ساحر القرن العشرين Flipbook PDF

This book provides an exquisite journey deeply into the world of an ambitious wizard. Sabina, is a young lady who runs a

2 downloads 98 Views 18MB Size

Recommend Stories


Porque. PDF Created with deskpdf PDF Writer - Trial ::
Porque tu hogar empieza desde adentro. www.avilainteriores.com PDF Created with deskPDF PDF Writer - Trial :: http://www.docudesk.com Avila Interi

EMPRESAS HEADHUNTERS CHILE PDF
Get Instant Access to eBook Empresas Headhunters Chile PDF at Our Huge Library EMPRESAS HEADHUNTERS CHILE PDF ==> Download: EMPRESAS HEADHUNTERS CHIL

Story Transcript

Hajar Talouizet هاجر تلويزت


1 ♥ إهداء ♥ إلى كل قارء لهذا الكتاب: شكرا... اعلم أنك عزٌز)ة( و غال)ٌة(. أحبك...


2 تنبيه! هذه الرواية ال تبث للواقع بصلة. قد تبدو بعض األوصاف واقعية)تواريخ, أحداث تاريخية, طقوس السحر, أسماء...( لكن القصة خيالية.


3 "مأوى في عرين الشيطان" ♣ جمٌل أن ترى الخٌر فً شخص و تطمح لنٌل حبه إلى األبد... لكن مرارة الغدر أصعب من أن ٌعٌشها اإلنسان إلى األبد... إذا وجد فعال شًء اسمه إلى األبد...♣


4 تشاجرت سابٌنا مجددا مع أمها ألسباب تافهة تخص زوجها، وخرجت فً منتصف اللٌل غاضبة تتمنى لو أنها ماتت مع أبٌها فً ذلك الحادث الفظٌع عوض العٌشة الحالٌة. خرجت دون تفكٌر فً أٌة عاقبة، دون وجهة، دون هدف سوى رغبتها الشدٌدة فً رمً نفسها من أعلى جسر وٌكري... فً طرٌقها المجهول استوقفتها سٌارة ٌقودها شابان فً أوج الثمالة: هاي! هل ٌرغب الجمٌل فً صحبة؟ تعالً نقلك أٌن ما شئت بٌبً. تحت وطئة الغضب, انحنت سابٌنا وأمسكت بؤقرب حجر لحقته ٌدها ثم خبطت به رأس الشاب. آي رأسً ! أٌتها العاهرة المجنونة سؤذبحك و أرمٌك لكالب الشوارع، سؤغتصبك... ثم التفت الى صدٌقه الذي انفجر من الضحك وقال: انزل وامسك بها أٌها الغبً, أتضحك ! انزل وإال اغتصبتك أنت أٌضا.. هٌا أحضرها لً. سارعت سابٌنا للهرب ملتفته من حٌن آلخر لتصرخ فً وجه المعتوهٌن قائلة: تبا لك أٌها المخنث.. اذهبا الى الجحٌم أٌها الجبانٌن . استمرت فً الجري فً طرٌق الغابة حتى اختفت عن األنظار. ظالل فً كل مكان وأصوات مفزعة لحٌوانات قد تكون خطٌرة... استمرت سابٌنا فً الركض حتى تاهت عن نقطة البداٌة, وقفت لحظة تمحص المنطقة حولها فتذكرت قصة كانت تسمعها وهً صغٌرة عن الغابة المخٌفة وأنها مسكونة بؤشباح تسحب أرواح فرائسها من الناس الى قعر الجحٌم. تماسكت نفسها قائلة أنها مجرد خرافات ثم تابعت المشً بخطى غٌر ثابتة ٌمألها شًء من الفزع و التردد. وصلت لطرٌق مسدودة بؤشجار كثٌفة، و فً محاولة لها للمرور بٌنها لمحت بابا قدٌما من حدٌد فٌه نقش عرٌق ٌحمل رموزا ومعان غٌر مفهومة. أحست سابٌنا بالخطر وأرادت الرجوع لكنها لم تستطع تذكر الطرٌق الذي جاءت منه. استجمعت ما لدٌها من جرأة وشجاعة واقتربت من الباب الحدٌدي وحاولت فتحه... تعسر الفتح بداٌة لكن بدفعة قوٌة من سابٌنا فتح الباب مصراعٌه مخرجا رٌحا قوٌة كادت تردي بفتاتنا األرض. استرقت النظر


5 للداخل لكنها لم تستطع رإٌة أي شًء، ظالم حالك أكثر من طالع سابٌنا. التفتت تبحث عن حجر إلٌقاد نار تساعدها على الرإٌة ولما التفتت مرة ثانٌة ناحٌة الباب تفاجؤت باندالع أنوار داخل المكان دون سابق إنذار. أحست سابٌنا بؤن ما وراء الباب العجٌب لٌس باألمر, الهٌن لكن فضولها وخوفها من الغابة الموحشة وعدم رغبتها للعودة للبٌت كانوا أكثر من سبب ٌدفعها للدخول إلى المكان. فما الذي سٌكون أسوء من زوج أمها الزانً ؟ من كالب الشوارع ؟ ومن أشباح الغابة؟ مع أول خطوة داخل المكان, تبٌن لها أنه طرٌق طوٌل...تقدمت ببطًء شدٌد وهً تتحسس الجدران بٌدها وعٌناها لألمام مترقبة أي مفاجؤة غرٌبة كمفاجؤة األضواء. بعد وقت قصٌر, أحست سابٌنا بشًء من الهدنة والسكٌنة فسرعت خطاها قلٌال لكً تكتشف ماذا ٌنتظرها. بعد بضع لحظات تكاد تكون طوٌلة، وجدت نفسها فً نهاٌة الطرٌق...وجدت نفسها أمام قاعة ضخمة عالٌة ٌكاد المرء ٌقسم أنها بال سقف ٌحدها، وكانت مضاءة بالكامل . دخلت سابٌنا القاعة فً ذهول شدٌد لم تشعر به من قبل. بدأت تنظر وتدرس المكان مع أثاثه الفخم العرٌق ولوحاته المعلقة التً تحوي أكثر من ذكرى وأكثر من فكرة, بل أكثر من تارٌخ. أثار انتباهها لوحة واحدة تحمل رسمة ألشخاص, كؤنها لوحة لعائلة ترتدي ثٌابا فخمة من العصر الفٌكتوري ولوحة أخرى لشخص بمفرده آٌة فً الوسامة والحسن, مرتدٌا بذلة سوداء أنٌقة ومالمحه قاسٌة تضفً شٌئا من الرعب لجمال وجهه. فجؤة انطفؤت األضواء فً المكان ولم تعد سابٌنا ترى أي شًء. دب الرعب فً قلبها مجددا وبدأت تراودها أفكارعن أشباح وعفارٌت, وزاد رعبها عندما اندلعت أضواء خافتة طوال السلم الموجود وسط القاعة ترسم لها طرٌقها الوحٌد وسط الظالم المرٌب. لم تجد سابٌنا حال سوى اتباع األضواء، صعدت السلم وقلبها ٌكاد ٌخرج من مكانه من شدة الخوف, أمسكت بقطعة خشب وجدتها عند نهاٌة السلم لحماٌة نفسها من أي خطر مرتقب ثم استمرت فً اتباع األضواء . وجدت نفسها أمام غرفة مغلقة، بابها ٌحمل نفس رموز باب النفق الذي وجدت فً الغابة, أمسكت بالمقبض وفتحت الباب. وجدت غرفة شاسعة من الواضح أنها غرفة نوم، فٌها سرٌر فخم بؤغطٌة ملكٌة، دخلت سابٌنا الغرفة و بدأت تطلع على ما فٌها من أثاث... وجدت خزانة كبٌرة مزٌنة بكثٌر من الكتب، وفً نهاٌتها كتاب ممٌز شكله، أمسكت به فوجدت اسمه -الفصل األخٌر - لم تفهم معنى هذه الجملة فوضعت الكتاب جانبا على السرٌر، ثم استمرت فً االكتشاف. وجدت لوحة رائعة فً أحد الزواٌا . لوحة لفتاة جذابة شبه عارٌة تستحم فً بحٌرة تحت ضوء القمر... اقتربت تتحسس اللوحة بٌدها وعندما المست ظهرها وجدت مفتاحا، أمسكت به ونظرت حولها تبحث عن باب مغلق لفتحه أو ربما صندوق كنز أو حتى سرداب مخٌف، لكنها لم تجد شٌئا. جلست على السرٌر، تمددت ثم نامت من شدة تعبها.


6 بعد بضع دقائق, فتح باب الغرفة, فتحت سابٌنا عٌنٌها فإذا بها ترى رجال مشوه الوجه ٌقترب منها بسرعة فصرخت سابٌنا بكل قوتها ! ٌا إلهً أٌن أنا ؟ هل كان مجرد حلم ! أجل كان مجرد حلم مخٌف. قامت من السرٌر فزعة ونظرت حولها ببطًء محاولة استعادة ذاكرتها التً فقدتها لوهلة من أثر النوم. أجل تذكرت ! الباب فً الغابة وهذا القصر المخٌف والكتاب ! أٌن هو...؟ لم تجد سابٌنا الكتاب على السرٌر حٌث وضعته قبل أن تنام, ظلت تبحث عنه فً الغرفة فوجدته فً مكانه فً الخزانة ! هذا غرٌب أذكر أننً وضعته بجانبً على السرٌر, كٌف وصل الى الخزانة؟ أخرجت الكتاب مرة أخرى من مكانه, وضعته على السرٌر وعندما فتحته لم تجد سوى صفحات فارغة. قلبت صفحة تلوى األخرى... كانت كلها فارغة ماعدا الصفحة ما قبل األخٌرة. تمعنت فً ما كتب جٌدا واستطاعت قراءة الكلمات بصعوبة كبٌرة فالخط كان غٌر واضح تماما ! كما أن الحبر كان ملطخا وكؤن الكاتب كان ٌبكً أثناء الكتابة: " إنه الٌوم الحادي عشر من الشهر القمري. ٌا إلهً هل سؤموت الٌوم ! ال أصدق أننً وثقت بها لهذه الدرجة كٌف لها أن تخدعنً بهذه الطرٌقة، لماذا! لماذا خنتنً ولم تري منً سوى كل خٌر. لماذا! ...أحببتك أكثر من نفسً وألجلك انقلبت على أسرتً! أستحق ما ٌحصل لً, أجل سوف أموت الٌوم ولكن قبل أن أموت سوف... " سوف ماذا؟ أٌن التتمة؟ لماذا قطعت الصفحة األخٌرة ؟ كانت هذه الكلمات هً كل ما استطاعت سابٌنا إٌجاده، وبما أنها سابٌنا فمن الطبٌعً أن ٌعتلٌها الفضول الشدٌد لمعرفة القصة كاملة ومن ٌكون صاحب الكتاب. بل اتضح أنها مذكرات، إذن من هو صاحب هذه المذكرات؟ وأٌن أنا ؟ ما هذا المكان بالضبط ؟ وما الذي حصل هنا ؟


7 كانت هذه هً األسئلة التً خطرت ببال المتحرٌة الصغٌرة التً ال تعرف شٌئا عن التحري سوى االسم ذاته. لكن ذكاءها البؤس به، فإلشباع فضولها قامت بجولة ثانٌة فً الغرفة بحثا عن دالئل أخرى قد توضح لها الصورة... تلك اللوحة ! البد أن لها عالقة بالقصة. بحثت جٌدا فً كل زاوٌة من الغرفة ولكنها لم تجد شٌئا، جلست على السرٌر للحظة ثم خطر ببالها فكرة غبٌة اعتادت رإٌتها فً أفالم الرعب والغموض. نزلت تحت السرٌر وبدأت تتحسس األرض جٌدا فاستشعرت مجرى هواء من إحدى فتحات الخشب. ربما هناك غرفة سرٌة تحت السرٌر! ٌجب أن أجد طرٌقة للدخول. قامت من مكانها وبحثت عن وسٌله لكسر الخشب, وجدت سٌفا فً إحدى األروقة معلقا مع درع، حملت السٌف واتجهت نحو السرٌر أزاحته من مكانه ثم بدأت تضرب األرض الخشبٌة حتى أحدثت كسرا... استمرت فً نزع أطراف الخشب قطعة تلو األخرى حتى نجحت أخٌرا فً نزع جزء من األرضٌة، لكنها لم تستطع أن ترى شٌئا... فالظالم كان حالكا وكانت هناك رائحة نتنة ال ٌمكن تحملها. أسرعت نحو القندٌل المضاء فً الغرفة وحملته نحو الحفرة... فإذا بها تصدم من هول المنظر! لم تكن هناك غرفة سرٌة تحت السرٌر, بل كانت هناك جثة لم تتحلل كلٌا... أو ربما مومٌاء ! لم تستطع سابٌنا تحدٌد وضع الجثة التً وجدتها. اعتالها رعب شدٌد فلربما هناك قاتل ٌعٌش فً القصر ، ربما ستموت هً األخرى ، ربما لن ترى النور مجددا، أغمً علٌها وهً ال تفكر سوى فً أسوء السٌنارٌوهات. فتحت عٌنٌها ببطًء فإذا بها ترى سٌدة جمٌلة ترتدي فستانا مرصعا بالذهب. نظرت إلٌها الفتاة, ابتسمت ابتسامة باردة ومدت ٌدها لمساعدتها على النهوض. أجلستها على السرٌر و لم تنبت ببنت شفة. بقٌت سابٌنا تحدق فً ذهول, انتظرت لحظة ثم نطقت: من أنت ٌا آنسة ؟ لم تجبها الفتاة والتفتت تنظر للوحة المعلقة فً زاوٌة الغرفة. قامت سابٌنا من مكانها وسؤلتها:


8 هل هذه أنت ! أجل إنها أنت فعال, مالمحها تشبه مالحمك كثٌرا. تحركت الفتاة من مكانها وخرجت من الغرفة مشٌرة لسابٌنا أن تلحقها . بقٌت الفتاة تخطو خطوات ثابتة وسابٌنا ورائها، تتحرك فً القلعة وكؤنها تعرف كل ركن فٌها...وكؤنها عاشت هناك... وكؤنها صاحبة المكان ! وصلت لباب فً آخر رواق فً الدور الثالث من القصر, كان بابا ضخما مزٌنا عن آخره وفٌه ختم ملكً مرصع بالجواهر. وقفت سابٌنا تتعجب من جمال الزخرفة فاقتربت منها الفتاة وهمست فً أذنها : استٌقظً . أفاقت سابٌنا فزعة تنظر حولها. أكان حلما ! أٌن انا ! الجثة ؟ التفتت الى جانبها فوجدت الجثة فً مكانها , فقفزت سابٌنا بسرعة وهً تصرخ: ٌا الهً ما هذا المكان ! ما الذي ورطت نفسً فٌه ؟ تمالكت أعصابها قلٌال ثم قالت: تلك اآلنسة... ال بد انها جزء من الذي حصل هنا. وذلك الباب انا أذكره... أجل أذكر المكان جٌدا وكؤنه لم ٌكن حلما. قامت من مكانها واتجهت نحو الباب الذي اصطحبتها الٌه تلك الفتاة فً الحلم . أجل فً آخر الرواق هناك... أنا أراه. اقتربت سابٌنا من الباب... فعال, كان كما جاء فً الحلم! بذلك الختم المرصع بالجواهر. اقتربت منه وحاولت فتحه لكن بدون جدوى!


9 ال بد أن هناك مفتاحا لفتحه. لكن أٌن سؤجده ؟ مهال !... أذكر أننً وجدت مفتاحا خلف تلك اللوحة. اتجهت سابٌنا راكضة إلٌها. أٌن هو؟.. لقد كان هنا !... أها ! وجدته. ثم عادت مسرعة نحو الباب. فً طرٌقها سمعت صوت صراخ رجل ٌؤتً من إحدى الغرف فً الدور الثالث قبل وصولها لنهاٌة الرواق حٌث ٌوجد الباب المقصود. كان صوتا غلٌظا ٌمأله شًء من الحسرة والكره وكؤنه رجل ٌبكً من العذاب األلٌم. اختلط الخوف والحماس فً قلب سابٌنا, وترددت لحظة إلكمال الطرٌق. هل أخرج من هنا وأعود الى بٌتنا اللعٌن حٌث زوج أمً ومشاكلهما؟ ولكن... كٌف سؤجد طرٌقً وسط الغابة المظلمة والحٌوانات المفترسة ؟ وإذا أكملت وفتحت ذلك الباب ! ماذا لو أقحمت نفسً فً مصائب قد تودي بحٌاتً ! ٌا إلهً... ماذا أفعل ؟ سؤكمل أجل.. لٌس هناك حل... سؤكمل حتى الصباح ثم أخرج من هنا. قررت سابٌنا انتظار حلول الصباح للخروج من القصر ثم استجمعت قواها واتجهت نحو الباب المقصود. أدخلت المفتاح فً القفل ثم أدارته, فإذا به ٌفتح. إنه المفتاح الصحٌح فعال, إذن ال بد ان هذه هً غرفة الفتاة. أما تلك الغرفة االخرى حٌث الجثة فهً لشخص اخر بال شك. دخلت سابٌنا الغرفة. ٌا لها من غرفة ! كان جناحا ضخما فً بداٌته جزء لالستقبال, فٌه أرٌكة جمٌلة المنظر وتبدو مرٌحة أٌضا. فً نصفه األخر سرٌر على الٌمٌن وفً ٌساره مكتبة كبٌرة جدا بجوارها مكان صغٌر ٌبدو أنه خاص الرتداء المالبس. و كانت هناك مرآة عظٌمة الشكل على أطرافها األربعة نفس الختم الملكً الموجود على باب الغرفة الضخمة. دخلت سابٌنا بهدوء تراقب أجزاء الغرفة فً ذهول ، رفعت عٌنٌها للسقف فإذا بها ترى قبة دائرٌة الشكل مزٌنة بؤبهى أنواع الحجر.


10 ال بد أنها غرفة أمٌر أو أمٌرة...لكن لٌس هناك كرسً أمام المرأة أو مكان لمساحٌق التجمٌل... إذن لٌست أمٌرة بل أمٌر ! كان هذا استنتاج المحققة سابٌنا هولمز. اتجهت نحو المكتبة فً آخر الجناح وبدأت تبحث عن كتاب ٌشبه ذلك التً لم تجد فٌها تتمة, أو ربما ستجد مذكرات أخرى لشخص آخر من الحكاٌة. ظلت تبحث مدة طوٌلة لكن بدون جدوى. كانت كلها كتب عادٌة, رواٌات شكسبٌر وأغاثا كرٌستً وغٌرهما من الكتاب. أٌن سؤجد دلٌال آخر... أي شًء ٌشرح لً ما الذي ٌجري؟ تقدمت نحو المرآة العظٌمة فً أخر الغرفة. أبدو متعبة جدا, وكؤنً أكبر من سنً بعشر سنوات. فجؤة, وهً تراقب نفسها فً المرآة, لمحت انعكاسا لصندوق صغٌر ٌوجد تحت السرٌر, اتجهت نحوه, أخرجته, ثم فتحته. فإذا بها تجد صور قدٌمة وكتابا, أخذت الكتاب وفتحته. ٌبدو انها مذكرات ألحدهم أٌضا. بدأت تقرأ أول الصفحات: "حبٌبتً كاٌرا. كٌف أنسى انعكاس زرقة السماء فً عٌنٌك البلورٌتٌن وانت تلعبٌن فً الحدٌقة أمامً ، أعلم اننً ابن مالك القصر وانت ابنت حارس القصر, لكنً ال أهتم بهذه الفروق االجتماعٌة أبدا ، كٌف أبوح لك بما أشعر به..." "إنه الٌوم الخامس من شهر سبتمبر. استٌقظت صباحا كعادتً أنتظر دخولك لغرفتً إلحضار طعام الفطور, كم أحب رإٌتك وانت تدخلٌن علً حاملة الصحن بٌدٌك وكم أحب ان اسمع من شفتٌك جملة صباح الخٌر أٌها النبٌل..."


11 كانت سابٌنا تقرأ المذكرات وتمر بسرعة كل صفحة باحثة عن خٌط ٌشرح لها قصة الجثة المدفونة فً القصر. " إنه الٌوم الحادي العشر من شهر فبراٌر. البرد قارس هذه االٌام ، عالقتً بكاٌرا تسٌر على نحو جٌد . إنها تحبنً كما احبها تماما ولكننً خائف جدا من ردة فعل والدي حٌنما ٌعلم اننً ارغب فً الزواج من خادمة, ال أظنه سٌوافق ولكنً لن اترك حبٌبتً حتى لو اضطررت للهرب معها والعٌش بعٌدا عن القصر...انه الٌوم السادس من شهر مارس ، ال أصدق ان ذاك الوغد على عالقة بكاٌرا مستحٌل ان تخوننً وقد حددنا موعد هروبنا من القصر لنتزوج ، ال استطٌع التصدٌق ان اخً على عالقة بخطٌبتً مستحٌل ! لقد رأٌتهما معا فً غرفته كان ممسكا بها بقوة وهً تبكً وٌقول لها أقسم اننً لن اتركك الحد غٌري ، مستحٌل...انا أثق بكاٌرا لن تخوننً مستحٌل." كانت سابٌنا تتبع خٌوط هذه القصة بحذر شدٌد وتحاول جمع المعلومات وفهم ما الذي حدث فً هذا القصر: إذن ٌبدو أن هناك أمٌرٌن ٌحبان نفس الفتاة وأحدهما خان الثانً. كان هذا استنتاج سابٌنا من الذي قرأته ثم تابعت تقلٌب الصفحات. " إنه الٌوم االخٌر من شهر مارس. ذلك الحقٌر الفرٌد ٌحاول بشتى الطرق تخرٌب عالقتً بكاٌرا... كل تلك التهدٌدات بفضحنا أمام والدي واخباره بقصة هروبنا معا... لن أسامحه أبدا, سؤهرب أنا وكاٌرا اللٌلة, لن انتظر ٌوما آخر هنا... أجل, سؤذهب الٌها حاال ونهرب معا اللٌلة." كانت هذه آخر صفحة فً تلك المذكرات، لم ٌذكر فٌها شًء عن الجثة. ظلت سابٌنا فارهة الفم محبطة من عدم عثورها على خٌط متعلق بتلك الجرٌمة . مهال ! هناك شخص ثالث وانا وجدت مذكرتٌن فقط, ال بد ان هناك المزٌد. ٌجب أن أجد غرفة الشخص الثالث... أذكر أن اسمه كان ألفرٌد.


12 قامت سابٌنا من مكانها واتجهت نحو الغرفة حٌث سمعت ذلك الصراخ. كان قلبها مرعوبا من دخول تلك الغرفة بسبب ما سمعته سابقا ! كانت الغرفة فً بداٌة الرواق حٌث توجد غرفة النبٌل. وقفت أمام الباب وكان متلفا تماما, كان ٌبدو علٌه أثر الحرق. فتحت سابٌنا الباب ثم وقفت ترمً عٌنٌها للداخل بحذر شدٌد... كانت الغرفة مظلمة على عكس الغرفتٌن السابقتٌن وكانت تفوح منها رائحة الموت, تقشعر لها األبدان . أحست سابٌنا بشًء من الرٌبة, كان قلبها ٌخبرها أنها فً مكان خطر جدا وحٌاتها مهددة. التفتت ٌمٌنا وشماال تبحث عن شًء ٌساعدها على الرإٌة لكنها لم تجد... فتراجعت للوراء وخرجت تبحث عن قندٌل لإلضاءة. اتجهت الى غرفة النبٌل وحملت القندٌل ثم عادت للغرفة االخرى. مهال ! لم تضاء كل الغرف فً القصر تلقائٌا ؟ كٌف ٌحدث هذا !؟ بل لم لم تضؤ هذه الغرفة تلقائٌا كباقً األخرٌات !؟ كانت أسئلة سابٌنا معقولة وفً محلها ولكن اإلجابة شبه مستحٌلة بالنسبة إلٌها. كان جوابها الوحٌد هو أن القصر مسكون بؤشباح. توجهت نحو الغرفة المقصودة وكانت المفاجؤة الصادمة ! من أغلق الباب ؟ أنا متؤكدة أنً تركته مفتوحا ! إنه شبح القصر بال شك... ال بد أن اإلجابة فً هذه الغرفة وهو ٌحاول منعً من اكتشافها ! سؤدخل... مدت ٌدها للمقبض لفتح الباب فإذا بها تسمع بكاء خافتا فً الداخل. دب الرعب فً قلبها ثانٌة وتجمدت فً مكانها. كان الصوت خافتا لكنه واضح, إنه صوت رجل ٌبكً، تماسكت سابٌنا نفسها للحظة ثم قالت: من هناك ؟ توقف ذلك الصوت, فتقدمت سابٌنا للدخول. فتحت الباب بهدوء وقلبها ٌكاد ٌتوقف من شدة الخوف, ثم دخلت الغرفة وفً ٌدها القندٌل المضًء... كانت الحجرة مفزعة جدا ! كلها سوداء وكؤنها ملطخة بالحبر, كان ٌبدو علٌها آثار الحرق تماما كالباب. كانت حجرة ضخمة أٌضا وكان األثاث كله مغطى بؤوشحة بٌضاء متسخة, نزعت سابٌنا األغطٌة فكان األثاث مهترئا وعلٌه آثار حروق . األرٌكة والسرٌر حتى المكتب واألرضٌة والسقف, كل شًء ٌبدو علٌه آثار االحتراق.


13 ال بد ان هذه الغرفة قد حرقت من قبل. كان هذا استنتاج سابٌنا, ثم أضافت: ولكن... لم باقً الغرف لم تحترق؟ كٌف اندلع الحرٌق فً جزء واحد من القصر؟ وٌبدو أن الحجرة قد دمرت تماما بالنار... إذن فلم ٌطفئها أحد, وبقٌت مشتعلة حتى التهمت الغرفة كلها... ولكن كٌف لم تحترق الغرف المجاورة بل القصر أجمع !!! هذا غرٌب جدا ! كانت هذه االفكار والتحلٌالت تدور فً رأس سابٌنا وهً تكتشف زواٌا الغرفة المحروقة. كانت هناك نافذة صغٌرة قرب السرٌر على عكس الغرفتٌن السابقتٌن . اقتربت سابٌنا من النافذة، كانت تطل على الحدٌقة، كان منظرا جمٌال جدا. فجؤة, سمعت ذلك الصوت من جدٌد، صوت الرجل الذي ٌبكً. توقفت سابٌنا فً مكانها تنصت بتمعن وتنظر ٌمٌنا وشماال باحثة عن مصدر, الصوت لكنها لم تجد أحدا. لحظة واحدة, الصوت قادم من األسفل ! تبعت سابٌنا مصدر الصوت فإذا به قادم من وراء الجدار, جانب السرٌر, من جهة الٌسار. وضعت أذنها على الحائط فسمعت الصوت بشكل أفضل. نعم, ال بد أن هناك غرفة أخرى خلف الجدار, لكن كٌف سؤدخل ؟ بدأت سابٌنا تتحسس الجدار بٌدها فوجدت مقبضا توضع علٌه المالبس الطوٌلة كرداء النوم... كان وضع المقبض غرٌبا, فقد تدلى لألسفل وٌجب أن ٌكون لألعلى حتى ٌقدر على حمل الثٌاب . حاولت سابٌنا رفع المقبض... فإذا بباب ٌفتح فً الجدار. كما توقعت تماما, إنها غرفة سرٌة...


14 أمسكت سابٌنا بالقندٌل ودخلت لتلك الحجرة الخفٌة. كان هناك ممر ضٌق صغٌر وفً نهاٌته درج نحو األسفل, نزلت سابٌنا الدرج فإذا بها فً قاعة متوسطة الحجم, مضاءة بشعالت نار معلقة فً جوانبها. استغربت سابٌنا لذلك كثٌرا وزادت دهشتها كما زاد إحباطها أكثر... فهً ال تقترب من الحل, بل ٌزداد األمر تعقٌدا فً كل خطوة تخطوها لألمام. جلست لوهلة على كرسً هزاز كان فً القاعة قرب خزانة صغٌرة ملٌئة بالكتب, تفكر فً ما حل بها وما ٌجب فعله وكٌف ال ٌمكنها الخروج ألن اللٌل الزال فً أوجه.. مهال لحظة ؟ لقد مر وقت طوٌل وأنا فً هذا المكان والصباح لم ٌؤتً بعد ! مستحٌل! قامت من مكانها فزعة فإذا بالكتب تسقط فجؤة دفعة واحدة على االرض, فصرخت سابٌنا من الخوف : ٌا الهً ما هذا ؟ من هناك ! من أسقط الكتب ؟ أحذرك معً مسدس لن أتردد فً استعماله ! كانت تحذٌراتها هذٌانا نتٌجة الخوف الذي أفقدها حتى اآلن, نصف وزنها الذي ال طالما رغبت فً إنقاصه. ما هذه الكتب الغرٌبة؟ لم كلها بؤغلفة سوداء؟ وهذه الرموز ! رمقت سابٌنا كتابٌن لم ٌسقطا كالبقٌة على األرض، حملتهما ثم جلست على الكرسً وفتحت الكتاب األول فكان مذكرات لشخص ما. أها! البد أنها مذكرات المدعو ألفرٌد. ثم شرعت فً القراءة: " إنه الٌوم الثانً من شهر سبتمبر. أراها تلعب فً الحدٌقة كل صباح مرتدٌة ثٌاب الخادمة, ولكن جمالها فاق جمال األمٌرات. لقد سلبتنً عقلً وصرت عبدا لها،


15 حبٌبتً كاٌرا ... سؤفعل أي شًء ألحصل علٌك. أجل, سؤتحدى الزمان والمكان سؤتحدى العالم أجمع ولن تكونً ألحد غٌري...ذلك المغفل وٌلٌام ٌعتقد اننً أنادٌك كل ٌوم لغرفتً لكً أعلمك العزف على البٌانو وهو ال ٌدري اننً أسعد بقربك... وأتنفس رائحتك الزكٌة ... أجل, مع كل لمسة أذوب فٌك عشقا وأنت تعتقدٌن أننً ألمسك بالخطؤ وأنا أعلمك العزف ... أصبحت مجنونا بك وأقسم أننً لن اتركك أبدا حتى بعد موتً." " انه الٌوم السابع من شهر فبراٌر. جاءت كاٌرا إلً بناء على طلبً ، عبرت لها عن حبً و أخبرتها أننً لن أستطٌع العٌش بدونها وأننً أفضل لها من وٌلٌام. صرخت فً وجهً ألول مرة وقالت لً أنها ال تحبنً ولن تتزوجنً ٌوما حتى وإن كنت آخر رجل على وجه االرض . منذ أن سمعت كالمها وأنا غاضب جدا وزاد حقدي على وٌلٌام. لم اختارته هو ! ما الذي ٌملكه ذلك الحقٌر وال أملكه أنا ! أٌعقل أنها اكتشفت حقٌقتً ! أٌعقل أن كاٌرا ٌهمها الزواج من نبٌل لهذه الدرجة؟" أتمت سابٌنا القراءة وكلمات الفرٌد تفزعها بشدة. كانت قاسٌة جدا, مخٌفة, وال تعبرعن الحب أبدا بل تبدو كؤنها كلمات شخص مرٌض نفسٌا , مهووس بفتاة. كما أنها لم تفهم ما كان ٌقصده الفرٌد عندما تحدث عن حقٌقته: " إنه الٌوم السادس من شهر مارس. خطتً تسٌر كما أرٌد تماما ... وٌلٌام رآنً مع كاٌرا وظن أنها تخونه معً . كنت أهدد كاٌرا أننً سؤقتل وٌلٌام إن فكرت فً تركً والهروب معه. كاٌرا !... حبٌبتً الغبٌة كاٌرا... صحٌح ان جمالك فاق جمال القمر ونورك فاق نور الشمس ولكن عقلك ٌا حبٌبتً كعقل طفلة صغٌرة وأنا سؤستغل هذه الطفلة فً داخلك ألحصل علٌك لألبد ." استمرت سابٌنا فً تقلٌب الصفحات: " إنه الٌوم األخٌر من شهر مارس. قابلت كاٌرا الٌوم ،قالت لً أنها لن تخاف منً مجددا فوٌلٌام معها وسٌهربان معا قرٌبا. قالت لً أنها تكرهنً بشدة ولم أستطع تمالك نفسً...مستحٌل أن اتركها له ، لقد سلبنً وٌلٌام كل شًء... أبً أحبه أكثر


16 منً وحتى كاٌرا تحبه وتكرهنً ، سآخذ منه كل ما ٌملك سآخذ منه حٌاته إن استلزمنً األمر مستحٌل أن أخسر أمام وضٌع مثله أنا أفضل منه فً كل شًء، انتظر فقط وسترى ٌا وٌلٌام ." قلبت سابٌنا باقً الصفحات لكنها كانت فارغة تماما. ٌا إلهً هل سؤبدأ رحلة بحث أخرى عن كتاب آخر ! مهال اٌن الكتاب الثانً؟ أمسكت سابٌنا الكتاب الثانً فالحظت شكله الغرٌب. كان محكم اإلغالق بقفل وفً داخله مفتاح، أدارت المفتاح وفتحت الكتاب. فجؤة, انطفؤت األنوار دفعة واحدة ، صرخت سابٌنا بقوة ألنها أحست بشًء غرٌب ٌحدث حولها. سكتت لوهلة فسمعت صوت شهٌق وزفٌر قرٌب منها: ٌا للهول ! من أنت ؟ أظهر نفسك ؟ سكتت قلٌال ثم جاءها الجواب: أنا حارس البوكلٌر. ماذا! البوكلٌر؟ ماذا تقصد وكٌف لم ألحظ وجودك ؟ البوكلٌر هو اسم الكتاب الذي فتحته للتو ,انه كتاب سٌدي وقد وصانً بحراسته قبل موته. من هو سٌدك ؟ هل هو الفرٌد ؟ أجل إنه سٌدي الفرٌد ݣونزالٌس ابن أشهر سحرة القرن العشرٌن . ماذا قلت ! الفرٌد ݣونزالٌس ! أنا ..أنا اسمً ...سابٌنا ݣون...


17 أجل, أجل ... انت اٌضا من عائلة ݣونزالٌس, أنا اعرف ذلك فلو لم تكونً من ساللة سٌدي ما كنت حٌة اآلن. كنت قد قتلتك عندما فتحت البوكلٌر. لكن كٌف ! ٌا إلهً ما الذي ٌجري ؟ لم أعد أفهم شٌئا ! اهدئً قلٌال أٌتها اآلنسة الصغٌرة ، أ تظنٌن أنك وجدت القلعة بمحض الصدفة ! لو لم ٌكن دم ݣونزالٌس ٌجري فً عروقك ما ظهرت لك القلعة أبدا. ولكن ما عالقتً أنا باألمر! حسنا, حسنا... سآخذك قرنا للوراء سؤعود بك فً الزمن حٌث وقعت القصة حتى تفهمً ما حصل وما عالقتك باألمر. مهال... تؤخذنً عبر الزمن ! ال.. ال أرٌد... أرٌد الخروج من هنا والعودة ألمً ولزوجها السكٌر... أضئ األنوار فورا، أرجوك أرٌد الخروج. مستحٌل أن تخرجً من هنا. لكن لماذا ؟ ألنك مهمة جدا... ألن سكان هذا القصر لن ٌدعوك تخرجٌن... هناك روح ال زالت تتعذب وروح ترٌد االنتقام ، انت اآلن وسط دوامة ال مخرج منها سوى بإكمالها للقعر، فإما تنتصرٌن وإما تموتٌن ثمنا لما فعله أسالفك. وقفت سابٌنا فً الظالم تسمع كالم الحارس فً ذهول ورعب شدٌدٌن. إذن... هل انت مستعدة لرحلة قصٌرة عبر الزمن ؟ هكذا ستفهمٌن كل شًء .


18 عند انتهاء الحارس من كالمه, أنٌرت األضواء فً المكان ولم تستطع سابٌنا رإٌة أي شًء. أحست بدوار شدٌد وكؤن األرض من تحتها تتحرك فقال لها الحارس: اعلمً أنه ال ٌحق لك تغٌٌر ما حدث, فاكتفً فقط بالمشاهدة وانتبهً جٌدا ألدق التفاصٌل إن كنت ترٌدٌن الفوز بالتحدي وإنقاذ حٌاتك أٌتها اآلنسة الصغٌرة، عند انتهاء القصة ستعودٌن مباشرة لزمنك. مع كل كلمة قالها الحارس, كان ٌبدو أنه ٌتحدث من مكان بعٌد والبعد ٌزداد لحظة بلحظة... فجؤة انطفؤت تلك األنوار وفتحت سابٌنا عٌنٌها فإذا بها فً مكانها, ولكن الغرفة كانت مضاءة والكتب كانت فً الخزانة ولٌس على األرض . سمعت سابٌنا خطوات أحد قادم للقبو. من أنت ؟ هل هاذا انت أٌها الحارس ؟ ظهر لها رجل طوٌل القامة, عرٌض المنكبٌن, وسٌم جدا, شعره أسود باهت وعٌناه زرقاوٌن. من أنت ؟... لم ال تجٌبنً أنا أكلمك ! مر من جانبها وكؤنها غٌر موجودة. إنه ال ٌرانً ! هل عدت بالزمن للوراء فعال ! هل هذا هو ألفرٌد!؟ اتجه الرجل مباشرة إلى المكتبة, انتشل كتابا, جلس على الكرسً الهزاز وحمل قلما ثم بدأ ٌكتب : " إنه الٌوم الثانً من شهر سبتمبر. اراها تلعب فً الحدٌقة كل صباح مرتدٌة ثٌاب الخادمة ولكن جمالها فاق جمال األمٌرات . لقد سلبتنً عقلً وصرت عبدا لها ، حبٌبتً كاٌرا ... سؤفعل أي شًء ألحصل علٌك. أجل سؤتحدى الزمان والمكان سؤتحدى العالم أجمع ولن تكونً ألحد غٌري...ذلك المغفل وٌلٌام ٌعتقد اننً أنادٌك كل ٌوم لغرفتً لكً أعلمك العزف على البٌانو وهو ال ٌدري اننً أسعد بقربك لً واتنفس رائحتك الزكٌة ... أجل مع كل لمسة المسك اٌاها اذوب فٌك عشقا وانت


19 تعتقدٌن أننً ألمسك بالخطؤ وأنا أعلمك العزف ... أصبحت مجنونا بك وأقسم أننً لن أتركك أبدا حتى بعد موتً." كان الشاب ٌكتب هذه الكلمات وٌقرأها فً نفس الوقت، وقفت سابٌنا فً ذهول. إنه ...إنه ألفرٌد، ٌا إلهً صوته ! لكن كٌف...؟ راقبت سابٌنا ألفرٌد وهو ٌكتب ما ٌروٌه. عند انتهائه أغلق الكتاب, وضعه مكانه ثم هم خارجا. تبعته سابٌنا وهو ال ٌستطٌع رإٌتها، خرج من الغرفة السرٌة و أغلق الباب. ماذا سؤفعل اآلن؟ كٌف سؤخرج من هنا؟ لقد أغلق الباب ورائً ! مهال ال بد أن هناك ما ٌفتحه من الداخل. وضعت سابٌنا ٌدها على الجدار لتتحسس وجود مفتاح للباب, فإذا بٌدها تخترق الجدار وكؤنها شبح. ماذا ! أستطٌع العبور من الجدران. هذا رائع ! مرت سابٌنا بكامل جسدها من الجدار وهً مبتسمة ألول مرة ! كان ألفرٌد ال ٌزال فً غرفته اتجه نحو خزانته وأخرج مالبس جدٌدة. ٌرٌد تغٌٌر ثٌابه ! لم تستطع سابٌنا مقاومة وسامة الفرٌد, ظلت تراقبه وهو ٌنزع ثٌابه قطعة قطعة, لم تدر وجهها لحظة واحدة. كان جسده مفتول العضالت, واسع المنكبٌن, ضٌق الخصر, ولم ٌكن فً جسمه شائبة واحدة, و كان ٌتمٌز بشامة جذابة الشكل أسفل بطنه. كانت سابٌنا تراقبه بتركٌز شدٌد وكؤنها رضٌع ٌنظر ألمه ألول مرة. انتهى الفرٌد من تغٌٌر ثٌابه ثم خرج من الغرفة ولحقته سابٌنا. نزل الدرج ثم اتجه نحو الحدٌقة الخلفٌة مباشرة.


20 كان القصر مختلفا هذه المرة, كان ٌبدو علٌه الفرح والدفء, كان مضاء بؤشعة الشمس من كل زاوٌة, كان هناك خدم ٌنظفون القصر بؤسره, وكان الكل ٌضحك وٌلقً التحٌة وكؤنه العٌد. تفاجؤت سابٌنا من هذه األجواء. أ ٌعقل ؟... أ هاذا هو نفس القصر المخٌف ! خرج ألفرٌد للحدٌقة ووراءه سابٌنا. كانت هناك فتاة حسناء تلعب هناك وصوت ضحكتها ٌعلو كؤنه صوت موسٌقى عذبة تجر سامعها لاللتفات . كان ألفرٌد ٌحدق بالفتاة وكؤنها أمله الوحٌد فً الحٌاة, كؤنها سبب فرحته كلها ، وكان هناك شاب ثان ٌجلس على العشب وٌراقب الفتاة التً تركض فرحة بجانبه . إنه هو! أجل ال بد أنه النبٌل اآلخر وٌلٌام ! الحظت سابٌنا نظرات الغٌرة والحقد فً عٌنً ألفرٌد وهو ٌراقب أخاه بجانب كاٌرا, بقبضة ٌده المستعدة للكم وأسنانه التً عصرت فً فكه وكؤنه ٌتوعد. فجؤة, نادى ألفرٌد على كاٌرا بصوت قوي: كاٌرا! التفتت كاٌرا ووٌلٌام أٌضا ، ثم تقدم ألفرٌد الٌهما. كاٌرا... ألم تسمعً؟... نادٌتك... صمتت كاٌرا وقال وٌلٌام : ما الذي ترٌده منها؟ ألم ترى أنها بصحبتً. اصمت أنت, أنا ال أخاطبك, كاٌرا خادمة هنا وٌجب علٌها تلبٌة نداء سٌدها. كاٌرا لٌست خادمة أحد. راقب كالمك جٌدا ٌا أخً.


21 أ تجادلنً أٌها الصغٌر! أنسٌت أننً أكبر منك. تدخلت كاٌرا ووقفت بٌن الشابٌن قبل أن ٌنقض أحدهما على اآلخر ثم نظرت فً عٌنً ألفرٌد وقالت: كٌف أخدمك سٌدي؟ أجابها الفرٌد : أرٌد منك أن تعدي لً الطعام الذي أحبه. لكن هناك طباخ ٌشرف على الوجبات, هذا لٌس اختصاصً فً القصر. أجل, ولكنً أرٌد أن آكل من ٌدٌك هاتٌن. أمسك ألفرٌد ٌدي كاٌرا بابتسامه ساخرة ونظرات استهزاء لوٌلٌام. أجابت كاٌرا بهدوء : حاضر سٌدي. ثم غادرت الحدٌقة . بقً الشابان ٌتبادالن النظرات الحادة ثم انسحب ألفرٌد بعد برهة. كانت سابٌنا تراقب ما ٌحصل بدقة. عندما غادر ألفرٌد, قررت أن تتبع وٌلٌام هذه المرة. بقً وٌلٌام للحظات فً الحدٌقة ٌفكر بوجه ٌمأله الحزن والغضب, قام من مكانه, اتجه نحو القصر وسابٌنا ورائه تماما. ذهب الى المطبخ الذي ٌتواجد فً أحد األروقة خلف الدرج الكبٌر فً باحة القصر. كانت تلك أول زٌارة لسابٌنا لذلك المكان . لمح وٌلٌام كاٌرا تعد الطعام كما أمرها ألفرٌد تماما : كاٌرا ! ال أصدق عٌنً...أ تلبٌن طلبه ؟ انا مجبرة ٌا عزٌزي وٌلٌام أنسٌت أننً خادمة فً القصر.


22 ال! لست مجبرة على شًء, لم تنفذٌن كل أوامره؟ لم أعد أتحمل وقاحته.. وال ضعفك أمامه. وٌلٌام... أرجوك! ال داعً الفتعال المشاكل... نحن فً مرحلة حساسة جدا وألفرٌد ٌدري جٌدا ما ننوي فعله انا وانت, وقد ٌفسد علٌنا األمر فً أي لحظة. لذلك أنا أنفذ أوامره. حسنا ! ٌكفً، سؤضع حدا له اآلن. هم وٌلٌام بالخروج منتفضا من مكانه فقفزت كاٌرا الى حضنه مسرعة. أرجوك وٌلٌام. ال...ال تفعل... ألجلً ال تفعل أي شًء قد ٌفرق بٌننا... أرجوك عزٌزي ! هدأ وٌلٌام بفعل حضن كاٌرا الدافئ ...تنفس بعمق... ثم ضمها إلٌه بقوة والطباخ و سابٌنا ٌراقبان فً ذهول . خرج وٌلٌام من المطبخ خافضا رأسه لألسفل وكؤنه مهزوم فً معركة ، لحقته سابٌنا مسرعة وتبعته حتى دخل غرفته . إنها الغرفة الجمٌلة ذات الباب الهائل المتوج بذلك الختم العظٌم. كانت الغرفة أكثر جماال فً هذا العهد, دخلتها سابٌنا قبال, لكنها كانت أكثر إعجابا بزخرفتها وترتٌبها وأثاثها هذه المرة. مهال ! وٌلٌام وألفرٌد أخوٌن... إذن لم غرفة االخ األصغر أكثر جماال من غرفة األخ األكبر؟ ولم ال ٌوجد ختم على باب غرفة ألفرٌد ؟ كان سإال وجٌها وربما اإلجابة خٌط مهم لحل القضٌة.


23 راقبت سابٌنا وٌلٌام وهو ٌحمل مذكراته من ذلك الصندوق أسفل السرٌر ثم جلس علٌه وشرع فً الكتابة. على عكس ألفرٌد ، كان وٌلٌام دافئا جدا وحنونا أٌضا, كان شخصا ٌحترم الجمٌع فهذا واضح من ردة فعله الهادئة أمام أخٌه حٌنما ناداه بؤبشع األلفاظ فً الحدٌقة . كان شابا وسٌما أٌضا, متوسط الحجم, ذو جسم ممشوق بشعر أشقر وعٌنٌن ساحرتٌن بلون العسل الذهبً, وحمرة نار العشق تتوهج فٌهما... بعد برهة نام وٌلٌام على سرٌره وهو ٌكتب مذكراته, فتركته سابٌنا و غادرت. وقفت امام الباب الضخم تفكر فٌما علٌها فعله, فإذا بتلك األضواء الساطعة تظهر مجددا من العدم وشعرت بهزة أرضٌة خفٌفة . عند انقشاع االضواء وجدت نفسها فً مكانها ثم قالت : ال بد أننً فً ٌوم آخر. عادت الى غرفة وٌلٌام ولم تجده هناك . أجل, إننً فً ٌوم آخر. اتجهت مباشرة لغرفة ألفرٌد, وقبل أن تدخل عبر الباب سمعت صوتٌن ٌتشاجران؛ صوت ألفرٌد وصوت كاٌرا. دخلت بسرعة فرأت ألفرٌد ٌمسك بكاٌرا بقوة وهً تبكً, وعٌناه ٌستشٌطان غضبا : سؤقتله, أ تسمعٌن؟... سؤقتل وٌلٌام إن حاول أخذك بعٌدا عنً وسؤقتلك إن تزوجت بؤحد غٌري . ألفرٌد. أرجوك افهمنً, انا احب وٌلٌام أكثر من نفسً وهو ٌحبنً أٌضا, انا ال أكن لك أي مشاعر سوى مشاعر االحترام, أرجوك, اتركنً أذهب . ما الذي ٌملكه وٌلٌام وال أملكه انا... ها ؟ قولً.. أنا أوسم منه وأذكى منه وأقوى منه أٌضا, لم اخترته هو؟ أجٌبً. الحب ٌا ألفرٌد ال ٌعرف قانونا ، انا أحب وٌلٌام لروحه وقلبه الحنون الذي مألنً دفئا وغطآنً عشقا.


24 هذا كالم فارغ ! فجؤة أحست سابٌنا بؤحد قادم ناحٌتهم, خرجت عبر الباب لترى من هو, فإذا بوٌلٌام قادم بعد سماع صوت شجار... اقترب وٌلٌام من الباب ووضع أذنه علٌه لٌحاول سماع ما ٌحدث . انت لً, أتفهمٌن ! ال أستطٌع العٌش بدونك ولن أتركك ألحد غٌري مهما كلفنً األمر. نظر وٌلٌام من قفل الباب فرأى أخاه ممسكا بذراعً كاٌرا وهما ٌتبادالن النظرات . وقف وٌلٌام مصدوما وسابٌنا تراقب المشهد كامال كؤنها فً مسرحٌة . غادر وٌلٌام مكانه الى غرفته راكضا, تبعته سابٌنا مسرعة فرأته ٌدمر أي شًء أمامه وهو ٌبكً بحرقة معتقدا ان كاٌرا , حبٌبته الوحٌدة, تخونه مع أخٌه الوحٌد. تؤلمت سابٌنا لذلك المشهد وتمنت لو انها تستطٌع إخباره بالحقٌقة؛ تخبره ان كاٌرا لم تخنه, وأن أخاه سافل وال ٌستحق حبه وال عطفه علٌه. تمنت سابٌنا لو تقدر أن تضم وٌلٌام ,فالعناق هو أكثر ما ٌحتاجه هذا النبٌل اآلن . خرجت سابٌنا من الغرفة حانٌة رأسها بقلب ٌمأله الحزن واألسى على وٌلٌام, منزعجة من ضعف كاٌر أمام ألفرٌد, وغاضبة جدا من األخ المنحط الذي ٌكٌد ألخٌه من وراء ظهره. بقلب مغموم, مشت سابٌنا فً أروقة القصر بدون وجهة, وال تعلم ما الذي علٌها فعله. مرت بقرب أول غرفة دخلتها حٌن وجدت القصر؛ تلك الغرفة حٌث توجد اللوحة. دخلتها سابٌنا فوجدتها كما هً تماما. لم ٌتغٌر فٌها شًء. نظرت للوحة فكانت فارغة؛ لم تكن هناك أي رسمة ! لكن... أٌن هً تلك اللوحة ؟ أٌعقل أنها لم ترسم بعد ! توجهت سابٌنا لخزانة الكتب بحثا عن المذكرات التً تحوي صفحات فارغة وكالما غٌر مفهوم. أٌن هً تلك المذكرات ! ال أراها فً مكانها ، أ ٌعقل انها لم تكتب بعد هً األخرى ! تذكرت سابٌنا مكان الجثة تحت السرٌر فؤسرعت لتفقدها، لكنها ال تستطٌع... إنها مجرد شبح فً هذا العصر ولن تستطٌع لمس أي شًء, فزاد إحباطها اكثر.


25 فجؤة, أحست بؤحد ما ٌقترب ناحٌة الغرفة ، فتح الباب ببطء شدٌد. من ؟.. ألفرٌد ! ما الذي جاء به الى غرفة كاٌرا ؟ ما الذي ٌرٌده ٌا ترى ؟ دخل ألفرٌد بطرٌقة مشبوهة وكؤنه لص. نظر ٌمٌنا وشماال ثم أسرع نحو خزانة مالبس كاٌرا، فتح الدوالب وأخرج قفازا أبٌض وضعه فً جٌبه, ثم أغلق باب الدوالب ثانٌة وهم خارجا بابتسامة ساخرة على شفتٌه. قبل أن ٌفتح الباب, تؤكد جٌدا من أن الطرٌق خال. كان واضحا لسابٌنا أن ما قام به ألفرٌد اآلن ,لٌس بؤمر عادي . مستحٌل أنه ٌرٌد قطعة من ثٌابها لٌشم رائحتها لٌال وهو نائم على سرٌره ! البد أن فً األمر حٌلة وٌجب أن أكتشفها فورا. قررت سابٌنا أن تتبعه مجددا... خرج ألفرٌد مسرعا نحو الخارج وخلفه سابٌنا. ذهب لمكان خارج القصر لم ٌسبق لسابٌنا أن زارته ولم تكن تدري وجوده أصال . كان المكان ملٌئا بالصخور, غٌر جمٌل بتاتا وٌبدو علٌه اإلهمال؛ وكؤن ال أحد من سكان القصر ٌقضً الوقت فٌه. كان ألفرٌد واثقا مما ٌفعله جٌدا وٌعرف المكان أٌضا, و كانت سابٌنا تراقبه. حسنا, سؤبدأ العمل. أخرج ألفرٌد حجرٌن من وسط األحجار الكثٌرة, وكانا مختلفٌن تماما عن البقٌه, كؤنهما ألماستٌن بلونٌن مختلفٌن أحدهما أحمر والثانً أصفر. ٌبدو أن الفرٌد أخفاهما وسط هذا الصخر حتى ال ٌتم العثور علٌهما. كان ذلك استنتاج سابٌنا المتواضع. أمسك ألفرٌد الحجرٌن؛ كل فً ٌد, رفع رأسه للسماء وأغلق عٌنٌه ,ثم تمتم بكلمات غٌر مفهومة البتة. وقفت سابٌنا تشاهد فً ذهول وال تدري ما الموضوع. بعد مرور بضع ثوان شع نور من كال الحجرٌن وبدأت ٌدا ألفرٌد ترتجفان وتغٌرت نبرة صوته وكؤنه ٌعانً من ألم لكنه لم ٌتوقف عن ترتٌل ترانٌمه,


26 وفً كل لحظه تمر ٌرتفع صوته أكثر فاكثر, وترتعد ٌداه أكثر وأكثر, حتى ظنت سابٌنا أنه سٌسقط على األرض . توقفت الترانٌم , وتنفس ألفرٌد الصعداء بعد توقف ٌدٌه عن االرتجاف؛ لكن, كان ٌبدو علٌه تعب شدٌد وكان مرهقا للغاٌة. بعد ان ارتاح لوهلة أخذ شهٌقا عمٌقا كؤنه استفاق من النوم ثم أطلق ضحكة قوٌة ٌكاد ٌسمعها كل من فً القصر. كانت هذه االحداث غرٌبة جدا لسابٌنا, فهً لم تر مثل هذا من قبل. عاد ألفرٌد للقصر و ورائه فتاتنا الصغٌرة. دخل حجرته ثم اتجه الى قبوه السري ، كانت هناك طاولة مجهزه وسط القبو وعلٌها الكتاب الذي ٌحرسه ذلك المخلوق, انه البوكلٌر , وقف أمام الطاولة وفتح الكتاب . كانت سابٌنا فً انتظار ظهور الحارس ولكنه لم ٌؤتً. اخرج الفرٌد قفاز كاٌرا ووضعه على الطاولة ثم جرح ٌده بسكٌن كان موضوعا على الطاولة، أسقط قطرات الدم على البوكلٌر وهو مفتوح فظهرت بعض الكلمات الغرٌبة ثم شرع ألفرٌد فً قراءتها وهو ٌحمل كل حجر على ٌد وقفاز كاٌرا موضوع أمامه. ظلت سابٌنا تراقب تلك الشعائر فً استغراب وخوف شدٌد. بعد بضع ثوان توقف ألفرٌد عن الكالم ثم سقط أرضا. بقٌت سابٌنا جامده فً مكانها ال تدري شٌئا مما ٌحصل. بعض مرور بعض الوقت, استٌقظ ألفرٌد وبدأ ٌضحك بهستٌرٌة مرعبه ثم قال : فلنرى األن كٌف ستنتصر علً ٌا وٌلٌام . قام من مكانه, وهم خارجا وهو ال زال ٌضحك. بقٌت سابٌنا مسمرة فً مكانها من هول المنظر. بعدما أفاقت من ذهولها, صعدت الدرج مسرعة خلف ألفرٌد. رأته وهو ٌخرج من باب حجرته بعدما مسح عن ٌدٌه بقاٌا دمه فتبعته وهو متجه نحو غرفة كاٌرا . دق الباب واستؤذن للدخول : عزٌزتً كاٌرا... كٌف حالك ؟ التفتت الٌه كاٌرا بعدما كانت تحدق فً نفسها فً المرآة وقالت: ألفرٌد ! ما الذي جاء بك ؟ تقدم إلٌها وأمسك ٌدها و وضع الٌد األخرى على وجنتها ثم نظر فً عٌنٌها بشكل مخٌف وقال: سترفضٌن الهرب والزواج من وٌلٌام.


27 كررت ورائه كاٌرا : سؤرفض الهرب والزواج من وٌلٌام . ثم قال: وستنسٌن حبك لوٌلٌام شٌئا فشٌئا ، اعلمً أنه ال ٌحبك ولٌس فتى أحالمك. كررت ورائه: سؤنسى حبً لوٌلٌام ألنه ال ٌحبنً ولٌس فتى أحالمً . تكلم الفرٌد مجددا : هذا صحٌح ، انا الوحٌد الذي ٌحبك بحق, أنا فتى أحالمك وستتزوجٌن بً. سكتت كاٌرا للحظة, وكؤنها تقاوم فً داخلها. فترك ألفرٌد ٌدها ثم أمسك بكلتا وجنتٌها بقوة وغرز عٌنٌه فً عٌنٌها وقال بصوت غلٌظ تقشعر له األبدان من الرعب : ستتزوجٌن بً... وانا هو من ٌحبك بحق. اآلن أعٌدي كالمً هذا. اعادت كاٌرا كالمه والدموع تسقط من عٌنٌها. راقبت سابٌنا هذا المشهد المخٌف فً ثبات وهً تحاول جمع أكبر قدر من المعلومات. فهمت أن ألفرٌد لٌس مجرد رجل ثري وضٌع بدون أخالق, بل هناك سر ورائه وسر خطٌر جدا. الطالما استغربت ألمر ألفرٌد فهو تلقى تربٌة نبالء منذ الصغر وشكله ٌوحً بؤنه رجل راق شهم وقوي, ٌغٌث الضعٌف وٌحب الخٌر؛ لكنه عكس ذلك تماما ! بل األسوأ أنه ٌمارس السحر والشعوذة. كٌف تعلم كل هاذا ؟ أٌن ومتى !؟ بل من علمه وهو عاش كل حٌاته فً هاذا القصر مع اخٌه وأسرته !


28 كانت هذه أسئلة البد من اإلجابة علٌها. قبل أن ٌطلق ألفرٌد سراح كاٌرا, جاء وٌلٌام ٌدق الباب ٌنادي علٌا. بدت عالمة السعادة على وجه ألفرٌد ثم التفت الى كاٌرا وقال لها: األن ستخبرٌن وٌلٌام بالذي قلته لك بالحرف الواحد. نادى وٌلٌام للمرة الثانٌة من وراء الباب ولم ٌجبه أحد ففتحه وهم داخال. كانت نظرات وٌلٌام ٌمألها األلم عندما رأى أخاه ممسكا بخطٌبته فً غرفتها ، سكت قلٌال ثم انقض على ألفرٌد بسرعة كبٌرة وبدأ فً لكمه. وقفت سابٌنا وكارٌا ٌراقبان األمر فً ذهول ، كان وٌلٌام ٌضرب ألفرٌد بكل قوته وٌصرخ فً وجهه قائال: لماذا ! لماذا ! لم ٌبد الفرٌد أي رده فعل, بل كان ٌبتسم فً سرور لرإٌة أخٌه وٌلٌام ٌعانً بهذا الشكل. كان الوضع ٌزداد غرابة بالنسبة لسابٌنا وكان خوفها ٌكبر كل لحظة من المدعو ألفرٌد, فقد فاق كل توقعاتها فً الشر والحقد . توقف وٌلٌام بعدما انتفخ وجه الفرٌد من شده وقوة الضرب وسال الدم من انفه ومن فمه. ثم وقف ٌلهث كانه بركان ثائر وانفجرت أسارٌر الفرٌد من الضحك بجنون. كان المنظر مرعبا فً الغرفة ، توقف الفرٌد لحظه عن الضحك ثم التفت الى كاٌرا وقال لها : هٌا ٌا دمٌتً الحلوة, أخبري هذا األبله الحقٌقة. التفت وٌلٌام الى حبٌبته كاٌرا وقال لها : ما األمر؟ هل آذاك اخً ! أخبرٌنً... ما الذي حصل ! ال تخافً... انا معك... سؤقتله ان آذاك, فقط قولً لً كل شًء... هٌا ! رفعت كاٌرا عٌنٌها الى حبٌبها الذي كان على وشك ان ٌصبح رفٌق دربها حتى الموت, نظرت فً عٌنٌه الحزٌنتٌن ثم قالت له بصوت جرٌح :


29 أنت لست من أحب ٌا وٌلٌام ، انا ...انا احب الفرٌد ، وسؤتزوجه ، انت ...انت لست فارس احالمً ، لست فارس احالمً. وقف وٌلٌام ٌسمع هذه الكلمات التً أدخلته فً صدمة قوٌة جعلته شاحب اللون. صمت قلٌال ثم قال : م..ماذا تقول..ٌن ! مستحً...ل ! كاٌرا ! تدخل ألفرٌد بسرعة قبل أن تجٌب كاٌرا, وقال بلهجة مثٌرة لالستفزاز : لقد سمعت الحقٌقة اآلن ، كاٌرا تحبنً أنا وال تحبك انت... هً اختارتنً أنا ولٌس أنت. أنت كنت مجرد لعبة تتسلى بها كاٌرا ألنك لست أكثر من طفل أبله صالح لالستغالل. أطلق ضحكة مدوٌة كالرعد ثم اقترب من كاٌرا وضمها إلٌه وهو ٌنظر فً عٌنً وٌلٌام وٌتلذذ بعذابه الواضح فٌهما, بٌنما ظلت كاٌرا جامدة فعال كالدمٌة كما وصفها ألفرٌد, ووجهها بارد وكؤنها مجرد جثة بال روح. أمسك ألفرٌد ٌدها وقال لها أمام وٌلٌام: سؤتزوجك بعد ثالث اٌام, حٌث سٌكون القمر مكتمال. وسؤقٌم لك حفال ضخما فً القصر لم ٌشهد له سكان المدٌنة مثٌال من قبل... رفعت كاٌرا عٌنٌها ونظرت فً عٌنً وٌلٌام الذي كان ٌنظر إلٌها هو اآلخر... دمعت أعٌنهما معا وكؤنهما ٌستنجدان ببعضهما البعض فً صمت؛ وٌلٌام ٌصرخ لحبٌبته كاٌرا أن تعود إلٌه وٌتمنى الموت على العٌش بدونها ، وكاٌرا تصرخ لحبٌبها وٌلٌام أن ٌنقذها من براثٌن ألفرٌد ، لكن لغة األعٌن غٌر كافٌة إلٌصال الرسالة... دمعت عٌنً سابٌنا وهً تراقب ما ٌحدث، دمعت عٌناها وانكسر خاطرها النكسار قلبً الحبٌبٌن... خرج وٌلٌام مطؤطؤ الرأس وبقٌت كاٌرا فً غرفتها مع ألفرٌد ، بٌنما كانت سابٌنا واقفة شاردة الذهن تفكر بحالها وحال المسكٌنٌن. ظهر ذلك الضوء مرة أخرى ولم تستطع رإٌة أي شًء. فجؤة سمعت صوت الحارس ٌقول لها:


30 بقً اآلن الفصل األخٌر من القصة... استعدي جٌدا. اهتزت األرض هزة واحدة, ثم توقفت وانقشعت األضواء.


31 "الليلة القمرية في أولشتاين" ♣ ألم الفراق أشد من سٌف على رقبة، و الموت عند فراق حبٌب أهون...♣


32 إنها مدٌنة أولشتاٌن البولندٌة حٌث تقع أحداث قصتنا. مدٌنة متوسطة الحجم فً التسعٌنات, و كان سكانها كاألسرة الواحدة. فتحت سابٌنا عٌنٌها وكالعادة كانت فً مكانها ولكن فً وقت آخر. سمعت ضجٌجا عالٌا فخرجت من مكانها لتفقد االمر, فإذا بها ترى حشدا من الناس ٌملإون القصر مرتدٌٌن ثٌاب حفل . ال بد أنها لٌلة الزفاف ! أٌعقل ان ألفرٌد ٌفوز فً النهاٌة !؟ عادت سابٌنا تركض لحجرة كاٌرا . لكن أٌن هً كاٌرا؟ لم لٌست فً غرفتها تستعد ! فجؤة, لمحت سابٌنا اللوحة الفارغة فً زاوٌة الغرفة. تلك اللوحة... ٌا إلهً ما الذي ٌحصل ؟ بعد برهة سمعت سابٌنا صوتا عالٌا ٌقول: أٌها الحضور الكرام, أرجو منكم أن ترحبوا بالعروسٌن. خرجت سابٌنا بسرعة لرإٌة ما ٌحدث؛ فإذا بكاٌرا ترتدي فستانا مرصعا بالذهب، نفس الفستان الذي كان ترتدٌه حٌنما زارتها فً حلمها. دخلت العروس القاعة وحٌدة ، استغرب الحضور لألمر وتكاثرت الهمسات واألسئلة وكانت كاٌرا تبدو غٌر مهتمة البتة, وكؤنها مجرد جسد بال روح, تتحرك كالموتى األحٌاء, وعٌناها باردتان كبرود مالمح وجهها . فجؤة دخل وٌلٌام القاعة ومعه ألفرٌد مقٌد بسلسلة حدٌدٌة. سحبه وٌلٌام الى وسط القاعة حٌث تقف كاٌرا وقال له فً وسط ذهول الجمٌع : حررها اآلن ٌا فاردٌموم. حررها وإال أقسم اننً سؤنهً حٌاتك أمام الجمٌع أٌها الساحر الخبٌث. كانت سابٌنا تنصت لكلمات وٌلٌام فً ذهول شدٌد.


33 ماذا قال؟ لقد ناداه باسم آخر ! ال أفهم شٌئا مما ٌقوله وٌلٌام ! ظل ألفرٌد ساكتا للحظات فرفع وٌلٌام ٌده للسماء ثم ضربه على وجهه بكل قوته حتى ألقاه طرٌحا. ألم تسمع ما قلته أٌها اللعٌن؟ سؤقتلك اآلن... أقسم أننً سؤقتلك وأحرر هذه المدٌنة من شرك حتى وإن كان هذا ٌعنً أن أضحً بجسد ألفرٌد. أطلق ألفرٌد ضحكته المعهودة... نهض من على األرض وقال: ألم تفهم بعد لعبتً ٌا هذا! هٌا اقتلنً... أتحداك أن تقتلنً... ألننً بكل بساطة سؤتحرر... سؤنتظر وقتا آخر و جسدا آخر. كانت سابٌنا تركز جٌدا فً حوار الخصمٌن لكنها لم تفهم شٌئا بعد. حسنا إذن ما رأٌك فً... أخرج وٌلٌام كتابا من حقٌبة الظهر التً كانت معه, فبدا التوتر على وجه ألفرٌد. من أٌن لك هذا الكتاب ! أجابه وٌلٌام مبتسما: إنه البوكلٌر...ألٌس هاذا صحٌحا! لقد حصلت علٌه من غرفتك السرٌة، أجل لقد كشفت جمٌع أوراقك أٌها اللعٌن. قال ألفرٌد: وإن ٌكن... أ تعتقد أنك ستخٌفنً بشًء سخٌف كهذا.


34 ضحك وٌلٌام ضحكة انتصار وقال له: حسنا, لست خائفا إذن... ما رأٌك أن نجرب حرق البوكلٌر بعدما نرمً قطرات دمك علٌك ولنرى ماذا سٌحدث. ظهرت عالمات الرعب ألول مرة على وجه ألفرٌد ثم صرخ قائال: تبا لك... سؤعود ٌوما ما. أقسم بدم أسالفً أننً سؤعود... أما عزٌزتك كاٌرا فٌمكنك الحصول علٌها طبعا, ولكن معلقة فً حائط...كً تتحسر على فراقها كل ٌوم حتى آخر أنفاسك. قام ألفرٌد من مكانه وفاجؤ وٌلٌام بضربة على الرأس, لم ٌكن لٌتوقعها, فسقط األخٌر على األرض. أسرع للبوكلٌر الذي ألقً ارضا مع سقوط وٌلٌام, فتح احدى صفحاته ثم قضم ٌده المقٌدة بوحشٌة حتى سال دمه علٌها. ظهرت له كلمات غٌر مفهومة وبدأ ٌتلو بسرعة. لم ٌستطع وٌلٌام إٌقافه ألنه كان مذهوال كما ذهل الحاضرون. مع آخر ترنٌمة قالها ألفرٌد سقط مغشٌا علٌه، اقترب منه وٌلٌام لٌتحسس نبضه فكان مزال حٌا. التفت الى جانبه فلم ٌجد الكتاب ، لقد اختفى أمام مرأى الجمٌع... تذكر وٌلٌام كاٌرا والسحر الذي أصابها ، التفت باحثا عنها لكنه لم ٌجدها. سؤل الحضور عنها لكن لم ٌنتبه أحد الٌها, فقد كان الجمٌع مركزا مع ألفرٌد حتى سابٌنا لم تلحظ اختفاءها. بدأ وٌلٌام ٌصرخ بهستٌرٌة وٌنادي علٌها لكن بدون جدوى... طلب من الحضور أن ٌساعدوه فً إٌجادها, فانقسموا وانتشروا فً القصر للبحث. تذكرت سابٌنا اللوحة, ركضت مسرعة لغرفة كاٌرا... عند وصولها, وجدت اللوحة معلقة فً مكانها لكنها لم تعد بٌضاء فارغة ! بل كانت هناك رسمة... تلك الرسمة لتلك المرأة العارٌة. أٌعقل أنها كاٌرا! إذن فهذه اللوحة مسحورة ! وتلك الرسمة هً فتاة سجنت فً اللوحة ! ٌا الهً ! فجؤة, دخل وٌلٌام راكضا فلمح الرسمة وتذكر وعٌد ألفرٌد قبل أن ٌسقط أرضا, قال أنه سٌجعلها معلقة أمامه حتى آخر ٌوم فً حٌاته. لم ٌستطع وٌلٌام أن ٌمسك نفسه فانفجر باكٌا بحرقة وهو ممسك باللوحة. كاٌرا... سامحٌنً أرجوك لم استطع حماٌتك من ذلك الساحر، ٌا الهً ماذا أفعل !


35 كانت سابٌنا تشاهد منظر وٌلٌام المإلم فً صدمة كبٌرة. بعد بضع ثوان، جاء أحد الحضور لغرفة كاٌرا ونادى على النبٌل وٌلٌام أن ٌنزل للقاعة, فقد استٌقظ الفرٌد. قام وٌلٌام من مكانه بسرعة ونزل للقاعة و خلفه سابٌنا. كان ألفرٌد جالسا على األرض ال ٌتكلم ، انقض علٌه وٌلٌام وقال له : فاردٌموم! أٌها السافل الحقٌر ما الذي فعلته بكاٌرا، انت تحبها رغم كل شًء لم حبستها فً اللوحة أٌها اللعٌن ! أخرجها حاال. نظر إلٌه ألفرٌد فً ذهول وقال له: أخً! أخً وٌلٌام ما الذي تقوله ؟ رد علٌه وٌلٌام: توقف عن التمثٌل أٌها الجبان. حرر كاٌرا فورا ! كان الفرٌد ٌبدو مختلفا, تلك النظرات القاسٌة والغاضبة اختفت. الحظت سابٌنا أن وجهه أصبح أكثر هدوء وتلك الحمٌة وذلك الحقد ... اختفى كل شًء من على محٌاه. أرجوك أخً ! أنا ال أدري ما تقوله ! ال أذكر شٌئا ! استغرب وٌلٌام من كالمه وقال له: أخً ألفرٌد ! أ هذا أنت فعال ؟ إن كنت أخً حقا, فؤخبرنً شٌئا ال ٌعرفه أحد سوانا. فكر ألفرٌد قلٌال ثم أجابه: أ تذكر ٌا وٌلٌام حٌنما كنا نلعب فً الباحة الخلفٌة للقصر ونحن صغار... لدغك عقرب كان بٌن األحجار الكثٌفة على األرض, ومنذ ذلك الحٌن لم نعد نلعب هناك.


36 أنا من أخرج السم من قدمك وتعاهدنا أال نخبر والدٌنا عن الموضوع حتى ال نعاقب. حملتك على ظهري وأدخلتك غرفتك ، وكلما سؤلنً أحد ما األمر؟ أقول أننا نلعب فقط. كانت مجازفة كبٌرة فعال, فقد كدت تموت... لكنً أسعفتك فً الوقت المناسب أ تذكر ٌا أخً الصغٌر ! امتألت عٌنا وٌلٌام بالدمع مرة ثانٌة, ضم إلٌه أخاه ثم انفجر باكٌا. لم ٌفهم الفرٌد شٌئا لكنه تؤثر لحزن أخٌه فعانقه متسائال عن ما حدث. أخذ وٌلٌام أخاه ألفرٌد إلى غرفة كاٌرا, بعدما طلب من الجمٌع مغادرة القصر وطلب من الحراس إغالق الباب. أوقفه أمام اللوحة ثم حكى له كل شًء. كانت سابٌنا فً هذه األثناء تستمع لكالم األخوٌن حتى فاجؤتها تلك األنوار مرة أخرى وسمعت صوت الحارس ٌقول لها: اآلن هذه آخر محطاتك لنرى ما الذي سٌحصل. صرخت سابٌنا قائلة: مهال ! انتظر ! فلم أسمع ما كان وٌلٌام ٌحكٌه أللفرٌد. ٌجب أن أعرف القصة كاملة! هذا لٌس عدال... أنت تفعل هذا عمدا ! ال ترٌدنً أن أعرف الحقٌقة ! حٌنما أكملت سابٌنا كالمها كانت األنوار قد انقشعت وتوقفت الهزة األرضٌة. فتحت عٌناها فكانت فً مكانها فً غرفة كاٌرا, لكن لم تجد األخوٌن هناك. سمعت سابٌنا فجؤة صراخ احدى الخادمات ، خرجت مسرعة فإذا بغرفة ألفرٌد تحترق...كان الخدم مجتمعون حولها وجاء وٌلٌام مسرعا منادٌا أخاه. فزعت سابٌنا من هول المنظر, كانت النٌران تلتهم غرفة ألفرٌد وال أحد ٌحرك ساكنا. طلب منهم وٌلٌام أن ٌحضروا الماء إلخماد الحرٌق ، ثم حاول كسر الباب إلنقاذ أخٌه, لكنه لم ٌستطع ذلك، فالباب متٌن جدا ومغلق من الداخل. خرج وٌلٌام للحدٌقة مسرعا وتبعته سابٌنا...وقف تحت نافذة غرفة ألفرٌد وبدأ ٌنادي علٌه. فجؤة, لمح وٌلٌام وسابٌنا وجه ألفرٌد من النافذة ، قال له وٌلٌام : أخً... أرجوك ال تعاقب نفسك ! لٌس لك ٌد فً ما حدث، لقد كنت ضحٌة أنت أٌضا ، أرجوك أخً ال تتركنً وحٌدا... أتوسل إلٌك.


37 لم ٌقل ألفرٌد أي كلمة, اكتفى بمراقبة أخٌه بعٌنٌن منتفختٌن من كثرة البكاء. فتح ألفرٌد زجاج نافذته وقال: سامحنً ٌا أخً...فقدت زوجتك بسببً وتعذبت بسببً، أنا المسإول... أجل... هذا الجسد, ٌجب أن ٌحرق وهذا الوجه الذي كان ٌنظر الٌك وانت تعانً ونظر لزوجتك بسوء... مستحٌل أن أسامحه. عندما أكمل الفرٌد كالمه, أمسك بقنٌنة وقود كانت فً غرفته وسكبها على جسده كامال من أعلى رأسه حتى أسفل قدمٌه ثم ترك النار تلتهمه وأخوه الصغٌر ٌراقب المشهد المرعب من تحت النافذة... صرخ وٌلٌام بؤحر جهده صرخة ضعف وٌؤس ألنه ال ٌستطٌع فعل شًء, حتى سابٌنا صرخت من هول المنظر ووقف االثنان ٌبكٌان بحرقة شدٌدة... تؤثرت سابٌنا لموت ألفرٌد بشدة, فقد ظلت تصرخ مدة طوٌلة وتنادي على الحارس: أخرجنً من هنا ! أرٌد العودة لدٌارنا ! أمً... ! قام وٌلٌام مدمر الخاطر, حانٌا رأسه ثم خرج من القصر. كان الخدم ٌنادونه وٌسؤلونه عن ما ٌجب فعله فالنٌران لم تخمد بعد, لكن وٌلٌام ظل حانٌا رأسه ولم ٌجب أحدا. تبعته سابٌنا مستغربة عن سبب مغادرته القصر... ظل ٌمشً ببطًء وسط الغابة. كانت تلك أول مرة تخرج سابٌنا على حدود القصر وتدخل الغابة التً ضاعت فٌها أول مرة, و كانت جمٌلة جدا عكس ما هً علٌه فً زمن سابٌنا. بعد مدة قصٌرة من المشً, كان وٌلٌام وسابٌنا أمام منظر طبٌعً هائل ! كانا ٌقفان على هضبة عالٌة تطل على شالل آٌة فً الجمال... وقف وٌلٌام على صخرة كبٌرة ثم قال: فً هذا المكان الجمٌل التقٌتك ٌا حبٌبتً أول مرة... كنت أتجول على حصانً وكنت أنت جالسة على هذه الصخرة تراقبٌن السماء وهً تالمس طرف شالل المٌاه... فً هذا الوادي اعتدت أنا وأسرتً التنزه كل ٌوم أحد, كنت ألعب مع أخً ألفرٌد وأبً اٌضا. قبل خمس سنوات, مات والدي فً رحلة بحرٌة وعشت أنا وأخً وحٌدٌن... لٌس لنا سوى بعضنا البعض, واآلن, مات أخً... مات سندي الوحٌد. ظهري الذي حمانً منذ نعومة أظافري, كان لً خٌر صدٌق عندما أحسست بالوحدة


38 وخٌر أب حٌن أحسست بالضعف. كان لً كل شًء. واآلن... لم ٌبق لً أحد. فقدت أعز الناس إلى قلبً... فقدت أسرتً وأخً والتً كانت ستكون أما ألوالدي. كانت سابٌنا تسمع كلمات وٌلٌام وهً تبكً. اآلن حان وقت رحٌلً, ٌجب أن أجتمع بؤحبتً. لم ٌعد لً سبب أعٌش ألجله. اقترب وٌلٌام من حافة الهضبة, و رفع رأسه عالٌا للسماء. همت سابٌنا إلٌقافه, لكنها ال تستطٌع ذلك. أغلق عٌنٌه ثم رمى بنفسه من أعلى الجرف... راقبت سابٌنا سقوطه فً قعر النهر وانتظرت صعوده بفارغ الصبر لكنه لم ٌخرج من الماء.


39 " الدم و السحر األسود" ♣ كحلم ٌداعب كل لٌلة ، كؤمل ٌقتل كل خٌبة ، كحبٌب ٌداوي كل خدشة ،كصدٌق ٌساعد فً كل محنة وكشهٌق حٌاة بعد موتة...♣


40 كحلم ٌداعب كل لٌلة ، كؤمل ٌقتل كل خٌبة ، كحبٌب ٌداوي كل خدشة، كصدٌق ٌساعد فً كل محنة وكشهٌق حٌاة بعد موتة, بقٌت سابٌنا فً مكانها تنتظر بحسرة, بزوغ فجر تنقشع له كل غٌمة. فجؤة, سمعت صوت الحارس ٌقول لها: لقد انتهت رحلتك أٌتها الصغٌرة، استعدي لمواجهة مصٌرك اآلن. وقبل أن ٌنهً كالمه, أحست سابٌنا بهزة أرضٌة كالعادة ثم تلتها تلك األضواء القوٌة. بعد برهة انتهى كل شًء وفتحت سابٌنا عٌنٌها فكانت فً القبو السري فً حجرة ألفرٌد. الكتب ملقاة على األرض والبوكلٌر الٌزال فً ٌدٌها كما كان قبل رجوعها فً الزمن . فجؤة, تحدث معها الحارس قائال: إذن, هل اكتشفت من هو الظالم ومن هو المظلوم ؟ هل تمكنت من حل لغز القصة حتى تكسبً ورقة خروجك من القصر ! نظرت سابٌنا ٌمٌنا وشماال, باحثة عن مصدر الصوت لكنها لم تجد أحدا. أظهر نفسك لً أوال. أجابها قائال: لٌس لك الحق فً طلب أي شًء. أجٌبً عن سإالً إن أردت النجاة. سكتت سابٌنا قلٌال ثم قالت: ال ...لم أجد حال للغز. ضحك الحارس بقوة فتفاجؤت سابٌنا ألمر غرٌب. كانت ضحكته شبٌهة بضحكة ألفرٌد عندما كان ملبوسا.


41 حسنا إذن لقد جنٌت على نفسك اٌتها الصغٌرة وعقابً لك هو... ستمكثٌن فً هذا القصر سجٌنة حتى آخر أٌام حٌاتك. ثم أطلق ضحكته الشرٌرة مرة أخرى... لم تكترث سابٌنا لم كان ٌقوله الحارس فقد كان دماغها مشغوال بخٌوط القضٌة والبحث عن طرٌقة تخولها العودة عبر الزمن حتى تفهم كل شًء , فقد كان واضحا أن الحارس أراها فقط ما كان ٌرٌدها أن تراه, وأخفى عنها أشٌاء أخرى مهمة . أها ! ربما هذا هو الحل... أجل... فً سكرة الحارس, أمسكت سابٌنا دبوس شعرها وخدشت به أحد أصابعها بسرعة ثم لطخت البوكلٌر الذي كان مفتوحا أمامها بدمها...ظهرت أمامها كلمات مكتوبة تستطٌع قراءة أحرفها وإن كان الكالم غٌر مفهوم . صرخ الحارس قائال: ما الذي تفعلٌنه أٌتها الفتاة الشقٌة ! تابعت سابٌنا قراءة الكلمات. فجؤة, ظهرت األنوار مجددا والهزة األرضٌة. بعد بضع لحظات فتحت سابٌنا عٌنٌها, فوجدت نفسها فً مكانها, لكن... لٌس هناك كتب فً الخزانة. كانت الحجرة السرٌة مختلفة بعض الشًء ، وكان البوكلٌر فً ٌدي سابٌنا. صعدت اآلنسة الصغٌرة درج القبو ودخلت غرفة ألفرٌد... كانت كما هً تماما؛ الطاولة فً مكانها والسرٌر ، كان كل شًء كما هو ، خرجت سابٌنا للرواق ثم اتجهت لغرفة وٌلٌام. لما دخلت إلٌها, تفاجؤت بوجود فتى صغٌر ٌنام على سرٌر وٌلٌام ، اقتربت منه لتراه بوضوح ، فكان طفال جمٌل المظهر و مالمحه كمالمح وٌلٌام تماما. أ ٌعقل أنه وٌلٌام عندما كان مجرد فتى صغٌر ! فجؤة سمعت سابٌنا أحدا ٌنادي من الخارج: وٌلٌام، استٌقظ ٌا صغٌري إنه ٌوم النزهة. وٌلٌام... !


42 كان الصوت ٌقترب أكثر... فتح الباب, ودخلت امرأة فً مقتبل العمر ترتدي فستانا أزرق ملكٌا، جمٌلة للغاٌة وتبدو سٌدة نبٌلة. اقتربت من السرٌر ثم وضعت ٌدها على شعر وٌلٌام وقالت له : استٌقظ ٌا وٌلٌام, أال ترٌد الخروج معنا للغابة ! فتح الولد عٌنٌه ثم قفز من سرٌره معنقا السٌدة وقال: صباح الخٌر أمً ، سؤجهز حاال. إذن فهً والدة وٌلٌام! أتساءل أٌن هو ألفرٌد اآلن؟ فهو لٌس فً غرفته. كانت سابٌنا نوعا ما سعٌدة لرإٌة وٌلٌام الصغٌر. فهذه الرحلة عبر الزمن جعلتها تعتاد على هذه األسرة وأحست كؤنها فرد منهم, فحزنت بشدة للنهاٌة المروعة لألخوٌن. انتظرت سابٌنا خروج األم وابنها ثم تبعتهما... كانت تبحث ٌمٌنا و شماال عن ألفرٌد, منتظرة رإٌته بفارغ الصبر. فجؤة, ظهر رجل طوٌل القامة مفتول العضالت, مرتدٌا بذلة فخمة وٌضع على ٌسار صدره وساما ملكٌا. ركض وٌلٌام إلٌه, فحمله الرجل بٌن ذراعٌه وبدأ ٌمازحه وٌالعبه. لما اقتربت منه أم وٌلٌام قبلها على جبٌنها ثم ذهب الثالثة لعربة كانت فً الخارج ٌقودها أحد حراس القصر. قالت سابٌنا: ال بد أنه والد وٌلٌام ! صعد الثالثة على متن العربة وصعدت معهم سابٌنا وعقلها مشغول بالتفكٌر فً الفرٌد. أٌن هو؟ لم لم ٌؤتً معهم؟ ال أثر له. كانت هذه األسئلة تثٌر الحكة فً رأس سابٌنا. سارت العربة مدة قصٌرة ولم تتحدث األسرة عن ألفرٌد أبدا. توقفت العربة وأشار الوالد ألسرته بالخروج. أخرج الحارس بطانٌة وصندوق طعام ورتب موضع جلوس النبٌل وزوجته وابنه. كان مكان النزهة هو الوادي حٌث مات وٌلٌام . تحركت مشاعر سابٌنا


43 عندما وطئت قدماها تلك األرض. متذكرة األحداث الحزٌنة ودار فً نفسها كالم وٌلٌام عن أسرته وذكرٌاته الجمٌلة معهم فً هذا الوادي. كانت تتذكر كل ذلك ممسكة بالبوكلٌر بكلتا ٌدٌها وهً تراقب وٌلٌام الصغٌر ٌلعب سعٌدا فً نفس مكان وفاته. فجؤة, سمع صوت إطالق نار... ركض الحارس تجاه النبٌل الصغٌر ، أمسكه ثم نقله للعربة رفقة والدته . حمل رب األسرة سالحه ثم اتجه ناحٌة صوت إطالق النار مسرعا, وسابٌنا تركض ورائه. كان مسرح إطالق النار غٌر بعٌد من مكان النزهة...كان هناك رجل ملقى على األرض, ٌنزف دما كثٌرا وبجانبه ولد صغٌر ٌبكً. أما صاحب المسدس, فكان ال ٌزال متؤهبا إلطالق آخر. تدخل والد وٌلٌام بسرعة مهددا القاتل بسالحه, لكنه لم ٌخف وصوب مسدسه نحوه هو اآلخر. كان والد وٌلٌام نبٌال من أعرق العائالت الحاكمة فً أولشتاٌن, لذلك فهو مدرب جٌدا على فنون القتال واستخدام األسلحة, و لم ٌكن صعبا علٌه أن ٌصوب نحو قلب خصمه مباشرة... فؤرداه طرٌحا. أسرع النبٌل للرجل المصاب ، كان الٌزال حٌا ، قال له: سٌدي, تماسك سآخذك لمنزلً وأحضر لك طبٌبا. فقط تماسك قلٌال! كان ٌضغط على مكان اإلصابة لٌوقف نزٌف الدم . رفع الرجل المصاب ٌده ببطًء ثم أشار بؤصبعه إلى الولد الصغٌر وقال بؤحرف مبعثرة: و..لدي ، ولدي... ألفرٌد ..إن..إنه..فً..خط..ر ..أر..جوك...أنقذه...ال...ال..ٌج..ب أن..ٌعو..د.. أر..جو..ك ..أبقه ...أبقه ...مع..ك..أ.ر..جوك . مع آخر كلمة, لفظ نفسه االخٌر. تفاجؤت سابٌنا كثٌرا لما حصل, نظرت للولد الخائف الذي كان ٌبكً على فراق أبٌه, فكان هو ألفرٌد فعال! كانت نفس مالمح ألفرٌد التً سحرت سابٌنا من قبل على محٌى الولد الصغٌر. أغلق النبٌل عٌنً الرجل ثم التفت إلى الفتى وفاضت عٌناه دمعا... حمله إلٌه, ثم ضمه بقوة وهو ٌمسح على رأسه وٌهمس له أال ٌخاف أبدا ألنه لن ٌكون وحٌدا. أخبره أنه سٌتخذه ولدا, أنه سٌعوضه عن كل شًء, وسٌصٌر حٌنما ٌكبر نبٌال من أعظم النبالء. أحس ألفرٌد الصغٌر بشًء من الطمؤنٌنة بٌن ذراعً والده الجدٌد, فؤغلق عٌنٌه الساحرتٌن وغط فً نوع عمٌق. حمله النبٌل وسار به الى العربة حٌث ترك زوجته وابنه وٌلٌام ٌنتظران رفقة الحارس .


44 ركضت النبٌلة الحسناء نحو زوجها فور رإٌته قادما من بعٌد. أرادت ضمه لكنها تراجعت عندما رأته ٌحمل ولدا بٌن ذراعٌه. سؤلته ما الذي حصل ومن هو هذا الطفل الصغٌر لكنه لم ٌجب , وضع ألفرٌد الصغٌر داخل العربة ، ثم نظر فً عٌنً وٌلٌام وقال له : اعتنً بؤخٌك جٌدا. نظر الصغٌر الى والده مستغربا من كالمه الذي لم ٌفهمه. نعم, إنه أخوك الكبٌر ألفرٌد ، صار لك أخ ٌا ولدي ٌجب ان تكون سعٌدا ، اعتنً به جٌدا حتى عودتً. أغلق النبٌل باب العربة تاركا الولدٌن فً الداخل ثم نظر الى زوجته وقال لها: لقد مات والد هذا الفتى و قد وعدته قبل أن ٌلفظ آخر أنفاسه أننً سؤتكفل به. وانت ستكونٌن أما له ٌا عزٌزتً. اقترب النبٌل من زوجته, قبل جبٌنها وٌدٌها ثم أكمل كالمه: هذا الٌتٌم... لٌس له أحد بعد اآلن... وقد صار, منذ أن رأٌته ألول مرة, غالٌا علً عزٌزا على قلبً... صارت مكانته كمكانة ابننا وٌلٌام تماما. صدقٌنً ٌا زوجتً الجمٌلة, ستحبٌنه عندما تنظرٌن فً عٌنٌه الزرقاوٌن الملٌئتٌن بالبراءة... أرجوك ٌا عزٌزتً... خذي الولدٌن للقصر, واعتنً بابننا الجدٌد جٌدا. سؤذهب ألواري سوءة أبٌه الراحل ثم أعود إلٌكم. أكمل النبٌل حدٌثه ولم ٌنتظر رد زوجته, بل تركها هً والولدٌن والحارس, آمرا إٌاه أن ٌعٌد أسرته الى القصر ثم حمل معه بعض المعدات التً كانت فً العربة واتجه لمكان الجثتٌن. قام النبٌل بدفن الرجل القتٌل وجثة القاتل أٌضا ، لكنه دفن كل جثة فً مكان معٌن ولم ٌدفنهما جنبا الى جنب. عند انتهائه من العملٌة المتعبة, جلس ٌسترٌح قلٌال تحت شجرة كبٌرة، وكانت سابٌنا حاضرة تراقبه... فجؤة, سمعت صوت أحدهم من ورائها ٌقول لها:


45 هنا دفن والد أخً ألفرٌد. التفت سابٌنا لرإٌة من ٌكلمها... فإذا به وٌلٌام ! نظرت إلٌه فً ذهول... أكمل حدٌثه قائال : أهال بك ٌا آنسة ، ٌبدو أنك المختارة إلنهاء هذه الدراما التً ظلت مستمرة لسنوات عدٌدة. ما بك تنظرٌن إلً هكذا ! أجل أنا أستطٌع رإٌتك ألننً شبح أٌضا, وأعتقد أنك رأٌت كٌف مت منذ عقود. كانت سابٌنا تستمع لكالم وٌلٌام فً صدمة كبٌرة وغٌر مصدقة عٌنٌها. ال أدري كٌف استطعت خداع حارس الكتاب الذي بٌن ٌدٌك؟ ولكننً أحٌٌك على شجاعتك ونباهتك. ال بد أنه اآلن ٌغلً من الداخل وٌكاد ٌجن من كثرة قلقه ، فهو ال ٌرٌدك أن تكتشفً حقٌقته أو أن تجدي حال نهائٌا لهذا الشر الذي قضى على عائالت عدٌدة. صمت وٌلٌام قلٌال ثم اقترب من سابٌنا وبقً ٌحدق فً والده الجالس تحت الشجرة وقد امتألت عٌناه بالدمع وقال: لكم اشتقت إلٌك ٌا والدي ! نظرت إلٌه سابٌنا وقالت له : سٌد وٌلٌام ، ٌا الهً! أستطٌع أن أكلمك. أ تعلم كم تحسرت ألنً لم أستطع ذلك من قبل... أنا سعٌدة جدا لرإٌتك واقفا بجانبً وسعٌدة أكثر ألنً أستطٌع أن أكلمك أخٌرا. لقد تحسر قلبً عندما رأٌتك ترمً بنفسك من أعلى الجرف ٌا سٌدي ، انا اسمً سابٌنا. نظر إلٌها وٌلٌام بعدما مسح الدمع من عٌنٌه وقال :


46 وأنا سررت بلقائك أٌضا آنستً، كٌف ال؟ وأنت أجمل ما رأت عٌناي منذ مدة طوٌلة. انحنى أمامها وقبل ٌدها. خجلت سابٌنا من تصرف النبٌل وٌلٌام وذهلت من هٌبته ورزانته وهو واقف أمامها ٌكلمها فً ثبات شدٌد. أكمل النبٌل قائال : اآلن... بعدما استطعت التخلص من سٌطرة الحارس علٌك, دعٌنً آخذك فً رحلة أخرى لزمن آخر حٌث وقعت أهم األحداث وأكثرها خطورة. سآخذك ألكثر من ثالثٌن سنة للوراء, حٌث زمن الحرب العالمٌة الثانٌة, لتشهدي عصر بزوغ أقوى ساحر عرفه القرن العشرٌن. أجابت سابٌنا بعد برهة من التفكٌر: من هو هذا الساحر؟ وما عالقته بقصتك مع أخٌك ؟ ابتسم وٌلٌام ابتسامة صفراء ٌمألها الحزن وقال: إنه الساحر فاردٌموم فوفسً ولد سنة 5391 بهذه المدٌنة ، أولشتاٌن ، سآخذك عبر الزمن من خالل هذا الكتاب المسحور الذي تحملٌنه بٌن ٌدٌك ألشرح لك من ٌكون. صمت قلٌال تاركا الكلمة لسابٌنا لتقول ما ٌجول فً ذهنها. لكن كٌف عرفت هذا الساحر ؟ فعصرك مختلف عن عصره ! أجابها قائال: أتذكرٌن... عندما صارحنً ألفرٌد بما ٌجول فً خاطره من رغبة فً الزواج من خطٌبتً كاٌرا؟ ذلك الٌوم... حٌن دخلت غرفتها وكان معها ٌلقً علٌها بسحره، أتذكرٌن !... حٌنما قال "سؤتزوج كاٌرا بعد ثالثة أٌام حٌن ٌكون القمر بازغا".


47 قفزت كاٌرا قائلة: أجل, أجل أذكر ذلك جٌدا! إذن علٌك أن تعلمً أننً لست غبٌا كً ال ألحظ أن أخً مختلف جدا وأن خطٌبتً مختلفة أٌضا... فقد راودنً الشك حتى فكرت فً أشٌاء كثٌرة من بٌنها أن أخً ملبوس بعفرٌت ٌتحكم فٌه وٌرٌد تدمٌر عائلتً. لذلك غادرت القصر فورا, بعدما أخذت شٌئا من أثر أخً ألفرٌد وذهبت بحثا عن روحانً معروف حتى ٌفك لً هذا اللغز. أجل... غادرت ولم تخلق مغادرتً القصر أي رٌب أو شك فً نفس أخً, فؤنا متؤكد تماما أنه اعتقد أننً رحلت من شدة ٌؤسً وحزنً... قاطعته سابٌنا قائلة: ولكنً لم أشهد هذه األحداث أبدا ! أذكر أن الحارس أخذنً لزمن الزفاف, أي بعد ثالثة أٌام من تلك المواجهة مع أخٌك ؟! عزٌزتً سابٌنا، هنالك الكثٌر أمامك لتكتشفٌه. كما أن هناك الكثٌر من األحداث التً تم التالعب بها من طرف شخص واحد؛ وهو الساحر فاردٌموم فوفسً الذي لم ٌخبرك عنه ذلك الحارس أي شًء متعمدا ذلك... ولكن لم ٌخفً عنً أمرا خطٌرا كهذا ! إذن فهو ٌرٌد سجنً فً القصر وال ٌرٌدنً أن أعرف الحقٌقة أبدا ! ألٌس هذا صحٌحا ؟ ال داعً للتسرع اآلن ٌا سابٌنا ، فقد تخلصت من سٌطرته علٌك وصار بوسعك ان تحددي أي زمن ترٌدٌن الذهاب إلٌه, دون قٌود من أي أحد... وأنا سؤساعدك فً اختٌار الزمن المناسب. هل اتفقنا ؟


48 هزت سابٌنا رأسها موافقة على اقتراح وٌلٌام بكل سرور. فجؤة, قام النبٌل, والد وٌلٌام, من مكانه بعدما أخذ قسطا من الراحة ثم حمل أدواته وغادر المكان متجها نحو القصر, بٌنما ظلت سابٌنا مع وٌلٌام . فتحت سابٌنا البوكلٌر وأمسكت دبوس شعرها ثم أحدثت خدشا صغٌرا فً أحد أصابع ٌدها الٌسرى ، تساقطت قطرات الدم ببطًء على الصفحة البٌضاء. قال لها وٌلٌام : أرٌدك ان تفكري فً زمن الحرب العالمٌة الثانٌة, التً امتدت من سنة 5395 الى سنة 5391 .أما المكان فهو مسرح محرقة الهولوكوست. تفاجؤت سابٌنا من هذا التارٌخ الذي حدده وٌلٌام, لكنها نفذت كلماته بالحرف. أغلقت عٌنٌها كً تزٌد من تركٌزها ، بعد لحظات قلٌلة, ظهرت كلمات غرٌبة على الصفحة الفارغة ، بدأت سابٌنا تتلو ما تراه وهً ممسكة بٌد وٌلٌام، وقبل ان تنهً القراءة أحس االثنان بهزة أرضٌة ثم ظهرت األنوار الشدٌدة. بعد بضع ثوان, فتح االثنان عٌنٌهما لٌجدا نفسٌهما فً مكان آخر لم ٌسبق لسابٌنا أن رأته من قبل... كان هناك جدار ضخم أمامهما وخلفه أناس ٌصرخون بشدة ، أما فً الجهة المقابلة, فكان هناك رجال ٌرتدون الزي العسكري األلمانً الذي ٌحمل رمز النازٌة وأمامهم صف طوٌل من الرجال والنساء واألطفال ٌصرخون, وٌبدو على وجهوهم الحسرة وأشد أنواع العذاب... بهتت سابٌنا من هول المنظر, فقد كانت السماء مسودة والجو كئٌب جدا, أما األراضً فكانت صحراء قاحلة كؤنها أرض معركة. تكلم وٌلٌام قائال : نحن اآلن فً زمن هتلر، زمن حرق الٌهود أحٌاء، إنها مجزرة الهولوكوست. تعالً معً نستطٌع أن ندخل فنحن شبحٌن. أمسك وٌلٌام بٌد سابٌنا ثم اخترق االثنان الجدار. كانت الضفة األخرى أشبه بالجحٌم... الكل ٌصرخ والكل ٌبكً، وكان هناك من ٌحاول تسلق الجدار للهروب لكن بدون جدوى. قال وٌلٌام لسابٌنا : تماسكً ٌا سابٌنا ! ال تنسً الهدف من مجٌئنا الى هنا, أما هإالء الناس فقد ماتوا وانتهوا. أجابته سابٌنا :


49 ال أدري لم نحن هنا ٌا وٌلٌام ! أجابها قائال : هنا ٌا عزٌزتً أحرقت عائلة الساحر. كان سٌموت هو أٌضا لوال أنهم أنقذوه. كانت سابٌنا تنظر لوٌلٌام مستغربة من كالمه, وهو ال زال ممسكا بٌدها داخل الحشد الكبٌر... ٌمشٌان معا. أجابته سابٌنا : لكن ما أدراك أنت بكل هذا ؟ ألننً عندما ذهبت لرإٌة الروحانً أخبرنً بقصة الساحر كاملة. فجؤة توقف وٌلٌام عن المشً و قال لها : انظري هناك، فً الخلف، أ ترٌن خمسة رجال مجتمعٌن معا فً هدوء وورائهم امرأتان مع طفلٌن؛ بنت صغٌرة وولد. أترٌنهم ؟ ألقت سابٌنا النظر بحثا عن هإالء األشخاص. أجل لقد رأٌتهم من هإالء ؟ إنهم اإلخوة فوفسً أبناء دٌفٌد فوفسً من ساللة ساحر قدٌم جدا. ماذا!؟ تعالً نقترب منهم, لقد حانت ساعة الحرق. هٌا نقترب لنستمع لحوارهم وهناك ستفهمٌن.


Get in touch

Social

© Copyright 2013 - 2024 MYDOKUMENT.COM - All rights reserved.