وهج الرواية و القصة القصرية
"قصص مشرتكة"
ل ا م ي ج س ل ا ث ل ا ن ي م م س وعة ادس و ا ن– د مبر 2022
قائمة المشاركين في المجموعة القصصية Abdellah Sadiqi Abdo Daoud Ahmed Ninia Alfateh Meeka Ayman Fawzy Mahmoud Emad Abozed Fadwa El Mesbahi Georges Laflouf Hafida Elkhamlichi
Abdellah Sadiqi - 1_1عبداهلل صادقي تتمة قصة موسم جين الفرولة عادت و زوجها إلسبانيا تاركة قلبها وابنتها يف املغرب ومل يهدأ هلا بال من حينها بل اصاهبا االرق وفارقتها االبتسامة الستحالة استعادت ابنتها كما خالت قالت ابدا أبوها لن يرضى ان ابنته ميكن ان تعيش يف اسبانيا فقط الغاضتها ورغم مرور تالثة شهور على عودهتا من املغرب مل يتغري شئ بداخلها فلقد سكنها احلزن واالسى ورأقه املقام فما استقام هلا حال حتى ذات يوم فجأة اتصل اخوها وذلك منذ ان فارقها رافضا زواجها باإلسباني و قال هلا باحلرف جيب ان ترفعي قضية و تاكدي من خالهلا ان طليقك ال يزور ابنته و يلزمك شهود و ساتكلف بكل شئ فقط ارسلي يل توكيل و فعال كان مسؤول وتكلف باالمر كما وعد وبعد جلسات ماراطونية حصلت على شهادة تتبت ان االب غري مكرتت مبصري ابنته وال بشؤوهنا و بالتايل تسقط عنه احلضانة ،وارتسمت بذلك على وجهها اول ابتسامة منذ عودهتا السبانيا حتى اهنا صدرت منها زغرودة حينها هبا كسرت صمت البيت والقرية فضحك الزوج واجلد واجلدة و اخريا حتقق احللم قالت . حلقت البنت بامها بعد مدة فسجلتها بسرعة باملدرسة يف انتظار حصوهلا هلا على اوراق االقامة ويف ثلك االثناء شعرت بتغريات يف جسدها فقد الحظت بوادر احلمل فانشرحت وقالت ربي كريم ضاعف فرحيت سريزقين مبن يؤنس وحشت ابنيت ويزيد من هبجة البيت . اجنبت طفلة مستها مريم وكانت خري مؤنس جلميلة ولو أهنا تكربها خبمس سنوات . مرت االيام و السنني و كربت البنتني فاصبحت مجيلة يف االعدادي وبدات تالحظ ان لقبها خمتلف عن لقب اختها فتسائلت يف نفسها عن السبب رمبا هي مسألة ترمجة من العربية لالسبانية قالت لكن ما اقتنعت لتبادر بسؤال امها اليت راوغتها واقنعتها اهنا مسألة ترمجة فقط واألمل يعتصر قلبها إىل أن علمت ذات مرة ان زوجها السابق تزوج و عنده ولد فاقشعر بذهنا وصرخت يا
إهلي ماذا لو ان ابنيت كربت و التقت باخيها فالدنيا صغرية وقد تتكون بينهما عالقة ولن أعرف إىل أي مدى قد تصل فاضطرت ان تتصل باختها وشرحت هلا املسألة وطلبت منها ان توصلها بزوجة طليقها اليت هي ايضا استشعرت هول القضية . صارحت حسناء ابنتها بالقصة كاملة واعطتها رقم هاتف ابيها لكن مجيلة مل حترك ساكنا بقيت مصدومة مل تستوعب فعال ما تقوله امها اممكن ان يكون يوسف ليس بابيها فهي مل تعرف ابدا سواه وهل حتى اجلد واجلدة مها ايضا كذبة ال متت هلم بصلة وهم من ابدا مل يتوانوا يف تدليلها حتى أكثر من مريم ويقولون هلا انت اكرب منها تستحقني االثن ودوما يصطحابنها معهم يف نزهاهتم الطويلة . بعد صمت طويل اخذت مجيلة ذات ليلة اهلاتف وطلبت اباها وأجاب من املتكلم فلم جتبه اال دموعها وبعد حشرجة استطاعت أن تكون مجلة وله قالت ملاذا ال اعرفك وملاذا ابدا مل تسال عين ومل يرد فقط اجابتها دموعه وانقطع اخلط. قالت حسناء اهنا اكملت حياهتا بتقة وسط بيتها كانت فيه امللكة مشمولة حبب زوجها ابدا ما اساء معاملتها او قلل من قذرها فنسيت طليقها واندجمت يف جمتمعها اجلديد متشوقة دوما لزيارة املغرب متذوقة حالوة جنسيتها املزدوجة فاالسبان يف قريتها احبوها كثريا حتى لقبوها حببة الفرولة . توقفت حسناء عن الكالم املباح كما لو أهنا شهرزاد أمام شهريار لكنه مل يكن سوى معد برنامج بقلب مفتوح الذي بادرها بآخر سؤال كما قال وكانت الساعة تشري حينها ملنتصف الليل هل رأت مجيلة اباها مرة أخرى وتأخر الرد وعم الصمت ثم اخريا له قالت فقط عنذ زواجها.
Abdellah Sadiqi - 2_1عبداهلل صادقي املغرب موسم قطف الفراولة . اقرتبت العطلة من هنايتها وحسناء رغم كل الذكاء مل جتد حل لقد أرهقها التفكري و توبيخ الظمري فكيف هلا ان تعود إلسبانيا و ترتك وحيدهتا باكية و سكنها القلق و اصاهبا االرق فاصبحت دوما شاردة الذهن . قررت يف االخري اشراك زوجها يف ما يشغل باهلا فركزت يف عينيه لتقرأ اجلواب قبل أن يتكلم و قالت أنا مرهقة تعبت من شدة التفكري و اريد اخد ابنيت معي السبانيا ،و اردفت هو املشكل ان أباها لن يسمح هلا و لن يوافق على ان معي اصطحبها و اطرقت ،فسارع و ضمها اليه برفق مبتسما وقال انا معك يف كل ماتقررين . دهبت يف اليوم التايل عند طليقها و االمل يعتصرها و قالت له ان ابنته مريضة و تلزمها عملية جراحية خارج املغرب ،كانت تريد اقناعه باي وسيلة ليسمح ان ترافقها ابنتها يف رحلتها ،قال هلا الطليق هبذه العبارة اجلوفاء الرخيصة : ليس عندي بنت أنت وشانك . رجعت بائسة يائسة عند زوجها جتر خيبتها ،لقد تذوقت مع طليقها عصارة كل كؤوس املرارة لكنها مل تستسلم بل زادها موقفه إصرارا . تقريبا مل تنم تلك الليلة لقد تضاربت االفكار يف راسها حتى كاد ان ينفجر و خطرت هلا يف النهفكرة جنونية وابتسمت .
يف الصباح دون تودد وال تردد باغتت زوجها بفكرهتا مركزة على عينيه واسرتسلت ما توقفت وقالت اننا سنعطي للبنت منوم ثم نضعها يف حقيبة كبرية لنمر املائة مرت الفاصلة بني السيارة والباخرة ،صمت الزوج طويال ثم قال هلا لك ما تريدين وعالمة االندهاش بادية عليه . عقدوا عزمهم جهزوا انفسهم وغادروا بيت االم ودموع متحجرة يف مقلتيها . وصلت األسرة للجمارك و من بني مخس سيارات سبقتهم تعرضت سيارهتم وحدها للتفتيش فالكلب املدرب تسمر عندها وبدأ بالنباح ليكتشف اجلمركي الفتاة نائمة كسلعة مكورة ليحملها برفق و مت اعتقال األبوين على الفور بعد أن مت اسعاف الصبية لتستفيق و رفض االستماع ألي توسالت او تربيرات من االم ليتم حتويل.املعتقلني للنيابة العامة بتهمة االجتار يف البشر ، امام الوكيل اعرتفت حسناء و قالت هي ابنيت أنا امرأة مطلقة ،هاجرت إلسبانيا الحسن من وضعييت املادية وتركت ابنيت باملغرب مع امي . بإسبانيا تعرفت على زوجي احلايل هو الشخص املاتل امامكم االن ،حصلت على اجلنسية اإلسبانية و استلمت ورقة االقامة و كونت أسرة هناك لكن رغم فرحيت يزوجي وعائلته دوما بعد ابنيت عين املين لقد نغص علي حياتي فأنا ال اقدر ان أعيش دوهنا . قال هلا املدعي : أنت ال ختجلني سيدتي اال تتخيلني حجم اجلرم الذي اقرتفتيه ،انك سيدتي متهمة باختطاف صبية ومتريرها لبلد أجنيب دون اذن ابيها و دون جواز سفر و سنحتجزك االن فأنت رهن االعتقال . بكت وبكت ابنتها وقالت الصبية باحلرف : ال حترموني من ماما ،
مل تتوقف االم واألبنة عن البكاء ،تبادل اجمللس النظرات و بعد مشاورات مطولة بني أعضاء احملكمة قرروا انه يتوجب على املتهمني اداء غرامة مالية كبرية و حجز سيارهتم . ليس لدى الزوجني ما يكفي من املال فاجرت حسناء اتصال هاتفي وحيد حيث اتصلت بأب زوجها و قالت انه قد حصلت هلم حادثة اثتاء طريق العودة وأهنم خبري لكن السيارة حتتاج الصالحات متعددة فورية فحسناء مل ترد ان تزعجة بتفاصيل الواقعة فقط طلبت منه املال و هو مل يرتدد . يف هناية اليوم أدوا الكفالة و خرجوا من احملكمة و غري بعيد جلسوا يف حديقة ،تنهدت حسناء و اطرقت طويال مغمظة العينني ث م رفعت رأسها و نظرت يف عيين زوجها مباشرة وقالت له اهنا مصممة فهي لن تعود إلسبانيا دون ابنتها لن تقدر لن تستطيع وغاصت يف حالة هستريية من البكاء ليضمها و بشبه مهس قال هلا اتودين تدمري ما بنيناه فأنا احبك و احب ابنتك لكن يلزمنا وقت للتفكري ،كانت كلماته هادئة خففت قليال من روعها . يتبع .
Abdellah Sadiqi - 3_1عبداهلل صادقي املغرب تثمة قصة موسم قطف الفراولة عاد الغريب بعد نصف ساعة يف سيارة أثارت انتباهها بلوهنا وخطوطها الرياضية وتوقف جبانبها ،لقد غري لباسه ،أنيق ووسيم وترجل مسرعا وفتح باب السيارة ودعاها باشارة للصعود ،بدون تردد ركبت ،ليس لديها خيار . قاد يف صمت ،شغل موسيقى وبدأ يغين بلغة ال تعرفها ،ارتاحت قليال واطمأنت ،أنه يبدو شخص متزن بأخالق ،تذكرت اآلن الطريق ،لقد شارفت على الوصول ،تكلم هي مل تفهم فأشار بيده لصدره قال أنطونيو ،فهمت انه إمسه ابتسمت وأشارت باصبعها لصدرها قالت حسناء ،إبتسم وحاول أن ينطق االسم لكن اضحكتها هلجته فضحكت وضحكوا معا لقطة مل متر دون أن تلتقطها عيون بعض صديقاهتا وهن يتفحصن السيارة ومن بداخلها ،نزل وفتح الباب هلا فرتجلت شكرته بلغتها دون أن يفهم ،اننى احرتاما وانصرف . يف الصباح تتبعتها العيون اجلريئة الغري بريئه ،مل يتوقف األمر عند هذا احلد بل خاطبتها إحداهن بلؤم قالت هلا كيف تسمحني لنفسك أن يوصلك رجل غريب عجيب أمرك ،تدعني الربائة وأنت شيطانة ،مل تعر قوهلا اهتماما فهي أعلم بنفسها منها لكن آخدت صديقاهتا على الفعل الشنيع الذي اقرتفوه يف حقها ملا تركوها وحدها يف املول ،عيب عليكن قالت وانصرفت لعملها الشاق برشاقة كاهنا تذهب السرتاحة ،شعرت بشئ مجيل يف أعماقها .
يف املساء وهن يغادرن املزرعة إذ هبا تالحظ الرجل الغريب الذي اوصلها ينتظرها وحاول أن يكلمها ،مل تفهم ما يقوله فتعجلت اإلنصراف بعد أن طلبت من صديقتها أن تشكره مكاهنا عن لطفه ملا أوصلها ،حلقتها الصديقة وهي يف حالة ذهول وقالت هلا الرجل طلب رقم هاتفك ،رفضت لكن حتت إحلاح صديقتها أعطته رقما خطأ . يف الغد عاود انتظارها ،يظهر أنه مل يستسلم و قال هلا أريد رقمك ،فكرت قليال و قالت رمبا يريد مساعدهتا ،أعطته الرقم يف ورقة وقالت لصديقتها أن ختربه باحلرف أن حسناء جائت إلسبانيا لالشتغال بعرق جبينها وأهنا امرأة مطلقة و عندها بنت صغرية ،اتت لتحسن وضعيتها املادية ال أقل وال أكثر .رد الغريب لتخربيها سيدتي رجاءا إنين أريدها للزواج وأنا صادق ، اندهشت الصديقة وهي خترب حسناء أن انطونيو يرومها للزواج ،رفضت يف البداية قالت هلا قويل له باحلرف إنين كرهت الرجال ،إنين مررت بتجربة قاسية وال أريد أن أعيش األحزان من جديد ،خاطبها عرب صديقتها إنه معجب هبا ويريدها للزواج ،بعد تفكري طويل و عميق وافقت بشرط أن يدخل اإلسالم فوافق على الفور . مرت مدة ومرارا التقوا ومل يسئ معاملتها بل أخذها لزيارة عائلته أمه وابيه الذين مل يتناووا يف إظهار إشارات الرتحيب بالوافد اجلديد ،كانوا كرماء وكان شهما، مت الزواج وعندما ذ هبت لبيتها اجلديد انصدمت ،مليء بقارورات الكحول ،الكحول يف كل مكان و الثالجة مليئة بلحوم اخلنزير ،يا إهلي قالت له ،لن أستطيع العيش يف هذه الظروف ،قال هلا باحلرف افعلي ما تشائني ،استبشرت خريا.ورتبت البيت مبزاجها واستخلصت أوراق إقامتها بالديار اإلسبانية ،لقد اكتسبت اجلنسية . جاءت العطلة و قرروا السفر للمغرب ،استقبلتها امها على مضد ارفض هذا الزواج قالت ،مل تستسغ أن ابنتها تتزوج نصراني ،أمي أقسم لك أنه مسلم ،مل أكذب عليك ،فرحت به األم ،رحبت به ،لقد أصبح عضوا من العائلة خاصة بعد أن ذأب على الذهاب للمسجد ،أخاها األكرب كان له رأي مغاير ،صمم على الرفض ومل يعاود الزيارة ، ،أما ابوها فهو ال يعلم ما جيري حوله . يتبع
Abdellah Sadiqi - 4_1غبداهلل صادقي تتمة قصة موسم قطف الفراولة اطرق طويال ثم بنربة حزن أخربها ان والدهتا مريضة جدا وأضاف قد حبثنا عنك يف كل مكان هو االن مبحض الصدفة ان التقينا و ملا ليس معك هاتف أخربيين وانت يف بالد الغربة اال تعلمني اننا يف القرن الثاني والعشرين اال ختجلني ،كنت هناك يف القرية قالت وحصلت معي أشياء ومل يكرتث احد المري منذ كنت طفلة حتى بعد زواجي وعندما هربت انا وابنيت كالطريدة كاني لقيطة او بي لعنة مل ينتبه يل احد ،خاطبها بنربة حزينة والدتك تبكي و تريد رايتك .اتصلي هبا هاهو اهلاتف ،شغله قالت انا مل تالمس يداي هاتف من قبل ،اجد صعوبة يف هتجأة احلروف واالرقام كما انين ال اجد يف نفسي الرغبة الشرتي هاتف لكن اآلن أصبح لزاما علي ،لكن ال جميب فقط يرن قالت اال تسمع ،وانشغل فكرها عن امها فتعجلت السفر لقريتها . رجعت ما شعرت بنفسها اال وهي يف بيت أمها لكن ال أحد ،صرخت بأعلى صوهتا اممكن ان تكون امها قد ماتت ،فجاة شرع الباب بقوة ودخلت االم مسرعة لتقول هلا ما بك افزعتيين ،هوت حسناء على األرض من طوهلا و غابت للحظات فأسرعت االم وقطعت بصلة ووضعتها حتت انفها فاستفاقت مرعوبة وبادرت امها باستفسارها انت لست مريضة ،اجابت االم متفاجئة الشر بعيد اعلم من اخربك بذلك فقط هو ارادك جبانيب لقد بدأت اتعب لقد أخربني مبا اومهك ،مل ترد مجيلة بل متددت وابنتها على الفراش وغاصت يف نوم عميق .
كانت تنوي رؤية والدهتا و الرجوع للعمل يف الدار البيضاء لكن والدهتا اصرت عليها بالبقاء و قالت هلا إن أردت أن تشتغلي فليكن يف املصنع اجملاور فهم حيتاجون لعامالت لكن دعي ابنتك معي ،ذهبت لالشتغال يف معمل السمك لقد كان لزاما عليها العمل لتحمل مصاريف ابنتها . ذات يوم و النساء يشتغلن مسعتهن بالصدفة يتكلمن عن هجرة العامالت املغربيات لالشتغال حبقول الفراولة بإسبانيا فسألتهن كيف يتم ذلك ،أجبنها بتهكم انت دوما آخر من يعلم اسرعي انه اليوم األخري للتسجيل ،فانطلقت كالسهم و عملت كل ما يف وسعها للتسجيل ،وثم هلا ذلك بعد خماض عسري .لكن اخربوها بضرورة حصوهلا على جواز السفر .و كيف هلا ذلك و ليس عندها حتى مايكفيها لقوت يومها ،استنجدت بامها لتمدها بالنقوذ فحصلت عليها وذهبت بعد أيام إلسبانيا لتشتغل مبزارع الفراولة تاركة طفلتها عند أمها. عامل خمتلف ال الوجوه وال اللغة وال الطبيعة تشبه بلدها وجدت نفسها غريبة حتى بني بنات جلدهتا ،هتكموا عليها كلهن من شكلها صربها واستماثتها يف الشغل فلقبوها بالوزغة واستغلوها يف املطبخ سوء استغالل فهي بطبعها مساملة لقد شعرت اهنا غري مرغوبة . ذات يوم عطلة دعوها للخروج معهم للتسوق يف احملالت التجارية الكربى وملا وصلوا للمول اخربوها ان احلافلة اليت ستعيدهم للمزرعة ستتواجد مع الساعة الثامنة ،فابتهجت انفصلت عنهن وتنقلت بني األروقة وتبضعت قليال فلم تشعر بالوقت ميضي حتى اشتغلت االضواء فاضطربت ايكون قد حل الظالم هي السابعة والنصف فقط ال زال لديها وقت للتسكع والتبضع لكن فضلت اخلروج للباب لتالقي صديقاهتا ،بدأت جتول ببصرها يف اإلرجاء ال صديقات ال وجود هلن ،هي الثامنة االن اين احلافلة تسائلت ، اصبحت الثامنة والنصف ال صديقات وال حافلة وتوقفت حائرة اتكون الفتيات غرروا هبا وشعرت اهنا منبودة و اين ستتجه االن و ليس هلا وجهة تعرفها ومل ترى وجوها مألوفة لتسأهلم عن مزرعة الفراولة حيت هي تشتغل.
وقفت جبانب ا لطريق تبكي بتخفي لقد أصبحت دمعتها سهلة لكن خشيت ان يالحظ دموعها غريب إذ به يتوقف جبانبها هذا الغريب هو رجل أشقر رياضي عادي ووجهه يتصبب عرقا و كلمها باإلسبانية ،مل تفهم ما يقول لكن تلعتمت اسم املصنع ،ابتسم وقال هلا باإلشارة انتظريين هنا وانطلق مسرعا . يتبع
Abdellah Sadiqi - 5_1عبداهلل صادقي موسم قطف الفراولة مسوها حسناء وحقيقة مل تكن كذلك فهي فتاة بدون مميزات عادية جدا جبسم شبه قزم شهدت والدهتا إحدى البوادي املنسية باجلنوب املغربي ،هي الصغرى وسط أسرة فقرية ستة أخوة وأب معاق نتيجة حادثة وأم مقاتلة تشتغل باستماثة يف احلقول لتضمن إطعام كل االسرة ، تزوجت ابنتهم الكربى وامسها نزهة يف سن مبكرة ومل تتجاوز اخلامسة عشرة من عمرها من رجل يكربها بعشرين سنة ،كان فقيها و خياطا يف نفس الوقت ،كانت االم وكأهنا وجدت احلل خترج للعمل و تبعث باالبناء عند أختهم املتزوجة لكي هتتم بشؤوهنم يف غياهبا وطمعا ان يقوم الفقيه مبساعدهتم يف إجناز واجباهتم الدراسية لكن هيهات ،فنزهة سرعان ما ضجرت وهلم تنكرت عاملتهم بقسوة حتى مارست عليهم العنف اجلسدي واللفظي مبباركة زوجها الفقيه الذي شعر وكأن بيته الضيق تعرض لقواة غازية من األطفال .نزهة تكلف اخواهنا باشغال شاقة حتى وان مل تكن هناك حاجة لذلك رغم صغر سنهم و نفس املعاملة لقوها من الفقيه ،االم مل تكرتث لالمر فقط تكتفي بضخ املال البنتها من أجل اطعام اخواهنا وبداخلها غصة مل تفصح عنها . كرب اإلخوة ووجدوا أنفسهم بدون تعليم وال رعاية فاحتدوا و انتفضوا ضد االخت االم والظلم وغادروا ملدينة الدار البيضاء للعمل بأيعاز من اخيهم عبد القادر وكان هو األكرب عمره حينها ثانية عشرة سنة . بقيت حسناء األمية مع اختها كخادمة وعندما تصارح امها مبا تقاسي جتيبها حبنكة وحكمة اختك كأمك و عليك احرتامها .
كربت حسناء وبلغت سن الثامنة عشرة وجسدها مل يتغري كثريا و تقدم شاب خلطبتها وبدون تفكري وافقت للهروب من الواقع املر الذي تعيشه ،الزوج فقري و عاشت معه وامه كخادمة يف وضعية مزرية زادت من مأساويتها اجناهبا لطفلة كان مصريمها معا الطرد بعد توصلها حبكم التطليق ومستحقاهتا من طالقها كانت زهيدة تبخرت يف ظرف تالثة اشهر . رجعت مقهورة وطفلة مل تكمل السنة خبفي حنني من زواجها مرغمة لبيت اختها لنفس املعاناة و املأساة حماصرة بكلمات كخنجر تقطع احشائها وتنزف قلبها هي دوما نفس الكلمات الطالق مدلة وصمة عار لكل امرأة . تبخر الزوج و مرت االيام وتولدت لديها فكرت اهلروب حتى يوما قررت وفرت لتجدت نفسها منبهرة بالدار البيضاء وشوارعها وكاهنا حمض خيال فابتهجت كطفلة وهي تتسلل من شارع آلخر حتى فاجئها الظالم لقد حل الليل ووجدت نفسها وحيدة مع ابنتها يبكيان ،تقدم رجل شرطة و ساهلا عن حاهلا فقالت له اهنا خائفة و ال تعرف احدا يف هذه املدينة العمالقة ،ادخلها الشرطي للمخفر واشرتى هلم عشاء وكان عمل إنساني رام من ورائه الثواب حل الصباح فخرجت و شكرته على موقفه الرجويل.وجلست على الرصيف تستجمع افكارها فاجأهتا متسولة بالسب وهنرهتا وطالبتها بافراغ املكان ،مل تفهم شيئا وال الداعي لذلك يف البداية حتى وقف رجل و مد هلا قطعة نقدية من فئة 100 درهم تعاطفا مع ابنتها ففرحت هبا كثريا لكن فرحتها مل تدم طويال حني اختطفتها منها املتسولة . جلست تفكر و قالت يف نفسها ،اجلس يف هذا الرصيف و كل من مر يعطيين نقودا ،مل تطل التفكري حتى توقفت سيارة ترجلت منها سيدة سالتها عن حاهلا وماذا تفعل على الرصيف ،بكت حنان من القهر وقالت هلا بأنا مطلقة و ابنتها ال زالت رضيعة واهنا ترغب يف االشتغال بعرق جبينها يف احلالل ،قالت هلا السيدة ما رايك ان تذهيب معي للمنزل و تعملني كمساعدة المي مقابل 500درهم ،توجست خيفة يف البداية و مل تأمن للسيدة لكن مل يكن لديها خيار آخر فذهبت معها و بالفعل اشتغلت مبقابل و كانو نعم األسرة يعاملوهنا احسن معاملة. مرت االيام واثناء تسوقها كما العادة إذ هبا تصادف أخاها االكرب تفاجئا معا وبدون عناق ساهلا عن ماذا تفعل هنا يف الدار البيضاء ،أجابته باستنكار ملا تسالين االن ،ملاذا مل تسال عين من زمان ملا تركتموني وحيدة وسط اجلحيم .هل أنا ال استحق االهتمام ،انا و ابنة االن و مل تعلموا عين شيئا ومل تعريوني اهتماما .
يتبع
Abdo Daoud - 6_1عدالة السماء، قصة أختم فيها عام 2022وإىل اللقاء يف العام القادم إن شاء اهلل ،وكل عام وأنتم خبري... شخص كان يعيش يف اخلطيئة ،كان ميارس كل انواع الشرور والرذائل املعروفة وغري املعروفة .لذلك لقبوه بالشيطان ،عندما مات، أحد مل يكرتث به ،بل بالعكس فرح الناس مبوته ،وحتمدوا اهلل ألهنم ختلصوا من شرير ربط حياته مع الشيطان ،وتوقعوا مصري ذلك الفاسد ،وقالوا حتماً ذاك احلقري سيواجه مصريا أسود .عند قاضي السماء. جاءت جنود السماء ،وساقت ذاك املنبوذ اىل دار العدل السماوية حملاكمته. أخذ القاضي حيدق يف ملف ذاك الشخص مستاءً مشمئزاً .حيدق يف وجه الرجل تارة ،ويف ملفه تارة أخرى .ملف يفيض ويفور بالشرور واخلطايا والرذيلة املخالفة لكل الوصايا والتعاليم السماوية يف كل األديان. راجع القاضي ملف الرجل ،ولكنه مل جيد بني السطور نقطة مضيئة واحدة. سأل القاضي الرجل :كيف تدافع عن نفسك وأمامي ملفك األسود هذا ،وكل هذه احلماقات والذنوب اليت كنت ترتكبها؟ قال الرجل "ال تعذب نفسك يا سيدي ،أنا لن ادافع عن نفسى أنا أعرف طريقي ،فأنا ذاهب اىل عذابات لن تنتهي" سالت دموع القاضي حزنا على اخلاطئ ،وعلى املصري التعيس الذي ينتظره يف املكان الصعب ،حيث البكاء ،وصريف األسنان .مكانٌ ناره حارقة ال ختمد .وال تقبل هناك للخاطئني أي شفاعة أو رجاء. سأل القاضي الرجل جمددا ،أمل تفعل فعل خري واحد يف حياتك قد خيفف من عذاباتك ويشفع لك؟ قال الرجل :ال يا سيدي ،مل أفعل.
فوجئ القاضي عندما رأى نوراً يشع غامزاً يف ملف الرجل .عاود القاضي النظر إىل امللف بدهشة واستغراب ،فارتسمت ابتسامة عريضة على وجه... سأل القاضي اخلاطئ جمدداً: يا رجل ،أمل يطرق بابك يوما فقري متسول يف ليلة ثلجية يسألك أن تعطيه حذاء ينتعله ليحمي قدميه العارتني من جليد الطريق، صادف ليلتها ،كان عندك حذاء جديدا كنت قد اشرتيته ليوم العيد ،اشفقت على ذلك الرجل وآثرته على نفسك ،وأعطيته احلذاء ،ثم دعوته على العشاء وقدمت له حساءً ساخنا؟ هل فعال أنت فعلت ذلك؟ قال الرجل نعم يا سيدي ،فعلت ،ولكن ماذا ينفعين عمل واحد أمام ملفي املليء بالشرور اليت ارتكبتها يف حياتي والعظائم اليت فعلتها؟ قال القاضي :ذلك الرجل الذي طرق بابك هو من سكان السماء ،وهو الذي يتشفع لك اآلن ويطلب من يسوع وأمه مريم العذراء الرمحة لك. بعدها ابتسم القاضي وقال :هذا الفعل الوحيد الذي فعلته مبحبة ،وهذا التشفع احلار من ذاك الرجل ،قد زاد وزنه على أوزان أفعالك الشريرة اليت ارتكبتها يف حياتك .كلها أذهب اىل الفردوس .لتنعم باحلياة األبدية يف أحضان إبراهيم. وعظة مسعتها من أحد اآلباء: 28.12.2022
Abdo Daoud - 7_1عاشقة البحار قصة مسعوا طرقاً خفيفاً على باب البيت يف ساعة متأخرة من الليل ،نظرت أم مسرية إىل زوجها باستغراب ،هو حرك شفتيه مبعنى ال يدري من الطارق... فتح الباب حبذر ،وإذ ابنته مسرية بلباس البحرية األبيض تقف أمامه... صاح األب بفرح جمن ون ،هذه مسري ،أختها قفزت من السرير ،واألم هرعت يف لباسها النوم ،يستقبالن الغائبة احلاضرة ،أعز الناس حبيبة القلب... قالت مسرية :بأن السفينة (سفينتها) وصلت لبنان وستبقى اثنان وثالثني ساعة يف امليناء ،لذلك جئت أراكم وغداً مساء سأعود إىل بريوت... قالت األم :يا ،صارت زيارتك حمسوبة علينا بالساعة... مل تعد العائلة تعرف ما الذي تفعله لالحتفال بالضيفة احلبيبة... أمها مل تكف عن تقبيلها ،أختها ال تنتهي اسئلتها ،ابوها يشعر بالفرح ،والغبطة متأل قلبه ،ال يتكلم... تلك الليلة مل تنم العائلة على اإلطالق ،اشرقت الشمس واسئلة اختها مل تنتهي...لكنها هنضت لتحضر قهوة الصباح... أبو مسرية قال :اليوم سآخذه عطلة ابتهاجا بوجود حبيبة القلب معنا... أم مسرية ذهبت إىل السوق لتحضر لوازم الطبخات اليت حتبها ابنتها الضيفة...
ودار السؤال بني مسرية وأختها هل ستخرب مسرية األستاذ مسري حبضورها ،أم تكتمان األمر عنه؟ قالت ملك إذا مل خنربه ،وعرف فيما بعد بأنك كنت يف الشام ،ومل تتصلي معه سوف يقطع زياراته لنا ولن نشاهده بعدها... وأخريا كتبت له مسرية ،رسالة قصرية مستخدمة اجلوال قالت :أنا يف دمشق... ال أحد يدري ما الذي حدث لسمري ،هل كانت نوبة فرح هستريية ،أم تساؤالت عديدة متناقضة دارت يف فكره ،هل مسرية وافقت أخرياً أن تعود إىل الشام ،وتنهي عقدها مع شركة املالحة؟ وهل هي وافقت أخريا أن نتزوج ونقيم معاً يف دمشق، أم ماذا هناك يا ترى؟ أفكار كانت تدور يف رأسه ،وكان يرقص فرحاً ،ومل يعد يدري هل يذهب فوراً اليها ،أم ينتظر إشارة منها ،أخرياً ،هدأ انفعاالته الصاخبة ،وأخذ محاماً ساخناً ،وهندم ذاته بشكل غري عادي ،وركب سيارته الفخمة ،وانطلق إليها ،بينما أمه كانت تتساءل ومتتم قائلة :ربنا يعطينا خري هذا اليوم...يبدو هناك قصة حب جديدة ،إن شاء اهلل نكون قد انتهينا من تلك اجملنونة عاشقة البحار... وألول مرة يندفع مسري ويقبل مسرية بكل عواطفه وأهلها ينظرون إىل هذا العاشق الوهلان مبحبة وهم متمنون أن تعود مسرية وترضى بقبول هذا العريس العاشق املعذب... اصر مسري بأن يعزم العائلة إىل وجبة غذاء يف أفخم مطاعم املدينة ،لكن مسرية رفضت قبول الدعوة بشدة ...وقالت هي ساعات قليلة وسأغادر إىل لبنان... حتطمت فرحة مسري عندما علم بأن مسرية قد أتت لتزور أهلها لساعات قليلة وستعود إىل سفينتها عشية ذلك اليوم... مسرية تقصدت أن تر مسري دفرت مذكراهتا وقالت لقد بدأتُ عملية مجع املعلومات ،كل يوم سأكتب اجلديد ،وبعد أن أكتفي سأنسق هذه املعلومات يف كتاب امسه (عاشقة البحر) تقصدت مسرية هذه الكلمات لتأكد لسمري إصرارها على حتقيق هدفها بأن تصبح الكابنت مسرية ملكة البحار...وتقود السفينة السياحية ،بل األحرى املدينة العائمة عرب العامل ،اليت متخر عباب البحار ،وحتتك بشعوب األرض وثقافاهتم
املختلفة...ولن حتيد عن رغتها هذه مهما واجهت من مصاعب ،حتى ولو كان الثمن الذي ستدفعه هو :حبها الكبري الذي تعتربه الفداء الذي ستقدمه على مذابح الضحايا ،حتى تستمر يف الوصول إىل قلب الدريئة ...وإىل هدفها الذي صار مقدسٱ يف حياهتا ،وها هي تدفع الثمن غاليا حبها ومستقبل قلبها...ثن باهظ جدا بل هو باألحرى كل حياهتا الذي هو حبها الكبري يف حياهتا. كان هنارا منقضته مسرية يف ربوع أهلها ومعها حبيبها الذي تعتربه السعادة املتجسدة يف حياهتا... اصر مسري أن يوصل خطيبته إىل بريوت لتستأنف رحلته عرب العامل ،وكم حاول أن يقدم هلا من املشهيات اليت تتمناها حتى تغري رغبتها يف عشق البحار ...قال هلا :لك شقة سكنية يف أمجل مناطق دمشق ،سيارة فخمة خاصة لك ،وكل ما تشتهينه يف هذا العامل سأقدمه لك .فقط ارجعي لتعيشي معي ونربي أطفالنا سوية... قالت مسرية يف سرها :أنا ال أختلى عن حلمي لو ملكوني العامل .لكنها قالت: يا مسري إدا رة السفينة تعطينا شقة يل ولك وستكون شقة فخمة ملوكية عندما أصل إىل قيادة السفينة...وقالت بوضوح :أنا ال أريد أوالدا ألنين لن أكون على اليابسة معهم ،ولن أدعهم للمربيات أن يقمن بواجب األم بدالً عين. أنا اآلن أكتب يومياتي ،وعندما أتقاعد ،سأكون املستشار لقادة السفينة اجلدد ،وحينها سأتفرغ لنقل يومياتي اليت أكتبها يوما بعد يوم إىل مؤلفات عن عامل البحار لتكون قصة حياتي وقصة حيب الكبري أنا والبحر. بقلمي :عبده داود 22.12.2022
Abdo Daoud - 8_1االكتفاء واحلرية تالميذ يف حصة الرياضة يلعبون يف باحة املدرسة ،يتصاحيون ،ويركضون خلف الكرة ذهابا وإيابا...مباريات يف كرة القدم... أثناء ذلك ،صادف عبور سرب طيور يف السماء ،توقف التالمذة عن اللعب ،وأخذوا يراقبون الطيور العابرة. تلميذة سألت املعلمة :أين ذاهبة هذه الطيور؟ قالت املعلمة :هتاجر جنوبا حبثاً عن مناطق أكثر دفئاً ،خشية صقيع الشتاء .وتعود يف الربيع عندما يتحسن الطقس ،وترتفع درجات احلرارة... قال تلميذ :يا ليتين أنا طائر مثل هذه الطيور املهاجرة... ضحكت املعلمة وقالت :أنت إنسان ،ربنا جعلك ملكاً ،وسلطك على األرض كلها ،تود أن تكون جمرد طائر تائه ال حول له وال قوة...تتعرض لظروف احلياة الصعبة. رد التلميذ ،قالت أمي :الطيور متلك حرية واسعة ،نفتقد هلا نن البشر ،الطيور تتنقل عرب السماء حيثما تشاء ليست حباجة إىل جوازات سفر ،وال تفتيش يف اجلمارك...وال فيز وال تأشريات خروج وال شيء من هذا أو ذاك ...الفضاء كله وطنها... بينما اإلنسان سجن نفسه ضمن حدود مرسومة ومسجلة أصوال دولياً ،وصار امسها دولة ...وصار حمرم على سكان تلك األرض جتاوزها ،إال مبعامالت خاصة ،وبات مطلوباً منهم الدفاع عن تلك األرض ،اليت امسوها الوطن ،وتأتي الكارثة إذا دولة قوية طمعت يف تلك الدولة ،تعرب احلدود ،وتفتك بسكان تلك الدولة ،وتنهب البالد ،وتضم األرض إىل ممتلكاهتا اخلاصة ،لتوسيع
أراضيها وبذلك تتغري اخلريطة اجلغرافية العاملية...كما فعلت إسرائيل يف فلسطني وسورية ...وال يزال الصهاينة يتوسعون وخيططون لسلب املزيد من األراضي العربية... لذلك أخذت الدول تتسلح وتصرف أغلب امكانياهتا على التسلح ،مصائب اصابت عقول البشر ،ولوال صرف تلك األموال اجملنونة على التسلح ،لكانت األرض جنة من جنات اخلالق ...وعاشت مجيع الشعوب بسالم وحرية واكتفاء... هذه هي مصيبة البشر عدم االكتفاء... قالت املعلمة :أمك معها حق ،اهلل ميزنا أعطانا العقل ،اخلري والشر وروح اإلبداع ،وهذا شأنه هو :وقال من يتغلب على الشر يف داخله ،يكافئ بدميومة احلياة والسعادة األبدية...والذين ال يسمعون صوت الرب وال يعملون بوصاياه ،بئس مصريهم ،هناك النار والعذاب .أرواحهم ال حترتق ،عذاباهتم مستدمية... قالت تلميذة :بابا ذهب اليوم هو وأصدقاؤه إىل الصيد ،هل يعترب الصيد غزو عامل احليوانات؟ قالت املعلمة :إذا كان الصيد من أجل جلب الطعام لألسرة هذا حالل ،وربنا يبارك فيه ،أما إذا كان الصيد من أجل املتعة ،يقتلون الطرائد جملرد اللهو والتسلية هذا حرام جداَ هذه مهجية وختلف ...واهلل يعاقب عليها. قالت طفلة :الطيور تتمتع يف احلرية أما بين البشر ،تتحكم فيهم الساعة والوقت. قالت املعلمة ،كالمك صحيح يا سوسن ،لكن حريتنا تنتهي عندما تبدأ حرية اآلخرين ،ال جيوز أن هنمل حرية اآلخرين ونقول نن أحرار ...ال جيوز أن ننسى واجباتنا والتزاماتنا ووصايا ربنا ونقول نن أحرار ...للحرية قواعد والتزامات ...والنظام هو أساس التداول العاملي. أليس النظام مجيالً؟ أليس هو الذي ينظم حياة البشر ،ويساهم يف تطوير اجملتمعات ،وجيعل العامل كله يسري يف نظام عاملي متفق عليه دولياً ،كل شيء مربمج ،الوظائف ،الطريان ،القطارات ،والسفن ،وحركة الناس ،كل الناس مرتابطة بنظام الساعة اليت هي املديرة كما تقولون...
أيضا الطيور هلا أنظمتها اخلاصة ،أال ترون كيف تطري كلها يف نظام مثري مع بعضها البعض .هلا قادة يعرفون كيف يقودهنا إىل شاطئ األمان... قال تلميذ :ملاذا ال نوفر هلا الطعام والشراب حتى تبقى عندنا .وال تتعذب تبحث عن الطعام ،وعندنا ال ختشى بنادق الصيادين... قالت املعلمة :هذا سؤال ذكي وأنا شخصيا أفكر فيه من زمان... دعونا نثبت أيهما أفضل االكتفاء ،أم احلرية؟ ألسنا نن نب الطائر املوجود يف الصف ضمن القفص الذهيب ،مجيعكم تعتنون به ،وتقدمون له اخلدمات املطلوبة من الطعام واشراب ،والنظافة ،وكل وسائل الرفاهية املمكنة ...كم أنتم حتبونه ،وتقلدون الزقزقة معه .حتى هو صار حيبنا أيضا بدليل صوته الشجي ...هل تعتقدون بأنه سيغادرنا إذا فتحنا له باب القفص... هل سيعود ألينا؟ أم يفضل أن يعيش خارجا يف الفضاء ،حيث الربد والصقيع يف الشتاء ،والقيظ يف الصيف ،ناهيكم عن بنادق الصيادين اليت تركض الهثة وراء الطيور ،حتى تقضي عليها وحترمنا متعة أصواهتا وتراتيلها املالئكية... هل سيغادرنا الطري إذا فتحنا له باب القفص؟ أم سيعود إلينا؟ كانت املعلمة مقتنعة متاما ،بأن الطائر سيعود ال حمال، انقسم التالمذة بني مؤيدين سيعود ،ومعارضني ال لن يعود... وعندما فتحوا له باب القفص ،غرد مرفرفا بفرح ودار عدة دورات يف مساء الغرفة وغرد حلناً رائعاً مل يسمعوه يوماً ،وابتعد حملقاً يف السماء ،انطلق يبحث عن احلب ذهب إىل رفاقه حيث ينتمي .وهناك سيجد رفيقة حياته... احلرية هي األعظم... بقلمي :عبده داود كانون أول2022
Abdo Daoud - 9_1بالد التاريخ كانت إحدى هواياتي ركوب الدراجة اهلوائية ،أمتطيها وأعرب بساتني بلدتي ،أتنسم اهلواء النقي ،وأتنشق أريج الزهور عندما يكون الطقس مجيال ،وخاصة عندما تبدأ أزهار املشمش تزين املزارع ،وتعطر األجواء ،ذلك يشعرني بان احلياة قد عادت من جديد ،بعد شتاء بلدنا الصقيعي اجلارح... اليوم وصلت إىل مغارة اإلنسان القديم يف يربود القريبة منا... فوجئت مبجموعة سواح أجانب يزورون املغارة...شابني وأربع صبايا. تكلمنا باإلنكليزية ،وعرفت منهم بأهنم وافدون من الدامنارك. قالوا :جئنا نزور التاريخ ،حيث ولد التاريخ .واسعدهم إنين خريج كلية التاريخ من جامعة دمشق. استضفت اجملموعة يف منزلنا يف النبك ،ورحب أهلي هبم أي ترحيب ،وأحيينا هلم سهرة لطيفة ،حضرها أصدقائي واجلريان... يف اليوم التايل رافقت الطالب واريتهم ما اشاده الدامناركيون يف ال نبك يف اربعينات القرن املاضي ،ومنها الكنيسة اإلجنيلية، واملستشفى الدامناركي .واملدرسة الدامناركية... بعدها ذهبنا إىل دير مار موسى احلبشي والذي يعود تارخيه إىل ما قبل القرن الرابع ...الكائن على جبل ال نبك الشرقي. فرح الطلبة عندما وجدوا أنفسهم يزورون دير رهبان وفيه واحدة من أقدم كنائس العامل ،كذلك أسعدهم كثرياً بان الدير قدم هلم اإلقامة النظيفة واملرحية مع الطعام الشهي ،وكل ذلك جماناً...
أفرح الطلبة كثرياً وجود مكتبة يف الدير ،حتتوي املخطوطات والكتب التارخيية اليت صارعت الزمن لتبقى ناطقة. طلبوا مين مبحبة ،أن أكون مرشدا ودليالً هلم نتنقل يف القلمون... زرنا عدداً من االديرة املوجودة يف املنطقة ،ومنها دير مار اليان يف القريتني ،ودير مار يعقوب املقطع يف قارة ،والكنائس القدمية يف يربود ،ومعلوال وصيدنايا واملعرة ،وأيضاً كنيسة حنانيا يف دمشق ليت ال تزال تروي قصة زيارة القديس بولس عميد الكنيسة اليها. ومل نتمكن من زيارة األديرة العديدة املوزعة على أرض سورية بسبب قصر املدة احملددة لرحلتهم. وامللفت ،مجيع هذه الكنائس واألديرة قريبة باملكان من بعضها البعض مما يدل على كثافة الوجود املسيحي يف سورية آنذاك... استكمل الطلبة دراستهم ،وقرروا متابعة الرحلة إىل األردن وفلسطني ،ملتابعة خمطط الطريق الدراسي. مت الوداع احلار بينهم وبني رهبان دير مار موسى ،وكانت الدموع متأل مقلهم... وخاصة من عيين نينا وهي مغادرة الدير الذي أحبته لدرجة العشق. بينما كانت تنزل على الدرج الصخري ،تعاود النظر إىل اخللف وتلتقط الصور للدير ،فجأة تفركشت حبجر ،ووقعت وتدحرجت وعجزت على النهوض ،وهي تصرخ من األمل... ساعدناها ومحلناها إىل السيارة يف أسفل الوادي ،إىل مشفى القلمون( .مستشفى الدامناركي سابقاً) .أظهرت صور االشعة كسوراً يف ساقها مما توجب اجراء عمل جراحي هلا ،وتلبيس الساق بقالب من اجلبصني الصلب...قال الطبيب :جيب أن ترتاح نينا ملدة شهر على األقل بدون حراك وحتت مراقبيت. أصاب اجملموعة اهلسترييا ،كيف سيرتكون نينا يف ال نبك ،ووقتهم ال يسمح هلم ،وعليهم إجناز مهمتهم الدراسية ،ووقت الرحلة كاد أن ينفذ ومن الذي سيبقى معها يف سورية ،ألف سؤال وسؤال ،وال جواب مقنع واحد... قالت أمي ،اذهبوا أنتم ،ن ينا ستبقى عندي يف البيت معززة مكرمة ،وبعدما يسمح هلا الطبيب بالسفر ،سنوصلها إىل املطار، أرجو أال حتملوا مهاً على االطالق...
خصصنا للمريضة غرفة خاصة ،ووضعنا يف غرفتها جهاز تلفاز ،وأيضا خط انرتنيت مفتوح لتتواصل مع أهلها ،ومع زمالئها وجامعتها... نينا غري إهنا يف غاية اجلمال ،عرفناها مبنتهى الرقة ،واللطف ،والروح الطيبة ،ومجيعنا احببناها كثرياً. أنا بذلت كل طاقيت إلسعاد نينا ،ومتابعة الدراسة معها ،واحضار املراجع اخلاصة ألحباثها اليت تطلبها ،وحتى اليت ال تطلبها... كانت نينا تصورني ،وتصور أهلي مبوبايلها ،وترسل الصور إىل أهلها يف الدامنارك ،وتطمئنهم عن حالتها ،وكم هي سعيدة مع هذه العائلة الطيبة. أهل نينا أرسلوا لنا مبلغاً كبرياً من املال هدية لقاء استضافتنا ابنتهم. احلقيقة مل تكن اهلدية منتظرة وال مطلوبة ،رغم فقرنا آنذاك ،ألننا كنا نعترب الذي نفعله حمبة ،وواجب إنساني علينا. والد نينا أستاذ جامعي يف كلية التاريخ يف جامعة كوبنهاجن ،طلب من أبنته أن تسألين إذا كنت أرغب يف إمتام دراسيت يف الدامنارك ،ألحصل على شهادة الدكتوراه يف التاريخ ،من جامعة كوبنهاجن ،رمبا سيوفر يل بعثة جمانية إلمتام دراسيت هناك. بالنسبة يل كان هذا جمرد حلم ال أجتاسر حتى أن أحلم به...طار صوابي هبذه اخلربية ،وبسرعة الربق ترمجت أوراقي الثبوتية وأرسلتها... متاثلت نينا للشفاء ،ودعناها يف املطار ،ودموعنا مجيعا باحت حببنا هلا... حتقق قبويل يف جامعة كوبنهاغن .سافرت ودموع أهلي أبت أن جتف...رغم سعادهتم لسعادتي. استقبلتين نينا وأهلها يف املطار ،وأحست بأهنم حيملون يل الكثري من الود ،وخاصة نينا كانت عيناها تفضحان سر قلبها... تابعنا أنا ونينا دراستنا ،واستمريت أنا أساعدها يف احباثها حتى حان موعد مشروع خترجها يف اجلامعة... جنحت بتفوق ،وهنأهتا اللجنة الفاحصة ،وقالوا هلا تستحقني نيل اإلجازة يف التاريخ جبدارة ،على هذه الدراسة املتقنة الشاملة واملوثقة.
تشكرت نينا اللجنة ،وتشكرت كل الذين ساعدوها على إمتام دراستها ،وقالت :أخص بالذكر صديقي وأستاذي كمال السوري، وأشارت يل ،وطلبت مين احلضور ألقف جبانبها على املنصة وقالت :هذا هو سر جناحي ،كمال هو الذي يستحق الشهادة، وروت هلم قصة وجودها يف سورية...بل قصة حبها الذي خبأته يف قلبها...ألهنا خشيت أن تعذبين إذا مل أمتكن من اللحاق هبا. أخذ كمال مكرب الصوت وقال :أنا أحببتك ،مذ رأيتك ،وامتنى أن تقبلي أن أهديك قليب. قالت :قلبك سيجعلين أسعد انسانة يف الوجود ...لكن قليب مل أعد أملكه ،أنتم من خطفتموه مين ،أنت وأهلك يف سورية...أنا اآلن أهبك كل حياتي يا كمال ،أنا عرفت احلب احلقيقي يف بالدكم ...عرفت احلب هو العطاء بدون مقابل ...أنتم علمتموني احلب احلقيقي... تزوجنا ونن نعيش قصة حب ال تنتهي صار أوالدنا يف املدارس ،ونينا حتضر لنيل شهادة الدكتوراه يف تاريخ الشرق القديم. ونن نزور سورية .نزور أهلي ،ونينا تزور دير مار موسى احلبشي كل صيف .أوالدنا يتعلمون العربية يف اللهجة النبكية. الكاتب :عبده داود 12.12.2022
Abdo Daoud - 10_1النصيب ذهبت أنا وزوجيت حتى نسجل ابننا يف روضة األطفال. سألين املدير عن اسم الطفل :قلنا جورج اسم األم :نتايل أسم األب :حممد عرف املدير بأنين من سورية وأخذ يتكلم بالعربية وأصر أن يعرف قصة حضوري إىل هذه البلد البعيد عن العاصمة روما... ابتسمت ونظرت إىل زوجيت ،وبدأت أروي قصيت باللغة اإليطالية... قلت :كنت مسافراً يف القطار من روما إىل الشمال اإليطايل قاصدا العبور إىل النمسا .ثم إىل املانيا .تصادف وجود طلبة جامعيون معي يف مقصورة القطار ،وأيضاً كانت هناك مسافرة حسناء ،حتمل كتاب روميو وجولييت للكاتب وليم شكسبري... حترك القطار ،وأخذ يتسارع...كنت أمتع نفسي مبناظر الطبيعة عرب نافذة املقصورة وأحياناَ ،كنت أختلس النظر إىل الفتاة اجلميلة قباليت املأخوذة بالكامل يف كتاهبا... بعد حني ،توقف القطار يف حمطة ،ونزل العديد من الركاب ومن مجلتهم الطلبة الذين كانوا يف املقصورة ،ما عدا احلسناء الغارقة يف كتاهبا... خف الضجيج كثريا يف القطار ،وشيئا فشيئا حلت الظلمة خارجاً ،وشعرت بامللل ،والطريق إىل مقصدي ال يزال بعيداً ،يلزمه ساعات للوصول...
أخذت أتنقل يف ممرات القطار ،بعدها دخلت عربة املطعم ،كان هناك العديد من املسافرين ،ومكتبة فيها جمالت بكل اللغات عدا اللغة العربية ،اشرتيت جملة يف اللغة اإلنكليزية ،اليت ال أجيدها كما جيب ،لكنين اردت تسلية نفسي ،دخلت احلسناء اليت معي يف املقصورة ،إىل املطعم وال تزال حاملة كتاب روميو وجولييت معها .وقصدت املشرب واحضرت فنجان قهوة ،واخذت تبحث يف نظرها عن مكان جتلس فيه... كان يوجد كرسياً فارغاً جبانب طاوليت ،أشرت هلا بيدي إليه .ابتسمت وجاءت راضية وشكرتين بلغتها االيطالية رددت خبجل باإلنكليزية ،آسف جدا أنا ال اعرف لغتكم لكن أعرف االنكليزية كلغة ثانية .أراك تقرئني مسرحية شكسبري روميو وجولييت... ضحكت وقالت أنا اعشق هذه املسرحية ...ألهنا حتكي قصة احلب احلقيقي دار بيننا حديث طويل حول املسرحيات واألدب وخصوصا عن السينما واملسرح ،وقلنا سينما املنتجني شوهوا األعمال األدبية الرفيعة ،ألن مههم انصر يف شباك التذاكر وإرادات الفلم وصلنا مدينة بولونيا ،وكما تعرف استاذ :كان علينا التوقف فيها ملدة ثالث ساعات ،حتى يصل القطار املخصص لنقل املسافرين إىل الشمال اإليطايل... دخلنا إىل مقهى قريب ،حتادثنا يف أمور كثرية ،اخربتين ،بأهنا ذاهبة إىل بادوا حتى تطمئن على أهلها ،وهي تزورهم كلما سنحت هلا الفرصة لذلك... أخربهتا عن سورية وشرحت هلا عن احلرب الدائرة يف بالدي غري العادلة ،اليت شردت ناسي ،بأسلحة املوت اليت أحضروها، وقلت هلا أنا هارب من ميادين املوت هناك قاصدا املانيا ،سافرت من سورية إىل ليبيا ،ومنها إىل إيطاليا يف قوارب الفاجعة والغرق ،ومنها إىل النمسا وإىل املانيا ،األملان يستقبلون السوريني برحابة صدر بينما يف بالدي يذحبون الناس كما تذبح اخلراف... أحسست بأمل نتايل ،وشاهدت دموعها تسيل على وجنتيها ،لكنها قطرات ندى روت قليب العطش لكلمة حب ،كلمة حنان تروي فؤادي اليابس من مرارة الوضع يف بالدي
وصلنا بادوفا ،تصافحنا مودعني بعضنا البعض ،قلت هلا كم أنا آسف بأن الرحلة انتهت ،كانت من أحلى أيام عمري الذي جعلوه دراما مأساويا... قالت :ما رأيك تأتي معي تزور أهلي ووالدي يوصلك إىل النمسا هو كثريا ما يذهب إىل هناك وحيداً يف سيارته... استقبلين أهلها حبفاوة ظننا منهم بأنين صديق أو خطيب ابنتهم ،لكن عندما أخربهتم ابنتهم قصيت، قال أبوها لكنهم قالوا عندنا عرب وسائل اإلعالم :بأهنم دعاة سالم ،حيملون أغصان الزيتون رمز احملبة ،إىل بالد الشام ،حتى يقدمون لكم الربيع العربي ويعيدون احلضارة واجملد إىل بالدكم... يف اليوم التايل :قالت يل نتايل رمبا متضي عندنا بعض الوقت والدي سيذهب إىل النمسا يف األيام الالحقة بعدما تنتهي اجازتي عندهم ،ألنه مسرور حبضوري وهو مشتاق يل ،وأهلي مصرين على بقائك عندنا ضيفا معززا مكرما ....دخلت خمدعي، وسجدت وصليت شاكرا اهلل على هذه املساعدة غري املنتظرة ،والبقاء مع هذه احلسناء اليت سكنت أوصايل... يف اليوم التايل خاطب األب ابنته وقال هلا :خذي سيارتي أذهيب أنت وحممد وأريه املدينة... من أهم األماكن التارخيية املعروفة يف بادوفا أو بادوا كما يلفظها اإليطاليون .كنيسة القديس انطونيو تلميذ القديس فرنسيس األسيزي ،وهذه كنيسة يزورها السائحون من مجيع أناء العامل ألهنا مركز يعيد قصة املاضي لتحيا يف احلاضر... رفض حممد الدخول إىل الكنيسة وقال :أنا مسلم ال حيق يل الدخول إىل مقدسات مسيحية... قالت نتايل :من أين تأتي مبثل هذا التحريم ،هذه دار اهلل ،واجلامع أيضا هو دار اهلل ،أليس اهلل واحداً ،أم اهلل عندكم خمتلف عن اهلل عندنا... نن البشر ،جعلنا اهلل الواحد ألف إله ...قد خنتلف يف طرق العبادات والطقوس لكننا مجيعا نصلي لذات القدرة اخلالقة هلذا الكون الواسع الذي ال حدود له... بعدما خرجنا من الكنيسة ،قبلتين وقالت هذه قبلة النعمة املقدسة... بالنسبة يل كانت تلك القبلة اليت أشعلت كياني وأججت كل مشاعري...
صرنا كل صباح نزور بلدا أو مكانا سياحيا ،وأنا يف غاية الفرح هبذه الرفقة الرائعة اليت كانت تتمركز يف كياني وفكري .ناهيك عن تلك املناظر اليت تسلب لب اإلنسان... يف هناية األسبوع ،اعتذرت نتايل بأهنا ستعود إىل عملها يف روما... أوصلها أبوها إىل حمطة القطارات وأنا كنت معهم. قبل أن تصعد هي إىل القطار ،غمرتين وقبلتين حبرارة وأجهشت بالبكاء وصعدت إىل القطار وعادت وقبلتين ثانية... قال ابوها مبا معناه :أخطب البنتك وال ختطب البنك ،وسألين: يا حممد هل أنت حتب نتايل وتريدها زوجة لك؟ قلت هذا حلم ال أقدر أن أحلم به... قال األب آمرا :نتايل أعيدي حقائبك للسيارة لن تذهيب بعد اليوم إىل أي مكان ،ستكونني مع زوجك وبيتك ،حممد سيعمل معي يف جتارة احلرير الطبيعي الذي نضره من النمسا ونصنعه يف إيطاليا... تزوجنا يف كنيسة القديس أنطونيو ،ورزقنا اهلل بابننا جورج ،وولد آخر قادم على الطريق ...إىل اللقاء الكاتب :عبده داود كانون أول 2022
Ahmed Ninia - 11_1الثلم األكرب إذا مل نغري من أنفسنا ،أكيد ،لن يأبه بنا أحد وسنكون غري معروفني ..فنحن ال نلم بعامل اخر ..مثايل ..ولكن إذا مل جند ما نفكر فيه ،لنخرت ألنفسنا عاملا سيء جدًا لنتوقف عن اهلروب إىل الوراء ..فليس ممنوعا علينا القيام باستدارة حول أنفسنا ليفهم غرينا أننا لسنا أغبياء كما يعتقدون ..وأننا فقط مقتنعون بوجود آفاق جديدة ستفتح بعد حني ..لكن إقرار النتائج السيئة للطالب والفالحني واملهنيني ..سيسمح والشك ببدء عصر جديد ..إهنا فرتات تركيز لألنا الواعية الفائضة يف غزو النخب السلبية من عامة الناس والتقليل من شأهنم ..نعم ،إهنا فرتة جين غري الئق لثمار اإلثراء الفاحش وجلب إدانة حقيقية ألنفسهم فقط ..بل إهنا فرتة قامتة يف التاريخ جيب عليها أن ختتفي مع ظالل إرث األجيال السابقة .. ال يهم متى سننجح يف تكوين اجملتمع الذي نلم به ..اجملتمع الذي سنغين فيه بطريقتنا اخلاصة وليس مبزاج اآلخرين .. يتطلّب صربنا صرب أقدام مجال فوق رمال الصحراء ..أو صرب طفل يتأمل من شوكة عالقة يف كعبه ..أو مريض جائع يشكو من أصوات وحوش تزأر قرب فمه الصامت ..ينبغي إذن أن نبحث كل يوم عن رائحة خيط يربط بني صرخة أعيننا وهيمنة األلوان احمليطة بنا ..فال أحد منا نن املقهورين يريد أن يتظاهر كما يبزغ اجلبل يف أغاني الرعاة ..نن نبحث فقط عن رذاذ حليب يف هالة الصباح ..أو نبحث عن طريق سحري يف فجوة الكهوف ..ونتوق إىل بيت مسيك خوفا من هجوم الكثبان الرملية على بيوتنا ..فنحن لسنا إال أطفال يبكون أمام خندق أعشاب وراء باب مسدود ..ومما الشك فيه ،أن رجاال من املستقبل سيهرعون إلينا بني إمياءات احلجارة ورفرفة أجنحة الواحات لتهبط علينا توابل تسمم رياح األرض احلارقة ونفوز باجلنات النعيم .. أمحد انعنيعة
Ahmed Ninia - 12_1أكاذيب الصغار أحلم دائمًا مبستقبل قريب بني بادييت وحاضرتك ..ألعيش أمجل القصص اليت أحبها بال حدود معك ..سألقي أمامك قصيدة يف حبر الصمت ..ويف ضباب أفكاري الكثيفة ،سأمسعك كلمات صمتك ..أمسعك صراخ قلب أشعر بنبضه ..قلب قضت عليه هذه احلروب املظلمة ..أمواج بنادق آلية ..قلق متزايد يرهب أرواحنا ..ميحو كل ذكرياتنا ..يفصل بيننا ..ويقلب عاملنا رأسًا على عقب .. سأقف هنا ..بعيدًا جدًا عنك ..قريبا جدًا منك ..أيام وليايل ..سيأتي مسائي ويغرب قمرك عن احلي ..وستحن جنوم هذه السماء املظلمة إىل كل أضوائك ..سيشتاق سريري البارد اليك وهو حيلم بلون شواطئك ..سأجوب كل الطرقات ألحبث عن رغبات متكنين من التجوال على قمم حبك املرتفعة ..ألحتد معك يف دوار كما تتحد أمواج حميط تغرق يف ملذات الذات بال حدود .. لكن ،ال شيء بعد اآلن ..كل طيور النورس تبكي يف األفق ..سأدع مشسي تصفر وحتمر بشغفنا ألغاني احلب والثورة كما كانت عليه باألمس ..وسأسقي قلبك بكتاباتي احلاملة فقط وأنا أقدم لك أمجل قصائد احلب الرشيقة اليت كتبتها يف األمس حبروف ال زالت تسمح لنا بزراعة أخصب ما لدينا من بذور ..لكن دون جدوى .. أمحد انعنيعة
Ahmed Ninia - 13_1يوتوبيا الكتابة أزيح قلمي برفق حتى ال أكسر صمت آمايل بسبب تأرجح كلماتي الواحدة بعد األخرى . أحتدث هبدوء إىل صفحيت املوالية ألكشف النقاب عن كل ما خياجلين من يوتوبيا تطري فوق الكلمات لتوضيح مشاعري ..ال أنتظر مقابال من أحد ..أريد فقط أن أكشف عما أفكر فيه ..فورقيت وقلمي مها صديقان يل ورفيقان مالزمان يل ..وأما الكتابة فهي ليست إال عالجا يرحيين من الغضب الروتيين ..أخدش أوراقي لتكشف عن نفسي ..خترجين مما أفكر فيه .. وتتالشى جروح النفس على مدى السطور املكتوبة .. ترتنح الكتابة حتت قلمي حني تغرورق عيناي غضبا ..فتقفز احلرية إىل قليب بكل لطف لتخلصين من غباء احمليط ..ترحيين من كل جهله ويعم السالم بيننا .. إن أسطورتي هي أن أؤمن بالسعادة يف جمتمع قاس ..وصحيفيت هي أن أؤمن بيوتوبيا واقعية تشهد عليها يداي .. أمحد انعنيعة
Alfateh Meeka - 14_1رجل ملقى على قارعة الطريق ____الكاتب الفاتح ميكا السودان اتسعت حدقتاه من فرط الذهول... . عيناه كانتا مثبتتني ومفتوحتني على برميل النفايات احملتشد بالذباب.. .ومبجموعة من االطفال يف عراك مميت.... تالحم وحشي..وسباق حمموم !...خيوضون يف أحشاء الربميل القذرة ..ويتصارعون على الفتات وما تتجشأه املطاعم احمليطة بالشارع!.. كانوا متشاهبني يف الفقر..والقهر..واجلوع. .والبؤس....تتطاير من أفواههم اجلائعة االلفاظ النابية يف سخط وضجر!.... أطفال من كل القبائل ....بلون الزبد ..بلون الفحم..بلون القطن ..بلون اللنب الفاسد ..أجسادهم النحيلة استمدت صالبتها من الشمس واهلجري. .والنوم يف جماري املياه. .وباطن االرض مع احلشرات واحليوانات الضالة فأكتسبت مناعة مذهلة!!!.. ( من قصيت رجل ملقى على قارعة الطريق. .جمموعة إمرأة مثرية للشفقة )
الفاتح ميكا
[email protected]
Ayman Fawzy Mahmoud - 15_1قصة قصرية :القتال يف معركة منتهية بني التالل والرمال والدشم القبيحة اليت لونتها الدماء واحلروق وقرحتها رغم شدهتا الشمس ،بعض اجلنود اليائسني يستمرون يف التمركز يف خندق خلف اخلطوط األمامية للقتال ،أصاهبم اإلعياء والتعب والوهن من قلة املأونة وطول القتال ،فها هو الشهر الثاني هلذا التمركز يف اخلطوط الدفاعية للقوات ميضي عليهم و قد إنقطعت عنهم اإلمدادات فيعيشون على ما تبقى من املخزون من مؤن وذخرية. حتى جهاز الالسلكي الذي كان يعتمدون عليه يف االتصال بالقيادة أصابته شظية من قنبلة قبل عدة أيام ،ولكنهم و منذ ذلك الوقت مل يسمعوا طلقة نار واحدةً أطلقت يف اي اجتاه من خطوط اهلجوم للعدو املتاخم غري بعيد الذين إعتادوا املناوشة بإطالق نريان حتى ولو بغري هدف إلعالن وجودهم وأن املعارك مازالت مستمرة. مع كل هذا اإلرهاق و القتل واملوت الذي يشهدونه ،هاهم يصلون كل يوم لتطول مدة هذا الصمت الناري ولكن هذا ليس من الطبيعي أن يطول التوقف عن إطالق النار فقط ،بل أهنم ال يلحظون اي حركة على الطرف األخر من اخلطوط األمامية من متركز العدو فاخلنادق والبنادق كتوم إىل حد السكون. يستلقون على جنبات اخلندق يقبضون على أسلحتهم كتمسكهم باحلياة ،فكل رصاصة بالنسبة لكل واحد منهم هي فرصة حلياة اطول وطوق جناة من موت حمقق ،وسط كل هذا املوت املستمر و سقوط اجلنود كالذباب بطلقات احد اجلانبني ،كثري من املصابني ينتشرون يف كل مكان ،ينتظرون التعايف الستكمال املعارك أو اإلخالء و الرجوع جبروحهم إىل الوطن الثاكل ،جراح قتلت البعض وأعطت البعض اآلخر فرصة للحياة حتى و لو فقد عيناً أو رجالً أو زراعاً ،عودة اإلنكسار حاملني معهم ذكريات الدم والرمال.
يتبادلون األحاديث عن ما خلفوه يف الوطن من زوجات واطفال واصدقاء وآباء وامهات ،يستعرضون بعض الذكريات والصور يف حافظات نقودهم الفارغة املتهالكة إال من خطابات أو صورة عائلية و هم ما بني إبتسامة ودمعة من ذكريات املاضي القريب حيث كانوا يهنأون باحلياة وسط ذويهم ،كل يف حياته اخلاصة بال رصاصات أو دانات املدافع ،يتمتعون باخلبز والسرير واألحضان الدافئة. حديث ال ينقطع بغري حلظات الصمت عندما تنطق البنادق عن أمل يف إنتهاء احلرب أو الفوز يف معركة تعطيهم األمل يف عمر أطول ملواجهة أخرى ،وقد إنطلق عنصران من العناصر اإلستخرباتية إلستطالع األمر قبل يومني ،فمن الغريب أن هتدأ كل البنادق وتسكن كل احلركات على خطوط العدو لثالثة أيام وقد إنقطعت عنهم املاونة وبدأت تنفذ كل خمزوناهتم من الطعام و العتاد. اليأس ينهش تفكريهم ويستويل التعب و روح االستسالم علي كل هذه البنادق يف اخلندق املعتم وقد علت هذا املوقع سحابات من الدخان األسود جراء القصف واإلحرتاق فال تكاد الشمس تطل عليهم من ثنية هذه السحابات إال حني الشروق و الغروب يف األفق البعيد وكأهنا تلقي عليهم بعض تعويذات األمل صباحاً وترمي عليهم بظالل الغروب آخر النهار. يظهر شبحان من خالل الغيوم والدخان فيتاهب بعض اجلنود ملواجهة أي هتديد حمتمل إال أهنم يستطيعون متيزهم من اللباس واللغة و هم يلتقطون أنفاسهم بالكاد ،حتى يستطيعون أخبارهم يف صوت جيمع بني اإلهناك والفرحة " لقد إنتهت احلرب منذ ثالثة أيام وانسحبت كل خطوط العدو" أمين فوزي
Ayman Fawzy Mahmoud - 16_1لقمة عيش ٢ يف الساعات األوىل من شروق مشس هذا اليوم الشتوي و الطقس ليس بالربد القارس ولكن الشمس مل تعلن عن شروق كامل فمازالت حتجبها بعض السحب الداكنة ،زوجان يف مقتبل العمر ،رثا الثياب وما هو إال إنعكاس عملها و هو مجع املخلفات الصاحلة للتدوير من صناديق القمامة وليس انعكاساً للفقر أو الغنى فهو من األعمال املرحبة جداً يف هذه األيام وكذلك من األنشطة ذات الفائدة املادية العالية بدون اي رأس مال. يلتقطون كل الزجاجات البالستيكية وصناديق الكارتون وهو ينظمها بشكل جيد حتى يستطيع اخذ اكرب قدر من املخلفات بكل أشكاهلا من معادن وبالستك وزجاج وغريه مما يستطيع بيده أو االستفادة منه فينظمها كل صنف على حدة. تلتفت الزوجة بني فينة وأخرى إىل طفلٍ صغري ،مل يتعدي الثالث سنوات ميشي خلف عربة املخلفات اخلاصة هبم ،حسن نظيف الثياب ينتعل شبشباً صغرياً ،يلهو بلعبة صغرية يف يده ،وكلما تنبه لنظرهتا إبتسم هلا إبتسامة رقيقة مجيلة وكأنه يبثها الصرب على التعب من أجل طفولته الربيئة ،فهاهم الصبيان األكرب منه سناً يعملون مبهنة أهلهم وهي من الربح ما جيعلهم حيرصون على إستكمال مسرية العمل هبذا اجملال رغم الثراء الذي يصل البعض إليه من هذا العمل ،وهو جمتمع مغلق على نفسه ال يعرف غري بيع الال شيء وإعادة كثري من املخلفات إىل احلياة يف مصانع التدوير وإعادة التصنيع. تتحرك العربة فرتكب الزوجة على اجلانب األمين بينما يبدأ محار هزيل ،صغري اجلسم غري نظيف بقدر إتساخ مالبسهم بالتحرك ببطأٍ لألمام صعوداً ،فينطلق األب للخلف ليلتقط إبنه يف عجلة من على األرض فينظر إليه الطفل هبدوءٍ وتنفرج شفتاه عن إبتسامة ثم ضحكة وابوه يطبع قبلة طويلة على رقبته ،يضمه إىل صدره وينطلق لوضعه بينهما على وسادة قدمية على "العريش"
وهو مكان اجللوس من العربة "الكارو" ذات الصندوق اخلشيب اململوء باالكياس املتنوعة املصنوعة من بالستك "الشكاير" وقد علق بعض األغراض من حقائب قدمية ومالبس ذات ألوان زاهية وكأهنا بعض الزينة هلذه العربة. ض غامرة هبذا اجلو العائلي ينطلقون يف هدؤٍ ومها يداعبان طفلهما فيضحك يف صخب لريسم على وجهيهما املتسخني إبتسامة ر ً برغم هذه احلياة الصعبة ،يتضاحكون بقدر املسافة بني صندوق القمامة والصندوق الذي يليه يف نفس الشارع على ناحية اليمني، فيرتكون الطفل يف مكانه و ينبهون عليه بعدم التحرك حتى ال يقع ،ومرة أخرى يسعون إىل ذاك الصندوق سعياً وراء لقمة العيش والكفاح من أجل احلياة. أمين فوزي
Ayman Fawzy Mahmoud - 17_1لقمة عيش ٢ يف الساعات األوىل من شروق مشس هذا اليوم الشتوي و الطقس ليس بالربد القارص ولكن الشمس مل تعلن عن شروق كامل فنازالت حتجبها بعض السحب الداكنة ،زوجان يف مقتبل العمر ،رثا الثياب وما هو إال إنعكاس عملها و هو مجع املخلفات الصاحلة للتصوير من صناديق القمامة وليس انعكاساً للفقر أو الغنى فهو من األعمال املرحبة جداً يف هذه األيام وكذلك من األنشطة ذات الفائدة املادية العالية بدون اي رأس مال. يلتقطون كل الزجاجات البالستيكية وصناديق الكارتون وهو ينظمها بشكل جيد حتى يستطيع اخذ اكرب قدر من املخلفات بكل أشكاهلا من معادن وبالستك وزجاج وغريه مما يستطيع بيده أو االستفادة منه فينظمها كل صنف على حدة. تلتفت الزوجة بني فينة وأخرى إىل طفلٍ صغري ،مل يتعدي الثالث سنوات ميشي خلف عربة املخلفات اخلاصة هبم ،حسن نظيف الثياب ينتعل شبشباً صغرياً ،يلهو بلعبة صغرية يف يده ،وكلما تنبه لنظرهتا إبتسم هلا إبتسامة رقيقة مجيلة وكأنه يبثها الصرب على التعب من أجل طفولته الربيئة ،فهاهم الصبيان األكرب منه سناً يعملون مبهنة أهلهم وهي من الربح ما جيعلهم حيرصون على إستكمال مسرية العمل هبذا اجملال رغم الثراء الذي يصل البعض إليه من هذا العمل ،وهو جمتمع مغلق على نفسه ال يعرف غري بيع الال شيء وإعادة كثري من املخلفات إىل احلياة يف مصانع التدوير وإعادة التصنيع. تتحرك العربة فرتكب الزوجة على اجلانب األمين بينما يبدأ محار هزيل ،صغري اجلسم غري نظيف بقدر إتساخ مالبسهم بالتحرك ببطأٍ لألمام صعوداً ،فينطلق األب للخلف ليلتقط إبنه يف عجلة من على األرض فينظر إليه الطفل هبدوءٍ وتنفرج شفتاه عن إبتسامة ثم ضحكة وابوه يطبع قبلة طويلة على رقبته ،يضمه إىل صدره وينطلق لوضعه بينهما على وسادة قدمية على "العريش"
وهو مكان اجللوس من العربة "الكارو" ذات الصندوق اخلشيب اململوء باالكياس املتنوعة املصنوعة من بالستك "الشكاير" وقد علق بعض األغراض من حقائب قدمية ومالبس ذات ألوان زاهية وكأهنا بعض الزينة هلذه العربة. ض غامرة هبذا اجلو العائلي ينطلقون يف هدؤٍ ومها يداعبان طفلهما فيضحك يف صخب لريسم على وجهيهما املتسخني إبتسامة ر ً برغم هذه احلياة الصعبة ،يتضاحكون بقدر املسافة بني صندوق القمامة والصندوق الذي يليه يف نفس الشارع على ناحية اليمني، فيرتكون الطفل يف مكانه و ينبهون عليه بعدم التحرك حتى ال يقع ،ومرة أخرى يسعون إىل ذاك الصندوق سعياً وراء لقمة العيش والكفاح من أجل احلياة. أمين فوزي
Emad Abozed - 18_1سعد وأحالم السعد قصة قصرية /عماد أبوزيد (مانشت) عريض باللون األمحر يف صدر الصفحة األوىل لصحيفة حمليَّة تصدر يف حمافظته اليت تقع جنوب مصر ،حَتمًا شدَّ انتباه القرَّاء من الشباب هذا الصباح اخلريفي ،التقَط الصحيفة وراحَ يُعيد قراءة اخلرب املرَّة بعد األخرى ،ثم أخرَج جنيهًا وأعطاه لعَم حسن بائع الصُّحف. "صباح الفل يا عم حسن" ،وحترَّك خُطوات ملقهى الصحفيني مبيدان املديرية. سعيد القهوجي" :صباح الفل يا أستاذ"" ،إيه األخبار النهار ده؟"."قهوة الباشا يا وَلَد". وضَع سعد فنجان القهوة جانبًا ،وأعاد قراءة اخلرب ثالثة ورابعة وخامسة ،أشعَل سيجارته ،وسحَب ونفَث دُخَانَها نو اجلهة ض على الشباب بشرق النيل ،ورحلة اليوم اليمنى ،وأغْمَض عينه اليسرى ،عاوَد قراءة اخلرب بصوت مرتفع هذه املرة :توزيع أرا ٍ لزيارة األرض للراغبني ،وعلى اجلانب اآلخر للصفحة صورة كبرية للوادي اليت تقع فيه األرض ،رشَف سعد فنجان القهوة ،وطوى الصحيفة ووضَعها جانبًا ،واتَّكأ على األريكة" :واهلل فكرة مش بطَّالة". ويف صباح اليوم التايل استيقَظ سعد مبكرًا ،حلَق ذَقنه على غري عادته! أخَذ فرشاة األسنان؛ ليستعمل معجونًا بلون أبيضَ اشرتاه باألمس من بقالة الشيخ حممد اجملاورة ملنزله ،دلَّك أسنانه بقوَّة؛ حتى أدمى ِلثَته ،ثم مَضْمَضَ فمَه وغسَل وجْهَه ،وألقى عليه املِنْشَفة الزرقاء اخلاصة به ،عاد لريتدي بنطالونه األبيض وقميصَه "النصف كُم" ،الذي أهداه له أحد أقاربه العائد من اخلليج العام املاضي!
ضيِّق جدًّا ،حَمَل بيده حقيبته اجللديَّة السوداء ،بعد أن وضَع هبا مِلفًّا انتعَل حذاءَه األسود بعد أن قام بتلميعه بيده ،وبدا له أنه َ بالستيكيًّا أصفرَ ،به شهادة امليالد ،وشهادة الليسانس ،واخلدمة العسكرية ،وصورة "جدته زاهية" ،اليت يَتبارَك هبا وقد مضى صبِر ،ستُفتح لك أبواب السعد". عليها أكثر من ثالثني عامًا ،تذكَّر مقولتها الشهرية له" :أنت طيِّب يا سعد ،وربنا ها يكرمك ،ا ْ خرَج من املنزل واستنشَق اهلواء النقيَّ من اخلالء الواسع أمام منزله ،وشَعَر بأنه يف يوم عيد ،أتاه خاطر من بعيد :ما الذي يدفعك يا سعد ألن تدفنَ نفسك يف الصحراء؟ فريد على خاطره املُتعب :وماذا أنتظر وقد ختطَّى سنِّي األربعني؟ ضحِك ضحِك سعد :آه البلد ،ثم َ يأتيه خاطره مرة أخرى :يا سعد ،نَعرفك جيِّدًا ،أنت كاتب وصحفي ،والبلد حباجة إليكَ ، مرة أخرى :كاتب وصحفي! وأنا أعمل بالصحافة منذ التسعينيَّات ،لَم أستطِع دخول النقابة؛ حتى يعرتفَ بي اجملتمع أنين صحفي حقيقي. ضحِك سعد :ال ،بل أنا كاتب وصحفي ،أقدِّم أفكاري ،وال أقدِّم شيئًا البلد يا سعد هي الواقع ،والواقع ال يَعرتف أنَّك صحفيَ ، آخر ،هل أُكمل؟ نعم سأُكمل! وصَل سعد إىل الديوان العام بكورنيش النيل ،نظَر إىل مكان التجمُّع ،هناك بشر كثريون ،يضحك سعد :آه ،قد يكون مجيع أبناء البلد هنا! حاوَل أن يقتحمَ الصفوف؛ ليكون يف املقدمة جبوار باب احملافظة. يرفع مَنْكِبيه ،ويَستنشق بعضًا من اهلواء ،يسمع قول أحدهم :أهي فرصة ثينة ،قد نذهب وال نعود؟! نن يف فصل اخلريف، واجلو شديد احلرارة ،ملاذا؟ السماء زرقاء صافية ،واألشجار حولنا صامتة ال تتحرَّك ،كأهنا مرسومة. سنٌّ يَبيع املرطِّبات يَقِف جبانب عرَبته اليت يدفعها أمامه بصعوبة ،ينادي يف املتجمهرين رجال أمْنٍ كثريون ،ضوضاء ،ورجل مُ ِ بصوت مرتفع" :اشرب املُثَلَّج ،اشرب قبل ما تسافر ،اشربوا قد تكون آخر فرصة لكم". خياطبه شاب آخر :وهل ستسافر معنا؟ يلتفت نوه :نعم ،سأسافر معكم ،ال بَيْع لكم يف الصحراء!
يضحك :هناك لن يالحِقين رجال البلديَّة؛ ألهنم هنا ال يالحقون إالَّ الفقراء. يقرتب منه سعد :ويشرتي "واحد متر هندي" ،وآخر يشرتي كوب "عِرْق سوس". هناك فتيات أيضًا :وتلك الفتاة تبدو يف كامل أناقتها ،هل سرتكب معنا األُتوبيس إىل الصحراء؟ يبتعد سعد :خشية أن يقال أهنا ختصُّه ،أو تَجمعها به عالقة ،يَكره سعد النساءَ كُرْهَه لنقابة الصحفيني اليت ال تَعرتف به. صوَرًا تقدَّم خُطوات نو جتمُّع كبريٍ ،وابتعَد عن مصوِّري تلك القناة احملليَّة ،وعن زُمالئه من مراسلي الصُّحف الذين كانوا يَلتقطون ُ هلذا الزحام الشديد. اعتلى املصوِّر املرافق للقنا ة الساعة النباتيَّة كبرية احلجم املوضوعة يف اجلهة الشرقية للديوان العام ،داخل حديقة كبرية مُطِلَّة على هنر النيل ،قال بصوت مرتفع: يا إخواني ،سوف نقوم بإجراء حتقيق مصوَّر للقناة قبل وصول أتوبيسات احملافظة اليت تَنقلكم إىل أرض املشروع ،نودُّ معرفة سبب إقبالكم على مغادرة املدن ،وحتمُّل العيش يف الصحراء ،وحتمُّل املَشقَّة والتعب. يواصل :بعضكم ليس له عالقة بالزراعة ،فما بالُ الفتيات املوجودات هنا؟ تأتي إجابة أحدهم بصوت أجشَّ :وهل وجَدنا غري ذلك؟ "ربنا يسرتها ويكونوا صادقني"! آخَرُ يقول :تكون لعبه من أالعِيب احلزب احلاكم ،واالنتخابات على األبواب. ثالث يضحك" :واملؤمترات شغَّالة". ردَّ آخرُ بعصبيَّة: اسكتوا أيها األغبياء ،قد يكون بيننا حماسيب أمْن الدولة! يبدو أنَّ املتجمهرين اقتنَعوا بفكرة املصوِّر الذي طلَب منهم السكوت ،وأن يَصطفوا يف طابور يذكِّرهم بطابور اخلبز يف مُدهنم وقراهم.
شاب طويل القامة للمراسل: لقد ذهَب أخي أمحد إىل إيطاليا -مهاجرًا غري شرعي كما يقولون -عن طريق ليبيا ،ولَم يَستكمل دراسته اجلامعية لظروفنا االجتماعيَّة ،مضى عليه اآلن سبعُ سنوات ،باألمس أرسل لنا صورة له وألسرته ،وهو اآلن يَملِك منزالً وسيارة ،وأصبَح رجالً حمرتمًا. قال سعد خماطبًا الشاب :وأنت ،ا ْلتَفَت نوه الشاب وقال حبسرةٍ -بينما املراسل يضع "املايك" قُرب فمه " -أنا ،أنا عامل زي ثور الساقية ،عمَّال ألِف وأدور ،وال أعرف من أين بدأتُ وال إىل أين أنتهي؟". ضحِك امللتفون حول الشاب الذي اعرتاه اخلجل. ضحِك أحدهم قائالً :على األقل ثور حمرتم يف بالدهَ ، َ مواطن آخر :تقدَّم إىل األمام وراحَ يتحدَّث ملراسل القناة بلُغة أقرب إىل الفصحى منها إىل العاميَّة ،فقال :أنا شاعر أُنشد االرتقاء بالوطن ،أجسِّد أفكاري وأحالمي على الورق ،فقاطعَه أحد امللتفني :نريد قصيدة يا شاعر ،اعتلى الشاعر الرصيف املؤدِّي إىل باب الديوان العام ،وأخرج ورقة بيضاء من جيبه ،وراح يقرأ بصوت مرتفعٍ يكسوه احلزن: السَّمك يأكل السمك والقطه تأكل صغارَها وأنا وأنت يا حبييب تأكلنا احلِيتان ضحِك اجلمهور إالَّ سعد؛ فقد فَهِم ما يعنيه الشاعر. َ قال رجل بعصبيَّة: آه ،ومَن يَفهمك أيُّها الشاعر ،نن يف عصر املال واالستثمار ،استاء الشاعر عندما رأى الكثريين يَسخرون من شعره ،فاجَأَه ،أوْمَأ بيده نو فتاة كانت تَقتحم الصفوف وترتدي لباسًا غري مُحتشمٍ ،تريد الدخول إىل مبنى احملافظة ،صاح مُردِّدًا :استثمار، استثمار.
اقرتَب مراسل القناة -ومعه بعض مندوبي الصحف -من شاب بدا بائسًا ،وكان يردِّد :متى تصل أتوبيسات احملافظة هذه. قال املراسل :بعد قليل ،مستعجل ،نعم قد أحصل على مخسة أفدنة ،يقولون :ليس هناك حمسوبيَّات ،الكل سواسية ،مخسة أفْدِنة ،و"مفيش" حمسوبيَّات؟ يَضحك ويضحك! يواصل :ويقال :إنَّ هناك إعانة أيضًا لكلِّ مَن يقع عليه االختيار 150جنيهًا شهريًّا؟ قال املراسل وهو يُغيِّر شريط الكامريا :يبدو أنك حضريٌّ من أبناء املدينة ،نعم هذا سبب مأساتي ،لَم أفهم ،حصَلت على سحٍ للصرف الصحي مبجلس املدينة. ليسانس احلقوق ،طرَقت كلَّ األبواب ،أخريًا عَمِلت سائقًا لسيارة كَ ْ موظف يعين بعَقْد جيدَّد كلَّ عام ،أنت تعرف حكاية العقود املؤقَّتة؟ قال املراسل: أعرف ،ولكن الرجاء االختصار :ما الذي جعَلك ترتك الوظيفة ،وتُفَضِّل اهلجرة إىل الصحراء؟ أجاب الشاب: كنت أركب السيارة 12ساعة ،أجوبُ خالهلا املدينة وضواحيها ،أعود مبا مجعتُه لتفريغه يف أحد املصارف الزراعيَّة اليت تُروَى منها األراضي الزراعيَّة هبده املنطقة ،وبعِلم رئيس املدينة وتوجيهاته. بعِلم اجمللس وبتوجيهاته ،نعم. أكْمِل: يف إحدى املرَّات دخَلت لتفريغ الشحنة -من سوء حظي -ومعي زميل آخر ،كنا على املصرف ،رصَدتنا إحدى كامريات الفضائيَّات اليت كانت تسجِّل حلقة بضواحي املدينة ونن نقوم بتفريغ العبوة يف املصرف. صدَر احملافظ -يف مداخلة مع القناة على اهلواء للردِّ على املخالفة -قرارَه بفَصْلنا املراسل :أُذيع التقرير يف املساء طبعًا ،نعم :وأ ْ من العمل وإهناء تعاقُدنا!
وأين رئيس املدينة؟ أليستْ هذه تعليماته وتوجيهاته؟! هذا ظلم. الشاب :رئيس املدينة تضامَن مع احملافظ يف قراره ،واعتربنا أننا املسؤولون عن إفساد الزراعة يف مصر؛ بسبب رَيِّها مبياه الصرف الصحي! ملاذا لَم تتظلَّم من القرار؟ قلتُ لك :الرئيس تضامَن مع احملافظ ،أين أذهب أنا؟! ولكن هل تعتقد أنين سأحصل على األفدنة اخلمسة؟ و ِلمَ ال؟ مُمكن! فتاة تُقبل من بعيد جبِلباهبا األسْود ،تُعيد إصالح "طَرْحَتها املُوف" ،بعد أن أفسَدها الزحام ،وكانت تُرَدِّد بصوت مرتفع :تتكالبون حتى على الكالم ،وأين حقُّنا نن يف إبداء الرأي؟ نريد لصوتنا أن يالمِسَ مسامعهم ،جتاوَزنا الثالثني ،أصبحنا عوانسَ ،فمَن املسؤول؟ بينما هو يُشعل سيجارته ،وجيلس على قالب حجري أبيض جبوار صور االسرتاحة املقابل للديوان العام من ناحية اجلنوب ،اقرتَب منه صحفي آخر" :ممكن نأخذ من حضرتك كلمتني يف هذا التحقيق"؟ شعَر سعد بسعادة غامرة وهو يُصغي لكلمات الصحفي اليت بدَت أكثر هتذيبًا ،أجاب وهو يضع رجله اليمنى على ساقه اليسرى: تفضَّل.أراك متلهِّفًا للرحيل إىل الصحراء. طبعًا كغريي ،ألَم تَنظر إىل هذا احلشد الكبري من العاطلني؟! -وما الذي يدفعك لذلك؟
قال سعد وهو يَنفث دُخَان سيجارته على اجلانب األيسر :أنا كاتب ،وعَمِلت مراسالً للعديد من الصحف اليومية واألسبوعية، القوميَّة ،واحلزبيَّة ،واملستقلة ،يل بعض األعمال األدبيَّة ،لَم ترَ النور حتى اآلن ،فَشِلت يف التعيني يف أيِّ جريدة ،ليس ألجل املال، ولكن ألجْل احلصول على عضويَّة نقابة الصحفيني فقط. تابَع سعد مسرتسالً :هل أُكمل كالمي؟ ردَّ الصحفي وهو يُدني التسجيل منه :تفضَّل فاليوم شديد احلرارة وأتوبيسات احملافظةقد تتأخَّر ،أكمل ،حتدَّث سعد وهو يف حالة اسرتخاء :عندما كنت طفالً ،كنت سعيدًا؛ ألنين لَم أفكر يف شيء كعادة األطفال، وأنا اآلن متعب جدًّا من التفكري يف كلِّ شيء كعادة الكبار ،أُردِّد سؤاالً واحدًا :إىل متى سنظلُّ هكذا ،لقد وصَلنا إىل قمة الفساد؟! ظلم ،واستبداد ،وقهر ،واملستقبل مظلم ،األحالم تتالشى كانقشاع هذا السحاب يف يوم اخلريف. قاطعَه الصحفي: أستأذِنك ،شعَر سعد بإحباط داخلي شديد ،وقال خماطبًا الصحفي الذي توارى عن األنظار: نن معشرَ ال ُكتَّاب ،نعطيكم الزُّبد. وراح يُكمل سيجارته وهو ميدُّ النظر وراء الصحفي. صوت من بعيد: يا شباب األتوبيسات وصَلت.شاب آخر: "دي" أتوبيسات جامعة النهضة اخلاصة ،آخر يقول :جامعة النهضة ،ومصانع األمسنت" ،منوت ،منوت ،ويَحيا االستثمار"! سرَت قشعريرة يف جسد سعد ،وأمْسَك حقيبته اجللدية ،ووقَف متوجِّهًا ناحية النيل ،يرقُب األتوبيسات القادمة على كوبري النيل ،فاجَأه ،اقرتَب منه "توني" مبالبسه الرياضيَّة ،وعلى شَفَتيه ابتسامة ال معنى هلا ،سلَّمه ورقة صغرية ،وانصرَف وسط الزحام ،فتَح سعد الورقة ،راح يتمعَّن يف حروفها ،وينظر إىل مكتب احملافظ املُطِل على النيل بالطابق الثاني ،ألقى ما تبقَّى من
سيجارته على األرض ،أعاد قراءة الورقة مرة أخرى حبروفها الصغرية" :معلهش يأبو السعود ،حركة احملافظني صدَرت ،واحملافظ بيلملم أوراقه". شعر سعد بانكسار داخلي ،خليط من األلَم واملهانة وهو ينظر إىل أولئك الذين يرقبون قدومَ أتوبيسات احملافظة!
Fadwa El Mesbahi - 19_1عاصمة املوزمبيق قالت يل صديقيت آمال _ :أتعلمني ،إن فريدا ابن خاليت حيفظ عواصم العامل بأسره! كانت هذه اجلملة املقتضبة كفيلة بأن تفتح نقاشا ال ينتهي ،وتثري عاصفة من السؤاالت .مل يعد احلديث إال عن عواصم العامل ومواقع البلدان وحدودها وعمالهتا ،تأسيا مبا كان يطرح من أسئلة يف حصة الوقت التالث. كان اإلعالمي حممد شيبان ،جنم التلفزيون آنذاك ،يقدم برناجمه الذي يبث يوم األحد ،وقد واظبنا يف ذلك الزمن اجلميل على مشاهدته ،إىل جانب التلفزة املدرسية وعمي ادريس و الرسوم املتحركة ،فقرات رائقة معجبة يف روعتها ،وقد اجتمع فيها ما تفرق يف غريها .وحينما حط الربنامج رحاله يف العرائش ،بدأت أصداؤه تتناهى إىل األمساع ،إعدادية الكروبو وغريها .يف إعدادية احلسن الثاني ،أوكلت لألستاذ األملعي واملثقف اللوذعي السي (ع .أ) مهمة انتقاء املشاركني .وقد كان مصيبا حصيفا يف اصطفاء النوابه النوابغ الذين عال كعبهم يف القراءة واالطالع ،وتيسر عليهم االرتقاء يف مدارج الفوز ،ونن يف البلدية نتتبع األحداث عن كثب. انتظمنا يف الصف مثنى مثنى للدخول إىل القسم ،بينما سي الـڭـوييز يتحدث إىل أحد اجلصاصني .على احلائط املقابل للبوابة الرئيسية ،علقت لوحة كبرية للمغرب ،وعلى العامل أن يصنع قوالب اجلص للسالسل األطلسية ،ويلصقها على اخلريطة فتزدان بتضاريسها البارزة ،احملالة بطالئها اجلميل. إبان االسرتاحة ،ذهب فريد ،مصدرنا الشفاهي ،لغسل يديه وشرب املاء من الصنبور املنصوب وسط الساحة ،بعد أن أكل قطع الشوكوالته ،ويبدو وقد أهنكته كثرة األسئلة .منذ أن وشت به آمال وهو يستظهر العواصم .فيكفي أن تذكر اسم البلد حتى جييبك بسرعة الربق :كذا وكذا
كندا :أوتاوا النرويج:
أوسلو
بوركينافاسو: مدغشقر:
واكادوكو تاناناريف
املوزمبيق :ال جواب ثم نعيد الكرة يف املساء وحينما ينتهي الدوام نتعقبه فيستعرض العواصم ،ويف املوزمبيق يقف محار الشيخ يف العقبة .وهكذا دواليك وعلى مدى مدة ليست باليسرية ،إىل أن أصابه امللل وصار يهرب منا ويتظاهر بانشغاله باللعب ،بينما اختذ كل منا دفرتا أو البريتا ( مفكرة) وأخذنا نكابد من تضاعيف البحث ،ندون البلدان والعواصم ،واحلدود والعمالت ،ونرسم الرايات ثم نرص على تلوينها. كان سي مولود األستاذ القادم من مدينة وجدة ،بارعا يف تدريس العربية ،حيث ال تنتهي احلصة إال وقد حفظنا الدرس ،وال نقوم يف البيت إال بإجناز التمارين .كان ينتقي من األشعار أحسنها ،ومن النصوص أجودها ،ثم يطلب منا تلخيصها وإلقاءها على غرار فين .لكن حينما طرأت علينا قصة العواصم هذه ،صرت مشغولة الذهن و طرحتين األنواء مطارحها ،وسافرت على بساط الريح وركبت اخليال ووضعت رحلي حيثما اتفق يف قلب األدغال ومروج السفانا .حسبتها وقد عمرها أناس قباح الطباع غريبو األطوار ،أقوام تصاحب الضواري وتركب األفيال. ذات صباح ،قال خالد حبماس وبنربة جادة: _ لقد وجدت منتخبات من خرائط العامل يف نسخة حديثة ملعجم الروس اشرتاها والدي ،لكن ال ميكنين الوثوق هبا إطالقا. _ ملاذا؟ ،سألناه بصوت واحد _ ألنين وجدت خريطة فل.سطني وقد كتب عليها إ س را ئي ل ،وقد غريوا أمساء املدن وومسوها بكلمات ع .ب ر .ية، كما ظهر خط أمحر بني مدينة إيفين وكلميم!
يف حفالت املدرسة ،نقدم األغاني لسيدتنا األرض اليت هنيم حبا هبا ونفظ املونولوج الذي يتحدث بلسان حاهلا: أنا أمكم وأنتم أبنائي ،أنا جدتكم وأنتم أحفادي ،أنا أسطورة ،أنا حكاية ،أنا القصة اليت ضاع نصفها األول وبقي نصفها الثاني ،أنا أوىل القبلتني وثالث احلرمني... و ( ف .عميد) حياكي نزارا: يا قُدسُ ،يا مدينة تفوح أنبياء ض والسماء يا أقصر الدروبِ بني األر ِ قبيل االستعدادات لعيد العرش ،ويف حصة اكتشاف املواهب ،ظهرت عندنا يف البلدية تلميذات بأمساء شهريات املطربات، فريوز ،و أمسهان اليت أمتعتنا بنوبة مشس العشية ،وأحسنت إحدى التلميذات بأداء " شوارع بريوت" ألميمة اخلليل .أما أم كلثوم اليت تصغرنا بسنة ،فقد نالت من وفري التقريظ ألهنا غنت نشيد" إنا حلفنا القسم أال خنون الوطن" عقبت بشرية مستنكرة _ :إذن فلن نستعمل الروس بعد اليوم! وهكذا وقر يف قلوبنا إميان جازم بضرورة مقاطعة هذا املرجع الذي يطوي بني دفتيه معلومات مغلوطة ،ونمي عقولنا من مهاويه وشططه! لكننا صرنا نسأل األساتذة والناس والباعة ،مل يسلم املارة من إحلاحنا ،حتى إن األستاذ ( م .م ) .قال يل حينما لقيته يوما قرب زنقة سور اإلشارة ،وقد انفرجت أساريره وضحك مبلء شدقيه :يف كل هذه املدة كان عليك أن تذهيب إىل املوزمبيق وتعودي مشيا على األقدام! كانت (مليكة ع ) .جبانيب حينما سألت أستاذي سي مولود ،فصمت قليال ثم قال يل" :احبثي عن املعطيات األخرى ،ومع الوقت ستأتي هذه املعلومة من تلقاء نفسها" هذه النصيحة الذهبية ،اليت نطق هبا سي مولود بعفويته املعهودة ،هي سر من أسرار البحث والتقصي .إهنا ظاهرة "سريانديب" اليت تفتح هبا مغاليق األبواب وتفك األقفال يف العلوم واملعارف.
يف "املنجد يف اللغة واألعالم" لألب لويس معلوف اليسوعي ،عثرنا على صور وخرائط ،تظهر فيها العاصمة لورينزو ماركيز ،إال أن أحد األطالس يشري إىل أنه بعد االستقالل سنة ،1975استبدل امسها ليصبح مابوتو. و زكت ثار نصيحته املسداة وصنيعته املهداة ،وحدثت تلك احلظوة مع ( م .ب) عبقري القسم الذي جبلت سجيته على الدرس والتحصيل ،حينما كان يتصفح إحدى جمالت العربي ،فوقع بصره على ملف وثائقي حديث عن دولة املوزمبيق ،فأتانا بالنبأ اليقني. كان موسى بن بك تاجرا كبريا يقطع الصحاري والبحار ،من عدن وحضرموت إىل حبر القلزم وحبر الروم ،ثم يعرج جنوبا، يلحق يومه بأمسه ويضرب إىل البالد آباط اإلبل ،أو يتوغل يف حبر العرب حيث تعبث به الرياح اهلوج ،إىل أن رسى يوما يف الشواطئ اجلنوبية .استقبله األهايل وانبهروا مبا معه من عطور وخبور ،وخزف وعسل مصفى ،وحنطة وزبيب ،وصمغ ولبان، وحرير وأصواف .موسى بن بيك رجل ذو أصل طيب ومعدن نفيس ،كريم نابه الذكر منتبه اجلفن صارمه ،متيقظ القلب نقيه. ارتفع عن النقائص وتنزه عن الصغائر ،أول عربي مسلم وطأت قدمه تلك البالد فرأى يف أهلها من غياب الشرور وإظهار السرور، وأنزلوه منزال مباركا وجعلوه أمريا بعد أن ارتضوا اإلسالم دينا ،وقد مسيت تلك األرض واألصقاع املصاقبة على امسه .كان ذلك قبل رحلة فاسكو دي كاما بقرون عديدة. _ كل تشابه أو تطابق يف األمساء واألماكن فهو من قبيل الصدفة البحتة. #فدوى_املصباحي
Georges Laflouf - 20_1وجوه عابرة على رصيف احلياة حتتفظ ذاكرتي بالكثري مما كنت أقوم به مع الرفاق على طريق الذهاب واإلياب من وإىل املدرسة والذي كانت حترثه أقدامنا واأللعاب واملقالب اليت كنا منارسها مع وضد بعضنا ومل انسى فنون لطيف الشيطانية مع الرفاق لإليقاع بني الطالب والطالبات وغزله اهلزيل بصوته النشاذ وهو يصدح بالغناء مقلدا فريد األطرش أو أم كلثوم أو فريوز وكم كانت عشتاراجلميلة وفينوس الرقيقة خيشيانه بالرغم من طيبته ومرحه فيحتميان بي ويتعلقان بساعدي وهنا يتصدى له جبور وتنشب املعركة وال تنتهي إال حبجرين ارميهما على قدميهما وتبدأ املطاردة وقصف احلجارة حتى نصل إىل مفرتق يذهبون هم من طريق إىل قريتهم واذهب انا وعشتار من طريق آخر إىل قريتنا وهنا تبدأ معركة جديدة مع عشتار اليت تنظر إيل بعينني عسليتني سارحتني يف فضاء وجهي وهي تنطق أسئلتها كشالل بارد ينحدر من تلة اعصابي دون أن ترتك يل جمال للجواب حيث اخرستين سرعة القول متى خترجون من هذه املتاهة اللعينة ?.متى تتوقفون عن ممارسة هذه االفعال الشيطانية ?.متى خترجون من الظلمة إىل النور ?.ما تقومون به ال يثمر وال يشبع وال يروي عطشا فكروا مبستقبلكم حتدثوا مبا يفيدكم حتدثوا كرجال وال تلعبون وتضيعون وقتكم بألعاب األطفال مل أكن أعرف مبا اجيبها فقلت اهتمي بنفسك ودعينا وشأننا وال ختشني شيئا فلن يزعجك ورفيقتك أحد وفعال مل نزعجهما بل كنا نكن هلما كل االحرتام واالهتمام فهما الوحيدتني من صبايا هذا اجليل تابعا دراستهما .تذهبان إىل مرمريتا من حبنمرة وعني الباردة سريا على األقدام وكانتا اول من حصلتا على الثانوية من الفتيات يف القريتني على ما اعتقد فقد كانتا مناضلتان بكل معنى الكلمة يف ذلك الزمن
طبعا األجيال التالية دخلت كل الفتيات املدارس وكان التعليم خمتلطا وللحقيقة والتاريخ مل امسع أو أرى سلوكا ال أخالقيا نتيجة االختالط وبالعكس االختالط هذب األخالق وعلم الفتيات االعتماد على أنفسهن والثقةيف التعامل مع الشباب والتعايش مع بعض باحرتام متبادل جرجس لفلوف سورية
Georges Laflouf - 21_1حلم مات يف عب بلوطة.... محلت حقيبتها اليت مل تكن حقيبتها ومحلت امسها الذي مل يكن امسها .مل حتملها على ظهرها ألهنا مل جتدل هي محالتها وظهرها ليس هو ظهرها وال حتوي احلقيبة رغيف خبز التنور وقرص الشنكليش ومنجل احلشيش بل هي مليئة بتفاهات عصر احلضارة املزيفة ذهبت إىل األرض فوجدهتا ليست هي األرض ومل يعد قناعها اخضرا بل أصبح هشيما وما مل يتغري هو تراب هذه االرض. ذهبت إىل نبع البلوطة فوجدته وقد اكلته الطحالب وغطت األعشاب وجهه ومل يبقى منه سوى املاء املقدسة بدفئها وبرودهتا خمتبئة يف حضن الزمن .نظرت إىل البلوطة فوجدهتا عارية من أوراقها اكل اليباس اغصاهنا وسكتت أصوات عصافريها وهتشمت اعشاشها .دخلت كوخ غرامها فوجدته مظلما كئيبا مليئا باحلجارة ونفايات الزمن .نظفت مكانا هلا واستلقت على ترابه رمبا يصحى حلمها من نومه العميق تابط كتابه وتوجه مشاال سالكا الطريق إىل أرضه الطيبة املعطاء اليت طاملا أزضعته من حليبها النقي واطعمته خبزها الطيب.مل يكن يسوق حيواناته أمامه فلم يعد يف القرية حيوانات بل كان يسوق ذكرياته.ومل يكن يركب محاره فلم يعد هناك محري للركوب بل ركب قدميه ليمتع نظره يف مجال الطبيعة اليت مل تتبدل ومل تتغري ولكن الناس قد تغريت بعد ابتعادهم عن حضن امهم احلنون هذه األرض اليت اكلتها األشواك واتلفها االمهال وصل نبع البلوطة فلم جيد من يقيل عليه أو من يهتم به مهمل كشجرة البلوط وسرح يف خياله إىل مجاله ايام زمان مجال القداسة واألسرار اليت حيملها النبع يف اعماق قلبه
دخل الكهف فوجده مهيئا الستقباله وفوجئ جبميلة تفرتش االرض وهي تفتح ذراعيها ثم تضمهما إىل صدرها وتتمتم بكلمات غري مفهومة وكاهنا حتا دث انسانا جبانبها أو تستعيد حلما شوهته جروحات الزمن وال يزال عالقا يف ذاكرهتا افرتش االرض جبانبها والتحف اهلواء الذي يلفهما واستعاد يف خيال ذاكرته شريط حياته وأراد أن يالعب شعر مجيلة ويتلمس بقايا وجهها وعنقها ويالعبها العاب ايام زمان وتذكر أن الزمن ليس الزمن والعمر ليس العمر واللعبة ليست اللعبة واحلكاية ليست هي احلكاية ورحل يف نوم عميق قبل أن يكمل شريط خياله اختلط حلم مجيل مع حلم مجيلة ورحال إىل فضاء ليس للفقر والشقاء واحلزن واالمل والفراق واخلداع فيه وجود .رحال إىل عامل ال مال فيه يفرق االخ عن أخيه وال شر يربئ القاتل ويعدم القتيل ..رحال إىل عامل احللم عامل احلب والسعادة واحلياة اليت ال تعرف الظلم ومتنح احلب واحلياة ألبناء احلياة رحال إىل عامل ال متوت فيه األحالم واآلمال .رحال على ظهر قارب ال تستطيع رياح الغربة واالنانية والطمع واجلهل أن متزق شراعه .رحال إىل جنة طاملا أكدا اهنا هنا ومات احللم الذي مل يتمكنا من حتقيقه يف عب البلوطة جرجس لفلوف سورية
Hafida Elkhamlichi - 22_1نظرة إنكسار من عيون اجلدة الذابلة...املرتهلة...املثقلة مبتاعب دروب احلياة و احباطاهتا،و خيبات األمل املتشابكة على سقيفة حميطها الكئيب كشجرة اللبالب إنبعثت نظرات احلزن واإلنكسار. أمعنت النظر يف حفيدها...تأملت ألجله.. .إنه ضحية الواقع املعاش ،الفاشل يف كل تفاصيله ،العاجز عن فتح أبواب التغيريو التجديد ،يكرس الفقر و اجلهل ،حيبط كل تطلعات وأحالم الشباب بغد أفضل حيقق اهدافهم و رغباهتم ،كلها معطيات جعلت وجهه مستقبل حفيدها ضبابي غري واضح املعامل ،تقاسيمه ال تبشر باخلري. حاولت اجلدة اهلروب من هذا الواقع البائس و البحث عن الزمن املفقود ،يف أوراق كتاب أيامها املاضية املهرتءة ،لعلها تعثر على فرحة تنسيها الوجع املعاش ،لكن ما احتفظت به دفيت الكتاب ،كان أشد أملا وقسوة ،ذكرها مبا عاشته من بؤس وشقاء من أجل لقمة العيش ،وحمنة التهجري و اخلوف أيام احلروب ،و الصراع مع املوت وجها لوجه سنوات بطش اجملاعةو أالوبءة بالسكان حلد اإلبادة. أحست برغبة شديدة يف البكاء للتخفيف من حدة وجعها،لكن رءفة حبفيدها ،حتجرت دموعها احلارقة يف األحداق.
Hafida Elkhamlichi - 23_1ديار إحتضنت الطفولة متى حط بي الرحال يف أرض األبطال و شجر اللوز و األرز والصبار ...أرض الريف مسقط الرأس و أالجداد ...اجته مسرعة إىل تلك الديار ...هوت اسقفها و مل يبقى منها إال اجلدران ،أبية شاخمة كأهلها ،مل تستسلم جلربوت الطبيعة واإلمهال...أمتسح هبا ،أملسها ،كأني أتربك هبا و بأرواح من سكنها من األجداد الصاحلني ،ألجدد نفسي و أشحن روحي بطاقتهم الروحانية والنورانية. اتأمل كل تفاصيل املكان...تأخذني بعيدا يف الزمان ،إىل الركن املريح و األمن بالذاكرة ...ركن ذكريات الطفولة املعاشة خلف هذه األبواب و بفضاءها الواسع ...كانت طفولة باملعنى احلقيقي لذلك ،حبماستها،مرحها،هذياهناو جنوهنا...هنارا نتفنن يف اخرتاع األلعاب مبا تتيحه لنا الطبيعة من إمكانيات ،نتقاسم متعتها بكل تلقائية و حمبة و براءة...إن أخطأنا التصرف واملعاملة، نعاقب من طرف اجلدة ،خبطاهبا املدجج باحلكم الشعبية ،نأخذ منها املوعظة و العربة و اإلرشاد. ليال نتسامر حتت ضوء القمر على حكايات اجلن والساحرة ومجيلة اجلميالت .نتقاسم الفراش و اللقمة بكل سعادة و إيثار. هذا الفضاء رغم بساطته وضعف امكانياته ،جعل من عامل طفولتنا ربيع داءم ،مزهر زاهي األلوان ،مزين بشقائق النعمان وباقات الزعرت واليامسني.
Hafida Elkhamlichi - 24_1لست دمية.... خيوط متسك هبا يد شيطان ...حتركك يف كل االجتاهات ،تتالعب بك حسب هواه ،وانت بني يديه لعبة جوفاء بال إحساس وال مشاعر ،فقط املظهر هو املعيار...للنشوة و اإلجتار...إن ذبلت جاذبيتك ،جعل مصريك مزبلة التاريخ ،أو سوق النخاسة. من أرغمك على دخول عامل الرذيلة ،والصرب على هذا اهلوان... .كل األحكام الدينية و القانونية لن جتربك على اخلضوع له ...حتى جيعل منك عبدا ذليال مطيعا يف جمالسه اجملونية ولياليه الشيطانية. أنت إنسان قبل أن تكوني أنثى ،لك العقل المتهان ما يصون انسانيتك يف احلياة ،معايريه الكفاءة و املهارة و ليس اجلمال ،بل تزداد قيمتك املهنية مع تقدم العمر ،مبا راكمت من خربات وجتارب،و ما لك من حكمة و اتزان. أنت لست دمية بني يديه يلهو هبا متى ما يريد ،ويرميها متى ما يريد إىل أبعد مكان ...إنك إنسان.