار َ ى في ركن بعيد، حني رأى باب املتحف يُفتح ... وتخرج من خلفه مركبةٌ مجنزرة، تُشبه الدبابة تتَّجه إلى باب البئر. 38


ُّسر بئر يوسف! ٌ ت، ونزل منها رجل يرتدي أفرول أزرق، فعالج القفل، وفتح الباب، فَ وعند البئر توقَّ ٍ وخرج من املكتبة رجلان يحملان آلات تبدو كاملثاقب الكهربائية كبرية الحجم ... ونزلوا إلى البئر فمكثوا به وقتً ً ا طويلا ... ثم عادوا وتركوا ما بأيديهم ... وحملوا أوعيةً كالأنابيب َ الضخمة، وبدا من طريق سريهم ... أنها ثقيلة للغاية ... ونزلوا بها إلى البئر فانزعج َ «أحمد» مل ُّ ا يمر برأسه من خواطر ... فقد يكون املقصود بما يصنعون هو حقن الهضبة ِّدمر بنيتَ َّ ها، فآثر أن يقطع عليهم خط الرجعة وفرصة النجاة َّ التي تحمل القلعة بمواد تُ َ ة ورشاقة، حتى بلغ باب َ البئر دون أن يلاحظه ِ ... فقفز من مكمنه كالفهد ... وجرى بخفَّ َ أحد، فأغلقه وأعاد القفل مل َ ا كان عليه ... وكأنما شعر الرجلان بما حدث ... فقد سِمع َصوت ً طرقاتهما على الباب من الداخل ... فعاد إلى مكمنه سريعا، فرأى السائح الهارب يخرج من املركبة ويسري بحذر في اتجاه البئر ... فعرف أنه سيكشف ما حدث ... ورأى أن ُ يغادر املكان م ًسرع َ ا ... حتى لا يفزع ذلك الرجلني ... فيضيعا من بني أيديهم ... وتضيع ِ وصلهم إلى الجماعة كلِّها. معه بقيةُ الخيوط التي ستُ وكما دخل القلعة خرج منها برشاقة ومهارة فائقة ... وكان قبل أن يقفز من فوق ً السور إلى الشارع ... قد رأى الرجل يعود إلى مركبته سريعا ... دون أن يفتح الباب ... فرآها فرصةً لاصطياد الرجلني. فاستقل البراق وكالبرق انتقل من القلعة إلى «نيل املنيل» ... فترك السيارة ... بعد أن َّبد َ ل ملابسه بداخلها، ودون أن يلاحظ ٌ أحد نزل إلى املاء ... وقد كان في هذا الوقت من اليوم ً باردا ... وفي ظلمة الأعماق أخذ يبحث عن شيء طيلةَ أربع ساعات ... دون نتيجة. َّ عندما كان يطارد السائح عضو «سايبرسبيس» ونزل وراءَه البئر، فر منه الرجل تحت ُّ ه املمر َّ املاء ... فنزل وراءه واكتشف املمر َّ املائي الذي يَ ِصل البئر بمجرى النيل ... وقد أوصلَ إلى هذه املنطقة ... فلماذا إذن لا يستطيع الاستدلال على هذا املمر مرة أخرى ... هل تاه ٌ عن املكان ... أم أنه أغلق من داخل البئر ... وهو أمر جائز في هذه القلعة املليئة بالأسرار. َرب ِقاع َ النهر، فصِعد إلى سطح املاء َ وبعد عناء وجهد شديد ِ ين، عثر على مدخل ِّ املمر قُ ًسا عميقً ا ... ثم عاد إلى القاع مرة أخرى، ودخل املمر الذي استدل عليه هذه املرة ليأخذ نفَ َ بسهولة ... وأصبح قاب قوسني أو أدنى من عضوي العصابة ... املحبوسني الآن في البئر، ُ عد جدار البئر مما حثَّه على ضرب املاء بقوة وبعد أن سبَ َح ملسافة طويلة، ظهر له عن بُ وسرعة اللحاق بالرجلَني ... غري أنه اكتشف في نهاية املمر أنه يُفضي إلى مكان مختلف ً تماما عن بئر «يوسف»، إنه بئرٌ عميق مكشوف، وعلى جداره ثبتَ ُ ت أسياخ حديد كدرجات 39


سقوط القلعة َرت أعصابُه ... فقد يفقد ِهت «أحمد» ملا رأى خاصةً بعد ذلك الجهد املضني، وتوتَّ ُسلَّم. وبُ الرجلني مع هذا التأخري في الوصول إليهما. ِ إلا أن فضوله ورغبته في اكتشاف ِّسر هذا البئر، أثنَته عن العودة مرة أخرى، فتعلَّق بأول درجات السلَّ َ م ومك َث َّ على حاله حتى استرد عافيتَه، فتسلَّق باقي درجاته إلى أن وجد َ نفس ُ ه في النهاية م ً حاط ٍ ا بسور ٍعال ُ ... وحوله العديد من التوابيت ... فعرف أنها مقبرة ٌ وأن هذا البئر له اتصال بمجرى النيل، وبالربط ... واندهش لوجود البئر فيها ... خاصةً ُ بينه وبني البئر املوصل للقلعة ... عرف أنه طريق للطوارئ ... صِّمم للاستخدام في فترات ُ الحرب والحصار ... فمن غري املعقول بأن يكون هذا املمر املائي قد شَّق حديثًا ... لوجود الكثري من املوانع ... وليس هذا هو الأمر املهم ... بل املهم أنهم استفادوا من هذه املمرات في الإعداد لتنفيذ مخططهم. وملزيد من إرضاء فضول الشياطني، غادر «أحمد» البئر، للاطلاع على املنطقة املحيطة به ... وكانت تغرق في ظلام دامس ... لولا انفراط عقد النجوم في السماء ... لأصبحت في غاية الوحشة، وما بني رهبة الصمت ورهبة املوت ... تحرك بني التوابيت الحجرية يبحث عن املزيد من أسرار هذا املكان الذي يبدو أن أصحابَه يعتنون به بشدة؛ فالأشجار تملؤه ونبات الصبار بأنواعه املختلفة ينمو على جانبَيه ... إلا أنه توقَّف في دهشة وحرية ... فقد ٍقب ُّ في أحد التوابيت ... يشع َّ منه النور، وكان قد تخط ٍ اه، فعاد إليه على حذر َ لاحظ وجود ثُ ُ يه وهو م ً غمض الأخرى محاولا يتأمل ذلك الثقب وهو غريُ َ مصدق ... ثم ألصق أحد عينَ َ اكتشاف ِّسر هذا الضوء ... ومنبع ذلك النور. َ ولأن الثقب كان ضيقً ا للغاية وعميقً ا ... لم يستطع الاطلاع على ما يُرضي فضولَه، َّ فحام حول التابوت يتفحصه بعناية ... ليجد منفذًا يَ ُعبر منه إلى داخله ... فلم يجد مما زاد َّ من دهشته وحريته، فهل يوجد مدفن بلا باب؟ وإلا فكيف يُدخلون فيه موتاهم؟ وليس ُ ت نفس «أحمد» ٌ هناك احتمال ٌّ واقعي ٌ ... غري أن هذا الباب هو الآخر باب ٌّ خفي. واطمأنَّ ٍ لهذه النتيجة، وأخذ يبحث بني حجارته عن مدخل ٍّ خفي ... إلا أن الضوءَ الوحيد، الذي َ كان يخرج من الثقب الضيق اختفى هو الآخر، فوضع ٍ ه في حرية ٍّ وشك من أمره، إن كان َ ا ... أو لم يره؟ رأى هذا الضوء حقٍّ َ إلا أن اليقني الوحيد لديه الآن ... هو أن هذا املكان به حياة ... وهناك من يستخدمه َت على ذهنه فكرة ... وهي ملاذا لا في الخفاء، وهم إما أصحابه، أو دخلاء عليه ... وطرأ يكون مدخل هذا التابوت في جدار البئر العلوي والذي لا يَ ِصل إليه املاء. 40


ُّسر بئر يوسف! ِق درجات السلَّم الحديدي، باحثًا عن باب في جدار ُّ ورغم الإرهاق وقلة النوم، عاد لتسل البئر إلا أنه لم يَ ِص َ ل إلى شيء ... وبدا ضوءُ البطارية ... في يده يضعف وقدرة عضلات ق الدرجات الحديدية ُّ ْ يه على حمِل َ ه تضعف هي الأخرى ... وقدرة ساعديه على تسل ساقَ َ ث بها تضعف ... ودار ُ رأس َ ه ... وفقد اتزانَه ... ونظر تحته فوجد املاء والغرق في والتشبُّ انتظاره. 41


الانفجارات المدمرة! َ ولولا الرغبة العارمة في الحياة، لاستسلم ُ «أحمد» للإغماء، وسقط من أعلى إلى عمق البئر َ ته القوة ... وزادت قدرته على املقاومة فتسلَّق ومات غريقً ا، إلا أنه عندما شعر بالخطر، ملأَ ِ درجات السلم بمهارة ... وعند آخر درجة واتَته فكرةٌ شيطانية ... فقد تكون إحدى هذه الدرجات ... هي أداة التحكم في فتح هذا التابوت أو غلقه. َفصِع َ د ليحصل َ على مزيد من الراحة، قبل أن يشرع في اختبار فكرته ... إلا أن درجة َّ م الأخرية تحرَك َ ت تحت قدميه ... وأصابَته الدهشة، حني رأى غطاء التابوت يرتفع ومن السلَّ َ ث ليكون ٍّ مقرا وما شابه ذلك ... وشعر في هذه اللحظة تحته يبدو سكن كامل فسيح ... مؤثَّ أنه اقترب كثريًا من «إلهام» و«فهد» ... وبأن هناك علاقة بني هذا البئر وبئر «يوسف» وبني هذا املدفن والقلعة ... ولكن هل هناك علاقة بني هذا املكان وعصابة «سايبرسبيس»؟! ُ زاد الوخز ٍ على رسغ «أحمد»؛ فقد شعر به منذ ثوان َ أن املوقف شغله عن الالتفات له، ٍّ فضغط زرا في الساعة ... وتلقَّ ً ى اتصالا من «عثمان» أخبره فيه أنهم وصلوا إلى مخزن ملواد خطرة أسفل أحد الجوامع الصغرية القديمة املهملة ... ويشك أن يكون ل «سايبرسبيس»، ٌ وقد اتفق معه في هذا الظن ... فاختيار هذا املكان له هدف مزدوج. ً أولا: صعوبة تصديق وجود املواد الخطرة به. ثانيًا: إذا اكتُشف ... سيُ ً لصقون التهمة في الإسلام واملسلمني. وأخبره أيضا أنه أصبح قريبًا جدا من «إلهام» و«فهد» ... ولم يكن يدري وهو يُخبره بذلك أنهما تسلَّلا من سقف ٍّ َ التابوت املفتوح ... وهبط َّ ا الدرج الحديدي، وقبل أن يَ ِص َ لوا إلى سطح املاء، اتصلا به َ ا ... وأسرع ليلحق بهما. وفي عمق البئر عقد الثلاثةُ وأخبراه بمكانهما، فاغتبط لذلك كثريً ًحا فوق املاء ... وأن تبقى «إلهام» ً اجتماع ً ا سريع َّ ا تقرر على أثره أن يبقى «فهد» مسلَّ


سقوط القلعة ٌّ على شاطئ النيل بجوار فتحة املمر املائي يعاونها كل من «عثمان» و«ريما»، أما هو ... َ فسيعود إلى بئر «يوسف» لاصطياد هذين الرجلني املحبوسني داخله. وتحت سطح املاء اتخذ «أحمد» طريقَه إلى مدخل املمر الثاني املفضي إلى بئر «يوسف» ... واتخذَت «إلهام» طريقَ ها إلى شاطئ النهر. َ وبعد سباحة لأكثر من ساعة وجد «أحمد» نفسه داخل بئر «يوسف» ... فتحرك في ٍحذر ٍ شديد َ حتى يستطيع َ الإيقاع ِ بالرجلني دون إحداث َ جلبة ... إلا أنه عندما أخرج رأسه َ ا لأكثر من رجلني، وهذا يعني أن الباب قد فُتح ... وأن َ من تحت سطح املاء سِمع أصواتً َ الأصوات التي يسمعها قد لا تكون مل ً ن جاء يقبض عليهما ... ومعنى وجود الباب مفتوحا َ للهرب من الناحية الأخرى ... وأصبحت فرصتُه للقبض عليهم ضعيفة. أن لديهم فرصةً ولم يَ ُع َّ د أمامه غري تنفيذ خطة «فك َ ي القرش» ... وذلك بالاتصال ب «عثمان» ليستعني ببعض القنابل املسيلة للدموع ... ويقتحم بها البئر من الباب الرئيسي. َّ ومر ُ ت بضع َ دقائق قبل أن يسمع صوت «عثمان»، وهو يقول للرجال: عندي لكم مفاجأة في أسفل البئر. َ فنظر له الحاضرون في ذهول وحرية ... فمن يكون هذا ... وهو أصغر من أن يكون َ ضابط بوليس ... وظنوا أخريً ٌّ ا أنه لص ... فعاملوه باستخفاف ... إلا أن رؤية املسدس في ِ تهم يمتثلون لأوامره ... ويهبطون درجات سلَّ ٍّ م البئر في تأن ٍ وحذر ونية في التراجع يده جعلَ َ ... وفجأة وجد مسدس ِ أحد َّ هم موجًها إليه ... وقبل أن تخرج منه رصاصة، كانت رصاصة َ ت منه، فهبط الباقون الدرج بسرعة أكبر حتى اقتربوا من سطح مسدس «عثمان» قد نالَ َ املاء ... وعقب صفارة مميزة من «أحمد» ... رمى «عثمان» بالقنبلة املسيلة للدموع ... ولم ِ ت جنبات ِ البئر ُ أصوات ُس ُّ عالهم وتأو ُ هاتهم ... ثم ارتفع صوت ِ سقوط ِ تمض ٍ ثوان إلا وملأَ ٍ أجسام في املاء ... وساد بعدها البئرَ ٌصمت رهيب. ِ ثلاثة ُغلق من الخارج ... وأصبح َ وعاد «عثمان» ليخرج من الباب الرئيسي، فوجده قد أ ُ املوت قريبً َّ ا منه، بعد أن امتلأ البئر بالغاز الخانق ... ولكي يفر منه تحت سطح املاء كما ُ فعل أفراد العصابة، عليه أن يقطع املائة متر ارتفاع وهو مغمض العينني، ولا يتنفس، َ لقي وفي ذلك بالطبع صعوبة ... بل استحالة ... ولم يَ ُعد لديه غري اختيار واحد وهو أن يُ ً بنفسه في املاء من هذا الارتفاع ... ولكنه تراجع عن هذه الفكرة أيضا؛ فاملاء في قاع البئر ُّ ا ... مما سيؤدي لاصطدامه بالقاعدة الحجرية للبئر، مما يعني تكسرَ عظامه ... ليس عميقً ِسه ... وأصبح املوقف بالنسبة له عصيبًا. ِف ْ ه عن أخِذ نفَ ُّ وشعر «عثمان» بالاختناق، لتوق 44


الانفجارات املدمرة! وتحت املاء كان الأعضاء الثلاثة للعصابة يسبحون في املمر املائي حتى خرجوا منه ُ ع أحد َ هم وجود ِّ ليدخلوا إلى املمر ِّ الآخر املؤدي إلى البئر الواقع في أرض املدفن، ولم يكن يتوقَّ «فهد» على سطح مائه ... إلا أنهم كانوا يتمتعون بحذر شديد؛ فعند سطح املاء، أخرج َ هم رأسه في حذر ... يستطلع املكان ... وعندما ملح «فهد» غاص في املاء مرة ثانية ... أولُ وعاد من حيث أتى، ومن خلفه صاحباه ... ولم يَ ُعد أمامهم غري الخروج إلى مجرى «نيل الروضة»؛ حيث كانت تقف «إلهام»، وكان «أحمد» من خلفهما ينوي أن يُ َطبق عليهما من الجهة الأخرى. َل باب البئر برصاصة من مسدسه ... ففتحه وقفز إلى فْ أما «عثمان» فقد عالج قُ املصطبة الخارجية ومنها إلى خارج البئر. َ وفي هذه اللحظة ارتفع ٌ ت أصوات َ من هنا وهناك وهي تنادي قائلة: من هناك؟ َ وغمر املكان ُ ضوءٌ م َ بهر، أحال ظلام ً القلعة نهارا ... فجرى «عثمان» حتى وصل إلى ً املتحف الحربي، فعبر البوابة قفزا ... وتحت أول دبابة قابلَته من الدبابات املعروضة في ِّ املتحف استلقى على وجهه ... ولم يحرك ساكنًا. َ ، وامتلأ املكان بالجنود والضباط، ومنهم من يصطحب معه كلابًا وعلَت الجلبةُ ٌ ه أحد في مكمنه هذا ... بوليسية، وشعر «عثمان» بالخطر؛ فمن املستحيل أن يكتشفَ ِصل إليه. إلا الكلاب ... فما أسهل عليها أن تَ ِبعه ُ ى أحد ِ الضباط من جذب ِ الكلب له ونباحه املستمر، فطاوعه وتَ وبجوار البئر، عانَ إلى حيث يريد، فأخذه إلى املتحف الحربي ... إلا أن الباب كان مغلقً ا فطلب الضابط من َح الباب ... ثم أكمل طريقَه مع الكلب الذي وقف بجوار الدبابة، وانطلق النباح الحارس فتْ َّ ... ثم أخذ يطوف حولها وهو يلهث ويتشمم ... إلى أن أصاب الضابط امللل، فسحبه وعاد إلى بئر «يوسف». ِ ق الدبابة وقبع بداخلها ... عندما شعر باقتراب الكلب منه وفي أثناء ذلك كان قد تسلَّ تعطِلهما إلى أن فتَح لهما الحارس الباب. ... وقد انتهز فرصةَ ُّ وانتظر «عثمان» حتى هدأ الجو حول البئر، فخرج من مكمنه، واستطلع الأوضاع ً حوله، وخارج املتحف ... ثم عبر الباب قفزا بمهارة فائقة. َ يه الريح، حتى بلغ سور القلعة َّ وعندما اطمأن لعدم وجود أحد باملكان، أطلق لساقَ ِقه ... إلا أن التعب قد نال منه، فرأى أن ينام في ركن ما حتى الصباح، ُّ ... فشرع في تسل ً في ذلك قرار ٍ ا، شعر بوخز ٍّ في رسغه ... فضغط زرا في ساعته، وتلقَّى الرسالة، وقبل أن يتخذَ َّ كانت تقول: ««عثمان» توج ٌ ه إلى منطقة الروضة، الوضع حرج ... «أحمد» ...» 45


سقوط القلعة ق السور ببراعة وخفَّة، َ ه قد زادت إلى عشرة أضعاف ... وقام بتسلُّ فشعر أن قوتَ وفي دقائق رغم الجروح التي أصابَت أصابعه من النتوءات التي تملأ أحجار السور، ٍّ شعر «عثمان» أنه أصبح حر َ ا خارج أسوار القلعة ... فجرى على سيارته «اللامبورجيني»، َ وانطلق بها ليلحق ِ «إلهام» و«أحمد» ... وهو لا يعرف مدى حرج موقفهما. ُ كان «أحمد» لا يستطيع َ الخروج من املاء ... لازدحام املكان بشرطة املسطحات املائية؛ ُ حيث كانوا يبحثون عن ر َّكاب قارب سقطوا في عرض النهر، وكانوا قد عثروا على القارب ً فارغا، ولولا أن املهمة سرية لطلبوا معاونةَ شرطة املسطحات؛ لذلك كان وجود «عثمان» هم َ ا ... فقد يستطيع شغل رجال الشرطة بعض الوقت، حتى يتسنَّى لهم إخراج رجال ُم ٍّ العصابة. وعند وصول «عثمان» طلب مراجعةَ املقبوض عليهم من «سايبرسبيس»، فلم يجدهم، َ مما أزعج «أحمد» بشدة عندما عرف، وأسرع بالعودة إلى املمر املوجود به «فهد»، فلم ص ُّ ً يجده ... فقد عاد «فهد» مقبوض َّ ا عليه إلى املقر التابوت ... وأعد ُ ت هناك العَّدة للتخل منه ومعه بقيةُ الشياطني الأربعة ... وبنفس الطريقة التي اصطادهم بها «عثمان» من ُ قبل ... وذلك بأن فجروا قنبلة مسيلة للدموع في البئر ... وانتظر بعض َ رجالهم خروج الشياطني من منطقة الروضة ... وبذلك ليس أمامهم غريُ الاختناق تحت سطح املاء ... أو القتل برصاص العصابة. فقال «عثمان» ل «أحمد»: كم عدد رجالهم؟ أحمد: القادة ثلاثة! عثمان: واملعاونون؟ َ أحمد: لا أعرف ... ولكن لو استطعنا ضرب القادة ... فسيُسلِّم املعاونون أنفسهم. عثمان: كيف يحدث ذلك ولديهم «فهد»؟ َّ عطيها سر املقر ُ أحمد: سأتصل ب «إلهام» ... لتلف عليهم من منطقة املقابر ... وسأ التابوت. َ عثمان: ألا نطلب معاونة رقم «صفر»؟ َ أحمد: أريد فقط أن أطلب منه معاونةَ شرطة املسطحات املائية لنا. ِجبه ... فاتصل باملقر وبالفعل قام «أحمد» بالاتصال برقم «صفر» ... إلا أنه لم يُ َ وطلب منهم إبلاغ ً رقم «صفر» باملوقف كاملا وعليه الاتصال بهم بمجرد علمه. 46


الانفجارات املدمرة! حتى كان رقم «صفر» معه على الخط ... ورفض تدخ َل ِّ أي وما كاد يُنهي املكاملةَ ُّ جهة أخرى غري املنظمة فهي أوامر ... وعرض عليهم أن يُرسل لهم عونًا من الشياطني ... إلا أنهم رفضوا. َ وعقب اتصاله ب «إلهام» ترك َّ ت موقعها وتحرَكت بسيارتها إلى حيث منطقة املقابر، َ فيه ... حتى وقعت ثلاثةُ انفجارات استهدفَت وما إن اقتربَت من املبنى التي كانت محبوسةً التخلص منها. ورغم ذلك ... لم تتراجع، بل أكملَت طريقَ ها ... حتى اقتربَت من الباب الخلفي الذي لم يكن يعرفه غري العاملني بهذا املكان ... فانهالَ ُ ت عليها طلقات ً الرصاص سيلا. فَت سيارتُها ... ازدحم املكان بأسراب الكلاب املتوحشة ً ولم تتراجع أيضا ... وعندما توقَّ ُّ باحها ولهاثها تقشعر له الأبدان ... فلم تستطع مغادرةَ السيارة، ُ الجائعة ... وصوت نُ َ فعادت بها إلى الخلف عدة أمتار ... وتوقَّفت أثناء ذلك أكثر من مرة ... فقد كادت أن َ تصطدم بأحد الكلاب ... وعندما أصبحت على بُ ٍعد ٍ كاف من الباب أطلقَت العنان للسيارة َ ... التي علا عواءُ فراملها وهدير محركها ... فكادت تطري في الهواء من شدة سرعتها ... ها تلف وتدور حول التوابيت َ واصطدمت بالباب فقذفَت به لعدة أمتار ... ثم أكملَت طريقَ ُّ َ ... وتصطدم هنا بشجرة تقتلعها ... وبحائط فتهدمه ... وازداد ُ ت طلقات الرصاص ... حولها ... فلم تخدش سيارتها ... ولم يَ ِص َ ل منها شيءٌ إليها، ثم أدارت سارينةَ السيارة ... َ عد ... رأت مأسورة مدفع ... تحمل صاروخ ِ للفت ِ انتباه ِ «فهد» لوجودهم بجواره ... وعن بُ ُ أرض ... أرض ... وقد و ِّجَهت إليها وأصبح حاملُ َ ها على وشِك إطلاق الصاروخ. ولم تجد أمامها غري إطلاق العنان لسيارتها ... لتطري في اتجاهه ... وقبل أن ينطلق الصاروخ ليُ َطيح َ بها وبسيارتها ... كانت قد أطاحت به وبمدفعه. ٍ مسك بها كنوع من التمويه ... وعن بُ َ عد ملح َ ت «فهد» يتوارى بني أفرع أشجار يُ َ فتقدم َ ت بالسيارة لتقترب َ منه ... مما لفت أنظار أعوان «سايبرسبيس» له ... فأمطروه بوابل من الرصاص، ولكن لم يُصبْه منه شيء؛ لأن «إلهام» كانت قد وقفَ ً ت بسيارتها حائلا بينه وبينهم. َ وفتح «فهد» باب َ السيارة بجوار «إلهام» ... ورِك ً ب سريعا ... وانطلقَت «إلهام» تدور َّ ... حتى حدَدت هدفَها بدقة ٍ حول الأبنية القصرية ... التي يمتلئ بها املكان دورات سريعةً ْ ه ظه َر َ ها، وضغط ٍّ ت زر ٌ ا ... فانطلق من ماسورة بجوار ماسورة الشكمان صاروخ تْ ... ثم ولَّ 47


سقوط القلعة َ صغري اصطدم ً باملبنى ... وانفجر انفجار ً ا مروع َّ ا ... اهتز ُ ت له أركان َ املكان ... وارتفعت ً معه أشلاءُ القتلى، وهم جميعا أعضاء العصابة. َ وقد سِم َّ ع دوي هذا الانفجار باقي الشياطني الأربعة. ٍ وفي اتصال َ سريع عر َ فوا أن املهمة قد انتهت ... فقاموا بالاتصال برقم «صفر» الذي ً ى لهم التوفيق دائما في أداء مهامهم. َّ أكد على ثقته بهم وبقدراتهم ... وتمنَّ هما، فقال: هل هناك شيءٌ يُسعدك الآن؟ ً ثم سأل «أحمد» سؤالا ُم ٍّ أحمد: نعم ... فلن تنهار القلعة! 48


Get in touch

Social

© Copyright 2013 - 2024 MYDOKUMENT.COM - All rights reserved.